
Super User
لنجدد عهدنا بالصلاة اليومية
من كلام لأمير المؤمنين (عليه السّلام) كان يوصي به أصحابه:
«تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ، وَحَافِظُوا عَلَيْهَا، وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا، وَتَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً، أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَإِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ، وَتُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَقِ، وَشَبَّهَهَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ الدَّرَنِ وَقَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زِينَةُ مَتَاعٍ وَلاَ قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ وَلَدٍ وَلاَ مَالٍ يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نَصِباً بِالصَّلاَةِ بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فَكَانَ يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَيُصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ».
الّلغة
حَتَّ الْوَرَقِ: عن الشّجر أسقطه، وحتّ الشّيء عن الثّوب: حكّه وأزاله.
الرِّبَقِ: حبل فيه عرى.
بِالْحَمَّةِ: بفتح الحاء وتشديد الميم عين معدنيّة يستشفى بها.
الدَّرَنِ: محرّكة الوسخ.
نَصِباً: تعبًا.
الشّرح
«تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ» أي جدّدوا العهد بها وحافظوا عليها في أوقاتها المخصوصة ولا تضيّعوها ولا تغفلوا عنها، لأنّها عماد الدّين، ومعراج المؤمنين، وقربان كلّ تقيّ ومؤمن نقيّ، وأوّل ما يحاسب به العبد إنْ قبلت قبل ما سواها وإنْ رُدَّت رُدَّ ما سواها.
وقد ذمّ الله أقوامًا توانَوْا عنها واستهانوا بأوقاتها فقال: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾[ قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في رواية الخصال: يعني أنّهم غافلون استهانوا بأوقاتها [1].
«وَحَافِظُوا عَلَيْهَا» أي على أوقاتها ورعاية آدابها وسننها وحدودها ومراسمها وشروطها وأركانها.
فلقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من ترك صلاته متعمّدًا فقد هدم دينه [2].
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تضيّعوا صلاتكم فإنّ من ضيّع صلاته حشره الله تعالى مع قارون وفرعون وهامان لعنهم الله وأخزاهم وكان حقًّا على الله أن يدخله النّار مع المنافقين، فالويل لمن لم يحافظ على صلاته [3].
وقال أبو جعفر (عليه السّلام): إنّ الصّلاة إذا ارتفعت في أوّل وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة، تقول: حفظتني حفظك الله وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة، تقول: ضيّعتني ضيّعك الله [4].
وقد أمر الله عزَّ وجلّ بمحافظتها في الكتاب العزيز بقوله: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾[.
قال أمين الإسلام الطّبرسيّ: أي داوموا على الصّلوات المكتوبات في مواقيتها بتمام أركانها، ثمّ خصّ الوسطى تفخيمًا لشأنها فقال: ﴿وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾[.
فقال الشّيخ في الخلاف: إنّها الظّهر وتبعه جماعة من علمائنا، لأنّها بين صلاتَيْن بالنّهار، ولأنّها فى وسط النّهار، ولأنّها تقع فى شدّة الحرّ والهاجرة وقت شدّة تنازع الإنسان إلى النّوم والرّاحة فكانت أشقّ، وأفضل العبادات أحْمَزُها، وأيضًا الأمر بمحافظة ما كان أشقّ أنسب وأهمّ ولأنّها أوّل صلاة فرضت ولأنّها في السّاعة الّتي يفتح فيها أبواب السّماء فلا تغلق حتّى تصلّي الظّهر ويستجاب فيها الدّعاء.
وروى الجمهور عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يصلّي الظّهر بالهاجرة ولم يكن يصلّي صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منها فنزلت الآية [5].
وقال في مجمع البيان: كونها الظّهر هو المرويّ عن الباقر والصّادق (عليهما السّلام) وروي فيه عن عليّ (عليه السّلام) أنّها الجمعة يوم الجمعة والظّهر فى ساير الأيّام [6].
«وَاِسْتَكْثِرُوا مِنْهَا» فإنّها خير موضوع فمن شاء أقلّ ومن شاء أكثر.
وفيه عن الصّدوق بأسناده عن أبي جعفر العطّار قال: سمعت الصّادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: جاء رجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا رسول الله كثرت ذنوبي وضعف عملي، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أكثر السّجود فإنّه يحطّ الذّنوب كما تحطّ الرّيح ورق الشّجر [7].
«وَتَقَرَّبُوا بِهَا» إلى الله سبحانه فإنّها قربان كلّ تقيّ، بل هي أفضل ما يُتَقَرّب به إليه تعالى.
كما يدلّ عليه ما رواه في الكافي بأسناده عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم فقال: ما أعلم شيئًا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة، ألا ترى أنّ العبد الصّالح عيسى بن مريم (عليهما السّلام) قال: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً ﴾[[8].
ولمّا أمر بتعاهدها ومحافظتها والتّقرّب بها عقّب (عليه السّلام) ذلك وعلّله بوجوه مرغّبة.
أحدها: قوله ﴿ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾[ اقتباس من الآية الشّريفة فى سورة النّساء.
الثّاني: قوله «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أهْلِ النَّارِ» والاستفهام للتّقرير بما بعد النّفي أو للتّوبيخ والتّقريع، والغرض منه تنبيه المخاطبين على أنّ ترك الصّلاة يوجب دخول النّار وسخط الجبّار ليتحرّزوا من تركها ويحافظوا عليها.
وذلك أنّ أهل النّار «حِينَ سُئِلُوا» أي سألهم أهل الجنّة على ما حكى الله عنهم في سورة المدّثّر بقوله: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾[ [9].
الثّالث: «وَإِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ» أي تسقطها من الرّقاب سقوط الأوراق من الأشجار.
كما وقع التّصريح به في رواية الوسائل من مجالس ابن الشّيخ بأسناده عن سلمان الفارسيّ قال: كنّا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فى ظلّ شجرة فأخذ غصنًا منها فنفضه فتساقط ورقه فقال: ألا تسألوني عمّا صنعت؟ فقالوا: أخبرنا يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: إنّ العبد المسلم إذا قام إلى الصّلاة تحاطّت خطاياه كما تحاطّت ورق هذه الشّجرة [10]. والتّشبيه في كلامه (عليه السّلام) من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس، وكذلك في قوله: «وَتُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَقِ» والكلام على القلب والمراد أنّها تطلق أعناق النّفوس أي تفكّها من أغلال الذّنوب إطلاق أعناق البهايم من الأرباق.
ولمّا ذكر إسقاطها للذّنوب أيّده بقوله «وَشَبَّهَهَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ» وأشار إلى وجه الشّبه بقوله «فَهُوَيَغْتَسِلُ مِنْهَا» ويطهّر جسده من الأوساخ «فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْهِ» شيء «مِنَ الدَّرَنِ» وكذلك من صلّى الصّلوات الخمس لا يبقى عليه شيء من الذّنوب.
عن الصّادق (عليه السّلام) قال: قال النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما مثل الصّلاة فيكم كمثل السَّريّ وهو النّهر على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم والّليلة يغتسل منه خمس مرّات فلم يبق الدّرن على الغسل خمس مرّات، ولم يبق الذّنوب على الصّلاة خمس مرّات [11].
الرّابع: ما أشار إليه بقوله «وَقَدْ عَرَفَ حَقَّهَا» وقدرها «رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» وهو (عليه السّلام) رئيسهم وسيّدهم وأفضلهم وهم «الَّذِينَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زِينَةُ مَتَاعٍ وَلاَ قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ وَلَدٍ وَلاَ مَالٍ» لعلمهم بأنّ: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَل﴾[ .
«يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ» في وصفهم في سورة النّور: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾[ ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ﴾[ من عطف الخاصّ على العامّ لشمول التّجارة ساير أنواع المكاسب ﴿عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾[.
الخامس: إنّ في المحافظة على الصّلاة أسوة بالنّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلقد «كَانَ رَسُولُ اَللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نَصِباً بِالصَّلاَة» أي تعبًا بها كلّ التّعب.
حتّى روي أنّه كان يصلّي اللّيل كلّه ويعلّق صدره بحبل حتّى لا يغلبه النّوم فخاطبه الله في ذلك وأنزل عليه ﴿طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾[ وأمره بأن يخفّف على نفسه وذكر أنّه ما أنزل عليه الوحي ليتعب كلّ هذا التّعب.
روى الطّبرسيّ في الاحتجاج عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: لقد قام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عشر سنين على أطراف أصابعه حتّى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه يقوم اللّيل أجمع حتّى عوتب في ذلك فقال الله عزّ وجلّ: ﴿طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾[ بل لتسعد [12].
قيل: الشّقاء شايع بمعنى التّعب ومنه أشقى من رايض المهر وسيّد القوم أشقاهم، ولعلّه عدل إليه للاشعار بأنّه أنزل إليه ليسعد.
وقوله «بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ» إشارة إلى أنّه لم يكن مواظبته على الصّلاة شوقًا إلى الجنّة ولا خوفًا من النّار بل قد كان نصبًا بها مع وجود تلك البشارة متحمّلاً كلّ التّعب امتثالاً «لِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ» وأمره له بالصّبر عليها في سورة طه حيث قال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَ﴾[ لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى.
