
Super User
روحاني «حافظ على الثوابت»: المسار صعب وشاق
وسط أجواء الترحيب والاحتفال باتفاق جنيف -3، التي تهيمن على تصريحات المسؤولين الإيرانيين، بدا إعلان رئيسة وكالة الطاقة الدولية ماريا فان دير هوفن، أمس، تشاؤمياً بقولها إنه سيكون من الصعب على إيران استعادة مستويات إنتاج النفط السابقة سريعاً في حالة رفع القيود على التصدير.
وتأتي تصريحات فان دير هوفن في موسكو غداة توقيع القوى العالمية الست (5+1) اتفاقاً أول من أمس مع إيران يرمي إلى تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف محدود للعقوبات.
لكن في طهران كان الرئیس الإيراني حسن روحاني، واضحاً في أن الاتفاق، الذي وضع حداً لسنوات من لعبة الكر والفر بين طهران والدول الغربية الكبرى، كان نتيجة لسياسة خفض التوتر مع الغرب.
وقال روحاني، خلال استقباله نواب محافظة آذربایجان الشرقیة، انه «بالنسبة إلى الموضوع النووي فقد اتُخذت الخطوة الأولی مع الحفاظ علی ثوابت وأطر الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة»، مشيراً الى أنه «رغم الطریق البالغ الصعوبة الذي كان قائماً، فقد تمكنا من التوصل الی الاتفاق بشأن الخطوة الأولی». وأكد أن «هذا المسار صعب وشاق، لكننا نأمل أن نحقق النجاح في المراحل اللاحقة أیضاً، وندافع عن حقوق الشعب».
ورأى الرئيس الإيراني أن خفض التوتر مع الغرب أحد أهداف السیاسة الخارجیة لحكومته. وقال إن «قائد الثورة الاسلامیة (المرشد الأعلى علي خامنئي) دعم سیاسة الحكومة والمسار المتخذ حالیاً، ونحن نشعر بالارتیاح للدعم الذي تقدّمه غالبية نواب مجلس الشوری الاسلامي لبرامج الحكومة أیضاً». وشدد روحاني على أن الحكومة مكلفة أن تتحرك في المسار الذي حدده الشعب لها.
بدوره، رأى وزیر الخارجیة الإیراني محمد جواد ظریف، أنه جرى الحفاظ علی هیكلیة برنامج إیران النووي في مفاوضات جنیف فیما انهارت هیكلیة الحظر. وأشار ظریف، خلال ملتقی حول التعبئة في طهران أمس، الی تصریحات بعض المسؤولین الأميركیین، بأن حق التخصیب لم یُذكَر في معاهدة حظر الانتشار النووي (ان بي تي)، متسائلاً: «وهل حق بناء المحطة النوویة والمفاعل النووي ورد في المعاهدة؟».
من ناحيته، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أن «مبادئ الاسلام والثورة لن تسمح لنا بان نتنازل أمام من لا يضمرون الخير لنا».
وقال، في مؤتمر صحافي عقده أمس في طهران، إنه «بفضل توجيهات القيادة الحكيمة لم نضيّع الهدف»، مضيفاً إن نتيجة صمود الشعب الايراني على مدى 34 عاماً ظهرت مساء أمس (الأحد في جنيف). واشار صالحي الى استمرار ايران في نشاطاتها النووية بموازاة المفاوضات، قائلاً «لقد نجحت ايران في النهاية بحلحلة الأزمة المفتعلة في خصوص برنامجها النووي واستيفاء حقوقها المشروعة».
في غضون ذلك، رحبت الصحف الايرانية الصادرة أمس بالاتفاق النووي مع القوى الكبرى، مشددة على النجاح الشخصي لوزير الخارجية الايراني، لكنّ عدداً من الصحف المحافظة رأت ان الولايات المتحدة «ليست جديرة بالثقة».
وعنونت صحيفة «اعتماد» الاصلاحية: هنا ايران، الجميع سعداء. ونشرت تحقيقاً تضمن شهادات جمعتها من شوارع مدن عديدة ومن شبكات التواصل الاجتماعي، تعكس حالة الانتظار التي عاشها الايرانيون الذين بقوا مستيقظين طول ليل السبت الأحد بانتظار نتائج مفاوضات جنيف.
وكتبت صحيفة «هفت صبح ا»، إن «ظريف انتصر في معركة الفيسبوك»، موضحة ان حوالى 164 الف شخص وضعوا اشارة اعجاب على اعلانه عن الاتفاق على صفحته صباح الأحد.
أما صحيفة «آرمان» الاصلاحية، فرأت انه يجب منح ظريف «ميدالية ذهبية». ونشرت صحف عديدة صورة ظريف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري وهما يتصافحان بعد الاتفاق.
وكتبت صحيفة «اعتماد» على صدر صفحتها الأولى: مصافحة سمحت بالخروج من الطريق المسدود، بينما أكدت صحيفة «شرق» الاصلاحية أيضاً أن «العقوبات ستتكسر»، مرددة بذلك ما قاله الرئيس حسن روحاني.
واشادت صحيفة «إيران» الحكومية بانتصار «دبلوماسية الاعتدال»، شعار روحاني. واكدت ان الحكومة نجحت في أقل من مئة يوم، في اخراج البلاد من «أزمة عشر سنوات».
ومن اصل حوالى عشرين صحيفة تصدر في ايران، اختارت اثنتان محافظتان فقط توجيه انتقادات. وكتبت «كيهان» أن «الولايات المتحدة ليست جديرة بالثقة»، مضيفة أن «اتفاق جنيف لم يستمر سوى ساعة واحدة»، لأن كيري اكد انه «لا يعترف لايران بحق تخصيب اليورانيوم».
اما صحيفة «وطن أمروز»، فقالت إن «ظريف يصر وكيري ينكر». وقالت «بعد ساعة على الاتفاق، بدأت معركة الكلمات بين وزيري الخارجية الايراني والأميركي حول الحق في تخصيب اليورانيوم».
