Super User

Super User

حضر سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی قائد الثورة الإسلامیة صباح یوم الثلاثاء 18/09/2012 م فی معرض منجزات جیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة و اطلع علی سیاقات النشاط و التقدم العلمی و التقنی و الدفاعی و القتالی فی شتی أقسام الجیش.

فی بدایة هذه الزیارة رفع لسماحة القائد تقریر حول کیفیة تکوین الأسطول الشمالی للقوة البحریة فی جیش الجمهوریة الإسلامیة، و السیطرة و الإشراف الدقیق علی حدود مسؤولیة هذا الأسطول.

منظومة تجمیع الاتصالات و إبعاد مصادر الإشعاع عن المقرات المعروضة فی هذا القسم من المعرض تعدّ الذراع الأصلی للقوة البحریة فی حدود المیاه الخاضعة لسیطرة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی بحر الخزر.

و فی هذا القسم کان للقائد العام للقوات المسلحة اتصال مباشر بقائد فریق الفرقاطات الثانی و العشرین للقوة البحریة فی الجیش الموفد إلی المحیط الهندی و مضیق باب المندب و البحر الأحمر، فسأل سماحته هناک من المولی العلی القدیر العزة و الشرف لإیران الإسلامیة.

و قد عرض الطلبة الجامعیون فی جامعة الإمام الخمینی للعلوم البحریة فی نوشهر (شمال البلاد) إنجازاتهم فی قسم خاص بهذا المعرض. و من جملة هذه الإنجازات تجهیز الطائرات البحثیة من دون طیار بمنظومة أشعة لیزر بهدف زیادة دقة الرصد و الاستهداف، و کذلک عوّامة «طه» الاستطلاعیة تحت السطحیة الموجّهة لاسلکیاً. یذکر أن «طه» توجّه و یسیطر علیها بالأمواج الصوتیة.

و کانت منظومة إطلاق الصواریخ «جاسک 2» بقابلیة النصب للإطلاق من تحت الماء نحو أهداف فوق سطح الماء من الإنجازات الأخری للطلبة الجامعیین فی جامعة الإمام الخمینی للعلوم البحریة. و قد تمّ تصمیم و صناعة هذه الصواریخ بالتعاون مع وزارة الدفاع و مؤسسة جهاد الاکتفاء الذاتی فی القوة البحریة و المراکز الجامعیة.

و کانت جامعات الضباط التابعة لجیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة و هی جامعة الإمام علی (ع) للضباط، و جامعة خاتم الأنبیاء (ص)، و جامعة الشهید ستاری، و جامعة العلوم الطبیة للجیش قد عرضت عدة مشاریع بحثیة - تطبیقیة فی هذا المعرض. و من هذه المشاریع تصمیم و صناعة رادارین متطورین هما «ثامن» و «شهاب» بمساعدة المراکز العلمیة فی البلاد.

و فی جناح مکتسبات القوة البحریة بالمعرض رفع تقریر عن الأنشطة العلمیة - العملیة لتعزیز الاقتدار البحری و صناعة العوامات السطحیة و تحت السطحیة بمستویات مختلفة، و تسریع سیاقات الاکتفاء الذاتی فی هذه القوة.

و کان من الأمور التی أُطلع علیها القائد العام للقوات المسلحة فی هذا القسم من المعرض کیفیة استقرار نظام الإدارة العلمیة و توثیق الأنشطة و حالات التقدم کأساس تعلیمی و الترویج العلمی لهذه المکتسبات.

و رفع أیضاً تقریر حول الاکتفاء الذاتی للقوة البحریة فی تعمیر نصف أساسی لغواصة «طارق» الثقیلة.

و تتوفر غواصة طارق علی أعقد التقنیات الحدیثة فی العالم. و فی سیاق تعمیرات هذه الغواصة المتطوّرة تمّ صناعة نحو خمسین ألف قطعة، و تعمیر قرابة 200 ألف قطعة أخری.

قطع التبعیة للخارج و تبیئة العلم من الأهداف الأخری لهذا المشروع الکبیر.

فی هذا الجانب أعلن القبطان ثانی حسین حریری آمر لواء القطع تحت السطحیة فی المنطقة الأولی للقوة البحریة فی الجنوب فی اتصال مباشر عن استعداد طارق لتنفیذ مأموریاتها طالباً الأمر من القائد العام للقوات المسلحة، حیث وافق قائد الثورة علی طلبه و التحقت طارق بالأسطول العظیم للمدافعین عن الحدود المائیة لإیران.

و قد عرض فی المعرض أیضاً تقریر مصوّر و وثائقی عن مسار إعداد المدمرة متعددة الأغراض و الجاری صنعها حالیاً «سهند»، و کذلک الفرقاطة القاذفة للصواریخ و الجاری صنعها حالیاً «پیکان».

و کان للقبطان أول جعفر سعیدی آمر مصانع القوة البحریة فی الجیش فی بندر عباس اتصال مباشر طلب فیه إذن القائد العام للقوات المسلحة بإلقاء الهیکل الأصلی من المدمرة سهند فی الماء، و بعد لحظات ألقی هذا الهیکل المهم فی الماء بأمر من سماحة الإمام الخامنئی.

و تواصلت زیارة قائد الثورة الإسلامیة لمعرض منجزات الجیش بإیضاحات القادة و المسؤولین حول المشروع المهم لأول مدمرة تعلیمیة - عملیاتیة للقوة البحریة فی الجیش. و قد تم الانتهاء من تصمیم هذا المشروع الذی یعدّ خطوة مهمة فی تعمیق تدریبات الضباط و أصحاب الرتب فی القوة البحریة، و یجری العمل حالیاً علی البدء بصناعة هذه المدمرة.

و کان جهاز شبیه للقتال البحری لشبکة محور الخاص بالتدریب علی کل السیناریوات التکتیکیة من المنجزات الأخری للجیش التی اطلع علیها القائد العام للقوات المسلحة فی هذا المعرض.

و کان للمدافعین عن سایبری الحدود المائیة للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أیضاً جناحهم فی هذا المعرض، حیث قدموا فیه الإیضاحات اللازمة للإمام الخامنئی بخصوص کیفیة إحباط هجمات و تهدیدات سایبری فی البحر.

یذکر أن زیارة القائد العام للقوات المسلحة لهذا المعرض استمرت لأکثر من ساعتین.

الأربعاء, 19 أيلول/سبتمبر 2012 04:49

دور المراة في عملیة التنمیة الاجتماعیة

المرأة تارة ننظر الیها بوصفها انسانا فعالا في عملیة التنمیة، واخرى نركز علیها بمالها من خصائص تنفرد بها باعتبارها الام والبنت والاخت والزوجة، وهي بهذا الاعتبار تمتاز عن الرجل بما تحمله من طاقات عاطفیة متمیزة، وقدرات تكوینیة مؤثرة، ومن ثم ما تحمله من وظائف اجتماعیة فریدة.

فاذا نظرنا الیها بوصفها انسانا نشطا في عملیة التنمیة، واخذنا بعین الاعتبار حقیقة (ان الانسان هو محور التنمیة)، ومقولة ان (التنمیة المستمرة هي تلك التي تحقق انسجاما متوازنا بین مجموع عناصر التنمیة، والاسس التحیة للثقافة المعنویة التي تعمل في مجال اسقاطاتها)، وادركنا بعد ذلك ان مكونات الفطرة الانسانیة هي اهم هذه الاسس واعمقها في وجود الانسان، بل بدونها یفقد الانسان هویته ویتحول الى (شي‏ء) لا نستطیع ان نتحدث عن (حقوقه) او (نموه الاجتماعي)، او (حركته العادلة)، او (اخلاقیته)، او حتى (بقائه الحضاري)، واضفنا الى كل هذا حقیقة اخرى هی ان الدین (الذی یستمد اصوله من منابع فطریة)، هو الصیغة الاكمل التي وضعها خالق الانسان لیحقق من خلالها تكامله المادي والمعنوي المنسجم، وان الدین وحده هو الذي یستطیع ان یمنح هذه المسیرة ثباتا في الهویة والشخصیة، واطمئنانا في القلب، واملا دفاقا بالمستقبل، كما یستطیع ان یحل الاشكالات الاجتماعیة الكبرى من قبیل حل التضاد الدائم بین حب الذات، والانانیة، والعمل لصالح المجتمع ونسیان الذات فی سبیله، وحل التناقض بین اتجاهات (الالحاد) واتجاهات (الایمان المفرط بالامور النسبیة او ما یسمى بالشرك)، اذا اخذنا بعین الاعتبار كل هذه الحقائق الكبرى ادركنا ان المراة الانسان هي محور التنمیة وركنها الركین، ولن تستطیع ایة عملیة تنمویة ان تحقق صدقا مع ذاتها ومدعیاتها، الا اذا طورت الحس الانسان والفطر فی وجود المراة، واعطتها مكانتها الانسانیة الطبیعیة، ورفعت من البین كل عناصر الفریق - من الجانب الانساني بین الرجل والمراة، ومنحتها الدور الانساني المتساوي في هذا المضمار، ثم عادت لتستفید من هذه الطاقة الانسانیة الخیرة لصالح المجموع الاجتماعي بافضل اسلوب.

