Super User

Super User

قال مساعد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات مرتضى براري ان اولوية خطط البلاد في قطاع الفضاء تتمثل بتطوير البنى التحتية ومن ثم اطلاق اقمار صناعية وايفاد رائد الى الفضاء الخارجي.

واضاف مرتضی براري، في اجتماع صحفي بمناسبة الاسبوع العالمي للفضاء، انه بسبب حاجة الحكومة لمصادر تمويل هذه البرامج فان ذلك يتطلب حضور القطاع الخاص بشكل فاعل في القطاعات الصناعية ومنها الفضائية والذي يجب تمهيد القطاع الخاص للاستثمار فيه.

واشار الى دور المعلومات الفضائية في التنمية ومنها القطاع الزراعي، موضحا ان استخدام بيانات الاقمار الصناعية خلال العام الماضي اثمر عن تقليص النفقات في استخدام سموم الآفات بمبلغ 10 مليارات ريال لذلك يجري العمل حاليا على التمهيد لشركات الخدمات بوضع بياناتها بتصرف المزارعين.

ولفت الى ان برنامج تطوير البنى التحتية في الصناعات الفضائية بالبلاد ستنجز لغاية 2025 من اجل تصنيع اقمار الاتصالات والاستشعار من بعد وقد انجزت خطوات مناسبة خلال الاشهر الماضية والتي سيتم تقديم تقرير عنها من اجل ايفاد رائد الى الفضاء.

ونوه الى ان مشروع ايفاد رائد الى الفضاء يتطلب استثمار بحجم 12 مليار دولار، موضحا ان ايران قدمت طلبا للانضمام الى معاهدة الملاحة الفضائية والتي تضم اكثر من 60 دولة، موضحا ان لائحة هذا الطلب قد رفعت الى المجلس وتتم متابعتها في لجنة الشؤون الصناعية البرلمانية.

وزير الخارجي الروسي يحذّر "إسرائيل" من توجيه ضربات محتملة على لبنان "بسبب الوجود المزعوم لصواريخ"، وفق ما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي هدد بتوجيه ضربات ضد إيران سواء في سوريا أو لبنان أو العراق أو في أي مكان آخر، ويعتبر لافروف أن هذا انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وأن موسكو ستعارض بشدة مثل هذه الإجراءات.

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا تحذر "إسرائيل" من توجيه ضربات عسكرية محتملة على لبنان.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي على هامش أعمال الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ردّاً على سؤال عما إذا كانت "إسرائيل" ستضرب في محيط المطار القريب من العاصمة بيروت بسبب الوجود المزعوم لصواريخ، "سيكون هذا انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وسنعارض بشدة مثل هذه الإجراءات، لكننا نحذر من أي انتهاكات مهما تكن لقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة".

وفيما يخص مخاوف "إسرائيل" بشأن التواجد الإيراني في سوريا، أضاف لافروف "عندما أعربت "إسرائيل" عن قلقها من أن الوحدات الإيرانية أو الموالية لإيران كانت في الواقع على الخط الفصل في مرتفعات الجولان، توصلنا إلى تفاهم، خاصة أنه في ذلك الوقت تمّ تحرير منطقة خفض التصعيد الجنوبية من الإرهابيين، وتراجعت الوحدات الإيرانية أكثر من 100كيلومتر كما طلب منا الإسرائيليون، والأميركيون".

وأكد وزير الخارجية الروسي أن "كل ما عبرّت عنه "إسرائيل" فيما يتعلق بمخاوفها الأمنية في منطقة مرتفعات الجولان، تمت إزالته، ونفذّنا ما وعدنا به".

تصريح لافروف جاء ردّاً على تهديدات رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعمل ضد إيران سواء في سوريا أو في لبنان أو في العراق وفي أي مكان آخر.

وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ردّ أمس الجمعة على مزاعم نتنياهو بامتلاك "إسرائيل" أدلة على دعم إيران لحزب الله في جعل صواريخه دقيقة التوجيه، بالقول إن "إسرائيل" تختلق من جديد الذرائع لتبرر الاعتداء وأنها من على منبر الشرعية الدولية تحضّر لانتهاك سيادة الدول.

تركيس المساواة في الميراث بين المرأة والرجل في تونس، خطوة تأتي بعد العديد من التشريعات التي عُدّت ثورة حقيقية في عالم المرأة الشرقية بصفة عامة.

في خطوة غير مفاجئة دينية في فحواها، ولكنها سياسية في مضمونها، لأنها تأتي في ظروف إقليمية ودولية صهيونية واستعمارية تريد تفريق الأمّة على أي مستوى مذهبي عرقي أو ديني، المهم التمزيق، في مثل هذه الظروف، دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى تكريس المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وأكّد في خطاب في عيد المرأة يوم 13 آب/ أغسطس 2018، على ضرورة إجراء مراجعات قانونية من شأنها أن تساوي بين الرجل والمرأة في الميراث وأن يسمح لها بالزواج من غير المسلم، وهو ما أيّدته دار الإفتاء في تونس، ولكن عارضته أغلبية الشعب التونسي، رغم أنه وجد ترحيباً بين القوى اليسارية والعلمانية بحُكم ثقافتهم الداعية لفصل الدين تماماً عن السياسة.

الخطوة لم تكن مُفاجئة، لأن المرأة في تونس في عصر الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أخذت حقوقاً غير مسبوقة في العالم العربي، فقد صدرت العديد من التشريعات التي عُدّت ثورة حقيقية في عالم المرأة الشرقية بصفة عامة، مثل قانون منع تعدُّد الزوجات، ورفع سن زواج الذكور إلى عشرين سنة، والإناث إلى 17 سنة، ومنع إكراه الفتاة على الزواج من قبل وليّ أمرها، وقانون يسمح للمواطن بالتبنّي، والسماح للمرأة بالإجهاض، ومنع الزواج العرفي وفرض الصيغة الرسمية للزواج وتجريم المخالف، وكذلك إقرار المساواة الكاملة بين الزّوجين في كل ما يتعلق بأسباب الطلاق وإجراءاته وآثاره، كما يمنع الطلاق إلا من خلال القضاء، وفي عام 1959 حصلت المرأة التونسية عل حق العمل السياسي تصويتاً وترشيحاً، ثم أصدر عام 1981 قانوناً يمنع النساء من ارتداء الحجاب، وهي حقوق غير مسبوقة بالفعل، ولكن بعضها يتعارض مع الثوابت الإسلامية، مثل التبنّي وزواج المسلمة من غير المسلم، وأيضاً في المقابل توجد بعض حسنات مثل منع الطلاق إلا في المحاكم بشهود، وهو الذي ينادي به الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر ويعارضه بشدّة كل الأزهريين، رغم كثرة حالات الطلاق في مصر.

على أية حال، وبعد أن اندلعت ما عُرفت بثورة الياسمين في ما قيل عنه بداية الربيع العربي يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2014، وتمكّنت من عزل الرئيس زين العابدين بن علي، ظهر السلفيون والإخوان المسلمون متمثلين في حركة النهضة، رأى هؤلاء وأخذوا معهم معظم الشعب التونسي العودة للشريعة الإسلامية من وجهة نظرهم، فطلبوا إباحة تعدّد الزوجات والطلاق وغيرها مما تم منحه للمرأة، ولكن هذه المطالب ذهبت أدراج الرياح، وعادت تونس للموقف العلماني، بعد إقرار المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى، حيث ينصّ قانون الميراث في تونس كما في الشريعة الإسلامية وغالبية الدول العربية، على أن للرجل نصيبين وللمرأة نصيب واحد من ميراث الأبوين، بناء على الآية القرآنية 11 من سورة النساء: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"، وهو ما رأته أغلبية الشعب التونسي اعتداء على الشريعة الإسلامية، وأن هناك فرقاً بين الدولة المدنية، ودين الدولة، فالدولة المدنية لا تتخطى دين الشعب، كما يراه شيوخ الشعب، والدستور لابد من أن يتواءم مع الدين، فلا تخرج قوانين الأحوال الشخصية إلا من خلال الدين وتفسيراته رغم اختلاف العلماء، المهم أن التظاهرات خرجت مندّدة بالمساواة في المواريث، وتطرّقت للشأن الداخلي السياسي بشكل عام، فطالبوا بالعدالة والمساواة، المساواة في الشغل وليس الميراث وحده، أي أن الشأن الديني ابتعد بالسياسي، وهذا مكمن الخطر.