وعلى صعيد المواقف الدولية، قال وزیر الخارجیة التركي أحمد داود أوغلو، ان الاتفاق النووي بین ایران ومجموعة «5 + 1» یعدّ خطوة مهمة لإنهاء الموضوع النووي، وان أنقره تدعم هذا الاتفاق.
وأكد داود أوغلو أن الاتفاق كشف أن أشد القضایا تعقیداً، یمكن أیضاً تسویتها عن طریق الحوار، مشيراً إلى أن تركيا رأت علی الدوام ان الخیار الوحید للموضوع النووي الإیراني یكمن في المفاوضات والحوار.
بدورها رأت وزارة الخارجیة التركیة في بیان أول من أمس أن «هذا الاتفاق بمثابة الخطوة العملیة الاولی المتخذة من قبل الجانبین بعد 10 سنوات».
كذلك، رحبت فرنسا بالاتفاق، لكنها قالت إن شيئاً لم يحلّ بعد.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في حديث إذاعي، إنه يتعين على كل طرف التزام تعهداته.
وأضاف إن «اليقظة يتعين أن تطبق على الطرفين. أعني أن طهران ستكون يقظة تجاه التزامنا الصارم بتنفيذ تعهداتنا. على سبيل المثال التزمنا بتخفيف عدد معين من العقوبات. وهذا يمكن العدول عنه. سترون عندما تطّلعون على النص. هناك عبارة استخدمت مرتين على التوالي وهي مهمة وترقى إلى قول: طالما لم يحل كل شيء فإن شيئاً لم يُحل».
وأشار فابيوس إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون خلال بضعة اسابيع لصياغة اقتراح لرفع جزئي للعقوبات المفروضة على إيران.
وتابع أن «هذا متوقع خلال بضعة أسابيع. سيكون لنا اجتماع مع وزراء الخارجية. وتحت اشراف السيدة (وزير خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين) أشتون وبدعم منا بالطبع نقترح رفعاً (للعقوبات) لكنه رفع محدود وموجه وقابل للتغيير. وينطبق ذلك أيضاً على الجانب الأميركي».
الجيش السوري يبدأ الانتقام من اختراق الغوطة
لم تحقق قوى المعارضة المسلحة هدفها في الهجوم «المباغت والموجع» الذي شنّته في الغوطة الشرقية على مرحلتين، ابتداءً من يوم الجمعة الفائت. الهدف المعلن للهجوم هو فك الحصار عن الغوطة، المفروض منذ نيسان الماضي. الطوق الأبعد عن المنطقة الحيوية يمر ببلدة العتيبة، الواقعة في أقصى شرق الغوطة، وشمالي شرقي مطار دمشق الدولي. وتلك البلدة هي بوابة الغوطة للآتين من الأردن والعراق عبر البادية السورية. ومنذ أن عزل الجيش السوري العتيبة، ثم سيطرته عليها قبل نحو 7 أشهر، بدأ يحرز التقدم تلو الآخر في ريف دمشق، على حساب مقاتلي المعارضة. وهؤلاء، أرادوا خلال الأيام الماضية استعادة السيطرة على العتيبة، بهدف فك الطوق عن الغوطة. وفك الطوق عن الغوطة، يعني، في نظر مسلحي المعارضة ورعاتهم، استعادة القدرة على تهديد العاصمة السورية. شنّوا هجوماً واسعاً على مختلف الجبهات، مركّزين الهجوم في المناطق التي بإمكانهم النفاذ منها نحو العتيبة. وفي مرحلتي الهجوم، تمكن المسلحون من إيقاع عدد كبير من الإصابات في صفوف الجيش السوري والقوى التي تؤازره (قتل أكثر من 65 شخصاً). وأكدت مصادر ميدانية رسمية لـ«الأخبار» أن القوى الرئيسة في الهجوم هي «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، و«جبهة النصرة»، فضلاً عن مجموعة كبيرة من المقاتلين الذين خضعوا في الأردن لبرامج تدريب تموّلها السعودية.
فشل المسلحون في تحقيق غايتهم بفك الحصار عن الغوطة، لكنهم أربكوا أعداءهم. لم يكن ضباط الجيش السوري الميدانيون يتوقعون هجوماً بهذا القدر من العنف. خلال الحديث عن عزم الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربة عسكرية لمواقع الجيش السوري، كان مسلحو المعارضة يعدّون العدة لهجوم يواكب العدوان. هجوم اليومين الماضيين في الغوطة كان البديل، بعدما تراجعت واشنطن عن شنّ عدوان عسكري على سوريا، بحسب مصادر ميدانية رسمية. وتؤكد المصادر أن قوات المعارضة حققت تقدماً ميدانياً، «لكنه بقي تحت السيطرة». إلا أن أبرز ما تحقق هو «الكسب المعنوي» من وراء هذا التقدم، بعد سلسلة التراجعات على مدى الأشهر الماضية. «فالمعارضون كسروا حالة اليأس من تحقيق تقدم ميداني». لكن المصادر نفسها تجزم بأن الجيش السوري والقوى المساندة له، التي لم تستعد بعد السيطرة على الأراضي التي فقدتها في هجوم المعارضين، استعادت زمام المبادرة، وهو ما ظهر في العدد الكبير من القتلى الذي سقط في صفوف المعارضين، من كافة الكتائب. «ويجري التركيز على ملاحقة أفراد المجموعة التي أتت من الأردن، بهدف تصفيتها». وأكدت المصادر أن الجيش لا يهدف من هجومه المضاد إلى استعادة الأراضي التي خسرها وحسب، «بل إنه يريد إحراز تقدم إضافي أيضاً، لكي لا يسمح لمسلحي المعارضة، سواء في «النصرة» أو «داعش» أو «مجموعات الأردن»، بمراكمة إنجازات ميدانية مستقبلاً، ولإعادة المسلحين إلى الحالة المعنوية التي كانوا عليها قبل هجوم الغوطة».
