
Super User
الإمام الخامنئي: لا ينبغي الخوف من القيود خلال الحديث عن الحرية
أكد سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أنه لا ينبغي الخوف من القيود خلال الحديث عن الحرية. قال سماحته هذا في حضور قرابة 150 من المفكرين والنخب واساتذة الحوزات العلمية والجامعات والباحثين والمؤلفين، الذين بحثوا مساء الثلاثاء بحضور سماحته مختلف ابعاد موضوع الحرية، في اطار الملتقى الرابع للافكار الاستراتيجية للجمهورية الاسلامية.
وفي بداية اللقاء، طرح 10 من المفكرين واصحاب الآراء رؤاهم حول موضوع الحرية، ثم تناول 17 من الاساتذة والباحثين هذه الرؤى والآراء بالبحث والدراسة والنقد.
وفي كلمته أشار سماحة الإمام الخامنئي إلى أهمية عقد هذا الملتقى، واوضح ان الحاجة الماسة للبلاد للفكر والتفكير في المواضيع البنيوية هو من الاهداف الرئيسية لإقامة ملتقيات الافكار الاستراتيجية، ولفت الى ان الشعب الايراني يمضي قدما في مسار التطور والتقدم، وهو بحاجة ماسة الى تفعيل الافكار في المواضيع البنيوية والاساسية.
واضاف بأن اهمية التواصل المباشر مع النخبة والتمهيد للتوصل الى اجابات للاسئلة الهامة في المواضيع البنيوية والحياة الاجتماعية، هو من الاهداف الرئيسية لاقامة ملتقيات الافكار الاستراتيجية. ووصف سماحته هذه الملتقيات بأنها تمهد لإيجاد تيارات فكرية عميقة وواسعة، واضاف: من الضروري البدء بالمهمة الرئيسية بعد هذه الاجتماعات، وان يتناول الباحثون والمفكرون في الحوزات والجامعات القضايا المطروحة، باعتبارهم ينابيع فياضة للفكر في هذا المجال.
واشار سماحته الى الفراغ الكبير والنواقص الملموسة في معرفة وتبيين مختلف ابعاد موضوع الحرية في البلاد، وقال: ان موضوع الحرية حاز اهتماما كبيرا خلال القرون الاخيرة في الغرب، مقارنة بالمواضيع الاخرى، معتبر ان السبب في ذلك يعود الى بروز احداث اوجدت موجات فكرية عاتية، من قبيل الثورة الصناعية في اوروبا والثورة الفرنسية وثورة اكتوبر في روسيا.
ولفت سماحته الى ان موضوع الحرية، والى ما قبل ثورة الدستور في ايران، لم يحظ بالاهتمام، والسبب في ذلك هو التبعية للغرب وتقليده، الامر الذي لم يحث المفكرين على انتاج الفكر وبالتالي لم يؤد الى ايجاد تيار فكري يذكر في هذا المجال.
واشار آية الله الخامنئي الى وجود فراغ كبير رغم وجود وفرة كبيرة في المصادر الاسلامية بشأن الحرية، داعيا الى سد هذا النقص عبر إعمال الفكر والبحث عن اجوبة لجميع التساؤلات المطروحة في موضوع الحرية، لبناء منظومة متناسقة في هذا المجال، مشيرا الى ان تحقيق هذا الهدف يتطلب عملا جادا وإلماما بالمصادر الاسلامية والغربية.
ولفت سماحته الى ان المقصود من موضوع الحرية في هذا الملتقى، هو المعنى الشائع والمتداول للحرية في الاوساط الجامعية والفكرية بالعالم، اي الحريات الفردية والاجتماعية، وليس الحرية المعنوية والسلوك الى الله.
وانتقد قائد الثورة الفكر الذي يصف الحرية بأنها التحرر المطلق من كل شيء، وقال: لا ينبغي الخوف من القيود خلال الحديث عن الحرية.
وتابع انه في الفكر الليبرالي فإن مصدر الحرية هو الفكر الانسانوي او الاومانية، بينما يؤكد الفكر الاسلامي ان مصدر الحرية هو التوحيد بمعنى الاعتقاد بالله والكفر بالطاغوت، فمن وجهة نظر الاسلام، يعتبر الانسان حرا من جميع القيود الا العبودية لله. ورأى ان الكرامة الانسانية تشكل الأساس الرئيسي للحرية في الاسلام.
وانتقد سماحة آية الله الخامنئي الواقع الغربي المنبثق من فهمه للحرية، فعلى الصعيد الاقتصادي ادى هذا الفهم الى بروز الرأسمالية وعلى الصعيد السياسي ادى الى احتكار السلطة من قبل حزبين فقط وعلى الصعيد الاخلاقي ادى الى بروز شتى انواع الفساد من قبيل المثلية. واردف ان هذه المواضيع تشير الى حقائق فظيعة ومريرة وقبيحة وفي بعض الاحيان شنيعة في المجتمع الغربي، والتي تؤول بالتالي الى التمييز والغطرسة واثارة الحروب والتعامل الانتقائي مع مواضيع سامية من قبيل حقوق الانسان والديمقراطية. واكد سماحته انه رغم هذه الحقائق المؤسفة، الا ان مراجعة آراء المفكرين الغربيين، للبحث بشأن الحرية امر مفيد، لأن الغربيين لديهم سابقة مديدة في تدوين المنظومة الفكرية بشأن الحرية وتضارب الآراء في هذا المجال. وشدد سماحة الإمام في ختام كلمته على ضرورة تجنب النظرة التقليدية، باعتباره الشرط الرئيسي لمراجعة آراء المفكرين الغربيين، لأن التقليد يتعارض مع الحرية.
انهيارات ترابية جنوب الأقصى بسبب حفريات الاحتلال
كشف مركز معلومات وادي حلوة، الثلاثاء، عن وقوع انهيارات ترابية وتشققات في الشارع الرئيس لحي وادي حلوة بسلوان، الأقرب إلى جدار المسجد الأقصى المبارك الجنوبي، وذلك بسبب الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أسفل المنطقة لشق أنفاق متعددة. ونقل شهود عيان وأهالي الحي لمراسل وكالة أنباء فارس، تأكيداتهم بأن سبب هذه الانهيارات والتصدعات والتشققات هي الحفريات التي تقوم بها جمعية "العاد" الاستيطانية وسلطة الآثار الإسرائيلية في سلوان، أسفل منازلهم و شوارعهم، علما بأنه يوجد بمكان الانهيارات نفقا يربط عين سلوان التاريخية بحائط البراق- السور الجنوبي للأقصى.
وأشار مركز معلومات وادي حلوة أن موسم الانهيارات الأرضية والتشققات قد بدأ مع هطول الأمطار على مدينة القدس المحتلة، ولفت إلى أن ذلك يحدث باستمرار منذ عام 2008 ولغاية اللحظة، بسبب أعمال الحفر المتواصلة في شوارع الحي، مؤكداً أن حدوث هذه الانهيارات سنوياً يثبت أن ما تقوم به جمعية العاد الاستيطانية هي "حفريات لأهداف سياسية احتلالية"، رغم محاولتها إخفاء أعمالها.
وأوضح الأهالي أن ما يدل على أعمال الحفر التي تقوم بها "العاد"، هو قيام عمّالها بإصلاح الحفريات وإخفائها، وليس عمّال بلدية الاحتلال، لافتين إلى الانهيار الأرضي الذي وقع في صف مدرسة تابعة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين، وإصابة عدد من الطالبات، فضلا عن انهيارات أخرى قرب مسجد العين، وفي الشارع الرئيس، وفي عدد من منازل المواطنين.
عالم بالازهر: لن نسمح بالمساس بآثار الرسول (ص)
أكد منصور مندور أحد علماء الأزهر في تصريح خاص أمس الاحد إن التطوير في المدن الإسلامية مطلوب، لكن دون إعتداء على معلم أو أثر يهم الأمة الإسلامية، لأن الآثار والمعالم الإسلامية ليست ملكا لأحد، وإنما هي ملك للمسلمين جميعا، ولذلك فيجب قبل إحداث أي تطوير الرجوع الى المجامع الإسلامية والفقهاء والعلماء لتحديد ما إذا كان هذا التطوير مطلوبا أم أنه يضر في جانب آخر.
واضاف: لابد من أخذ رأي أهل الخبرة وأهل الذكر في هذا الباب حتى يكون التطوير ملائما للمصلحة العامة، نحن لا نمنع من التطور ولا من التطوير، وإنما نمنع من الإعتداء على أي ملعم أو أثر يهم جموع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها.
وتابع مندور: نحن يهمنا أن نرى تطورا أو أي شيء جميل في المدن الإسلامية، ولكن إذا كانت هناك نية لإزالة شيء ذا أهمية أو ذا ميزة لجموع المسلمين فنحن نرفض هذا الأمر.
وقال: لن يسمح لأحد أن ينال من آثار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، الأزهر وعلماء الأزهر يقفون ضد أي مساس بآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كالمسجد النبوي وجذع النخلة والإسطوانة التي كان يصلي إليها ومنبر التهجد وغيرها من الآثار المعروفة والموجودة، ولن يستطيع أحد أن يزيلها وستبقى خالدة لتذكر المسلمين بما كان عليه المسلمون وما وصلوا إليه.
آل طالب : لا خـــير في أمــــة تؤذى في نبيها فـــلا تغضب
أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن محمد آل طالب على تقوى الله في السر والعلن واتباع أوامره واجتناب نواهيه ابتغاء لمرضاته عزوجل.
وقال في خطبة الجمعة التي القاها بالمسجد الحرام يوم أمس إن البقاع والبشر والكتب والكلم قد تتساوى في أصلها المجرد فإذا أضيفت فإنها تكتسب قيمتها من قيمه ما أضيفت إليه وأعظم وأجل إضافه هي الاضافه الى الله الأعظم،وبيوت الله أطهر البيوت وكلام الله اعظم الكلم ورسله هم غرة البشر وزينة الدنيا اصطفاهم الله خيار من خيار وعصمهم قبل النبوة وبعدها وتمثلت كمالات البشر في ذواتهم وسمو الانسانيه في ارواحهم ورسل الله وانبيائه هم خير من وطىءالثرى وأكرم وأبر الورى، لاسبيل للجنة إلا بطاعتهم ولا نجاة من النار الا بتصديقهم ولا وصول الى الله الأجل الأكرم الا بإرشادهم، عظمة الرسول من عظمة من أرسله وتكريمه من تكريم من بعثه ومقامهم عند الله عظيم، وأن الله يغار على انبيائه ويدافع عنهم، كم من أمم أبيدت بدعوات انبيائها عليها وكم من ديار قلبت وصعقت ورجفت بسبب تكذيبهم لرسلهم واستهزائهم بهم (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ماكانوا به يستهزؤن) ومازال الانبياء والرسل لهم المكانة العظمى في الشرائع والرسالات كلما جاء رسول صدق الرسول الذي قبله وبشر برسول بعده واجتمعت بشارات الرسل لأقوامهم برسول يأتي من بعدهم اسمه أحمد هو خاتمهم وامامهم وفي الخير مقدمهم وان كان آخرهم في الزمان صلى الله عليه وصلى على أنبيائه ورسلهم واتباعهم أجمعين.