الدعوة في تونس أثارت حفيظة الأزهر الشريف في القاهرة، بكل مؤسّساته من مجمع البحوث الإسلامية إلى هيئة كبار العلماء، وذلك باعتبار الأزهر ممثل العالم الإسلامي السنّي، نلخّص موقف الأزهر في انتقاد الدكتور عباس شومان وكيل شيخ الأزهر، حيث اعتبر دعوة الرئيس التونسي : "تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية" وقال في بيان نشرته الصفحة الرسمية لمكتب وكيل الأزهر على فيس بوك : "إن المواريث مقسّمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد، ولا تتغيّر بتغيير الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة لا مجملة ... وهناك العديد من المسائل التي تساوي فيها المرأة الرجل أو تزيد عليه، وكلها راعى فيها الشرع بحكمة بالغة واقع الحال، والحاجة للوارث أو الوارثة للمال لما يتحمّله من أعباء ولقربه وبعده من الميت، وليس لاختلاف النوع بين الذكورة والأنوثة كما يتخيّل البعض"، فالأزهر بتنويره لم يستطع التخلّي عن رؤيته في مثل أمور يراها لا تدخل ضمن الاجتهاد، فقد صمت الجميع وتحدّثت كتب الفتاوى والتفاسير، ولكن الحديث السياسي هو رأي رأته دار الإفتاء التونسية تدخلاً غير مشروع في الشأن التونسي الداخلي، وهاجم الليبراليون المصريون الأزهر في موقفه، وهو أمر في مجمله سياسي أكثر منه ديني، وهو يفرّق أكثر مما يجمع.

كان ومازال الأفضل ترك الأمور لضمائر المسلمين، وعند اختلاف الشيوخ، يتم عرض كل الفتاوى، خاصة أن قضايا الميراث بالتحديد، لأن لها مشاكلها القبلية والعُرفية، وتوجد حالات كثيرة يتم فيها منع الأخوات من الميراث، وهو أمر شائع في البلاد الإسلامية، وهو ما انتبه إليه المشرّع المصري وجعل لها عقوبة الحبس لمن يرفض تسليم أخته ميراثها.

أما بالنسبة لميراث الإناث، فقد حدّدها القرآن الكريم، عندما يموت الرجل وعنده أبناء وبنات، فيكون للذكر مثل حظ ابنتين، ولكن القرآن الكريم سكت عن حق الإبنة أو البنات اللاتي ليس لها أو لهن أخ، أهل السنّة بمذاهبهم الأربعة، قالوا إن البنت الوحيدة تأخذ نصف الميراث أو  ثلثي الميراث للبنتين أو أكثر، والباقي يأخذه أقرب رجل ذكر أو رجال ذكور، بناء على حديث رواه البخاري "أعطوا أصحاب الفروض فروضهم، وما بقي لأقرب رجل ذكر"، وهو أمر عارضه الجعفرية الإمامية وقالوا بضرورة تطبيق الآية 75 من سورة الأنفال: "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، وأقرب شخص للميت هو البنت الوحيدة أو البنات، وبالتالي تأخذ أو تأخذن كامل الميراث، نصف أو ثلثين بالفرض والباقي بالرد، هذا بالإضافة إلى أن الأزهر الشريف في عام 1949 أخذ من دون غضاضة أو تحيّز من المذهب الجعفري في ميراث إبن الإبن عندما يموت الأب قبل الجد، وبالفعل وحتى الآن يأخذ الأبناء ميراث أبيهم المتوفى من جدّهم الحيّ، بالوصية الواجبة، ونتذكّر هنا في عنفوان السيطرة السلفية الإخوانية على مقدّرات الدولة المصرية عامي 2012 – 2013 ، أن جاء وفد وهّابي سعودي برئاسة الشيخ أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي أستاذ الدراسات العليا بقسم العقيدة بجامعة أم القرى، وقابلوا الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وطلبوا منه إلغاء تدريس المذهب الجعفري من الأزهر الشريف، وهو ما رفضه الشيخ الطيب بشكل قاطع، وقال : نحن أخذنا بعضاً من الفقه الجعفري في الدستور المصري، والشيعة والسنّة هما جناحا الأمّة الإسلامية، فكيف نلغي تدريس المذهب الجعفري؟!"، وهو استنكار في محله، وفي نفس الوقت كنا نريد من شيوخ الأزهر طرح فتاوى موضوعات المواريث من كل المذاهب، وترك مساحة للاجتهاد الحقيقي، وترك حرية للمسلم من أن يأخذ من أي مذهب يختاره، وذلك بدلاً من تدخّل ديني نراه في شأن سياسي، يفرّق ولا يُجمّع، والله من وراء القصد.

علي أبو الخير، كاتب مصري

الأربعاء, 03 تشرين1/أكتوير 2018 05:05

ليس "الناتو" عربياً ولا إسلامياً

قام الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بتهديد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصل تهديده إلى حافة الهاوية، وردّ عليه القادة الإيرانيون بشدّة كلامية، وطلب السيّد المُرشد علي الخامنئي من كل المسلمين عدم الثقة في أية وعود أو اتفاقيات موقّعة ومنشورة مع الدولة الأميركية، وعندما وصل التهديد الكلامي مداه الأبعد، بدأ ترامب في التراجع وأظهر ميله الشديد للحوار مع القادة الإيرانيين من دون شروط مسبّقة، بل وقال إنه سيقابل الإيرانيين قريباً، في مناورة سياسية ساذجة.

هو يعتقد إن وصول الأمر لحافة الحرب يجعل إيران تتراجع عن مواقفها المعروفة، فإيران الثورة ضد الطغيان الأميركي، فلم تقم الثورة الإسلامية عام 1979 من أجل العدالة الاجتماعية وحدها، بل كانت ضد الطاغوت الشاهنشاهي البهلوي – ضد الاستكبار والاستعمار العالمي – ضد الصهيوني ... هكذا دفعة واحدة، والتخلّي عن مُفردات الثورة يُعتبر تخلّياً عن ثوابت المجتمع الإيراني بأسره، وهو الأمر الذي يتجاهله الرئيس الأميركي، هو يريد تكرار ما فعله مع جمهورية كوريا الشمالية، في عملية خلط للأوراق، ولكننا نعتقد أن الأمر جد مختلف ، وأن التصدّي لإيران يعني إشعال حرب في ظل وجود خمسين ألف جندي أميركي تصل إليهم النيران الإيرانية، وهو السبب الرئيسي في التراجع الأميركي، وفي الجانب الآخر فإن الحوار مع الإيرانيين ربما يفهمه حكّام الخليج في السعودية وغيرها أنه استغناء عنهم، أو التخلّي عن حماية عروشهم، وكلها تصبّ في الحيرة الأميركية عند مواجهة الدولة الإيرانية، فتتفق الإرادة الخليجية مع الكيان الإسرائيلي على ضرورة إشعال حرب، حتى لو اتخذت النهج الطائفي البغيض.

