Super User

Super User

حذر الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، من ان إنفراد الكيان الصهيوني بالسلاح النووي في الشرق الاوسط يمثل خطرا على الامن القومي والاقليمي. وقال العربي في افتتاح مؤتمر اليوم الاثنين بالقاهرة "نحو إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط" بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، إن "عدم انضمام اسرائيل لمعاهدة منع الانتشار النووي ورفضها التوقيع على أي من المعاهدات ذات الصلة يعتبر ضربة قاسمة للأمن الاقليمي".

وتابع ان "انفراد اسرائيل بالسلاح النووي يمثل خطرا كبيرا على الامن القومي والامن الاقليمي".

واوضح العربي ان "رفض اسرائيل الانضمام الى معاهدة منع الانتشار رغم انضمام الدول العربية اليها اخل باهم مبدأ فيها، وهو عالمية المعاهدة وتحقيق الامن المتبادل لكل اعضائها".

ويهدف المؤتمر الى "وضع خطة عمل عربية" تقوم على الاعداد على اساس علمي للموقف العربي في مؤتمر الامم المتحدة نحو انشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط والمقرر عقده في هلسنكي في ايلول القادم، حسب العربي.

ويشارك بالمؤتمر الذي تنظمه الجامعة العربية بالتعاون مع المركز المصري للشؤون الخارجية، عدد من المراكز والمعاهد البحثية ولجنة كبار المسؤولين الخاصة بانشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط.

حذر المتحدث باسم الخارجية رامين مهمان برست ان من ان ممارسة الضغوط على الشعب الايراني قبيل مفاوضات ايران مع مجموعة 1+5 في موسکو ستكون عديمة الجدوى على غرار السابق .

وفي كلمة له امام طلبة كلية الاذاعة والتلفزيون عصر الاحد قال مهمان برست ليعلم الغرب انه لن يجني شيئا اذا اراد البقاء على استراتيجيته السابقة اي ممارسة الضغط على ايران قبل مفاوضات موسكو او بعدها ولذلك عليه ان يقبل بان يتعاون مع ايران وفق خطة العمل ومعاهدة حظر الانتشار النووي (ان بي تي) .

واوضح : ان الموضوع النووي هو ذريعة تستخدمها الدول الغربية حاليا لممارسة الضغوط على ايران.

واضاف : انهم من خلال ذريعة الخشية من وجود شق عسكري في نشاطات ايران النووية، يفرضون الحظر ويحيلون الملف الى مجلس الامن ولكن الحقيقة هي ان نشاطاتنا النووية السلمية مجرد ذريعة.

واشار الى ان النشاطات النووية الايرانية حديثة العهد ولم تمض عليها سنوات كثيرة وقال : لكن الحظر ما زالت مستمرة منذ 30 عاما وانه ليست له صلة بالانشطة النووية.

واوضح مهمان برست ان الدول الغربية تعلم اكثر من غيرها ان النشاطات النووية الايرانية ذات طابع سلمي واضاف: لقد اشارت تقارير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى عدم وجود نشاط عسكري وكلما اراد الغربيون الاشارة الى هذا الموضوع فانهم يدعون ان لديهم خشية من يتم التحرك نحو هذا الاتجاه في المستقبل وهذا الموضوع ليس له اساس قانوني.

وتابع مهمانبرست : ان ايران عضو ملتزم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن اوائل الدول التي وقعت على معاهدة حظر الانتشار النووي وفي المعاهدة توجد ثلاثة مبادئ هي نزع الاسلحة وعدم نشرها والمحافظة على حقوق الدولة التي تمتلك الطاقة النووية السلمية ونحن ملتزمون بهذه المبادئ الثلاثة في حين انهم من الدول التي ترتكب مخالفات في هذه المبادئ الثلاثة.

واشار الى ان القوى الغربية زودت الكيان الصهيوني باسلحة نووية في حين انها لا تحترم حق ايران بامتلاك الطاقة النووية السلمية استنادا الى معاهدة حظر الانتشار النووي.

واوضح ان ايران لم تكن تنوي تخصيب اليورانيوم بنسة 20 بالمائة الا ان الدول الغربية ارغمتها على ذلك بعد ان امتنعت عن بيعها اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة لتشغيل مفاعل طهران للابحاث.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية : ان ايران توصلت في الوقت الحاضر الى تقنية تخصيب اليوارنيوم بنسبة 20 بالمائة بشكل كامل وبامكانات محلية ولن تسمح لاي دولة بتضييع حقها في التخصيب وفي حالة الاعتراف بهذا الحق فاننا سنبحث من اين يمكن تهيئة اليورانيوم.

واردف مهمان برست : في محادثات بغداد ايضا فان اتفاق الجانبين على استمرار المحادثات يعتبر امرا يجابيا ولكن اذا ارادوا اطلاق تهديدات فقد رأينا مرارا انها لا تجدي نفعا يجب الاعتراف بحقوقنا والمناقشة في الاطار النووي.

وحول الجزر الثلاث بالخليج الفارسي اكد مهمان برست ان هذه الجزر تابعة لايران استنادا الى الوثائق التاريخية الموجودة.

وحول العلاقات مع الدول المجاورة وخاصة تركيا وافغانستان واذربييجان، اكد مهمان برست ان تطوير التعاون مع دول الجوار تعد من اهم مبادئ الساسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية، داعيا الدول المجاورة الى توخي اليقظة تجاه الفتن والخلافات التي يريد البعض ايجادها بين دول المنطقة.

واكد مهمانبرست ان ارساء الامن والاستقرار يتم من خلال التعاون الاقليمي , داعيا دول المنطقة الى الاهتمام بمطالب شعوبها.

وفي جانب آخر من حديثه تطرق الى دور الصحوة الاسلامية بالمنطقة في السنوات الاخيرة واشار الى بعض المؤامرات الامريكية في المنطقة وقال : بعد ظهور الصحوة الاسلامية في المنطقة فان سياسة امريكا الخارجية لم تتغير وانما تغير ظاهر حضورها في المنطقة ففي السابق كانوا يريدون التغلغل عبر عملائهم الدكتاتوريين ولكن حاليا وبسبب كراهية الشعوب فانه يريدون وقف الصحوة الاسلامية او حرفها عن مسارها.

دعت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية الى اطلاق سراح معتقلين من دون محاكمة على اثر مشاركتهم في تظاهرات مطالبة بالحرية وازالة التمييز .

واكدت المنظمة الحقوقية في تقرير بعنوان "اصوات معارضين تكم افواههم في المحافظة الشرقية" انه "منذ شباط 2011، تم اعتقال مئات الاشخاص، هم رجال ولكن ايضا اطفال".

وبحسب التقرير المنشور الاثنين، فإن "الكثير من هؤلاء الافراد اطلق سراحهم، الا ان البعض لا يزالون معتقلين، وبغالبيتهم من دون اتهام او محاكمة".

واضاف التقرير "في عدد من الحالات، تمت احالة معتقلين الى القضاء بعد اتهامهم بدعم تظاهرات او بالتعبير عن اراء تنتقد الدولة".

ويشتبه في مشاركة غالبية المعتقلين بتظاهرات مناهضة للحكومة او بالتضامن مع الاحتجاجات في البحرين.

الى ذلك، اشار التقرير الى حجب عدد من المواقع الالكترونية في المنطقة الشرقية نقلت معلومات عن التظاهرات المناهضة للحكومة المطالبة بالديمقراطية.

وتابع التقرير "في وقت نعترف بان السلطات السعودية تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام نشعر بالقلق من ان مئات الاشخاص الموقوفين يبدو انهم اعتقلوا اعتباطيا وان المئات تعرضوا للتعذيب واخرون الى سوء معاملة".

