
Super User
العصبية
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان في قلبه حبة من خردل1 من عصبية، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية"2.
ما هي العصبية؟
العصبي: هو الذي يعِين قومه على الظلم ويغضب لعصبته ويحامي عنهم.
والعصبية: هي واحدة من سجايا النفس وصفاتها و ميولاتها، و يكون أثرها الدفاع عن الأقرباء وحمايتهم، بل وجميع المرتبطين به بشكل من الأشكال، بما في ذلك الارتباط الديني أو المذهبي أو المسلكي، والارتباط بالوطن وترابه، والارتباط بالأستاذ والمعلم أو بالتلاميذ، وما إلى ذلك.
والعصبية من الأخلاق الفاسدة والسجايا غير الحميدة، وهي مذمومة وقبيحة، حتى لو كانت في طريق الحق، أو من أجل أمر ديني، ما دامت لا تستهدف إلا تفوقه وتفوق مسلكه ومسلك عصبته، وما دام هدفه ليس الدفاع عن الحق و إظهار الحقيقة.
وأما إظهار الحق والحقيقة وإثبات الأمور الصحيحة والترويج لها وحمايتها والدفاع عنها، فإما أنه لا يمكن تسميته بالتعصب أصلاً أو إذا سميناه تعصباً فهو ليس من التعصب القبيح. فالمرء إذا تعصب لأقربائه أو أحبته ودافع عنهم، فما كان بقصد إظهار الحق ودحض الباطل فهو تعصب محمود ودفاع عن الحق والحقيقة، ويعد من أفضل الكمالات الإنسانية، ومن خُلُق الأنبياء والأولياء.
وأما إذا تحرك بدافع قوميته وعصبيته بحيث أخذ يدافع عن قومه وأحبته في باطلهم وسايرهم فيه ودافع عنهم، فهذا شخص تجلت فيه سجية العصبية الخبيثة، وصار في زمرة أعراب الجاهلية الذين كانوا يعيشون في البوادي قبل الإسلام. بل إن هذه الصفة توجد في معظم أهل البوادي كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن الله سبحانه يعذب طوائف ستة بأمور ستة: أهل البوادي بالعصبية وأهل القرى بالكبر والأمراء بالظلم، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل".
المتعصب يخرج من ربقة الإيمان
يستفاد من الأحاديث الشريفة أن العصبية من المهلكات، تتسبب بسوء العاقبة والخروج من عصمة الإيمان.
جاء في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: "من تعصب أو تُعُصب له فقد خُلِع رِبْقُ الإيمان من عنقه"3.
أي أن المتعصب بتعصبه يكون قد خرج من إيمانه، وأما المتعصب له، فبما أنه قد رضي بعمل المتعصب، يصبح شريكاً له في العقاب. كما جاء في الحديث الشريف: "ومن رضي بعمل قوم حشر معهم. أما إذا لم يرضَ به واستنكره فلن يكون منهم".
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من تعصب عصبه الله بعصابة من النار"4.
وعنه عليه السلام: "لم يدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب وذلك حين أسلم غضباً للنبي"5.
وقصة إسلام حمزة بن عبد المطلب وردت بعبارات مختلفة، وليس هدفنا بحثها الآن.
إن الإيمان هو من الخِلع الغيبية الإلهية، التي يمن بها الله تعالى على المخلصين من عباده، والعصبية تتنافى مع الإخلاص فهي تدوس الحقائق وتخالف الصدق والإستقامة.
إن القلب إذا غطاه صدأ حب الذات والأرحام والتعصب القومي الجاهلي، فلن يبقى فيه مكان لنور الإيمان، ولا موضع للإختلاء مع الله ذي الجلال تعالى. فالمؤمن هو الملتزم بقواعد الدين والعقل، ولا يتحرك إلا بأمر من العقل والشرع، فلا يهتز موقفه بأي عادة من العادات السقيمة أو خلق من الأخلاق السيئة.إن الذي يدعي الإسلام والإيمان هو الذي يستسلم للحقائق ويخضع لها، ويرى أهدافه فانية في أهداف ولي نعمته ويضحي بنفسه وإرادته في سبيل إرادة مولاه الحقيقي. فإذا تعارضت العصبية الإسلامية عنده مع العصبية الجاهلية، قدّم الإسلام وحب الحقيقة.
العصبية الحقيقية
إن جميع الإرتباطات والعلاقات والعصبيات زائلة، إلا العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتلك هي العصبية الحقيقية التي هي أمر غير قابل للزوال، وهو أوثق من كل ارتباط وأقوى من كل حسب وأسمى من كل نسب.
وفي الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "كل حسب ونسب منقطع يوم القيامة إلا حسبي ونسبي"6.
فإن حسب رسول الله صلى الله عليه وآله روحاني وباق، وبعيد عن جميع العصبيات الجاهلية، إن نسبه علاقة إلهية لا تظهر على كمال حقيقتها إلا في ذلك العالم، حيث يكون ظهوره أكثر وكماله أوضح.
إن العلائق الجسمانية الملكية القائمة على العادات البشرية تتقطع بأتفه الأسباب، وليس لأي منها في ذلك العالم نفع ولا قيمة. إلا تلك العلائق التي تتوثق في نظام ملكوتي إلهي تحت ظل ميزان القواعد الشرعية والعقلية التي لا انفصام لها.
الصورة الملكوتية للعصبية
إن المعيار في صورة الإنسان الملكوتية التي ستظهر في البرزخ والقيامة هو الملكات وقوتها. فذلك العالم هو محل ظهور سلطان النفس الذي لا يعصي له الجسم أمراً. فقد يحشر الإنسان في ذلك العالم على صورة حيوان أو شيطان.
وقد ذكرنا الحديث: "من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية".
إن الإنسان الذي فيه هذه الرذيلة، لعله عندما ينتقل إلى العالم الآخر يرى نفسه من أعراب الجاهلية من غير إيمان بالله تعالى ولا بالنبوة والرسالة. ويرى أنه في الصورة التي يحشر بها أولئك الأعراب، حتى أنه لا ينسى ما كان يعتنقه في الدنيا من عقائد حقة، كما جاء في الحديث عن أهل جهنم ينسون اسم رسول الله، ولا يستطيعون أن يعرفوا أنفسهم إلا عندما يشاء الحق سبحانه أن ينجيهم.