قال في مجمع البيان: معناه وأمر يا محمّد أهل بيتك وأهل دينك بالصّلاة واصبر على فعلها.
قال فى مجمع البيان روى أبو سعيد الخدريّ قال: لمّا نزلت هذه الآية كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يأتي باب فاطمة وعليّ تسعة أشهر عند كلّ صلاة فيقول: الصّلاة رحمكم الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِير﴾[.
«فَكَانَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَيُصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ» أي يأمر نفسه بالصّبر والتّحمّل على تعبه [13].
* فرائض قرآنيّة على ضوء نهج البلاغة - بتصرّف
[1] الخصال: 621/10.
[2] بحار الأنوار: ج 79، ص 202.
[3] جامع الأخبار: 186.
[4] بحار الأنوار: ج 80، ص25.
[5] بحار الأنوار: ج 79، ص279.
[6] مجمع البيان: ج 2، ص .
[7] أمالي الصّدوق: ج 76، ح11.
[8] الكافي: باب فضل الصّلاة، ص264.
[9] سورة المدّثر، الآيات: 42 - 43.
[10] الوسائل: ج 3، ص30.
[11] الوسائل: ج 4، ص201.
[12] بحار الأنوار: ج 68، ص26.
[13] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: ج 12، ص330.
خطوات مؤثرة في التربية الإيجابية
يقول أحد علماء البرمجة اللغويّة العصبيّة: إنّ الإنسان يتلقّى أكثر من مئة ألف كلمة سلبيّة منذ الصغر حتى عمر العشر سنوات الأولى من حياته". تأمّل أيّها القارئ في هذا الكمّ الهائل من التعليمات السلبيّة، التي ستترك أثرها الكبير في تكوين شخصيّة الطفل وذكائه؛ حيث يختزنها عقله الباطني، وترافقه مدى الحياة، وقد تؤدّي به إلى العزلة؛ لذا بدأ علماء النفس والتربية باعتماد أساليب إيجابيّة في تنشئة الأطفال. فالطفل يولد على الفطرة والرعاية والمحبّة والتربية الإيجابيّة، التي هي مزيج من العطف والحبّ والتفاهم والحماية.
وهناك أساليب مختلفة لتلك التربية، لكنّ المفهوم يبقى نفسه؛ وهو أن تمنح الطفل حبّاً غير مشروط، وتوفّر الرعاية التي من شأنها أن تزيد من ثقته بنفسه. ففي دراسة أجريت في أستراليا شملت ستاً وعشرين مدرسة لتقييم فعاليّة برنامج التربية الإيجابيّة بين الطلاّب، أظهرت النتائج تقلّص عدد الأطفال الذين لديهم مشاكل سلوكيّة، وزيادة كبيرة في مهارات التعبير عن الذات، مقارنة مع الأطفال الذين لم يشاركوا في هذا البرنامج.
ولكي تكونوا أيّها الأهل إيجابيّين، ينبغي أن تمتلكوا الثقة بالنفس، وتفهموا أطفالكم؛ فالإيجابيّة في التربية لا تعني أن تكونوا متساهلين، بل على العكس ينبغي أن تضعوا حدوداً لا يفترض على الطفل تجاوزها. وتتعلّموا كيفيّة التفاوض وإقناع أطفالكم بطريقة فعّالة، ولا بد أن تعرفوا أنّ مهمّة التربية مهمّة صعبة، وبما أن لكلّ طفل خصاله الفريدة، لذا لا توجد طريقة واحدة مبسّطة للتربية، فأمر اختيار الأسلوب يعود الى الأهل، وبمزيد من الرحمة والحبّ والعطف والاحترام ستكون النتائج مذهلة .
استراتيجيّات التربية الإيجابيّة:
تشكّل هذه الاستراتيجيّات بدائل عمليّة عن اللجوء الى العقاب، فهي وسائل تبني الشخصيّة المتميّزة التي يطمح لها الأهل. وهي عبارة عن خطوات عمليّة ومتكاملة، تصبح ضرورة في حالات الأزمات الطارئة بين الأطفال، سيّما عند لجوئهم الى السلوكيّات العنيفة والمقلقة، ومنها:
1- مكافأة السلوك الإيجابي: وهي طريقة فعّالة جداً للتخفيف من حالات التوتّر، لها قوّة هائلة في بناء شخصيّة الطفل؛ وتتحقّق إذا قام الأهل بعدم التركيز على السلوك المنسجم مع عمرهم كالحركة والاكتشاف المستمر للمحيط، وأبدوا تسامحاً معهم، وكافأوا سلوكهم من خلال توجيه المدح، وتحديده بالسلوك الإيجابيّ، وهو ما يسمى بـ "المدح المخصّص"، ومثاله إسماع الطفل عبارة: "ما أجمل خطك" أو "كم أنت طفل مبدع... وغيرها".
2- الشعور الخاص: هو نوع من التعبير عن المشاعر التي تربط بين الطفل ووالديه، فالمشاعر خلقها الله سبحانه لكي ننطق بها لا لنخزّنها بداخلنا، وعادة ما يكون ذلك من خلال إسماع الطفل كلمات تعبّر عن محبّتك له. وإنّ توقّف الطفل عن السلوك المزعج هو بحد ذاته نجاح ينبغي المكافأة عليه. ولكن يجب الانتباه إلى عدم المبالغة في المدح، حتى لا تؤدّي إلى نتائج عكسيّة. وتذكّر أنّ الناس طيّبون أكثر ممّا نتصوّر ونحن يمكننا إخراج أحسن ما فيهم، إذا أخرجنا أحسن ما عندنا، وأطيب الناس الأطفال.
3- الإنصات الفعّال: وهو ما يُعرف بالاستماع النشط، وهو يعني الاستماع باهتمام وبكلّ جوارحنا لما يريد الطفل التعبير عنه، وكلّما مورست هذه الطريقة، كلّما عرفت العلاقات الأسريّة انحساراً لحالات التشنّج. وهناك خمس خطوات للاستماع الفعاّل:
- اربط علاقة تواصل بين عينيك وعيني طفلك، واحرص أن لا يشيح وجهك عنه؛ لأنّ ذلك يوحي له بقلّة الاهتمام وقلّة اعتبار لشخصه.
- اجعل علاقة اتّصال واحتكاك جسديّ مباشر مع طفلك، وذلك من خلال لمسه، وتشابك الأيدي والعناق.
- كرِّر ما يقوله وأظهر همهمات ليرى مدى تفهمّك له.
- ابتسم باستمرار وأبدِ ملامح الاطمئنان لما يقوله.
- عبّر لابنك عن تفهّمك للموقف، وأعد باختصار وبتعبير أدقّ ما يودّ إيصاله لك، فكلما تحدّث الابن ووجد قبولاً واهتماماً كلما ضعفت المقاومة السلبيّة لديه، وقلّ عناده.
4- الآن: وهي تعني إلغاء الأفكار والمواقف السلبيّة والأحاسيس المتشنّجة غضباً وتوتّراً، واستبدالها بالتفكير الإيجابيّ؛ فالتركيز على الأخطاء لا يحقّق الحلّ، ولا يفتح آفاقاً وبدائل؛ لذا فإنّ استراتيجيّة الآن تجعلنا نتذكّر أنّ غالبيّة المشاكل التي نخشاها ليست نهاية المطاف، وليست مشاكل بلا حلول، وهذا الاعتقاد وحده يجعلنا في حالة استرخاء وهدوء. فمن لا يعرف هذه الخطوة فإنّه لا يعرف المتعة التي يحرم نفسه منها مع أبنائه، ويضيع جوّاً عائلياً من أروع ما يمكن تصوّره.
5- التربية بالحبّ: وهي من أهمّ استراتيجيّات التربية الإيجابيّة التي ينبغي الالتفات إليها. ومن الضروريّ أن يعيد الأهل النظر في كثير من أشكال تربيتهم لأبنائهم، ويعتمدوا التربيّة بالحبّ مع أولادهم من خلال الكلمات الحنونة، والنظرة الرؤوفة، واللمسة التي تشعرهم بالأمان والاطمئنان.
إنّ الإنسان لديه جملة من الحاجات العضويّة، كالطعام والشراب والنوم. كما لديه جملة من الحاجات النفسيّة، منها الحاجة إلى الحبّ والعطف، وكلا النوعين ينبغي إشباعهما حتّى يشعر بالتوازن.
ولكن هناك إشكاليّة تطرح عن الفرق بين حاجاتنا العضويّة والنفسيّة؟؟
إنّ الفرق يكمن في نقطة مهمّة، وهي أنّ عدم إشباع حاجاتنا العضويّة يؤدّي إلى الموت، بينما عدم إشباع حاجاتنا النفسيّة يترك أثراً خطيراً على الشخصيّة، وهو يظهر في سلوك الفرد ومقدار سعادته، كما قد يظهر أثناء تعامله مع الآخرين.
