
Super User
ناشطون سويديون يدعون إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية
دعا ناشطون من جمعية "فلسطين" السويدية، مساء الجمعة، إلى مقاطعة بضائع إسرائيل، وتجنب السفر إليها. ووزع أعضاء الجمعية خلال فعالية نظمتها في مركز العاصمة ستوكهولم، مطويات تدعو إلى مقاطعة بضائع إسرائيل، وعدم قضاء إجازات فيها
وفي حديث ، قال ولي ريتشهولد، عضو الجمعية، إن الناشطين يشرحون للمواطنين ممارسات إسرائيل من قمع وتعذيب وقتل للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
وذكر أن إسرائيل تعذب الفلسطينيين وتحتل أرضهم، وتنفق الأموال العائدة من منتجاتها في قمعهم.
وأضاف أن الجمعية - أسسها ناشطون وأكاديميون سويديون - تحاول توعية السويديين من أجل وقف التعامل مع إسرائيل.
فيما لفت إلى أن الفعالية تضمنت أيضا جمع تبرعات لصالح اللاجئين الفلسطينيين.
ما هي أسباب تكوين "وارسو" الأميركي ظاهرة صوتية؟
الأهداف الأميركية المتوخاة من انعقاد "مؤتمر وارسو"، تتراجع عن مساعي بناء حلف دولي ضد إيران إلى مجرد لقاء بين حلفاء واشنطن تظهر فيه جبهة التحالف الإسرائيلي ــ الخليجي من السرّ إلى العلن. لكن نتائج لقاء وارسو تكشف تقهقر القدرة الأميركية في بناء الأحلاف وعجز حلفائها عن إعاقة القوة الصاعدة لمحور المقاومة.
ما كان يطمح إليه دونالد ترامب إبان انفجار عدائيته ضد إيران في إلغاء الاتفاق النووي، هو بناء تحالف مع بعض الدول الخليجية وأيضاً باكستان وماليزيا أشبه بصيغة حلف الناتو. ولهذا أطلقت الإدارة الأميركية على شيء هلامي لم يستطع أن يرى النور مسمى "الناتو العربي". ترامب توخّى استنساخ رديف للناتو على غرار مشروع "حلف بغداد" في العام 1958 ضد جمال عبد الناصر وحركة التحرر العربي وقتها. لكن المفارقة التي تدل على مراهنة هشّة تتنافى مع أبسط القواعد الاستراتيجية، أن ترامب يتحدث عن رديف لقيط بينما يحطّم بيده هرم الناتو مع أوروبا وحلفاء واشنطن ضد الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة.
ما أدّى إلى تراجع ترامب عن حلف الناتو، ليس رعونته وأطباعه الغرائبية وحسب بل نتيجة واقعيته البارزة في إدراكه أن أميركا لم يعد بوسعها التدخل العسكري في خوض الحروب لجرّ حلفائها وراءها، ولا الإيفاء بشروط القيادة المادية واللوجستية. فالمناطق التي كانت تتدخل فيها اكتسبت خبرات قتالية وصلابة لا تكسرها أميركا بل تستنزف أميركا من دون أن تحقق مكاسب ملموسة.
تغيير اتجاه "مؤتمر وارسو" من التحالف ضد إيران إلى "مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط"، هو محاولة لسد ثغرة الاعتماد على الدول الخليجية التي ظلّت منفردة معزولة بعد تغيير الحكم في كل من باكستان واندونيسيا. والقصد من وراء ذلك تغطية الضعف البيّن في قدرات هذه الدول مقابل إيران وحلف الممانعة، عبر تجميع أسماء في الحديث عن 60 دولة وعبر التصريحات النارية الفارغة المحتوى التي أطلقها مايك بومبيو ومايك بينس قبل اللقاء وأثناء الاجتماع.
نتانياهو صاحب الحركات البهلوانية المتهم بأنه يتبجّح بوارسو من أجل حملته الانتخابية، يحافظ على تعظيم إنجازات وارسو لكنه يقول "أن مجرد عقد اللقاء هو إنجاز في غاية الأهمية". وما يصفه نتانياهو في اجتماعه مع بومبيو بأنه "نقطة تحوّل تاريخية" مفاده أن المجتمعين تحدّثوا بقوة "ضد تهديدات النظام الإيراني" وهو الحديث نفسه المكرور.
والانجاز الوحيد بحسب إجماع معظم المهتمين وأصداء الكواليس، هو لقاء نتانياهو في العلن مع الدول العربية المشاركة في اللقاء. لكن هذا الإنجاز في الانتقال من السر إلى العلن لا يُضيف الكثير في موازين القوى لمصلحة إسرائيل إنما ينزع أوراق المراوغة من الدول التي كانت تخفي انضمامها إلى الجبهة الإسرائيلية أملاً بشيء من الصدقية في بلدانها والمنطقة. وفي موازين القوى الفعلية قامت بكل ما تستطيع لدعم إسرائيل منذ العام 2003 ولا سيما في العدوان الإسرائيلي على لبنان ضد المقاومة في العام 2006 بحسب الوثائق التفصيلية التي كشفها باراك رافيد على القناة 13 في سلسلة أسرار الخليج.
التحالف الأميركي الجديد في وارسو، قد تكسب منه واشنطن زجّ بولندا في التوتر مع روسيا بعد تعليق اتفاقية الحد من الصواريخ الباليستية. لكن أميركا في تحالفها مع الأنظمة القمعية من دون تغطية أوروبية وما يسمى "العالم الحر"، ينزع من يدها أهم ورقة للتخريب كانت تستخدمها ضد الدول الرافضة للسيطرة الأميركية وهي ورقة "الديمقراطية ومكافحة الاستبداد". إذ يقتصر التحالف على دول تطغى عليها موبقات الاستبداد والفساد لدرجة لم يستطع معها الاتحاد الأوروبي عدم تسجيلها على لوائحه السوداء وفي مقدمتها السعودية.
أوروبا التي تنأى بنفسها عن مهزلة وارسو، تجد نفسها مجبرة على التحرّك بموازة لقاء وارسو لإثبات وجودها. ففي الأسبوع المقبل سيجتمع في دبلن وزراء خارجية إيرلندا وفرنسا والسويد وهولندا مع السلطة الفلسطينية على أمل تنشيط التحرّك الدبلوماسي وإصدار البيانات تعويضاً عن الشلل في طريق مسدود كما هو طريق وارسو. لكن في ظل عجز حلفاء أميركا وأوروبا عن إعاقة صعود محور المقاومة، يتم الاعتماد على التصريحات والبيانات والظواهر الصوتية وليس بالإمكان أقوى مما كان.
قاسم عز الدين
قمة سوتشي: ضرورة بذل الجهود لتطبيق اتفاق إدلب وروحاني مستعد للتوسط بين تركيا وسوريا
أعلن البيان الختامي لقمة سوتشي، التي جمعت بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، أنه تم الاتفاق على المضي قدماً لتطهير إدلب من العناصر الإرهابية.