وبما أن العصبية من سجايا الشيطان، كما ورد في بعض الأحاديث، فلعل أعراب الجاهلية وأصحاب العصبية يحشرون يوم القيامة على هيئة الشياطين. في الصحيح عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "إن الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم وكان في علم الله أنه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحميّة والغضب. فقال خلقتني من نار وخلقته من طين"7.
فاعلم أن هذه الخصلة الخبيثة من الشيطان، وإنها من مغالطات ذلك الملعون ومعاييره الباطلة. إنه يغالط عن طريق هذا الحجاب السميك الذي يخفي عن النظر كل الحقائق، بل يظهر رذائل النفس كلها محاسن، وجميع محاسن الآخرين رذائل، والذي يرى الحقائق مقلوبة بهذا الشكل فلن تكون عاقبة أمره إلى خير.
عصبيات المتعلمين
من جملة العصبيات الجاهلية هو العناد في القضايا العلمية، والدفاع عن كلمة سبق أن صدرت منه أو من معلمه، دون النظر إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل. وهذا النوع من التعصب أقبح من كثير من التعصبات الأخرى من جوانب عدة:
فمن جانب المتعصب نفسه، فمن المفترض بأهل العلم أن يكونوا هم المربين لأبناء البشر، فإذا اتصف العالم لا قدر الله بالعصبية الجاهلية، كانت الحجة عليه أتم وعقابه أشد، لأنه يعرف وخامة الأمور وعواقب فساد الأخلاق. ثم إذا كان يتظاهر بالصلاح وباطنه يحمل العصبية، يكون في زمرة أهل الرياء والنفاق، وقد أشار تعالى إلى أمثال هؤلاء في القرآن الكريم: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(الجمعة:5).
ومن جانب العلم، إن هذه العصبية خيانة للعلم وتجاهل لحقه، إذ أن من يتحمل هذا العلم فعليه أن يراعي حقه عليه وحرمته.
ومن جانب المتعصب له، أي الأستاذ والشيخ، فإن هذا التعصب يوجب العقوق له، وذلك لأن المشايخ العظام والأساطين الكرام نضر الله وجوههم يميلون إلى جانب الحق، ويهربون من الباطل، ويسخطون على من يتذرع بالتعصب لقتل الحق وترويج الباطل. ولا شك في أن العقوق الروحي أشد من العقوق الجسمي، وحق الأبوة الروحية أسمى من حق الابوة الجسمية.
*الأخلاق من (الأربعون حديثاً)،إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية،ط 2 ،2007م ،ص119-124
الهوامش:
1- الخردل:نبات معروف له خواص كثيرة، ويصنع منه الشمع.
2- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العصبية، حديث 3.
3- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العصبية، حديث 2.
4- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العصبية، حديث 4.
5- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العصبية، حديث .
6- وسائل الشيعة، كتاب النكاح، الباب الثامن من أبواب مقدمات وآداب النكاح، حديث 5.
7- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العصبية، حديث 6.
إيّاكم والبخل
عن أمير المؤمنين عليه السلام:
"أوصيكم بالخشية من الله في السر والعلانية.. وإيّاكم والبخل وعليكم بالسخاء فإنه لا يدخل الجنة بخيل.."1.
أ- مع الوصيّة
في هذا الجزء من كلام أمير المؤمنين عليه السلام تأكيد جملة أمور منها الابتعاد عن آفة البخل والحرص، فهو يحذّرنا أن نكون من أولئك الذين تحكمهم المادة وتسيطر على إرادتهم، فتحول بينهم وبين أن يجودوا بدرهم أو بشيء من حطام الدنيا الزائلة، فهم سجناء كبّلت أيديهم وأحاطت بهم الأغلال وقد سجنهم وقيّدهم حب الدنيا والمال، وبالتأكيد من يبخل بماله سوف يبخل بنفسه من باب أولى حيث أن الجود بالنّفس أقصى غاية الجود، فمن عجز عن أدنى درجات الجود لن يكون قادراً على أعلى درجاته وهو بذل نفسه في سبيل الله تعالى إلا إذا قدر على كسر الأغلال والخروج من سجن البخل المظلم إلى فضاء السخاء الرحب حيث حرية الإرادة وحياة المكرمات والفضائل بعيداً عن تلك النفس القابعة تحت سطوة الرغبات المذلّة.
وقد حدّثنا القرآن الكريم عن تلك الفئة من الناس قائلاً:﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا﴾(النساء:37).
وفي آية ثانية قال عزّوجل: ﴿هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾(محمد:38).
وفي هاتين الآيتين الكريمتين بيان لأمرين:
الأول: حقيقة الواقع الذي يكون عليه البخيل.
والثاني: الجزاء الذي ينتظره فيما بعد، إضافة إلى جوانب ترتبط بالبعد الثقافي الديني الذي يفتقده البخيل في نظرته إلى ربه تعالى والناس من حوله وكذلك إلى نفسه التي هي محل جهل لديه ومن الطبيعي أن يكون هذا الرجل جامعاً لمساوىء عديدة كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "البخل جامع لمساوىء العيوب وهو زمام يقاد به إلى كل سوء"2.
ب- لا راحة لبخيل
جاء عن مولانا الصادق عليه السلام قوله: "ليست لبخيل راحة"3.