وذلك يقودنا للحديث عن مؤامرة معروفة ومُعلَنة، وهي محاولة أميركا وإسرائيل ضرب إيران من قِبَل "ناتو عربي"، على غرار تشكيله لطرد صدّام حسين من الكويت بعد أن احتلها يوم 2 آب|أغسطس 1990، ذلك أنه وفي الوقت الذي يريد فيه دونالد ترام بالحوار غير المشروط مع قادة إيران، نجد من ناحية أخرى رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو يبشّر بضرورة تشكيل تحالف عربي مع إسرائيل للتصدّي لإيران، وهو المشروع المطروح من الرئيس ترامب نفسه، فقد تناقلت صحف أميركية خبراً مفاده أن إدارة "ترامب" تدرس بسرّية تامة إنشاء ما قد يُسمّى بتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، يتكوّن من بعض دول الخليج العربية وكل من مصر والأردن، والهدف هو مواجهة التهديدات الإيرانية، وأن يكون عوناً للولايات المتحدة في مواجهة إيران، وأن الهدف هو تشكيل "ناتو عربي سنّي" على غرار حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة، أي يقتصر على الدول العربية السنّية في مواجهة التوسّع الإيراني، على أن تتولّى الولايات المتحدة توريد نظم الأسلحة والاتصالات المطلوبة لهذا التحالف المُزمع، والمفارقة كما يرى "الدكتور حسن أبو طالب" مدير "مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية" أن هذا الطرح لم يُشر من قريب أو بعيد إلى مشاركة عراقية في هذا التحالف الاستراتيجي، رغم العلاقات الوثيقة بين الطرفين، ورغم كونه تحالفاً يخصّ الشرق الأوسط، وفقاً للإسم المقترح، فهناك غياب لأطراف رئيسية في الشرق الأوسط حسب التصنيف الأميركي، كتركيا وباكستان، ما يؤكّد أن المقترح يستهدف عرباً وحسب، في مواجهة باقي العرب وباقي القوى الاقليمية، وفقاً لحسابات أميركية بحتة، وسواء كان الأمر عربياً فقط أو سنّياً فقط أو مزيجاً بينهما، فالفكرة نفسها ليست جديدة، لقد طُرِحت عدّة مرات سابقة في زمن إدارة بوش الإبن الثانية، وطُرِحت بأشكال مختلفة في عهد الرئيس كلينتون، وطُرِحت بتعديلات في عهد الرئيس أوباما، ثم أخيراً تُطرَح في عهد إدارة الرئيس الحالي "ترامب"،. وكانت الصحف الأميركية ذاتها قد رجّحت في أيار|مايو 2017، وقبل عقد القمة الإسلامية الأميركية في الرياض في السعودية، بأن الرئيس ترامب سيعلن عن إنشاء  "ناتو إسلامي سنّي" بهدف عزل إيران، وهو أمر لم يحدث، وليس بجديد على الولايات المتحدة أن تطرح أفكاراً كبرى تخصّ المنطقة وتغلّفها بسياق يبدو إيجابياً لدى البعض، وهى في حقيقتها مصلحة أميركية إسرائيلية فقط لا غير.

وإذا تصوّرنا أن مثل هذا التحالف قد قبل البعض إنشاءه والانخراط فيه، استناداً إلى فرز مذهبي بين سنّة وشيعة في عموم المنطقة، فلن يكون بعيداً أن تتواجه شعوب دول عربية مع شعوب دول أخرى فقط، لأن لديها جزءاً من مواطنيها يدينون بالمذهب الشيعي، كما هي الحال في لبنان والعراق وبعض دول الخليج كالبحرين والسعودية، الفكرة في حد ذاتها مكروهة سنّياً وشيعياً، حيث نجد أن الشعوب العربية من أهل السنّة والجماعة على وجه الخصوص، رغم ضعفها وتفرّقها، لن تتردّد في الخروج ضد أي حاكم يوافق على التحالف مع الصهيونية العالمية، فمن ضمن عقيدة أهل السنّة تتفق مع الشيعة في ضرورة محاربة الصهيونية وأنهم مع المشركين أكثر الناس عداوة للمسلمين، ولا ينسى أهل السنّة أنهم خاضوا الحروب ضد العدو الصهيوني، وأن هذا العدو احتل الأرض الفلسطينية وأحرق المسجد الأقصى، ومجرّد التعاون معهم يسقط أيّ عرش أو رئاسة أو إمارة، مع العِلم أن الشعوب العربية هي التي أفشلت صفقة القرن ولو ضمنياً، مثلاً عملية سيناء 2018 أخرجت مصر تماماً من الصفقة، أما الملك عبد الله فقد شرح لترامب أنه بمجرّد قبول الصفقة سيسقط العرش الهاشمي، والسعودية هي الوحيدة التي مارست كل الضغوط المستحيلة لإقناع السلطة الفلسطينية بقبول الصفقة، وهو ما رفضه محمود عباس أبو مازن، بل شتم ترامب شخصياً وأيضاً سبّ سفير أميركا في القدس المحتلة، وحتى وليّ العهد السعودي لم يتمكّن من إعلان موافقته على الصفقة، لأن الشعب العربي في مملكة آل سعود يرفض التطبيع أو التعاون أو حتى إقامة علاقات مع الصهيونية العالمية، ومن  هنا توارت بالتدريج صفقة القرن، مثلما خسرت في سوريا أمام مقاومة شعبها للخطة الصهيونية التخريبية، ولعلّ التذكرة هنا ببعض مبادئ السياسة المصرية تجاه المنطقة ككل تفيد، وهو مبدأ مصري يقوم على الرفض التام لقيام أحلاف تتبع قوى خارجية، والرفض التام إذكاء النعرات الطائفية والمذهبية واعتبارها أساساً للعلاقات بين الشعوب والحكومات، وهو مبدأ يتصادم تماماً مع أية أفكار أميركية كالتي يتم الترويج لها، والدولة الإيرانية أيضا ترفض التحالفات التي تتبع قوى خارجية، وسياستها إسلامية عامة معروفة ومشهورة.

ولكن وبالتوازي، نجد أن الأميركان والصهيونية لن يكفّا عن إثارة  القلق والحروب بين العرب بعضهم ببعض وبين المسلمين بعضهم ببعض، وهو الأمر الذي نحذّر منه، لأنه أخطر من كل القنابل النووية لقومٍ يعقلون.

علي أبو الخير، كاتب مصري

الأربعاء, 03 تشرين1/أكتوير 2018 05:04

العلاقة بين الطفل والأم

تبدأ أهميَّة العلاقة بين الأم وطفلها بالظهور منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل ، وتتمثَّل هذه الأهمِّيَّة في عوامل تبدو غير مترابطة في الظاهر ، لكن ينبغي في الواقع مراعاتها وفهمها فهماً صحيحاً ، وربَّما سأل سائل عن سبب توقَّف الطفل عن البكاء فوراً عندما تحضنه أمُّه بين ذارعيها ، أو عن سبب قدرة الطفل على تمييز الوجه البشري من بين الوجوه جميعاً ابتداء من لحظة الولادة .

إن هذه العوامل تفسِّر لنا العناية الكبيرة بالمولود الجديد في المستشفى منذ اللحظات الأولى من حياته ، ولعلَّ أسرع وأبسط طريقة لتعزيز العلاقة بين الأم ووليدها تقديم الوليد إليها في غرفة الولادة بالمستشفى ، أو عندما تتمُّ الولادة في المنزل ، والسماح لها بحضنه حتى قبل تغسيله ، هذا إن لم تكن هناك معالجات فوريَّة ينبغي إخضاع الوليد لها .