وأفاد مراسل الميادين بأن هناك جهوداً جدية لإطلاق الحوار السوري التركي، مؤكداً أنه تم اتفاق على أن تكون الاتفاقيات والقوانين الدولية هي التي تحكم العلاقات بين تركيا وسوريا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا إلى اتخاذ خطوات عملية روسية تركية إيرانية للقضاء على البؤرة الإرهابية بالكامل في إدلب السورية، مشدداً على أهمية بدء عمل اللجنة الدستورية السورية في أقرب وقت.
وقال الرئيس الروسي إنه تم تحديد الأولوية بالقضاء على ما تبقى من الإرهابيين وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، كما تمت مناقشة كيفية خروج القوات الأميركية من سوريا تدريجياً، مشيراً إلى أنه لتحسين الأوضاع في سوريا بشكل تام يجب إعادة الاقتصاد لوضعه الطبيعي، وعدم تقييد المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بالاعتبارات السياسية.
وأعرب عن قلقه من مؤامرة أميركية في منطقة شرق الفرات في ظل ملابسات الانسحاب من هناك، مشدداً على أنه في حال انسحاب القوات الأميركية من منطقة شرق الفرات يجب أن تنتقل تلك المناطق إلى سيطرة الحكومة السورية.
وأضاف بوتين أن الأراضي السورية كافة يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة الشرعية سواء في إدلب أو مناطق شرق الفرات، مشيراً إلى أنه يتم الالتزام حالياً في جميع أنحاء سوريا تقريباً بنظام وقف الأعمال العدائية ومستوى العنف ينخفض.
وأشار إلى أن الجولة الجديدة من المباحثات الدستورية حول سوريا في أستانا ستعقد نهاية آذار/مارس أو بداية نيسان/أبريل.
روحاني: كافة القوات التي دخلت سوريا من دون موافقة الحكومة السورية تنتهك سيادة الدولة
بدوره روحاني اتهم الولايات المتحدة بمواصلة "دعم الإرهابيين في العراق وسوريا"، وأبدى استعداد إيران وبمساعدة روسيا للتوسط بين أنقرة ودمشق.
وقال الرئيس الإيراني إن لقاء اليوم ناقش ضرورة القضاء على ما تبقى من الإرهابيين في سوريا، مشيراً إلى أن هناك أطرافاً تعمل على إرسال ما تبقى من الإرهابيين في سوريا إلى افغانستان وهذه مشكلة أخرى. وربط بين الإرهاب وعودة اللاجئين، فشدد على ضرورة القضاء على الإرهاب لإزالة مخاوف اللاجئين من العودة إلى ديارهم، داعياً المجتمع الدولي إلى خلق المناخ المناسب لعودة اللاجئين إلى سوريا.
ولفت إلى أنه على الأميركيين أن يعلموا أن الكرد جزء من الشعب السوري، وإلى ضرورة الاهتمام بالكرد السوريين لإعادتهم إلى الدولة، منوهاً إلى أن دور الولايات المتحدة لم يكن يوماً إيجابياً "وعليها أن تدرك أن الطريق الذي اختارته لدخول المنطقة خاطئ".
وأكد روحاني أن كافة القوات التي دخلت سوريا من دون موافقة الحكومة السورية تنتهك سيادة الدولة، مشيراً إلى أن انسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات يصب في مصلحة الشعب السوري والكرد في سوريا.
وأضاف أن الأراضي السورية كافة يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة الشرعية سواء في إدلب أو مناطق شرق الفرات، مشيراً إلى ضرورة دراسة طرق تنفيذ اتفاق ادلب خصوصاً وأن جبهة النصرة تسيطر حالياً على 90% من ادلب، وشدد على ضرورة وجود الجيش السوري على الحدود السورية - التركية.
ونوه إلى أن طهران تدعم مهمة المبعوث الأممي إلى سوريا وتدعو إلى الحفاظ على استقلال سوريا وسيادتها.
إردوغان: روسيا وتركيا وإيران حافظوا على وحدة الأراضي السورية
إردوغان من جهته قال إن الدول الثلاث تمكنت من الحفاظ على مبادئ أستانة والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
واعتبر أن تركيا كانت دائماً "تمد يد المساعدة للشعب السوري"، مشيراً إلى أن "الشعب السوري ينتظر من أنقرة قرارات تكون في مصلحته وفي مصلحة الوصول إلى السلام".
وأضاف أنه تم النقاش في المصالحة السورية بما في ذلك المشكلة الإنسانية في إدلب، وأهمية خروج القوات الأميركية من سوريا وعودة المناطق إلى السلطة السورية، مشيراً إلى أن هناك وقف إطلاق نار ويجب أن "يحافظ عليه النظام السوري"، بحسب تعبيره.
وشدد إردوغان على أنه يجب تشكيل اللجنة الدستورية في أسرع وقت ممكن لأنها مدخل الاستقرار في سوريا، مؤكداً أن التسرع في موضوع إطلاق اللجنة الدستورية السورية أمر مضر.
كما شدد أيضاً على ضرورة مواصلة الحرب "ضد الإرهاب في عفرين ومنطقة شرق الفرات"، لافتاً إلى أنه لا يجب التخلي عن أي جزء في إدلب للإرهابيين في إطار تأمين سلامة تركيا عند حدودها، وعن ملف اللاجئين، قال الرئيس التركي إن بلاده تدعم العودة الطوعية للاجئين إلى سوريا من كل البلدان، منوهاً إلى أنه من أجل عودة اللاجئين إلى سوريا يجب أن يتم إعداد البنية التحتية "وتركيا مستعدة للمساعدة في ذلك".
وأعرب عن أسفه لعدم تقديم الاتحاد الاوروبي المساعدات الكافية للاجئين السوريين، مشيراً إلى أن لدى دول الخليج العربي أموالاً طائلة تنفق على التسلح وليس على المساعدات الإنسانية.
ترامب يعلن حالة الطوارئ الوطنية لبناء الجدار مع المكسيك
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الطوارئ الوطنية على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، ما يخوله اقتطاع أموال من ميزانيات عدة مؤسسات لبناء الجدار مع المكسيك.
وأكد ترامب خلال خطاب اليوم الجمعة في البيت الأبيض أن هذه الخطوة تأتي لتعزيز الأمن القومي على الحدود، بحيث سيقتطع مبلغ 1.35 مليار دولار من تمويل الكونغرس، و 3.5 مليار من ميزانية البنتاغون للإنشاءات العسكرية، و 2.5 مليار من ميزانية وزارة الدفاع المخصصة لمكافحة المخدرات، و 600 مليون من ميزانية وزارة الخزانة لمكافحة الإرهاب.
ومن المتوقع أن يعارض الديمقراطيون إعلان ترامب لحالة الطوارئ باعتبارها محاولة غير دستورية لتمويل السياج دون موافقة الكونجرس، حيث يشكل إعلان ترامب صفعة لمجلسي الكونغرس، بعد اتفاق الجانبين على صيغة مشتركة من ضمنها ميزانية لتعزيز "الأمن الحدودي"، ومن ثم يتوقع أن يلجأ الكونغرس ومؤسسات أخرى للقضاء للحد من صلاحيات ترامب.