ولا یفوتنا ان نشیر الى ان المراة ان تاصل الثبات في شخصیتها، والاطمئنان في قلبها، والامل بالمستقبل في وجودها منحت كل المسیرة الاجتماعیة طاقة كبرى، وهیأت لها كل مقومات المسیرة الصالحة.

المراة ودورها بملاحظة خصائصها:

واذا عدنا وركزنا على خصائص المراة التی تمیزها عن الرجل، فسنجد ان خصائصها لا تغیر مطلقا من قیمتها الانسانیة بل تزید علیها، وانما تترك اثرها الوظیفی فی‏البین، بمعنى ان هناك تقسیما طبیعیا قدرته الرحمة الالهیة بین وظیفة الرجل ووظیفة المراة، فی عملیة التنمیة الاجتماعیة بل الفردیة ایضا.

فالمراة الزوجة والمراة الام لهما دوران متمایزان عن دور الرجل الزوج، والرجل الاب بلا ریب، الا ان هذین الدورین متكاملان تماما بحیث لا یمكن ان تستغنی‏الحیاة عن هذین الدورین، بمقدار عدم امكان استبدال احدهما بالآخر تماما.

بعد هذا نقول : ان للمراة اثرها الكبیر - بهذا الاعتبار - على عملیة التنمیة ایضا، ومهما تعددت علل التنمیة فشملت (العلل الفاعلیة، والعلل الغائیة، والعلل الصوریة بالاضافة للعلل المادیة)، فان اسقاطات دور المراة یبقى لها اكبر الاثر فی هذا المجال. ذلك ان المراة تستطیع ان تترك آثارا كبرى، نذكر منها على سبیل المثال ما یلی:

١- اعداد البیئة العائلیة السلیمة ، وتهیئتها وتوفیرها وهی بهذا - لو وفقت فیه - تستطیع ان تضع الحجر الاساس لمجتمع انسانی سلیم ثابت الجاش قوی القلب، منشد للمستقبل .

وبدون هذا سیبقى المجتمع ممزقا عاطفیا، ومهلهلا معنویا تتفشى فیه الجریمة، ویعیث فیه الكسل، ویفقد صفته الخلاقة شیئا فشیئا.

فالزوجة الصالحة والام الصالحة هما قوام الحیاة العائلیة الصالحة، وهذه هی قوام المجتمع الصالح (كما تؤكد ذلك النصوص الاسلامیة ).

٢- توفیر الجو المناسب لتربیة الجیل القوی الفاعل.

وقد قلنا: ان الانسان الصالح هو محور التنمیة وهو یحتاج الى عملیة تربویة مستمرة تفجر فیه طاقاته، وتبرز فیه مكوناته الذاتیة، وهی لا تتفجر ولا تبرز عشوائیا . او تلقائیا، وانما تحتاج الى عملیة تربویة وجو تربوی مناسب .

ولا ریب ان للمراة اعظم الاثر فی تربیة العناصر الانسانیة، ووراء كل عظیم امراة - كما یقولون - بل ما اكثرالعظماء النساء فی تاریخنا الطویل.

٣- الاعداد لجو وبیئة حماسیین عاطفیین من خلال الاستعداد الطبیعی للمراة، لتسد به هذه الحاجة الضروریة للانسان من جهة، وتوفر له الحالة الحماسیة الضروریة لتخطی العقبات وصنع تنمیة اجتماعیة مستدیمة من جهة اخرى .

اما المجتمع الذی یخلو من هذه الحالة العاطفیة والحماسیة فهو مجتمع خامد، وبیئة جامدة ربما تتقدم فی بعض المجالات المادیة الا انها تفقد الصفاء الانسانی المطلوب، ومن بعد تفقد القدرة على ایجاد التنمیة المتوازنة .

ومن هنا یظهر جلیا ان المراة لها دور كبیر فی توفیر الجو العائلی النظیف، وان العائلة وتشكیلاتها بما لها من مفهوم كلاسیكی معروف لدى المجتمعات والادیان كلها، هی حجر الزاویة فی عملیة التنمیة.

كما یظهر ایضا ان ایة ضربة توجه لدور المراة فی البناء العائلی المشار الیه، وای تقلیل من اهمیة الرباط العائلی المقدس، او محاولة لطرح مفاهیم جدیدة، وادعاء مصادیق عصریة‏له، او اضعاف روابطه، او ایجاد بدیل مزعوم له . كل هذه المحاولات تترك اعظم الآثار السلبیة على مستقبل الانسانیة جمعاء، وتفقده الحركیة التنمویة المطلوبة، بل هی تآمر واضح على كل الوجود الانسانی حتى لو جاء هذا التآمر تحت غطاء الخدمة الدولیة لعملیة التنمیة.

النقطة الثانیة : المحاولات الدولیة فی مجال التنمیة الاجتماعیة:

لا ریب فی ان عملیة التنمیة استاثرت من نشاط الامم المتحدة بالحظ الوفیر، وخصوصا فی السنوات الاخیرة، وعقدت لها مؤتمرات دولیة على مختلف المستویات، كمؤتمر بخارست ١٩٧٤، ومؤتمر مكسیكو سیتی ١٩٨٤ ومؤتمر القاهرة ١٩٩٤ ومؤتمر كوبنهاجن عام ١٩٩٥، وغیرها من الاجتماعات الدولیة، وخصوصا تلك المنعقدة لدراسة حقوق المراة بالخصوص كمؤتمر نایروبی ومؤتمر بكین . وكان التركیز على دور العائلة فی عملیة التنمیة ملحوظا تماما فی كل الاجتماعات الدولیة . الا ان الملاحظ فی مختلف الوثائق المقترحة انها نظمت تنظیما یبعدها عن المسیرة المتوازنة، وینسیها دور الدین فی الحیاة، ویتغافل عن اثر العناصر المعنویة فی‏هذا الصدد.

وكانت وثیقة القاهرة المقترحة على مؤتمر السكان والتنمیة القنبلة الضخمة التی فجرت الوضع، وراى المخلصون التآمر الاستعماری الواضح على كل القیم والمقدسات الانسانسة، لانها سعت الى تفكیك الروابط العائلیة، وطرح مفاهیم متنوعة للعائلة، وفسح المجال لعلاقات وروابط خارج الاطار العائلی . وقد حضرت هذا الموتمر على راس الوفد الاسلامی الایرانی على امل ان نترك اثرا ایجابیا على الوثیقة وهذا ما حدث، اذ رغم عدم التنسیق بین مواقف الدول الاسلامیة - التی حرم بعض منها حضور المؤتمر - ورغم قوة الضغط الغربی المعادی للاسلام، فقد استطعنا تشكیل مجموعة اسلامیة قویة تعاونت مع المجموعة المسیحیة الدینیة واستطاعت ان تغیر عشرات المصطلحات والمواقف فی الوثیقة من قبیل حذف مصطلحات (الحق الجنسی) و (العلاقات الاخرى «غیر علاقات الزواج‏») وحذف عنصر الالزام فی الوثیقة، وكذلك تعدیل المادة التی تسمح بالاجهاض وغیر ذلك، وقد القیت فی الاجتماع الدولی خطابا اكدت فیه الحقائق التالیة:

اولا : اننا اذ نحاول تنظیم التحرك السكانی فی اطار من التنمیة المطلوبة علینا قبل كل شی‏ء ان ننظر الى الانسان بكل ابعاده المادیة والمعنویة لیكون تخطیطا منسجما مع فطرته الانسانیة وموقعه من الكون وفی هذا الصدد نعتقد ان هذه المشكلة الاجتماعیة لا تكمن فی عدم استجابة الامكانات الطبیعیة لمعدلات النمو السكانی، بل هی تنبع من عدم الاستثمار الجید لهذه الامكانات وانماط الظلم فی توزیعها، یقول القرآن الكریم بعد ان یذكر النعم الالهیة الكثیرة: (وآتاكم من كل ما سالتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار) (ابراهیم/٣٨ ).

