
Super User
لماذا تنحرف الفطرة؟
من الأسئلة المهمة التي قد تطرح حول الفطرة الإنسانية هو أنه ما دام الإنسان مفطورا على التوحيد، فلماذا نرى الكثير من الناس يخالفون الفطرة، ويذهبون مذاهب شتى فمنهم من ينكر الألوهية، ومنهم من يعتقد بتعدد الآلهة وأن له تعالى شركاء، بل إن بعض المؤمنين بالإله الواحد يبتلون بالشرك من حيث لا يشعرون، كما قال تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾[1].
وفي الحقيقة ان كثيرا من العوامل الداخلية والخارجية تلعب دورا أساسيا، وتؤثر تأثيرا مباشرا في معتقد الإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى انحراف الفطرة وضمورها، ويمكن الإشارة إلى عاملين من هذه العوامل وهما:
أولا: ان شدة ارتباط المرء بالمادة والمحسوسات وانسه بها، وعدم تعويد النفس على التأمل في حقائقها وما ورائها، يؤدي إلى الذهول والغفلة عن تلك العوالم، والابتعاد عن حقائق الأشياء ومنشأ خلقها.
ثانيا: ان البيئة والمحيط الذي يعيش الإنسان فيه، وينشأ على مفاهيمه وتقاليده وعاداته، يؤثر في شخصيته وتعاطيه مع الأحداث والوقائع، سواء في ذلك بيئته الأسرية، والاجتماعية، والثقافة المدرسية، فتطبع شخصيته وكيانه بطابعها، وتؤدي به إلى سلامة الفطرة أو انحرافها، وقد أشار النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الحقيقة في الحديث الوارد عنه فقال: "كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
وهذه العوامل وغيرها، وإن كانت تؤثر في الإنسان تأثيرا حقيقيا ومباشرا، إلا أنها لا تحجب عنه القدرة على الاختيار والتمييز، من خلال التدبر والتأمل في آيات الله تعالى ومخلوقاته كما بين ذلك القرآن الكريم في كثير من آياته المباركة.
فقد أراد الله تعالى من خلال الدعوة إلى التفكر والتأمل في آياته أن يرجع الإنسان إلى فطرته، عبر إعمال عقله، والغوص في أسرار الكون، لعل ذلك يرجعه إلى حقيقة أمره، فيعيد ربطه به تعالى، وتعلقه وسعيه إلى ما ينجبه في الدنيا والآخرة.
ولما كان الناس متفاوتين في درجات وعيهم ومعرفتهم، ومدى إدراكهم لما حولهم من كائنات وموجودات، عمل القرآن الكريم على كافة المستويات ليرجعهم إلى الفطرة السليمة، مخاطبا إياهم بما يكفل لهم هذه النتيجة، لتصل الحجة إلى الجميع، ولا يبقى عذر لمعتذر، في أنه لم يدرك معاني هذه الآيات والدلائل، سواء على المستوى الداخلي النفسي، أم على المستوى الخارجي بمختلف أبعاده وشؤونه، التكوينية والاجتماعية والتربوية وغيرها، وقد أشار بداية إلى هذه المجالات في قوله تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق حتى يتبين لهم أنه الحق﴾[2].
سماحة الشيخ حاتم اسماعيل - بتصرّف
[1] سورة يوسف، آية: 106
[2] سورة فصلت، آية: 53
قائد الثورة: اميركا هزمت مرارا امام ايران على مدى 40 عاما
اكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي، ان اميركا منيت بالهزائم من ايران على مدى اربعة عقود الماضية فيما كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية هي المنتصرة في تلك التحديات.
وقال قائد الثورة، في كلمته لدى استقباله حشد من التلاميذ والطلبة الجامعيين صباح اليوم السبت، انه منذ 40 عاما من التحديات المستمرة بين ايران واميركا والتي شهدت مختلف أنواع النشاطات العدائية حيث شنت اميركا الحروب العسكرية والاقتصادية والاعلامية والتي كان هدفها إستعادة الهيمنة السابقة في زمن الطاغوت ( النظام الملكي السابق) لكنها فشلت في تحقيق هدفها.
واضاف، ان السبب في هزيمة اميركا يعود الى انها هي التي كانت البادئة في الهجمات الا انها لم تحقق اهدافها.
وتابع: إننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على وضع اميركا نلاحظ أنّ قوتها تؤول الى الزوال وهي اليوم اضعف كثيرا مما كانت عليه قبل 40 عاما.
ونوه الى ان الكثير من الساسة الوجهاء في اميركا يرون ان القوة الناعمة لبلادهم قد أصابها التصدع.
ولفت الى ان الوضع في عهد اوباما كان بهذا الشكل ايضا الا انه، في عهد هذا الشخص، بات واضح تماما بروز المعارضة لقراراته على الصعيد العالمي ليس على مستوى الشعوب فحسب وانما الحكومات ايضا.
واشار الى ان الرئيس الاميركي الحالي ألقى بكل شيء في سوق المزايدات وقضى على ما تبقى من كرامة اميركا والديمقراطية الليبرالية.
ووصف القوة الصلبة لاميركا، اي الاقتصادية والعسكرية، بأنها تؤول الى الزوال اذ ان قوتها العسكرية أصابها الارتباك للغاية ، ولذلك تستخدم منظمات مثل بلاكووتر لتحقيق أهدافها العسكرية كما إن اقتصادها على هذه الشاكلة ايضا حيث تعاني من قروض هائلة بلغت 15 تريليون دولار وعجز في الميزانية وصل الى 800 مليار دولار.