وكانت شبكة "سي ان ان" الأميركية أفادت في استطلاع للرأي أجرته في الولايات المتحدة أن 66% من الأميركيين يعارضون بناء الجدار مع المكسيك.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض اليوم الجمعة إن إدارة ترامب حددت نحو 8 مليارات دولار من أموال الحكومة يمكن للرئيس الاستفادة منها هذا العام لإنجاز مقترحه ببناء سياج على الحدود مع المكسيك، وفقاً لخطة طوارئ وطنية.
وأضاف ميك مولفاني كبير موظفي البيت الأبيض في تصريح للصحفيين أنه إضافة إلى 1.38 مليار دولار من مشروع تمويل بموافقة الحزبين، فإن الإدارة ستجمع أموالاً من جهات حكومية أخرى من بينها وزارتا الخزانة والدفاع.
وفي سياق آخر أعلن الرئيس الأميركي خلال كلمته أنه سيعلن عن بعض الاجراءات الخاصة بسوريا خلال الـ 24 ساعة القادمة.
بعد جلوسه بجانب نتنياهو.. غضب يعصف باليماني ومطالب بإقالته
أثار ظهور وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، جالسًا بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، في مؤتمر "السلام والأمن في الشرق الأوسط"، بالعاصمة البولندية وارسو، عاصفة من الانتقادات الغاضبة.
وأبدى اليمنيون رفضاً قاطعاً للموقف الذي يعد سابقة من نوعها في تاريخ الجمهورية التي لا ترتبط بأي علاقة مع إسرائيل، ووصلت حدة الاعتراضات إلى المطالبة بإقالة الوزير والحكومة، والاعتذار للشعب اليمني.
وفاقم من حالة الاحتقان الشعبي، موقف اليماني الذي بادر بإعارة مكبر الصوت الخاص به خلال المؤتمر، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إثر تعطل المكبر الخاص بالأخير، وعبارات الود التي أطلقها نتنياهو، حيث مازح اليماني بأن ذلك بداية التعاون بين الدولتين.
ووصف مساعد الرئيس الأمريكي والمبعوث للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، في تغريدة له، الموقف بأنه "لحظة تشرح القلب"، في حين علّق نتنياهو على صفحته الرسمية الناطقة بالعبرية على "تويتر"، بـ"نصنع التاريخ".
** تبرير غير مقبول
وفي اليوم ذاته، قال اليماني في تغريدات، إن الوفد اليمني في المؤتمر تحاور مع قادة العالم على طاولة مستديرة كما يفعل دوماً في الأمم المتحدة، في إشارة أن تلك الردود مبالغ فيها.
ولفت أن "محاولات وضع صبغات مخالفة للواقع لغرض المزايدة السياسية، لن يثنينا عن الدفاع عن اليمن".
وما لبث أن تراجع وظهر في تصريح صحفي مبرراً بأن ما حدث كان "خطأ بروتوكولي"، وأن "الأخطاء البروتوكولية هي مسؤولية الجهات المنظمة، كما هو الحال دائما في المؤتمرات الدولية".
لكن اليمنيون رأوا أن تبرير اليماني "عذرًا أقبح من ذنب"، خصوصاً أنه تبادل مع نتنياهو إشارات وعبارات الود، في واحدة من صور التطبيع.
وذكّر اليمنيون اليماني بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عند انسحابه من مؤتمر دافوس عام 2008، إبان الحرب الإسرائيلية على غزة، مع بدء حديث الرئيس الإسرائيلي وقتها شمعون بيريز، في المؤتمر.
وقال المواطن محمد فيصل في تغريدة له على موقع "تويتر" مخاطبا اليماني "لو انسحبت مثل الرئيس التركي أو حوّلت مقعدك، كنت ستصبح بطلاً شعبياً، لكنك جلبت لنا العار".
أما محمد المتوكل فكتب "كان بإمكانه أن يترك أحد سكرتارية نتنياهو أو نتنياهو نفسه يقوم بإصلاح جهاز المايك، لكنه أبى إلا أن يفعلها بدلاً عنهم".
** معاقبة اليماني
وعلى المستوى الرسمي قال التنظيم الناصري (قومي)، في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، إن "التطبيع مع العدو الصهيوني جريمة تستحق العقاب وفقاً للقوانين النافذة في البلاد".
ودعا الناصري رئاسة الجمهورية والحكومة "لتحديد موقف واضح من تلك التصرفات".
وأضاف أن تصرف اليماني أساء للشعب اليمني وتاريخه في مساندة قضايا الأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأن ذلك التصرف اللامسؤول سينعكس على اليمن سلباً.
من جهة أخرى، طالب عضو مجلس الشورى محافظ شبوة السابق محمد قرعة، في بيان وصل الأناضول نسخة منه، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، "بموقف حازم يتناسب مع ما يؤمن به شعبنا ويزيل هذا العار الذي لحق بنا".
وشدد على مجلس الشورى بمطالبة الرئيس، "بإقالة الحكومة كاملة وتشكيل حكومة حرب (..) توكل حقائبها لرجال مخلصين وصادقين ذوي كفاءات وقدرات وخبرة".
ووصف الحادث بأنه "منظر وموقف مخزي، وأكثر من مخجل ويتعارض كلية مع مواقف الشعب اليمني العظيم الذي لا يهادن في الوقوف بإباء وشهامة ورجولة إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة".
أما وزير الخارجية السابق مستشار الرئيس اليمني عبد الملك المخلافي، قال إن ما حدث هو "تطبيع يتعارض مع الدستور اليمني".
وذكر في تغريدة على صفحته أن "التطبيع أو شبهة التطبيع بأي صورة من الصور يخالف كل ثوابت شعبنا وتاريخه بل ودستوره، والمجاملة في هكذا مواقف لا يخدم إلا أعداء الأمة جميعا وفي مقدمتهم العدو الصهيوني".
** توظيف حوثي
وكانت الصورة مكسباً كبيراً لجماعة "الحوثي" التي درجت على أن تسمي حربها ضد القوات الموالية للحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية، بأنه مواجهة "للعدوان الإسرائيلي والأمريكي".
وعلى الفور وظّفت الجماعة الصورة في هذا الاتجاه، باعتبار أن الحكومة اليمنية موالية لإسرائيل، وأنها على حق في مواجهتها.
وقال بيان صادر عن المكتب السياسي للجماعة، إن "مشاركة المدعو خالد اليماني في مؤتمر وارسو جزء من المؤامرة الصهيونية الأمريكية ضد شعوب المنطقة، وجلوسه بجوار رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني يعتبر قمة في الانحطاط والعمالة".
وأضاف البيان الذي اطلعت عليه الأناضول، أن "الموقف يظهر الإفلاس الأخلاقي والقيمي لدى حكومة المرتزقة ورعاتها، التي لا تمثل الشعب اليمني بل تعتبر خروجاً عن قيمه ومبادئه".
وأردف "العدوان المفروض منذ 4 أعوام بزعم إعادة الشرعية يظهر مجددًا على أنه عدوانٌ أمريكي إسرائيلي، يهدف إلى بسط السيطرة على اليمن والتحكم بموقعه الجغرافي وإخضاع شعبه".
** استغلال خليجي
لكن مصدراً في الحكومة اليمنية قال إن ما حدث كان مرتباً، وحضور المؤتمر كان بإيعاز من دول التحالف العربي بقيادة السعودية، لبحث التهديد الإيراني في اليمن من خلال دعمها لجماعة الحوثيين، وفق تعبيره.