أساليب منافية للتربية بالحبّ:
هناك أساليب سلبيّة تبعد المربّي عن التركيز على المشكلة وإيجاد الحلول لها، وتجعل التوجّه لشخص الطفل وليس لسلوكه، ومنها:
1.أسلوب الصراخ: وهو أسلوب يلغي لغة التواصل والتفاهم بين طرفي المعادلة، فالابن هنا يدخل في حلبة الدفاع عن النفس والخوف من الصوت المرتفع، ويركّز اهتمامه على الطرق التي تحميه من ردود أفعال غير منتظرة.
2.التأنيب واللَّوم: كثرة التأنيب واللَّوم يقسّيان القلوب ويفكّكان العلاقات والروابط، ويقتلان المشاعر الإيجابيّة بين الطرفين.
3.الأوامر الكيديّة: إنّ كثرة إعطاء الأوامر دون عمليّة إقناع ترافقها، تحوّل الابن إلى آلة لتنفيذ الأوامر، وتلغي شخصيته وتضعّفها، وتجعل منه شخصاً انقياديّاً مستسلماً لا كيان له.
- التهديدات: كثرة التهديد الذي يمارسه الأهل بكلّ أنواعه( المباشر وغير المباشر) لا يساعد ولا يسهم في حلّ المشكلة وإبعاد الطفل عن السلوك العنيف، فإنّه يوقف سلوكه مؤقّتاً بسبب الخوف، ولكن سرعان ما يعود.
- السخرية: سلوك مرفوض ينزع الثقة من الطفل، ويقنعه بعدم قدرته على التخلّي عن سلوكيّاته المزعجة، إضافة الى كون السخرية تحطّم المعنويّات.
6.الشتم: إنّ شتم الطفل ووصفه بنعوت سلبيّة، تثبت هذه الأوصاف في عقل الطفل وتقنعه بها، إضافة الى أنّ الشتم يعلّم الطفل سوء الخلق.
7.المقارنة: وهي من أسوأ الأساليب التي يتّبعها المربي؛ لأنّها توصل الطفل إلى كره الآخر المقارن به، ممّا تجعله يشعر بفشله وينزع الثقة من نفسه ومن قدراته؛ لذا ينبغي أن تتمّ المقارنة بين سلوكين أو موقفين عند الطفل نفسه وليس بينه وبين غيره.
8.سوء الظن بالطفل: ومنه تفسير السلوك بشكل سلبيّ دائماً من قبل الأهل، فهو يؤكّد له عدم ثقتك به وبأخلاقه، ويؤدّي إلى إغلاق أبواب التواصل بينكما.
9.الاتّهام: حين تقوم أيّها الأبّ بوضع ابنك في قفص الاتّهام، فأنت تقوم بدور القاضي أو المحقّق. واعلم أنّ هناك فرقاً شاسعاً بين أن تسأل ابنك لماذا تأخّرت؛ من باب الاطمئنان عليه، وبين أن تسأله ذلك من باب سوء الظن به واتّهامه. فالأوّل يفتح جسور التواصل بينكما والآخر يجعله ينغلق، وقد يدفعه إلى الكذب والتهرّب.
وأخيراً، إنّ تركيزنا على الحلول بدل المشكلة- التوتر والانفعال- لا يفيد الصغار فحسب، بل يعدّ أسلوباً ناجعاً مع الكبار أيضاً سواء أكانوا مراهقين أم شباباً.
الإلحاد والدوافع النفسية
يبدو من خلال التتبّع "لحالة الإلحاد" أن الكلام عن الإلحاد ليس بحثاً في منظمات فكرية ذات طروحات وجوديّة، إنه متابعة ل "حالات رفضية"، وغاية ما في الحالات الرفضيّة أنها تريد القول "لا" للمنظومات الدينيّة المقابلة لها و"لا" للميتافيزيقا و"لا" للمعطى العقليّ.
هي ظاهرة تريد الرفض وتجعل من رفضها قضيّةً كبرى، وكبرها لا من جهة ذاتها، بل من جهة قوة ما ترفضه، أي إن رفضها ملحوظ بلحاظ ما ترفضه، لا بلحاظ نفسها.
لذا كان الإلحاد هو الحالة النافرة عن الميل الفطري في الإنسانية عموماً، بل في النوع الإنسانيّ بما يشمل الإنسان الماضي والإنسان الآتي، غاية ما عندها القول أنها "لا تعلم بوجود الله" لا "أنها تعلم بعدم الوجود". وشتان بين عدم العلم والعلم بالعدم، فعدم العلم هو جهل تمّ التصريح عنه بصيغة الإلحاد. والعلم بالعدم هو علم، ولا يبنى علم على جهل.
ويزيد الأمر جلاءً أن مجموعة من تجلببوا بلبوس الإلحاد كان مردّ إلحادهم إلى عقدة نفسية مع بعض رجال الدين، أو معضلة قصرت أفهامهم عن حلّها في فهم الدين، أو بعض التشريعات.
ولم تكن مشكلة الملحد دائماً هي إشكالية إنكارٍ لله تعالى، ويبدو الأمر أكثر وضوحاً عند النظر في التعليلات المتنوعة التي يذكرها الملحدون حيث تدلّ على أنهم يتحركون كرد فعل رافض لوضعيّة معينة لحدث ما في حياته ومن باب ضيق الأفق، وذلك مثلاً كمن رأى رجل دين يقود سيارةً جديدةً فيحوّل القضيّة إلى قضية دينية، ثم يصبح الأمر قضية إنكار لله تعالى.
وقد يواجه بعض الأسئلة فيعسر فهمها لدية كمن يرى كثرة الحروب وسفك الدماء فيسأل عن العدل الإلهيّ، فيشك أو ينكر، فيسري شكه بالله تعالى وهكذا شكّ يجرّ شكّاً، كمن يطلب النور بالظلمة فيبقى في الظلمات، فيصبح الإنكار أو الشك حالةً نفسيّةً مرضيّةً وليس وضعيّةً ثقافيّةً معرفيّةً.
كل هذه النماذج وأمثلتها تدلّ على أن بعض حالات الإلحاد هي نفسية "انفعالية"، تتحرك كردّة فعل وتسجيل موقف. واللافت في هذه "الحالات" أن أصحابها يعلو ضجيجهم إيحاءً بأن الضجة هي جزء من "عملية فكرية" لكي يصدقهم العقلاء من الناس، غير أن شبهاتهم لا تنطلي على غير السذّج، وهذا يأخذنا من جديد إلى جحا، "فقد ذاع في يوم من الأيام أنه سيطير يوم الجمعة من فوق المئذنة، فاجتمع الناس من كل مكان في الموعد، فلمّا ضاق الميدان بجموعهم أطلّ جحا من أعلى المئذنة ونظر إليهم ساخراً من بلاهتهم، وجعل يمدّ ذراعيه ملوّحاً بها في الهواء، ويحرك يديه مرةً بعد أخرى كأنّما يتهيأ للطيران بالفعل، وطال انتظار الناس ولم يطر، فصاحوا به لينجز ما وعد، فنظر إليهم ساخراً ثمّ قال: كنت أحسبني منفرداً بالغفلة والغباء، والآن أيقنت أني وإياكم في الحماقة سواء، بل رأيت فيكم من يفوقني في هذا الباب، رأيتكم تصدقون ما لا يصدّقه جحا، وتنخدعون بما لا ينخدع به، تتخيّلون ما لا يمكن أن يكون أنه يكون، خبّروني أيها العقلاء كيف صدّقتم إنساناً مثلي ومثلكم يستطيع أن يطير بغير جناحين؟!"([1]). إن جحا لم يكن مقتنعاً بما دعا إليه لكنه اكتشف كم من الحمقى يسير وراء الإدّعاء غير الواقعي حتى ولو كان مستحيلاً ذاتاً. وقد قيل: "حدّث العاقل بما لايليق فإن لاق له فلا عقل له".
ومن جهة أخرى فإن الإنفعالية تتّخذ عند الملحدين صوراً تتلبّس أحياناً بثوب الفلسفة، وأحياناً أخرى بثوب العلم. وهذا كثيراً ما يحصل فيحاول الملحد أن يحلّ مشكلته أو عقدته النفسية بتكبيرها وإضفاء لون من المنطقية أو العلمية أو الفلسفية عليها، وهذا يكشف أن الإلحاد ليس العِدل للدين الإلهي، فالدين والحكمة الإلهية يطرحان طرحاً وجودياً، وهذا يؤكّد القول بأن الإلحاد "حالة تمردية" تشبه "المراهقة الكبيرة".
نتنياهو يهدّد لبنان.. الاحتمالات وتبعات الردّ
مرّة جدّيدة يهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزب الله، زاعماً وجود مصانع للصواريخ في محيط مطار بيروت الدولي.
ليست المرّة الأولى التي يلمّح فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستهداف العمق اللبناني عبر تأكيده أن "إسرائيل" لن تسمح لحزب الله بالإفلات دون عقاب، فقد جدّد من على منبر الأمم المتحدة "مسرحيّة الخرائط" التي أعادتنا إلى مسرحيّة "القنبلة النووية" قبل سنوات.