وفي سياق آخر هنّأ قائد الثورة جميع من وفّقوا للمشاركة في مراسم الزيارة الاربعينية، موضحا ان الغربيين عاجزون عن فهم وتحليل هذه الظاهرة الاستثنائية، اذ لاذوا بالصمت ازاء هذه المسيرة العظيمة الا انهم اضطروا للتطرق اليها قليلا خلال العام الجاري لكنهم قدّموا تحليلات عدائية ومغلوطة وبلهاء.
واكد ان مسيرة الاربعين الفياضة أربكت الغربيين ووسائلهم الاعلامية، موضحا ان هذه الوسائل كالاذاعة البريطانية ادعت ان هذه المراسم ذات طابع حكومي، متسائلا اية حكومة تستطيع تنظيم شؤون 10 الى 15 مليون نسمة ودفعهم للمشاركة في مسيرة يبلغ طولها 80 كيلومترا.
ووصف هذه المسيرة الكبرى بالمعجزة على فرض تقبّل فرضية ان الجمهورية الاسلامية الايرانية والحكومة العراقية قامتا بمهمة انجاز هذه المسيرة الرائعة، فهلّا للغربيين انجاز مثل هذه المسيرة التي لامثيل لها.
ووصف ظاهرة الاربعينية التي لامثيل لها لايمكن بلورتها سوى بالعشق والايمان وثمرة دماء الشهداء العظام ولايستطيع أي عنصر آخر إنجاز مثل هذه المهمة.
ونوه الى ان مسيرات الاربعينية تتوسع وتنمو عاما بعد عام، معرباً عن شكره في ذات الوقت باستضافة الشعب والحكومة في العراق وشخصياته وسياسييه ومحبتهم.
واشار الى الحظر الاميركي، موضحا ان احدى آليات هذا البلد في التحديات مع ايران طيلة الاربعين عاما الماضية تأجيج الحرب الاعلامية، موضحا ان اميركا تعتمد نشر الاكاذيب وإثارة الفتن والترويج للفساد وتحريض المناوئين منذ بداية الثورة الاسلامية وهي تعتمد الاجواء الافتراضية والاساليب الحديثة حاليا.
ولفت الى ان الدولة الوحيدة التي لاتمتلك أميركا ادنى دور في صنع قراراتها هي الجمهورية الاسلامية الايرانية وهو مايعني هزيمة اميركا.
ونوه الى ان الهدف الرئيسي لاميركا في تحريض صدام بإشعال نيران حرب السنوات الثمانية ضد ايران تمثل بالحاق الهزيمة بالنظام الاسلامي واذلاله على الصعيد العالمي الا انه استطاع هزيمة العدو ولم يتنازل عن شبر من أراضيه.
واوضح قائد الثورة، ان هدف اميركا من شن الحرب والحظر الاقتصادي على ايران طيلة 40 عاما مضت ايقاف عجلة تقدم البلاد وإبقاءها متخلفة لكن مايحدث اليوم يتعارض مع مآربها لان نشاطات تحقيق الاكتفاء الذاتي والانتاج الداخلي قد اتخذت وتيرة متسارعة اذ تنشط اليوم مئات المجموعات من الشبان الجامعيين وتحقق انجازات تكتسب الاهمية.
ووصف الديون الأسطورية لاميركا وعجز الميزانية الذي بلغت قيمته 800 مليار دولار هذا العام بأنه مؤشر على الانهيار الاقتصادي، مشيراً إلى أنهم يغطون هذه الحقائق بالتظاهر والشعارات ، لكن التراجع الاقتصادي واضح رغم الخداع.
ونبّه آية الله الخامنئي دول المنطقة بواقع تراجع أميركا ، موضحاً: ان الذين يبدون الاستعداد لنسيان القضية الفلسطينية بدعم اميركا، عليهم ان يدركوا أن أميركا تسير الى الانهيار في منطقتها ايضا، ولكن شعوب المنطقة وحقائقها تبقى حية وقائمة.
واعتبر مواصلة روح الاستقلال لدى جيل الشباب في ايران مؤشر آخر على هزيمة اميركا، موضحا انها رغم جهود امبراطوريتها الخبرية والاعلامية لم تستطع القضاء على الشعور بالسخط وروح الاستقلال والمقاومة في مواجهة الاجانب من طلاب الهيمنة لدى شبان هذا البلد بحيث ان جيل شباننا الحالي ليس متأخرا عن الجيل الاول للثورة إن لم يكن متقدما عليه على صعيد الصمود والمقاومة.
واشار قائد الثورة الى رسوخ روح الاستقلال لدى جيل الشباب في ايران في البلدان الاخرى، موضحا ان الشعوب والشبان في العراق وسوريا ولبنان وافغانستان وباكستان والبلدان الاخرى يشعرون بالسخط على اميركا بسبب هيمنتها واساءاتها الا ان المسؤولين الاميركيين عاجزون عن فهم اسباب هذا السخط ويعتبروننا السبب من وراءه.
واشار قائد الثورة الى "ان الاميركيين يطلقون التهديدات ضدنا ويوجهون الرسائل القائمة على ان شبان بلد ما لو شنوا هجوما على قواتنا او حلفائنا فاننا نحمّل ايران المسؤولية لكننا نقول أنتم ترتكبون حماقة بتحميل ايران المسؤولية بل ينبغي لكم الاخذ بنظر الاعتبار ممارساتكم المثيرة للسخط في هذه البلدان".
ولفت آية الله الخامنئي الى انهيار اميركا والى الذين يبدون الرغبة في التسوية مع اميركا، مؤكدا "انه لاينبغي اعداد خطط لااساس لها فان انهيار اميركا بات واقعا".
واعتبر اسباب انهيار الشيطان الاكبر تبلورت خلال فترة طويلة وتعود الى تصرفاته السلطوية على مدى تاريخ هذا البلد، "وان اميركا محكومة بالزوال من ساحة القوى العالمية وفق السنن الالهية".