والسبب في ذلك أن البخيل حوّل الوسيلة التي ينبغي أن تؤمّن الراحة له والهناء في العيش إلى وسيلة إزعاج دائم من خلال الوباء العضال الذي صنع بيديه ونتيجة لحرصه وطمعه، فبدلاً من أن يكون المال في خدمته ويصرفه في سبيل تأمين راحته وراحة من يتعلق به بحيث يكون مخدومه فقد أصبح خادمه، يشقى ويتعب نفسه بحجة الحفاظ عليه ثم يموت ويرحل من عالم الدنيا وقد أدّى في جمع الأموال مهمات صعبة ربما عرّض حياته في بعضها لخطر القتل وبالنهاية لم يهنأ بذلك كلّه لأنه عاش وقد استعبده ماله فأفقده القرار على الإستفادة منه وهو ما انعكس على مستويات عديدة في حياته:
1- المستوى المعنوي:
لا يكاد يتقدم البخيل خطوة واحدة على المستوى المعنوي والروحي ان قدّر له ذلك إلا ويتراجع مئات الخطوات، ذلك ان في البخل سوء ظن بالله تعالى، والحقيقة ان البخيل لا يبرح من مكانه الذي قيّده فيه بخله بعيداً عن ساحة الجود والكرم.
في الحديث: "حسب البخيل من بخله سوء الظن بربّه.."4.
وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "البخيل بعيد من الله.."5.
2- المستوى الاجتماعي:
إن علاقة البخيل بمن حوله من أسوأ العلاقات على الإطلاق ويشمل ذلك عائلته وأولاده وأرحامه وسائر المتصلين به بنسب أو سبب، فهو حينما يبخل على زوجته بما تحتاجه أو يحوّل منزله إلى محاضر استجواب عند شراء أي فرد من أفراد أسرته شيئاً أو طلبه لأمر ما لن يكون الوئام والإنسجام موجوداً في ذلك البيت، فهو لن يرتاح لما سيلقى من ردّات فعل على منعه وحرصه وكذلك الآخرون لن ينعموا بالراحة في العيش معه، وهكذا علاقاته الاجتماعية خارج الأسرة لن تكون ناجحة أو وطيدة يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ليس لبخيل حبيب"6.
وعنه عليه السلام: "بالبخل تكثر المسبّة"7.
وفي حديث ثالث: "لا يطمعنّ.. البخيل في صلة الرحم"8.
فالبخيل ليس شخصاً اجتماعياً ناجحاً بل فردي محبّ لنفسه وبعيد كل البعد عن روح الجماعة والتعاون والتكامل مع الآخرين.
3- المستوى الاقتصادي:
ليس بالإمكان للبخيل أن يصل إلى مرحلة يقتنع فيها بكفاية ما عنده ليقول إني مرتاح من الناحية الاقتصادية والمالية، وذلك نتيجة أن البخل وليد الطمع وطالما كان الطمع موجوداً وسيّد الموقف سيظلّ يرى نفسه فقيراً ولو ملك الدنيا بما فيها حيث القناعة لا وجود لها في نفسه وهي الكنز الذي، لا يفنى فإن شخصاً من هذا القبيل لا حظّ له من الغنى أبداً إلا التخلص من هذه الصفة الذميمة.
جاء في الحديث عن مولى المتقين عليه السلام: "عجبت للبخيل يستعمل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء"9.
وهناك مستويات أخرى يطول الكلام في بيانها وتعداد وجوه عدم راحة البخيل فيها. وللّه درّ أمير المؤمنين عليه السلام حيث وصف البخيل وعدم راحته في شعر ينسب إليه قائلاً:
خلقت الخلائق في قدرةٍ فمنهم سخي ومنهم بخيل
فأما السخيّ ففي راحةٍ وأما البخيل فشؤم طويل10
ج- حقيقة البخل في الأحاديث
جاء الكشف عن الهوية الحقيقية لآفة البخل على لسان أهل بيت العصمة في مواضع عديدة ومصادر مختلفة، نتعرف عليها كما بيّنوها عليهم السلام محذّرين من مغبّة الوقوع في أخطارها.
1- البخل جامع العيوب وزمام السوء:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "البخل جامع لمساوىء العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء"11.
2- البخل عار:
كما جاء في الحديث12.
3- البخل أذم الأخلاق:
كما عن مولانا الهادي عليه السلام13.
4- البخل جلباب المسكنة14.
5- البخل بالموجود سوء الظن بالمعبود:15.
6- البخل عاهة:
يقول مولانا الرضا عليه السلام: "إياكم والبخل فإنها عاهة لا تكون في حر ولا مؤمن، إنها خلاف الإيمان"16.
د- نتائج البخل
1- الذلّ:
في الحديث: "البخل يذلّ مصاحبه ويعزّ مجانبه"17.
2- البعد من الله والناس:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "البخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، قريب من النار"18.
3- إزدراد النار:
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "الناس يوم القيامة ثلاثة.. وتقول للغني: يا من وهبه الله دنيا كثيرة واسعة فيضاً وسأله الحقير اليسير قرضاً فأبى إلا بخلاً فتزدرده"19.
4- قلّة الراحة:
عن خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم: "أقل الناس راحة البخيل"20.
يضاف إلى هذه النتائج الدنيوية والأخروية الآثار المترتبة التي تقدمت في فقرة التعريف بحقيقة البخل والحاصل انه من برىء من البخل نال الشرف كما جاء في بعض الاحاديث الشريفة.
هـ- أبخل الناس
في الحديث: "إن أبخل الناس من بخل بالسلام"21.
قصة للعبرة:
أحبّ الناس إلى إبليس؟!
روي أنَّ يحيى بن زكريا عليهما السلام لقي إبليس (لعنه الله)، فقال:
اخبرني بأحبّ الناس إليك؟ وأبغضهم إليك؟
قال: أحبَّهم إليَّ كل مؤمن بخيل، وأبغضهم إليَّ كل منافق سخيّ.
قال: ولِمَ ذاك؟
قال: لأن السخاء خلقُ الله الأعظم، فأخشى أن يطلع عليه في بعض سخائه فيغفر له22.
المراد من القصة أنّ سخاءه يقوده حتماً إلى الإيمان، والعمل الصالح.
فمن ذلك أنّ قوماً أسارى جيء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بضرب أعناقهم، ثم أَمره بإِفراد واحد منهم وأن لا يقتله.
فقال الرجل: لِمَ أفردتني من أَصحابي والجناية واحدة؟!
فقال: إنّ الله أوحى إليَّ أنك سخيّ قومك، وأن لا أقتلك.
فقال الرجل: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
فقال: فقاده سخاؤه إلى الجنة23.