وذكر المصدر للأناضول، مفضّلاً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخوّل بالحديث للإعلام، إن اليمن شاركت في المؤتمر وهي تعلم بمشاركة إسرائيل، لكنه اعترض على مسألة جلوس وزير الخارجية بجانب نتنياهو.
ويرى علي الفقيه، نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر المحلية (أهلية مستقلة) أن استخدام حكومة اليمن من قِبل السعودية والإمارات، للتغطية على هرولة الدولتين نحو التطبيع، يفقدها ما تبقى من شرعيتها ويضعفها أكثر في الحرب ضد الحوثيين.
وأضاف في منشور له على فيسبوك، "فقدنا دولتنا صحيح لكننا لم نفقد كرامتنا".
الكويت عقب الصورة الجماعية بوارسو: موقفنا تجاه إسرائيل لم يتغير
أكد نائب وزیر الخارجیة الكویتي خالد الجارالله، الیوم الجمعة، أن بلاده ترفض التطبیع مع إسرائیل، وأنھا ستكون آخر من یطبع معھا.
وقال "الجارالله"، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الكويتية، "واھم من یعتقد بأن الصورة الجماعیة في مؤتمر وارسو، تعني تغییرا في موقف الكویت الراسخ والرافض للتطبیع".
وظهر الجارالله، في الصف الأول في الصورة الجماعية للمشاركين في فعاليات مؤتمر بشأن إيران والشرق الأوسط، الذي عقد بالعاصمة البولندية وارسو، الأربعاء والخميس، وحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورفضت فلسطين المشاركة فيه.
وأضاف الدبلوماسي الكويتي، "مخطئ من یختزل ھذا الموقف في صورة جماعیة للمؤتمر".
وأوضح أن "التطبیع له صور وسبل عدیدة، لیس بالضرورة أن یكون من ضمنھا صورة جماعیة جاءت في مؤتمر دولي ومحفل شاركت فیه الكویت مع بقیة أشقائھا في مجلس التعاون (الخليجي)".
وتابع أن "مستوى تمثيل دول الخليج في المؤتمر كان أعلى من مستوى التمثیل الكویتي، وھو محفل كبقیة المحافل الدولیة العدیدة والأخرى، التي تشارك فیھا وتكون إسرائیل متواجدة في ھذا المحفل سواء كان في إطار الأمم المتحدة أو مستویات أخرى عدیدة".
وقال الجارالله، إن "المشاركة في المؤتمر جاءت بناء على دعوة من الولایات المتحدة الأمریكیة، وبولندا، وھما دولتان لدینا تحالف معھما".
واستطرد "القضایا المطروحة على جدول أعمال المؤتمر تتعلق بقضایا تتصل بمستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ،الذي نحن جزء منه".
وأضاف "لا یعقل أن تُبحث تلك القضایا ونحن بعیدون عنھا، والتي من ضمنھا القضیة الفلسطینیة، وتطورات عملیة السلام التي كانت مشاركتنا في المؤتمر من منطلق الحرص علیھا والدفاع عنھا ولیس التفریط فیھا".
شُبهات وتساؤلات حول المرأة(26)
المرأة والجهاد...؟!
قد يسأل بعضٌ هل للمرأة جهاد، وهل يمكن أن تمارسه مثل الرجل أو هناك فرق وتفصيل في هذه المسألة؟
* * * * *
وفي مقام الجواب عن ذلك نقول:
إن الجهاد هو حالة اجتماعية عامة يعيشها المجتمع بكل شرائحه، ويقوم كل فرد في المجتمع بدوره الجهادي ضمن مساحته وإمكاناته الخاصة، فالرجل الذي يحمل سلاحاً، وينطلق ويواجه العدو ويطلق النار عليه، هو في الحقيقة وليد بيئة صنعتها له أخت له، وأمّنت احتياجاته أخرى، وطببته إذا جرح ثالثة، ورافقته دعوات مخلصة من رابعة وهكذا، فالمرأة شريكة الرجل في جهاده، وحضورها المتميز هو الذي سهل مقدمات النصر له.
لقد أثبتت التجارب التي مرت بها المرأة في الجمهورية الإسلامية في إيران أهمية دور المرأة وفعاليتها الجهادية حتى صار لها دور خطير، وأساسي في ميادينه.
يقول قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي: Sإن دور النساء في الثورة كان دوراً أساسياً وخلال الحرب كان دورهن مصيرياً، وسيكون دورهن في المستقبل أيضاً مصيرياً إن شاء الله..R.
خلال مرحلتي الثورة والحرب المفروضة على إيران، حوّلت الأمهات أبناءهنَّ إلى جند مضحين وشجعان في سبيل الإسلام والمسلمين.
وأيضاً كان للمرأة وجود متميز خلف الجبهات، وقامت بأدوار لدعم تلك الجبهات، وهو في حد ذاته عمل جهادي ضخم، ويقول قائد الثورة الإمام الخامنئي:Sإننا نشكر الله أن المرأة الإيرانية والمسلمة قد أبدت كامل قدرتها في هذا المجال، نعم إن نساء إيران الشجاعات الواعيات المقاومات الصابرات قد أثبتن حضورهن الفعّال خلال مرحلة الثورة وخلال مرحلة الحرب، وفي جميع الساحات، من خلال نشاطهن خلف الجبهات..R.
ومن الأدوار البارزة للمرأة في ساحات المواجهة التمريض وعلاج الجرحى، فإن عمل المرأة هذا أشبه بالصدقة الجارية، فهي تشارك كل مجاهد برصاصته التي كان يطلقها بعد أن داوت جراحه، وأعادته إلى الميدان ليتابع مسيرته، وهذا الدور كانت تقوم به في صدر الإسلام، وواكب مسيرة المسلمين على الدوام، يقول الإمام الخامنئي: Sفي صدر الإسلام كانت المرأة تتولى مهمة معالجة جرحى الحرب في ساحة المعركة، بل كانت تلبس النقاب وتبارز بالسيف خلال الحروب الشديدةR.
هل يمكن للمرأة أن تكون مقاتلة؟
لا شك في أن الجهاد في الأساس واجب على الرجال فقط، بالأخص فيما لو كان الجهاد ابتدائياً، وأما إذا كان جهاداً دفاعياً فهو بدون خلاف واجب على الرجال بالدرجة الأولى وإذا لم تتحقق الكفاية بالرجال فيجب على النساء أيضاً أن يشاركن في الجهاد الدفاعي، ولا يعني سقوط الجهاد الابتدائي عن المرأة حرمته عليها، وإنما أسقطه الشارع المقدس عنها لما يحمله من صعوبات خاصة؛ إذ يحتاج إلى أجسام قوية وصبر وتحمل بليغ، فالإسلام أسقط الجهاد عنها رفقاً ورأفة بها، ولكن يمكن للمرأة حمل السلاح ومباشرة الجهاد، وهو ما حصل فعلاً لبعض النساء في بعض حروب النبي (ص) فهذه (نسيبة المازنية) المشتهرة بـ(أم عمارة)، تقول: خرجت أول النهار إلى (أحد)، وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله (ص) .