زوار من اكثر من 100 بلد شاركوا في ملحمة زيارة الاربعينية
اعلن امين لجنة الاربعين المركزية بوزارة الداخلية الايرانية ان رعايا قدموا من اكثر من 100 بلد في العالم شاركوا في مراسم احياء زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة.
وقال شهريار حيدري في مؤتمر صحفي اليوم السبت : ان حركة الاربعين حركة عظيمة جدا ولا نظير لها حيث لم تشهد البشرية طيلة تاريخها مثل هذه الحركة.
واوضح ان مراسم زيارة الاربعين هذا العام اقيمت في وقت شهد فيه العراق طيلة الاشهر الثلاثة الماضية تطورات سياسية ، مضيفا: في مثل هذه الظروف فان ادارة اكثر من 24 مليون زائر مهمة صعبة، فقد شاهدنا خطوة رائعة من خلال مشاركة اكثر من مليوني زائر ايراني في مسيرة الاربعين.
واشار حيدري الى عبور اكثر من خمسة ملايين شخص للحدود الايرانية العراقية ذهابا وايابا لاداء زيارة الاربعين، وقال: ما قدمناه للزوار كان في اطار قوانين العراق، لذلك لم تكن هناك أي قصور من جانب ايران.
واكد ان زيارة الاربعين اقيمت بأفضل وجه في ظل توفير الامن، مضيفا: ان عبور نحو مليونين ونصف شخص من مختلف انحاء العالم لحدود العراق او ايران عمل ضخم جدا، وفي نفس الوقت يعد هذا الأمن مثاليا في المنطقة.
واشار امين لجنة الاربعين بوزارة الداخلية الايرانية الى المشاركة المليونية والمنظمة لزوار الاربعين، وقال: العام الحالي وبشهادة جميع الشهود العيان شارك زوار من اكثر من 100 بلد من مختلف الاديان في مسيرة الاربعين، وهذه الحركة المليونية احبطت مؤامرة الاعداء.
ولفت حيدري الى المشاركة الشعبية في توفير احتياجات الزوار من خلال اقامة 2000 موكب في ايران والعراق.
واكد ان مذكرة التفاهم التي وقعت بين ايران والعراق لتنظيم عبور الزوار عبر المعابر الحدودية جرى تنفيذها بشكل جيد، مشيرا الى ان شمول جميع الزوار الايرانيين الذين سجلوا في موقع "سماح الالكتروني للتابع لمنظمة الحج والزيارة بالتأمين الصحي.
واوضح حيدري انه تم هذا العام تهيئة اماكن لاسكان اكثر من 2.5 مليون زائر كما تم تقديم وجبات طعام لاكثر من من 5 ملايين شخص يوميا.
واشار حيدري الى تهيئة 12 ألف حافلة لنفل الزوار من المعابر الحدودية طيلة 15 يوما بحيث تم نقل اكثر من 250 زائر في يوم واحد بعد عودتهم الى البلاد عبر منفذ مهران الحدودي وهي مهمة معقدة، في حين كان منفذي جذابة وشلمجة اقل ازدحاما، وجرى تنظيم الرحلات الجوية بشكل جيد وفقا للاتفاق المبرم بين ايران والعراق.
حول نشوء الكون: جردة تاريخية
إنّ مسألة أصل الوجود، وتحديدًا منه الإنساني، هي من أكثر المسائل الجدليّة التي واجهها العلم. وعلى الرغم من أنّ بداية الحياة على وجه الأرض، وبأشكالها الأشدّ بساطة، تعود إلى 3.5 مليار سنة، فنحن لا نعيش إلّا فترة وجيزة جدًّا من عمر الكون، ونسكن في زاوية ضيّقة أيضًا في فضائه الرحب، ولكنّ الفضول، وهو من خاصيّات الإنسان في وجوده، جعل من مراقبة السماء أول تجربة علميّة يقوم بها. فالكائن الإنساني هو الوحيد الذي ينام على ظهره وعيناه ضائعتان في السماء، متسائلًا كيف يعمل الكون الرحب، وكيف نفهم كوكبنا الذي نعيش فيه، من أين جئنا، وهل نحن في بداية عمر الكون أم آخره، وكيف كانت البداية وإلى أين النهاية؟
وحيث إنّ أسئلة الإنسان هي فلسفيّة الطابع، فإنّ بعضًا من علماء اليوم ممّن أضاعهم بريق الكشوفات العلميّة قد أعلنوا «موت الفلسفة»، وحملوا مشعل الإجابة العلميّة التطبيقيّة فقط دون غيرها عن كلّ تلك الأسئلة. فما قدّموه في القرن العشرين واليوم قد أعطى إجابات - وإن كانت غير حاسمة - عن العديد من الأسئلة الفلسفيّة، لكنّها وقعت في إشكالات عدّة لا شأن للعلم بها، وذلك من خلال علم الفلك الذي لا ينتهي جديده كلّ يوم.
وبالأساس، إنّ علم الفلك علمٌ يطال تطوّر الكون بكليّته منذ نشأته، ويطال تطوّره وصولًا إلى اللحظة التي نعيشها. ولم يكن هذا العلم أيام اليونان وما قبلهم قائمًا، وإنّما كانت الحقيقة المبرمة محض فلسفيّة، وكانت المعارف قائمة دون الاختبار المؤسّس لصدقيّتها، ثمّ شكّلت بدايات القرن العشرين محطة تمّ فيها حشد كميّة كبرى من المعارف والملاحظات مع نتائج عمل التلسكوبات، ليبدأ التأسيس العلمي الواقعي لنموذجٍ ما للكون، حيث وقبل هذه المرحلة كان الحديث سائدًا في أوساط العلم عن كون أزليّ لا بداية له، وكان القول إنّ «تلاطمًا» في المادة قد أوجده، ولا حديث أبدًا وقتها عن خلق الكون.