في المقابل، قال مصدر معارض إن المقاتلين أرادوا بمعركتهم «كسر الحصار عن الريف الجنوبي والغوطة الشرقية على حد سواء». واستمرت أمس المعارك العنيفة بين الطرفين، وتحدّثت مصادر إعلامية عن سقوط أكثر من 300 قتيل منذ بدء الاشتباكات، بينهم قادة مجموعات معارضة. وعرضت مواقع مؤيدة للجيش وأخرى للمعارضة صوراً لعشرات الجثث التي يقول كل طرف إنها تعود إلى قتلى من الطرف الآخر.
أما في القلمون، فقد سيطر الجيش السوري على مستشفى دير عطية وبساتين البلدة. وفي حلب، ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين إلى 11 شهيداً و30 جريحاً، نتيجة سقوط قذائف هاون استهدفت حي الجميلية في المدينة أمس. واستمرت المعارك بين الجيش والمسلحين على مختلف المحاور في حلب وريفها، فيما نشرت مواقع تابعة للمعارضة صور مقتل أحد الأمراء في «الدولة الاسلامية في العراق والشام» يدعى أبو جهاد النجدي.
الى ذلك، أكّد الجيش السوري أنه أحكم سيطرته على حي جوبر في غرب مدينة حمص بعد معارك عنيفة مع المسلحين. وأحرز الجيش أول تقدم منذ أشهر على محور جورة الشياح وسط حمص من خلال عملية نفذها في مواجهة مسلحي «جبهة النصرة»، ما مكّن الجيش من استعادة السيطرة على ثلاث كتل سكنية. وتمت العملية من خلال تفخيخ نفق حفره عناصر الجيش بعمق 6 أمتار ويمتد على مسافة 60 متراً، وصولاً إلى الجهة الخلفية من موقع تمركز أهم القيادات الميدانية للمسلحين في الحي.
على صعيد آخر، أعلنت «جبهة تحرير سورية الإسلامية» حلّ نفسها، في بيان موقّع من قائدها (قائد «ألوية صقور الشام») أحمد عيسى الشيخ. ويأتي حل «الجبهة» في إطار الاندماج في «الجبهة الإسلامية السورية» التي أعلن إنشاؤها يوم الجمعة الماضي كتنظيم يضمّ عدداً من الفصائل والألوية المعارضة.
الإمام الخامنئي يجيب على رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة الاتفاق مع 5 + 1
أجاب سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي على رسالة بعثها له حجة الإسلام و المسلمين الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بخصوص سياق المفاوضات النووية، شكر فيها سماحته الوفد المفاوض لإيران، مؤكداً: لا ريب أن الفضل الإلهي و دعاء الشعب الإيراني و دعمه هو السبب في هذا النجاح، و المقاومة أمام حالات الجشع يجب أن تكون دوماً مؤشر الخط المستقيم لمسيرة المسؤولين في هذا القطاع.
فيما يلي الترجمة العربية لنص رسالة رئيس الجمهورية و جواب السيد القائد عليها:
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة قائد الثورة الإسلامية المبجّل سماحة آية الله الخامنئي (دامت بركاته)
بعد السلام و التحيات الوافرة
أشكر الله العظيم على أن استطاع أبناؤكم الثوريّون في الأشهر الأولى من بدء عمل حكومة التدبير و الأمل، و في إطار مفاوضات صعبة و معقدة، إثبات حقانية الشعب الإيراني في نشاطاته النووية على الساحة الدولية، و قطع الخطوة الأولى بحيث تعترف القوى العالمية بالحقوق النووية و حق التخصيب للشعب الإيراني - و هو ما حاولت إنكاره لسنين طوال - و فتح الطريق أمام الخطوات الواسعة اللاحقة في حراسة التقدم التقني و الاقتصادي للبلاد.
لقد أثبت النجاح في هذه المفاوضات أنه يمكن بمراعاة كل أصول النظام و خطوطه الحمراء، و بعرض مواقف الشعب الإيراني بشكل منطقي و مبرهن، و إتمام الحجّة على الرأي العام العالمي، دعوة حتى القوى الكبرى لاحترام حقوق الشعب الإيراني، و قطع الخطوات اللاحقة بقوة في طريق حل الخلافات بشكل نهائي.
لا شك أن هذا النجاح هو ثمرة العناية الربّانية و توجيهات القيادة الجليلة للنظام الإسلامي و الدعم السخي للشعب الإيراني، و النجاح النهائي في هذا المسار هو الآخر رهن باستمرار إرشادات حضرتكم و حماية و دعم الشعب الإيراني الشريف الصبور.
المكتسبات الأكيدة لهذا الاتفاق الأولي هي الاعتراف الرسمي بحقوق إيران النووية و حماية المكتسبات النووية لأبناء هذا الوطن، و إلى جانب ذلك و بتوقف سياق الحظر الظالم، رفع جانب من الضغوط غير القانونية المتمثلة بالحظر الأحادي الجانب، و البدء بانهيار نظام الحظر. نتيجة لهذه المبادرة من إيران الإسلامية و لصبر الشعب الإيراني الكبير توصّلت القوى الكبرى لنتيجة أن الحظر و الضغط لا يجدي نفعاً، و كما أعلنت إيران منذ البداية لا سبيل لتحقيق الاتفاق سوى الاحترام المتقابل و المفاوضات المبتنية على العزة، و هذا هو ما أدركه الطرف المقابل متأخّراً للأسف. لا شك أن تحقق هذا الاتفاق هو لصالح كل بلدان المنطقة و لصالح السلام و التقدم العالمي في سياق منهج الربح - ربح.
إنني إذ أبارك هذا التوفيق الإلهي لحضرة قيادة الثورة المبجّلة، أشكر إرشادات سماحتكم و دعمها و أشكر و أقدّر الدعم المخلص لشعب إيران الكبير، و أحيّي ذكرى الشهداء النوويين، و أجدّد العهد المخلص لهذه الحكومة في خدمة هذا الشعب الشكور، و أسأل استمرار دعاء سماحتكم و كل أبناء الشعب بالخير لنا.