فلما انهزم المسلمون انحزتُ إلى رسول الله (ص) فجعلت أباشرُ القتال وأذب عن رسول الله (ص) بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراح.. ثم إني رأيت أن ابني قد جرح فأقبلت إليه ومعي عصائب قد أعددتها للجراح فربطت جرحه، ثم قلت لولدي: انهض يا بني، فضارب القوم.
فأعجب رسول الله (ص) باستقامتها وثباتها وإيمانها، وقال(ص) : «ومن يُطيقُ ما تطيقين يا أم عمارة؟!R ولقد قال رسول الله (ص) في حقها: «لمَقام نسيبة بنت كعب اليوم خيرٌ من فلان وفلان»([1]).
وهذا نموذج عال في جهاد المرأة، ولقد كشفت هذه القصة عن مشروعية مشاركة المرأة في الجهاد إذا كانت تطيقه وتقدر عليه كنسيبة، ودعاء النبي لها وما قاله في حقها يكشف عن ذلك بجلاء.
إنَّ هذه القضية والنموذج الذي ذكر من جهاد المرأة لا يمكن الاستدلال به على جواز جهاد المرأة وإنما هو تقدير لعملها وتعزيز لإيمانها وثباتها.
[1] ـ سيد المرسلين 1: 176.
شُبهات وتساؤلات حول المرأة(25)
المرأة والعمل...؟!
هل الإسلام يمنع المرأة من العمل، ويحجرها لتكون سجينة أربعة جدران، لخدمة الرجل وتربية الأطفال، أم يسمح لها بالعمل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي؟.
* * * * *
لا شك في أن العمل هو السبب الأعمق لتطور المجتمع، فبالعمل يتحقق الإنتاج الذي يأخذ بالمجتمع إلى درجة الرقي والتطور، وبالعمل ينعم أفراد المجتمع بالاقتصاد والوفر الذي يحقق لهم الرفاه المادي والعيش الرغيد، ومن هنا دعا الإسلام إلى العمل، ومنع من البطالة والاتكال على الآخرين، بل منع من أداء الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة والصدقات للعاطلين إذا لم يمنعهم مانع شرعي أو عقلي أو عقلائي من العمل، ومن هنا فقد أوضح الفقه الإسلامي مستحق هذه الموارد بأنه من لا يملك قوته فعلاً أو قوة، ويُقصد من ذلك عدم القدرة على العمل، أما إذا كان قادراً على العمل فلا يصدق عليه مستحق الزكاة أو الخمس أو الصدقات.
وقد أوجب الإسلام العمل على الرجل لسد حاجات زوجته وأولاده، ولم يكلف به المرأة، لأن الدور الأهم للمرأة في بناء الأسرة ورعاية أطفالها، وتربيتهم تربية كريمة وفاضلة، ولكن عدم تكليفها به لا يعني أنه منعها منه، بل غاية ما في الأمر أنه أسقط وجوبه فقط، أما إذا عملت مع رعاية كرامتها فعملها محترم، وتستحق كل ما يترتب عليه.
وعلى هذا، فيحق للمرأة الدخول في جميع ميادين الحياة العملية، وأن تزاول كل ما تقدر عليه من الأعمال، بل قد يجب عليها العمل في بعض الحقول، كمزاولة الطبابة للنساء بالحد الذي يحقق الكفاية للمجتمع، فبدلاً من أن تعرض المرأة جسدها على الطبيب الأجنبي الذي يحرم عليه النظر إليه، ويحرم عليها أن تبديه أمامه، يجب على المرأة الخبيرة بهذه المهنة أن تتصدى لذلك.
بيد أن عدم منعها من العمل والسماح لها به لا يعني التحلل والسفور، بل لابد وأن تكون حافظة لدينها، صائنة لنفسها، محتشمة في عملها، ساترة لبدنها، ولذا نجد القرآن الكريم يعطي نموذجاً للمرأة العاملة بنتي شعيب(عليه السلام) بما تحملانه من عفة وحشمة وحجاب، قال تعالى: (وَلَمّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمّةً مّنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتّىَ يُصْدِرَ الرّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)([1]).
فهما تعملان، ولكن لا تقفان مع الرعاء الأجانب حتى لا يكون هناك اختلاط محرم، تنتظران حتى ينتهي الرجال من السقاء فتسقيان.
نعم، في قولهما: (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) تعليل للعمل، إذ هما لا أخ لهما ولا زوج، كما أن أباهما عاجز عن العمل، فأحوجهما الدهر أن يتصديا إلى العمل، مما يدل على أن الحاجة هي التي دعتهما للعمل، وهذا يعني أنه لو كانت المرأة غير محتاجة إلى العمل فالأفضل عدمه، لتبقى محافظة على وظيفتها في حماية الأسرة، وتنظيمها وتربية أطفالها تربية صالحة ونقية.
[1] ـ القصص: 23.
شُبهات وتساؤلات حول المرأة(24)
الاختلاط، المصافحة، الحب...؟!
يقول الغرب ومن تبعه: منع الاسلام من اختلاط الرجل بالمرأة، وحرّم الخلوة بينهما، ويقول: هذا في واقعه إبعاد للمرأة من المجتمع، ومراكز التطور والمعرفة والثقافة، التي يحضرها الرجال، وهو بدوره معطّل لقدرات المرأة وتطويرها، كما منع من المصافحة بينها وبين الرجل مع ما يراه المجتمع فيه من الاحترام والتقدير، ومنع من الارتباط العاطفي بينهما مع أن ذلك يدل على النبل والمودة والاحترام، لماذا هذا المنع؟!.
* * * * *
1- المرأة والاختلاط
مما لا ينكر أن الاسلام يتحسس إلى حد من اختلاط الرجل بالمرأة، ويحاول عبر أحكامه ومبادئه التخفيف من العلائق التي من شأنها إيجاد هذا الاختلاط، وقد أعطت بنتا نبي الله شعيب (عليه السلام) درساً متميزاً في هذا التخفيف من الارتباط، فقد خرجتا تستسقيان الماء، فوجدتا أمة على الماء، فلم تقتحما الجمع لتستسقيا، بل انتظرتا جانباً، حذراً ووقاية الاختلاط بالرجال، ولما جاء موسى (عليه السلام) وسألهما عن سبب وقوفهما جانباً، ولم تستسقيا كما يستسقي الناس قالتا: (لاَ نَسْقِي حَتّىَ يُصْدِرَ الرّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)([1])، فبهذا الجواب قطعتا الطريق على موسى(عليه السلام) عن أي سؤال آخر، لأنهما لو قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء فقط، لأثار هذا سؤالاً آخر عند موسى(عليه السلام)، وهو لماذا لا يأتي أحد من رجالكما ليستسقي؟ فيضطرهما للكلام ثانية، أما بما ذكرتاه من الجواب فقد كان حاكياً عن كل ما يمكن أن يراود موسى (عليه السلام) من تساؤل غيره.