وبالعودة إلى تاريخيّة المسألة، فإنّه، ومنذ مئة عام، كانت الفكرة الرائجة عن الكون في أوروبا أنّه أزليّ، وأزليته قائمة على أنّه تشكّل من قطع «متخلخلة» من المادة ولا بداية له، وكانت كلّ الأفكار الفلسفيّة تتمحور حول خلود المادة والكون، منطلقة من بعض ما تقوله الفلسفة اليونانيّة القائمة على أنّ المادّة هي الحقيقة الوحيدة في الكون، وهي السبب الوحيد لوجود الكون. نمت هذه الأفكار في العصر الروماني، ولكنّها تراجعت بعد انهيار الإمبراطوريّة الرومانيّة وفي بداية القرون الوسطى؛ حيث سادت أفكار الكنيسة وفلسفتها الملحقة بها.
بعد عصر النهضة، عادت أفكار أزليّة المادة، وكان الظهور الجديد ناتجًا عن إعادة اكتشاف الفلسفة اليونانيّة القديمة، فأتى الفيلسوف كانط وثبّت هذه المقولة وتحدّث عن كون لا محدود، وتبعه كارل ماركس، ثمّ فريدريك أنجلز على النغمة نفسها، مستفيدين من تطوّر علم الميكانيك منذ نيوتن وما بعده؛ حيث تبنّى بعض الفلاسفة ما عرف آنذاك التفسير الميكانيكي للكون، وأنّ الكون يعمل ميكانيكيًّا ولا حاجة إلى وجود الخالق بعدما علمنا كيف يعمل!!
إذًا، على امتداد القرون السالفة، ووصولًا إلى بدايات القرن العشرين، كان الاتّجاه السائد في أروقة العلم والبحث العلمي، ودائمًا بحسب القدرات المتواضعة للبحث آنذاك، قياسيًّا على ما هو متوفر اليوم، أنّ الكون أزليٌّ، وأنّ هذه الحقيقة تفرضها «وقائع العلم». فالكون في تلك الفترة لا بداية ولا نهاية له. لكنّ هذه «الحقيقة الكاملة» تعرّضت لنكسة علميّة شديدة من خلال نظريّة الانفجار العظيم التي أثبتت أنّ الكون له بداية لم يكن قبلها موجودًا، وأنّ مع هذه البداية نشأ الزمان والمكان والمادّة. وقد وقف الملحدون آنذاك في حيرة شديدة، ولم يستطيعوا رفضها لأنّ الأدلة كانت مبرمة، أدلة علميّة ثابتة مثبتة، وبالوقائع إلى درجة أنّ بداية الكون مع الانفجار العظيم باتت حقيقة تسلم بها كل اتجاهات الفيزياء الحديثة، المتوافقة منها والمختلفة.
وعلى أعتاب القرن العشرين، تبلور علم الفلك الحديث، وبانت علائمه على يد فريدمان في العام 1922، والذي تحدّث عن أنّ بنية الكون ليست ثابتة، وهي تتعرّض سواء للتمدد أو للتقلص، وتبعه لوميتر الذي أكّد للكون بداية وأنّه في توسع مستمر. ثمّ كان الحدث الأعظم في العام 1929 عندما أعلن الفلكي الأميركي أدوين هابل أنّ الضوء الآتي من النجوم البعيدة يترافق مع انزياح نحو اللّون الأحمر، الأمر الذي يعني أنّ هذه النجوم تبتعد ولا تقترب بحسب قوانين الفيزياء الفلكيّة، وأنّ الأشياء الموجودة في الكون تبتعد عن بعضها البعض، ولا تبتعد فقط عنّا نحن على الأرض، بمعنى آخر ومباشر الكون آخذٌ في التوسّع!!
واستمرّت أروقة البحث العلمي بمواكبة نتيجة هذا الحدث العميق في دلالاته، وصولًا إلى بلورة فكرة الانفجار العظيم أو البيغ بانغ، والذي بموجبه سلَّم العلماء على اختلاف مشاربهم، وعلميًّا، هذه المرة بفكرة أنّ للكون بداية وأنّ من له بداية فله نهاية، وانتهت الفكرة التي سادت طويلًا حول أزليّة الكون، والتي كانت منطلقة من فكرة التفسير الميكانيكي للكون، والتي كتب حولها كثيرون من العلماء والفلاسفة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وبات واضحًا أنّ الفيزياء المتسارعة في حصد النتائج إنّما ستضيء الدرب أمام أفكار علميّة وفلسفيّة انقلابيّة يلتقي معها العلم بالإيمان بالخالق. ويجد العلم معناه وروحه وموقعه الحقيقي في الكون عبر هذا التكامل، وتسمو بالتالي إنسانيّة الإنسان على الرغم من طغيان قيم المادة والمنفعة في السياسة والحياة الاجتماعيّة للبشر، ووقوعهم أسرى في الحروب الناعمة التي حلّت لاحقًا محل الحروب الصلبة.