وأوضح فضيلته أن العبارات والمدائح تقتصر وتضيق المعاني والقرائح امام عظمة النبي الكريم والرسول العظيم محمد ةبن عبد الله ةبن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي ولن تبلغ ولن توفي قدره المنابر والمحابر، وليست السيره الشريفه بحاجة الى تعريف فالقدر عالم كيف ترقى رقية الأنبياء، يا سماء ما طاولتها سماء، مشيرا إلى ان العالم من أزله الى أبده لم يعرف مصفى المعدن زكي السيره بهي الخلائق صلب الجهاد شديد التعلق بربه مثل ماعرفت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،ولم يعرف العالم انساناً شقّ طريق الكمال ومهده للناس تمهيداً ودعاهم اليه أحق دعوة وشرح معالمه لهم أرقّ شرح وتحمل في ذات الله ما لم يتحمل أحد مثلما عرف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف آل طالب أن حقيقه الرسول صلى الله عليه وسلم فوق مايصف الواصفون والأيادي التي أسداها تجعل كل مؤمن مدين له بنور الايمان الذي اضاء نفسه وزكاها (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له مافي السماوات ومافي الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ) إن محمد صلى الله عليه وسلم جاء في أعقاب نبوات أعقب الشيطان ثمارها وكانت بعثته كلمة السماء الأخيره فكانت ضمان يمنع العوج ويقي من الانحراف لتصون مستقبل الانسانيه الطويل (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمه لقوم يؤمنون).
وبيّن امام وخطيب المسجد الحرام في خطبته انه وجدت ديانات مفتعله ومعتقدات نسبت الى الله مالا يليق وقوّلته ما لم يقل وبلغ من فسوخ هذه وتلك أنها قاومت الحق أشد مقاومه لمّا جاءها ولم يكسب العالم منها الا الشقاء لذلك قال الله عزوجل( فمن أظلم ممّن كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاء أليس في جهنم مثوى للكافرين والذي جاء بالصدق وصّدق به أولئك هم المتقون لهم مايشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ) مفيداً فضيلته أن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم كانت انقاذا من الالحاد وعواقبه الشائنه ورفعا ودفعا للظلم واستعباد الانسان لإنسان، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم جاء إلى الأجناس كافة بدين يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث .
وأوضح فضيله الشيخ آل طالب في خطبته أن هناك ثمة وقفات واشارات حول ماشغل الناس من اساءه لجناب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومساس بديننا الخاتم ممّا جاش في الصدور وغلت منه القلوب كما تغلي القدور ولاخير في أمة تؤذى في نبيها فلا تغضب ولا خير في غضبه لرسول الله تؤدي إلى غضب من الله ورسوله، ويستحيل أن يحقد على محمد رجل له ثقافه محترمه أو عقل بصير، لماذا يحقد عليه، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك يتبعه اليوم مليار وخمس مئة مليون من البشر أو يزيدون هو أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم والناس أجمعين.
وتساءل إمام وخطيب المسجد الحرام لمصلحه من تثار هذه النزغات؟ ولمصلحة من تصادم الحضارات والثقافات؟ ومتى كانت حريه التعبير تعني العدوان بلا حدود أو قيود ؟ألا فأين حريه التعبير عند إنكار مذبحه اليهود قبل عقود والتي فرضتها السياسه أكثر من حقائق التاريخ لم يجرؤ فرد في العالم أن ينكرها أو يشكك فيها حتى تلاحقه منظمات العالم وحكوماته ومحاكمه، أما الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم فالحديث عنه مباح وحرية يكفلها القانون، إن على الساسه وصناع القرار أن يدركوا أن ردود أفعال الشعوب طوفان لا يمكن ضبطه وجحيم متفجر لا يمكن توّقيه وربما أفلت الزمام فلا كلمه تسمع ولا حكمه تنفع وبخاصه إذا أهينت الأمه في رمزها المقدس، لذا على الحكماء منع السفهاء وعلى الساسه منع الذين يشعلون الحرائق ،ولن يقبل أحد في دينه عذراً إننا ننادي بالحوار والتفاهم والتسامح ولكن هذا كله لايجدي اذا بقي أولئك الناس يتوارثون ريحه الضغون والبغضاء نحو الاسلام ورسوله وأمته، أين القانون الدولي والمعاهدات الدوليه التي تجرّم الدعوة الى الكراهية والتمييز العنصري وبخاصة حين تشّكل تحريض مباشر على العنف، إننا نطالب العالم الذي يدّعي بمجموعة وضع الضوابط لحمايه الجميع ان يصدر ميثاق شرف ويسّن قانون ملزم يحرم ويجرّم الإساءة للأنبياء والرسل ورسالاتهم السماوية، وقد نادي بذلك خادم الحرمين الشريفين في كل محفل وسعى إلى مد جسور الحوار بين أتباع الديانات السماويه والثقافات الإنسانية حتى تكون العلاقة بين أمم الأرض مبنية على أسس التعارف والعدالة والمرحمة ويتحول العالم من صدام الحضارات الى حوار الحضارات والدعوة إلى الحق بلا صد ولا تشويه، فهذا مبدؤنا مبدأ الإسلام في احترام الأنبياء كلهم والإيمان بهم كلهم واتباعهم ونشر الامن والخير والسلام وفي وصف الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وما أرسلناك إلا رحمه للعالمين ).
ودعى فضيلته في كل من سمع بإساءه للدين وللرسول ألا ينشره ولايحّدث به إلا لذي سلطه قادر يمنع المتجاوز، ولقد ضاع شعر المشركين في هجاء سيد المرسلين مع كثرته وتغني القيان به وماتت تلك القصائد في حينها حين لم يحفل بها المسلمون ولم يتداولوها بينهم ولم يعد لأكثرها ذكر في دواوين الشعر وأخبار العرب فديننا ظاهر ونبينا صلى الله عليه وسلم مكفي ومنصور ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) ولن يلحق مقام الانبياء شيء لتطاول ملحد سفيه او كافر مخذول والله تعالى يقول (إنا كفيناك المستهزئين) بمقامات الأنبياء محفوظة وأقدارهم عزيزه مصونه وإنما المتطاول هو المسكين الخاسر ( إن شانئك هو الأبتر ) ولعل في هذا مرهم لنفوس المكلومين وترطيباً لقلوب المؤمنين الغيورين ترشيداً لغيرتهم المشكورة ونصرتهم المأجورة، مشيرا فضيلته إلى أن في حادثة هذه الأيام هاجت مشاعر طالما كانت باردة في نفوس بعض المسلمين والتفتت أنظار غير مسلمة لهذا الدين ونبيه الكريم وحركت ماءً راكداً لدى المسلمين وغيرهم ولو أحسن المسلمون استغلال الحادثة لكان بها فتح وعزّ وإن أساءوا التعامل معها صارت نكسة وتنفيراً إن الخيرية الموصوفة بها هذه الأمة خيرية مطلقة لاتتجزأ فيجب على المسلمين إظهار خيريتهم في ردود الأفعال فليس من الخيريه قتل الأبرياء وتدمير ممتلكات ولا الغوغائيه في التعاطي مع الأحداث ولو أظهر المسلمون زياده في التمسك بهدي نبيهم واقتفاء أثره ونشر سيرته والتعريف به مستفيدين من المواقع العالميه للتواصل كما فعل كثير من المسلمين لكان هذا أبلغ رد على المتطاولين ولبادر خصومهم لمنع تكرار الإساءة لما يشاهدونه من نشاط دعوي مضاد فإن هذا الرد هو الأنكى لمن أساء أما الانجرار وراء كل من يريد بهذه الامة شرا إما بإشغالها عن حالها الذي ابتليت به في هذا الزمان او استفزاز الجاليات المسلمه في بلاد الغرب الى أفعال غير مسوؤلة ليبروا بها طردهم كما تنادي بذلك الاحزاب اليمينية في تلك البلاد أو لتكون تلك الأفعال مبرراً لمنع ومحاصرة كل نشاط دعوي في بلاد الغرب بعد ما أحسوا أن الإسلام حاضر في كل زوايا بلادهم وأن المستقبل له ، إن على المسلمين أن يدركوا أنهم ليسوا في حاجة إلى حوادث جديدة ينحسر بها مد الإسلام وتضيع مكاسبه، إن على المسلمين ان يكونوا على مستوى من الوعي والنضج وألا تتكرر الأخطاء.
وأكد فضيلة الشيخ صالح آل طالب في ختام خطبته أن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم لاتعني الخروج عن سنته ولا عمل يخالف هديه، إن حادثة الاساءة يجب أن تزيد الأمة تمسكاً بدينها وحمية لنبيها وعودة لاتباع سنته في الرضى والغضب والضعف والقوه ( فاصبر ان وعد الله حق ولايستخفنك الذين لايوقنون ).
أعظم الجهاد
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين أل الشيخ المسلمين بتقوى الله عز وجل وأتباع الحق وترك الباطل , قائلا إن الحق يثبت ويستقر ويعلو والباطل يزول وينتهي مستشهدا بقول الله تعالى (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَـقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) .
وأضاف فضيلته أن من سنن الله تعالى في عباده المؤمنين أن يبتليهم كلا أو بعضا بأهل الطغيان والفجور والعلو والفساد وكل ذلك لحكمة عظيمة ينتظمها قول الله تعالى (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أمس أنه على أبناء الأمة الإسلامية أن يعلموا أنهم أصحاب رسالة خالدة وأهل عقيدة صحيحة مهما تعددت وسائل الطغيان الموجهة للمسلمين لأن عقيدتهم راسية كالجبال في وجه الطغيان والعاقبة دائما للمتقين والنصر للمسلمين مستدلا بقول الحق تبارك وتعالى ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) .