وبعيداً عن خرائط نتنياهو الافتراضيّة، بدا لافتاً هذه المرّة التحذيرات التي أطلقها وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف، عندما حذّر الجانب الإسرائيلي من توجيه ضربات محتملة على لبنان "بسبب الوجود المزعوم لصواريخ"، وفق ما ادّعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي حين اعتبر لافروف أن هذا الأمر يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، أكّد أن موسكو ستعارض بشدة مثل هذه الإجراءات.
"لازمة" نتنياهو التي يردّدها كلّ فترة، لا تلبث أن تخمد بعد تأكيد حزب الله على جهوزيته لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي مهما علا سقفه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد التعقيدات التي تواجه الكيان الإسرائيلي في الساحة السورية إثر استلام الأخيرة لمنظومة الـ "S300": هل سينفّذ نتنياهو تهديداته؟ وماذا عن ردّ فعل حزب الله؟
أدرك حزب الله منذ نهاية حرب تموز عام 2006 التي ترسّخت فيها معادلة النار بالنار، أن الكيان الإسرائيلي لن يتوقّف عن أعماله العدوانيّة، وبالتالي عمد إلى ترسيخ قدراته العسكريّة مستفيداً من معادلة الردع القائمة، لكنّه أدرك في الوقت عينه أن الجيش الإسرائيلي سيعمد إلى خرق هذه المعادلة في يوم من الأيّام، وقد يكون هذا الخرق محدوداً من قبيل استهداف بضع مواقع عسكرية، أو خرقاً واسع النطاق يهدف لتعطيل البنيّة الصاروخيّة لحزب الله. وفي كلتا الحالتين، يؤكد أحد المطّلعين على تفاصيل الاستعدادات أن جميع السيناريوهات على الطاولة بدءاً من الردّ المماثل عبر استهداف المراكز العسكرية الاستراتيجية، ولاسيّما الصناعيّة منها، وليس انتهاءً بدخول قوات النخبة في حزب الله إلى "إصبع" (الجليل).
يضيف أحد المعنيين بالمواجهة مع العدو الإسرائيلي إن حزب الله اتخذ بالفعل جملة من الإجراءات التي ستستكمل خلال الأيام القادمة، وبالتأكيد سيتلقّى العدو إشارات هذه الإجراءات، ويتابع قائلاً: الرسالة الكاملة سيتلقّاها في الزمان والمكان المناسبين. ويضيف الرجل الذي بقي بعيداً عن الجبهة السوريّة: تبعات أي هجوم صاروخي ستصل لقائدي المنطقة الشمالية والوسطى في الجيش الإسرائيل، ومن خلفهم رئيس الأركان (غادي) إيزنكوت أو من يحلّ مكانة، قبل عودة الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها.
أدبيات السيد نصرالله تؤكد أن الردّ سيكون سريعاً وحاسماً، وهذا السبب الرئيسي في تجنّب الجيش الإسرائيلي شنّ الهجوم على لبنان خلال السنوات العشر الماضية، ولعلّ وجود الجنرال إيزنكوت صاحب "عقيدة الضاحية" في رئاسة الأركان خلال السنوات الماضية حال دون أيّ تهوّر يقوده نتنياهو أو ليبرمان نظراً لامتلاك إيزنكوت خبرات عسكرية واسعة حول حزب الله وقدراته النوعيّة منذ توليه قيادة المنطقة الشماليّة.
إذن، مسألة الهجوم الإسرائيلي لن تكون بهذه البساطة، فضرب مصنع هنا أو هناك لن يغيّر على الأرض شيئاً، خاصّة بعد تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امتلاك الحزب للصواريخ الدقيقة، ومن هنا يبقى الباب "موارباً" أمام خيار الهجوم الواسع الذي سيحمل عنوان: "كل ما يقع تحت استخدام حزب الله في لبنان سيُدمّر، من بيروت حتى آخر نقطة في الجنوب"، وفق تصريح الجنرال إيزنكوت.
في المقابل، الردّ على هذا الهجوم سيكون من هذا القبيل أيضاً ولا شكّ أنه سيكون الأقوى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولن يقتصر الأمر على تهديم المباني والقواعد العسكريّة، بل هناك منشآت استراتيجية وبنى تحتية حيوية ستصبح خارج الخدمة، باعتبار أن كلا الطرفين يدرك أن الوقت هو الخيار الحاسم في هذه الحرب، وبعبارة أدق، إن الحرب المقبلة لن تكون تصاعدية من جهة حزب الله كما كانت في حرب تموز، بل سيكون سقفها الأوّل مرتفع جدّاً لا يسمح لمجلس الوزراء المصغّر (الكابينت) بعقد جلساته حيث يريد، وبالتالي من يمتلك قدرة تحمّل أكبر سيكون المنتصر في هذه الحرب.
لا ندري هل سيقود إيزنكوت هذه الحرب خلال فترته المتبقّية إلى ديسمبر المقبل، أم إن الذي سيحلّ مكانه هو من سيفعلها، في ظل تصاعد معركة التعيين بين نتنياهو الذي يريد تعيين "الميجر جنرال إيال زامير ووزير حربه ليبرمان الذي مازال تائهاً بين مرشحين اثنين، هما الجنرال أفيف كوشافي والجنرال نيتسان ألون، وفي المقابل، لا ندري طبيعة ردّ حزب الله وتفاصيله، لكن ما هو مؤكد أن المقاومة لن تلتزم بأي خطوط حمراء بشأن الأمونيا والنووي"، كما أكّد السيد نصرالله سابقاً.
ما هو ثمن الحماية الذي يطلبه ترامب من السعودية؟
يوضح الرئيس الاميركي بشكل متدرّج حجم المبالغ التي يطلبها من السعودية مقابل حمايتها، وهو يقدّر ثمن الحماية بمليارات الدولارات. لكنه في واقع الأمر يطلب حرية التصرّف بكل النفط والغاز السعودي، وما يقدّر من قيمة شركة " أرامكو" بحدود 2000 مليار دولار كدفعة أولى.
ما يشير إليه الرئيس الاميركي في خطابه أمام جمهوره في ولاية ويست فرجينا، هو بمثابة إعلان أميركي رسمي عن انتهاء مرحلة أموال "النفط مقابل الحماية". والاقرار بأمر واقع جديد هو حرية التصرف الأميركي بكل النفط السعودي مقابل الحماية.
المرحلة الغابرة في العلاقة بين أميركا والسعودية المعروفة باتفاق "النفط مقابل الحماية"، أقرّها لقاء فرنكلين روزفلت وعبد العزيز على متن الطراد كوينسي في العام 1945. وبذلك ورثت الولايات المتحدة التركة البريطانية في الخليج. وأخذت على عاتقها حماية السعودية من التهديدات الخارجية والداخلية التي يتعرّض لها الحكم.
السعودية لم تسلّم النفط والآبار والمنابع إلى الولايات المتحدة. لكنها سلّمت عائدات النفط على شكل مشتريات السلاح والسلع، وعلى شكل تمويل الخدمات والتيارات السياسية والدينية التي تعارض الهيمنة الأميركية. ففي هذا السياق دعمت السعودية حملات حلف بغداد الذي كان يشبه وقتها ما يدعو إليه جاريد كوشنير باسم "الناتو" العربي لتصفية القضية الفلسطينية. وفي السياق نفسه دعمت السعودية قاعدة اسامة بن لادن في أفغانستان والتيارات والجماعات الأخرى التي لا تُحصى في كل أصقاع العالم.
صيغة الحماية الاميركية مقابل عائدات النفط، بدأت بالاهتزاز أثناء ولاية باراك أوباما الثانية حيث أخذت السعودية في التمادي بدعم الحروب بالوكالة بما يفوق الحاجة الاميركية، ولا سيما في العراق وسوريا واليمن. فالرئيس أوباما رأى أن الولايات المتحدة لا يسعها حماية السعودية من التناقضات التي تهدد انهيارها من الداخل. ولهذا دعا أوباما السعودية إلى تغيير أساليب الحكم، ودعا الحكم السعودي إلى تحقيق إصلاحات داخلية. وتخلّى بذلك عن جانب من الصيغة القديمة، وهو حمايتها من الداخل أيضاً مقابل عائدات النفط.
ترامب يقلب الصيغة رأساً على عقب، في إشارته إلى أن السلاح الذي تشتريه السعودية من الولايات المتحدة والدول الغربية، لا يكفي لحمايتها. فالسعودية ليست بمأمن مقابل تسليم العائدات إنما عليها تسليم ترامب حرية التصرّف في زيادة انتاج النفط السعودي لتغطية حاجة الأسواق المهددة نتيجة العقوبات على إيران. وعليها أيضاً تفجير منظمة الأوبك وتخفيض أسعار النفط، لحماية أميركا والدول الصناعية من الأزمات الاقتصادية التي يمكن أن تتعرّض لها بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز.