*من وصايا العترة عليهم السلام ، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، ربيع اول1424هـ ، ص17-26.
الهوامش
1- بحار الأنوار، ج1، ص141.
2- البحار، ج73، ص307.
3- ميزان الحكمة، حديث: 1613.
4- م.ن. حديث: 1601.
5- م.ن. حديث: 1595.
6- م.ن. حديث: 1597.
7- م.ن. حديث: 1587.
8- م.ن. حديث: 1602.
9- م.ن. حديث: 1598.
10- بحار الأنوار، ج73، ص304.
11- ميزان الحكمة، حديث: 1579.
12- م.ن. حديث: 1582.
13- م.ن. حديث: 1581.
14- م.ن. حديث: 1583.
15- غرر الحكم، 1258.
16- البحار، ج78، ص346.
17- ميزان الحكمة، حديث: 1592.
18- م.ن. الحديث: 1595.
19- البحار، ج75، ص337.
20- البحار، ج73، ص300.
21- البحار، ج76، ص4.
22- المحاسن والأضداد، ص112.
23- الاختصاص 247.
الرئيس روحاني : حطمنا نظام العقوبات
قال الرئيس الايراني حسن روحاني انه في الموضوع النووي قد فتح اول قفل وقمنا بتهزيز نظام العقوبات .
واشار الرئيس روحاني في حوار متلفز اجراه مساء الثلاثاء الي ان الحكومة خطت خطوات جيدة في السياسة الخارجية بحيث شارك في حفل اداء اليمين للرئيس الايراني الجديد ۵۵ بلدا وقال : اننا حطمنا نظام العقوبات .
واكد الرئيس الايراني ان عملية التخصيب حق واضح وخط احمر بالنسبة لنا ولن تتوقف ابدا .
واضاف :في الموضوع النووي اريد ان اطمئن الشعب بان مباديء الشعب وحقوقه والاطار الذي رسمه قائد الثورة ستتم مراعاتها حتي النهاية اي ستطبق عمليا في بلدنا الحقوق النووية بقوة وشفافية اكثر .
وصرح روحاني : ان عملية التخصيب التي تعتبر قسما من حقوقنا النووية ستستمر ولن تتوقف ابدا وهذا الحق هو خط احمر بالنسبة لنا .
وصرح ان عملية التخصيب حق واضح لنا وفقا لمعاهدة حظر الانتشار النووي ان بي تي سواء كان البعض يحبذها او لايحبذها .
وتابع الرئيس روحاني:وفقا لهذه المعاهدة فان اي بلد له حرية العمل في تنمية نشاطاته النووية وان عملية التخصيب تعتبر جزءا من المعاهدة وان كل شيء مسموح به مادام لم يحظر في القرارات والقوانين الدولية .
واضاف : نحن نريد الان ان نمتلك محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية فكيف نؤمن وقودها بدون عملية تخصيب اليورانيوم؟ .
وشدد الرئيس روحاني: ان هدفنا هو ازالة التهديدات ورفع الحظر عن الشعب وكذلك
توفير الفرصة اللازمة في الساحة الدولية لايجاد تعامل بناء مع العالم واننا سنتخذ اجراءات خطوة خطوة لكي نصل الي اتفاق كامل مع مجموعة ۵+۱ مؤكدا ان الطريق هو طريق طويل الا اننا سنجتازه .
واشار الرئيس روحاني الي لقاءاته مع زعماء العالم في قمة شانغهاي خاصة مع الرئيسين الروسي والصيني وقال : اننا توصلنا مع هاتين الدولتين الي توافقات في القطاع الاقتصادي والسياسي والثقافي وتوظيف الاستثمارات والتكنولوجيا العلمية .
وتابع انه اجري قبل اجتماع جنيف ۳ ، مفاوضات هاتفية مع زعماء روسيا والصين وبريطانيا وبحث معهم حول البرنامج النووي الايراني السلمي .
وتابع : نحن قمنا بتهزيز نظام الحظر وعندما يطبق اتفاق جنيف في نهاية الشهر الايراني الحالي فسيحدث تطورا في النظام المصرفي مؤكدا انه وفقا للاتفاق لن يطبق حظر جديد وهذا يعني كبح جماح الحظر وتقييده .
وصرح الرئيس روحاني ان العديد من الاطراف كانت تحاول ان تعزل ايران الا ان اعدائنا اليوم اصبحوا في عزلة بحيث ان ايران واكثر من اي وقت مضي اكثر نشطا في الساحة الدولية .
واشار الرئيس روحاني الي ان جميع اصدقائنا في العالم فرحون بهذا الاتفاق وان الكيان الوحيد الذي غضب من الاتفاق هو الكيان الاسرائيلي المحتل وغير الشرعي الذي بني علي الظلم والعدوان .
وتابع الرئيس روحاني : ان الخطوة الاولي التي قمنا بها في المنطقة علي مستوي السياسة الخارجية هي منع اندلاع حرب في سوريا مؤكدا ان الحوار الهاتفي الذي جري مع الرئيس روسي فلاديمير بوتين والتعاون الذي بدا والمساعدة التي قدمتها اطراف كثيرة خاصة الحكومة السورية تمكنا من منع اندلاع حرب في هذا البلد .
وصرح الرئيس روحاني ان الاتفاق النووي الاخير لن يضر باي من دول الجوار مؤكدا ان ايران لن تسعي ابدا وراء انتاج اسلحة الدمار الشامل بما فيها الاسلحة النووية
وان هدفنا هو تنمية وتطوير البلاد .
وقال انه وفقا للاتفاق فان الحقوق النووية الايرانية محفوظة وفقا لان بي تي وبامكان ايران مواصلة نشاطاتها في تخصيب اليورانيوم وفي المراحل الاخيرة سترفع جميع العقوبات وفي المرحلة النهائية ستتعاون الدول الاخري مع ايران في المجال النووي .