ويتعرَّف الوليد الجديد بسرعة على خواص أمِّه ، فهو يشم رائحة جسمها ، ويحسُّ بحرارته ، كما يتعرَّف على الخواصِّ الأخرى لسلوكها ، تلك هي بداية علاقة بين الطفل وأمِّه تظهر منذ الشهور الأولى من حياته ، ولقد ثبت فعلاً أن الأطفال الحديثي الولادة الذين تحضنهم أمَّهاتهم إلى صدروهنَّ يقلُّ بكاؤهم ، ويتكيفون بصورة أسرع ، ويتميزون بمزاجٍ هادئ ، ويصبحون أقلُّ عرضةً للإصابة بالأمراض من الأطفال الذين يبقون بعيدين عن أمهاتهم .

ومن العوامل المهمة الأخرى صوت الأم ، فهو يمنح الطفل الدفء والأمن ، ويشرع الطفل بتمييزه فور سماعه عن الأصوات الأخرى جميعاً ، ومن الحقائق المعلومة كذلك أن الفترة الرئيسية في الاتصال الأولي بين الأم وطفلها هي فترة الاثنتي عشرة ساعة الأولى ، والحقُّ أنَّ خمس عشر دقيقة حتى عشرين دقيقة من الاتصال بين الأم وطفلها تُعدُّ كافية لتوطيد علاقة صحيَّة سليمة بينهما .

أما إرضاع الأم لطفلها من ثديها فقد اختلفت فيه وجهات النظر ، ولكن ما ينبغي معرفته هنا أن الرضاعة من ثدي الأم - من الناحية النفسية - أفضل بكثير من الرضاعة بالزجاجة ، ذلك لأنها توجد رابطة لا تنفصم بين الطفل وأمِّه ، فالطفل يشعر بلذّة لا توصف من التغذية بالثدي .

والحقّ أن إرضاع الطفل من الثدي بعد الولادة مباشرة - أي : بعد تنظيفه وإلباسه - ربما كان أفضل طريقة لإيجاد ثقة متبادلة من الناحيتين النفسية والجسميَّة بين الطفل وأمّه ، فهذه الرابطة القائمة على القرب والحنان هي من أقوى الغرائز الاجتماعية ، وهي تبدأ منذ الولادة ، والأم تحقِّق بذلك غرضاً واضحاً يمليه عليها وضع طفلها العاجز الضعيف .

فالطفل يحتاج إلى رعاية وحماية وإلى تغذية كافية ومؤانسة ، وهو يبدي أنواعاً من السلوك تعبِّر عن رغبته في الاتصال والاقتراب من الكبار ، كالبكاء والتعلُّق بهم ، وتتبعهم بعينيه أو بكامل جسمه ، أو مجرَّد الإمساك بذراعهم ، وبهذه الصلة الوثيقة يتحقَّق هدف الطفل ، ويستطيع أن يسدَّ حاجاته .

والحقُّ أنَّ قيام شخص كبير بتوفير الطعام للطفل ، ورعاية حاجاته الخاصَّة الأخرى ، وقضاء قدر كبير من الوقت معه ، كل ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى إيجاد مشاعر المودَّة ، بل يُشيع حتماً جوّاً ملائماً ، وذلك لأن مثل هذه الرابطة العاطفية يمكن أن تنمو نحو أشخاص لا يقومون بإلباس الطفل أو بتغذيته ، بل يتجاوبون وإياه تجاوباً قوياً ، أي أنهم يرغبون في تكييف سلوكهم مع حاجات الطفل الخاصَّة عن طريق اهتمامهم به ، وتعلُّمهم إشاراته الخاصَّة وتمييزها .

وهو الأمر الذي يفسِّر سبب تعلق الطفل بأمه دون المربية ، كما يفسر كذلك سبب العاطفة التي يبديها الطفل نحو أمِّه التي تقوم بمداعبته ، وتوليه اهتماماً بالغاً ، وفي الحقيقة أن التعلُّق بشخص واحد أو أكثر ليس مسألة ثابتة ، فهذا التعلُّق يتغير شكلاً ومضموناً بما يتفق وسِنِّ الطفل ، ومواقفه ، وعلاقاته مع أبويه .

فمع نموِّ الطفل تزداد قدراته الحسِّيَّة الحركيَّة ، ويزداد تبعاً لذلك احتمال مواجهته لأشياء ومواقف جديدة توسع دائرة علاقاته الاجتماعية ، فيصبح وجود الأم غير ضروري ، لتوفير الحوافز للطفل ، بل لأداء وظائف مختلفة ، ومهما يكن من أمر فإن دور الأمِّ يبقى مهماً في توفير التعليم لطفلها ، وتمكينه من ممارسة الأنشطة الثقافية والاجتماعية كافَّة .

الأربعاء, 03 تشرين1/أكتوير 2018 04:57

الباتريوت الأمريكي خارج الشرق الأوسط

الوقت- خطة جديدة تمضي بها أمريكا في منطقة الشرق الأوسط من بوابة العسكرة، المجال الأقرب إلى قلب واشنطن والأكثر قدرة على اللعب من خلاله، والخطة الجديدة هذه المرة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، التي قررت سحب منظومة صواريخ من طراز "باتريوت" من الشرق الأوسط مطلع الشهر القادم (أكتوبر/تشرين الأول المقبل).

ماذا تقول واشنطن عن ذلك؟!

سحب بطاريات الصواريخ جاء تحت عنوان "إعادة الصيانة" بحسب التصريحات الأمريكية، وأضاف المسؤولون، إن الأنظمة الأربعة قد تم فصلها بالفعل، حيث سيتم إزالتها الشهر القادم، كما أكدوا عدم وجود نية لدى المسؤولين في وزارة الدفاع باستبدال أي منها، حيث من المقرر أن يتم إعادتها إلى أمريكا وتطويرها، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

 إلا أن الأمر لا يمكن أن يكون بهذه البساطة ومن السذاجة تصديق ذلك في ظل رغبة واشنطن على البقاء في منطقة الشرق الأوسط بل تعزيز ذلك بشتى الطرق، وإن كان الأمر يتمثل بأعمال الصيانة فيمكن إنجاز ذلك في الدول التي تنتشر فيها هذه المنظومات، ولكن واقع الأمر يقول إن هناك تكتيكاً عسكرياً جديداً تبحث عنه واشنطن في الشرق يمكن من خلاله الاستفادة بشكل أكبر من الدول التي تحتوي هذه المنظومات، وهذا يأتي في سياق طبيعي لسياسة ترامب الاستفزازية لدول المنطقة ولاسيما دول مجلس التعاون.

الأهداف والغايات

هناك إبهام يحيط بالقرار بشكل عام، لا يمكن الجزم بكل أبعاده في ظل التذبذب الذي تشهده الإدارة الأمريكية والأنباء التي تتحدث عن احتمال إقالة ترامب لوزير الدفاع ماتيس، ولكن يمكن الحديث عن مجموعة النقاط التالية التي تُظهر جانباً مما يجري في المنطقة وكيف تنظر واشنطن لمستقبلها هنا في ظل تصاعد التحديات التي تواجهها وفشلها في إنجاح "الحرب بالنيابة" عبر الحلفاء:

أولاً: التحديات في الشرق الأوسط تتزايد يوماً بعد يوم في ظل توجّه كل من روسيا والصين نحو هذا الشرق، وهاتين الدولتين إحداهما تستطيع إغراق الشرق بالأسلحة الحديثة والمتطورة والأخرى تغرق هذه المنطقة بالمنتجات، وهذا الأمر خلق منافسة أجبرت واشنطن على تغيير استراتيجيتها أمام هذه التحديات، لذلك يمكن القول إن أمريكا تعمل على إعادة تموضع قواتها وتغيير قواعد هذه الصواريخ تحسباً لأي اختراق أمني يكون قد كشف أماكن وجودها.