ما يطلبه ترامب من ثمن مباشر، يهدّد السعودية بأزمة اقتصادية داخلية خانقة. فما تسميه السعر التعادلي في حسابات ميزانيتها يتجاوز 87 دولاراً للبرميل. وفي حال انخفاض سعر البرميل تغرق الميزانية في عجز دائم. وبينما وصل فائض الميزانية إلى 155 مليار دولار في العام 2008، تغرق الميزانية في عجز يتجاوز 60 مليار دولار في العام 2018. وفي محاولة التخفيف من العجز، يحاول محمد بن سلمان تخفيض نفقات الدولة حوالي 30 مليار دولار، وخوصصة 5% من شركة آرامكو بمبلغ 30 مليار دولار. لكن هذه الحاولة تهدّد الحكم في الداخل حيث يعاني فقراء السعودية من زيادة التقشّف، وحيث يرفض الأمراء التخلي عن امتيازاتهم في ملكية النفط وتقسيمه بين العائلة المالكة.
ترامب يذكّر الملك سلمان بأن ثمن حماية واشنطن للسعودية يتجاوز كثيراً ما تدفعه من مئات المليارات. فهو يصوّب على شركة آرامكو لخوصصة الشركة كلها في بورصة نيويورك، آملاً بتوفير 2000 مليار دولار كدفعة أولى من التصرّف في ملكية النفط والطاقة. ولعل ما يطمح إليه ترامب يفوق هذه المساعي، إلى دفع السعودية للخضوع إلى ديون البنك الدولي والمصارف الأميركية والقضاء بذلك على أكبر ميزانية عربية تتجاوز 260 مليار دولار. والافت أن ترامب لم يلوّح بعد بقانون "جاستا" الذي يتحرّك من جديد بعيداً عن الأضواء للتعويض على عائلات 2500 من ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر وعلى 20 ألف من المصابين والمؤسسات المتضررة بمئات مليارات الدولارات.
ترامب لا يحمي السعودية من التناقضات الداخلية التي تهدّد أركان الحكم، بل يعمل على تفاقمه. ولا يحمي السعودية من الخارج، إنما يدفعها لتهديد دول المنطقة. لكنه يحميها في العدوان على اليمن في قتل اليمنيين وتجويعهم، إلى أن يتعرّض ترامب نفسه إلى تهديد داخلي وإنساني ضد الجرائم.
لبنان على مرأى من سفراء العالم يدحض الادعاءات الإسرائيلية بشأن الصواريخ قرب المطار
لم ينتظر لبنان الرسمي الكثير من الوقت ليفند بالصوت والصورة وأمام أكثر من 70 سفيراً معتمداً لديه الادعاءات الإسرائيلية التي زعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة عن وجود مصانع صواريخ للمقاومة قرب مطار بيروت الدولي.
حشدت وزارة الخارجية اللبنانية عشرات السفراء المعتمدين في لبنان لإطلاعهم على الموقف اللبناني من إدعاءات نتياهو، وبعد تفنيد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل المزاعم الاسرائيلية، نظمت الوزارة جولة للسفراء على أحد المواقع قرب المطار والذي إدعى نتنياهو وجود مصانع للصواريخ الدقيقة فيه.
الجولة الميدانية شملت أحد المواقع التي زعمت تل أبيب وجود الصواريخ فيها على مقربة من مطار بيروت الدولي وتحديداً قرب ملعب فريق العهد اللبناني، وكان شرح ميداني وجولة للسفراء في المكان ليتبين كذب الاتهامات الإسرائيلية.
وعلّق باسيل "زرنا 3 أماكن من التي حددها العدو الإسرائيلي وزعم أن فيها صواريخ ومنها نادي العهد الرياضي، وهذا النادي مفتوح أمام الجميع للرياضة، ويمكن لأي شخص بحسّه النقدي أن يعرف ما اذا كانت تصنع في هذا المكان صواريخ لاطلاقها".
وقال "جلنا مع سفراء العالم بعد ادعاءات رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو أمام أعلى منبر في العالم، والشهادة والكلمة لكم"، مؤكداً أن "لبنان لن يقصّر أمام مهماته الدبلوماسية، وأهم رد على نتنياهو هو الاعلام العالمي الذي رأى كل المواقع، وللأسف نحن نعمّر وهم يخربون، وهناك طرف يريد إفتعال حرب مع لبنان، الذي هو بلد التعايش والحوار والسلام، وهناك من لا يريد الكلام مع أحد الا بالقتل والعنف".
وكان باسيل تحدث في الوزارة أمام 72 سفير دولة ومنظمة دولية واقليمية في لبنان عن التهديدات الإسرائيلية ربطاً بما زعمه نتنياهو مستعرضاً حجم الاعداءات الاسرائيلية وانتهاكاتها المستمرة للسيادة اللبنانية ولا سيما القرار الدولي 1701.
وشدد في كلمة امام السفراء أن "إسرائيل لا تحترم المنظمات الدولية ولا تنفذ القرارات الأممية، بل خرقت أكثر من 28 قرار دولي، كما خرقت هذا العام الأجواء والأراضي والبحر اللبناني 1417 مرة خلال 8 أشهر أي أكثر من من 150 مرة في الشهر".
واعتبر أن "اسرائيل تعودت على ممارسة خروقات غير مبررة"، مشيراً إلى "أننا اخترنا اليوم القيام بهذه المبادرة لنتوجه إلى سفراء الدول، ضمن الحملة الدبلوماسية".
ولفت إلى أنه "استناداً على معلومات غير دقيقية ودون دليل وصورة لا تحتوي على برهان ادعى نتنياهو في الأمم المتحدة أن هنا 3 مواقع للصواريخ قرب مطار بيروت. صحيح أن حزب الله يملك صواريخ ولكنها ليست قرب المطار، نحن نحترم القرارت الدولية، لكننا لا نتقيد بالقوانين فيما يتعلق بحماية أرضنا ومواطنينا"، معلنا أنه "لنا الحق الشرعي في المقاومة حتى تحرير كافة الاراضي المحتلة".
وأشار باسيل الى أن " الجيش اللبناني نجح في التعاون مع "اليونيفل" في الحفاظ على الأمن جنوباً، وتم تمديد وجود اليونيفيل لمدة ما أكد مصداقية لبنان"، مضيفاً "اليوم لبنان يرفع الصوت بالتوجه إلى كل دول العالم خصوصاً الأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة لرفض الادعاءات الإسرائيلية، لمنع أي اعتداء اسرائيلي على لبنان ما سيكون له تداعيات تظهر على المنطقة كافة خاصة في وجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين".
ورأى أن "إسرائيل تسعى لتبرير عدوان آخر على لبنان بمزاعم وجود مواقع صواريخ لحزب الله"، متوجها الى نتنياهو قائلا: "ما ادعيته في الأمم المتحدة كذبة أخرى غير منطقية".
وأكّد أن "لبنان قوي بشكل كافٍ لمنع الاعتداء عليه واسرائيل لا تخيفنا وعندما تهدد ندرك مدى ضعفها"، لافتا إلى أن "لبنان بمواجهة دائمة ديبلوماسياً لإثبات أحقية قضيته".
قائد الثورة: لاينبغي التغافل عن الابعاد السياسية للحج
اكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي ضرورة ان يسهم الحج في تعزيز السمعة الطيبة للجمهورية الاسلامية الايرانية ومن هنا لاينبغي التغافل عن الابعاد السياسية للحج .
وقال قائد الثورة لدى استقباله اليوم الاثنين جمعا من المسؤولين والمعنيين بمراسم الحج ان الحج الابراهيمي يعني ان الحج عقب الثورة الاسلامية يختلف عن الحج ما قبله وعن حج الدول البعيدة عن اسس الاسلام والثورة الاسلامية .
واعتبر قائد الثورة الاسلامية ان امر البارئ تعالى بتجمع المسلمين في زمن معين ومكان خاص لاداء فريضة الحج يحمل في طياته رسائل سياسية مهمة نظير ضرورة تواصل المسلمين وتآزرهم واظهار اقتدار الامة الاسلامية وقال انه الى جانب البعد المعنوي للحج والذي يحظى باهمية كبيرة ينبغي ايضا الاهتمام بهذه الحقائق والاهداف الاسلامية ووضع البرامج لها .
واضاف ان ترابط ابناء الامة الاسلامية في الحج ونقل رسالة الثورة الاسلامية الى الحجاج ودرء شبهاتهم وشكوكهم وتمهيد الارضية لخلق وتقوية اواصر الجمهورية الاسلامية مع سائر البلدان الاسلامية والتعايش الاخوي مع الفرق الاسلامية، تعد من جملة الرسائل السياسية والضرورية للعالم الاسلامي خلال ايام الحج.
واكد سماحته ضرورة ان يسهم الحج في تعزيز السمعة الطيبة للجمهورية الاسلامية الايرانية ومن هنا لاينبغي التغافل عن الابعاد السياسية للحج و ان الحج الابراهيمي يعني ان الحج عقب الثورة الاسلامية يختلف عن الحج ما قبله وعن حج الدول البعيدة عن اسس الاسلام والثورة الاسلامية .
واشار قائد الثورة الى العراقيل التي تضعها الحكومة السعودية خلال اداء مراسم دعاء "كميل" وقال ينبغي من خلال بذل المساعي والمبادرات تجاوز هذه العراقيل والاضرار.