وتشهد المنطقة الشرقية، احتجاجات سلمية منذ اذار 2011 الا ان النظام السعودي قام بقمع هذه الاحتجاجات مما ادى الى جرح و مقتل واعتقال العديد من المتظاهرين.

وفي 16 آذار، وجهت منظمة العفو الدولية مذكرة الى السلطات السعودية تتضمن معلومات حول هذا التقرير وطرحت اسئلة "لا تزال من دون اجوبة" وفق التقرير.

أصدر نواب مجلس الشورى الاسلامي لدورته التاسعة، بيانا الاثنين ادانوا فيه عمليات القتل ضد الشعب السوري الاعزل من قبل المجموعات الارهابية في هذا البلد.

وجاء في هذا البيان الذي وقع عليه 248 نائبا والذي قرأ في الجلسة العلنية الثانية للمجلس الجديد ، ان عمليات القتل الوحشية التي تعرض لها أهالي الحلة وحمص المظلومين في سوريا، تعيد الى الاذهان الجرائم الصهيونية المروعة في صبرا وشتيلا وانها مصداق بارز للاعمال الارهابية والقتل الجماعي في هذه الحقبة من التاريخ البشري .

وحمل البيان الدول الغربية وحلفائها في المنطقة وبعض دول الجوار السوري التي ابدت دعما لهؤلاء الارهابيين سرا وعلنا والتي زودت المسلحين والمجموعات الارهابية بالاسلحة ودربتهم وارسلتهم الى داخل الاراضي السورية، حمل جميع هذه الدول مسؤولية هذه الجرائم الوحشية والتي قتل فيها 32 طفلا .

واضاف البيان ان كافة هذه الدول شريكة في هذه الجرائم، موكدا على امريكا تحمل مسؤولية سياساتها الخاطئة في سوريا .

وادان نواب الشعب الايراني في مجلس الشوري الاسلامي بشدة هذه الجرائم الوحشية داعيا مجلس الامن الدولي العمل على منع ارسال الارهابيين وشحنات الاسلحة الى سوريا .

اكدت النتائج الرسمية لاول انتخابات رئاسية مصرية منذ اسقاط حسني مبارك صعود مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي واخر رئيس وزراء للرئيس السابق احمد شفيق الى جولة الاعادة الا ان بقاء الاخير في السباق لا يزال متوقفا على قرار ستصدره المحكمة الدستورية العليا في 11 حزيران المقبل بشان قانون العزل السياسي.

واعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات رئيس المحكمة الدستورية العليا فاروق سلطان الثلاثاء ان جولة الاعادة المقرر اجراؤها في 16 و17 حزيران المقبل ستكون بين مرسي وشفيق لحصولهما على اعلى الاصوات في الجولة الاولى التي جرت الاربعاء والخميس الماضيين.

واكد سلطان في مؤتمر صحفي ان نسبة المشاركة في الجولة الاولى في الانتخابات الرئاسية التي جرت الاربعاء والخميس الماضيين بلغت 46,42%.

وقال سلطان في مؤتمر صحافي ان مرسي حصل على 5 ملايين و764952 صوتا (24,3% من عدد الاصوات الصحيحة) بينما حصل شفيق على 5 ملايين و505327 صوتا (23,2%). واوضح ان الثالث في الترتيب كان المرشح الناصري حمدين صباحي وحصل على 4 ملايين و820273 صوتا (20,4%).

اما المرشح الاسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح فجاء في المرتبة الرابعة بحصوله على 4 ملايين و56239 صوت (17,1%) والامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى على مليونين و588850 صوتا (10,9%).

وردا على سؤال لسلطان عما يمكن ان يحدث اذا ما اقرت المحكمة الدستورية في 11 حزيران المقبل دستورية قانون العزل السياسي الذي يحرم احمد شفيق من حقوقه السياسية رفض رئيس اللجنة الانتخابية الاجابة واكتفى بالقول "عندما يصدر حكم المحكمة تكون هناك كلمة القانون للجنة انتخابات الرئاسية".

وقالت صحيفة الاخبار الحكومية الاثنين ان مصير الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت جولتها الاولى الاسبوع الماضي ستحدده المحكمة الدستورية التي ستفصل في 11 حزيران المقبل في مدى دستورية قانون يقضي بحرمان رئيس الوزراء الاسبق احمد شفيق من ممارسه حقوقه السياسية.

الثلاثاء, 05 حزيران/يونيو 2012 06:15

كيف ينظركيسنجر إلى أحداث الوطن العربي؟

(هنري كيسنجر) الدبلوماسي الأميركي العجوز لم ينل منه الكبر، وسيبقى الشخصية الأبرز في القرن العشرين في مجالات السياسة الدولية، وخاصة في مجال السياسة الأميركية الخارجية، أليس هو الذي حقق الانفتاح الأميركي على الصين، والذي كان لسياسته الدور الأكبر في تسريع تفكيك الاتحاد السوفياتي، والذي كان له الفضل الأكبر في ضمان أمن إسرائيل لعقود طويلة، حين كبّل مصر السادات ومبارك بقيود كامب ديفيد، وأنهى دورها العربي والإقليمي؟

الجواب... نعم، ثعلب وعجوز السياسة الأميركية يطلُّ بين الحين والآخر على عالم السياسة، إما بمقابلة أو بمقالة صحفية، ليدلي بآرائه فيما جرى ويجري من أحداث، وليضع أمام ساسة بلاده بعض المقترحات ووجهات النظر.

لحظة انترنت

في هذه الإطلالة الجديدة نشرت له صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً تحت عنوان (مبدأ جديد للتدخل) عبّر فيه عن وجهة نظر تقول: «إنه لا يولي أهمية كبيرة لإيديولوجية نظام حكم ما أو لنوعية النخبة الحاكمة وهويتها الطبقية، بمعنى آخر، ليس المهم لديه أن تكون الحكومة في دولة ما ثورية أو ديمقراطية أو دكتاتورية، بل المهم عنده فقط سياسات هذا النظام أو هذه النخبة أو الدولة تجاه أميركا».

وقد أبدى في هذا المقال دهشته للاهتمام الكبير الذي يوليه الغرب صحافةً ومسؤولين «لما يسمى الثورات العربية» التي اعتبرها أنها لا تزيد عن كونها «لحظة إنترنت» يتوقف المرء عندها قليلاً، ثم ينصرف عنها إلى مشاغل حياتية أخرى، وبالتالي يقول بحزم لا يجوز لحكومةٍ في الغرب التوقف طويلاً عند هذه الثورات!

قلق كيسنجر

ويظهر أن كيسنجر أصبح قلقاً في الفترة الأخيرة مما يردده بعض سياسيي وإعلاميي الغرب لمقولة إن الغرب أساء كثيراً للعرب بدعمه لحكومات دكتاتورية متحالفة معه ومع أميركا خاصة، كما زاد قلقه أكثر، دعوة هؤلاء السياسيين والإعلاميين إلى التكفير عن ذنوب الغرب تجاه ذلك الدعم والتركيز جدياً على إحلال الديمقراطية في الدول العربية.

ويجمع العديد من المراقبين والمحللين السياسيين على أن ما دفع كيسنجر إلى وجهة النظر هذه المتمثلة بنصيحته لمسؤولي السياسة الخارجية الأميركية بالحذر من التورط في هذا المجال، هو ميل واشنطن وبعض عواصم الغرب الحليفة لها إلى إنفاق وقتٍ وجهدٍ كبيرين للتدخل في شؤون دول الثورات العربية لأسباب إنسانية، تجاوباً مع الحملة التي تدعو إلى التعويض عما فات؛ إذاً يخشى كيسنجر أن تتورط بلاده في سياسات خارجية تحملها مسؤوليات هي في غنى عنها، وقد لا تفيد المصالح القومية الأميركية وفي مقدمتها أمن إسرائيل!!

فالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى ليس مطلوباً من وجهة نظره- إلا إذا كان يخدم أهداف ومصالح أميركا القومية، وأن يتناسب هذا التدخل مع قرب الدولة (المتدخل) في شؤونها أو بعدها في سياستها الخارجية من الدوائر المركزية لاهتمامات أميركا، وإذا كان هذا التدخل يعود بفائدة مباشرة على مصالح أميركا في تلك الدولة أو ذلك الإقليم.

صراحة تامة

لقد كان كيسنجر صريحاً أكثر من اللازم، ودون أي لف أو دوران عندما قال: إن هناك مبالغة في الغرب في تصوير حقيقة الثورات العربية، موضحاً أن البعض في الغرب بل كثيرين اعتقدوا أن الثورات العربية تقوم على دعامتين جوهريتين هما الشباب والديمقراطية، مضيفاً إن الشباب خرجوا من المعادلة عندما أزاحهم التقليديون سواء أكانوا عسكريين أم إسلاميين مع جميع القوى الإلكترونية عن سباق النفوذ والقوة, أما ما يتعلق بالديمقراطية، فمن الواضح أنها لم تعد هدفاً وأنها لن تتحقق، ضارباً المثل بليبيا، كما لا يتنبأ كيسنجر بأن ما جرى من تغيرات وتحركات في اليمن ومصر والبحرين وسورية هدفه ديمقراطي أي لا يقود إلى الديمقراطية في الوقت الحاضر ولا على المدى البعيد.

إن هذا يشير إلى أن كيسنجر لا تهمه قضية الديمقراطية في الشرق الأوسط، بدليل أنه لم يقدم أي رابط يربط بين قيام نظام ديمقراطي في أي دولة عربية وبين مصلحة أميركية تتحقق بفضل قيام هذا النظام، وهذا ما يشير مرة أخرى إلى أن شكل النظام الذي ستقود إليه هذه التغيرات والثورات ليس مهماً للسياسة الأميركية، أو لا يدخل في اهتمامات المسؤولين في واشنطن.

ويرد كيسنجر على بعض من يتوهم بأن أميركا لن تكرر خطأ دعم حكام مستبدين أو التحالف معهم بقوله: قبل أن نحكم على سياسة ما بأنها خطأ أم صواب، يجب أن نعترف بالإنجازات التي حققتها تلك السياسات التي دعمت من خلالها الإدارات الأميركية المتعاقبة الاستبداد العربي وهي:

المساعدة في تحقيق انتصار أميركا في الحرب الباردة.

تأمين مصالح أميركا القومية في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها النفط.

فرض اتفاقية صلح بين أكبر دولة عربية وإسرائيل.

تنفيذ الجوانب الحقيرة والقذرة في الحرب ضد الإرهاب مثل تولي أجهزة المخابرات في دول الاستبداد مسؤولية تعذيب المشتبه فيهم.

الالتزام بسياسات حرية السوق.

من جهة أخرى يرى كيسنجر وعدد كبير من المحللين السياسيين العرب أن القرارات التي صدرت عن جامعة الدول العربية وعن مجلس التعاون الخليجي وغيرهما خلال ما يسمونه عام الثورات، لم تصدر على قاعدة الديمقراطية، أو من أجلها، بل العكس تماماً، هي قرارات وصفت بأنها تعبر عن الإجماع، بينما في حقيقة الأمر لم تشارك في مناقشتها عدة دول عربية ثورية أو غير ثورية، إضافة إلى تحويله دفة سفينة الصراع الإقليمية في الشرق الأوسط باتجاه الصراع ضد إيران.

مسألة الأقليات

والأخطر من ذلك كله ما أعلنه كيسنجر من أن المنطقة وبالتحديد الوطن العربي، يتجه شيئاً فشيئاً نحو ما سماه نظاماً إقليمياً طارداً للأقليات، أو رافضاً ومخاصماً لها، وهذا أمر مخيف إذا ما حصل، لأنه يعني أن العرب في الطريق نحو عصر ما بعد الأقليات الذي قد يسفر عن أحد احتمالين كلاهما سيئ، الاحتمال الأول: هو تشكل نظام إقليمي عربي يخلو من الأقليات، والثاني نظام إقليمي تشكل فيه أقليات الشرق الأوسط دولاً ذات سيادة.

خلاصة القول

إن خطورة كبيرة تنبعث من رؤى كيسنجر هذه التي يشاركه فيها عدد غير قليل من المفكرين الأميركيين، والسبب هو إجماع هؤلاء على أن الوطن العربي مُقبل على نظام تهيمن عليه أفكار وعقائد متطرفة عرقياً وطائفياً مطعمة بأفكار إسلامية سلفية وطموحات عثمانية، وهذا ما يقود إلى أخطر أنواع الحروب وأشدها فتكاً ووحشية، فهل يعي العرب ذلك قبل فوات الأوان؟

لم تكد صناديق الاقتراع في تونس ومصر تفرز بعد الاطاحة بالرؤساء غلبة اسلامية «أخوانية» و«سلفية» واضحة حتى انهالت الاسئلة على الاسلاميين كافة، خصوصا ما يتصل بطبيعة الحكم وبمدى تقبل الاسلاميين للآخر، أو بالمخاوف من تطبيق الشريعة التي رفع لواءها بعض قادة «السلفية» في مصر. هكذا تحولت النقاشات ما بعد الثورة الى أولويات ما سيفعله الاسلاميون بالبلاد والعباد.

عندما غادر حسني مبارك وزين العابدين بن علي الحكم، كان البلدان في أسوأ حال. لقد نخر سوس الفساد والأزمات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولم يترك الرئيسان بابا من ابواب الخلاص للشعب في مصر او في تونس. ولولا هذا الفساد وتلك الازمات ربما لم يكن ثمة مبرر للثورة ولا للرغبة في التغيير أو الإحتجاج، ما يعني ان التركة الثقيلة للأنظمة التي تهاوت، هو أمر طبيعي ولا يمكن أن يكون ذريعة لتبرير ما، على عاتق القوى الجديدة من صعوبات ومهام، أو للتذرع بما لا يمكن القيام به، أو مواجهته في القادم من الايام.

يختلف الاسلاميون بين بلد وآخر، من حيث التنظيم ومن حيث الأولويات. كما اختلفوا من حيث ما تعرضوا له في السنوات السابقة من قمع واضطهاد، فرضت عليهم اساليب عمل مختلفة ساهمت في تشكيل شخصياتهم القيادية وفي التأثير على رؤاهم السياسية سواء باتجاه العمل السياسي السري أو العنفي، أو العلني والشرعي، او حتى للعلاقة مع الحاكم، أو لطبيعة التحالفات مع القوى الأخرى. لكن شعبية الاسلاميين الواسعة التي أوصلتهم الى مقاعد السلطتين التشريعية والتنفيذية جعلتهم في مهب اسئلة ما بعد الثورات العربية، التي ازدادت تسارعا بعدما طوى الأخوان على سبيل المثال عزوفهم المفترض عن السلطة، وذهبوا الى الترشح للرئاسة في مصر... وبعدما باتت «النهضة» ايضا في موقع ادارة الحكم في تونس.

هكذا تحول الاتجاه الاخواني عموما ويليه السلفي تحديدا ولأول مرة في التاريخ المعاصر الى المسؤول المباشر الذي سيتحمل مسؤولية سياسات بلاده المستقبلية، والى موضع ترقب وحتى رهان القوى الاقليمية والدولية. وكتب الكثير من التحليلات ومن السيناريوهات حتى الغربية عن ادوار الاسلاميين المرتقبة أو الممكنة في تحديد اتجاهات المحاور او التوازنات المقبلة في الشرق الاوسط بعد الرؤوس التي سقطت، والنظم الجديدة التي ستبصر النور في البلدان .