ثانیا: ان ملاحظة الواقع الانسانی عبر التاریخ وما تقرره الشرائع الالهیة فی نظریاتها الاجتماعیة تؤكد ان الكیان العائلی یشكل حجر الزاویة فی البناء الاجتماعی وان ای تحرك یوهن فی استحكامه او یطرح بدیلا عنه یشكل ضربة للمسیرة الانسانیة الاصیلة‏ولكن هذا لا یعنی مطلقا ان لا نلجا الى تنظیم هذا الكیان بالاسالیب المشروعة فذلك جزء من تحكیمه وتوجیهه.

ثالثا: ان للمراة باعتبارها نصف المجتمع الانسانی دورها الاساس فی صیاغة البناء الاجتماعی والسیاسی ویجب بكل تاكید ان تلعب دورها بكل ثقة ودونما ای حط لكرامتها او امتهان لقدراتها الانسانیة.

رابعا: ان ایة خطة واقعیة لاقامة تنمیة مستقرة لا یمكنها ان تتغافل عن دورالقیم الاخلاقیة والعقیدة الدینیة فی تحكیم اسس التنمیة والاشباع المتوازن لمتطلبات الانسان باعتباره محور الاعمار، فلابد اذن من توكید هذه القیم والعمل على دعمها ونفی كل ما ینافیها.

خامسا: ان مبدا التساوی فی امكانیة الاستفادة من الخیرات الطبیعیة وهی هبة‏الله تعالى لیدعونا جمیعا للعمل على تحقیق تقارب كبیر بین مستویات المعیشة وعلى المستوى العالمی الامر الذی یحمل الدول الغنیة عبئا كبیرا لتحقیق هذا الهدف بحیث لا یمكنها التنصل منه ان شاءت تحقیق الاندماج الانسانی المطلوب.

سادسا: ان حقوق الانسان كما تقررها الوثیقة العالمیة والوثائق الاخرى كالوثیقة الاسلامیة تجب مراعاتها بشكل دقیق الا ان من الطبیعی الاصرار على انه لا یحق لایة دولة او مجموعة ان تحمل مفهومها عنها على الدول الاخرى او تحاول الاستهانة بالعناصر الثقافیة والدینیة التی یحملها الآخرون بذریعة فهمها هی بل یجب الوصول الى تعریفات مشتركة مقبولة یمكن من خلالها تشخیص الحقیقة دونما ای تحمیل ولتكون الوثائق معتمدة عن بصیرة ودقة فلا یمكن استغلالها بسهولة.

أميرة شكري

حقق «السيد» أمنية جمهوره التي طالما انتظرها طويلاً. «السيد» أمامهم بقامته وعمامته السوداء وبسمته وغضبه وعباراته المتدحرجة. ظهر عليهم فجأة كأنه رسول هبط من السماء بعد غياب قسري. أبى «السيد» إلا أن يشارك في مسيرة نصرة رسول الله. المناسبة برأيه تستحق أن يخاطر برغم الإجراءات الأمنية التي تحيط به وبإطلالاته منذ تموز 2006 حتى اليوم.لم يكن أحد يتوقع حضور «السيد». اكتفت «المنار» وشاشات أخرى بتمرير عبارة أن «السيد» سيلقي كلمة في المناسبة. كان من المتوقع أن يُطل عبر الشاشة كعادته، ولكن من حيث لم يتوقع أحد، خرج «السيد» من أحد مداخل الأبنية في محلة الكفاءات ـ الحدث، وكانت الضحكة تغمر محيّاه. لا هو في حالة من يصدق أنه في الشارع بين جمهوره ولا من كانوا في الشارع صدّقوا أن هذا هو «السيد» الذي لم يشاهدوه بينهم منذ شهور طويلة.التباس لم يدم سوى ثوان قليلة، حيث كانت عبارات عريف المهرجان الشاعر علي عباس («ابو حسن») كافية بأن يُدرك الجميع أن «سيد المقاومة» صار بين أهله. تقدّم «السيد» بخطى واثقة نحو الحشد المتعطش لرؤيته، ملوّحاً لهم بيده. لم تصدق أعينهم ما يحدث، كأنهم في حلم تحقق للتوّ. الذهول تحوّل الى هســتيريا جماعية. اعتلى «السيد» المنبر. يحاول أحد عناصر أمنه الشخصي أن يحجبه عن الجمهور فيبادر الى الالتفاف عليه وإحباط مهمة الأمن.

يقف «السيد» على المنصة امام الجمهور بلا أية حواجز. يتراجع الى الوراء ليقف خلف المنبر المجهز. يصافح العريف «ابو حسن».الهستيريا تمتزج بالدموع والصراخ والهتافات التي تحولت لدقائق من «لبيك يا رسول الله» الى «لبيك يا نصرالله». احدهم، وهو رجل دين معمّم، حاول تخطي الحواجز الحديدية وعناصر الانضباط للوصول اليه. أصرّ جاهداً على ذلك لكنه لم يفلح، فكانه عزاؤه الوحيد الهتاف لنصرالله. أحد الشبان كان مزهواً بانتصاره. نجح في التقاط صورة لـ«السيد» بهاتفه الخلوي من على بعد أمتار قليلة، فبدا كمن حصل على كنز ثمين. شبان آخرون تسلقوا أعمدة الكهرباء غير آبهين بالخطر الذي يحدق بهم. يقول أحدهم «المهم شوف السيد».وحدها كلمة «السلام عليكم يا اشرف الناس»، جعلت الحشد يثور أكثر فأكثر من شدة التأثر. علا الصراخ مجدداً ولم تهدأ النفوس والحناجر إلا عندما بدأ «السيد» خطابه. فأعادتهم صورته تلك ست سنوات الى الوراء عندما أطل عليهم بعد ثلاثة وثلاثين يوماً من الجنون الاسرائيلي للوصول اليه في تموز وآب 2006.وقوف «السيد» على المنبر شكل فرصة ذهبية لا تتكرر ثانية لمن يريد التقاط صورة. نظرة الى الوراء كانت كافية لرؤية بحر من الأيدي المرفوعة وهي تحمل صنوفاً شتى من الهواتف الذكية. الجميع كان مشدوداً للصورة ولكل حركة تصدر عنه ولكل كلمة ينطق بها «السيد».

في كلمته التي دامت 12 دقيقة بالتمام والكمال، شكر السيد حسن نصرالله كل من لبى الدعوة إلى المسيرة، وخص بالشكر العلماء الشيعة والسنة وممثلي القادة الروحيين المسيحيين وممثلي الأحزاب اللبنانية وقيادة حركة «أمل». وطلب من المشاركين أن يرددوا معه «يا رسول الله، فداك يا رسول الله، نفسي ودمي، وأبي وأمي، وأهلي وولدي، وكل مالي وما خوّلني ربي، فداء كرامتك وعرضك وشرفك». وقال «إن البعض لم يدرك حتى الآن مستوى الإهانة التي تعرّض لها رسول الله من خلال بعض مشاهد هذا الفيلم المسيء. فلقد طعنوا في طهارة مولده. في إيمانه وأخلاقه. في قرآنه، في أزواجه. في سيرته وإسلامه. وهذا خلال 12 دقيقة، أما إذا خرج الفيلم (بمدّة) الساعتين، ماذا ستكون النتيجة؟». أضاف: «نحن هنا لنعلن رفضنا، وبداية التحرك الذي يجب أن يستمر لخدمة أهداف واضحة، من الحد الأدنى إلى الحد الأعلى، وأولها وقف نشر المقاطع المسيئة على مواقع الأنترنت ومحاسبة منتجي هذا الفيلم. ثانياً، منع نشر الفيلم الكامل من قبل الأميركيين. ثالثاً، سد الباب نهائياً على إمكان الإساءة لرسولنا وقرآننا ومقدساتنا».ودعا جميع المسلمين في العالم «إلى تشكيل فرق تخطيط وتفكير وعمل، كيف يمكن أن نحقق هذه الأهداف الثلاثة»، وذكر على سبيل المثال لتحقيق الهدف الأول، أن تقوم كل حكومة بحجب المواقع التي تنشر هذه المشاهد المسيئة، وأن يقاطع الناس في كل العالم، وخصوصاً المسلمين، مواقع الانترنت التي تصرّ على بث هذه المقاطع المسيئة. في الهدف الثاني، تابع نصرالله، «يجب أن تفهم أميركا التي تحتج وتخادع بعنوان حرية التعبير، يجب أن تفهم الولايات المتحدة الأميركية أن بثّ الفيلم كاملاً ستكون له في العالم تداعيات خطيرة وخطيرة جداً». وأردف نصرالله: «على مستوى الهدف الثالث يجب أن تعمل كل شعوبنا وحكوماتنا على الضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار دولي وقوانين وطنية في كل العالم تجرّم الإساءة للأديان السماوية ولأنبياء الله». وقال «إن عدم قيام الأمة الإسلامية وحكام العالم الإسلامي بإنجاز هذه المهمة هو تقصير عظيم بحق رسول الله ويبقي الباب مفتوحاً لأفلام وإهانات وإساءات جديدة، لا نعرف إلى أين ستؤدي». وتابع نصرالله «غضبتنا اليوم، لن تكون حركة عابرة، ولا «فشّة خلق» وإنما هي بداية لحركة جدية يجب أن تتواصل على مستوى الأمة كلها للدفاع عن الرسول وما حصل في هذه الأيام يجب أن يؤكد للمسلمين جميعاً أن عليهم أن يتعاونوا ويتقاربوا ويتوحّدوا لخدمة الأهداف المشتركة، ولو باينت بينهم ملفات من هنا وهناك. وما حصل هذه الأيام يجب أن يؤكد وعياً كبيراً لدى المسلمين والمسيحيين وإصراراً عظيماً على العيش المشترك، وعلى فهم العدو، وعلى توجيه الغضب باتجاه العدو الحقيقي. فلا يُورَطَنَّ أحدنا في فتنة».