وزاد إن سنة الله تعالى عزوجل ماضية بهذا المعنى لاتتبدل ولا تتغير وإن ظن الناس أن البلية لا نهاية لها وأنه لا يلــــــــوح في الأفق المخلص منها .
وأوضح فضيلته أنه مهما اشتد العذاب بالمؤمنين في أي زمان أو في أي مكان فليعلموا وليستيقنوا أن العاقبة الحميدة في الدارين لأهل الأيمان والتقوى مهما طال الزمن أو قصر لأن عقيدة المؤمن المستقرة في قلبه مؤمنة بأنه ليس هناك إلا الملاذ الأوحد وهو الملاذ الحصين الأمين وذلك بالتوجه الصادق للمولى جل وعلا القوي المتين ولإن البشر مهما علت قوتهم وعظم ملكهم فما هم إلا نزلاء في أرض الله والله سبحانه ذو القوة النافذة يورث الأرض من يشاء من عباده .
وقال فضيلته “ إن مما أغاظ كل مسلم وغم كل مؤمن ذلكم التطاول الوقح والاستهزاء الآثم المجرم ضد خير خلق الله أجمعين نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فهو تطاول من حثالة حقيرة و لا ينبئ هذا التطاول إلا عن حقد دفين وبغض مكين ضد هذه الرسالة المجيدة الخالدة التي جاء بها هذا النبي العظيم التي أغاظت الشياطين وأعوانهم في كل زمان ومكان وأغاظت الطغاة وأذنابهم ولكنهم بإذن الله مقطوعون من كل خير مبتورون من كل نصر وعز وتمكين وسعادة وحياة طيبة .
وأضاف أن رب العزة والجلال امتن على النبي المصطفى صلى الله عيه وسلم أن رفع له الذكر المجيد في العالمين ، في الأولين وفي الآخرين فهو سيد الأنبياء والمرسلين قال تعالى ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) وأعطاه ربه جل وعلا مالم يعطي أحدا في الأولين والآخرين ، قال الله تعالى ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) , منبها إلى أن الله سبحانه وهو الخالق القادر العزيز المنتقم هو من تكفل بالدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم من كل مجرم عنيد مريد.
ولفت فضيلة الإمام الانتباه إلى أن الدفاع عن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم بحسب الوسع والطاقة ، قائلا إن ذلكم من أعظم الجهاد في سبيل الله جل وعلا .
ودعا جموع المسلمين إلى الدفاع عن مقام الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم بكل وسيلة ممكنة يترتب عليها تحقيق المصالح ودفع المفاسد والمخاطر على أن يكون ذلك الدفاع مبنياً على العلم الصحيح والطريقة السديدة لا المبني على مجرد العاطفة الجياشة فحسب مما يؤدي الى فتنة عظيمة ومفسدة أعظم .
كما حث المسلمين على مزيد من التمسك بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم و التمسك بسنته وبذل كل غالٍ ونفيس في نشر رسالته العظيمة.
الصحوة الاسلامیة أسبابها و عوامل ديمومتها
...هُوَ الَّذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنينَ * وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهمْ .... (الأنفال 62و63)
یکاد الحدیث عن الصحوة الاسلامیة یُعد من أهمِّ الحدیث في عصرنا الحاضرخاصة بين الشباب المسلم الثوري،لأنّه یتعلّق بأهم قضیة و ظاهرة تعیشها الاُمة الإسلامیة کمنعطف فی تاریخها المملوء بالحوادث ....وقد إرتأيتُ فی مجال تناولی هذه الظاهرةُ المبارکة أن أتعرض لها من الزاویتين ( أسباب الصحوة،وعوامل ديمومتها)، للترابط الموجود بین هذين الزاویتين ، و تأکیداً للنتائج العملیة التی یجب أن ننتهی الیها من خلال البحث.
الزاویة الاُولی :أسباب الصحوة الاسلامیة
لیس من الصعب علی من ینطلق فی تفکیرديني وموضوعی أن یکتشف أسباب هذه الصحوة الإسلامیة وهذا التحول العظیم فی حیاة الأمة، فالإنسان البصیر بالأمور التي تجري حوله لا یشک فی کون هذه الظاهرة المبارکة لطفاً إلهیا محضا،شمل هذه الأمة بعد فترة، و أهلّها لأن تطرح نفسها فی الساحة العالمیة،و تمکِّن إسلامها من قیادة العالم من جدید، قال تعالی : ... هُوَ الَّذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنينَ * وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَميعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ
ومن أهمِّ العناصر التی أهّلت الأمة ليشملها هذا اللطف الإلهی ، هو العودة إلی الإسلام الأصيل والتوکل علی الله القدير والذي جاء وحصل من خلال العمل الدؤوب للعلماء و المفکرین والفئة القليلة من المؤمنين الذین احسوا بداء هذه الأمة، و أخذوا یخططون لها سبل العلاج فانصبَّ عملهم علی الدعوة إلی الإلتزام بالدين الحنيف وأحکامه النيرة لکي یستعید الإسلام دوره فی النفوس و العقول، و حینئذ فهو یتکفّل بدفعها نحو سبل السعادة، بما یحمل الإسلام من طاقات ،و إبداع ،یفجّر الفطرة الإلهية فيهم،و یستخرج مکنوناتها الذاتية، فتثورالاُمة ضد الظلم والطغيان .
وکانت صرخات الإصلاح ونداءات العودة إلی الإسلام الحقيقي الأصيل من قبل علماء الإسلام ومفکريهم تدوِّي في سماء عالم الإسلام منذ سنين من قِبَل أمثالِ الأسد آبادي الأفغانی، و محمدعبده، و حسن البنا، و المودودی، وابن بادیس، والإبراهیمی، و السيد محمد باقرالصدر، والاُستاذ الشهيد مطهری وعلی رأس کل هؤلاء الإمام الخمینی (رحمهم الله جميعاً ) .
ولا شک أنَّ کلُ هؤلاء لعلماء و المفکرین والقادة وحرکاتهم الإسلامية قد أدَّت دورها اللازم فی تحقیق الصحوة الإسلامية ، وذلک بنشر الوعی، و الحماس الثوری بین أبناء الأمة، ولکن قد اختلف تأثیر هذه الحرکات علی هذه المنطقة أو تلک، کما اختلف مستوی الوعی و الحماس لدی هذه الحرکة عن تلک، إلاّ انّها جمیعاً قد دفعت الناس خاصة الشباب المسلم نحو تطبیق الإسلام، ولکن الأمرالذي اتفق عليه من قِبَل أصحاب الفکروالقلم والخبراء فی الحرکات الإسلامیة المعاصرة أنَّ نجاح الثورة الإسلامیة المبارکة، بقیادة الإمام الخمینی ، والتی هزّت العالم الإسلامی من أقصاه الی أقصاه، کان لها الأثر الکبير والدورالأکبر و الأمثل فی تحقق الصحوة، و تنامیها، و انتشارها وهی من أهم الدوافع لعملیة الصحوة الاسلامیة فی المنطقة فعلی الرغم من أنَّ هذا العامل هونفسه معلول للصحوة المبارکة إلاّ أنَّه بعد ذلک اصبح هوبدوره یشکّل أکبر العوامل لتوسعة الصحوة و نموِّها فی کل العالم الاسلامی.
دور الإمام الخميني وثورته في الصحوة الإسلامية
قد امتازت حرکة الإمام الخميني الإصلاحية بإطارها الواسع علی سائر الحرکات والثورات فشملت العالم الإسلامي بأجمعه حيث کان الإمام ، من بداية حياته السياسية یعتقد بوجوب القيام ضد جميع حکَّام الطغات الظلمة وبضرورة إصلاح أوضاع جميع المسلمين واهتمَّ بقضايا الاُمة الإسلامية ،خاصة قضية فلسطين والقدس، وقد بدأ ثورته من إيران وشعبه حيث کانت الظروف مهيئة له فيها وشعبها مطيعاً له وباذلاً مهجته لأهدافه ، فقام الإمام بثورة إسلامية أطاحت بأکبرنظام ديکتاتوري عميل للغرب في إيران ومن أهمِّ جنوده في المنطقة .
ولکن وبعد إنتصار الثورة لم يقف الإمام إلی هذا الحد بل صرَّح من البداية بضرورة تصدير الثورة إلی العالم ،خاصة العالم الإسلامي وکان يقصد من ذلک تصدير فکر الثورة وثقافتها ونموذجها وأهدافها لأجل خلاص الأمة الإسلامية من الجور والفساد والطغيان ، ولم يکن يقصد الصورة التي کان يروِّجها الإعلام الغربي أی: تصدير الثورة بالقوة والسِّلاح أو الإنقلابات العسکرية وما إلی ذلک .
وکان الامام الخمینی هو المثل الأعلی لوحدة المسلمین حيث دعی إلی الحج الإبراهیمی، وتحرير القدس ، واستخدم موسم الحج و قضیة فلسطین والقدس رمزاً لهذه الوحدة فصرَّح بضرورة البراءة من المشرکين في موسم الحج وأعلن یوم الجمعة الآخر من شهر رمضان يوم القدس العالمی لأجل تحريرها من الصهاينة ، ومجموع ما قام به الإمام من کلمات ومواقف قبل الثورة وبعدها ساعد علی إنتشار الصحوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.
و کيف لا يکون کذلک وقد استطاعت الثورة الإسلامیة أن تهزم کل الأسالیب القومیة، والوطنیة الضیقة، والشیوعیة الملحدة، واللیبرالیة غیر الملتزمة، و انتهجت سیاسة اقتصادیة مستقلة، قائمة علی أساس الإکتفاء الذاتی،فاستطاعت أن تقف علی قدمیها، رغم کل أنماط الحصار و الظروف القاسیة، التی فرضها الإستکبار العالمي وعملاؤه ، فأصبحت الثورة نموذجاً ونهجاً للمسلمين بل لکل من أراد أن يقاوم الظلم والإستبداد والإستکبارالمتمثل بأمريکا. وقد کتب الشهيد الدکتور الشقاقی فی کتابه "الإمام الخمینی، الحل الجدید للعالم الإسلامی" إنَّ نهج الثورة الایرانیة یستحق الاتباع من أجل مواصلة النضال» .
وکل هذه المعطیات من الثورة و غیرها دفعت الصحوة الإسلامية نحو الأمام،و فتحت آفاق الأمل نحو الغد الإسلامی الأمثل للاُمة الإسلامية.