يؤكد الاسلاميون باتجاهاتهم كافة «إخوانية» و«سلفية» ان اولوياتهم هي اولويات داخلية. لا فرق في ذلك بين الاتجاه الاخواني الذي يريد البحث أولا عن حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية وترسيخ اسس الدولة والمؤسسات.. وبين الاتجاه السلفي الذي يريد تطبيق الشريعة أولا. ومن الواضح ان الخلاف قائم بين الاتجاهين حول هاتين الاولويتين الداخليتين. علما بأن هذا الخلاف يمكن حله لاحقا بالأطر الدستورية التي يمتلك «الاخوان» فيها الأكثرية سواء في مصر او في تونس. لكن من جهة ثانية يتفق الطرفان على تأجيل الأولويات الأخرى. أي ما يتصل بالسياسات الخارجية وبالسياسات الاقتصادية، وبالعلاقة مع الغرب، اوروبا والولايات المتحدة من جهة، وباتفاقيات كامب ديفيد والصراع العربي ـ الاسرائيلي من جهة ثانية.

بعد عام على الثورات لا يزال الاسلاميون في حالة قلق ولديهم مخاوف من «فلول» النظام السابق في تونس وفي مصر، فهؤلاء لم يغادروا مواقع القدرة والسيطرة في معظم المؤسسات الامنية والادارية والتعليمية، وفي معظم اجهزة الدولة ومؤسساتها... ولم تتمكن الثورة بسبب «مرحليتها» وبسبب غياب القيادة الواحدة الموحدة لها من التجرؤ على اقتلاع هؤلاء الفلول من تلك الاجهزة والمؤسسات على الرغم من خطورتهم المستمرة على الثورة وعلى مشروعها للتغيير. ثمة مشكلة كبيرة هنا. فمن المعلوم ان هؤلاء كانوا أعمدة النظام السابق.

وعدم التعرض لهم يعني استمرار أذرع هذا النظام على الرغم من التغيير الذي حصل. وهذا يعني ان التغيير الحقيقي والعميق يحتاج كما يقول الاسلاميون الى وقت طويل. أي الى ما بعد اقرار الدستور في تونس وما بعد الانتخابات الرئاسية في مصر. نعم هذا ممكن نظريا. ولكن من قال ان هؤلاء «الفلول» سوف يغادرون بمثل تلك البساطة مواقعهم الامنية والادارية والمختلفة؟ ومن قال ان الخارج الغربي الذي كان يدعم بن علي ومبارك لن يدعم هؤلاء في مواقعهم ولن يشجعهم على الصمود والبقاء لكي يكونوا ورقة ضغط على النظام الاسلامي الجديد ما يعني ان تميز الاسلاميين على هذا المستوى هو تميز مؤجل، وانهم لن يكونوا حتى اشعار آخر نموذجا مزعجا لهؤلاء «الفلول». لا بل يبدو من خلال الكثير من المعطيات ان مخاوف الاسلاميين من سطوة هؤلاء الأمنية هي اكبر من خشية «الفلول» من القوى الاسلامية.

التميز الآخر المؤجل هو في دور الاسلاميين الاقليمي بعد الثورات. إذ كيف يمكن للاسلاميين الذين يعتبرون أن اولوياتهم بعد الثورات في بلدانهم هي أولويات داخلية. وهم لا يريدون لأي قضية أخرى ان تعطل هذه الاولويات. ان يكونوا حاضرين على مستوى التحديات الاقليمية التي لا تنتظر ولن تنتظر اي قوة او اي طرف لترتيب اوراقه لتفسح له المجال بعد ذلك ليكون لاعبا وشريكا في التحولات التي تحصل في المنطقة؟ وهل الحرص على تقديم التطمينات والوعود للغرب بعدم التعرض لمصالحه أو لأمن اسرائيل سيضمن تسامح هذا الغرب مع نجاح تجربة الاسلاميين وتعبيد الطريق لها لتقديم النموذج الاسلامي المختلف؟ واذا صمت الاسلاميون عن هذه المصالح اليوم فما هو المبرر لمواجهتها او للانقلاب عليهاغدا؟

كيف يمكن على سبيل المثال لزعيم «حركة النهضة» الشيخ راشد الغنوشي بعد حصول حركته على ٤٠ في المئة من اصوات الناخبين، ان يقول في معهد واشنطن، انه مهتم بتونس وأن أولويته تونس في حين أن الآخرين أولويتهم ليبيا او فلسطين.. وانه لا يريد سوى ان تنجح التجربة في تونس.. لكنه مع ذلك يترك تونس لتنحاز الى أحد محاور الصراع الحاد حول سوريا ويستضيف «مؤتمر اصدقاء سوريا» على الرغم من الخلاف بين القوى الاقليمية وحتى الدولية حول طبيعة هذا المؤتمر، وحول المشاركة فيه اصلا... أي كيف انحازت «النهضة» الى هذا المحور في الوقت الذي تجنب فيه الغنوشي في المعهد نفسه تأكيد الانحياز ضد اسرائيل عندما قال «ليس في دستور تونس ما يمنع العلاقات مع اسرائيل».. ما هو النموذج الذي تقدمه النهضة هنا؟

لقد تعرض الاسلاميون الى التشكيك في سياساتهم المستقبلية المتوقعة. كيف سيحكمون، وهل سيطبقون الشريعة، وكيف سيتيحون للآخر غير المسلم فرصة التمثيل... لكن ذلك كله لم يكن في الواقع موضع الاتهام الأقسى او التشكيك الأشد. فقد أكد الاسلاميون في تونس وفي مصر انهم لا يريدون تطبيق الشريعة التي تخشاها بعض الاتجاهات السياسية والاجتماعية والدينية، وانهم سيعملون مع حكومات ائتلافية، وانهم لن يفرضوا الحجاب ولن يمنعوا الخمور ولا ارتياد الناس او السياح المسابح او الملاهي، وانهم سيعملون على قاعدة المواطنة مع الاقليات الدينية. وقد كانوا صادقين في هذا التوجه انسجاما مع اولوياتهم الاقتصادية والاجتماعية. اما بعض الدعوات السلفية المغايرة، التي تستعجل تطبيق الشريعة، أو ترفض الاقباط في المواقع التنفيذية فواجهت الاعتراض من الاتجاه «الأخواني» قبل غيره... لكن اصحاب هذه الدعوات كما هو معلوم لا يسيطرون على المجالس التشريعية التي ستصدر عنها مثل هذه القرارات التي تجيز او تمنع. النقد الأقسى الذي يمكن ان يؤثر سلبا على تجربة الاسلاميين المستقبلية هو محاباة الغرب. لم تكن التهمة افتراء محضا. فقد اصبحت اللقاءات في واشنطن علنية مع قيادات اسلامية في النهضة التونسية ومع الأخوان في مصر، بعدما قيل الكثير عن لقاءات سرية حصلت في السنوات السابقة...