وختم «لا يتوهمن أحد أن هذه المعركة يمكن التسامح فيها أو العبور عنها». مشهد الهواتف الذكية المستمرة، استمرّ حتى انتهى «السيد» من خطابه. وعندما رفع يده مودعاً، حاول الحشد الوصول الى المنصة، لكن بدا أن كل شيء محسوب بدقة. الاختراق مستحيل والعناصر المولجة بالحماية أسرع من المحاولين... وفجأة اختفى «السيد» ومن انتظره أن يدخل المبنى نفسه الذي خرج منه صدم عندما تيقن أن كل الأبنية صارت تشبه بعضها صار متعذراً تمييز «السيد» عمن خطفوه من بين الجمهور.إنه الظهور العلني الخامس للسيد نصرالله منذ تموز 2006، والأول منذ كانون الأول 2011 (مسيرة عاشوراء).يذكر أن المسيرة التي انطلقت من أمام «مسجد القائم» في الضاحية الجنوبية، تميزت بمشاركة شعبية حاشدة تقدمها رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين والمعاون السياسي للسيد نصر الله الحاج حسين خليل ورئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك ونواب الحزب، بالإضافة إلى عدد كبير من علماء السنة والشيعة.

الثلاثاء, 18 أيلول/سبتمبر 2012 07:36

الاقلیات الاسلامیة فی العصر الحدیث

بدأت ظاهرة الأقلیات الإسلامیة فی العصر الحدیث، مع تصاعد الهجرة من البلدان الإسلامیة إلى مختلف أقطار الأرض، خلال العقد الأول من القرن العشرین فی مستواها الأول، وأما فی مستواها الثانی فبرزت هذه الظاهرة، مع نشوء الدول الحدیثة فی العدید من المناطق التی کانت تقع تحت حکم المسلمین، إلى أن أُعید رسم الخریطة الجغرافیة والسیاسیة لهذه المناطق، بحیث تضاءل نفوذ المسلمین وتقلص حضورهم، لیصبحوا أقلیة فی المجتمعات التی کانوا یحکمونها.

ومع نمو حرکة الهجرة من العالم الإسلامی إلى شتى أقطار العالم، وخاصة إلى أوروبا والولایات المتحدة الأمریکیة، ثم إلى أمریکا الجنوبیة وکندا واسترالیا، نشأت ظاهرة الأقلیات الإسلامیة لأول مرة تقریباً فی تأریخ الإسلام، حیث وصل المسلمون إلى هذه الدول یحملون ثقافتهم وحضارتهم وعاداتهم وتقالیدهم، لیجدوا أنفسهم وسط مجتمعات لها أدیانها ولغاتها وثقافاتها، ولها أنماط العیش وأسالیب الحیاة الخاصة بها والتی تختلف عما ألفوه ونشأوا علیه وعاشوا فی کنفه فی بلدانهم الأصلیة.

وبالاحتکام إلى المقتضیات القانونیة والدستوریة المتعارف علیها دولیاً، فإن الأقلیات الإسلامیة، هی إحدى الفئات الثلاث التالیة:

أولاً: رعایا دولة غیراسلامیة، ینتسبون إلى هذه الدولة بالأصل والمواطنة، علیهم ما على مواطنی تلک الدولة من حقوق وواجبات. وتمثل هذه الفئة الکبیرة من الأقلیات الإسلامیة (مسلمی الهند، والصین، والفلیبین، وروسیا الاتحادیة) وینضم إلى هذه الفئة، مواطنو الدول غیرالإسلامیة الذین اعتنقوا الإسلام فی أوطانهم، فهم جزء لایتجزأ من شعوبهم.

ثانیاً: رعایا دولة إسلامیة یقیمون فی دولة غیرإسلامیة ویخضعون لمقتضیات القانون الدولی ولأحکام القانون المحلی، وتأتی هذه الفئة فی الدرجة الثانیة من حیث التعداد. (مثال المسلمین من دول منظمة المؤتمر الإسلامی المقیمین فی شتى بلدان العالم).

ثالثاً: رعایا دولة غیرإسلامیة یقیمون فی دولة أجنبیة غیرإسلامیة، وتمثل هذه الفئة نسبة کبیرة من الجماعات والأقلیات الإسلامیة المقیمة فی دول غربیة وشرقیة عدیدة. ومن الواضح أن هذه الفروق التی نشیر إلیها هنا، إنما تخضع لمفهوم القانون الدولی، ولکن حینما یتعلق الأمر بالمفهوم الإسلامی للقضیة بحد ذاتها، فإن هذه الفروق تتلاشى بصورة تلقائیة، عملاً بمبدأ الأخوّة الإسلامیة، طبقاً لقوله تعالى ((إنما المؤمنون إخوة)).

 

تشکّل الجالیات الإسلامیة المقیمة فی الأقطار غیرالإسلامیة، جزءاً لایتجزاً من العالم الإسلامی، باعتبار أن الأمة الإسلامیة جمعاء، إنما تمثل مجموع المسلمین فی أی مکان من العالم، وأن العالم الإسلامی بمفهومه العام، هو الإطار الشامل الجامع الذی تنتظم فیه الأمة الإسلامیة قاطبة.

إن المسلم الذی یعیش فی البلدان غیرالإسلامیة یعیش فی مجتمع له قیمه وأسالیبه ووسائله فی العیش، وهنا فإن الحاجة ضروریة إلى إبراز حقائق الإسلام بالشکل الصحیح وبالأسلوب السلیم، إلى جانب وجوب دحض الأباطیل التی یروجها أعداء الإسلام، کما تتسع الحملات العدائیة الموجهة ضد الإسلام والمسلمین والتی یخرق القائمون بها أحکام القانون الدولی والحقوق الإنسانیة، کما یسعون لتأجیج نار الصراع بین الأدیان والصدام بین الحضارات والخصام بین الثقافات لاسیما ما یصرح به وعلى لسان قادة المجتمع الدولی من تسمیة لحروبها بین الحین والآخر بالحروب الصلیبیة ومن ثم یسمعون ذلک زلة لسان ولکنها فی الواقع تعبّر عن ما فی داخل عقولهم وقلوبهم. مما یشکّل تهدیداً لاستقرار المجتمعات، ویخلق حالات من القلق والاضطراب التی تشیع جواً من سوء الظن والشک وعدم الثقة بین المسلمین والسکان الأصلیین فی بعض هذه البلدان.

ولذلک تعیش الجالیات الإسلامیة تجاه الأحداث حالة من الضیاع والانغلاق على الذات، وذلک یجعلها فی موقف المتروی والمنغلق عن التفاعل مع هذه المجتمعات، مما یشکل جواً من النفور والخوف والعداء غیرالمبرر بینها وبین هذه المجتمعات، وتجد الأقلیات الإسلامیة نفسها عاجزة عن التعبیر عن ذاتها ومکوناتها الثقافیة وقیمها الاجتماعیة، وخاصة القیم الإسلامیة الصحیحة والتی تحمل الشفاء لکثیر من الأمراض والآفات الاجتماعیة التی تعیشها تلک المجتمعات غیرالإسلامیة. وحتى لانکون مجحفین بحق بعض المجتمعات، فقد استطاع المسلمون أن یمارسوا دورهم الرسالی فی بعضها، لکننا لانزال بحاجة إلى جهود أکثر وفعالیة أفضل لإیصال صورة الإسلام الصحیح إلى هذه المجتمعات، ذلک أن الموقف الذی تتخذه بعض الدوائر فی الأقطار غیرالإسلامیة إزاء الإسلام دیناً وثقافةً وحضارةً، وتجاه المسلمین شعوباً ودولاً وحکومات، یبرز بصورة مطردة، لیس على العالم الإسلامی والجالیات المسلمة فحسب، وإنما على العالم کله، لأنه موقف سلبی، ومخالف لأبسط مبادئ وقواعد القانون الدولی، ومناهض لروح الحوار والتعایش بین الحضارات والثقافات والمؤمنین بالأدیان التوحیدیة السماویة جمیعاً، وهذا من شأنه أن یهدد الأمن والسلام الدولیین. ویزعزع استقرار المجتمع الدولی. فی وقت تمر فیه الإنسانیة بمرحلة حرجة وغیرمستقرة، تبحث فیها عن ملاذ أمین، وتتطلع إلى الخلاص من الهیمنة التی یفرضها النظام العالمی الاحادی الذی تقوده الولایات المتحدة بغیر سند من القانون الدولی.