فرنسا تنشر قواتها في أفريقيا الوسطى
أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أمس أن فرنسا ستنشر نحو «ألف جندي» فرنسي في أفريقيا الوسطى لمدة تقارب ستة أشهر، بغية إرساء الأمن من خلال دعم قوة أفريقية، مضيفاً: «سنفعل ذلك كقوة دعم، ولن نكون البادئين بعملية دخول كما فعلنا في مالي، ولفترة قصيرة تستمر نحو ستة أشهر».
وطرحت فرنسا على شركائها في مجلس الأمن الدولي مساء أول من أمس مشروع قرار يرمي إلى تعزيز القوة الأفريقية المنتشرة في جمهورية أفريقيا الوسطى مع إمكانية تحويلها إلى قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.
وقال المندوب الفرنسي لدى المنظمة الدولية جيرار آرو، إن مشروع القرار قد يُقَرّ الأسبوع المقبل.
ومشروع القرار هذا يوضع تحت الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة الذي ينص على استخدام القوة، ويجيز للقوة الأفريقية المتمركزة في أفريقيا الوسطى الانتشار «لفترة أولية من ستة أشهر» بغية السعي إلى إرساء الأمن وحماية المواطنين.
وقال آرو للصحافيين: «سنطلب من الأمين العام تقريراً جديداً خلال ثلاثة أشهر عن إمكانية تحويل القوة الأفريقية إلى عملية حفظ سلام».
ويذكر أن القوة الأفريقية المنتشرة حالياً في أفريقيا الوسطى يفترض أن يبلغ عديدها 3600 جندي، ولكنها تجد صعوبة في توفير العديد والعتاد اللازمين.
ويقضي مشروع القرار أيضاً بفرض حظر على شحنات الأسلحة الموجهة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى «لفترة أولية من عام»، باستثناء العتاد العسكري المخصص للقوة الأفريقية والجنود الفرنسيين. ويطالب أيضاً «بالتطبيق السريع لاتفاقات المرحلة الانتقالية» في جمهورية أفريقيا الوسطى التي تنص خصوصاً على إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
من جهته، نبّه مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة أول من أمس، إلى ضرورة القيام بـ«تحرك سريع وحاسم» في جمهورية أفريقيا الوسطى «لتجنب خروج الأزمة عن السيطرة».
وأوصى نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون، متوجهاً إلى مجلس الأمن الدولي بنشر ما بين ستة آلاف وتسعة آلاف جندي دولي في أفريقيا الوسطى التي تغرق في الفوضى منذ إطاحة الرئيس فرنسوا بوزيزيه في آذار، مشيراً إلى أنه «اختبار بالغ الأهمية للتضامن الدولي». ولوّح بشبح «نزاع ديني وإتني» بين المسلمين والمسيحيين قد يؤدي إلى «فظائع شاملة»، ومحذراً من أن أفريقيا الوسطى قد «تصبح موئلاً للمتطرفين والمجموعات المسلحة».
الولايات المتحدة مستاءة من مماطلة قرضاي
عرض الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، أول من أمس، لمستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس شروطه لتوقيع الاتفاق الأمني بين البلدين، والذي يصرّ على إرجائه رغم نفاد صبر واشنطن.
وقال مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن رايس التي تقوم بزيارة لأفغانستان، وتستمر لبضعة أيام، التقت الرئيس الأفغاني مساءً في كابول بناءً على طلب الأخير.
وخلال اللقاء، عرض قرضاي لرايس الضمانات التي يأمل الحصول عليها من الولايات المتحدة قبل توقيع الاتفاق الأمني الثنائي الذي يخوض البلدان مفاوضات شاقة في شأنه منذ أشهر. وفي لقاء متأخر ليلاً طلبه قرضاي، اتهمت رايس الرئيس الأفغاني بفرض شروط جديدة ضمن الاتفاقية الأمنية، بعدما قال الأسبوع الماضي إنه يريد أن يوقّعها بعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية.
وبحسب البيت الأبيض، فقد أوضحت رايس للرئيس الأفغاني أن «الولايات المتحدة ترحب بموافقة الأكثرية الساحقة» من أعضاء اللويا جيرغا على المعاهدة الأمنية، مؤكدة استعداد واشنطن «للتوقيع عليها في الأيام المقبلة».
وعلقت واشنطن الاثنين على مماطلة الرئيس الأفغاني، مؤكدة أن هذه المناورات تهدد الاستعدادات الضرورية لإبقاء الجنود الأميركيين في أفغانستان.
من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن، إن انتظار الانتخابات الرئاسية في نيسان «مرفوض وغير واقعي»، مضيفاً «نريد توقيع الاتفاق. الحكومة الأميركية ترغب في ذلك والشعب الأفغاني يرغب في ذلك، على قرضاي إذن أن يوقّعه».
وكان تغيير الرئيس الأفغاني لمواقفه خلال المحادثات بشأن الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة قد أثار استياء واشنطن وأربك العديد من الأفغان، لكن محللين يرون أن تكتيكه هذا مصدره اعتقاده بأنه يتفاوض من موقع قوة.
ووضعت المفاوضات حول الاتفاقية الأمنية، التي تتيح بقاء بعض القوات الأميركية في أفغانستان بعد 2014 موعد انسحاب القوات الدولية، الرئيس الأفغاني في مواقف من الصعب توقعها، حيث أضاف مطالب جديدة وتراجع عن وعود سبق أن قطعها وتعامل باستخفاف مع حلفائه.
وشهدت رئاسة قرضاي لأفغانستان منذ سقوط نظام طالبان في 2001 محاولات لكي يبرز صفاته كقومي مستقل، رغم اعتماده على المساعدة الأميركية والقوة العسكرية. وفي الأشهر الأخيرة من رئاسته، يبدو أنه يراهن على تراجع الولايات المتحدة عن تطبيقها للخيار الذي تهدد به بسحب كل قواتها من البلاد، ما أعطاه فرصة ليقدم نفسه بصورة الشخصية الوطنية.
وتكثفت المفاوضات حول مستقبل الوجود الأميركي في أفغانستان أول من أمس، حين كررت واشنطن القول إن الانسحاب الكامل لقواتها مطروح على الطاولة.