الزاویة الثانية:عوامل ديمومة الصحوة الإسلامیة
لاشک إنّ الصحوة الإسلامية في عصرنا هذا هي من أعظم النعم علینا، فینبغی أن نشکر اللّه تعالی علیها،و شکرهذه النعمة أن نعمل علی تعمیمها و تعمیقها و دیمومتها فی حیاتنا اليومية ثقافياً واجتماعياً وسياسياً. ویجب أن لا تغیب عن بالنا حقیقة مهمة، وهی:إنَّ الإیمان قد یحصل فی لحظة بسب من الأسباب ، و لکن الأمر الصعب هو الإستقامة علی الإيمان،و العمل بمقتضیاته،و الصمود بوجه المشاکل و العقبات الداخلیة و الخارجیة... و ربَّما کانت هذه الصعوبة هی السرُ الکامن فی قول رسول الله (ص):«شیبتنی سورة هود»،و ذلک لمکان آیة الإستقامة فیها التي تأمرالنبي(ص) ومن معه بالإستقامة الإيمان والعمل الصالح بقوله تعالی: فاستقم کما أمرت و من تاب معک... (هود:112)
فبالنسبة إلی ربيع الصحوة الإسلامي ألأمر المهم، هو المحافظة علی الصحوة، و نتائج ثوراتها ،والإهتمام بإستمرارها بعد أن تهدأ الأوضاع ، ولايحصل ذلک إلا بالإنتباه إلی عدَّة اُمورمن قبل الثوار وخاصة قادتهم ومن أهمّ تلک الأمور، أمرين:الأمرالأول: ضرورة إستمرارالتمسک بالإسلام المحمدي الأصيل . والأمر الثاني: الحذر من إحتواء الصحوة ثمَّ التحريف، وسنوضح هذين الأمرين بإختصار:
الأمر الأول: ضرورة إستمرارالتمسک بالإسلام المحمدي الأصيل
کما ذکرنا إنَّ من أهمِّ أسباب هذه الصحوة الاسلامیة وهذا التحول العظیم فی حیاة هذه الأمة هو اللطف الإلهی الذي جاءها بسبب التوکل علی الله والتمسک بالإسلام الأصيل وإنَّ علینا أن نطمئن دائماً إلی أنَّ هذا العامل أيضاً هو سرُّ بقاء الصحوة وإستمرارها ، و لنعلم أنَّ العقبات التي أوجدوها الأعداء أمر طبیعی فی مسیرة الصحوة ، بل هی مصدر قوة إذا وعینا کیف نتلافاها، أمّا الألم ، فهو أمر نشترک فیه مع العدو: «...إن تکونوا تألمون فإنّهم یألمون کما تألمون و ترجون من اللّه ما لایرجون...» (النساء:104) فنحن نتفوق علی العدو بالأمل والرجاء العظیم باللّه تعالی بما سيثيبنا علی هذا الجهاد المقدس، وهو أعظم دافع للنصر. فالتوکِّل علی الله والتمسک بالإسلام الأصيل في إستمرارنهضة الشعوب هومن أهمِّ عوامل بقائها وديمومتها وحيويتها وأصالتها .
ولمَّا نتحدَّث عن ضرورة تمسک أصحاب الصحوة بالإسلام، نقصد بذلک الإسلام الأصيل الذي من خصائصه أنَّه لا يميل إلی الغرب ولا إلی الشرق بل هو مستقل في نظامه السياسي والثقافي والإجتماعي والإقتصادي ويرفض الهيمنة والإستکبار العالمي وهذا هو الإسلام الذي دعی إليه الإمام الخميني قبل الثورة وبعدها وعبَّر عنه بالإسلام المحمدي الأصيل ، ورفض الإسلام الإلتقاطي الذي يروّجه الغرب والذي عبَّر عنه الإمام وخليفته الإمام الخامنئي بالإسلام البريطاني أو الأمريکي الذي يؤيد الحکَّام العملاء و الدول المناصرة للغرب ، و يحفظ علی مصالحهم اللاشرعية .
لقد بيّن الإمام الخميني أنّ شعار لا شرقية ولا غربية هو الإطار الأصيل الذي يمكن الاستناد إليه، في بقاء الثورة الإسلامية و في هذا الصدد ممَّا قاله : إنَّ ديمومة وبقاء الجمهورية الإسلامية في إيران مرهون بتمسكها بسياسة لا شرقية ولا غربية، وإنّ أيّ تراجع عن هذه السياسة يعتبر خيانة بحق الإسلام والمسلمين،... . وقال أيضاً: يجب أن لا يتصوّر البعض بأن هذا الشعار مرحلي، بل هو سياسة إستراتيجية لشعبنا وجمهوريتنا الإسلامية ولجميع مسلمي العالم.... ] 1[.
الأمر الثاني: الحذر من إحتواء الصحوة ثمَّ التحريف
إنَّ عملیة إحتواء صحوة المسلمين ثمَّ تحریفها هی من أخطر العملیات التی واجهها الإسلام خلال تاریخه الطویل، و هی- نفسها- أخطر ما تواجهه الصحوة الإسلامیة الیوم...لقد تمثلت الصحوة فی عطش جماهیری حاد لتطبیق الإسلام علی کل شؤون حیاتها، و ما ان أحسّ الإستکبار بأنّه لا یستطیع أن یواجه هذا السیل،حتی خطط لاحتوائه، من خلال شعارات برّاقة تجذب الأنظار، دون أن تحمل مضمونا معینا، وأخذ يُروّج الإسلام الذي يحفظ مصالحه ومصالح عملاءه ، وقد شهدنا علی الساحة الإسلامیة: اتجاه الکثیر من الأنظمة لطرح الإسلام الأمريکي والبريطاني، والذي من خصوصياته إعلان الکثیر من الحکّام التدیّن المصطنع،و عقد الکثیر من المؤتمرات الضخمة المترفة باسم الإسلام، بحیث یبهر المرء المسلم عندما یواجه هذا العمل الإسلامی الضخم، وراحت القرارات تصدر الواحد تلو الآخر، لتعبر عن الطموح الموحد، بل و اُنشئت عدة تنظیمات و جمیعات کبری،باسم العمل علی حمل همِّ الإسلام إلی العالم.
إنّ المستعمرین أشاعوا فکرة الفصل بین الدین و السیاسة فی المجامع الدینیة و الشعبیة المسلمة، وبتعمیم هذه الفکرة بواسطة الحکّام العملاء و الخونة و وعّاظ السلاطین تمکّنوا من إغفال طبقة عظیمة من المسلمین البسطاء غیر الواعین عن الحقائق الدینیة و الأهداف الإجتماعیة و السیاسیة للشعائر الإسلامیة الکبیرة مثل؛الحج و صلاة الجمعة و صلاة العیدین.
وقد رأینا أن رؤوس الکفر علی مرّ العصور، وقفوا أمام الصحوة الإسلامیة، بل حاربوها بشتَّی الوسائل. و من الأساليب التي استخدموها في هذا المجال هي بثُّ التهم ، فقد بدأت التهم الإستکباریة تنهل، و تتشکل بأشکال مختلفة و بألفاظ من قبیل: الفئة التقلیدیة،الفئة الرجعیة،الفئة التی تخرق الأعراف الإجتماعیة،الفرق الإنتحاریة،الإرهاب الإسلامی،و ما إلی ذلک، وإذا کانت التهم قد استطاعت أن توقف مسیرة الإسلام العظیم الهادرة فی الصدر الأول، فانّها تستطیع أن تؤثر أثرها الیوم، أمَّا في الوقت الذي ینتشر الوعی الثوری الأصیل ، ونری تواجد الجماهیر فی الساحة الإسلامیة العامة و نری أنَّ المفکرين الوعين یسعون لنشر الحقیقة، فإنّ کید الشیطان یرد الی نحورهم بلاریب، بفضل اللّه تعالی.
ومن أخطارالتي يمکن أن تتعرض لها الصحوة علی الصعید الإجتهادی أن یفرط المرء فی التجدید،حتی لینبُذ الاُسس القویمة التی أسسها القُدماء من المفکرین المسلمین، و حتّی لیتصور الإنسان أنَّه ینبغی أن ینفصل عن کل تراثه، بحجة الصحوة الجدیدة. و قد ابتلینا نحن فی إیران باُناس جهلة، و انحرفوا عن طريق الصواب ومسيرالجهاد والإصلاح الحقيقي، وانخرطوا فی المَسلک الیساری الإلحادی، أواليميني المتطرف والمنحازإلی الغرب.
ومن أعراض هذه الصحوة والأخطارالمحدقة بها ما قد یبدو من تطرف فی تقویم الجهاد وکيفية إستمراره، حتی أنَّه یرفض البعض الدخول فی أیّ حوار بنّاء،أو التسليم لسلوک خاص خلال مسيرة النضال، بحجة الإنشغال فی عملیة الجهاد،أوغيرها من الأمورالتي غالباً تشغل الثوار. إلاّ أنّ الصحوة إذا امتلکت قیادتها الواعیة، و أحسّت فی شتی مجالاتها بالشمول الإسلامی و التفاعل الإنسانی،کهدف إسلامی،لم تنحرف إلی مجالات التطرف،أوغيرها من الإنحرافات کما فعلت القيادة الحکيمة في إيران طوال مسيرة الثورة الإسلامية المبارکة وعلی رأس تلک القيادة الواعية المجاهد الکبير المرحوم الإمام الخميني ومن بعده خليفته بالحق الإمام الخامنئي والذي له إطَّلاع وسيع بما يجري في العالم العربي والإسلامي وله إلمام شامل بقضايا الصحوة الإسلامية المعاصرة وما يحدق بها من أخطار علی الصعيد داخل تلک البلاد وخارجها ولذا کان دائماً يحذِّر المسلمين وقادة الصحوة ومفکريها من الوقوع في فخِّ الذي نصب لهم الغرب ليبدّل ثوراتهم إلى ثوراتٍ مضادّة،وليحتويها ويُصادرها ،وکان من أهمِّ خطابه وأجمعه ما جاء في خطبته يوم الجمعة بتاريخ العاشرمن شهرربيع الأول عام 1433هـ ،ذکری اقتراب المولد النبوي الشريف، وإسبوع الوحدة الإسلامية ،والتي تصادف شهرفبراير عام 2012م ، الذكرى الأولى لربيع الصحوة الإسلامية، ونهضة بعض الشعوب العربية في العالم الإسلامي ، حيث بدء سماحته بذکر حقيقة هذه الصحوة وأسبابها وعوامل ديمومتها ومايحدق بها من مخاطر ثمَّ ذکر خصائص الأنظمة العربية وطبيعة نهضة شعوبها ، واستمر يحذر المسلمين من دور الغرب في إنحراف ثورات الشعوب وها نحن نذکر مقتطفات من تلک الخطبة القيمة :
الصحوة الإسلامية في کلام الإمام الخامنئي[2].