وفی وجه هذا التهدید للحضارة الإنسانیة فی الصمیم، یتحمل العالم الإسلامی والمسلمین مسؤولیة کبرى فی التصدی لهذه الحملات، وذلک بالعودة إلى روح الإسلام، وقیمه الأصیلة، الإسلام الذی یدعو إلى السلام والتعایش والإخاء الإنسانی وینبذ العنف والإکراه ویرفض الإرهاب بکل صوره وأشکاله، والذی یدینه الإسلام ویعدّه إفساداً فی الأرض وعدواناً على الإنسانیة والحضارة.

إن على الأقلیات المسلمة فی الأقطار غیر الإسلامیة تقویة الذات والتعلم والدراسة والاستفادة من تجارب الأمم وخبرات الدول المتقدمة صناعیاً وعلمیاً، والمطلوب المشارکة بالحیاة العامة فی هذه الأقطار فی میادین التربیة والتعلیم والعلوم والثقافة والاتصال، وتعزیز التضامن والتکامل والتعاون بین بلدان إقامتهم وأوطانهم الأصلیة، لاکتساب القوة والمناعة والقدرة على الدفاع عن الوجود وحمایة المصالح والحفاظ على القیم والمقومات التی تشکّل الاساس المتین للأمة الإسلامیة.

إن العلاقات الاجتماعیة التی یجب أن تقیمها الأقلیات الإسلامیة مع غیرالمسلمین یجب أن تنبع من خصوصیة الثقافة الإسلامیة التی تنفتح على الآخر، والتی تتمیز بالتسامح مع جمیع أهل الأدیان والعقائد والثقافات والحضارات، وتجنح نحو التعاون فی إطار الأخوة الإنسانیة التی تجمع بین البشر کافة، من دون التوقف عند الاختلاف فی المعتقد والمذهب أو العرق والجنس، وهذا ما تقتضیه ضرورات التعایش الذی أصبح سمة العالم الحدیث. کما تملیه متطلبات الحیاة فی المجتمعات المعاصرة وتفرضه المصلحة المؤکدة للمجتمعات الإسلامیة الناشئة فی البلدان غیرالإسلامیة لأن استمرار حیاة الجالیات الإسلامیة على هذا النحو یضمن لها الاستقرار ویکفل لها الجو الطبیعی السلیم للرقی والتقدم، وذلک یتطلب إقامة أوثق علاقات التعاون مع جمیع مکونات مجتمع الإقامة وعلى مختلف المستویات ویحقق لها الاندماج الفاعل والمؤثر فی المحیط الواسع، وبالقدر الذی یجعلها فریقاً مشارکاً فی الحیاة العامة.

لکن یجب على المسلمین فی أماکن تجمعهم خارج العالم الإسلامی أن تتوفر فیهم شروط موضوعیة تتمثل فی الإیمان والوعی بالقیم الإسلامیة والتمثل بها والعمل بمقتضى التعالیم والأخلاق الإسلامیة، وعلیها حمایة هویتها الثقافیة والحضاریة، ذلک لأن تأثیر الجالیات المسلمة یتوقف على مدى سلامة کیانها الفکری والثقافی، وعلى مناعتها الأخلاقیة، کما یبرز هنا الدور الأساسی للمؤسسات الإسلامیة فی العمل ودعم ومساندة هذه الجالیات المسلمة أینما وجدت، من خلال المتابعة والتنسیق وإیجاد وسائل وآلیات للتفاعل والاتصال، لإیصال قضایا العالم الإسلامی من خلال هذه الجالیات إلى شعوب وحکام العالم غیرالإسلامی.

ونشدد هنا على دور منظمة مؤتمر العالم الإسلامی التی یجب أن تبرز فاعلیتها لیس فقط فی تشدید اللحمة بین دولها والدفاع عن مصالحها بل على اعتبار الجالیات الإسلامیة جزءاً لایتجزأ من سیاساتها بحمایتها وحفظ حقوقها والدفاع عنها.

أميرة شكري

وبّخ الجيش الأميركي تسعة من عناصره بسبب حادثتين أثارتا غضباً شعبياً في أفغانستان هما إحراق نسخ من القرآن الكريم ونشر فيديو يظهر عناصر من المارينز يبولون على قتلى من طالبان، من دون أن تتضمن العقوبة تهماً جنائية أو فترة سجن. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤولين في الجيش أن أربعة ضباط وجنديين تلقوا رسائل توبيخ بسبب قيامهم بإرسال صناديق تتضمن نسخاً من القرآن الكريم من مكتبة أحد السجون إلى حفرة للحرق في قاعدة باغرام في أفغانستان في شباط/فبراير الماضي.

ولكن التحقيق الذي أجراه الجيش ونشر أمس وجد أن الجنود لم يتصرفوا بـ"نية شريرة" للتقليل من احترام القرآن الكريم أو تشويه سمعة الإسلام، بل انهم لم يتبعوا الإجراءات الملائمة وكانوا جاهلين بأهمية القرآن للأفغان ولم يحصلوا على توجيه واضح من قادتهم وهو ما يعود إلى سلسلة من الأخطاء.

وقالت قوة مشاة البحرية الأميركية (المارينز) إن ثلاثة من عناصرها الذين ظهروا في فيديو التبوّل على قتلى من عناصر طالبان في كانون الثاني/ يناير تلقوا "عقوبات غير قضائية" قد تتضمن أيضاً رسائل توبيخ أو تخفيضاً في الرتبة أو تقليصاً في الأجر أو قيوداً على تحركاتهم في القواعد العسكرية أو مهام إضافية أو مجموعة من هذه الإجراءات.

ولم توضح القوة ماذا حلّ بالعنصر الرابع كما لم تصدر نتائج تحقيقها في القضية وقال مسؤولون إن السبب يعود إلى أن التحقيق يتواصل حول مسؤولية ضباط أرفع رتبة في الوحدة المتورطة.

وقال مسؤولون في الجيش الأميركي إن العقوبات ليست خفيفة كما تبدو لأن رسائل التوبيخ عادة ما تقود إلى نهاية مسيرة عسكرية ولكن من غير الواضح كيف سينظر إليها الشعب الأفغاني الذي استشاط غضباً لأيام بعد إحراق القرآن الكريم وقام بأعمال شغب حتى أن الرئيس حميد كرزاي دعا إلى محاكمة علنية للجنود المتورطين.

ولم يفصح الجيش أو المارينز عن أسماء الجنود.

أقدم نسخة من القرآن وزبور النبي داوود(ع) محفوظ في ثالث أكبر مكتبة مخطوطات في العالم الإسلامي بمدينة "قم" المقدسة. وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(ايكنا) أنه كتبت جريدة النهار الجديد الجزائرية تقريراً عن مكتبة المرحوم آية الله العظمى المرعشي النجفي في مدينة قم المقدسة كالث أكبر مكتبة مخطوطات في العالم الإسلامي وتضمن هذه المكتبة أقدم نسخة من القرآن الكريم وزبور النبي داوود(ع).

وجاء في هذا التقرير: "لم نكن نتوقع أن زيارتنا لمدينة قم الإيرانية ستقودنا إلى اكتشاف أحد الكنوز، الذي يعتبر تراثا إسلاميا وإنسانيا عالميا.. مكتبة تحتوي على أكثـر من 35 ألف كتاب مخطوط، تجمع أنفس وأقدم العلوم الإسلامية والإنسانية، في مقدمتها نسخة من القرآن الكريم، يعود تاريخها إلى 1300 سنة ونسخة أخرى من الكتاب المنزل على النبي داوود عليه السلام، يعود أصلها إلى 8 آلاف عام.