وقرر وزير الدفاع الأمريكي (جيم ماتيس) سحب أربعة أنظمة صواريخ من طراز "باتريوت" من الأردن والكويت والبحرين الشهر المقبل، في إطار تنظيم القوات والقدرات العسكرية الأمريكية، والتي تأتي في سياق إعادة تقييم التهديدات القادمة والتي تركز على الصين وروسيا.

ثانياً: مجرد الإعلان عن سحب هذه المنظومة سيجعل الدول التي تستفيد منها في الشرق تقلق على أمنها، لكونها كانت تعيش لعقود طويلة في ظل وجود حماية أمريكية تمنع حدوث أي خطر أمني يحل بهذه الدول، وهذا يجبر هذه الدول على الامتثال لأي قرار جديد يخرج عن واشنطن، وهذا ما يبحث عنه ترامب الذي يهوى عقد الصفقات التي تدرّ عليه مليارات الدولارات، وبالتالي يمكن اعتبار سحب منظومة الصواريخ هذه بمثابة استفزاز لجني المزيد من الأموال.

وبالفعل تم توقيع أول صفقة أسلحة مع البحرين، حيث نشرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون، بياناً أعلنت فيه أن وزارة الخارجية الأمريكية وقّعت صفقة عسكرية مع البحرين، وأشارت إلى أن الصفقة الجديدة تتضمن بيع أكثر من 800 صاروخ تكتيكي إلى البحرين، بقيمة تصل إلى 300 مليون دولار.

وقال البيان: "طلبت مملكة البحرين شراء 120 صاروخاً متعدد الإرشاد من نوع (GMLRS) الموجّه، وست أنظمة صواريخ لكل جراب مجموعة من 720 صاروخاً من وحدات المدافع الصاروخية الأحادية M31 (GMLRS)، و110 من أنظمة الصواريخ التكتيكية (ATACMS) M57 T2K"، مشيرة إلى أن القيمة الإجمالية للصفقة ستصل إلى 300 مليون دولار.

ثالثاً: لنفرض جدلاً أن واشنطن تريد إعادة صيانة هذه المنظومة وتطويرها، يعني ذلك أنها تقرّ ضمناً بفشل هذه المنظومة في حماية حلفائها، وهذا الأمر ظهر بشكل جلي في الحرب اليمنية، حيث عجزت هذه المنظومة عن إسقاط الصواريخ اليمنية أو منعها من الوصول إلى أهدافها، وهذا ما سبب إحراجاً لواشنطن، لذلك لابدّ من إنجاز هذه المسرحية لطمأنة الحلفاء.

رابعاً: روسيا رفعت سقف التحدي في الشرق عبر توجه موسكو لتزويد تركيا والهند وحتى الصين بمنظومة الدفاع الجوي "أس-400" المضادة، وكذلك "أس-300" المطورة لسوريا، ما دفع بالأمريكيين لإعادة ترتيب دفاعاتهم الجوية في منطقة الشرق الوسط.

وبناء على ما تقدم، فإن هناك توجّه أمريكي حالي لإبرام صفقات أسلحة جديدة بمليارات الدولارات لإرواء عطش ترامب المادي، وستكون الوجهة الأولى نحو الإمارات عبر تزويدها بمنظومة دفاع جوي أمريكية جديدة مثل "نظام ثاد" الذي يعالج الصواريخ خارج الغلاف الجوي خلال العام المقبل.

الأمريكي يعرف ما يريد من هذه الدول ويعرف جيداً كيف يحصل على ما يريد، والأيام المقبلة ستكشف حجم الصفقات القادمة والتي ستؤثر على اقتصاد هذه الدول ورفاه مواطنيها لامحالة.

الأربعاء, 03 تشرين1/أكتوير 2018 04:57

الباتريوت الأمريكي خارج الشرق الأوسط

الوقت- خطة جديدة تمضي بها أمريكا في منطقة الشرق الأوسط من بوابة العسكرة، المجال الأقرب إلى قلب واشنطن والأكثر قدرة على اللعب من خلاله، والخطة الجديدة هذه المرة صادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، التي قررت سحب منظومة صواريخ من طراز "باتريوت" من الشرق الأوسط مطلع الشهر القادم (أكتوبر/تشرين الأول المقبل).

ماذا تقول واشنطن عن ذلك؟!

سحب بطاريات الصواريخ جاء تحت عنوان "إعادة الصيانة" بحسب التصريحات الأمريكية، وأضاف المسؤولون، إن الأنظمة الأربعة قد تم فصلها بالفعل، حيث سيتم إزالتها الشهر القادم، كما أكدوا عدم وجود نية لدى المسؤولين في وزارة الدفاع باستبدال أي منها، حيث من المقرر أن يتم إعادتها إلى أمريكا وتطويرها، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

 إلا أن الأمر لا يمكن أن يكون بهذه البساطة ومن السذاجة تصديق ذلك في ظل رغبة واشنطن على البقاء في منطقة الشرق الأوسط بل تعزيز ذلك بشتى الطرق، وإن كان الأمر يتمثل بأعمال الصيانة فيمكن إنجاز ذلك في الدول التي تنتشر فيها هذه المنظومات، ولكن واقع الأمر يقول إن هناك تكتيكاً عسكرياً جديداً تبحث عنه واشنطن في الشرق يمكن من خلاله الاستفادة بشكل أكبر من الدول التي تحتوي هذه المنظومات، وهذا يأتي في سياق طبيعي لسياسة ترامب الاستفزازية لدول المنطقة ولاسيما دول مجلس التعاون.

الأهداف والغايات

هناك إبهام يحيط بالقرار بشكل عام، لا يمكن الجزم بكل أبعاده في ظل التذبذب الذي تشهده الإدارة الأمريكية والأنباء التي تتحدث عن احتمال إقالة ترامب لوزير الدفاع ماتيس، ولكن يمكن الحديث عن مجموعة النقاط التالية التي تُظهر جانباً مما يجري في المنطقة وكيف تنظر واشنطن لمستقبلها هنا في ظل تصاعد التحديات التي تواجهها وفشلها في إنجاح "الحرب بالنيابة" عبر الحلفاء:

أولاً: التحديات في الشرق الأوسط تتزايد يوماً بعد يوم في ظل توجّه كل من روسيا والصين نحو هذا الشرق، وهاتين الدولتين إحداهما تستطيع إغراق الشرق بالأسلحة الحديثة والمتطورة والأخرى تغرق هذه المنطقة بالمنتجات، وهذا الأمر خلق منافسة أجبرت واشنطن على تغيير استراتيجيتها أمام هذه التحديات، لذلك يمكن القول إن أمريكا تعمل على إعادة تموضع قواتها وتغيير قواعد هذه الصواريخ تحسباً لأي اختراق أمني يكون قد كشف أماكن وجودها.

وقرر وزير الدفاع الأمريكي (جيم ماتيس) سحب أربعة أنظمة صواريخ من طراز "باتريوت" من الأردن والكويت والبحرين الشهر المقبل، في إطار تنظيم القوات والقدرات العسكرية الأمريكية، والتي تأتي في سياق إعادة تقييم التهديدات القادمة والتي تركز على الصين وروسيا.

ثانياً: مجرد الإعلان عن سحب هذه المنظومة سيجعل الدول التي تستفيد منها في الشرق تقلق على أمنها، لكونها كانت تعيش لعقود طويلة في ظل وجود حماية أمريكية تمنع حدوث أي خطر أمني يحل بهذه الدول، وهذا يجبر هذه الدول على الامتثال لأي قرار جديد يخرج عن واشنطن، وهذا ما يبحث عنه ترامب الذي يهوى عقد الصفقات التي تدرّ عليه مليارات الدولارات، وبالتالي يمكن اعتبار سحب منظومة الصواريخ هذه بمثابة استفزاز لجني المزيد من الأموال.