حسن روحاني
3 آذر 92
بسمه تعالى
حضرة السيد رئيس الجمهورية
الحصول على ما كتبتموه جدير بالتقدير و الشكر لوفد المفاوضات النووية و سائر العاملين، و يمكنه أن يكون أساساً لخطوات واعية لاحقة. لا ريب أن الفضل الإلهي و دعاء الشعب الإيراني و دعمه هو السبب في هذا النجاح، و سيكون كذلك في المستقبل أيضاً إن شاء الله. المقاومة أمام حالات الجشع يجب أن تكون دوماً مؤشر الخط المستقيم لمسيرة المسؤولين في هذا القطاع، و هذا ما سيكون إن شاء الله.
السيد علي الخامنئي
3 آذر 92
نصرالله: تفجيرا السفارة خُطط لهما بعناية
لعله اللقاء الأهم الذي عقده حسين أمير عبداللهيان في بيروت. كانوا أربعة في تلك الغرفة المغلقة: مساعد وزير الخارجية الإيراني، يرافقه السفير غضنفر ركن آبادي والقائم بالأعمال محمد صادق الفضلي، في حضرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. صحيح أن الاجتماع جرى غداة التفجير الانتحاري المزدوج الذي ضرب مبنى السفارة، وبالتالي تصدر هذا الموضوع جدول الأعمال، لكن الحديث تشعّب كثيراً وشمل ملفات أكثر.
كان عبد اللهيان، الذي تولى مهمة توضيح مجريات المفاوضات حول النووي الإيراني مع مجموعة «5 + 1»، يريد أن يسمع وجهة نظر نصرالله في الاعتداء الإرهابي. في النهاية، وحده الأمين العام لحزب الله قادر على تقديم الإجابات الشافية. «العملية تم التخطيط لها بعناية فائقة»، قال نصرالله، مشيراً إلى أن المخططين «يعرفون مبنى السفارة حجراً حجراً». وأضاف أن السفير ركن آبادي «كان المستهدف لشخصه ورمزيته» ومعه القائم بالأعمال الذي عمل دبلوماسياً لسنوات في البحرين. ليس واضحاً إن كان المعتدون يعرفون بأن ركن آبادي كان مضطراً إلى مغادرة مبنى السفارة في موعد التفجير برفقة الشهيد إبراهيم الأنصاري لارتباطهما بموعد سابق مع وزير الثقافة غابي ليون عند العاشرة من صباح ذاك اليوم. المنطق يقول إنهم لو كانوا على علم بخطوة كهذه، لكانوا انتظروا السفير ليغادر مبنى السفارة. لكن الأكيد أن التفجير «كان يستهدف تدمير جزء المبنى المواجه للبوابة بالكامل، لعلمهم أن مكتبي السفير والقائم بالأعمال يقعان في تلك الناحية».
نصرالله أكد أن نوعية المتفجرات التي استخدمت في الاعتداء «جديدة»، مشيراً إلى أن التفجيرات السابقة «كانت تستهدف حصد العدد الأكبر من الأرواح. لكنها في المرة الأخيرة كانت تستهدف التسبب بأكبر قدر من الدمار». وتوقّع أن «تستمر هذه العمليات»، لافتاً إلى أنها عبارة عن «تعويض عن الانتكاسات التي مني بها المحور المعادي في أكثر من ملف، وخصوصاً سوريا». وأضاف: «إنها مرحلة صعبة يجب أن نتجاوزها»، ونبّه إلى أن «السفارة ستبقى هدفاً لعمليات أخرى». وتابع: «صحيح أن العملية (التفجير) وقعت، لكنهم لم يصلوا إلى أهدافهم، وهم سيواصلون المحاولة حتى يحققوا تلك الأهداف».
وتطرق الحديث بين نصرالله وضيوفه الإيرانيين الى الملفات الإقليمية، وخصوصاً الوضع في سوريا. ونصح نصرالله عبداللهيان بألا يعمد الإيرانيون إلى الاستجابة لطلب المنامة إرسال سفير إلى البحرين. «الوقت غير مناسب» بالتوقيت الإيراني؛ ففي طهران حكومة جديدة، إصلاحية في بنيتها، سبق أن أعادت خطوط الطيران بين الجانبين. وإعادة السفير الإيراني إلى المنامة في ظل حكومة من هذا النوع في طهران سيعني انفتاحاً مفاجئاً وبلا ثمن، وسينعكس بنحو سلبي جداً على وضع المعارضة في البحرين.
بوتين: تمكنا من حل إحدى أصعب العقد في السياسة العالمية
أعلن الرئيس الروسي فلاديمر بوتين أن نتائج اللقاءات بين ايران والسداسية في جنيف التي افضت إلى خطة لتسوية الوضع حول ملف ايران النووي هي "نجاح للجميع".
وقال بوتين في تصريح نشره المكتب الصحفي للكرملين الأحد إنه "نتيجة مفاوضات تسوية الوضع حول برنامج ايران النووي تم الاقتراب من حل إحدى اصعب العقد في السياسة العالمية".
وأكد أن "التوصل إلى اتفاقية جنيف تم بفضل الموقف البناء من قبل قيادات دول السداسية وايران وممثلي مؤسسات الاتحاد الاوروبي، وكذلك بفضل العمل الدؤوب من قبل الفرق المفاوضة، وهذا الاتفاق يمثل بنفسه قائمة متوازنة من التدابير، وبدون شك، سيؤثر إيجابيا على تطوّر الوضع الدولي، وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط".
وأضاف ان "روسيا كانت دائما تدعو، من حيث المبدأ، لحل المشكلة الايرانية النووية بطريقة المفاوضات الدبلوماسية. ومن المهم ان خطة عمل جنيف تعتمد على مثل هذه الافكار والمواقف".
واشار الرئيس الروسي إلى ان "المبادئ المقدمة من قبلنا في السابق للتدرج على مراحل والتعامل المشترك وجدت انعكاسا لها في الوثيقة المتفق عليها وحصلت على تأييد واعتراف دولي".