وهذه القصة مع اتصاف النبي (ص) بالعصمة والتنزيه، تعكس بوضوح تخفيف العلائق والارتباط بين الرجال والنساء، ولكن ليس ذلك منه إلاّ للحفاظ عليهما، فإنه مما لا يخفى أن المرأة تثير غريزة الرجل بطبيعتها، وإن لم تتكشف أو تتزين، بل هي بأصل تركيبتها مثيرة لغرائز الرجل، وكذا المرأة فإن الرجل بطبعه مثير لغريزتها، فحذراً من وقوع ما لا تحمد عقباه كانت الوقاية، وكانت هذه الحساسية، وكان ذلك التخفيف في الاختلاط بين المرأة والرجل.
ولكن لا يعني ذلك حرمة الاختلاط بشكل عام ودائم، بل هناك موارد يجوز فيها الاختلاط، كما أن هناك موارد يحرم فيها الاختلاط.
موارد حرمة الاختلاط
مما يحرم الاختلاط فيه بين الرجل والمرأة الأمور التالية:
أـ الاختلاط السافر: وهو الاختلاط الذي لا يبتني على ضوابط شرعية، كتعري المرأة والميوعة والتزين أمام الرجل، وكذلك العكس، فإن هذا في واقعه تحلل وانسلاخ عن الحقيقة الإنسانية الأصيلة، وهو بدوره يشكل سعياً وراء الانحدار والانحطاط إلى أدنى مستويات الحيوانية.
ب ـ الاختلاط الذي يهيئ مقدمات الحرام، ويمهد لوقوعه كتغيير لحن الصوت، والنظر وما شاكل ذلك من الممارسات التي تهيج رغبة كل واحد منهما نحو الآخر.
جـ ـ الاختلاط في الأعراس والحفلات المبتذلة، التي تعقد بعضها من غير ضوابط شرعية.
موارد جواز الاختلاط
جوّز الإسلام اختلاط الرجل بالمرأة مع مراعاة الضوابط الشرعية، من الحجاب الشرعي للمرأة بعيداً من الميوعة والتزين إذا كان يهدف إلى مرضاة الله، وتحقيق غاية اجتماعية تنتج مصلحة تعم بالخير على الناس كافة، ولكن هذا كما قلنا مع الحفاظ على الضوابط الشرعية ليكون ذلك واقياً عن وقوعهما في المحرمات التي تسلخ حقيقتهما الإنسانية، ويعتبر هذا التشريع ضماناً للحفاظ على المرأة، لا أنه يسلب عنها حريتها، كما يرى ذلك أعداء الإسلام.
وعلى ضوء ذلك، فإذا حضرت المرأة مراكز العلم والتطور التي يقوم الرجال فيها بأعمالهم، ملتزمة بالحجاب الشرعي، متجلببة بجلباب العفاف والشرف فلا يحرّم الإسلام عليها ذلك، ولا يمنعها منه.
2- المرأة والمصافحة
لا شك في ثبوت حرمة المصافحة بين الجنسين، وذلك بأن تضع المرأة يدها بيد رجل أجنبي عنها بهدف التحية والسلام، وهذا مسلّم فقهياً، فعن أبي عبد الله(عليه السلام): «من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط من الله عز وجل»([2])، ولكن الدوافع المنطقية لهذا التحريم يمكن أن تتضح بما يلي:
لقد استخدم الإسلام لأجل حماية المجتمع من الفساد والتدهور والفاحشة أسلوبين هما:
الأسلوب العلاجي: وهو علاج المشكلة التي وقعت بالفعل في المجتمع، وهذا الأسلوب يختلف باختلاف حجم المشكلة وأثرها، فقد يحتاج العلاج إلى العتاب، وقد يحتاج إلى التقريع، وقد يحتاج إلى العقاب في بعض الأحيان بلحاظ حجم المشكلة وما تخلفه من أثر على الفرد والمجتمع.
الأسلوب الوقائي: وهو علاج المشكلة قبل وقوعها، والمنع من تحققها بالمنع من مقدماتها وأجوائها ومهيئاتها، وصولاً إلى بقاء المجتمع سليماً ، وهذا الأسلوب عام، وقد أولى الإسلام لحماية المجتمع من المشكلة قبل وقوعها اهتماماً بليغاً، وجميع الأنظمة الأخلاقية والتربوية التي جاد بها تدخل في هذا السياق، وتهدف إلى ترفيع الفرد عن مزاولة الذنب والمعصية، وترقية الجانب الروحي إلى مستوى يخلق فيه الردع والإحجام عن ممارسة كل ما يسيء إلى هدوء المجتمع وسلامته، انطلاقاً من صغريات القضايا إلى كبرياتها.
ومما خرج مخرج الوقاية المنع من المصافحة، إذ هذه الملامسة قد تخلق بالتعاقب جواً مناسباً للفساد، ومناخاً خصباً للارتباط غير المشروع بين الجنسين، وحذراً من وقوع هذا المحتمل الخطير والوضيع، منع الإسلام من إيجاد أسبابه وبواعثه.
وقد يقول بعضٌ إن مجرد المصافحة لا تخلق جواً لوقوع المحتمل الخطير، وهي العلاقات غير المشروعة، عند كثيرٍ من المجتمعات المتقدمة، ولا تعدو أن تكون مبدأ من مبادئ الاحترام والتقدير والتكريم، فلا معنى لحرمته.
قلنا: إن تلك المجتمعات انغمس إلى الرذيلة إلى عقرها، وفي الانحطاط الخلقي أسفله، وقد وقعت في المحتمل الخطير والزنا، فصار مباحاً إلى درجة أن من لا علاقة له غير مشروعة يعتبر متخلفاً وجاهلاً، فبالتالي ما عادت المصافحة تؤثر أثرها الخطير.
3- المرأة والحب
قد يسأل السائل: هل في الإسلام حب؟ وهل يحق لأحد الجنسين أن يرتبط عاطفياً بالآخر، وتنتشر بينهما وشائج الحب، ويربط بينهما العشق؟!
قبل الإجابة عن ذلك، لا بد وأن نتعرف على نظرية الإسلام تجاه الحب، حتى نعرف معنى الحب ومراتبه.
الإسلام و الحب
الحب هو الميل العاطفي والوجداني، وانسياق إلى المشاعر باتجاه محدد، أو نحو شخص معين، وهو أقدس وأنبل شعور يحمله كل إنسان في وجوده، وقد ورد أنه (ما عبد الله بمثل الحب)، وحينما سئل الإمام الصادق(عليه السلام) هل في الإسلام حب، قال(عليه السلام): «وهل الدين إلا الحب([3])»، ونستطيع القول بأن جميع مبادئ الإسلام ونظامه، وقوانينه جاءت لتنشر الحب والود بين العباد وربهم، وبين العباد فيما بينهم، بحيث يتعاطف الكل مع حوائجهم وحالاتهم، فإن أواصر الحب والود إذا انتشرت بين أفراد المجتمع، وكان كل واحد منهم في قلب أخيه يحضنه بوده ويوسعه بشعوره، ويحنو عليه بحنانه، كان ذلك المجتمع مجتمعاً مثالياً رفيعاً وراقياً إلى أعلى مستويات الرقي.