ليس ما يمنع من حيث المبدأ اي حوار بين الاسلاميين وبين الغرب الأوروبي او حتى مع الولايات المتحدة. لكن ما قد يثير التحفظ او النقد هو مضمون هذا الحوار وتوقيته. ففي التوقيت جاء هذا الحوار بعد فوز الاسلاميين بانتخابات شرعية وشعبية بكل المقاييس وباعتراف خصومهم في الداخل والخارج. ولم يشكك أحد من علمانيين ويساريين وحتى «فلول» وفق المصطلح المصري بنتائج فوز الاسلاميين. بل جل ما قيل كان بأن يتعهد الاسلاميون التزام العملية الديمقراطية التي اوصلتهم الى الحكم.. إذا ذهب الغنوشي الى «معهد واشنطن» المعروف بولائه الصهيوني ليتحدث عن أولوية تونس بالنسبة اليه... أي ان زعيم حركة النهضة الاسلامية يريد ان يشيع الاطمئنان بان لا طموحات اسلامية واسعة لديه مثل الوحدة أو فلسطين... وهو يريد ان يؤكد على «تعقل الحركة الاسلامية» وعلى اختلافها عن ايران. نعم في الواقع هذا صحيح . ما جرى في تونس يختلف عن ايران، والغنوشي ليس امام الخميني، والثورة في تونس لا تشبه الثورة في ايران... ولكن ما علاقة الغرب بذلك كله؟ لماذا تقدم الحركة الأكثر شعبية في تونس، والتي قد تمتد شعبيتها الى بلاد عربية واسلامية خارج تونس ايضا، وهي في الموقع الأقوى شرعيا ودستوريا، مثل هذه التطمينات للغرب؟ «النهضة» لا تحتاج لأي مباركة خارجية، ولا لأي مصادقة خارجية على شرعيتها.... كما كان يفعل بن علي أو حسني مبارك. لقد افتقد مثل هؤلاء الرؤساء الشعبية الداخلية التي كانوا يحصلون عليها بتزوير الانتخابات ما كان يضطرهم الى الذهاب الى واشنطن أو الى باريس للحصول على شرعية الحماية من الخارج الغربي. بهذا المعنى أصل الزيارة في هذه اللحظة لم يكن حاجة لا لتونس ولا للغنوشي ولا لشرعية الاسلاميين فيها.. بل ربما كان المطلوب هو العكس تماما. أن يأتي من يمثل الادارة الاميركية أو الخارجية الفرنسية الى تونس للقاء الغنوشي في مكتبه، وان يقدم هؤلاء الإعتذار أولا عن دعمهم السابق لنظام بن علي الذي أرادت وزيرة الدفاع السابقة ميشال اليوي ماري ان ترسل اليه الحماية في بداية الثورة.. وأن يقدم الغربيون الضمانات بالتعامل الندي مع النظام الجديد في تونس وأن يتعهدوا احترام تجربة الاسلاميين وعدم عرقلتها... لعل في ذلك بعض التكفير عن صمت الغربيين الطويل، الذي لم يخدش ديمقراطيتهم، عن اضطهاد الاسلاميين، وعن تشريدهم في المنافي وعن زجهم في السجون طوال العقود الثلاثة الماضية.

والمسألة ليست شكلية على الاطلاق، وليست تفسيراً غير صحيح لما قيل في هذا اللقاء أو ذاك، وهو ليس اقتطاعا لجملة من هنا أو هناك. المسألة هي في «النموذج» الذي تقدمه الحركة الاسلامية في تونس او في مصر بعد اقترابها من السلطة، أو بعد وصولها اليها. أي هل ينبغي في مثل هذه الحالة أن تكون الأولوية هي تطمين الغرب الى نوايا الاسلاميين الطيبة خوفاً من تهمة التطرف أو خوفاً من الضغوط أو العقوبات الاقتصادية؟ أم ان الخوف هو على نجاح التجربة باي ثمن ممكن؟

السؤال هو عن مصدر الشرعية. هذا المصدر هو الشريعة أو هو الشعب. والنقاش هو حول التوافق او التعارض بين هاتين الشرعيتين. وقد تجاوز الاسلاميون الى حد بعيد هذا النقاش. أما «شرعية» الخارج، أو حتى هاجس هذه الشرعية، وهاجس الرضا الغربي فينبغي ان يكون خارج هذا النقاش اصلاً، وهو غير مقبول اسلامياً خصوصاً بعد الثورات على أنظمة ورؤساء كانوا من أشد الناس سوءاً وتبعية لهذا الخارج!!! لقد قيل الكثير في اسباب الثورات: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. وفي تطلعات «الثوار» الى الحرية والكرامة والعدالة.. إن من أسوأ ما فعله «النظام السابق» هو الارتهان للأجنبي في مسيرته الأمنية والاقتصادية والمعنوية. وقد استمر هذا الارتهان حتى اللحظات الاخيرة. فكيف يعقل ان يسارع «النموذج الاسلامي» البديل وهو نموذج العزة والكرامة والاستقلال... الى التلاقي في اليوم الأول لسقوط النظام السابق مع هذا الغرب الذي كان الحامي والمدافع الأول عن هذا النظام، والمتجاهل لسياسات القمع التي مارسها حليفه ضد الاسلاميين أنفسهم؟

ما يقال عن تونس هو نفسه ما يمكن ان يقال عن مصر ايضاً. وفي مصر المواقف اشد خطورة ودقة وحساسية.

نظراً لموقع مصر الجيوساسي ودورها في الصراع العربي- الاسرائيلي، وتاريخها في المنطقة العربية والاسلامية والافريقية.. لقد تناقلت وسائل الاعلام اخبار اللقاءات بين مسؤولي الأخوان وبين المسؤولين الاميركيين بعد الثورات وبعد الانتخابات التي فاز فيها الأخوان بأغلبية المقاعد البرلمانية. هل قدم الاميركيون الاعتذار «للأخوان» عن سياسات الدعم السابقة للرئيس مبارك، أم أن المطلوب من الاسلاميين التعهد باحترام حقوق الاقليات والعملية الديمقراطية واتفاقيات كامب ديفيد الموقعة مع الاسرائيليين؟ وهل سيكون الاميركيون أكثر حرصاً على الاقباط المصريين من الأخوان المسلمين، وقد تبين ان أكثر ما تعرض له هؤلاء من اساءات ومن تهديد لم يكن بعيداً عن سياسات النظام السابق ورجالاته الأمنية؟

الا تستحق الولايات المتحدة ان تشعر بالقلق ولو الموقت، على مصالحها ثمناً لدعمها السابق غير المشروط لحسني مبارك الذي امتلأت سجونه بالاسلاميين عموماً وبـ«الأخوان» خصوصاً؟

لماذا يجب ان يصمت الاسلاميون عن اتفاقيات كامب ديفيد؟ السلفيون متشددون في ضرورة تطبيق الشريعة اليوم قبل الغد، ولكن «كامب ديفيد»، بالنسبة اليهم، هي اتفاقية دولية يجب احترامها.. ولكن يمكن مراجعة بعض بنودها المجحفة بحق مصر اقتصادياً على سبيل المثال. حتى القيادي الإخواني البارز عصام العريان يهدد بمراجعة هذه الاتفاقيات، ولكن.. رداً على واشنطن التي ألمحت الى وقف المساعدات المالية الى مصر بعد الخلاف بين البلدين إثر احتجاز السلطات المصرية مجموعة اميركيين كانت توزع الاموال لمساعدة «المجتمع المدني المصري». عندها هدد القيادي الأخواني بمراجعة اتفاقيات كامب ديفيد لأن في بنود هذه الاتفاقيات التزاما اميركيا بتقديم مثل هذه المساعدة لمصر! وليس لأنها تخالف المبادئ الأخوانية الاسلامية أو لأنها تقيد مصر وتعطل دورها الاقليمي... وهذا «النموذج» من التهديد لا يليق في الواقع لا بهذه الشخصية التي تعرفها سجون مبارك جيداً ولا بالحركة التي تمثل...