واعتبر بوتين ان "نتيجة جنيف هي نجاح للجميع يثبت مرة أخرى أنه من الممكن في اطار العمل الجماعي والاحترام المتبادل ايجاد حلول للتحديات والمخاطر الدولية العصرية "
وتابع: "أؤكد انه تم اتخاذ خطوة اختراق، ولكنها الأولى فقط على طريق طويل وغير سهل. ونحن مستعدون مع الشركاء للاستمرار في البحث الصبور عن حل متكامل مشترك وأوسع ومقبول اكثر يوفر حق ايران في تطوير البرنامج النووي السلمي تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويضمن أمن جميع دول الشرق الاوسط، بما فيها اسرائيل".
الإتفاق النووي .. إنتصار إرادة
لم يكن الإتفاق النووي الذي توصلت اليه إيران ومجموعة ۵+۱، فجر الاحد الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر في جنيف ، نتيجة حنكة المفاوض الإيراني ، وان كان ذلك لا يُنكر ، بقدر ما كان نتيجة للقوة الهائلة التي كان يشعر بها هذا المفاوض والمستمدة من قوة الحق ومن التاييد الشعبي الكاسح ومن الدعم والثقة الممنوحة له من قمة القيادة في إيران.
هذه القوة التي ضاعفت من قوة المفاوض الايراني ، استشعرتها ايضا القوي العالمية الكبري دون اسثناء ، وهي بالتحديد جعلت هذه القوي تتفاوض مع إيران إنطلاقا من مبدأ الندية ، وهو ما افضي بالتالي الي ان يعترف الغرب والعالم اجمع بحق الشعب الايراني بتخصيب اليورانيوم ، الذي يعتبر حلقة مهمة من حلقات النهضة العلمية التي تشهدها ايران منذ اكثر من ثلاثة عقود.
لم يسجل التاريخ المعاصر ان تتفق اكبر القوي العالمية دون استثناء ، علي الاعتراف بحق تخصيب اليورانيوم ، وهو حلقة من حلقات التطور العلمي المتقدمة ، لبلد ليس يعارض بشدة هيمنة و تبعية و تدخل هذه القوي في شؤونه الداخلية فحسب بل يناهض ويقف عمليا في وجه هذه السياسة في اكثر منطقة من مناطق العالم.
العارفون بخفايا السياسة الامريكية والغربية ، التي تنخرها اللوبيات الصهيونية ، ماذا يعني ان يطلب الغرب وعلي راسه امريكا وفرنسا اولاند وفابيوس وما ادراك ما اولاند وفابيوس ، من إيران الا تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة ۲۰ بالمائة ، وان تواصله بنسب دون ذلك ، خلال ستة أشهر فقط ، انه اعتراف صريح بحق ايران بالتخصيب وبفشل السياسة الاسرائيلية في تشويه صورة ايران وقبل كل هذا وذاك فشل سياسة الحظر الامريكي والغربي الظالم ضد الشعب الايراني.
اذا كان الاعتراف بحق التخصيب لايران ، والفشل الذريع الذي منيت به اسرائيل ، لا حاجة للخوض في تفاصيلهما لوضوحهما وضوح الشمس بعد اتفاق جنيف ، الا ان هناك من لايزال يشكك في حقيقة فشل سياسة الحظر الامريكي الغربي ضد الشعب الايراني ويعتقد ان هذه السياسة هي التي دفعت ايران الي الجلوس حول طاولة المفاوضات، لمثل هؤلاء نقول ، اذا كان الحظر قد انهك ايران وجعل اقتصادها يقترب من حافة الهاوية ، كما يعتقد المتطرف البليد نتنياهو ، وكل متطرف بليد ، تري لماذا تراجع اوباما عن هذه السياسة وهو يري بأُم عينه ان عدوه اللدود ينهار؟! لما ضيع اوباما هذه الفرصة التاريخية والاستثنائية؟! لماذا كان اوباما هو السباق الي فتح قنوات للاتصال مع ايران كما هو معلوم للقاصي والداني ؟! ، يكفي ان يبحث هذا البعض عن اجوبة هذه التساؤلات ليخرج بنتيجة واحدة وهي : ان هذه الادارة تعرف ما لايعرف امثال نتنياهو ، وهي ان ايران اقوي بكثير مما يتصور هؤلاء ، وان القوة مهما كانت ، لن تكون بحال من الاحوال اللغة التي يمكن التفاهم من خلالها مع الايرانيين ، فالشعب الايراني لا يصغي الا لمن يحترمه ويتحدث معه بلغة التكريم والاحترام ، وهذا ما فهمه الغرب ولكن في وقت متأخر للاسف الشديد.
رغم ان اتفاق جنيف ليس الا خطوة صغيرة علي طريق طويل لبناء الثقة بين ايران والغرب ، الذي اراد حرمان الشعب الايراني من حقه في التحرر من التبعية والانعتاق من التخلف ، الا انه يمكن النظر اليه كتمرين اولي وعملي للغرب علي الحوار مع الشعب الايراني ، بعد ان كانت طاولة الغربيين تفوح منها علي الدوام رائحة البارود التي لم تزكم الا انوفهم.
اخيرا ، سيتحول اتفاق جنيف الي درس لشعوب وحكومات العالم بلا استثناء ، مفاده ان الغرب لا يحترم الا الاقوياء وان الحق لا يُمنح بل يؤخذ بعد عناء ، فالحق لا يعود الي اهله في ظل النظام السياسي الذي يسود عالم اليوم ، الا بعد ان تُراق علي جوانبه الدماء والتضحيات الجسام ، فاتفاق جنيف النووي هو قبل كل شيء انتصار ارادة .. ارادة الشعب الايراني الذي لم يُفرط ولن يُفرط بحقه مهما كانت التضحيات.
بقلم: ماجد حاتمي
النبي (ص) في كفالة جده عبد المطلب(4)
لقد شاءت الإرادة الإلهية أن يفقد النبي (ص) أباه وهو لايزال جنيناً في بطن أمه، ثم فقد أمه آمنة بنت وهب بعد عودته من حي بني سعد من عند حليمة السعدية وله من العمر ست سنوات على أشهر الروايات.