ومن نافلة القول، إنّه وبحسب النموذج النيوتني الذي قدّمه نيوتن، فإن الكون يعمل كمحرك عظيم، لا شأن له بوجود الحياة أو أيّ مرادف إنسانيّ ماديًّا وشعوريًّا، وهو يعمل بشكل مستقلّ عن أي وجود آخر يراقبه أو لا يراقبه. إلّا أنّه ومنذ خمسين عامًا التي خلت، فإنّ صفات الكون صارت مرتبطة أو متلائمة مع الوجود الإنساني، وذلك من خلال قراءة جديدة لتناسب السوابق الكونيّة مع الوجود البشري، وباتت مقبولة حسبما يُعرف بالمبدأ الأنثروبي، والذي استبدل فيما بعد بالمبدأ الأنثروبي الضعيف، على اعتبار أنّ الإنسان لا يتحكّم ولا شأن له ببعض خصائص الكون، مثل: عمر الكون، وتاريخ تشكّل الأرض، وتاريخ وجود الحياة عليها.
________________________________________
المصدر: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة
تدشين خط الانتاج الوفير لمقاتلة "كوثر" الايرانية
تم اليوم السبت تدشين خط الانتاج الوفير لمقاتلة "كوثر" الايرانية المصنعة محليا وتسليم المقاتلة الاولى لسلاح الجو.
وحضر مراسم تدشين الخط الانتاجي وتسليم المقاتلة الاولى لجيش الجمهورية الاسلامية الايرانية القائد العام للجيش اللواء عبد الرحيم موسوي ووزير الدفاع واسناد القوات المسلحة العميد امير حاتمي في شركة صناعات الطائرات التابعة لوزارة الدفاع في مدينة اصفهان
السودان يوافق على وساطة سلفاكير للسلام بجنوب كردفان والنيل الأزرق
أعلن السودان، السبت، موافقته على وساطة رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، للدفع بعملية السلام في ولايتي جنوب كردفان (جنوب)، والنيل الأزرق (جنوب شرق).
وذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا) أن الحكومة في الخرطوم أبدت عدم ممانعتها لجهود سلفاكير لتوحيد الفصائل العسكرية والسياسية لـ"الحركة الشعبية/قطاع الشمال".
وأضافت أن "السودان وافق على رؤية سلفاكير، وتأكيده بأن السلام في المنطقتين سيسهم في استقرار العلاقة بين السودانيين".
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضى، أعلن وفد الحكومة المفاوض، ترحيبه بمبادرة ووساطة حكومة دولة جنوب السودان، بتقريب وجهات النظر بين "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" لإنجاح عملية التفاوض مع الخرطوم.
وتعاني "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" من انقسام بعد أن إصدار مجلس التحرير الثوري للحركة، في يونيو/حزيران 2017، قرارا بعزل رئيسها، مالك عقار؛ لتنقسم إلى جناحين، الأول بقيادة عبد العزيز الحلو، والثاني بقيادة عقار.
ووفق توازنات الحركة يمثل الحلو ولاية جنوب كردفان، بينما يمثل عقار ولاية النيل الأزرق.
وحسب "سونا"، أنهى مساعد الرئيس السوداني، فيصل حسن إبراهيم زيارة خاطفة الى جوبا (لم تذكر موعدها)، التقى خلالها بالرئيس سلفاكير، وناقش معه المباحثات التي دارت بين وفد الحكومة و"الحركة الشعبية/قطاع الشمال" جناح الحلو في جنوب إفريقيا.
وقال إبراهيم إن لقاءات مباشرة جرت الإثنين الماضي بين وفد حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان و"الحركة الشعبية/قطاع الشمال" جناح الحلو، في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا بطلب من الوساطة الإفريقية للسودان.
وشدد مساعد البشير، وفق ذات المصدر، على التزام الوفد الحكومي بإجراء مفاوضات سياسية متزامنة مع قضية المساعدات الإنسانية والترتيبات الأمنية.
وأشار إلى أن مفاوضات جنوب إفريقيا كسرت الجمود السياسي، وتعتبر أول لقاء مباشر بين الطرفين.
وفي فبراير/شباط الماضي، انتهت جولة مفاوضات في أديس أبابا، بين الحكومة السودانية، و"الحركة الشعبية/قطاع الشمال" جناح الحلو، دون تحقيق اختراق جراء تمسك كل من الطرفين بموقفه بشأن طريقة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وتتمسك الحكومة بإغاثة متضرري الولايتين عبر مسارات داخلية، بينما تصر الحركة على إيصال 20 بالمائة من المساعدات عبر مدينة "أصوصا" الإثيوبية المتخامة للولايتين.
وتقاتل "الحركة الشعبية/قطاع الشمال" قوات الحكومة السودانية، منذ يونيو/حزيران 2011، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتقول المعارضة المسلحة إن مناطقها تعاني من التهميش السياسي والاقتصادي.
وتتشكل الحركة بالأساس من مقاتلين انحازوا للجنوب في حربه ضد الشمال، قبل أن تُطوى باتفاق سلام أُبرم في 2005، ومهد لتقسيم البلاد في 2011، بموجب استفتاء شعبي.
السودان يأسف لقرار إدارة ترامب تمديد حالة الطوارئ
أبدى السودان، السبت، أسفه لتمديد الولايات المتحدة حالة الطوارئ الوطنية المفروضة تجاهه، واعتبرها "خطوة لا تتسق وروح التعاون البنّاء القائم بين البلدين".
وصدر قرار العقوبات الأمريكية على السودان وسوريا وجنوب السودان وإيران في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1997، بقرار تنفيذي رقم (13067) من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، بموجب حالة الطوارئ.
وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، أمرا تنفيذيا مدد بموجبه حالة الطوارئ الوطنية الموصوف بها السودان.
واعتبر الأمر التنفيذي أن السودان "ما زال يشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية" للولايات المتحدة.
وتعتبر خطوة الإدارة الأمريكية تهديدًا كبيرًا، للجولة الثانية المرتقبة للحوار بين البلدين، لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال بيان صادر عن الخارجية السودانية، اطلعت عليه الأناضول، إن "تعاون البلاد أقرت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأزالت بمقتضاه العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضتها مسبقا".