وانتقد سماحته بشدة الهدم الواسع الذي طال المعالم الاسلامية مثل المعالم المنسوبة الى الرسول الاكرم (ص) وامير المؤمنين (ع) والخلفاء ومجاهدي صدر الاسلام بذريعة توسيع الحرم، وقال انه في الوقت الذي تحافظ البلدان المختلفة على معالمها الاثرية بدقة وتبادر احيانا الى بناء اثار وهمية من اجل تلميع تاريخها وماضيها جرى لحد الان هدم معالم اسلامية كثيرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة .
والزم سماحته منظمة الحج والاجهزة المعنية بالقيام باعمال ومبادرات والاتصال بمسؤولي الحج في باقي البلدان الاسلامية للحيلولة دون هدم المعالم الاسلامية في الديار المقدسة .
كما دعا قائد الثورة المعنيين بشؤون الحج الى استثمار الاليات الحديثة ولاسيما الفضاء الافتراضي للتواصل مع حجاج باقي البلدان خلال موسم الحج وكذلك التآزر والتعاون اكثر فاكثر مع البعض، معربا عن شكره للجهود التي بذلها المعنيون بشؤون الحج هذا العام.
رياح التطبيع تهبّ على الناطقين بلسان الضاد
يُحسب لكيان العدو أنه سبّاق في استخدام التكنولوجيا الحديثة واستغلالها والاستفادة منها على أحسن نحو ممكن، وهذا الكلام بكل تأكيد ليس بالجديد خاصة إذا ما أردنا الحديث عن اكتشاف الصهاينة لأهمية الإعلام لتسويق أفكارهم ونشرها في جميع أنحاء العالم وإيصال فكرة مفادها أن الإسرائيليين يريدون العيش بسلام إلى جوار الشعب الفلسطيني ونجحوا في إقناع الغرب بتقبّل فكرتهم ونشرها وتعويمها وإلباسها بقناع مزيف سقط تدريجياً عبر السنوات السبعين لقدوم هؤلاء إلى منطقتنا.
"تيودور هرتزل" كان من أوائل الذي اعتمدوا أسلوب "البروباغندا" الإعلامية واكتشفوا أهميتها، وكان ذلك حينها عبر تشكيله لجريدة "العالم" لكسب عواطف شعوب العالم تجاه اليهود، أما ومع دخول العالم الحياة الرقمية وتغير الأسلوب دون تغيير المحتوى، اندفعت "إسرائيل" بكل كيانها وقادتها للسباق من أجل استغلال التكنولوجيا الحديثة وكان ذلك هذه المرة عبر "وسائل التواصل الاجتماعي" التي من شأنها أن تسهّل اختراق أي مجتمع عربي مهما كان محافظاً عبر هذه الوسائل، وبهذا يمكنها أن تتفاعل مع الشباب العربي من دون أي "فلاتر" عبر "فيسبوك" و"تويتر" وغيرها من البرامج التي يستخدمها ملايين العرب.
أهمية هذا الموضوع بالنسبة للكيان الإسرائيلي تحدث عنها يوناتان غونين، رئيس قسم الدبلوماسيّة الرقميّة، الذي قال لموقع (المصدر) الإسرائيليّ، شبه الرسميّ إنّه في منطقة الشرق الأوسط يعيش نحو 400 مليون عربي، من بينهم 145 مليوناً يستخدمون الإنترنت و80 مليونا منهم يستخدمون الفيسبوك، وتابع: لقد أدركنا منذ أن أسسنا القسم في عام 2011 أنّ أفضل وسيلة للتواصل مع الشباب العربي هي الفيسبوك، الذي أصبح الوسيلة الأقوى تأثيراً على الرأي العام، ووفقاً للإحصاءات الرسميّة للوزارة يبلغ عدد متابعي صفحة الفيسبوك التي يديرها قسم الدبلوماسية الرقمية أكثر من 910 آلاف متابع، أكثرهم في سن 18 حتى 24 عاماً، ويعيش معظم المتابعين في مصر، لكن هناك آخرين في العراق والمغرب والأردن وفلسطين ويشاركون في التعليقات على صفحاتهم.
العراق
بعد أن أطلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية صفحة على فيسبوك باسم "إسرائيل تتكلم بالعربية " منذ حوالي سبع سنوات، وتمت إدارتها بشكل حرفي من قبل أشخاص متخصصين لديهم إدراك واضح لطبيعة المجتمعات العربية، ويديرها العقيد "أفيخاي أدرعي" وهدفها تحسين صورة "إسرائيل" في البلاد العربية واختراق الفئة الشابة وزرع أفكار مسمومة في عقول هؤلاء الشباب عبر "دس السم بالعسل" وطرح مواضيع معينة غايتها إشعال النقاش بين المتابعين للصفحة لكي يتمكن الصهاينة من تكوين فهم أكبر عن طبيعة هذه المجتمعات والبحث عن اختراقها كلما سنحت الفرصة.
بعد أن تم إطلاق هذه الصفحة وجد الإسرائيليون أن هناك متابعة كبيرة للصفحة حوالي 300 ألف، وقد دفعت تلك الأرقام وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى إطلاق صفحة جديدة على موقع فيسبوك باسم "إسرائيل باللهجة العراقية"، وهي مصممة خصيصاً للجمهور العراقي.
إطلاق هذه الصفحة يهدف إلى اختراق المجتمع العراقي واستغلال أزماته وحالة الفوضى المنتشرة هناك عقب طرد عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وهنا وجد الصهاينة في هذا الأمر فرصة ذهبية لاختراق العراق وبث التفرقة وخلق الفتن بين العراقيين وطوائفهم المتعددة، وخلق حالة من الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار داخل تلك البلاد.
الكيان الإسرائيلي يستغل الوجود التاريخي لليهود في العراق، والدخول عبر البوابة التاريخية، العراقيون لا يمتلكون مشكلة مع اليهود كدين، هم لا يمتلكون مشكلة مع أي دين، ولكن هذا لا ينفي مشكلتهم مع الكيان الإسرائيلي.
الشعب العراقي يدرك أن الكيان الإسرائيلي هو العدو الأكبر، ولاسيّما بعد أحداث داعش الأخيرة نظراً لوجود قناعة راسخة لدى شريحة واسعة من العراقيين بأن أمريكا والكيان الإسرائيلي هم من يقف خلف هذه الجماعات التكفيرية.
هناك من سيحاول استغلال الفرصة والحديث عن حوار شعوب وحضارات، إلا أن الواقع مختلف تماماً فالكثير من الحسابات التي تتحدّث باللهجة العراقية، ومقرها في اسرائيل، ستكون خلف هذه الدعوات.
هناك الكثير من الحسابات الأخرى باللهجات المحلية للدول العربية، تسعى لإثارة الفتنة السنية - الشيعية، العربية - الكرديّة، العربية - الفارسيّة، وحتى بين الدول، ومقرّ هذه الحسابات هو الكيان الإسرائيلي.
وستبث الكثير من الشائعات فيما يتعلق بهذه الصحفة، ولكنها في الحقيقة حسابات إسرائيلية بالكامل، وحتى بعض من سيجيب عليها ويهاجمها سيكون إسرائيلياً لتشجيع الشباب العراقي على المهاجمة كخطوة أولى على سبيل التواصل.
طبعاً غاية الصهاينة لا تنصب فقط على العراق فهي موجهة لجميع الدول العربية لزرع أفكار الصهيونية والتأثير على أفكار الشباب قدر الإمكان وحرف هذا التفكير لمصلحة كيان الاحتلال، عبر طرح أفكار الصهيونية بطريقة ناعمة وسلسة ومدروسة وبأشكال مختلفة، قد تكون بدايتها جذابة مثلما فعلت "إسرائيل" قبل عدة أشهر مع انطلاقة كأس العالم، ولكونها تعرف مدى أهمية هذا الموضوع بالنسبة للعرب عمدت إلى الترويج لخبر بث في هيئة البث الإسرائيلية، عبر قناتها باللغة العربية "مكان" مباريات نهائيات كأس العالم 2018، بحيث يستطيع المشاهدون العرب من الأردن، ولبنان، ومصر، والضفة الغربية المحتلة متابعة المباراة، مجاناً ودون الاشتراك بباقات الدّفع، وعدّ وقِس على ذلك من الأساليب الأخرى الأكثر حرفية والتي يجب مواجهتها والقيام بحملات مضادة لإحباط تأثير الصهاينة على شريحة الشباب العربي.
تدخلات أمريكا في الشؤون الداخلية لمصر
يتجسد الدعم الأمريكي للحكومات التي مرّت عبر التاريخ على مصر بمختلف الأشكال، حيث تعدّ القاهرة بالنسبة لواشنطن عاملاً رئيسياً من أجل الحفاظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وخلال الأعوام الماضية قامت أمريكا بقمع أي ثورة مصرية أو غير مصرية في المنطقة عبر نفوذها الدبلوماسي والسياسي وحتى المالي في كثير من الأحيان لما تشكله من خطر كبير عليها وعلى حليفتها "إسرائيل"، وعلى الرغم من قمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان والحريات في مصر، إلا أنه لم تخضع للضغوط الغربية بتاتاً، بل على العكس فقد استفادت القاهرة من التبرعات المالية والتسليحية، لأنها كانت جزءاً لا يتجزأ من المعادلات الأمريكية في الشرق الأوسط في الماضي وذلك لأسباب سياسية وجغرافية وتاريخية وثقافية.