وهكذا أصبح النبي (ص) وحيداً، وفي السن السادسة يتيم الأبوين. بعد وفاة أمه عاش في كفالة ورعاية جده عبد المطلب. فكان هذا الرجل العظيم يرعاه خير رعاية ولا يأكل طعاماً إلا إذا حضر، وكان يفضله على سائر أبنائه.
وكان عارفا بنبوته وما تحمله له السنوات القليلة الآتية من مستقبل زاهر وحافل بالأحداث الكبيرة، حتى إن بعض النصوص تنقل لنا أنه كان يوضع لعبد المطلب فراش مرتفع في ظل الكعبة، يجلس عليه يحيط به أبناؤه وأشراف مكة، فكان النبي (ص) يأتي وهو غلام صغير يدرج فيجلس على فراش جده فيستعظم أعمامه ذلك فيأخذونه يصرفوه عن ذلك، فيقول عبد المطلب :" دعوا ابني فوالله إن له لشأناً عظيماً، إني أرى أنه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم. إني أرى غرّته غرّة تسود الناس".
ثم يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبّله ويقول :"ما رأيت قبلة أطيب منه ولا أطهر قط ولا جسدا ألين منه ولا أطيب". ثم يحمله على عنقه ويطوف به سبع مرات حول الكعبة الشريفة.
ويبدو أن عبد المطلب كان يعرف نبوة حفيده، وما سيكون من أمره وشأنه من خلال أمرين:
الأول : من الصفات والملامح التي كانت تظهر على النبي (ص) والبركات والأحداث غير العادية التي رافقته منذ ولادته وفي أحضان أمه آمنة ومرضعته حليمة السعدية.
الأمر الثاني: من بشائر وتلميحات الأحبار لمستقبله ونبوته.
فقد جاء في بعض النصوص أن عبد المطلب ذهب على رأس وفد من وجوه وأشراف مكة لتهنئة سيف ذي يزن، لمّا تغلّب على اليمن وتمكن من احتلالها. وبعد الانتهاء من مراسيم التهنئة عقدت خلوة بين سيف ذي يزن وعبد المطلب فبشره سيف بمولود يولد لقريش في مكة يكون رسولاً للناس جمعياً، ووصفه له بصفاته وعلاماته.
فوجد عبد المطلب أن تلك الصفات والعلامات لا تتوافر في غير حفيده، فسجد لله شاكراً. وهنا شعر "سيف" أن المولود الذي يتحدث عنه موجود في بيت عبد المطلب فأوصاه به خيرا، وحذره من خطر اليهود وغيرهم عليه. إن هذا النوع من البشارات وغيره من الدلائل والعلامات والمؤشرات رسّخت في نفس عبد المطلب الاعتقاد بنبوة حفيده، وجعلت له (أي النبي) مكانة خاصة عنده بحيث كان يعطيه من الحب والعطف والحنان والرعاية والاهتمام ما لم يعطه لأحد غيره.
معاملة عبد المطلب لحفيده "المختار"
إلا أن هذا الحنان الدافق وهذه الرعاية الكريمة التي لمسها النبي (ص) من جده لم تدم طويلاً، فقد توفي عبد المطلب والنبي (ص) في الثامنة من عمره.
ولكن قبل الوفاة كان عبد المطلب قد جمع أولاده العشرة ووزع عليهم المهمات والأدوار التي كان يقوم بها في مكة، والخدمات التي كان يقدمها للمكيين وغيرهم من الوافدين إلى مكة في المواسم. ولم يكن عبد المطلب يفكر في شيء كما كان يفكر في حفيده محمد الذي سيمضي عنه ويتركه وحيداً في هذه الدنيا بلا مال وبلا أب ولا أم ، ولذلك فقد أوصى أولاده العشرة به ولمّح لهم بما سيكون من شأن حفيده محمد في المستقبل.
وكان مما قاله لهم :"إني قد خلّفت لكم الشرف العظيم الذي تطأون به رقاب الناس"، على حد تعبير يعقوب في تاريخه المعروف بـ"تاريخ اليعقوب". وقد اختار عبد المطلب من بين أبنائه لرعاية حفيده محمد أبا طالب بالخصوص ليكون هو من يكفل محمداً بعده ويقوم برعايته باعتبار أن أبا طالب كان أخا لوالد النبي (ص) من أم واحدة، فإن أمهما هي فاطمة ابنة عائذ المخزومية.
وطبيعي أن يكون أبو طالب أكثر حنانا وعطف وحباً لابن أخيه من أبيه وأمه من بقية أخوانه الأخرين كالحارث والعباس وغيرهما الذين كانوا من أمهات شتى. أضف إلى ذلك أن أبا طالب كان أنبل أخوته وأكرمهم وأعظمهم مكانة في قريش وأجلهم قدراً، وقد ورث زعامة أبيه عبد المطلب، وخضع لزعامته القريب والبعيد والقاصي والداني رغم أنه كان فقيراً لا يملك شيئاً.
أبو طالب وزوجته يرعيان النبي (ص)
ولقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال :" إن أبي ساد الناس فقيراً"، أي أصبح سيداً وزعيماً، وما ساد فقير قبله".
وهكذا انتقل النبي (ص) إلى بيت عمه أبي طالب، بعد أن رحل جده من هذه الدنيا. فقام أبو طالب برعايته خير رعاية وأدى الأمانة وحفظ الوصية، وبقي محمد شغله الشاغل الذي شغله حتى عن أولاده في أشد المراحل ضيقاً وحرجاً حتى النفس الأخير من حياته.
ظل محمد في أحضان عمه وزوجته فاطمة بنت أسد لا يشعر بالغربة بين أولاده ولا يحس بمرارة اليتم والفقر، ووجد منهما الحرص والرعاية فوق ما يتصوره إنسان من أبويه بالنسبة إلى ولد وحيد عزيز عليهما. لقد بلغ من حرص فاطمة بنت أسد على النبي (ص) أنها كانت في سني القحط والفقر التي مات فيها الناس جوعا وعطشا تحرم أولادها من القوت الضروري من أجل أن تطعمه لنبينا محمد (ص). واستمرت تعامله هذه المعاملة الكريمة حتى أصبح شابا.