يقول سماحة القائد :«.....لقد عمّت نهضة العودة إلى الإسلام واستعادة العزّة والهويّة والانعتاق أكثر مناطق العالم الإسلامي حساسيّة، وفي كل مكان يرتفع شعار «الله أكبر». الشعوب العربية لم تعد تتحمل الحاكم الدكتاتور وسيطرة العملاء والطواغيت، لقد ضاقت ذرعاً بما تعانيه من فقر وتخلّف وتحقير وعمالة. وجرّبت العلمانية في ظل الاشتراكية والليبرالية والقومية، ورأت أنها جميعاً وصلت إلى طريق مسدود. الشعوب العربية طبعاً ترفض أيضاً التطرف والعنف الطائفي والعودة إلى الوراء، والنعرات المذهبية والسطحية الساذجة المغلَّفة بالإسلام.
انتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب، وبشعار «الله أكبر» يريدون ضمن مشروع إسلامي وبالتأليف بين المعنوية والعدالة والتعقّل وبأسلوب السيادة الشعبية الدينية، أن يتحرّروا من قرن من التحقير والاستبداد والتخلّف والاستعمار والفساد والفقر والتمييز، وهذا هو الطريق الصحيح.
خصائص الأنظمة العربية وطبيعة نهضة شعوبها
ما هي خصائص الأنظمة العربية التي تعرضت لغضب شعوبها؟
إنَّ معارضة التوجه الديني، والخضوع، والاستسلام والعمالة للغرب.. أي أمريكا وبريطانيا ونظائرهما، والتعاون مع الصهاينة وخيانة القضية الفلسطينية، والتسلط الدكتاتوري الأسَري والوراثي، وفقر العباد وتخلّف البلاد، إلى جانب الثروات الطائلة للعوائل الحاكمة، والتمييز وانعدام العدالة، وفقدان الحرية القانونية والمسائلة القانونية، كل هذه من الخصائص المشتركة لتلك الأنظمة.
حتى التظاهر بالإسلام أو الجمهورية في بعض المواضع لم يستطع أن يخدع الجماهير. هذه أوضح العلامات لمعرفة طبيعة نهضة الشعوب العربية، سواء تلك التي حققت انتصارات كبيرة، أو التي ستحقق ذلك بإذن الله تعالى.
كل ادعاء آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله اكبر» إنما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الانحراف.
هذه الأصول ستكون معياراً لمستقبل هذه الثورات وميزانًا لمدى أصالتها أو انحرافها، فإن الأشياء تُعرف بأضدادها، وتعرف الثورات بضدّيتها للأنظمة التي تزلزلت بفعلها. الثوريون يجب أن يواصلوا حذرهم من افتعال الأهداف الموهومة ومن محاولات تغيير الشعارات.
دور الغرب في إنحراف ثورات الشعوب
إنّ الغرب يسعى دون شك إلى أن يبدّل الثورات إلى ثورات مضادّة، ويحاول في النهاية أن يرمّم النظم القديمة بأسلوب جديد، ليبُقي سيطرته على العالم العربي لعشرات أخرى من السنين، وذلك بتفريغ مشاعر الجماهير وبالتقديم والتأخير بين الأصول والفروع، وتغيير صنائعه وإجراء إصلاحات شكلية متصنّعة، والتظاهر بالديمقراطية.
إنّ الغرب خلال عقود اليقظة الإسلامية وخاصة في السنوات الأخيرة بعد أن مُني بهزائم متلاحقة من إيران وأفغانستان حتى العراق ولبنان وفلسطين والآن من مصر وتونس وغيرها، سعى بعد فشله في نهج محاربة الإسلام واللجوء إلى العنف العلني، إلى نهج آخر وهو اصطناع البديل الكاذب والنموذج المزيّف، كي يجعل الإرهاب المعادي للإنسانية بدل العمليات الاستشهادية، و يجعل التعصب والتحجّر والعنف بدل التوجه الإسلامي والجهاد، والتعصب القومي والقبلي بدل الشعور بالانتماء الإسلامي والانتماء إلى الأمة الإسلامية، و يجعل التغرّب والتبعية الاقتصادية والثقافية بدل التطور القائم على أساس الاستقلال، والعَلمانية بدل العِلميّة، والمداهنة بدل العقلانية، والفساد والفوضى بدل الحرية، والدكتاتورية باسم حفظ الأمن والنظام، والروح الاستهلاكية والالتصاق بالأهداف الدنيوية التافهة والبذخ باسم التنمية والرقي، والفقر والتخلف باسم الزهد والمعنوية.
.............إنّ هدفهم الأكبر اليوم بعد عجزهم عن قمع الشعوب والسيطرة عليها هو السعي للسيطرة على غرفة قيادة الثورات واختراق الأحزاب الفاعلة، وحفظ ما أمكن من هيكل الأنظمة الفاسدة الساقطة والاكتفاء بالإصلاحات السطحية والمسرحية، وإعادة بناء عملائهم في داخل البلدان الثائرة، ثم اللجوء إلى عمليات تطميع وتهديد. وقد يلجأون في المستقبل إلى الاغتيالات أو شراء ذمم بعض الأفراد والجماعات من أجل وقف عجلة الثورات أو دفعها إلى الخلف، وبثّ اليأس في قلوب الجماهير أو إشغالها بصراعات داخلية بإثارة مسائل فرعية، وإضرام نيران العصبيات القومية والقبلية أو الدينية أو الحزبية واختلاق الشعارات المنحرفة لتغيير الثورات، والتأثير المباشر أو غير المباشر على أذهان الثوريين وألسنتهم، ودفعهم إلى ألاعيب سياسية أو إثارة الفُرقة بينهم ثم توسيع نطاق هذه التفرقة لتشمل فئات الناس، والسعي للمساومة خلف الكواليس مع بعض الخواص بالوعود الكاذبة كالمساعدات المالية وغيرها وغيرها من عشرات الحيل الأخرى ....
إنّ بعض الأنظمة التابعة والمحافظة العربية أيضاً تقف إلى جانب أمريكا والناتو، ولو من أجل حفظ كراسيها، وتسعى بكل قواها لإيقاف عجلة الزمن ودفع ثورات المنطقة إلى الوراء أو سوقها نحو طريق مجهول، ورأسمالهم الوحيد في هذه المساعي دولارات النفط، وهدفهم الأساس هزيمة الشعوب في مصر وتونس واليمن والبحرين.. وحفظ ثبات الكيان الصهيوني وضمان بقائه وإنزال الضربة بجبهة المقاومة في المنطقة.........
الخصائص الأصلية للشعوب الإسلامية
النفرة من الصهيونية، والاهتمامُ بالقضية الفلسطينية والتمسكُ بالعزّة الإسلامية من الخصائص الأصلية للشعوب. خمسٌ وسبعونَ بالمائة من الشعب المصري أدلى بصوته لصالح الشعارات الإسلامية. وفي تونس أيضاً رفعت الأكثرية هذا اللواء، وفي ليبيا فإن النسبة إن لم تكن أكثر فليست بأقل. والشعوبُ تطلب من مندوبيها ومن الحكومات الجديدة تحقيقَ هذه الأهداف نفسِها أيضاً في المستقبل. الشعب يريد مصرَ عزيزةً كريمة ومحترمة وحرّة، لا يريد مصر كمب ديفيد. لا يريد مصرَ الفقيرةَ والتابعة، لا يريد مصرَ الخاضعةَ لأوامر أمريكا والحليفة لإسرائيل، لا يريد مصرَ متحجرةً ومتطرفةً ولا مصر متغرّبةً وعلمانيةً وتابعة. مصرُ الحرةُ العزيزة والإسلامية والمتطورةُ هي المطلبُ الأساس للشعب والشباب ولا يبغون اصطداماً. جيشُ مصر مع الشعب، وهناك في داخل مصر وخارجها من يريد الوقيعةَ بين الجيش والشعب في المستقبل، على الجميع أن يكونوا على حذر شديد. الجيش المصري سوف لا يتحمّل نفوذ أمريكا وحلفاء إسرائيل.
كذلك فإن الحديث حين يدور حول التوجه الإسلامي في مصر أو تونس أو ليبيا فإنه إسلام رسول الله (صلى الله عليه وآل وسلم) هذا الإسلام الذي شمل في المدينة أهلَ الذمة من المسيحيين واليهود بالرحمة والأمن، وليس الإسلام بمعنى إثارة الحروب الدينية بين عباد الله، ولا بمعنى الحرب المذهبية والطائفية بين المسلمين. مصر هي مصر دار التقريب بين المذاهب الإسلامية والشيخ شلتوت.
على أهلنا في مصر وتونس وليبيا أن يعلموا أن ما حققوه هو ثورة لم تكتمل، فهم وإن قطعوا خطوات رحبة، فإنهم في بداية طريق ذات الشوكة. العقبات التي أوجدوها أمامنا بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولا تزال مستمرة، وقد فشلت بفضل الله ورحمته الواحدة تلو الأخرى، هذه العقبات فاقت مئات المرات ما كان أمامنا قبل سقوط نظام الشاه. لابدّ من التحلّي باليقظة وبدفع عجلة الثورة خطوة فخطوة حتى آخر المراحل ضمن برنامجٍ متوسطِ الأمد وطويلِ الأمد.
.....إن مصر اليوم يجب أن تستعيد دورها في الخط المقدم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة كمب ديفيد الخيانية وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تدفق بالطاقة والغاز على الكيان المتدهور الإسرائيلي على حساب قوت الشعب المصري ومعاناته.
الأحزاب والنُخب السياسية في مصر وسائر البلدان الناهضة
...إن المفكرين والمناضلين الإسلاميين في شمال أفريقيا من مصر وتونس وحتى الجزائر والمغرب، وخاصة مصر،كانوا يحتلون مكانة الأبوّة الفكرية للصحوة الإسلامية، ولدعاة وحدة الأمة وعزّتها، ثم لتحرير القدس. أنتم اليوم ترثون دماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف ممن عانوا زنزانات السجون والنفي والتعذيب، وما بذله المجاهدون والمناضلون ممن قدموا التضحيات خلال عقود متوالية في انتظار بزوغ فجر مثل هذه الأيام وهذه الانتصارات.