بالإضافة إلى ذلك تحوز مصر على أهمية جيوسياسية أيضاً، وذلك بسبب وجود قناة السويس داخلها، التي بفضلها تمكّنت من الحصول على مركز مهم في التجارة العالمية، إضافة إلى قربها من فلسطين القضية العربية والإسلامية الأساس، والكيان الإسرائيلي، وبفضل ذلك كانت دائماً طرفاً ثالثاً في المباحثات التي جرت وتجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعليه، فإن أمريكا بعد أن اعتمدت على خبرتها الممتدة على مرّ القرون في المنطقة، رأت أن الدور المصري له أهمية كبيرة في الحفاظ على مصالحها هناك.
الأولوية الأولى لمصر بالنسبة لأمريكا هي حماية الأمن الصهيوني، وأيضاً من وجهة نظر أمريكا، فمصر هي الحجر الأساس الذي يقف عليه العالم العربي والعالم الإسلامي، كما وحاربت مصر والدول العربية الأخرى "إسرائيل" أربع مرات في الأعوام 1948 و1956 و1967 و1973، وفشلت في قضايا أخرى باستثناء حالة واحدة حققت نجاحاً جزئياً، ومن هنا، شهدت العلاقات بين أمريكا ومصر والكيان الإسرائيلي الكثير من التقلبات نذكر منها:
عام 1956: هددت أمريكا باستخدام السلاح النووي ضد مصر بسبب الاعتداء على البارجة الأمريكية في قناة السويس حيث يقول أحد الضباط الأمريكيين أنهم تلقوا أمراً بانطلاق طائرات من الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط من أجل قصف القاهرة بالسلاح النووي... بعد الاعتداء على السفينة الأمريكية "ليبرتي" في قناة السويس.
وقاد الزعيم العسكري المصري محمد أنور السادات إلى جانب سوريا الحرب الأخيرة بين الصهاينة والعرب، هُزمت مصر في هذه الحرب، وشهد الجانبان خسائر فادحة، وكانت هذه الهزيمة وإلى جانب الضغوط الأمريكية على القاهرة سبباً لجلوس السادات مع الصهاينة على طاولة المفاوضات.
بعد أنور السادات، أصبح حسني مبارك الرئيس المصري، مبارك كان يُلقّب بـ "البطل القومي" بسبب البطولات التي قام بها خلال المعركة الأخيرة مع الكيان الإسرائيلي إلا أنه فضّل الاستمرار في اتباع سياسات السادات، وخلال فترة حكمه الطويلة قام مبارك وبدعم من الأمريكيين بقمع رجال الدين، وأغلق جميع النقابات المهنية مثل نقابة المحامين وأزعج نشطاء حقوق الإنسان، في الظاهر بدا مبارك على أنه ديمقراطي، إلا أنه على أرض الواقع كان رئيساً دكتاتورياً استطاع الفوز في أربع انتخابات متتالية دون منافسة تذكر بسبب الدعم الأمريكي والإسرائيلي الكبير الذي كان يتلقاه وبالتالي حكم مصر لمدة ثلاثين سنة متتالية.
عام 2011: استمرت أمريكا في دعم حكومة مبارك الدكتاتورية ضد الثورة المصرية، حيث تدخلت بشكل كبير عبر السكوت عن القتل الذي كان يمارسه مبارك ضد المتظاهرين، لكن في نهاية المطاف سقط مبارك وسقط معه الحلف الأمريكي الإسرائيلي.
بين عامي 2011 و2012: سعت أمريكا للحفاظ على مصالحها من خلال توفير الدعم والعسكري والاستخباراتي للجيش المصري.
بين عامي2012-2013: قامت أمريكا بدعم حكومة محمد مرسي، إلا أنها استطاعت خداعه ما أثّر بشكل كبير على الثورة الشعبية وعلى جسد الحركة الإسلامية، وبعد عامين من ثورة 2011، دعم الكيان الإسرائيلي وأمريكا انقلاب الجيش المصري على مرسي الذي كان بنظرهم يشكّل خطراً كبيراً على مصالحهم.
في عام 2013: وبدعم سياسي ومالي قوي، دافعت أمريكا عن الانقلاب العسكري لحسني مبارك ضد محمد مرسي وأدى ذلك إلى سقوط حكومته، حيث بدت أمريكا في البداية معارضة للانقلاب، ولكن بعد الانقلاب، ومع تحسن العلاقات الغربية مع مصر والاعتراف بالحكومة الجديدة من قبل أمريكا، وتبيّن أن الانقلاب كان أيضاً أمريكياً.
وتعرف الثورة المصرية والتي حصلت في 22 فبراير 2010 بأنها أم الحركة العربية، وعلى الرغم من أن هذه الثورة حصلت بعد انهيار الحكومة التونسية في 24 يناير من نفس العام، إلا أنها اعتبرت نقطة تحوّل بسبب دور القاهرة الرئيسي في معادلات الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى كان مبارك حليف أمريكا لمدة ثلاثين سنة في المنطقة وبالتالي يمكن اعتباره أكبر رمز للتحول في الشرق الأوسط.
وعلى عكس الدول العربية الأخرى، تتمتع مصر بموقع جغرافي خاص، ما دفع أمريكا إلى النظر إليها من زاوية خاصة، فهي تعدّ أكبر دولة في منطقة شمال إفريقيا من حيث عدد السكان والمساحة إضافة إلى قوة جيشها الكبيرة، كما أن مصر هي نقطة الوصل بين قارة آسيا وقارة إفريقيا، كما لديها حدود طويلة مع الكيان الإسرائيلي وحدود أيضاً مع قطاع غزة والتي يبلغ طولها 11 كيلومتراً، كل هذه الميزات تُظهر الموقع البارز للبلاد في قلب الشرق الأوسط، كما أنه لا يجب نسيان قناة السويس وممرها من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر الذي لديه أهمية خاصة بالنسبة للتأثير الأمريكي على شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي.
ختاماً.. إن التأييد المصري الكامل للسياسة الأمريكية في المنطقة، يلعب دوراً رئيسياً في تعزيز هذه السياسات، بمعنى آخر تعدّ مصر ضامن المصالح الأمريكية في المنطقة، ومن هنا تقدّم أمريكا الدعم الكامل للحكومات الدكتاتورية التي مرّت في تاريخ مصر حيث استطاعت من خلالها تحقيق ما تشاء، كما ستدعم أي حكومة أخرى قد تأتي في المستقبل بشرط أن تكون بعيدة كل البعد عن حكم الشعب الذي يشكّل خطراً كبيراً على أهداف أمريكا و"إسرائيل" في المنطقة.
تاريخ أمريكا باستخدام الأسلحة الكيميائية والممارسات في جرائم الحرب
يشهد العالم مرة أخرى ازدياد أكاذيب أمريكا، حيث يقوم أعضاء في وزارة الخارجية الأمريكية بتصعيد الخطاب المناهض لروسيا والمعادي لسوريا والذي يتحدث عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وقد حذّرت السفيرة نيكي، سوريا وإيران وروسيا من أنهم سيحاسبون على استخدامهم المسبق للأسلحة الكيماوية في إدلب على المدنيين الأبرياء، ولم يتم تقديم أي دليل لدعم تهديداتها.
وفي هذا الصدد قال موقع "ساوث فرونت": نفّذت أمريكا ضربات صواريخ كروز في مناسبتين سابقتين، وفي كل مرة لم يقدم أي دليل لإثبات تأكيدها أن الحكومة السورية استخدمت الأسلحة الكيميائية في مهاجمة المدنيين، ولم يكن هناك أي سبب منطقي يعطى لمثل هذا القرار غير العقلاني الواضح من جانب الدولة السورية، ولم يتم تقديم أي دليل على الإطلاق لتبرير جريمة العدوان الدولية الواضحة التي ارتكبتها أمريكا في هاتين المناسبتين السابقتين، الآن، تحاول كل من بريطانيا وأمريكا اتهام الحكومة الروسية باستخدام الأسلحة الكيماوية في محاولة مزعومة لاغتيال مواطن روسي على أرض بريطانيا، مرة أخرى، لم يتم تقديم أي دليل حقيقي.
من المهم أن نلاحظ أنه لا يوجد التزام قانوني من قبل أمريكا نفسها للقضاء على قدراتها الخاصة بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية، هذه ليست رقابة، ولكننا نتحدث عن النفاق الامبريالي لأمريكا والاعتراف بأنها وحدها هي أكبر مرتكبي استخدام الأسلحة النووية وانتشارها منذ أكثر من 50 عاماً، وهي تحتفظ حالياً بأكبر مخزون من عوامل الحرب الكيميائية والبيولوجية لأي دولة على هذا الكوكب، وتواصل توسيع أبحاثها في مجال الأسلحة البيولوجية وتطويرها على نطاق أكبر بكثير من أي بلد آخر.