ورأى المحلل والمسؤول الأفغاني السابق داود مراديان أن «المفاوضات تقدم لقرضاي فرصة تشديد مواقفه نظراً إلى التوقيت وإلى رغبة الأميركيين الشديدة في توقيع هذه الاتفاقية في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً أن «الاتفاقية الأمنية الثنائية ستكون أول اتفاق بارز يسمح لقوة كبرى بإبقاء قواعد عسكرية هنا، وهو أحد الخطوط الحمر في القومية الأفغانية».
وشدد على أن «قرضاي لا يريد أن يحكم عليه التاريخ بأنه شخص وقّع اتفاقية باعت الأراضي الأفغانية إلى أجانب. هذه صفقة كبرى لأفغانستان».
ورفض الرئيس الأفغاني الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، الأسبوع الماضي، توقيع الاتفاقية الأمنية بشكل سريع رغم أن «اللويا جيرغا»، المجلس التقليدي الأفغاني، خوّله القيام بذلك.
لكن مدير شركة أبحاث في كابول، أحمد إدريس رحماني، قال إنه كان يتوقع أن تصويت «اللويا جيرغا» سيدفع قرضاي إلى توقيع الاتفاقية، مشيراً الى أنه «يحاول تشديد موقفه لكي يحقق تنازلات، لكن الآن أعتقد أنه سيوقّع الاتفاقية في نهاية الأمر... قرضاي لا يريد أن يحكم عليه التاريخ بأنه شخص وقّع اتفاقية باعت الأراضي الأفغانية إلى أجانب».
رفسنجاني مستعد لزيارة الرياض
في أعقاب الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة «5+1»، تسير السياسة الايرانية في اتجاهين: الأول العمل على تطبيق مضمون الاتفاق خلال الفترة المؤقتة، والثاني طمأنة دول الخليج التي أنيطت على ما يبدو بالرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني
المالكي لتركيا: لنواجه الإرهاب معاً
دعا رئيس الحكومة العراقي تركيا إلى التعاون في محاربة الإرهاب على الرغم من الخلافات، في حين جدد رئيس البرلمان التركي تأكيد رغبة بلاده في طيّ صفحة الماضي مع العراق
شمخاني لبرّي: كان علينا أن نختار بين السيف والحوار
أعاد المسؤولون الايرانيون تأكيد تمسّكهم بالحوار مع الغرب لاستكمال المراحل التالية من الاتفاق على السلاح النووي. وقرنوا هذا الإصرار بتشبّثهم بحقوقهم المشروعة. وكانت الحجة الأكثر شيوعاً في أحاديث المسؤولين الايرانيين الذين استقبلوا رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الحوار كان مصلحة غربية مقدار ما هو مصلحة إيرانية، مشيرين الى أن الاتفاق يفتح الباب على استقرار المنطقة.
رئيس المجلس الاعلى للامن القومي علي شمخاني، الذي التقاه بري قبل لقائه رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، شدّد على أنه لم يكن أمام الغرب، مع تصاعد التوتر مع الجمهورية الاسلامية، «إلا أحد أربعة خيارات: الحصار أو الحرب أو انهيار إيران أو الحوار. وكان على إيران ان تختار بدورها بين السيف والحوار. إلا أن الغرب اختار الحوار كذلك». وأكد أن بلاده مرتاحة الى ما تحقق و«مطمئنة الى مستقبلها والمرحلة المقبلة على طريق استكمال المفاوضات»، مشيراً الى أنها «لا تمثّل أي خطر على أحد في المنطقة، بل على العكس، تتوخّى إرساء الثقة مع دول الجوار».
وأضاف: «للحوار أولوية في إيران من أجل استتباب أمن المنطقة، مع إيجاد الوسائل لتجاوز الإشكالات التي تتخبّط فيها، سواء كانت تحت عنوان عرقي، أو عنوان الفتنة السنية ـــ الشيعية، أو عنوان الفتنة العربية ـــ الفارسية. المهم بالنسبة الى مَن يتسبب بهذه الفتن هو أن تكون المستفيدة الوحيدة منها القومية اليهودية كي تبقى هي المسيطرة على سائر القوميات في المنطقة».
وبدا لافتاً أن شمخاني تحدث عن إسرائيل عبر استخدام تعبير «القومية اليهودية» وخطرها. وكان بذلك المسؤول الايراني الوحيد الذي قارب الحديث عن إسرائيل تبعاً لهذا الموقف.
وقال شمخاني لبري: «كما انتصرتم أنتم في محور المقاومة، فإننا في إيران قادرون على أن ننتصر في المرحلة المقبلة عبر ثباتنا على مواقفنا وإصرارنا على خياراتنا واقتناعاتنا». وأكد أن الجمهورية الاسلامية «صاحبة حق في البرنامج النووي وتصرّ عليه، لكنها في المقابل تريد تبديد هواجس الآخرين عبر الحوار». ونظر الى الاتفاق النووي مع الغرب على أنه «انتصار لإيران في ظل ما كانت تتعرض له».
وقال شمخاني إن هناك حاجة الى ما سمّاه «ستاتيكو ناعماً لإيقاف حرب المذاهب في المنطقة بعيداً من القوة»، وأوضح أن الولايات المتحدة فاوضت «لأن لا خيار لها سوى التفاوض بعدما تبين أنها ليست جاهزة للحرب، وأن الرهان على الاستمرار في فرض عقوبات على إيران أخفق».
وأجرى مقارنة بين ما كانت عليه بلاده قبل عقود واليوم، مسهباً في شرح أوضاع المنطقة، ومميّزاً بين «مرحلة الحرب على إيران وتجنيد الاميركيين دول المنطقة لمحاربتها»، وبين «ما أضحى عليه العراق اليوم بعدما دخل حرباً مع إيران». وتوقف عند نتائج التطورات الاخيرة و«الظروف التي أوجبت الاتفاق على الملف النووي».