أيها الإخوة والاخوات. حافظوا على هذه الأمانة الكبرى. الغرور والسذاجة آفتان كبيرتان لمرحلة ما بعد الانتصار الأول. أنتم تتحملون المسؤولية الأكبر في ساحة إقامة النظام وصيانة مكتسبات الشعب وحلّ مشاكل النهضة. القوى العالمية والإقليمية التي نزلت بها الضربة تخامر ذهنَها دون شك أفكار شيطانية من التفكير بالحذف والانتقام إلى مشروع ممارسة المكر والتزلزل والإخافة والتطميع بحقكم، وبالنهاية تفكر في الإطاحة بالثورات وخلق أوضاع أسوأ مما كانت عليه و العياذ بالله.
إنَّ قراراتكم ومواقفكم وإقداماتكم ستكون لها أبعاد تاريخية، وهذه المرحلة هي «ليلة القدر» في تاريخ بلدانكم.
لا تثقوا بأمريكا والناتو. هؤلاء لا يفكرون بمصالحكم ومصالح شعبكم. وكذلك لا ترهبوهم. فهؤلاء واهون ويزدادون ضعفًا بسرعة. حاكميتهم على العالم الإسلامي كانت فقط نتيجة خوفنا وجهلنا خلال مائة وخمسين عامًا. فلا تعقدوا عليهم الآمال، ولا تخافوهم . اعتمدوا فقط على الله سبحانه و ثقوا فقط بشعبكم . هؤلاء انهزموا في العراق وخرجوا بخفّي حنين. وفي أفغانستان لم يكسبوا شيئًا، وفي لبنان انهزموا أمام حزب الله، وفي غزّة أمام حماس. وها هم الآن ينزلون من صياصيهم في مصر وتونس بيد الشعب. لم يتحقق أي تقدم في برنامجهم. الصنم الغربي قد انهزم مثل الصنم الشيوعي وانهار جدار خوف الشعوب، فاحذروا أن يعيدوا إليكم الشعور بالخوف في المستقبل.
إحذروا ألاعيبهم، وكذلك احذروا ألاعيب الدولارات النفطية لعملاء الغرب وحلفائه من العرب، إذ سوف لا تخرجون بسلام في المستقبل من هذه الألاعيب. إسرائيل زائلة لا محالة ولا ينبغي أن تبقى وسوف لا تبقى بإذن الله تعالى. بدء الانحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الاستسلام التي وضعت أساسها الأنظمة الساقطة.
المطلب الأساس لشعوبكم العودة إلى الإسلام، وهو لا يعني طبعاً العودة إلى الماضي. لو أنَّ الثورات حافظت بإذن الله على طابعها الحقيقي واستمرت ولم تتعرض للتآمر أو الاستحالة، فإنَّ المسألة الأساس لكم هي كيفية إقامة النظام وتدوين الدستور وإدارة شؤون البلاد والثورات. وهذه هي نفسها مسألة إعادة بناء الحضارة الإسلامية في العصر الحديث.
في هذا الجهاد الكبير، مهمتكم الأصلية ستكون جبران ما عاناه بلدكم في حقب التخلف، والاستبداد، والابتعاد عن الدين، والفقر، والتبعية، في أقصر مدّة بإذن الله، وستكون كيفية بناء مجتمعكم بتوجّه إسلامي وبأسلوب حاكمية الشعب مع مراعاة العقلانية والعلم، وتتجاوزوا التهديدات الخارجية واحدة بعد أخرى، وكيف تؤسسون «الحرية والحقوق الاجتماعية» بدون الليبرالية، و«المساواة» بدون «الماركسية»، و«النَّظم والانضباط» بدون «الفاشية الغربية». حافظوا على التزامكم بالشريعة الإسلامية التقدمية دون أن تقعوا في جمود وتحجّر، واعرفوا كيف تكونون مستقلين دون أن تنزووا، وكيف تتطورون دون أن تكونوا تابعين، وكيف تمارسون الإدارة العلمية دون أن تكونوا علمانيين ومحافظين.
الإسلام الأمريكي والبريطاني
تجب إعادة قراءة التعاريف وإصلاحها. الغرب يقترح عليكم نموذجين: «الإسلام التكفيري» و«الإسلام العلماني»، وسوف يواصل التلويح بذلك كي لا يستقوي الإسلام الأصولي المعتدل والعقلاني بين ثورات المنطقة. استعيدوا تعريف الكلمات مرة أخرى وبدقّة.
إذا كانت «الديمقراطية» بمعنى الشعبية والانتخابات الحرة في إطار أصول الثورات فلتكونوا جميعاً ديمقراطيين. وإذا كانت بمعنى السقوط في شراك الليبرالية الديمقراطية التقليدية ومن الدرجة الثانية فلا يكن أحد ديمقراطياً.
و«السلفية» إذا كانت تعني العودة إلى أصول القرآن والسنة والتمسك بالقيم الأصيلة ومكافحة الخرافات والانحرافات وإحياء الشريعة ورفض التغرّب فلتكونوا جميعًا سلفيين، وإذا كانت بمعنى التعصّب والتحجّر والعنف في العلاقة بين الأديان أو المذاهب الإسلامية فإنها لا تنسجم مع روح التجديد والسماحة والعقلانية التي هي من أركان الفكر والحضارة الإسلامية، بل ستكون داعية لرواج العلمانية والتخلّي عن الدين.
كونوا متشائمين من الإسلام الذي تطلبه واشنطن ولندن وباريس، سواء من النوع العَلماني المتغرّب، أو من نوعه المتحجّر والعنيف. لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنه يواجه المذاهب الإسلامية الأخرى دونما رحمة، ويمدّ يد الصلح تجاه أمريكا والناتو لكنه يعمد في الداخل إلى إشعال الحروب القبلية والمذهبية. وراء هذا الإسلام من هم أشداء على المؤمنين رحماء بالكافرين.
كونوا متشائمين من الإسلام الأمريكي والبريطاني إذ إنه يدفعكم إلى شَرَك الرأسمالية الغربية والروح الاستهلاكية والانحطاط الأخلاقي.
في العقود الماضية كانت النخب وكذلك الحكام يفخرون بمقدار قوة تبعيتهم لفرنسا وبريطانيا وامريكا أو الاتحاد السوفيتي السابق، وكانوا يفرون من النموذج الإسلامي، والأمر اليوم على عكس ذلك.
اعلموا أن الغرب سيكون في صدد الانتقام.. الانتقام الاقتصادي والعسكري والسياسي والإعلامي. ولو أنَّ شعوب مصر وتونس وليبيا وغيرها من الشعوب واصلت طريقها نحو الله بإذن الله فمن الممكن أن تتعرض لهذه التهديدات.
الجمهورية الإسلامية في خدمة المسلمين
إنَّ الثورة الإسلامية الإيرانية هي التجربة الإسلامية الأكثر نجاحًا في العصر الحديث على صعيد إعادة الثقة بالنفس إلى الجماهير، وإعادة الثقة إلى النخب بالجماهير، وعلى صعيد رفض أسطورة القوة التي لا تقهر للأنظمة الطاغوتية وأربابها، وفي ساحة كسر غرور الشيوعية والرأسمالية، وتقديم نماذج فاعلة للتطورات الكبرى في البلاد، مع حفظ سيادة الشعب والدفاع عن القيم الأساسية.
أيها الإخوة و الأخوات، لسنوات يوجهون إليكم أكاذيب بشأن إخوتکم الإيرانيين، والحقيقة بشأن إيران الإسلام هي هذه التي أبينها لكم:..... في الإعلام الرأسمالي وأبواق الصهيونية العالمية «إيران» متهمة بالإرهاب ،وما ذلك إلا لأنها رفضت أن تترك الإخوة العرب في فلسطين ولبنان والعراق لوحدهم وأن تعترف بالمحتلين، والحال أننا أكبر ضحية للإرهاب في العالم، وهذا الإرهاب لا يزال مستمرًا بحقنا.
لو أنَّ الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية قد تركت الإخوة المظلومين في أفغانستان والبوسنة ولبنان والعراق وفلسطين لشأنهم كما فعلت سائر الحكومات المتظاهرة بالإسلام، ولو كنا مثل أكثر الأنظمة العربية التي خانت القضية الفلسطينية، قد آثرنا السكوت وطعنّا من الخلف، لما وصمونا بمساندة الإرهاب والتدخل. نحن نفكر بتحرير القدس الشريف وكل الأرض الفلسطينية،هذه هي الجريمة الكبرى التي يرتكبها الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية!!
إنَّهم يتحدثون عن التمدد الإيراني والشيعي، بينما لم نعتبر الثورة الإسلامية إطلاقًا شيعية صرفة أو قومية وإيرانية، ولن نعتبرها كذلك أبداً. خلال العقود الثلاثة ما دفعنا ثمنه وتعرضنا من أجله للتهديد إنَّما هو توجهنا الإسلامي وانتماؤنا إلى الأمة الإسلامية وشعار الوحدة والتقريب المذهبي والحرية والعزّة للمسلمين جميعاَ من شرق آسيا حتَّى عمق أفريقيا وأوربا.
إيران الإسلام قطعت خطوات رحبة فريدة في ساحة العلم والتقانة والحقوق الاجتماعية والعدالة الاجتماعية والتنمية والصحة وتأمين كرامة المرأة وحقوق الأقليات الدينية وغيرها من الساحات. ونحن نعرف أيضاً مواضع ضعفنا وبعون الله وقوته نعمل على علاجها إن شاء الله.
معادلة المقاومة في المنطقة قد تغيرت بمساعدة الجمهورية الإسلامية، وارتقاء الحجر في يد الفلسطينيين إلى «صاروخ في جواب الصاروخ» في غزة وسائر فصائل المقاومة الإسلامية أمام المحتلين.
إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدفاع عن القرآن والسنة وإحياء الأمة الإسلامية. الثورة الإسلامية تعتقد أنَّ مساعدة المجاهدين من أهل السنّة في منظمات حماس والجهاد، والمجاهدين الشيعة في حزب الله و أمل واجباً شرعياً وتكليفاً إلهياً دونما تمييز بين هذا وذاك. وحكومة إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالإرهاب)، وبوحدة المسلمين (لا بالغلبة والتناحر المذهبي)، وبالأخوة الإسلامية (لا بالتعالي القومي والعنصري)، وبالجهاد الإسلامي (لا بالعنف تجاه الآخر)، وهي ملتزمة بذلك إن شاء الله.....