تاريخ استخدام الأسلحة الكيميائية والتواطؤ في جرائم الحرب
وقال الموقع: في حين تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن برامجها البحثية البيولوجية الضخمة تهدف إلى مكافحة الأسلحة البيولوجية الجديدة التي يجري تطويرها والدفاع عنها، فإنها في الواقع تطور أسلحة بيولوجية في هذه العملية.
الالتزامات الدولية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية
روسيا هي واحدة من 192 موقّعاً (أحزاب حكومية وغير حكومية) على اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993 إلى جانب أمريكا، وفي 27 سبتمبر 2017 ، أعلنت روسيا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن روسيا تدرس التدمير الكامل لمخزونها من الأسلحة الكيميائية الكبيرة الذي يرجع إلى سنوات الاتحاد السوفيتي، والذي يقدر بنحو 39،967 طناً من العوامل الكيميائية، كانت روسيا ملزمة بالقيام بذلك بحلول عام 2020، ولكنها تمكنت من إنجاز المهمة قبل ثلاث سنوات من الموعد المحدد، بموجب الاتفاقية الأصلية، كان كل من أمريكا وروسيا ملزمين بإنجاز ذلك بحلول عام 2007 ، لكن كلا البلدين كانا بحاجة إلى تمديد الموعد النهائي.
وتابع الموقع: على الرغم من أن أمريكا تعترف بمخزون إجمالي من 28.000 طن متري من العوامل الكيميائية، فإنها تعترف بتدمير 90٪ من ترسانتها الكيميائية، وقد طلبت أمريكا مهلة وتم منحها تمديداً حتى عام 2023 لتدمير 100٪ من أسلحتها الكيميائية، الطرف الآخر الوحيد الموقّع على القانون غير أمريكا هو العراق، يجب القول بأن الكثير من الأسلحة الكيميائية في الترسانة العراقية تستند إلى عوامل الحرب الكيميائية المورّدة لنظام صدام حسين في ذروة الحرب العراقية الإيرانية من قبل أمريكا والدول الغربية الأخرى، استخدم صدام بعض هذه الأسلحة التي زودته بها أمريكا لقتل الآلاف من الأكراد العراقيين في بلدة حلبجة عام 1988، وتتراوح التقديرات بين 3000 إلى 7000 قتيل وأكثر من 10000 جريح.
لم تقدم أمريكا وفرنسا في هذا الشأن الأسلحة الكيماوية إلى نظام صدام فحسب، ولكن وكالات الاستخبارات الأمريكية زودت الجيش العراقي بمعلومات حيوية عن ساحة المعركة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية لمساعدتهم في الحرب، كانت أمريكا تدرك تمام الإدراك أن نظام صدام استخدم الأسلحة الكيميائية في أربع هجمات على الأقل خلال الحرب، بالطبع كانوا يعرفون، لقد سهّلوا نقل هذه الأسلحة لمساعدة العراقيين على متابعة الحرب العدوانية ضد إيران، وتظهر وثائق وكالة المخابرات المركزية السرية التي رفعت عنها السرية بوضوح أن أمريكا تدرك جيداً أن العراقيين استخدموا الأسلحة الكيميائية أربع مرات على الأقل بين عامي 1983 و 1988، وقد اتهمت إيران العراق باستخدام الأسلحة الكيماوية، وحاولت عرض القضية على الأمم المتحدة، لكن أمريكا امتنعت عن الاطلاع عليها بالطبع، واستمرت في مساعدة حليفها في ارتكاب هذه الجرائم ضد الإنسانية.
لقد كذبت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي من خلال إساءتها بشكل متكرر في تصريحاتها أمام مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، وقد ذكرت مراراً وتكراراً أن الرئيس الأسد قد استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه في الغوطة عام 2013 ، وخان شيخون في عام 2017 ، ودوما في عام 2018 ، لكن دون وجود الأدلة على ذلك فيما عدا مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية المشكوك في صحتها من مصدر غير معروف، وقد صرحت أيضاً بأن أمريكا متأكدة من أن الحكومة السورية فقط هي من استخدمت الأسلحة الكيميائية، حيث لا يمكن لأي جهة أخرى في منطقة النزاع أن تمتلك أسلحة كيميائية، إلا أن المشكلة هي أن أمريكا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحققتا من أن سوريا دمرت أو سلّمت جميع عناصر أسلحتها الكيميائية مسبقاً.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة تحققت من أن قوات المعارضة داخل سوريا قد استخدمت العوامل الكيميائية كأسلحة في مناسبات عديدة أثناء الصراع، ولم تكتف كارلا ديل بونتي، محققة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، المدعي العام السابق للأمم المتحدة ومحامي المحكمة الجنائية الدولية بأن قوات المعارضة قد استخدمت الأسلحة الكيماوية، ولكن أيضاً المحقق الميداني السابق للمنظمة في سوريا جيري سميث صرح لهيئة الإذاعة البريطانية أنه وجد أنه من غير المحتمل أن تكون الحكومة ارتكبت هذه الهجمات الكيماوية.
وأضاف الموقع: آخر دولة في العالم يسمح لها أن تحاضر أي شخص بشأن امتلاك أسلحة الدمار الشامل واستخدامها هي أمريكا، وليس فقط أمريكا هي الدولة الوحيدة في التاريخ التي تستهدف المدنيين الذين لديهم قنابل نووية متعددة، بل استخدمت أسلحة كيميائية ضد سكان جنوب شرق آسيا والعراق في الماضي، وقد كانوا أذكياء بما يكفي لعدم استخدام غاز الخردل والجمرة الخبيثة، ولكن التأثيرات التراكمية للوكيل البرتقالي واليورانيوم المخصب في هذه المجموعات السكانية كانت مدمرة، ولن تسبب فقط أذى وألماً كبيرين لهؤلاء السكان، ولكنها ستترك الأرض مسمومة للأجيال، حيث ترش أمريكا كميات وفيرة من TCDD (الديوكسين tetrachlordibenzo-para-dioxin) ، وهي مادة مسرطنة من الدرجة الأولى في جميع أنحاء مناطق فيتنام وكمبوديا ولاوس في محاولة لتهيئة بيئة الغابات، كانت المادة الكيميائية محظورة في أمريكا عام 1970، وهي معروفة باسم Agent Orange، وعلى الرغم من صعوبة تقديرها إلى حد بعيد، إلا أن الآثار المدمرة للتعرض للديوكسين في السكان الفيتناميين يمكن التعرف عليها بسهولة، حيث لوحظت نفس التأثيرات في المحاربين الأمريكيين الذين عادوا إلى منازلهم بعد التعرض للسم، توجد مستويات عالية بشكل غير طبيعي من السرطانات المختلفة والعيوب الخلقية الموهنة في تجمعات جنوب شرق آسيا في مناطق ذات استخدام كبير للوكيل البرتقالي، تبقى الديوكسينات في التربة والماء، حيث لا تتحلل بشكل طبيعي، كما يتراكم الديوكسين الحيوي في الأنسجة الدهنية للحيوانات، وبالتالي يبقى في الإمدادات الغذائية.
لقد تعلمت أمريكا القليل عن الجريمة التي ارتكبتها جنوب شرق آسيا، ولم يظهر أنها تهتم لأنها تكرر جريمة مماثلة في غزوتين متتاليتين للعراق، بعد أن فشلت أمريكا في تحقيق هدفها في هزيمة إيران من خلال وكيلها العراقي الوحشي، حتى بعد مساعدة نظام صدام حسين في هجمات الحرب الكيماوية ضد الجنود الإيرانيين والمدنيين الأكراد العراقيين، حيث تجاهلت أمريكا إلى حد كبير الفظائع العديدة التي قام بها أحد الديكتاتوريين المفضلين لديها، وقامت بغزو العراق عام 1991 الذي شهد الاستخدام المكثف لجولات خارقة للدروع المستنفدة من اليورانيوم، واليورانيوم المستنفد كثيف للغاية، ومن ثم فهو جيد لخرق الصلب المقوى أو الدروع المركبة، وقد أدّى اجتياح عام 2003 التالي إلى المزيد من الموت والدمار، والمزيد من اليورانيوم المستنفد.
واختتم الموقع: مواقع ذخائر اليورانيوم المستنفد التي استخدمتها الطائرات الهجومية للقوات الجوية الأمريكية A-10 في العراق خلال غزو عام 2003. يستخدم اليورانيوم المستنفد أيضاً في الذخائر المضادة للدروع التي تستخدمها جميع الدبابات الأمريكية والمركبات القتالية المدرعة كذلك، وبالتالي فإن اتساع نطاق توزيع واستخدام اليورانيوم المستنفد في الخريطة المذكورة أعلاه أقل من الواقع.
فشلت نيكي هالي في الاعتراف بالدور التاريخي لحكومة أمريكا فهي دعمت أكثر أنظمة العالم فظاعة في الماضي "صدام حسين" ، كما دعمت العديد من منتهكي حقوق الإنسان الأكثر شناعة في العالم، ومع ذلك، فإن نيكي هالي لديها الغطرسة والاعتقاد الوهمي بأن أمريكا تمتلك الأرضية الأخلاقية العالية.