واقشعر بدني حينما تمكنت من رؤية أقدم نسخة من القرآن الكريم موضوعة بعناية في أول الرفوف تحت غطاء زجاجي، في ثالث أكبر مكتبة مخطوطات بالعالم الإسلامي، فهي مدونة فوق جلد الماعز على طريقة الكتابة الأولى للمصحف دون نقاط ولا تنوين، تساءلت في نفسي، كيف لهذا المصحف أن يصمد طيلة هذه القرون، ولكنني استحضرت الآية الكريمة التي تقول ''إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون''، وشد انتباهي أن المكتبة تحتوي على جميع أنواع المصاحف سواء المكتوبة على الجلود أو على الورق، ومصاحف أخرى أبدع المسلمون الأوائل في كتابتها وتزيينها بماء الذهب، وبأروع الخطوط كالخط الكوفي وخط النسخ والمغربي والثلث المحقق والثلث الريحان، خلال القرن التاسع الهجري. كما اطلعنا على مصاحف أخرى خطّها مسلمو آسيا مكتوبة بالخط البهاري والتيموري، إضافة إلى نسخ أخرى صغيرة وعجيبة، هي عبارة عن أوراق صغيرة يبلغ طولها أربعة أمتار، تلف على شكل أسطوانة تحمل سور القرآن كاملا، كتبت بشعرة الحصان بشكل دقيق، حيث كان الحجيج والمسافرون يضعونها فوق عمامتهم خلال القرنين التاسع والعاشر الهجري، بالإضافة إلى مصاحف أخرى متعددة الأشكال وبروايات متعددة، وكذا مخطوطات بمختلف لغات الشرق الأوسط وآسيا وجزء من أوروبا، ومنها كتب دينية فارسية مكتوبة بأظافر اليد.

وقبل إتمام تصفح الجانب الأيمن من المكتبة، استوقفنا مدير العلاقات العامة بالمكتبة، السيد "محمد حسين أوسطي"، وشد أبصارنا إلى كتاب ضخم يبلغ طوله حوالي 90 سنتمترا وعرضه حوالي 40 سنتمترا، مغلف بجلد سميك، وقبل أن يكشف لنا عن محتواه، سألنا هل عرفناه، فأجبنا بجهلنا إياه، فصمت وتلا الآية الكريمة من القرآن الكريم ''ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون''، حينئذ، عرفنا أنه الكتاب السماوي الذي نزل على النبي داوود عليه السلام، حيث قال محدثنا إن هذه النسخة هي الأقدم في العالم، يعود تاريخها إلى ثمانية آلاف عام، وحفظت عبر القرون بعدما كتبت على جلد الماعز، وعجبت حينما أكد السيد أوسطي أن هذه النسخة طالها تحريف بني إسرائيل، ما عدا الآية التي جاء بها القرآن الكريم ''ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون''، فهي موجودة في هذه النسخة لم تمسسها أيادي المحرفين، بل بقيت لتعجز من يأتي من بعد، لتشهد على صدق الوحي الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم المتمم للرسالات السماوية.

ومن العجائب أن المكتبة لم تجمعها دولة، بل جمعها شخص واحد وهو المرحوم آية الله العظمى المرعشي النجفي الذي انتبه إلى البعثات الإنجليزية التي كانت تشتري الكتب والمخطوطات القديمة للمسلمين، فقام بجمعها ووضعها في مكتبة قم، وهي المكتبة التي حظيت بعناية فائقة من طرف الحكومة الإيرانية، حيث جهزت بنظام حماية شبيه بالبنوك والخزائن ووضعت داخل مبنى مصمم لتحمّل زلزال بقوة سبع درجات على سلم رشتر، كما زودت بمخبر عصري وخبراء في علاج الكتب والقضاء على الفطريات، إضافة إلى ترميم الصفحات المتآكلة بما في ذلك إعادة تزيينها بماء الذهب، كما يسهر فريق غرافيك على نسخ جميع الكتب بواسطة أحدث الوسائل التكنولوجية.

وتعد المكتبة من الكنوز الإسلامية النادرة، فهي تحتوي على 65 بالمائة من المخطوطات الدينية للمذهبين السني والشيعي و35 بالمائة من المخطوطات الخاصة بعلوم الفلك والطب والهندسة والرياضيات وكافة العلوم التي ازدهرت خلال عصر النهضة الإسلامية، قبل 700 سنة.

 

الإثنين, 17 أيلول/سبتمبر 2012 06:09

إيران تنتج فيلما يحكي سيرة نبي الإسلام (ص)

في ذروة الغضب في كل أنحاء العالم الإسلامي ضد الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، أعلن المخرج الإيراني مجيد مجيدي عن انتهائه من وضع اللمسات الأخيرة لفيلمه السينمائي الجديد الذي يحمل اسم: محمد صلى الله عليه واله وسلم."

وتم تصوير الفيلم في جنوب إيران، بعد أن بدأ التصوير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومن المتوقع أن يتم عرض الفيلم مع بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل باعتباره ملحمة تاريخية حول حياه النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم)."

ووفقا لبعض المصادر الصحيفة، فإن ميزانية الفيلم تتجاوز 30 مليون دولار، مما يعد أكبر ميزانية لفيلم يصنع في إيران خلال العامين الماضيين. ويتكون الفيلم من ثلاثة أجزاء تركز على طفولة النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) قبل سن الثانية عشرة، وفترة ما قبل الوحي، ثم مسيرة النبي بعد نزول الوحي ونشره للدين الإسلامي.

اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان الفيلم المسيء للرسول(ص) وللاسلام هو اخطر من كل الاساءات السابقة التي تعرضت للاسلام وللقرآن وللرسول(ص) والتي تمثلت في حرق نسخ من القرآن او في رسوم كاركاتورية للرسول(ص) او حتى في كتاب "الآيات الشيطانية".

ولفت السيد نصر الله في حديث متلفز على شاشة قناة "المنار" مساء الاحد تناول خلاله التطورات الاخيرة المتمثلة بالاساءة للرسول(ص) وما تبعه من ردود فعل على مستوى العالم كله الى ان "هذا الفيلم المسيء للرسول(ص) في المضمون والشكل هو الاخطر بين كل الاساءات السابقة لانه متاح لجميع الناس الاطلاع عليه وهو يشكل حدثا خطيرا جدا في الحرب على الاسلام والرسول(ص)"، وأكد ان "ما حصل يتطلب وقفة من الامة لانه يمس أعظم ما ننتمي اليه بعد الله وهو الرسول(ص)"، معتبرا ان "ما حصل اخطر من احراق المسجد الاقصى في الماضي لانه وقتها تحركت الدول الاسلامية ومنظمة المؤتمر الاسلامي"، مؤكدا ان "الامة التي تسكت عن الاساءة لنبيها بحجم هذه الاساءة تعطي اشارة للاسرائيليين بأنكم يمكنكم ان تهدموا المسجد الاقصى "، مشددا على ان "الدفاع عن الرسول هو دفاع عن كل المقدسات وهو دفاع عن كل الديانات السماوية وكل الانبياء(ع)".

واشار السيد نصر الله الى ان "احد الاهداف الخطيرة لهذا الفيلم (ولكل اشكال العدوان التي تمارس بين الحين والآخر) هو ايقاع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين"، واوضح ان "ايا كان من يقف وراء هذه الاشكال من العدوان نجد دائما انه يجب ان يكون هناك اما مسلما مرتدا او احد رجال الدين المسيحيين"، وتابع "السؤال الذي يجب ان يطرح هنا هو لماذا يتم الدفع برجال دين او جمعيات مسيحية للاظهار انها تسيء الى المقدسات الاسلامية؟"، ونبه ان "من يقف وراء هذه الاساءات يخطط ان المسلمين عندما يشاهدون ما يتعرض له رسولهم(ص) او مقدساتهم فهم سيقومون للانتقام لمقدساتهم ولرسولهم وبالطبع هم سيردون ضد المسيحيين باعتبار ان من يقف في العلن هو مسيحي"، واضاف ان "من يخطط بهذه الطريقة هدفه اراحة الحركة الصهيوينة والعدو الصهيوني".

وفيما نوه السيد نصر الله "بمبادرة رجال الدين المسيحيين بادانة هذا الفيلم مما كان له الاثر الكبير في سحب فتيل الفتنة"، قال "نسجل انه بطريقة تعاطي القيادات الروحية الاسلامية والمسيحية فإن الغضب الشعبي الاسلامي والمسيحي إنصب على من يقف وراء هذه الاعمال من الادارة الاميركية والصهيونية وليس على الطرف الاخر سواء كان اسلامي ام مسيحي"، وشدد على ان "من يجب محاسبته ومقاطعته هو من يقف وراء هذا الفيلم ويحمي من انتجوه وفي طليعة هؤلاء الادارة الاميركية"، لافتا الى ان "الخط الاول الذي يجب التشديد عليه هو افشال الفتنة التي يهدف اليها من يقف وراء هذه الاعمال".