وبالفعل تم توقيع أول صفقة أسلحة مع البحرين، حيث نشرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون، بياناً أعلنت فيه أن وزارة الخارجية الأمريكية وقّعت صفقة عسكرية مع البحرين، وأشارت إلى أن الصفقة الجديدة تتضمن بيع أكثر من 800 صاروخ تكتيكي إلى البحرين، بقيمة تصل إلى 300 مليون دولار.

وقال البيان: "طلبت مملكة البحرين شراء 120 صاروخاً متعدد الإرشاد من نوع (GMLRS) الموجّه، وست أنظمة صواريخ لكل جراب مجموعة من 720 صاروخاً من وحدات المدافع الصاروخية الأحادية M31 (GMLRS)، و110 من أنظمة الصواريخ التكتيكية (ATACMS) M57 T2K"، مشيرة إلى أن القيمة الإجمالية للصفقة ستصل إلى 300 مليون دولار.

ثالثاً: لنفرض جدلاً أن واشنطن تريد إعادة صيانة هذه المنظومة وتطويرها، يعني ذلك أنها تقرّ ضمناً بفشل هذه المنظومة في حماية حلفائها، وهذا الأمر ظهر بشكل جلي في الحرب اليمنية، حيث عجزت هذه المنظومة عن إسقاط الصواريخ اليمنية أو منعها من الوصول إلى أهدافها، وهذا ما سبب إحراجاً لواشنطن، لذلك لابدّ من إنجاز هذه المسرحية لطمأنة الحلفاء.

رابعاً: روسيا رفعت سقف التحدي في الشرق عبر توجه موسكو لتزويد تركيا والهند وحتى الصين بمنظومة الدفاع الجوي "أس-400" المضادة، وكذلك "أس-300" المطورة لسوريا، ما دفع بالأمريكيين لإعادة ترتيب دفاعاتهم الجوية في منطقة الشرق الوسط.

وبناء على ما تقدم، فإن هناك توجّه أمريكي حالي لإبرام صفقات أسلحة جديدة بمليارات الدولارات لإرواء عطش ترامب المادي، وستكون الوجهة الأولى نحو الإمارات عبر تزويدها بمنظومة دفاع جوي أمريكية جديدة مثل "نظام ثاد" الذي يعالج الصواريخ خارج الغلاف الجوي خلال العام المقبل.

الأمريكي يعرف ما يريد من هذه الدول ويعرف جيداً كيف يحصل على ما يريد، والأيام المقبلة ستكشف حجم الصفقات القادمة والتي ستؤثر على اقتصاد هذه الدول ورفاه مواطنيها لامحالة.

ما قامت به "اسرائيل" في العدوان الذي تسبب في إسقاط الطائرة الروسية، ضحّت في سبيله بأسس العلاقة مع روسيا التي ارتسمت بين الطرفين على أساس سماح موسكو بأن تقوم "اسرائيل" بما تسميه الدفاع عن أمنها في عمليات عدوانية ضد مواقع قي سوريا ضد دمشق وإيران وحزب الله.

ما قامت به "اسرائيل" في العدوان الذي تسبب في إسقاط الطائرة الروسية، ضحّت في سبيله بأسس العلاقة مع روسيا التي ارتسمت بين الطرفين على أساس سماح موسكو بأن تقوم "اسرائيل" بما تسميه الدفاع عن أمنها في عمليات عدوانية ضد مواقع قي سوريا ضد دمشق وإيران وحزب الله. لكن هذه العلاقة التي تستفيد منها اسرائيل بحرية الحركة، جرى تنظيمها بين روسيا و"اسرائيل" بما يسمى "نظام تفادي الاصطدام" بحيث لا تقع صدامات في الجو وفي الميدان وبقاء التفاهم متواصلاً عبر الخط الساخن.

لكن في العدوان على اللاذقية ضد محطة غاز ومؤسسة تقنية ومركز البحوث العلمية، تعمّدت "اسرائيل" بأن تبلّغ موسكو قبل دقيقة واحدة من العدوان كما أكّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. والأدهى أنها استخدمت الطائرة الروسية غطاء لعدوانها وعرضة لصواريخ الدفاع السورية والروسية في قاعدة حميميم. ولعل لهذه المغامرة في ضرب أسس العلاقة بين روسيا واسرائيل أمر جلل فما هو؟

لا شك أن "اسرائيل" تحاول تمرير أمر واقع تقبل به موسكو استمرارها في عدوانها ضد دمشق وحزب الله وإيران في منطقة العمليات الروسية التي أوكلها إليها اتفاق إدلب في المنطقة المنزوعة السلاح. لكن "اسرائيل" تتجاوز في توقيت عدوانها بعد إعلان الاتفاق مباشرة، هذا الطموح إلى هدف أبعد وهو الانتقام الأميركي والغربي من موسكو التي عطّلت عليها في اتفاق إدلب كل ما كانت تطمح إليه هذه الدول في استغلال الذريعة الإنسانية والذريعة الكيميائية، أملاً بالحصول على حصص من الكعكة السورية سواء في دعم الجماعات المسلّحة أم  على طاولة المفاوضات من أجل حل سياسي وفق وثيقة الدول السبعة الصادرة في جنيف قبل أيام معدودة من قمة سوتشي.

بيت القصيد في الاتفاق الذي عطّل إمكانية تدخّل الدول الغربية في الشمال السوري وفي مسار الحل السياسي، أنه اتفاق تشترك في صناعته دمشق وطهران وهو يعزّز مواقع حلفاء موسكو في مسار الحل السياسي للأزمة السورية وبالتالي مواقع الطرفين في المنطقة. ولا ريب أن موسكو ساهمت بشكل فعّال لأسباب متعددة تعزيز دور دمشق وإيران من خلال اتفاق إدلب على الرغم أن الاتفاق لا يزال في بدايته الأولى وربما يصطدم بعدة عقبات وتجاوزات قبل وصوله إلى برّ الأمان.

المحاولات الإسرائيلية المديدة مع موسكو، تراهن كثيراً على أن تلجم روسيا أي مصدر قوة للمقاومة ولسوريا ولإيران على صعيد تعزيز مواقع هذه الأطراف في المنطقة. في وقت الجموح الأميركي للمراهنة على خنق إيران وعلى ما تتوهمه إدارة ترامب و"اسرائيل" والسعودية، مما يسمى محاربة النشاطات الايرانية في المنطقة، لا ريب أن المشاركة مع روسيا في الاتفاق على إدلب يذهب في الاتجاه العكسي لما تعوّل عليه واشنطن و"اسرائيل" والسعودية. وقد يكون الشرخ في العلاقات بين روسيا و"اسرائيل"، بسبب اسقاط الطائرة، مكسباً لم تكن تنتظره المقاومة ودمشق وطهران بين مثالب اتفاق إدلب. فروسيا في ردها على "اسرائيل" لا بدّ أن تدافع عن نفسها وعن هيبتها من خلال تعزيز دفاعاتها الجوية في سوريا ومن خلال تسليم سوريا صواريخ متطورة قد يصل بعضها إلى المقاومة أو تصل تقنياتها على الأقل. ومن المحتمل أن محاولة الاعتداء على مواقع المقاومة في منطقة العمليات الروسية، تلقى مواجهة روسية من دون الركون إلى اتفاقات سابقة بين روسيا واسرائيل فالعلاقة بعد اسقاط الطائرة ليست كما كانت قبلها.

قاسم عز الدين

الرد الأميركي الحاد على تسليم سوريا منظومة الصواريخ لم يتأخر، إذ أعلن مستشار الأمن القومي جون بولتون معارضة بلاده الشديدة لتزويد سوريا بنظام متطور، معتبراً الخطوة "تصعيداً خطيراً،" وناشد موسكو "إعادة النظر" بقرارها.