ما هو هنا «النموذج» الذي تقدمه الحركة الاسلامية بعد الثورات، من مصر الى المصريين والى باقي العرب والمسلمين؟

وما هو النموذج «الأخلاقي» الذي يقدمه «الأخوان» أهم وأكبر حركة اسلامية شعبية على امتداد العالم العربي، عندما يتراجعون عن التزامهم بعدم الترشح للرئاسة المصرية من دون اي تبرير لهذا التراجع؟ أما مشروعية السؤال هنا فلا علاقة لها باسم المرشح أو بالتفاضل بين المرشحين. بل بهوية الحركة الاسلامية التي يتوجه اليها هذا السؤال، وليس بأي حركة أخرى يمكن ان تقول ما تشاء ثم تفعل خلاف ذلك ما تشاء.

أي «نموذج» يمكن، أو تريد، أو ينبغي ان تقدم الحركة الاسلامية في تونس او في مصر؟ لا نموذج اسلامي في السلوك والممنوعات، نظراً لاستبعاد الشريعة على الأقل في المرحلة المقبلة التي ستمتد لسنوات. هل سيكون «النموذج» هو في ادارة البلاد اقتصادياً؟ وهل يمكن تقديم مثل هذا «النموذج» الاقتصادي-الاجتماعي اذا كانت، كما يبدو، شروط البنك الدولي وشروط صندوق النقد الدولي ومعهما شروط المساعدات الأخرى للنظام السابق، ستتكرر هي نفسها مع الاسلاميين في الحكومات الجديدة؟

لو كانت الثورات من صناعة الغرب لوجب الامتنان له والالتزام بمصالحه. ولو كان الغرب هو المهيمن وهو القادر على كل شيء لما سمح لتلك الثورات ان تحصل اصلاً. لكن الغرب هو الذي يتراجع. ومن يتقدم هم الاسلاميون وشعوب المنطقة والعالم. والشواهد على ذلك كثيرة من اصل الثورات العربية الى واقع ايران مع الغرب، الى اتجاهات تفلت اميركا اللاتينية من الهيمنة الاميركية وصولاً الى صعود روسيا والصين في المعادلتين الاقليمية والدولية... وهذا يعني ان الاسلاميين الذين صمدوا طوال عقود في مواجهة استبداد حلفاء الولايات المتحدة واسرائيل في أكثر من دولة عربية واسلامية ثم اسقطوا هؤلاء الحلفاء قد ساهموا بدورهم في اضعاف السيطرة الاميركية على منطقتنا والعالم.

وهذا يعني ايضاً ان من يحتاج الى الآخر للحفاظ على مصالحه هو الغرب وليس الاسلاميين. وأن موقع الاسلاميين موضوعياً هو في صف تلك الجبهة أو ذلك المسار الذي اضعف الهيمنة الاميركية. والولايات المتحدة تعلم ذلك وتخشاه... ولذا هي تريد من اسلاميي تونس ومصر وباقي الاسلاميين العرب الا يكونوا في هذه «الجبهة»، والا يكونوا ذلك النموذج... وثمة من يتحدث في واشنطن، بسبب ذلك، عن عدم الثقة بالاسلاميين وعن ضرورة عدم السماح لهم بالتمكن من الحكم...

لا يمكن القبول بفرضية الواقعية، اي قوة الولايات المتحدة وسيطرتها الاقتصادية والمخاوف من عدم مجيء السياح الغربيين... لتبرير التسرع في الذهاب المعنوي والنفسي الى الغرب. مثل هذه الذرائع كانت حجة الأنظمة السابقة من مبارك الى السادات، الى الانظمة الحالية، وهذا لا يمكن ان تتميز به الحركة الاسلامية، ولا يمكن ان يكون «نموذجا» مقبولاً منها خصوصاً في هذه المرحلة الانتقالية... وباستطاعة الاسلاميين وهم في السلطة ان يكونوا أكثر انسجاماً مع المسار الذي اتى بهم الى هذه السلطة وان يفكروا في «نموذج» مختلف عن النموذج السابق، أي فتح ابواب التعاون البديلة الاقتصادية والتجارية والعسكرية وسواها... مع القوى الدولية مثل الصين وروسيا وفنزويلا والهند... وهي الدول التي تشكل «المجتمع الدولي الحقيقي (نصف العالم) وتمتلك هذه الدول من القدرات ما تحتاج اليه الولايات المتحدة نفسها.. ومن البديهي ان يتعاون الاسلاميون ايضاً مع ايران ومع تركيا في مجالات تفوق هذين البلدين، وهي كثيرة ايضاً... وفي مثل هذه الاحتمالات سوف يأتي الاميركيون على عجل للاعتذار عن المراحل السابقة وللإعراب عن حسن النوايا ومعها تقديم التطمينات والوعود باشكال الدعم والتعاون المختلفة. لكن ثمة احتمالا آخر قد يلجأ اليه الغربيون اذا توجه الاسلاميون شرقا.

وهو الحصار والعقوبات وممارسة الضغوط. نعم، هذا ثمن قد يضطر الاسلاميون الى دفعه. ولكن ماذا يعني اذا لم يعاقب الاسلاميون على وصولهم الى السلطة؟ يجب ان نتوقع ذلك. لأن الاسلاميين، و«الأخوان» في مقدمتهم، هم ضد المصالح الاميركية وضد اسرائيل ووجودها، وهم مع المقاومة ومع الاستقلال والعزة والكرامة. وعندما لا يعاقب الاسلاميون ولا يحاصرون، علينا ان نقلق وأن نفكر مرات ومرات لماذا لا يحصل ذلك.

من الطبيعي ان يكون الاسلاميون نموذجاً مزعجاً للغرب ولاسرائيل. وهؤلاء اليوم لا يفكرون ولا يعملون سوى من اجل منع الاسلاميين بعد الثورات من ان يكونوا هذا «النموذج.«

لا شك ان التجربة في بداياتها وتحتاج الى الكثير لمواجهة ما يتربص بها من عقبات وصعوبات... لكن »النموذج الاسلامي» المفترض يستحق الأثمان التي لا تؤجل.

طلال عتريسي أستاذ في الجامعة اللبنانية

هي الذكرى الأشد قساوة على الإطلاق بالنسبة إلى الفلسطينيين؛ يوم نكبتهم واغتصاب أرضهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي. 64 عاماً مضت ولا تزال النكبة مستمرة

رام الله | لن تختلف فعاليات النكبة هذا العام عن سابقاتها، حيث ستُرفع الرايات السوداء في كل مكان، فيما سيخرج الجميع في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، إلى مراكز المدن وساحاتها، لإحياء الذكرى، على أن تتوجه مجموعات من الناشطين الى سجن عوفر الاحتلالي، بالقرب من مدينة رام الله لإحياء هذه الذكرى أمامه.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، زكريا الآغا، إن المسيرة والمهرجان المركزي في محافظات الضفة الغربية ستنطلق من جميع المحافظات والقرى والمخيمات باتجاه ميدان الشهيد ياسر عرفات، على أن تلتقي جميعاً أمام ضريح الرئيس ياسر عرفات. وهناك ستطلق صفارات الحزن، بحيث دعا الآغا جماهير الشعب الفلسطيني الى التقيد بالوقوف التام لمدة 64 ثانية عند إطلاق الصافرة عند منتصف النهار في الساعة الـ12 ظهراً.

وستوجه اللجنة الوطنية العليا لإحياء النكبة مذكرات سياسية تؤكد على الحقوق الفلسطينية لكل من الأمين العام الأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والأمين العام لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي.