وقال السيد نصر الله إن "انتاج هذا الفيلم حصل في الولايات المتحدة الاميركية وهنا العالم الاسلامي يطالب الادارة الاميركية بالحد الادنى ان يتم وقف بث هذا الفيلم على شبكة الانترنت ومنع نشره كاملا في وقت لاحق كما يهدد من انتجه وبمحاسبة ومعاقبة هؤلاء الذين إعتدوا على كرامة وعرض مليار ونصف انسان في هذا العالم من خلال التطاول على مقدساتهم"، وتابع ان "الادارة الاميركية تؤكد انها لن تفعل شيئا انطلاقا من المعزوفة التي نعرفها وهي الحريات والحفاظ على الحريات وهي بذلك تقدم نموذجا حيا على نفاقها وكذبها على الشعوب والامم".

وإذ اشار السيد نصر الله الى "وجود الكثير من شواهد الاميركية لمعاقبة اشخاص وجمعيات ودول فقط لانهم يأخذون مواقف من الحركة الصهيونية او مواقف مما يسمى المحرقة او مواقف تشكك بها فقط"، سأل "ألا يدخل هذا في حرية الرأي؟"، واضاف "ألا يستحق المسلمون بما لهم من حضور وتأثير في العالم ان يصدر قانون مشابه لذلك الذي اصدرته الادارة الاميركية لمنع التعرض للافكار الصهيونية او حتى التشكيك فيها؟".

وشدد السيد نصر الله على ان "الامر الاهم اليوم هو العمل لمنع تكرار هذا العدوان على المقدسات في المستقبل"، ولفت الى انه "في الماضي حصل احتجاجات على كتاب (آيات شيطانية) وكانت اكبر من الاحتجاجات التي تحصل اليوم وقد اصدر يومها الامام الخميني فتوى باعدام مؤلف الكتاب وهذا ساهم الى حد كبير بمحاصرة الكاتب والمحلات التي تبيع هذا الكتاب"، داعيا "للعمل لايصاد باب الاعتداء من جديد على المقدسات"، مطالبا "بالعمل لاصدار قرار دولي ملزم يجرم الاساءة الى الاديان السماوية بالحد الادنى وهذا امر متاح".

ورأى السيد نصر الله انه "يجب العمل على غير المستوى الدولي فكما اصدر الكونغرس الاميركي قانون ما يسمى معاداة السامية يمكن للكونغرس ان يصدر قانونا لتجريم الاساءة للاديان السماوية"، واشار الى ان "الجاليات والجمعيات الاسلامية عليها واجب ديني واخلاقي ومسؤولية تاريخية كبيرة جدا فهي تستطيع ان تلعب دورا كبيرا وضاغطا للحصول على التزامات باصدار قانون من هذا النوع او الحصول على التزامات من الاحزاب الاميركية وهم على باب الانتخابات الرئاسية الاميركية"، واضاف ان "الدول التي تعتبر نفسها صديقة لاميركا يمكن ان تلعب دورا في هذا المجال وكذلك البرلمانات في العالم وخصوصا في اوروبا تستطيع ان تصدر مثل هذه القوانين".

واكد السيد نصر الله ان "ما يحصل اليوم يستحق دعوة طارئة لمنظمة المؤتمر الاسلامي لان نبيكم هو الذي يعتدى عليه ودينكم الذي يعتدى عليه"، وتابع "لو ان هذا الفيلم تناول ملكا او اميرا من ملوك العرب والمسلمين او رئيسا من هؤلاء لوجدتم غضبة لدى هذا الرئيس او ذاك مختلفة عما هو اليوم عندما تعرض الرسول(ص) للاساءة"، وأوضح انه "لا يكفي ان نعبر عن غضبنا بالتظاهر امام السفارات الاميركية هنا وهناك بل يجب الشعوب الاسلامية ان تضغط على دولها لتضغط بدورها على الادارة الاميركية بضرورة ان يحترم نبينا وديننا"، مضيفا "نحن امة تملك الكثير من الامكانات ويجب ان نُفهم العالم ان هذه الامة لن تسكت عن الاساءة لنبيها".

وحول دور لبنان فيما يجري في العالم، قال السيد نصر الله "قدمنا في لبنان نموذجا على الوحدة ومنع الفتنة"، واعتبر ان "لبنان هذا بلد التعايش الاسلامي المسيحي يمكنه ان يلعب دورا خاصا في اطار ما حصل"، وتابع "هنا اوجه ندائي للجميع في لبنان أن وطننا يمكنه ان يلعب دور الرسالة في هذا المجال وان يلعب دورا اكبر من حجمه في مسأل حماية الاديان"، واضاف "كما اناشد الحكومة العراقية (بصفة ان العراق يترأس جامعة الدول العربية) بدعوة مجلس الجامعة العربية لجلسة طارئة".

وحول مواصلة الاحتجاجات الشعبية عما جرى، لفت السيد نصر الله الى انه "يجب ان تستمر هذه الاحتجاجات ويجب ان تستمر المطالبات لوقف بث مقاطع الفيلم على الانترنت ولمحاسبة المسؤولين عن هذا الفيلم"، واشار الى انه "يمكن لوسائل الاعلام والاحزاب في العالم الاسلامي ان تلعب دورا في مسألة تجريم الاساءة للاديان السماوية في العالم"، منبها ان "اصدقاء اميركا في العالم سيعملون في المرحلة المقبلة لتبريد ردود الفعل حول ما حصل والعمل لكي تنسى الشعوب الاسلامية كل ما حصل".

وحول التظاهرة التي ينظمها حزب الله غدا في الضاحية الجنوبية لبيروت، اشار السيد نصر الله الى ان "هذه التتظاهرة هي فقط للاهالي في منطقة بيروت والضاحية وان هناك تحركات ومسيرات سيتم الاعلان عنها في كل المناطق اللبنانية في وقت لاحق"، واوضح "نحن أخّرنا التظاهر بسبب الايام الاستثنائية التي كانت تشهد زيارة البابا الى لبنان وخشية من ان يتم استغلالها لاهداف اخرى"، واضاف "تحركنا غدا في الضاحية لا يجب ان يكون كافيا بل يجب ان يستمر تحركنا بصورة دائمة كي يشاهد العالم وان تفهم الحكومات والبرلمانات ان مصالحها في دولنا تحترم بقدر احترامها لمقدساتنا"، مشددا على "ضرورة ان يكون النداء غدا خلال مسيرة الوفاء للرسول(ص) في الضاحية مجلجلا وقويا ان لبيك يا رسول الله".

ما هي أكلاف الضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الايرانية، قياساً بالخسائر الإسرائيلية جراء الحرب على حزب الله عام 2006؟ سؤال حاول ملحق صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاقتصادي الإجابة عنه، وكانت الخلاصة: الاقتصاد الإسرائيلي، في اليوم الذي يلي انطلاق طائرات سلاح الجو باتجاه ايران، سيبدأ بمواجهة واقع جديد، مكلف على الصعيد المادي، وقد يتسبب بكارثة اقتصادية وبشرية.

تشير الصحيفة إلى أن المعطيات الرسمية التي جُمعت ونُشرت بعد حرب عام 2006، تؤكد أن أكلاف تلك الحرب، لم تكن سهلة أبداً من الناحية الاقتصادية. فوفقاً لحسابات بنك إسرائيل المركزي، «بلغت الأكلاف المباشرة للحرب، 2.1 مليار دولار أميركي»، أما لجهة الضرر في الأنشطة الاقتصادية، «فأدت الحرب الى ضياع 0.5 في المئة من الناتج القومي، وإلى أضرار مباشرة لحقت بالصناعة الإسرائيلية، قدرت بـ 1.3 مليار دولار، وأيضاً خسائر متراكمة بحوالى 1.2 مليار دولار في القطاع التجاري، ومئة مليون دولار في القطاع الزراعي».

وشددت الصحيفة على أن الضرر الاقتصادي المشار إليه، جاء نتيجة لمواجهة عسكرية متواصلة مع حزب الله، دامت 33 يوماً، لكن في منطقة محصورة وهي شمال إسرائيل، التي يتركز فيها عشرون في المئة من الناتج القومي الإسرائيلي، مع تنظيم يعدّ 700 مقاتل نظامي، و 7300 مقاتل احتياط. إلا أن «المسألة مغايرة إزاء مواجهة مع إيران، التي لديها جيش نظامي يعد 550 ألف مقاتل، أي أكثر بـ 780 ضعفاً من حزب الله، و 1.8 مليون جندي احتياط، كما أن حجم الإنفاق العسكري الإسرائيلي، بحسب معهد SIPRI (السويدي الاستراتيجي)، كان أكثر من 7 مليارات دولار في العام الماضي». وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن «هذه الأرقام، من شأنها أن تدل على أن التعرض لإيران، سيكون أسوأ بكثير، من التعرض لحزب الله».