وأضاف: "إذ تعرب الوزارة عن أسفها لتمديد حالة الطوارئ المشار إليها، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود التعاون بين البلدين، ويمضي الحوار بينهما إلى مراحل متقدمة، فإنها تشدد على أن تبرير الخطوة بأنها جاءت لاعتبارات إجرائية وقانونية خاصة بالإدارة الأمريكية أمرًا غير مقبول".
وتابع: "ليس من العدل ولا من المنطق أن تظل العلاقات الثنائية للبلدين ضحية لتعقيدات قانونية تخص الولايات المتحدة وحدها".
وأوضح البيان أن "السودان سيظل ملتزمًا بالنهوض بمسؤولياته تجاه السلم الإقليمي والأمن الدولي عملًا بسياساته ومنطلقاته الوطنية بقطع النظر عن تصنيفات الولايات المتحدة التي لا تكشف إلا عن التناقض وعدم الموضوعية".
ودعا الإدارة الأمريكية للوفاء باستحقاقات التعاون الراهن الذي ارتضاه البلدان، واحترام مبادئ القانون الدولي التي تقيم التعاون بين الدول على المساواة الكاملة في السيادة.
ورفعت إدارة ترامب، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرًا تجاريًا كان مفروضا على السودان منذ 1997.
لكن واشنطن لم ترفع اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته أسامة بن لادن.
تركيا تدعو لاستخدام العملات المحلية بين دول مجموعة الثماني الإسلامية
دعا وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أعضاء "مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية" (D-8) إلى استخدام العملات المحلية في التجارة بينها، للرد على استخدام دول أسعار الصرف بدوافع سياسية في المرحلة الراهنة.
جاء ذلك في الكلمة الافتتاحية للاجتماع الـ18 لمجلس وزراء خارجية "مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية" (تضم تركيا، باكستان، ماليزيا، إيران، إندونيسيا، مصر، نيجيريا، وبنغلاديش)، اليوم السبت، في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا.
وشدّد تشاووش أوغلو على ضرورة بذل الجهود من أجل إحياء "مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية" خلال المرحلة القادمة، لتكون مناسبة لمتطلبات العصر، وترد بشكل أسرع على التطورات الدولية.
وقال الوزير التركي: "نعيش اليوم مرحلة تستخدم فيها بعض الدول أسعار الصرف بدوافع سياسية، وتشهد حروبًا تجارية، ويمكننا أن نعطي أفضل ردٍ على هذا الأمر عبر استخدام عملاتنا المحلية والوطنية في التجارة بيننا".
وأشار إلى أن تركيا تستعد للتجارة مع دول أخرى مثل الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا، باستخدام العملات الوطنية، وتواصل المباحثات في هذا الإطار مع العديد من الدول.
وتابع: "هناك إمكانية لتحقيق هذا الأمر داخل مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، ونقترح في هذا الصدد تأسيس غرفة مقاصة".
وأعرب تشاووش أوغلو، في بداية كلمته، عن تعازيه للشعب الإندونيسي حيال ضحايا الطائرة المنكوبة التي تحطمت الاثنين الماضي في البحر بعد إقلاعها بدقائق في رحلة داخلية من العاصمة جاكرتا إلى مدينة "بانغكال بينانج"، وعلى متنها 188 شخصًا.
كما تقدّم بالتعازي للشعب المصري حيال الهجوم الإرهابي الذي استهدف الأقباط في محافظة المنيا (جنوب مصر)، مخلّفًا 7 قتلى وعدد من الجرحى.
وشارك في الاجتماع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، ووزير الدولة الباكستاني محمد أحمد أزهر، ووزيرة الشؤون الخارجية فى نيجيريا خديجة بوكار أبا إبراهيم.
كما حضر الاجتماع مساعد وزير الخارجية الماليزي داتو مرزوقي بن يحيى، ومساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الاقتصادية سعيد هندام، ومساعد مستشار وزارة الخارجية البنغالية محبوب الزمان، والسفير الإندونيسي موريا ويلانا.
وتأسست مجموعة "D8"، في 15 يونيو/حزيران 1997، باقتراح من رئيس الوزراء التركي الراحل، نجم الدين أربكان، من أجل تأسيس مجموعة اقتصادية تتكون من 8 دول مسلمة ذات اقتصادات ناشئة.
بعد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.. هل يتراجع الهجوم على الإسلام؟
جاء قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان باعتبار الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، تتعدى حدود حرية التعبير، بمثابة ميلاد جديد لمسلمي أوروبا والعالم بشكل عام.
القرار الهام للغاية صدر في 25 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، بموافقة أعضاء المحكمة كافة.
كما يمكن اعتبار القرار "مثالا" يمكن اللجوء إليه في حال رفع دعاوى قضائية مشابهة لدى وقوع حالات إساءة للمسلمين والنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم في المستقبل.
وتعود جذور القضية إلى النمسا عام 2009، عندما قضت محكمة فيينا على اليمينية المتطرفة "إليزابيث ساباديتش وولف"، بدفع غرامة قدرها 480 يورو، وتحمل تكاليف المحكمة، إثر الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم خلال كلمة لها في ندوة.
وكان من بين الحضور في الندوة صحفي مسلم، والذي قام برفع دعوى ضدها في إحدى المحاكم المحلية، فقضت بدورها بالحكم ضد ساباديتش وولف، ما دفع الثانية لنقل القضية إلى محكمة أعلى.
وأدانت تلك المحكمة كذلك سباديتش وولف عام 2011، فقامت بنقل القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي أصدرت حكمها الأخير بعد طول انتظار، فقضت بأن الإساءة للرسول صلى الله عليه واله وسلم لا تندرج ضمن نطاق حرية التعبير.