وعندما بعث النبي بالرسالة أسرعت فاطمة بنت أسد إلى تصديقه والإيمان برسالته والإخلاص لهذه الرسالة في السر والعلانية، هي وزوجها وأولادها منذ بدأ النبي (ص) يدعوة الناس إلى الإسلام وعبادة الله وحده. الرسول يردّ الجميل لزوجة عمه ولم يكن محمد بن عبدالله، وهو الرجل الوفي الكريم الذي علّم الناس الوفاء والإحسان، لينسى لفاطمة بنت أسد مواقفها التي أنسته فقد أمه وأبيه وجده. والتاريخ ينقل لنا أنه عندما توفيت هذه المرأة المعطاءة بكى النبي (ص) عليها، وقال والدموع تنهمر من عينيه :"اليوم ماتت أمي"، ثم كفّنها وصلى عليها وتولى دفنها ونزع قميصه وألبسها أياه ونزل في قبرها واضطجع فيه، وقرا فيه القرآن الكريم، وأحسن الثناء عليها، وصنع ما لم يصنعه مع مسلم قبلها.
وعندما رأى منه المسلمون صنعه هذا الذي لم يعهدوه منه مع أحد قبلها سأله بعضهم عن سبب فعله ذلك، فقال النبي (ص) :"ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة، واضطجعت في قبرها لأخفف عنها ضغطة القبر إنها كانت أمي تؤثرني بالشيء على نفسها وولدها، إنها كانت أحسن خلق الله صنعاً بي بعد أبي طالب". وهكذا فكما كان أبو طالب كانت زوجته حريصة على النبي (ص) وقدمت وضحت بالشيء الكثير في طريق محمد ورسالته ودفاعا عنه وعن هذه الرسالة في جميع المراحل والظروف.
جيراننا أولويتنا
خلال الأسابيع القليلة الماضية، سعت الجمهورية الإسلامية في إيران ومجموعة الدول الست إلى الاستفادة من الفرصة الفريدة التي أتاحتها الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الصيف الماضي، لإيجاد حل للمسألة النووية، وفي حين رحبت غالبية المجتمع الدولي بهذا التطور الإيجابي، أعرب بعض أصدقائنا في دول الجوار عن مخاوفهم من أن هذا الانفتاح قد يتم على حساب مصالحهم.
إن من المؤسف انتشار منطق اللعبة الصفرية في منطقتنا وفي العالم، حتى إن البعض اعتاد استغلال العدائية ضد إيران لتحقيق مصالحهم. لكن، أود أن أكرر أن الجمهوریة الإسلامیة في إيران ليس لديها مثل هذه الأوهام. نحن نعلم أنه لا يمكن أن نعزز مصالحنا على حساب الآخرين، وهذا بالتحديد الوضع بالنسبة لعلاقتنا مع نظرائنا المقربين الذين يتداخل أمنهم واستقرارهم معنا.
ولذلك، وعلى الرغم مما يجري الترويج له بتسليط الضوء على علاقتنا مع الغرب، فإن الحقيقة المغيبة هي أن الأولوية في سياستنا الخارجية لمنطقتنا.
قليلة هي الأشياء التي لا تتغير في السياسات الدولية، كالجغرافيا فهي ثابتة، ولا دولة بوسعها تغيير جيرانها.
في عالمنا المتداخل، يرتبط مصير أي أمة بشكل وثيق بمصير الأمم التي تجاورها.. الحدود التي تفصلنا عن جيراننا في الجنوب ليست مجرد ممر مائي فحسب، فهي أيضا مورد رئيس مشترك للحياة، وكلنا نعتمد عليه، ليس فقط للبقاء، بل للتطور والازدهار.
ولأن مصيرنا متشابك، فإن أكبر وهم نقع فيه هو اعتقاد أنه يمكن لأحدنا أن يحقق مصالحه دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين.
كما برهنت الاضطرابات في المنطقة، أنه لا يمكن لأي بلد أن يعيش منعزلا، ولا يمكن الوصول إلى الرفاهية على حساب فقر الآخرين، ولا يمكن تحقيق الأمن على حساب انعدام أمن الآخرين. إما أن نربح معا أو نخسر معا.
نحن قادرون على أن نعمل معا، ويثق بعضنا ببعض، وندمج مقدراتنا لبناء منطقة أكثر أمنا وازدهارا.
من المؤسف أنه حتى الآن استند نموذج الأمن والاستقرار، الذي فرض على منطقتنا، على أساس المنافسة وتشكيل التحالفات، وكان الناتج الوحيد لذلك هو تعزيز لحالات جديدة من عدم التوازن، إلى جانب دوافع غير معلنة وغير محققة، هددت المنطقة مرارا في العقود الثلاثة الماضية.
كيف إذن نمضي قدما إلى الأمام؟
كخطوة أولى، يجب تحديد المجالات التي تخص المصالح والأهداف المشتركة، وبعد ذلك يجب علينا أن نمضي قدما من خلال إيجاد طرائق ووسائل للمشاركة في إنجاز تلك الأهداف والحفاظ عليها.
ما يجمعنا يفوق بكثير ما يفرقنا، ونحن بحاجة إلى تقدير واع لحقيقة أن لدينا مصالح مشتركة وأننا نواجه تحديات مشتركة، وأننا يجب أن نتعامل مع هذه التحديات المشتركة، وأن نستفيد من الفرص المشتركة. باختصار، لدينا مصير مشترك.
جميعنا لديه مصلحة في منع حالة التوتر في المنطقة، والحد من التطرف والإرهاب، وتعزيز التوافق بين مختلف المذاهب الإسلامية، والحفاظ على سلامة أراضينا، وضمان استقلالنا السياسي، وضمان التدفق الحر للنفط، وحماية بيئتنا المشتركة.
هذه هي ضرورات حتمية لأمننا وتطورنا المشترك.