وأضافت الصحيفة إن «الأضرار المحدودة نسبياً للاقتصاد الإسرائيلي جراء حرب لبنان الثانية عام 2006، قياساً بمواجهة مع ايران، يمكن ردها إلى أن الوضع الاقتصادي الإسرائيلي في حينه، كان في الذروة، مع فوائض في المداخيل وفي الميزان التجاري، وكانت السياسة الاقتصادية تحقق أهدافها، أما الآن، على النقيض من ذلك، فنحن في أزمة اقتصادية».

وبعيداً عن الساحة المحلية، تضيف الصحيفة، فإن التقدير السائد في العالم هو أن نزاعاً عسكرياً في المنطقة سوف يقفز بأسعار النفط، وهو الأمر الأخير الذي يحتاج إليه الاقتصاد العالمي المتعثر الآن. ولفتت الصحيفة إلى أنه عملياً «العقد الضائع» الذي أصاب الاقتصاد الإسرائيلي في السبعينيات، كان وليد عوامل شبيهة بالعوامل الحالية تماماً. الحرب، هي حرب الغفران، اندلعت على خلفية تدهور في الاقتصاد العالمي سببه أزمة طاقة حصلت قبلها بأسابيع. وعلى مدى أعوام عانت إسرائيل «نمواً صفرياً» تسبب بانخفاض حاد في مداخيل الدولة، ونتيجةً لذلك فرضت الحكومة ضرائب إضافية ووسعت حجم ديونها.

هل يمثّل مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز على يد تنظيم «القاعدة» في مدينة بنغازي الليبية، منعطفا في الإستراتيجية الغربية نحو «الربيع العربي» ونحو المعارضة السورية المسلحة؟

على المدى المباشر والقصير، يقول مصدر ديبلوماسي، إن ما حدث في بنغازي سيؤدي إلى تعزيز الاتجاه الداعي إلى عدم تسليح المعارضة السورية، من دون أن يعني ذلك الأطراف التي تقوم بتوزيع الأسلحة على المعارضين، واقتصار المراجعة، إذا ما جرت فعلا، على الغربيين وحدهم من دون القطريين أو السعوديين، الذين يرعون الاتجاهات السلفية والاخوانية والجهادية الإسلامية.

ومن المبكر القول ما إذا كان ذلك سيملي مراجعة أعمق على المدى البعيد للدعم الغربي، الذي يقتصر حتى الآن على السلاح الخفيف وبعض أجهزة الاتصال، والكثير من المعلومات عن تحركات الجيش السوري، وتنسيق عمليات المعارضة المسلّحة عبر غرفة عمليات أميركية ـ بريطانية ـ تركية مشتركة، بالقرب من الحدود السورية ـ التركية.

فرسميا لم يستدع حتى الآن صعود المركب السلفي في الحركات الإسلامية، كما برز في ليبيا، مراجعة علنية وجدية في الخارجيات الأوروبية عن انحراف «الربيع العربي» عن الأهداف التي أوحى بها في بداياته، وفتحت الباب أمام تطبيع العلاقات مع التيار الرسمي الإسلامي الأوسع، المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين. وقد لاحت بشائر تحذيرات، لم تذهب بعيدا، في الفرز داخل المعارضات التي ينبغي محضها الدعم المطلوب، بين ما هو جهادي، وما هو ليبرالي. بعضها جاء في الامتناع الأميركي عن تقديم أسلحة للمعارضة السورية، أو أسلحة متقدمة، خوفا من وقوعها في أيدي جهاديين، ولكن الممانعة الأميركية لا تذهب إلى حد إملاء الموقف نفسه على تابعيه القطري والسعودي، اللذين يسلّحان من دون حسبان، جهاديين وغير جهاديين.

وبطريقة أوضح في فرنسا، عبّر وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، خلال مؤتمر «أصدقاء سوريا» في تموز الماضي، عن مخاوف مماثلة لا تزال تملي على الفرنسيين سياسة محسوبة في ملف تسليح المعارضة. وقال فابيوس إن المطلوب «ليس إسقاط النظام الاستبدادي ليحل محله نظام أصولي».

وفي هذا الإطار قال، لـ«السفير»، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو إن «ما يمنع تسليم أسلحة في الحالة السورية، هو الخطر القائم على ذلك من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية على ضوء التجربة الليبية، هناك إرادة ألا نجد أسلحتنا في أيد لم تكن مرسلة إليها في البداية. وفي الحالة السورية كلما تدهورت الأوضاع ارتفعت احتمالات التطرف».

والأرجح أن يؤدي الاختراق السلفي و«القاعدي» إلى مشكلة للجانب الغربي وحده من المعسكر الداعي إلى تسليح المعارضة السورية، من دون الجانب السعودي والقطري بشكل خاص، وهو الجانب الذي اخذ على عاتقه تسليحا غير محدود لكل القوى التي قاتلت العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، من دون حسبان أخطارها على المصالح الغربية، والفرنسية خصوصا، في منطقة الساحل الأفريقي في مالي والنيجر والجنوب الجزائري وموريتانيا التي تحولت إلى قاعدة أفغانية ـ طالبانية في قلب الصحراء، حيث أقامت في شمال مالي إمارة إسلامية تحتجز فيها 5 رهائن فرنسيين.

والحال أن مقتلة بنغازي، وسؤال وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المفجوعة مرتين، مرة بمأساة قتل السفير الأميركي المروعة ومرة بقتله في مدينة «ساهمنا بتحريرها»، يعبّر عن الصدمة الكبيرة وقصر ذات اليد، والعجز عن إجراء مراجعة حقيقية للإستراتيجية الوحيدة التي لا يملك الغربيون سواها حتى الآن.

فالتوقيت الذي اختاره الجهاديون، أي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، لتحويل احتجاج على فيلم مسيء للنبي محمد، إلى جبهة مفتوحة ضد السفارات الأميركية في كل مكان، لا يتيح خيارات كبيرة للتعامل معها من دون المخاطرة بزعزعة استقرار البلدان التي فتحت النار على الديبلوماسية الأميركية وخصوصا ليبيا. كما أن الولايات المتحدة ذهبت بعيدا في حربها على النظام السوري، وفي محاولات قلبه، والمراهنة على المعارضة السورية، رغم الريبة من جناحها السلفي، كي تتراجع الآن.

وليس واضحا ما إذا كان تفعيل الحرب على الإرهاب، على طريقة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، سيكون احد خيارات الرئيس باراك أوباما. ويقف الرئيس الأميركي أمام خيارات صعبة في الرد عسكريا على قتل سفير أميركي على يد تنظيم إرهابي من دون تعريض حملته الانتخابية إلى مخاطر كبيرة والتورط في مغامرة عسكرية.

ولا يمكن التكهن منذ الآن بالأهداف التي تنطوي عليها أوامره بتوجيه مدمرتين من الأسطول السادس إلى السواحل الليبية، أكثر من محاولة مباشرة وسريعة لاسترضاء الرأي العام الأميركي، الذي يرى في مأساة بنغازي صدمة 11 أيلول أخرى مصغرة. كما أن هجوما عسكريا في بلد حليف كليبيا قد يحولها إلى باكستان أخرى أو يمن ثانية، علما أن «أنصار الشريعة»، وهو التنظيم المتهم بالهجوم على قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي، يتمركز في مدينة درنة التي خرج منها 800 انتحاري لنصرة «القاعدة» في العراق، بحسب «وثائق سنجار» التي عثرت عليها القوات الأميركية في العام 2008 في معسكر لـ«القاعدة» قرب الحدود العراقية ـ التركية.

ومن غير المؤكد أن تتوصل السلطات الليبية، في ظل الانقسامات الحالية التي تسود أطرافها، إلى الإمساك بقتلة السفير الأميركي، وليس بوسعها القيام بذلك من دون المخاطرة بمواجهة غير محسوبة مع الفرع القاعدي الليبي. وهو عجز بنيوي ينسحب على كل السلطات الخارجة من «الربيع العربي»، التي فشلت في ضبط شارعها «السلفي»، وحيث خرج السلفيون من عباءة «الإخوان المسلمين» في تونس أو مصر أو غيرها.

ويضطر كل ذلك الرئيس أوباما إلى خيار لا يحوّل الانتخابات الأميركية المقبلة إلى اقتراع على نتائج سياسته في «الربيع العربي». فرغم دعمه العسكري والسياسي لبعض ثوراته، في تونس وليبيا ومصر وسوريا، لم يفلح في إحداث أي انقلاب في المزاج الشعبي العربي المعادي للولايات المتحدة، كما عبّر عنه بعد مقتلة بنغازي، توالي الهجمات على السفارات الأميركية والتظاهرات التي لا تبدي أي تعاطف مع مأساة كلينتون وفجيعتها.