وفي نفس اليوم، أعلن الكرملين عن إجراء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثة هاتفية مع الرئيس السوري بشار الأسد يعلمه بقرار موسكو دعم الدفاعات الجوية.

فتصنيع منظومة "إس-300" عام 1975، للدفاع عن منشآت عسكرية واقتصادية ذات طبيعة استراتيجية، كالمؤسسات الصناعية والقواعد والمراكز العسكرية، دخلت الخدمة الميدانية عام 1979، وشهدت تطويرات عدة آخرها عام 1997، حيث أطلق عليها "إس-300 بي أم أو فافوريت"، بلغ سعرها في الأسواق الدولية نحو 250 مليون دولار "للكتيبة الواحدة".

مصادر حلف الناتو تشير إلى أن النماذج الحديثة من المنظومة "هي من أكثر الدفاعات الجوية تقدماً"، وباستطاعتها التصدي لصواريخ باليستية تتجاوز سرعتها 4500 متر في الثانية، والتعامل مع "24 طائرة أو 16 صاروخاً باليستياً حتى مسافة  250 كلم في وقت واحد، وإطلاق  48 صاروخاً.. يتم إطلاق صاروخين على كل هدف بفارق زمني لا يتجاوز 3 ثواني؛ يستغرق أعدادها للاشتباك (النشر والطي باللغة العسكرية) نحو 5 دقائق وهي في حالة الحركة وهو وقت قصير إلى حد بعيد." (شبكة "بي بي سي،" 25 أيلول/ سبتمبر الجاري).

وتتضمن الكتيبة الواحدة من هذه المنظومة راداراً بعيد المدى لاكتشاف الاهداف المعادية، وعربة قيادة تقوم بتحليل البيانات، و6 عربات تعمل كمنصات إطلاق للصواريخ ( كل عربة تحمل ستة صواريخ) وراداراً قصير المدى يقوم بتتبع الأهداف وتوجيه الصواريخ نحوها.

وأوضحت الشبكة أن عربات "إس-300 بي أم أو فافوريت،" (سام-10 وفق تصنيفات حلف الناتو) ستمكن سوريا "صد 96 صاروخاً معادياً دفعة واحدة، وإطلاق 192 صاروخاً صلية واحدة" وهي قادرة على التحرك وتغيير مواقعها خلال دقائق لمنع العدو من تحديد مواقعها بعد إطلاق صواريخها. كما أن نظام الرادار قادر على تحديد الصواريخ المضادة للرادارات المتجهة نحوه ومن ثم إغلاقه فوراً وتشغيل نظامي التمويه وإعاقة الإشارات الإلكترونية.

سلاح التشويش الإلكتروني المعلن عنه مؤخراً هو من طراز "كراسوخا-4 Krasukha" دخل الخدمة عام 2012 "والفريد الذي لا يوجد له مثيل.." تستخدمه القوات الروسية لحماية مواقعها بالقرب من محافظة اللاذقية، باستطاعته "التشويش على أنظمة الرادار للعدو، وأعطاء معلومات غير صحيحة عن المواقع أو إبطال قدرته." ووفق المجلة العلمية الروسية، "تكنولوجيا الراديو الالكترونية"، فإن النظام المذكور يستخدم "الميكروويف.. لزيادة قوة الإشعاع والتشويش، وتوسيع نطاق الترددات لأنظمة الهوائيات بزيادة القدرة المشعة".

الأدبيات والتقارير العسكرية الغربية تعتبر "النظام الروسي بأنه يحول دون عمل الأقمار الاصطناعية للاستطلاع.. وقادر أيضاً على تعطيل مجال الرؤية للرادارات لاستشعار الطائرات المقاتلة". بإمكانه أيضاً "..التشويش على نظام رادار واحد من مركبة أقمار اصطناعية وإشارة من نظام مراقبة مشترك للهجوم على الهدف "نورثروب غرومان E-8" أو 11 أشارة من نظام رادار من طائرات الاستطلاع التكتيكي،" كطائرة "غولف ستريم جي-550" المعدلة لدى سلاح الجو "الإسرائيلي".

من الثابت حتى الآن أن نظام كراسوخا-4، أو الجيل القديم كراسوخا-2، لم يتم تصديرهما لأي دولة أخرى، مما يعيق مساعي دول حلف الناتو و"اسرائيل" للحصول على بيانات مفصلة، لا سيما وأنه سيكون تحت إشراف وإدارة طواقم روسية في سوريا.

وأوضح موقع فايس Vice الأميركي الإلكتروني أن القوات الروسية في سوريا فعّلت نظام التشويش وعرقلت "وصول بيانات نظم الإحداثيات (جي بي إس) لطائرات الدرونز" أميركية الصنع، مما يعزز احتمالات وجود بيانات ذات طبيعة تقنية لدى منظومة حلف الناتو و"اسرائيل" عن نظام كراسوخا.

وكالات الأنباء والصحف العالمية أوضحت منذ عام 2015 أن الطيارين "الإسرائيليين" تدربوا على كيفية التعامل مع منظومة الدفاع الجوي إس-300 ، بالتدرب على طراز المنظومة التي اشترتها قبرص قبل 18 عاماً، ومقرها في جزيرة كريت، وتمّ تشغيلها أثناء المناورات الجوية المشتركة بين سلاحي الطيران "الاسرائيلي" واليوناني.

طلبت الولايات المتحدة من اليونان تشغيل إس-300 مرة واحدة على الأقل، مما سمح للطيارين "الإسرائيليين" معرفة طريقة عمل رادار التعقب في منظومة إس-300 للأهداف المعادية والتعامل معها وجمع معلومات عن الرادار المتقدم للمنظومة وكيفية التحايل عليه. ومن المسلمات العسكرية أن البيانات التي بحوزة "اسرائيل" عن رادار المنظومة تمّ إطلاع حلف الناتو والولايات المتحدة عليها بشكل خاص.

وكالة "رويترز" للأنباء أوردت عام 2015، عن الخبير الروسي لدى المعهد الملكي في لندن، إيغور سوتياغين، قوله إن توفير فرصة التعامل مع منظومة أس-300 الموجودة في جزيرة كريت اليونانية هو كل ما يمكن أن تطمح إليه "إسرائيل" لدراسة ترددات الرادار وذبذباته ومداه وحينها يمكن معرفة كيفية التعامل مع هذه المنظومة وتفادي أخطارها، حسب قوله.

في السياق نفسه، فالولايات المتحدة وحلف الناتو لديهما بعض الميزات التقنية التي ربما ستساعدها على "فك شيفرة" منظومة إس-300، والمتمثلة بنظام التحكم على متن صواريخ كروز الأميركية التي تعمل وفق بيانات "خريطة طريق" معدة سلفا تتحكم بوصول الصاروخ لهدفه، برغم عدم دقة الإصابة، والتي قد تعجز منظومة إس-300 عن التحكم به، وذلك قبل أن تتغلب التقنية الرقمية والتطورات الحديثة في نظم تحديد الإحداثيات للمواقع المستهدفة.

استمرار "اسرائيل" في محاولة اختراق الأجواء السورية سيتواصل، على الأرجح، بوتيرة أعلى ونطاق حذر أشد وبطريقة اختبارية وليس هجومية، بيدَ أن الكلفة التي يتعين عليها دفعها ستكون أكبر حجماً وإيلاماً عما سبق إذا لجأت لتنفيذ غارات كالمعتاد. وربما ستضطر لتشغيل مقاتلاتها الأميركية الحديثة، اف-22 و اف-35، لما تتميزان به من قدرات عالية على التخفي، وتعزيز غاراتها باستخدام منظومة تشويش الكترونية خاصة بها، طائرات "غولف ستريم جي-550".