وقد صورت لنا جملة من الروايات اهتمام الإسلام الكبير في نشر أواصر الحب والود بين أفراد المجتمع، منها ما جاء عن الإمام الباقر(عليه السلام): «الدين هو الحب والحب هو الدين»([4])، وقال: «الإيمان حب وبغض»([5])، وقد سئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن الحب والبغض أمن الإيمان هو؟ فقال(عليه السلام): «وهل الإيمان إلاّ الحب والبغض»([6]).
الحب المقدس
إن للحب صورة مقدسة؛ حيث يصبح شعوراً يحقق الكمال لحامله، باعتبار ما يحمل من آثار إيجابية تعود منافعها على الفرد والمجتمع، وقد أوضحت النصوص الشرعية نمط ذلك الحب وشروطه، ونستطيع أن نجمعه ونلخصه في عنوان واحد وهو كون الحب لله وفي الله: فلا يُحصر الحب الجائز في الحب في الله بل ذلك من أعلى وأقدس مراتب الحب ولكن الحب للقرابة وللخصال الموجودة في المحبوب وما إلى ذلك حياء مرغوب فيه وأفضل ما يخلصه الإنسان لربه حبه وبغضه، فلا يحب إلا في الله ولا يبغض إلا في الله، وقال رسول الله(ص): «أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله تعالى»([7])، وقال(ص): «إن أوثق عرى الإسلام أن تحب في الله وتبغض في الله»([8])، ولذا قال علي(عليه السلام): «إن أفضل الدين الحب في الله والبغض في الله»، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة في هذا الباب.
ومن موارد ومصاديق الحب في الله، الحب لأجل الإصلاح: وقد دعت النصوص الشرعية إلى جعل الحب وسيلة لاتصاف المتحابين بالصلاح، وجعل الحب وسيلة للدعوة إلى الصلاح، قال علي(عليه السلام): «أحبب في الله من يجاهدك على صلاح دين ويكسبك حسن يقين»([9]).
وهكذا، ينبغي لكل من الرجل والمرأة أن يحب الآخر من الأقرباء والأصدقاء والمؤمنين وكل من له فضائل وخصال ممدوحة أو أنه من بني نوعه.
الحب النزيه والحب المبتذل: ودعنا نسأل الآن، ماذا نقصد من سؤال الناس عن رؤية الشريعة ونظرها إلى الحب بين الجنسين، إذا كان ذلك الحب الذي أراد الله انتشاره بين المؤمنين بحيث يكون هذا الحب وسيلة لتقربهما إلى الله تعالى، وداعياً للمتحابين نحو الصلاح وحسن اليقين، فهذا مما لا ينبغي الشك في جوازه وفضيلته.
وإذا كان المقصود من الحب، هو الحب الغريزي، الذي يحرك الغريزة ويضفي على المتحابين الشعور بحاجة كل منهما للآخر لإشباع غريزته، فهذا يمكن القول بجوازه أيضاً بشرط عدم صدور ما يوجب الوقوع في الفتنة والريبة من المواعدة سراً، أو الكلام المثير، وغيرها، وهذا ما نطق به القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيَ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنّ وَلَـَكِن لاّ تُوَاعِدُوهُنّ سِرّاً إِلاّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مّعْرُوفاً)([10]). قال العلامة الطباطبائي: «والمعنى أن ذكركم إياهن أمر مطبوع في طباعكم، والله لا ينهى عن أمر تقضي به غريزتكم الفطرية ونوع خلقتكم، بل يجوزه، وهذا من الموارد الظاهرة في أن دين الإسلام مبني على أساس الفطرة»([11]).
نعم، الإشكال فيما لو أظهر حبه ورغبته بها بكلام يوجب الوقوع في الريبة والفتنة، فإذا كان الحب الغريزي يتعدى القيم الأخلاقية والإنسانية فهو مجرد علاقة أساسها الغريزة الجنسية أو المطامع والمصالح الدنيوية، وبما أنه لا يتصف بالمكارم والفضائل الأخلاقية يصبح هذا النوع من الحب هو الحب المبتذل المرفوض عند المجتمعات التي تريد أن تتقيد بقيم دينية وأخلاقية.
وهذا النوع من الحب يرفضه الشرع ولا يقبله العقل السليم وهو من النوع الذي – عادة - لا يستمر كثيراً؛ لأنه مبني على مصالح دنيوية غير أخلاقية، فإذا انتفت انتهى كل شيء.
[1] ـ القصص: 23.
[2]ـ من لا يحضره الفقيه 4: 13.
[3]ـ فروع الكافي: 8: 79.
[4]ـ نور الثقلين 5: 285: 49.
[5]ـ تحف العقول: 295.
[6]ـ الكافي 2: 125.
[7]ـ كنزل العمال: ح24638.
[8]ـ المصدر السابق.
[9]ـ غرر الحكم: ح9478.
[10]ـ البقرة: 235.
[11]ـ الميزان 2: 244.
إيران ..الإيديولوجية الإسلامية كشرطٍ للتحديث والتنمية والثورة التكنولوجية
كانت مخاوف الغرب من الثورة الإسلامية مُحقّة تماماً ذلك أن هذا البلد يحتفظ بموقعٍ استراتيجي من الدرجة الأولى، فهو يمتد على مليون و600 ألف كلم مربع أي أكبر من مساحة فرنسا ب 3 مرات، ويحتفظ بديموغرافيا شبابية ضمن 80 مليون نسمة. ويحتل موقعاً مركزياً في مضيق هرمز حيث يمر شطرٌ أساسيٌ من النفط إلى الأسواق العالمية، ويمتلك الإحتياط الرابع للنفط في العالم واحتياط الغاز الثاني في العالم أيضاً.
كانت الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران قبل أربعين عاماً، أشبه بزلزالٍ ضرب على حين غرّة، العلاقات الاقليمية والدولية المّتصلة بهذا البلد. كان العالمُ مازال بعد في خضمّ الحرب الباردة حيث كان من المُفترض أن تكون هزيمة الولايات المتحدة والغرب في أحد أهم معاقله في الشرق الأوسط، انتصاراً للإتحاد السوفياتي، لكن موسكو الشيوعية لم تر الثورة الخُمينية من هذه العين، وإنما من عين حَذِرة، بل خائفة من تصدير الثورة إلى جمهوريات آسيا الوسطى المسلمة وإلى الجمهوريات الأخرى في الشيشان وداغستان وغيرها. من دون أن ننسى تورّط موسكو في أفغانستان وحربها الضروس على الجماعات الإسلامية المسلّحة. يجدر التذكير فقط على أن الحدود الإيرانية مع تركمانستان (الشيوعية في حينه) تصل إلى 1300 كلم وأن طاجيكستان تتحدّث الفارسية في حين تترامى آذربيجان على طرفي الحدود، والآذرية هي اللغة الثانية في إيران بعد الفارسية، هذا إذا أردنا أن نُهمل التأثير الإيراني في بحر قزوين، والدعم الإيراني اللوجستي للمقاومة ضد الاحتلال السوفياتي وتخصيصه في ما بعد لتحالف الشمال بقيادة المقدّم الراحل مسعود الذي كان يتحدّث الفارسية.