في المقابل، نقل موقع «ولا» العبري، عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، قولها إن «حالة من القلق تنتاب الجهات الأمنية الإسرائيلية» في ذكرى النكبة، وإن رئيس هيئة أركان الجيش، بيني غانتس، بحث أخيراً طرق التعامل مع التظاهرات العنيفة المتوقعة في يوم النكبة، التي ستكون أكثر من المعتاد هذا العام بسبب إضراب الأسرى عن الطعام، مع قادة الوحدات الإسرائيلية المختلفة العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أن «كل متظاهر سيكون بمثابة قنبلة موقوتة». وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن مراكز التظاهرات في الضفة سيتركز في بيت ريما وقلنديا، فيما سيكون معبر إيرز هو مركز المواجهة بغزة.

وفي مثل هذه الأيام قبل 64 عاماً سيطرت دولة الاحتلال على 774 قرية ومدينة، ودمر جيشها 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكبت قواتها أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني. ومنذ أحداث نكبة 1948، تضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من 8 مرات، بحيث يقدرون اليوم بحوالى 11.2 مليون نسمة، أكثر من نصفهم في الشتات.

المستوطنون اليهود وصل عددهم في الضفة الغربية إلى أكثر من نصف مليون مستوطن، موزعين على 474 موقعاً استيطانياً، ونصفهم يعيشون في القدس المحتلة بهدف تهويدها. أما جدار الفصل العنصري، فقد التهم نحو 13 في المئة من مساحة الضفة الغربية، ويعزل الجدار نهائياً حوالى 53 تجمعاً يسكنها ما يزيد على 300 ألف نسمة، ويحاصر 165 تجمعاً سكانياً يقطنها ما يزيد على نصف مليون نسمة.

بعد اجتماع اسطنبول وقبل لقاء بغداد في الثالث والعشرين من ايار الحالي، يتصدر البرنامج النووي الايراني الاهتمام العالمي مرة أخرى، ولكن هذه المرة من فيينا، حيث بدأت أمس محادثات لمدة يومين متتاليين بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقر السفارة الإيرانية لبحث اتفاق فني بين الطرفين للاتفاق على نهج لحل القضايا العالقة والجوانب التي تصر الوكالة على أن الجمهورية الإسلامية لم توضحها بعد. وكان لافتاً زيارة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق الاشتراكي ميشال روكار إلى طهران قبيل اجتماع فيينا ولقاؤه كبير المفاوضين سعيد جليلي وإطلالته عبر القناة الثانية في التلفزيون الرسمي، فيما أعلنت إيران عن نيتها إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء تزامنا مع تاريخ لقاء بغداد المقبل، وهو ما اعتبر رسالة مفادها أن اللين الإيراني يصدر عن موقف قوة لا عن ضعف.

وبدأت محادثات بين ايران والوكالة وهي الاولى منذ ثلاثة اشهر، وتحظى باهتمام واسع باعتبارها ستؤشر إلى مدى نجاح الاجتماع المرتقب بين إيران ومجموعة «5 + 1» في بغداد. وتجري المفاوضات بين مندوب طهران في الوکالة علي أصغر سلطانية وكبير المفتشين فيها هرمان ناكايرتس للاتفاق على صيغة مقبولة من الطرفين للإشراف على البرنامج النووي الإيراني وتوضيح بعض النقاط العالقة فيه. وقال ناكايرتس قبيل بدء اللقاء «نحن هنا لمواصلة الحوار في أجواء إيجابية». وأضاف ان هدف المفاوضات هو الاتفاق «على نهج لحل جميع المسائل العالقة» مع التركيز على القضايا المتعلقة بتوضيح «وجود شق عسكري لبرنامج طهران النووي» من عدمه، ومطالبا ايران بالسماح للوكالة «بالوصول الى الافراد والوثائق والمعلومات والمواقع» التي يمكنها إلقاء الضوء على نقاط الاختلاف.

ويكتسب الاجتماع أهميته من كونه الأول بعد زيارتين قام بهما ناكايرتس إلى إيران كانت ثانيتهما في شهر شباط الماضي وتركت انطباعا عاما بأن «هوة كبيرة» موجودة بين الطرفين. وأصر ناكايرتس حينها على الدخول إلى موقع بارشين العسكري شرقي العاصمة طهران وهو ما رفضه الإيرانيون باعتباره «غير مشمول بالاتفاقات الموقعة» بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، فضلا عن «مخاوف من تسريب أسرارها العسكرية إلى دول معادية». وتتهم طهران الوكالة الدولية بأنها وراء تسريب أسماء علمائها النوويين إلى العلن، ما سهل وصول أجهزة استخبارات معادية من بينها الموساد إلى أربعة منهم واغتيالهم. في المقابل، يصر دبلوماسيون أميركيون وغربيون على اعتبار «الدخول إلى موقع بارشين أولوية» وبندا أساسيا على جدول محادثات فيينا أمس واليوم، علما أن مفتشي الوکالة الدولية زاروا الموقع المذكور مرتين في العام 2005 ولم يعثروا فيه على شيء يدل على نشاط ذري غير سلمي.

إلى ذلك، حذر أمين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي الغربيين من ارتكاب «أي خطأ في حساباتهم مع ايران لأن ذلك سيعيق نجاح المحادثات النووية في الاجتماع المقرر في بغداد». وخلال استقباله رئيس الحكومة الفرنسية الاسبق ميشال روكار طالب جليلي الغرب «بخطوات بناءة لكسب ثقة الشعب الايراني». وقال جليلي ان «بعض التصريحات التي أطلقها مسؤولون غربيون مؤخرا غير بناءة»، داعيا إياهم الى «تجنب التصريحات التي لا تصب في مصلحة المحادثات المقبلة» في إشارة إلى البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي وطالب فيه طهران بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم والمشاريع المتعلقة بالماء الثقيل.

ودعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الغرب الى «تغيير موقفه» حيال ايران. وقال نجاد كما نقلت عنه وكالة الانباء الايرانية الرسمية خلال زيارة له الى قوشان شمالي شرقي البلاد إنه «اذا غيّر الغرب موقفه واحترم الشعب الايراني، فإنه سيربح في المقابل احترام الايرانيين». وأكد الرئيس الايراني مجددا ان «عليهم ان يعرفوا ان الامة الايرانية لن تتراجع ابدا عن حقها الجوهري» في المجال النووي. وكرر نجاد ان أي زعيم «عاقل» لن يعمد الى صنع سلاح ذري. وقال الرئيس الايراني كما نقلت عنه الوكالة الرسمية «أي إنسان عاقل لن ينفق المال لصنع سلاح ذري». وأضاف «لو كان قادة (الدول التي تملك سلاحا نوويا) عقلاء، لكانوا أنفقوا أموال شعوبهم لتحسين حياة مواطنيهم».

من جهته، أعرب روكار عن أمله في نجاح محادثات بغداد واستمرار الخطوات الايجابية التي بدأت في اسطنبول، معتبرا أن «نجاح المفاوضات سيصب في مصلحة جميع الاطراف بمن فيهم فرنسا». وفي تصريحات للقناة التلفزيونية الثانية كشف روكار عن ان دول «5 + 1» «ستسعى الى اتخاذ موقف موحد في اجتماعات بغداد». كما وصف روكار الفتوى الشهيرة لقائد الثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي بتحريم إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل بأنها «بالغة الاهمية ويمكنها زرع الثقة». وخاطب روكار الايرانيين قائلا «ان العالم يعيش تحولات لا يمكن فيها لأي بلد اللجوء الى القوة لفرض إرادته على الآخرين».