وتطرق بري الى الوضعين اللبناني والاقليمي، وشرح «المسار الذي بدأ قبل زمن من أجل الوصول بالمؤامرة الى ما وصلت اليه، وهي تحاك اليوم عبر الفتنة في المنطقة وتفتيتها، وقد وصلت الى لبنان». وتحدث عن «احداث شرخ عمودي في لبنان. في الماضي اشتغلوا على الطائفية في هذا البلد، واليوم يشتغلون على المذاهب». وأمل «أن تكون هناك حركة جديدة في اتجاه بعض الدول العربية».
وأثار بري مع شمخاني ما لم يثره مع أي من المسؤولين الايرانيين الذين التقاهم قبلاً، وهو استمرار خطف الامام موسى الصدر «الذي خلق المقاومة في لبنان منذ البداية، وهو مؤسّسها». وتحدث عن ظروف اختفائه في ليبيا، مشيراً الى الجهود التي بذلت في ظل الثورة الليبية بعد إطاحة العقيد معمر القذافي، لكنها «لم تؤدّ الى أي نتيجة بعد».
ورغب من شمخاني، بحكم موقعه الامني المهم وعلاقاته المتشعبة، وكان وزيراً سابقاً للدفاع، في الاضطلاع بدور لجلاء هذه المسألة والمساعدة على كشف مصير الصدر. فردّ بأنه، بالتأكيد، سيدرج الموضوع في جدول أعماله.
وفي اليوم الثالث من زيارته الرسمية لطهران، اجتمع بري بشمخاني ورفسنجاني، وشارك في الاجتماعين الوفد المرافق الذي ضم النواب عبداللطيف الزين وغازي زعيتر وقاسم هاشم وآغوب بقرادونيان وعلي فياض والسفير في طهران فادي الحاج علي.
واستمر الاجتماع مع رفسنجاني ساعة وربع ساعة، أكد خلاله رئيس المجلس على مواجهة مخطط الفتنة الذي يستهدف المنطقة، مشيراً الى أن إسرائيل هي المستفيد الاول منه. ودعا الى العمل من أجل تنقية العلاقات الايرانية ـــ العربية. وتبنّى رفسنجاني طرحه، مشدداً على الحوار والتعاون لجبه هذا المخطط.
وتناولت المحادثات الوضع في سوريا، وأكد الرجلان أن الحوار والحل السياسي هما السبيل الوحيد، وناقشا الوضع اللبناني، وخصوصاً تدفق اللاجئين السوريين على لبنان بما يتجاوز طاقاته وقدراته، والاتفاق الايراني ـــ الغربي.
القدرية
إنّ لفظ القدرية منسوب إلى القدر، ومقتضى القاعدة النحوية أن يفسر بالمنسوب إلى القدر أي التقدير والقضاء، فالقدرية: هم القائلون بالقضاء والقدر. كما أنّ العدلية هم القائلون بالعدل لا نفاته .
ولكن أصحاب المقالات فسّروه بنفاة القدر، وهو في بابه غريب، إذ لم يثبت هذا النوع من الاستعمال .
ثم إنّ الذين اتّهموا بالقدرية في أيام الأُمويّين كانوا دعاة الحرية، ويقولون بأنّ الإنسان مخيّر في تفكيره وعمله وليس بمسيّر، فاستنتج المخالفون لهؤلاء الجماعة انّهم من نفاة القضاء والقدر، وكأَنّ القول بالحرية لا يجتمع مع القول بالتقدير .
ثم إنّهم لم يقتصروا على ذلك فرووا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «القدرية مجوس هذه الأُمّة» فقالوا المراد هذه الطائفة، أي دعاة الحرية ونفاة الجبر .
إنّ العصر الأُموي كان يسوده القول بالجبر الّذي يصوّر الإنسان والمجتمع انهما مسيّران لا مخيّران، وأن كل ما يجري في الكون من صلاح وفساد، وسعة وضيق وجوع وكظّة وصلح وقتال بين الناس أمر حتمي قضي به عليهم، وليس للبشر فيه أيّ صنع وتصرّف .
وقد اتّخذت الطغمة الأُمويّة هذه الفكرة غطاءً لأفعالهم الشنيعة حتّى يسدّوا بذلك باب الاعتراض على أفعالهم، بحجّة انّ الاعتراض عليهم اعتراض على صنعه سبحانه وقضائه وقدره، وانّ الله سبحانه فرض على الإنسان حكم ابن آكلة الأكباد وابنه السكّير، وأبناء البيت الأُموي الخبيث يعيشون عيشة رغد ورخاء وترف، ويعيش الآخرون حياة البؤس والشقاء.
وعلى ذلك فمن سجلت أسماؤهم في القدرية لم يكن لهم ذنب سوى انّهم كانوا دعاة الحرية ونفاة الجبر، نظراء :
1-معبد بن عبد الله الجهني البصري (المتوفّى عام 80 هـ).
2-غيلان بن مسلم الدمشقي، المصلوب بدمشق عام 105 هـ .
3-عطاء بن يسار (المتوفّى 103 هـ).
إنّ نضال هؤلاء الثلاثة في العهد الأُموي كان ضد ولاة الجور الذين كانوا يسفكون الدماء وينسبونه إلى قضاء الله وقدره، فهؤلاء الأحرار قاموا في وجههم وأنكروا القدر بالمعنى الّذي استغلته السلطة وبررت به أعمالها الشنيعة، وإلاّ فمن البعيد جداً من مسلم واع أن ينكر القضاء والقدر الواردين في الكتاب والسنّة على وجه لا يسلب الحرية من الإنسان ولا يجعله مكتوف الأيدي.
إنّ هذا التاريخ يدلّنا على أنّ رجال العيث والفساد إذا أرادوا إخفاء دعوة الصالحين اتّهموهم بالكفر والزندقة ومخالفة الكتاب والسنّة . والحاصل: انّ تفسير القدرية في حق هؤلاء بتفويض الإنسان إلى نفسه وأفعاله وانّه ليس لله أي صنع في فعله، فهو تفسير جديد حدث بعد هؤلاء، فلم يكن لمعبد الجهني وغيلان الدمشقي والقاضي عطاء بن يسار وغيرهم إلاّ نقد الفكرة الفاسدة، وهي كون الإنسان والمجتمع مسيّراً لا مخيّراً، لا يسأل عن أفعاله، ومن عجيب الأمر انّ عبد الله بن عمر روى أنّ رسول الله قال: «إنّ القدرية مجوس هذه الأُمّة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».( [1])
فكلّ من دعاة الحرية والجبر فسروه بالمخالف، ولكنّ الحديث ضعيف سنداً جداً، ولفظ الحديث حاك انّه صنع بعد رحيل الرسول كما كثر ما يروى في هذا المقام .