وبهذا تكون المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أيدت قرار محكمة فيينا عام 2011 في اعتبار سباديتش وولف مذنبة.
وباستثناء بضع وسائل إعلام أوروبية، تجاهل الإعلام الغربي الحكم، في حين لو كان القرار صدر بالعكس لمصلحة المتهمة، لكانت الكثير من الصحف والقنوات الأوروبية قد تناولته بشكل واسع.
** دواعي القرار
ويمثل تأكيد المحكمة الأوروبية اعتبار قرار محكمة فيينا حول الواقعة ليس انتهاكا لحرية التعبير المنصوص عليها في المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أمرا في غاية الأهمية.
كما نص القرار على أن الواقعة تعد إساءة للنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ، وهذا النوع من الإساءات يؤدي إلى تعميق الأحكام المسبقة، ويهدد الحريات الدينية.
وجاء في قرار المحكمة أنها تناولت قرار محكمة فيينا من كافة الجوانب، ورأت أنها أصدرته "نتيجة الحفاظ على التوازن بين حرية التعبير للمدعي، وحماية الحريات الدينية بالنسبة إلى الآخرين".
وأضافت "وبناء عليه، فإن محكمتنا توصلت إلى قرارها بعدما رأت أن محكمة فيينا قدمت أسبابا كافية ومقنعة، بخصوص أن الإفادات المستخدمة في الجدال أثناء الواقعة لا يمكن التسامح معها، وأنها تجاوزت الحدود المشروعة، وقد تفتح الطريق أمام زيادة وتيرة الأحكام المسبقة، وقد تؤثر سلبا على السلام بين الأديان".
ويعد بيان المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تأكيدا على أن حرية التعبير ليست مطلقة، وأنه يجب أن يتم تناولها مع موضوع حرية الأديان بالنسبة إلى الآخرين.
كما يعتبر من المهم هنا تأكيد القرار على أنه لا يمكن استخدام حرية التعبير بشكل ينتهك الحريات والحقوق الدينية للآخرين، فخلال الآونة الأخيرة في أوروبا والغرب، عندما يتعلق الأمر بالمسلمين على الأخص، فإن حرية التعبير في التعليقات ضدهم تبدو وكأنها بلا حدود، في حين لا يولي اعتبارا للحالات التي يتعرض فيها المسلمون لمعايير مزدوجة من حيث حقوقهم وحرياتهم الدينية.
ومن جانب آخر، تجدر الإشارة إلى شخصية ساباديتش وولف، كونها متطرفة معادية للإسلام، ولها ارتباطات مع الأوساط "الصهيونية"، إذ تتمتع الشخصيات والمجموعات المتطرفة المعادية للإسلام مثل ساباديتش وولف، وويلدرز، بعلاقات قريبة مع منظمة "التضامن مع أمريكا ACT" ذات الميول الصهيونية، والتي أسستها بريجيت غابريل.
وبالتالي، فإن واقعة إساءتها للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم لا تعتبر الأولى لها، إذ نشر مقالات لها أحد أبرز المواقع الإلكترونية المعادية للإسلام، وهو "أبواب فيينا"، ومؤسسه إدوارد ماي.
وأجرى هذا الموقع حملات عديدة ضد "تعريب وأسلمة أوروبا"، إذ يصنف المسلمين تهديدا ضد القيم الأوروبية.
كما يعتبرهم "ممثلين لديانة وثقافة قديمة"، فضلا عن استخدامه الكثير من الصفات المسيئة بحق الرسول صلى الله عليه واله وسلم.
** جذور الإساءة عبر التاريخ
وتعود جذور الإساءة للنبي محمد إلى تاريخ ظهور الدين الإسلامي، حيث بدأت مع بابوات الكنائس في الفترات الأولى، واستمرت من بعدها في العصور الوسطى، واكتسبت زخما كبيرا في العهد الإصلاحي والاستشراقي.
كما تعددت خلال السنوات الأخيرة الكثير من وقائع الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ، مثل الرسومات الكاريكاتيرية بالدنمارك، وشارلي إيبدو، ومعرض الكاريكاتير في الولايات المتحدة.
فضلا عن "مسابقة رسوم الكاريكاتير" التي أعلنتها ويلدرز، وتراجعت عن تنظيمها فيما بعد إثر تعرضها لضغوط واسعة.
** معنى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
وقد يؤدي اتخاذ القضاة الـ 7 في المحكمة الأوروبية للقرار بالإجماع، إلى تخفيف موجة الأقوال والأفعال المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم.
ولدى النظر من هذه الوجهة، فإن القرار أدى إلى انزعاج أوساط الجماعات والأحزاب اليمينية المتطرفة، على وجه الخصوص.
كما يحمل القرار أهمية خاصة لكونه أبرز قرار إيجابي خلال السنوات الأخيرة، يصدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بحق الإسلام والمسلمين.
إذ كانت المحكمة الأوروبية قد أصدرت أحكاما إيجابية في دعاوى مشابهة لمصلحة اليهود والمسيحيين سابقا، إلا أنها لم تصدر أي قرارات بحق الحريات الدينية للمسلمين، باستثناء بعض القضايا الفردية.
ومن جانب آخر، يجب التركيز على أهمية توقيت صدور القرار، إذ جاء في وقت لم تعد فيه بعض الدول الأوروبية تعتبر الإساءة للرب والأديان جريمة بموجب القانون.
كما يحمل القرار أهمية إضافية، كونه يعتبر "مثالا" يمكن اللجوء إليه، في حال رفع دعاوى قضائية مشابهة لدى وقوع حالات إساءة للمسلمين والنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم في المستقبل.