إلى ذلك، كشف علاء الدين بروجردي رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان عن «وجود مفاوضات حاليا بين مساعد الأمين العام لمجلس الامن القومي علي باقري ومساعد مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للاتفاق على إطار لمفاوضات بغداد». وقال بروجردي «إن مفاوضات حول الموضوع نفسه جرت مع الدول التي لها علاقة بالموضوع» وعبر عن اعتقاده بأن «اجتماع بغداد سيشكل خطوة نحو الأمام». ونقل بروجردي عن رئيس الوزراء الفرنسي روكار بعد لقاء جمعه بأعضاء لجنة الأمن القومي «تفاؤله باجتماع بغداد». واعتبر بروجردي أن «مفاوضات بغداد هي سلسلة إحدى حلقاتها الموضوع النووي»، وأن طهران تطرح «مواضيع المنطقة والعالم ومنها الإرهاب كرزمة واحدة».

وفي سياق متصل، شدد مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون الدولية والقانونية محمد مهدي آخوندزاده، على ان طهران «لن تخضع للضغوط والابتزاز»، معتبرا ان «الالتفاف الشعبي حول البرنامج النووي أجبر الغرب على التراجع» أمام طهران، وأكد آخوندزاده أن «إجماعا دوليا بدأ يتكون باتجاه حل» سلمي للبرنامج النووي لبلاده.

وفي توقيت ذي دلالة غاية في الأهمية أعلنَ رئيسُ لجنةِ تكنولوجيا الفضاء الايرانية مهدي فرحي أنّ بلادَهُ ستُطلِقُ قمرَا صناعيا يدعى «فجر» الى الفضاء في الثالث والعشرين من أيار الحالي أي في موعد اجتماع بغداد. وهو ما اعتبره مراقبون «رسالة قوية إلى مجموعة 5 + 1» تؤشر إلى أن إيران التي لينت موقفها في اجتماع اسطنبول الشهر الماضي وتنوي التعاطي بإيجابية مشابهة في اجتماع بغداد «لا تنطلق في موقفها من ضعف بل من رغبة في التوصل إلى حل مرض للطرفين ولكن من موقع قوة». وأوضحَ فرحي أنّ القمرَ الصناعيَ «فجر» هو الرابع الذي تطلقه إيران إلى الفضاء ويمتازُ بقُدراتٍ تقنيةٍ متطورة مقارنة مع الاقمارِ الصناعية الثلاثة «اميد» و«رصد» و«نويد» التي أطلَقتْها ايرانُ سابقا، كما أنّ عمره أطول من أعمارِ الأقمارِ السابقة بعامٍ ونصفِ العام عندما يَدخُلُ الخدمةَ في مدارِه حولَ الأرض.

إبنتي الغالية.. أنتِ بلاشكّ تقولين: أنكِ تحبّين الله تعالى لكنّه سبحانه وتعالى يطلب منّكِ الدليل على حبّك، وكل من ادّعى المحبّة فعليه أن يقدّمه، وهو في قوله تعالى:"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (آل عمران/ 31)، فطاعتكِ لأوامر الله ورسوله هي دليل محبّتكِ له، وما عدا ذلك فهو ادّعاء لا مرية فيه، فهلا رجعت إليه وإلى أمره فالتزمت بحجابكِ وعفتكِ وطهارتكِ؟ وهلا حجبت نفسك عن اتّباع الهوى وأخذت حذرك من الشيطان الذي يأتي يوم القيامة فيخطب فيمن أغواهم فأطاعوه؟ "وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (إبراهيم/ 22).

إنّها جنّة عرضها السماوات والأرض:

ابنتي وحبيبتي، انظري في نفسك وحولك نظر فكر وتأمّل، ألم يخلقك الله في أحسن تقويم، ألم يسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة، ألم يسخر لك الكون بما فيه، ألم يرزقك رزقاً حسناً منذ كنتِ جنيناً في بطن أمك وإلى الآن وإلى ما شاء لك في هذه الحياة؟ هل تعلمين أنّك لو جلست تعبدين الله ليل نهار صياماً وقياماً ما وفيت الله نعمه وما أديت حقّه وشكره؟ لكنّه كريم متفضّل منعم، فلماذا لا تعودين إليه وأنتِ تتقلّبين في نعمه كل لحظة؟! أتعرفين ثواب من يطيعه ويتعبّده بإتيان أوامره واجتناب نواهيه؟ إنّه جنّة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتّقين فيها "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر". أتعلمين جزاء مَن يعود إلى ربّه؟ إنّه القبول والرحمة وتكفير السيِّئات وتبديلها حسنات وكل ذلك فضل من الله الكريم القائل مبشراً: "إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" (الفرقان/ 70).

باب التوبة مفتوح.. ولا نجاة إلا بالتمسُّك بمنهج الله:

إنّ الحجاب فرض عين على كل مسلمة رضيت أم أبت، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" (الأحزاب/ 59). والحجاب مظهر لصلاح ظاهر المرأة وتميزها بالإلتزام بمنهج الله عن غيرها؛ لذا لابدّ مع الحجاب يا ابنتي من صلاح الباطن وتقوى القلب، والمسلمة بحق تجمع بين صلاح الباطن والظاهر فلا يستغني أحدهما عن الآخر، فينضح إيمان قلبها وحبها لربّها على مظهرها فيتجلى حجاباً وستراً وخلقاً طيّباً وسلوكاً وعملاً واتباعاً وطاعة، وقد فرضه الله تعالى على المرأة وعلم منها القدرة على الإلتزام به لأنّه لا يكلّف الله نفساً إلّا وسعها، وهو عزّوجلّ هو مَن رحمها وهي صغيرة فحرّم وأدها، ونهى عن تفضيل الذكور عليها، وجعل منها إنسانة لها حقوقاً، وكرّمها وهي كبيرة أمّاً وزوجة وأختاً، فجعل لكل منهنّ حقّاً وبرّاً وصلة ورحماً، وأنزل سوراً من القرآن تحمل اسمها كأنثى (مريم – النساء – المجادلة) وجعل الجنّة داراً لها كما هي للرجال، كل هذا التكريم يقتضي ويتطلّب منّك الطاعة والإنابة إليه سبحانه. فعودي إلى الله سريعاً ولا تأخذك العزة بالإثم فتندمي وتخسري حيث لا ينفع الندم ولا تُرفع المعصية، وباب التوبة مفتوح وهو سبحانه يفرح بتوبة عباده ويغفر ويسامح.

فعودي إلى الله عوداً حميداً من قبل أن تأتي ساعة يكون الندم فيها كبيراً حيث لا رجعة بعدها إلى الدنيا فنعمل، وتلك الساعة سيذوقها كل إنسان، وهي لا تعرف عمراً محدّداً، فقد تأتي الصغير قبل أن يكبر، والكبير قبل أن يهرم، والعروس قبل أن تُزَفّ، قد تأتي المرء في أي حال وفي أي وقت فلا يستطيع أن يتوب أو يعيش ليعمل، إنّها لحظات الموت التي يتحدّد فيها مصير كل إنسان ويطيع على مستقبله وما ينتظره فيه، ووقتها سيعرف المرء هل سيزف إلى جنة الخلد حيث الرضا والنعيم أم سيساق إلى جهنم وبئس المصير؟ فانتبهي يا بنيتي.

الجنّة تناديك وتدعوك لطاعة الله:

ابنتي.. الجنّة تشتاق إليك بعودتك إلى الله فعُودي، والإسلام يريدك قدوة طيّبة فكوني، ويحبّك ملتزمة بدينك فالتزمي، وإن طاعتك لربّك عمل يضاف للآباء والأُمّهات فلا تحرمي والديك من هذا الثواب، وصلاحك يا ابنتي سينفعك وينفعهما وينفع المسلمين جميعاً، فأطيعي الله لتقرّ عين أُمّك التي تحبّك وأبيك الذي ربّاك، وأنا على يقين وثقة أنّكِ بعون الله ستتغلبين على شيطان النفس والهوى.

إيمان مغازي الشرقاوي