مسک الختام
وفي مسک الختام نسأل الله تعالى علوِّ الدَّرجات لإمامنا الراحل ، کما نسأله أن يحفظ خليفته بالحق ، الإمام الخامنئي، رجل الجهاد والاجتهاد، لكي يشهد العالم في عهد زعامته حاكمية الإسلام ويستأنف دورة جديدة من الحضارة والرقي على نهج المعصومين من أئمة أهل البيت إنَّه علی کلِّ شئ قدير.
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ،وصحبه الأخيار المنتجبين.
قم المقدَّسة- أيوب الحائري
* * *
[1]- صحيفة الإمام.
[2] مقتطفات من خطبة الإمام الخامنئي التي القاها يوم الجمعة في العاشرمن شهرربيع الأول عام 1433هـ ،ذکری اقتراب المولد النبوي، وإسبوع الوحدة الإسلامية ،والتي تصادف شهرفبراير عام 2012م ، الذكرى الأولى لربيع الصحوة الإسلامية، ونهضة بعض الشعوب العربية في العالم الإسلامي .
متظاهرون بطهران یطالبون الاوساط الدولیة بوضع قوانین تجرم الاساءة لمقدسات الادیان الالهیة
طالب المتظاهرون امام السفارة الفرنسیة فی طهران الیوم الاوساط الدولیة بوضع قوانین تجرم الاساءة لمقدسات جمیع الادیان الالهیة وتحدید الیات تكفل تطبیقها.
واصدر المتظاهرون المتمثلون بالشرائح المختلفة من ابناء الشعب وطلبة الجامعات والحوزات العلمیة فی ارجاء البلاد بیانا
قالوا فیه ان ثالوث الفساد والخبث العالمی ای امیركا والصهیونیة وبریطانیا یعمل علي تدبیر المؤامرات القذرة وغیر الانسانیة لاطفاء شعلة الاسلام الوضاءة والخروج من عزلتهم المتزایدة ظنا منهم بان الاساءة لمقام الرسول الكریم (ص) ستحقق لهم ما یریدون متجاهلین انه 'یریدون لیطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون'. صدق الله العلی العظیم.
وتساءل المتظاهرون المحتجون فی بیانهم : كیف ان تقدیم الاستدلال والبحث العلمی حول واقعة یكتنفها الغموض مثل الهولوكوست ونشر صور افراد الاسرة الملكیة البریطانیة وبث الافلام المناهضة للصهیونیة والاحتجاج علي ارهاب الدولة الذی یمارسه الكیان الصهیونی والاحتجاج علي النظام الملكی فی البحرین والاحتجاج علي المشاكل الاقتصادیة والاجتماعیة فی اوروبا تعد كلها مخالفة لحریة التعبیر لكن الاساءة والاهانة الي مقدسات ملیار ونصف ملیار مسلم هی حریة التعبیر بعینها؟
وشدد المتظاهرون علي ضرورة ان تقدم المحافل والاوساط الدولیة علي التصدیق علي قوانین تحد من الاساءة لمقدسات جمیع الدیانات الالهیة ووضع الیات التنفیذ اللازمة لوضع ذلك موضع التطبیق.
كما دعوا الي الحد من بث الفیلم المسئ وتقدیم الذین یقفون وراءه الي العدالة ومعاقبتهم كما طالبوا الحكومة الفرنسیة بالتصدی قضائیا لمسؤولی الصحیفة الفرنسیة التی قامت بنشر الصور المسیئة.
وكان المتظاهرون الذین تجمعوا بعد ظهر الیوم الخمیس امام السفارة الفرنسیة بطهران للاحتجاج علي انتاج الفیلم المسئ للرسول الاكرم (ص)، قد اضرموا النار فی علمی امیركا والكیان الصهیونی.
قیادات ومؤسسات مسیحیة تدین التعرض للنبی محمد (ص)
استمرت ردود الفعل اللبنانیة الشاجبة والمستنكرة للتطاول علي مقام النبی محمد (ص) والمنددة بالفیلم الأمیركی الصهیونی المسیء للرسول وللإسلام، وكان أبرز هذه المواقف الیوم الخمیس من قیادات وشخصیات مسیحیة مختلفة.
وفی هذا السیاق أفادت تقاریر لوكالات الأنباء من بیروت أن 'اللقاء الأرثوذوكسی' أصدر بیاناً فی ختام اجتماع لهیئته الإداریة الیوم الخمیس أعلن فیه استنكاره 'بشدة التعرض لكل الرموز الدینیة'، وإدانته فیلم 'براءة المسلمین' والرسوم التی نشرت فی فرنسا مؤخرا والتی تتعرض لنبی المسلمین محمد' (ص).
ودعا اللقاء الأرثوذكسی إلي 'استصدار قرار دولی یمنع أی إساءة للأدیان السماویة ویجرم كل من یتعرض لرموزها و یفرض قوانین علي الدول یجرم هذه التعدیات'.
وأكد أن 'هذه الإساءات تقف وراءها الصهیونیة بهدف الإیقاع بین المسیحیین والمسلمین.
واعتبر رئیس دیر مار انطونیوس فی مدینة النبطیة (جنوب) الأب باسیل باسیل فی بیان أصدره الیوم باسمه واسم الرهبان والكهنة وأبناء رعیته، 'أن الإساءة للرسول محمد عمل إجرامی یجب التصدی له بكل الوسائل'، مؤكداً أن 'الصهیونیة العالمیة تقف وراءه وهی التی تحارب الأدیان'.
وطالب الأب باسیل بـ'ردع المسیئین ومعاقبتهم لیكونوا عبرة لغیرهم حتي یرتدوا عن المس أو الإساءة بالأدیان السماویة جمعاء'.
وفی هذا السیاق أصدر 'اللقاء الروحی الإسلامی – المسیحی' الذی انعقد الیوم فی صیدا كبري مدن الجنوب اللبنانی بیاناً أكد فیه استنكاره للإساءة إلي النبی محمد (ص)، مشیراً إلي أن الجهات التی تقف خلف الفیلم الأمیركی الصهیونی المسیء للرسول (ص) هدفت من خلالها لإثارة فتنة بین المسلمین والمسیحیین، ومؤكداً أن ذلك لن یحدث. ومشدداً علي أهمیة العیش المشترك الإسلامی المسیحی فی لبنان.
وفی الإطار نفسه استنكر رئیس 'الهیئة الشبابیة الإسلامیة - المسیحیة للحوار' مالك مولوی فی بیان له الیوم الخمیس 'ما یجری علي الساحة الدولیة من فتنة تهدف إلي محاربة حوار الأدیان وآخرها الفیلم المسیء للنبی محمد والصور الكاریكاتوریة التی صدرت فی بعض وسائل الإعلام الفرنسی'. داعیاً 'العالم أجمع إلي العمل علي إطلاق إعلان عالمی یجرم الإساءة للأدیان وشعوبها ویفصل بوضوح بین الإساءة وحریة الرأی والتعبیر'.
مكانة السيده فاطمة المعصومه(عليها السلام)
لما كان أهل البيت (عليهم السلام) ، يمثّلون الفطرة السليمة في أنقى حالاتها ، و الفضيلة في أجلى معانيه ، وقد اجتمعت فيهم الكمالات البشرية المختلفة ، و أحاطتهم العناية الإلهية في جميع أحوالهم و شؤونهم ، و تقرّر أن الإنسان بطبعه عاشق للكمال و الفضيلة ، فمن الطبيعي جدّاً أن تهفو القلوب نحوهم ، و تميل النفوس إليهم ، من دون سائر البشر.
وقد ورد في الروايات أن ذلك دعوة إبراهيم (عليه السلام)، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِم) ، (1)، أنّ المراد هم أهل البيت (عليهم السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): و الأفئدة من الناس تهوي إلينا، وذلك دعوة إبراهيم (عليه السلام) ، (2). وقال الإمام الباقر (عليه السلام): فنحن والله دعوة إبراهيم (عليه السلام) التي من هوانا قلبه قبلت حجّته، وإلا فلا ، (3).
نعم قد تتلوّث بعض النفوس ويتكدّر صفاؤها نتيجة لعوامل متعدّدة فتضلّ الطريق ، ولكن تبقى في أعماقها ميّالة إليهم راغبة فيهم ، وإن كانت في ظاهر الأمر ضدّهم، وهذا ما قد كشف عنه الفرزدق الشاعر المشهور ، حين لقيه الحسين (عليه السلام) و هو في طريقه إلى كربلاء، وسأله عن الناس خلفه، فقال له: قلوب الناس معك وأسيافهم عليك ، (4).
و أما أولئك الذين انحرفت ذواتهم وخبثت أصولهم فهم في طريق آخر، و لذلك وردت عدة روايات تؤكد هذه الحقيقة، منها : ما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : من فارق عليّاً فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عزّ وجلّ ، (5). وقال (صلّى الله عليه وآله): يا علي لو لولاك لما عرف المؤمنون بعدي ، (6). وقال (صلّى الله عليه وآله) يخاطب علياً: ما سلكت طريقاً ولا فجاً إلا سلك الشيطان غير طريقك وفجّك ، (7).
وجاء في التفسير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: إنّ أبانا إبراهيم (صلوات الله عليه) كان فيما اشترط على ربّه أن قال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ، (8). أما إنه لم يعن الناس كلّهم، أنتم أولئك ونظراؤكم، وإنّما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض، (9). و غيرها من الشواهد الكثيرة. وقد تقدّم في الحديث المروي عن السيدة فاطمة (عليها السلام) أن حبّ علي (عليه السلام) عنوان طيب الولادة.
والحقيقة الثابتة أن أهل البيت (عليهم السلام) حيث جمعوا الفضائل و المناقب والكمالات كانت لهم السيادة على النفوس. و المحبة في القلوب ، و احتلّوا موقع الصدارة بين الناس من دون فرق بين رجالهم و نسائهم، فكان رجالهم خير الرجال، و نساؤهم خير النساء، وعلى هذا فلا شك أن تكون للسيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) منزلتها الخاصّة، ومكانتها العالية، ولذا كان لها عند الله شأن من الشأن فضلاً عن شانها عن الناس.
وقد كان لها (عليها السلام) بأخيها الإمام الرضا (عليه السلام) صلة خاصّة قلّ نظيرها كما كشفت عنها الروايات والأحداث وسيأتي منها ما يدلّ على ذلك.