ولكي نكون قادرين على قلب تأثير دورة الحلقة المفرغة للشك وعدم الثقة، ونمضي قدما في بناء الثقة، ونوحد قوانا في سعينا لبناء مستقبل أفضل وأكثر أمنا وازدهارا لأطفالنا - فمن الضروري أن نتذكر النقاط الثلاث التالية:
أولا:
من المهم أن نبني إطار عمل شامل من الثقة والتعاون في هذه المنطقة الاستراتيجية، وأي شكل من الإقصاء سيخلق عدم الثقة والتوتر والأزمة في المستقبل.
إن نواة أي ترتيبات إقليمية شاملة يجب أن تقتصر على الدول الثماني الساحلية، وإضافة أي دول أخرى ستجلب معها قضايا معقدة أخرى ستطغى على المشاكل الحالية لهذه المنطقة وستزيد تعقيد الطبيعة المركبة للأمن والتعاون فيما بيننا.
بطبيعة الحال، هناك مخاوف مشروعة حول إيجاد اختلالات ممكنة في التوازنات وحدوث تباينات قد تنشأ في أي منظومة جديدة، والمخاوف من سيطرة أو فرض رأي بلد واحد أو مجموعة بلدان، يجب أخذها بالحسبان والتعامل معها.
إن بناء نظام شامل، مبني على أساس الاحترام المتبادل ومبدأ عدم التدخل، يتطلب أن تكون الترتيبات في إطار قرارات الأمم المتحدة، وقد جرى توفير إطار العمل المؤسساتي المطلوب في قرار مجلس الأمن رقم «598»، وهو الذي أنهى الحرب الكارثية التي فرضها صدام حسين على إيران والعراق والمنطقة برمتها.
ثانيا:
ضرورة توضيح فكرة أنه ما دام تعاوننا ليس على حساب أي طرف آخر، وما دام سيعزز الأمن للجميع، فنحن مدركون لتنوع المصالح المترابطة الموجودة في المنطقة.
الممر المائي الذي يفصلنا أساسي بالنسبة للعالم، لكن مصدر أهميته ليس متطابقا لكل الأطراف.
بالنسبة لنا، الدول الساحلية، المياه هي شريان الحياة. وبالنسبة للذين يعتمدون علينا كمزودين رئيسين لاحتياجاتهم من الطاقة، فإن هذا الممر يشكل عنصرا أساسيا لرفاهيتهم الاقتصادية والصناعية.
أما بالنسبة إلى أولئك الذين لا يعتمدون على مصادر الطاقة لدينا، فالمنطقة مجرد مسرح مهم لبسط سيطرتهم على الساحة السياسية الدولية، وفي مجال المنافسات الاقتصادية الدولية. وبناء على ذلك، يجب أن نضع في حسباننا أن هناك اختلافا نوعيا بين مصالح سائر الأطراف واللاعبين ذوي الصلة، والتصرف بناء على هذا الأساس.
ثالثا:
إن عدم الاستقرار الدولي في منطقتنا ينبع من تنوع طبيعة المصالح للقوى الخارجية المختلفة وتنافسها.
إن إقحام تلك الأطراف للقضايا الغريبة على المنطقة يزيد من التعقيدات، الموجودة أساسا في وضعها الأمني. ويجب ألا ننسى أن المصالح القصوى للأطراف الخارجية قد لا تعني دائما الاستقرار، إلا أنه في الحقيقة يعتمد على كل ما يمثل مبررا لوجوده.
وجود القوات الأجنبية أدى عبر التاريخ إلى عدم الاستقرار الداخلي في البلدان المضيفة وإلى تفاقم التوتر الموجود بين هذه البلدان والدول الإقليمية الأخرى.
أنا مقتنع بأن هناك إرادة حقيقية لمناقشة هذه التحديات المشتركة. التحديات والفرص التي نواجهها هائلة، وهي تتراوح بين تدهور بيئي وتوترات طائفية... وبين تطرف وإرهاب، وحد من التسلح ونزع للسلاح، وتتراوح أيضا بين السياحة والتعاون الاقتصادي والثقافي، وبناء الثقة وتعزيز التدابير الأمنية.
علينا أن نهدف إلى بدء الحوار الذي تنتج عنه خطوات عملية قابلة للتطور تدريجيا.
إيران، الراضية عن مساحتها وموقعها الجغرافي ومواردها البشرية والطبيعية، التي تتمتع بروابط دينية وتاريخية وثقافية مشتركة مع جيرانها، لم تشن يوما عدوانا على أحد منذ قرابة الثلاثة قرون. نحن نمد أيدينا بصداقة ووحدة إسلامية إلى جيراننا، ونؤكد لهم أنه بإمكانهم الاعتماد علينا كشريك يثقون به.
في انتخاباتنا الرئاسية الأخيرة التي كانت تجسيدا نفخر به لقدرة النموذج الإسلامي على تطبيق الديمقراطية والمشاركة في إحداث تغيير من خلال صناديق الاقتراع، تلقت حكومتي تفويضا شعبيا قويا للانخراط في تفاعل بناء مع العالم، وخاصة مع دول الجوار.
نحن ملتزمون الاستفادة من هذا التفويض للانطلاق بتغييرات نحو الأفضل، لكننا لا نستطيع فعل ذلك وحدنا. والآن، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت المناسب لنتكاتف للعمل من أجل ضمان مستقبل أفضل لنا جميعا؛ مستقبل يقوم على أساس المبادئ النبيلة من احترام متبادل وعدم تدخل. إننا نتخذ الخطوات الأولى نحو هذا الهدف، ونأمل أن تنضموا إلينا في هذا الدرب الصعب، ولكن المثمر.
* وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف
اتفاق بين ايران والدول الست في المفاوضات بشأن البرنامج النووي
توصلت ايران ومجموعة الدول الست بعد ايام من المفاوضات في جنيف، إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني، يحقق مصلحة الطرفين، ويضمن لطهران حقها في تخصيب اليورانيوم.
ظريف يعلن توصل ايران والدول الست لاتفاق نووي
اعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اليوم الاحد توصل ايران ومجموعة دول (5+1) الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني، معتبرا ان الاتفاق النووي نتيجة مهمة لكنه ليس الا خطوة اولى.