** البروفيسور أوزجان خضر، عضو الهيئة التدريسية في جامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول.
باكستان.. وقف الاحتجاجات بعد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة
توصلت الحكومة الباكستانية، الجمعة، إلى اتفاق مع الجماعات الدينية التي شلت الحركة اليومية في عموم البلاد لليوم الثالث على التوالي، على خلفية تبرئة المحكمة العليا سيدة مسيحية تدعى "آسيا بيبي"، حُكم عليها بالإعدام شنقا بتهمة تطاولها على الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقبعت بيبي في السجن لمدة تسع سنوات، قبل أن يصدر حكم ببراءتها الأربعاء، من قبل المحكمة العليا في باكستان.
ووافقت الجماعات الدينية على إلغاء الاحتجاج في أعقاب تأكيدات الحكومة بفرض حظر سفر على "بيبي"، وعدم الاعتراض على مراجعة التماس ضد الحكم في المحكمة العليا.
واتفق ممثلون عن الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم البنجاب، مع قادة أبرز الجماعات المحتجة وتدعى "تحريك لبيك باكستان" (TLP) على عدة بنود، أبرزها حظر الحكومة سفر "بيبي".
كما قدمت الحكومة تعهدا بعدم الاعتراض على أي التماس لإعادة النظر في الحكم الصادر عن الهيئة القضائية التابعة للمحكمة العليا، والإفراج عن جميع المعتقلين الذين ألقي القبض عليهم خلال الاحتجاجات.
في المقابل، أعلنت "تحريك لبيك باكستان" إنهاء الاحتجاجات، وقدمت اعتذارا رسميا إن كانت آذت المشاعر، أو تسبب بأي إزعاج ضد أي شخص من دون سبب، وفق ما جاء في نص الاتفاق.
ونشرت صحيفة "داون" صورة لوثيقة الاتفاق الذي تم توقيعه اليوم من قبل الطرفين.
وأغلق المحتجون الشوارع الرئيسية في المدن الكبرى، وتجمعوا في محيط المباني والمؤسسات الحكومية، وطالبوا بإعدام بيبي، والقضاة الثلاثة الذين أصدروا قرار التبرئة.
وأفاد مراسل الأناضول، أن المتظاهرين أغلقوا مداخل مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب، كما أغلقوا الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ومدينة كراتشي، وبيشاور.
وأضاف أن المتظاهرين أغلقوا مداخل ومخارج منطقة (D-Chowk) التي تكثر فيها أبنية الوزارات وسفارات الدول الأجنبية في إسلام آباد.
وسمحت الشرطة للمتظاهرين بإقامة صلاة الجمعة عند الحواجز المنصوبة أمام المنطقة بعد أن طالبوا بذلك، حيث أقام نحو ألفي شخص الصلاة على مسافة تبعد 200 متر من مقر الرئاسة.
وأشار المراسل أن تظاهرات انطلقت في مناطق أخرى من العاصمة بعد الصلاة، دون أن تتخللها أعمال عنف.
وأغلق المتظاهرون 25 شارعا رئيسيا في مدينة كراتشي، التي تعتبر أكبر المدن الباكستانية، وفي مدينة لاهور أضرم المتظاهرون النار في العديد من الحافلات، والشاحنات، والسيارات.
وقال وزير الداخلية شهريار أفريدي، في تصريحات صحفية، إنهم سيفتحون الطرق المغلقة في المدن الكبيرة بالحكمة.
وفي ولايات بنجاب، والسند، وبلوشستان، منعت السلطات الأمنية تجمع أكثر من أربعة أشخاص في الأماكن العامة لغاية 10 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري.
وألغت السلطات عددا من رحلات الحافلات بين المدن، بعد أن توقفت خدمات سكك الحديد والحافلات جراء التظاهرات.
كما تعطلت شبكات الهواتف اللاسلكية بسبب التظاهرات، وتعطل الدوام في المدارس لفترة مؤقتة.
فيما تم الاحتفاظ بالسيدة "بيبي" في مكان آمن، لم يتم الكشف عنه حفاظا على سلامتها، بحسب المصدر نفسه.
من جانب آخر، قال الناطق باسم الجيش "عاصف غفور" في تصريح صحفي، اليوم، إن قضية بيبي تم تداولها منذ ما يقارب 10 سنوات في المحاكم، وهذا موضوع قضائي بحت، وإنه من المحزن حشر الجيش في كل سجال في البلاد".
والأربعاء، قال رئيس المحكمة العليا ميان ساقب نصار، إن محاكمة بيبي لم تكن عادلة، وإن المحكمة قررت إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقها من قبل المحكمة المحلية ومحكمة لاهور العليا عامي 2010 و2014.
وأكد نصار أن المحكمة العليا اطلعت على اعتراض بيبي على قرار الإعدام، وقررت إلغاء الحكم الصادر بحقها وإخلاء سبيلها.
وعقب قرار إخلاء سبيل بيبي، عمت التظاهرات شوارع المدن، حيث طالب حزب "تحريك لبيك باكستان" بقتل القضاة الـ 3 الذين برؤوها.
جدير بالذكر أن سيدتين مسلمتين اتهمتا الباكستانية المسيحية آسيا بيبي (53 عاما) بشتم الدين الإسلامي والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أثناء شجار وقع بينهن، حيث أودعت السجن في 2009.
وصدر حكم الإعدام بحقها من قبل محكمة محلية في 2010، وفي 2014 أصدرت المحكمة العليا في لاهور حكم الإعدام بحقها أيضا، الأمر الذي أعقبه العديد من الحملات الحقوقية والنسوية تطالب بمنع تنفيذ الحكم.