وإنّ من أهمّ أسباب بلوغها هذا المقام الشامخ علمها ومعرفتها بمقام الإمامة والإمام، وقد كان إمام زمانها شقيقها الإمام الرضا (عليه السلام) الذي تولّى تربيتها فعلى يديه نشأت، وعنه أخذت، وتحت إشرافه ونظره ترعرعت، وبأخلاقه وآدابه سمعت وتكاملت.
ولذا تميّزت الصّلة بينهما بحيث أصبحت تعرّف نفسها بأنّها أخت الرضا (عليه السلام) كما سيأتي.و هما وإن كانا ينحدران من أب واحد وأمّ واحدة وذلك أحد أسباب شدّة الصّلة بينهما إلا أن السّبب الأقوى والأتم هو علمها بمقام أخيها وإمامته، إذ أن الرّابطة النسبية تصبح ـ حينئذ ـ عاملاً ثانويّاً بالقياس إلى العلم والمعرفة.هذا، وقد نوّه الأئمة (عليهم السلام) بمكانتها ومنزلتها قبل ولادتها، وبعد أن ولدت وتوفيت.
روي عن عدّة من أهل الرّي أنّهم دخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام)، وقالوا: نحن من أهل الرّي، فقال (عليه السلام): مرحباً بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الري، فأعاد الكلام، قالوا ذلك مراراً وأجابهم بمثل ما أجاب به أولاً، فقال (عليه السلام): إن لله حرماً وهو مكّة، وإن لرسول الله حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة.
قال الراوي: وكان هذا الكلام منه (عليه السلام) قبل أن يولد الكاظم ، (10).
وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): ألا إن لله حرماً وهو مكّة ألا أن لرسول الله حرماً وهو المدينة، ألا إنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، ألا إنّ حرمي وحرم ولدي بعدي قم، إلا إنّ قم الكوفة الصغيرة، ألا إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تقبض فيها امرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنّة بأجمعهم ، (11) .
وفي رواية أن الإمام الرضا (عليه السلام) قال لسعد الأشعري القمي: يا سعد عندكم لنا قبر، قلت له: جعلت فداك قبر فاطمة بنت موسى (عليه السلام)، قال: نعم، من زاره عارفاً بحقّها فله الجنّة ، (12) .
وروى الصدوق في العيون بسنده عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقال: من زاره فله الجنّة ، (13) .
وغيرها من الروايات حتى قال المحدث القمي: والروايات بهذا المضمون كثيرة ،(14) .
وسيأتي الحديث عن زيارتها، وإنّما ذكرنا هذه الروايات في المقام لبيان ما لها من منزلة عند الأئمة (عليهم السلام) حيث أشاد ثلاثة من المعصومين (عليهم السلام) بذلك.
------------------------------------------------------
الهوامش
1 - سورة إبراهيم: 37.
2 - تفسير نور الثقلين: ج2، ص551.
3 - الروضة من الكافي، الحديث 485، ص311-312.
4 - الإرشاد: ج2، ص67.
5 - بحار الأنوار: ج40، ص26.
6 - بحار الأنوار: ج40، ص26.
7 - بحار الأنوار: ج40، ص27.
8 - سورة إبراهيم: 37.
9 - تفسير نور الثقلين: ج2، ص551.
10 - تاريخ قم (فارسي)، ص215، وبحار الأنوار: ج60، ص216-217.
11 - بحار الأنوار: ج60، ص228.
12 - بحار الأنوار: ج102، ص265.
13 - عيون أخبار الرضا: ج2، ص367.
14 - منتهى الآمال: ج2، ص380.
فاطمة المعصومة في بيت العصمة والطهارة
في غرة شهر ذي العقدة من سنة مئة وثلاث وسبعين للهجرة المحمدية المباركة ملأت أجواء البهجة والسرور دار مولانا الامام الكاظم (عليه السلام) في المدينة المنورة فقد ولدت في ذلك اليوم المبارك السيدة الطاهرة تُكتم ام الامام الرضا (عليهما السلام) أخته الشقيقة فاطمة المعصومة، وهي التي كان جدها الامام الصادق (عليه السلام) قد وصفها قبل ولادة ابيها الكاظم بأنها بضعة منه وأنها ستدفن في قم عش آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأن اسمها فاطمة ومن زارها وجبت له الجنة.
لقد روى أصحاب مولانا الصادق (عليه السلام) هذا الحديث قبل ولادة السيدة المعصومة بعدة عقود فعُرفت من يومها عظمة بركة هذه السيدة الفاطمية الجليلة.
ويُستفاد مما نقلته المصادر المعتبرة أن السيدة المعصومة هي الشقيقة الوحيدة للامام الرضا (سلام الله عليه) اي اخته الوحيدة من أمه وابيه فهي (عليها السلام) من بنات امهات الائمة (عليهم السلام).
وُصفت السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) بأنه خيرة نساء عصرها قاطبة وصفوة بنات الامام موسى الكاظم (عليه السلام) وقد اولاها ابوها الكاظم ثم شقيقها الرضا (عليهما السلام) عناية خاصة وتلقت عنهما غرر المعارف الالهية والحكمة المحمدية.
لاحظوا ايها الاخوة والاخوات الرواية التالية التي اوردها العالم المتتبع الشيخ علي اكبر مهدي بور في كتابه (كريمة اهل البيت) منقولة عن الفقيه العارف السيد احمد المستنبط عن كتاب كشف اللئالي للعالم الشيخ ابن العرندس الحلي وملخصها هو أن جمعاً من الحجاج جاۆوا الى المدينة وقصدوا دار الامام الكاظم سلام الله عليه بعد قضاء مناسكهم، ولكنه (عليه السلام) كان في سفر، فكتبوا اسئلتهم التي ارادوا أن يعرضوا عليه، وقدموها لاهل بيته فأخذت السيدة المعصومة مكتوبهم وكتبت أجوبة مسائلهم الشرعية.
وفي اليوم التالي عادوا الى دارالامام الكاظم (عليه السلام) وسألواعنه فأخبروهم بعدم عودته بعد من سفرهم؛ فطلبوا رقعة مسائلهم لانهم مضطرون للسفر، فسلموهم مكتوبهم ونيتهم أن يقدموه للامام الكاظم (عليه السلام) في زيارة اخرى.
لكنهم فوجئوا بكتابة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) أجوبتها على مسائلهم، فلما رأوها فرحوا بها وأخذوا الرسالة وأنطلقوا عائدين الى ديارهم وفي طريقهم التقوا الامام الكاظم (عليه السلام) وهو في طريق عودته للمدينة المنورة ففرحوا بلقياه وأخبروه بما جرى وقدموا له مكتوبهم وفيه أجوبة ابنته التي لم تكن يومذاك قد أكملت العقد الاول من عمرها الشريف فلما قرأها قال (عليه السلام) ثلاث مرات: فداها أبوها، فداها ابوها، فداها ابوها.
الإمام الخامنئی یجتمع بقادة الجیش و یدلی بتوصیاته لهم فی شمال البلاد
اجتمع قائد الثورة الإسلامیة صباح یوم الثلاثاء 18/09/2012 م بمجموعة من قادة الجیش و العاملین فی معرض مکتسبات الجیش و أبدی ارتیاحه للتقدم الملحوظ فی کل أقسام الجیش، و اعتبر تصاحب العلم و العمل أهم عامل لتحقیق الأهداف و إنجاز المهام بصورة صحیحة، و دعا القوات المسلحة للاهتمام التام بهذا العامل الأساسی المجدی.
و أشار آیة الله العظمی السید علی الخامنئی إلی التوصیات المتکررة فی المعارف الإسلامیة حول المنزلة الرفیعة للعلم و العمل و ضرورة تصاحب هذین العاملین مضیفاً: کما جری التأکید منذ سنوات یجب أن یرتفع مستوی النمو و التقدم فی المراکز العلمیة و التعلیمیة فی القوات المسلحة بشکل مستمر.
و أوضح الإمام الخامنئی أن بقاء روح الثقة بالذات و الابتکار و الإبداع حیة من شأنه استمرار التقدم فی القوات المسلحة منوهاً: اکتشاف و استخدام حتی جانب من المواهب المعقدة و الزاخرة و المجهولة للإنسان بوسعه تغییر أیة أجواء، و من ذلک الأجواء العسکریة، لذلک اجعلوا سقف تطور الأساتذة و الطلبة الجامعیین عالیاً جداً.
و أکد القائد العام للقوات المسلحة علی أهمیة المقررات السائدة فی الأجواء العسکریة بما فی ذلک النظام و الانضباط، و أضاف فی الوقت نفسه: ینبغی فی الأجواء التعلیمیة للقوات المسلحة ملاحظة حالة المرونة و الحرکیة أیضاً.
و عدّ سماحته القوات المسلحة القویة و المتناسبة مع أهداف و مبادئ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الهدف بعید المدی للقوات المسلحة الإیرانیة مردفاً: أهداف النظام الإسلامی أهداف شاملة و واسعة و ذات صلة بکل المجتمع البشری، و طبعاً فإننا لا نری الاعتداء علی مکانة أی بلد أو شعب جائزاً من أجل تحقیق هذه الأهداف، لکن القوات المسلحة یجب أن تصل إلی قدرات لا تسمح لأی طرف بالاعتداء علی السور الحصین للبلاد و الشعب الإیرانی العزیز.
و من التوصیات الأخری التی أوصها بها قائد الثورة الإسلامیة قادة الجیش الاهتمام بالعلوم الحدیثة، و الاستمرار فی صناعة الأجهزة و المعدات، و تسریع نهضة صناعة قطع الغیار، و تحدیث العلوم و إیجاد ظواهر علمیة جدیدة، و الاستفادة من الأساتذة أصحاب التجارب، و تنمیة التعاون مع المراکز العلمیة و الجامعیة، و الاهتمام الجاد بالمعنویات.
فی بدایة هذا اللقاء رفع أمیر البحر سیاری قائد القوة البحریة فی جیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تقریراً ذکر فیه أن رفع مستوی الروح المعنویة للمنتسبین، و تحدیث التجهیزات، و توفیر الأمن الدائم، و تنمیة التعاون مع البلدان الصدیقة و الجارة من جملة إنجازات القوة البحریة للجیش خلال الأعوام الأخیرة.
کما اعتبر أمیر البحر سیاری الاکتفاء الذاتی فی تأمین و صناعة التجهیزات و المعدات الدفاعیة، و صناعة أنواع العوامات السطحیة و تحت السطحیة، و تقویة القدرات الصاروخیة، و تنمیة التنظیم الدفاعی - القتالی من جملة أهداف القوة البحریة.