ثم إنّ للصاحب بن عباد (326-385 هـ) رسالة في الرد على القدرية بمعنى المجبرة نشرناها في كتابنا «بحوث في الملل والنحل» الجزء الثالث من صفحة 132 إلى 138; كما أنّ للحسن بن محمد بن الحنفية والقاضي حسن بن يسار المعروف بالحسن البصري رسالة في نفي القدر بمعنى الجبر نشرناها في نفس الكتاب .
***
ولمّا كانت دعوة معبد الجهني وأضرابه دعوة إلى الحرية والتفكير ظهرت آنذاك حركات رجعية تعرقل الأُمّة عن التقدّم، ونشير إلى هذه الدعوات والنحل المخالفة لمبادئ الإسلام بصورة موجزة.
[1] . جامع الأُصول: 10 / 526 .
مكالمة أوباما تستدرج وفداً إسرائيلياً إلى واشنطن
أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ان طاقما برئاسة مستشار الأمن القومي، يوسي كوهين، سيتوجه الى واشنطن خلال الايام المقبلة لاجراء مشاورات مع الادارة الاميركية حول الاتفاق الدائم بشان برنامج ايران النووي، الذي سعت تل أبيب، على ما يبدو، إلى الرد عليه بالموافقة على بناء نحو 800 وحدة استيطانية جديدة، على ما أفادت به حركة «السلام الآن».
في هذه الأثناء، أعلن سلاح الجو الإسرائيلي أمس بدء أكبر مناورة جوية في تاريخه بمشاركة أكثر من 60 مقاتلة أميركية وإيطالية ويونانية وإسرائيلية. وبحسب بيان للجيش الإسرائيلي، فإن هدف المناورة التي أطلق عليها «العلم الأزرق» هو التدرّب على «مواجهة بوتيرة مرتفعة ضد دولة تمتلك جيشا قويا».
وفي خطوة لافتة، حضر السفير الأميركي إلى تل أبيب، دان شبيرو، المناورة وعلق عليها بالقول إنها تمثل نموذجا للتعاون الأمني بين الدول، مشيرا إلى أنه «من المهم أن تكون لدينا القدرة على العمل معا إذا استدعت الحاجة ذلك». وردا على سؤال عن احتمال العمل العسكري ضد طهران، قال شابيرو «كل الخيارات على الطاولة، والهدف المهم هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وسوف نقوم بكل ما هو مطلوب في سبيل ذلك».
وقال نتنياهو، خلال اجتماع لكتلة «الليكود بيتنا» البرلمانية أمس، إن ارسال الطاقم جرى بالتنسيق مع الرئيس باراك أوباما، خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما الليلة الماضية. وشدد على أن «الاتفاق النهائي مع طهران يجب أن يحقق نتيجة واحدة هي تفكيك القدرات النووية الإيرانية»، مكررا القول إنه ملتزم منع ايران من الحصول على قدرات نووية عسكرية، وإذ أشار إلى أن الضغوط التي مارستها اسرائيل ادت الى تحسين نتائج المفاوضات التي جرت بين الدول العظمى وايران، جدد نتنياهو موقفه من الاتفاق الموقع بوصفه اتفاقا سيئا لأنه يرفع الضغوط عن ايران دون جني مكاسب حقيقية. وقال «إن الحكومة الإيرانية والإيرانيون يضحكون على طول الطريق إلى البنك».
وكان الرئيس الأميركي قد أجرى اتصالا هاتفيا بنتنياهو غداة توقيع اتفاق جنيف، وصفته تقارير إعلامية إسرائيلية بالمتوتر. وبحسب بيان أصدره البيت الأبيض، فإن أوباما اقترح على رئيس الوزراء الإسرائيلي بدء مشاورات ثنائية حول الاتفاق الدائم الذي من المفترض أن يبدأ التفاوض بشأنه بين السداسية الدولية وإيران. وقال البيان إن أوباما شدد التزامه أمن إسرائيل، وأشار إلى أن «الدول العظمى الست سوف تستغل أشهر التجميد الستة في برنامج إيران النووي من أجل التوصل إلى حل مستقر وشامل وداعم للسلام» للمشروع النووي الإيراني. وبحسب البيان، فإن الزعيمين شددا على هدفهما المشترك وهو «منع إيران من حيازة سلاح نووي».
ومن المتوقع أن تتحول إسرائيل إلى محجة لعدد من المسؤولين الغربيين خلال الأيام المقبلة. وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن مسؤولين بريطانيين وفرنسيين وأميركيين سيزورون تل أبيب على نحو منفرد لبحث اتفاق جنيف النووي مع نظرائهم الإسرائيليين على أن يحضر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، مطلع الأسبوع المقبل للغاية نفسها. ونقلت صحيفة «معاريف» أمس عن مقربين من نتنياهو توقعهم أن يظهر الأخير لامبالاة تجاه كيري خلال زيارته، في موازاة خشية تنتاب الإدارة الأميركية من قيام نتنياهو بإدارة ظهره لكيري في ما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين. من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى وجود انتقادات شديدة وجهها مسؤولون إسرائيليون لسلوك نتنياهو على قاعدة أنه «لم يجر أي حوار حقيقي ومعمق مع الأميركيين ولم يتدخل بما يكفي في المفاوضات، وكان موقفه طوال الوقت هو الاعتراض على أي اتفاق مرحلي».
ونقلت «معاريف» عن مسؤول أميركي مطلع قوله إنه «ما من شخص في الإدارة الأميركية يعتقد أن سعي إيران للسلاح النووي هو تهديد لإسرائيل، بل هو رغبة لدى إيران لنيل المكانة والاحترام الدولي وتوسيع تأثيرها في محيطها الإقليمي».