كانت مخاوف الغرب من الثورة الإسلامية مُحقّة تماماً ذلك أن هذا البلد يحتفظ بموقعٍ استراتيجي من الدرجة الأولى، فهو يمتد على مليون و600 ألف كلم مربع أي أكبر من مساحة فرنسا بـ 3 مرات، ويحتفظ بديموغرافيا شبابية ضمن 80 مليون نسمة. ويحتل موقعاً مركزياً في مضيق هرمز حيث يمر شطرٌ أساسيٌ من النفط إلى الأسواق العالمية، ويمتلك الإحتياط الرابع للنفط في العالم واحتياط الغاز الثاني في العالم أيضاً.
مخاوِف الغربيين من الثورة الإسلامية لم تتأخّر براهينها. فقد صرّح الإمام الخميني في العام 1979 أن حياة الرئيس المصري أنور السادات الذي وقَّع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل ستكون قصيرة، فاغتيل بعد سنتين من هذا التصريح وعُمِّدَ إسم قاتله الإسلامبولي في أحد شوارع طهران الرئيسية، لذا وضع الغرب منذ الشهور الأولى لخلع الشاه أقصى طاقته لاحتواء أو وقف أو الإطاحة بهذه الثورة، بدءاً من الحرب العراقية الإيرانية وصولاً إلى الحصار الإقتصادي لقتل الثورة من الداخل، مروراً بتركيز قواعد عسكرية أميركية لتطويق إيران: في سلطنة عُمان والبحرين والكويت والسعودية والإمارات وقطر فضلاً عن تركيا واليوم في أفغانستان والعراق وإسرائيل، أضف إلى ذلك مسلسل الإغتيالات لعددٍ من قادة الثورة في طليعتهم الرئيس الأسبق بهشتي ووزراء في حكومته وقادة كبار. سوى أن ذلك كله لم يعترض بنجاح زخم الثورة التي حافظت على شعارها الرئيسي في العلاقات الدولية "لا شرقية ولا غربية" وواصلت في الداخل تطبيق الشريعة الإسلامية بقدرٍ عالٍ من التكيّف والإجتهاد ولم تستبعد الأخذ ببعض القوانين والأنظمة الغربية.
ستتغيّر من بعد علاقات إيران مع روسيا الإتحادية التي زوّدت طهران بمفاعل بوشهر النووي وعقدت معها اتفاقات أمنية وإقتصادية وصولاً إلى الشراكة الراهِنة في الدفاع عن سوريا، في حين ظلّت العلاقات الإيرانية الأميركية سيّئة حتى اللحظة باستثناء آخر سنتين من عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
أدركتْ الثورة الإيرانية منذ اللحظة الأولى لإنطلاقتها، أن الغرب يقدِّم الحداثة في العالم بوصفها الطريق الغربي للتنمية والثورة التكنولوجية، بكلامٍ آخر لكي تنمو البلدان وتَتَحدّثْ يجب أن تكون على صورة الغرب، وتعتمد قِيمَه وقوانيَنه وثقافته. هذا الإدراك كانت تعترضه أمثلة مُضادّة تماماً، فالنمور الآسيوية لم تَنمُ إلا بعد أن تخلّتْ عن الليبرالية والفردنة. "لقد نمت سنغافورة خلال جيل واحد بالإستناد إلى قِيَمها وثقافتها وعلاقاتها الإجتماعية الأصلية" بحسب مُحلّل غربي، ويتّضح من المِثال السنغافوري ألا تعارض بين التمكّن من التكنولوجيا والعلاقات المحلية الأصلية بل ربما يكون هذا التكامُل شرط التقدّم.
يقع هذا الاعتقاد موقع حجر الزاوية في الثقافة الإسلامية الإيرانية، لذا نرى اليوم أن حجم التعليم في إيران يصل إلى ما يُقارب المئة بالمئة وهناك حوالى أربعة ملايين ونصف المليون طالب في الجامعات الإيرانية ، في حين كان عدد الطلاب في عهد النظام الشاهنشاهي "الحداثوي الغربي" 175 ألفاً. وتفيد التقارير الدولية أن الناس في أقاصي الأرياف الإيرانية يمكنهم الذهاب إلى الطبيب وإرسال أبنائهم إلى المدرسة وهذا لم يكن مُتاحاً قبل الثورة، وهو غير مُتاح في الكثير من الدول التي تعتمد قواعد الحَداثة الغربية. ومن التعليم خرجت أساليب التحكّم بالتكنولوجيا النووية وبصناعة الأسلحة والسيارات وغيرها ، وكل ذلك تحت الحصار الأميركي ووسط صعوبات شديدة لم تتراجع منذ أربعين عاماً.
لكن الثورة الإيرانية المستقلّة صادفت أيضاً إخفاقات كثيرة من بينها تجربة الإقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية التي ربما تحتاج إلى سيطرةٍ تامةٍ على الأسواق العالمية. وتعتمد طهران اليوم أنظمة مصرفية دولية، كما أنها تَخلَّتْ عن تصدير الثورة إلى الخارج وعادتْ إلى التقليد الإيراني القاضي بانتهاج سياسةٍ دفاعيةٍ وبلا نزعة امبراطورية كما هي الحال بالنسبة إلى تركيا.
السؤال الكبير المطروح بعد أربعين عاماً هو: هل ستشهد إيران ثورة ضد نظام ولاية الفقيه؟ وهل يمكن تفسير الإضرابات المليونية التي اندلعت في عهد أحمدي نجاد بوصفها دليلاً على ثورة مكتومة ستنفجر ذات يوم ضد النظام الإسلامي الإيراني؟ وهل يمكن لهذه الثورة أن تنطلق من" المسافة الفاصلة بين القادة وعامة الناس" على حد تعبير الرئيس روحاني"؟ هل يمكن لإيران أن تعود إلى الوراء؟
من الصعب توفير إجابة قاطِعة عن هذا السؤال، بَيْدَ أن نظرةً خاطفة على البدائل المطروحة للنظام الحالي تفيد بأن النظام أفضل من معارضيه، فما الذي يمكن أن يحمله الوريث الشاهنشاهي علي رضا بهلوي لمجتمع إيراني لم يعرف أكثر من ثلثيه قِيَماً أخرى غير قِيَم الثورة الإسلامية وثقافة سياسية راسِخة استناداً إلى قاعدة " لا شرقية ولا غربية " التي تشدّد على السيادة وقَهْر التبعيّة. يحمل وريث الشاه الماضي الشاهنشاهي "الملعون" يومياً في جعبته وبالتالي لا يمثل ملايين المتظاهريين المذكورين أعلاه. ومن الصعب الرِهان على معارضي الخارج الآخرين الذين شاخوا وشاخت شعاراتهم والمتوقّع ألا تمثيل يُذكَرُ لهم داخل البلاد.
بالمقابل من المُرجّح ان تنحصر الإحتجاجات والإنتفاضات الداخلية في إطار أجنحة الجمهورية الإسلامية نفسها، كما رأينا في انتخاب خاتمي أو روحاني ومن قبل رفسنجاني مقابل أحمدي نجاد. فإذا كانت المسافة معتبرة بين "القادة وعامة الناس" على ما يذكر روحاني، فإنه هو نفسه يتعهّد بتقليصها ضمن النظام الإسلامي الذي بات يمتلك دعائم قوية في أرض الجمهورية الإيرانية.
فيصل جلول، باحث لبناني مقيم في فرنسا