المعلومات الاستخباراتية التي قد تجمعها المقاتلات "الاسرائيلية" ستشارك الولايات المتحدة وحلف الناتو بها أو ببعضها، وقيم الولايات المتحدة بتطوير تقنية مقاتلاتها وفق نسق ما تمّ الحصول عليه.

وفي المعلومات التقنية المتوفرة أن سطح طائرة الاستطلاع أكبر بكثير من سطح المقاتلة "الاسرائيلية،" إذ أن مساحة جناح الطائرة الروسية تبلغ 14 متراً مربعاً لكل منهما، "وتوّلد إشارة أكبر على أجهزة الرادار، ويلتقط الصاروخ المضاد تلك الإشارة ويتوجه تلقائياً نحو مصدرها لتدميره".

وحول قدرات طائرة الاستطلاع على المناورة الجوية أوضح "خوستوف" أن على متنها نظام تحذير من هجوم صاروخي، لكن من الصعب عليها القيام بمناورة سريعة والهروب بعيداً عن صاروخ يطارها.

استعراض القوة العسكرية في البحر المتوسط يشتد سخونة بين القوتين العظميين اللتان تطلقا إشارات متواصلة عن مدى جهوزيتها وتعزيز ترسانتها الحربية، جواً وبحراً.

روسيا أجرت مناورات حربية "غير مسبوقة" فوق المتوسط استخدمت فيها أسلحة وذخائر حية بعضها لأول مرة تمثل في أطلاقها صواريخ موجهة مضادة للسفن، KH-35U، حققت أهدافها في تدمير اسطول من السفن. البيانات الأولية تشير إلى أن تلك الصواريخ "عصية" على تعقب نظم الدفاع الصاروخي المعادية؛ باستطاعتها تدمير سفينة حربية زنتها 5،000 طن، من على بعد 250 كلم.

الولايات المتحدة، من جانبها أيضاً عززت من حضورها العسكري الكثيف أصلاً المنتشر في عموم المنطقة. بعد الهزائم المتتالية التي تلقتها الجماعات المسلحة في سوريا، وخسارة مؤيديها في الباكستان، وانكشاف منسوب تدهور المخطط الأميركي لتفتيت المنطقة بالصراعات الطائفية، لجأت إلى سياساتها القديمة بتشكيل "تحالفات" على غرار حلف بغداد، ظاهرها التصدي الجماعي لإيران وباطنها استخدام الأدوات العربية ضد بعضها البعض.

في هذا السياق أعلن وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، عن تشكيل "حلف استراتيجي في الشرق الأوسط"، يضم دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة للاردن ومصر، بعنوان التصدي لإيران. هذا على الرغم من أن مصر خرجت من "التحالف الذي تقوده السعودية" في عدوانها على اليمن عام 2016. من المرجح أن وجود مصر مرة أخرى يوفر غطاءً إقليمياً للتحرك الجديد، بينما استدراج الأ ردن للانضمام لا يشي بأي جديد.

استراتيجية الولايات المتحدة المفضلة هي "إدارة الأزمات،" وليس حلها، كما عبر عنها مراراً أركان المؤسسة الحاكمة مثل كيسنجر وزبغنيو بريجينسكي. حضور روسيا المكثف والمرئي هذه المرة يؤشر إلى تسعير الولايات المتحدة لساحات اشتباك أخرى.

العارفون بخبايا وأسرار منظومة الحُكم في الجزائر يؤكَّدون بأن الأمور ستسير نحو المزيد من الاحتقان والانسداد السياسي، وربما تؤدّي إلى حدوثِ اضطراباتٍ اجتماعيةٍ وأمنيةٍ مُخطَّط لها سلفاً، من أجل محاولة فرض أجندات عَصَب الحُكم التي تُدير البلاد حالياً، والتي يتّهمها الكثيرون حتى داخل النظام بأنها أدّت إلى دخول البلاد في نفقٍ اقتصادي واجتماعي مُظلِم، سيؤدّي إلى كوارث حقيقية على المدى المنظور.

تعيش الساحة السياسية الجزائرية حالياً في حال ترقّب حَذِر بعد عودة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى أرض الوطن واستقباله كما صوَّرت لنا وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة لقاءه مع المُستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي حاول الكثير من النُخَب الداعمة لاستمرار بوتفليقة لعهدةٍ خامسةٍ استغلال زيارتها للبلاد من أجل التأكيد على أن الرئيس بخيرٍ على عكس ما روَّجت وسائل إعلام محلية وحتى دولية قبل عودته إلى قصر الرئاسة بعد رحلة علاجه الأخيرة التي قادته إلى سويسرا، فالانتخابات الرئاسية المُقبلة المُزمَع إجراؤها بعد أشهرٍ قلائل تثير شهيّة الكثير من أقطاب المعارضة الذين يطمحون إلى دخول قصر المرادية، مع إقدامِ وجوهٍ جديدةٍ على الترشّحِ لأول مرة كنجل الرئيس السابق محمّد بوضياف رحمه الله، وبرلماني سابق معروف بعدائه الشديد للسلطة، والقائمة لا تزال مفتوحة لترشّح أسماء أخرى يأمل المراقبون للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الجزائر أن تحدث نقلة نوعية في مستوى الخطاب السياسي، وربما تنجح بنسبةٍ كبيرةٍ كما يرى أنصارها في تحقيق المستحيل برأيهم وهو الوصول إلى كرسي الرئاسة، إذا لم يُعلن الرئيس بوتفليقة ترشّحه لمنصب الرئاسة لعهدةٍ أخرى.

وبالمثل فإن هناك الكثير من عصب الحكم المنتمية إلى النظام السياسي المسؤول في الجزائر عن اختيار الرؤساء والذي يتكوَّن من شبكةٍ معقّدةٍ جداً ومُتشابكةٍ من كبار الجنرالات المُتقاعدين والحاليين والمجاهدين السابقين، ورؤساء المخابرات المُتبقّين على قيد الحياة وامتداداتهم داخل أحزاب السلطة الحاكِمة، والذين سيكون لهم دور محوري بارز وفعّال كالعادةِ في تحديد هوية الرئيس المقبل، والذي بالتأكيد سيكون من صناعة النظام واختياره، والعارفون بخبايا وأسرار منظومة الحُكم في الجزائر يؤكَّدون بأن الأمور ستسير نحو المزيد من الاحتقان والانسداد السياسي، وربما تؤدّي إلى حدوثِ اضطراباتٍ اجتماعيةٍ وأمنيةٍ مُخطَّط لها سلفاً، من أجل محاولة فرض أجندات عَصَب الحُكم التي تُدير البلاد حالياً، والتي يتّهمها الكثيرون حتى داخل النظام بأنها أدّت إلى دخول البلاد في نفقٍ اقتصادي واجتماعي مُظلِم، سيؤدّي إلى كوارث حقيقية على المدى المنظور. فالسلطة الحاكِمة التي أدارت الجزائر لمدّة 20 سنة، عجزت عن استثمار الأموال الضخمة والتي تُقدَّر بأكثر من 1000مليار دولار في إحداث نهضة شاملة، في كافة المجالات ومناحي الحياة، لذلك يجب عليها الرحيل وترك الفرصة لرئيسٍ ومنظومةِ حُكمٍ جديدة تعطي دفعاً قوياً لمؤسّسات الدولة، وتُنهي الجدَل الحاصل على الساحة السياسية وتنزع مختلف الذرائع عن أقطاب المعارضة وخاصة المُقيمين في الخارج، والذين بالتأكيد يُنفِّذ الكثير منهم مُخطّطات دول أجنبية تريد استغلال عَجْز الرئيس صحياً، وحال الفساد المستشري في هياكل الدولة للضغط على الجزائر للتنازُل في ملفات حسّاسة وشائكة، تُعتَبر من المبادئ الراسِخة للدولة منذ الاستقلال.

عميرة أيسر  كاتب جزائري