
Super User
بعد تكرار الأخطاء، الكرد إلى أين؟
الكرد الذين يجدون أنفسهم وحيدين في مواجهة الهجوم التركي على عفرين، فقد راهنوا خطأ على أنهم باتوا "حلفاء استراتيجيين" لقوات التحالف التي لن تسمح لأردوغان بشنّ حربه عليهم في عفرين، عِلماً أن التحالف كان قد أعلن في وقت سابق أن عفرين ليست في نطاق عملياته، وأنه مسؤول فقط عن القوى المشاركة في محاربة إرهاب داعش.
لم يأتِ الهجوم التركي على عفرين خارج سياق التطوّرات المُتلاحقة في الشمال السوري، خاصة بعد إعلان قيادة التحالف الدولي عن توجّهها لإنشاء قوّة عسكرية دعتها "حرس حدود"، تضم 30 ألف مقاتل ومقاتلة بالتنسيق مع "قوات سوريا الديمقراطية"، ثم مسارعة مصدر كردي إلى الإعلان عن اتجاه إلى تأسيس كونتون كردي مستقل، يحميه الأميركيون الذين "سيبقون في المنطقة لمنع عودة الإرهاب من جديد ومنع دول مثل إيران وتركيا من الهيمنة على سوريا" بحسب المصدر.
وبالرغم من قيام كل من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والبنتاغون بنفي تشكيل قوّة حدودية، والادّعاء بأن هذه التدريبات تجري لقوى أمنية هي لأهداف داخلية كردية، إلا أن أردوغان "الملدوغ" من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ذهب إلى الخيار العسكري الاستباقي، لعدم ثقته بتوجّهات السياسة الأميركية تجاه تركيا، خاصة بعد الانقلاب الفاشل الذي تمّ تدبيره ضده، وحيث يتّهم أردوغان الأميركيين في قاعدة أنجرليك بالتحضير له.
أما الكرد، الذين يجدون أنفسهم وحيدين في مواجهة الهجوم التركي على عفرين، فقد راهنوا خطأ على أنهم باتوا "حلفاء استراتيجيين" لقوات التحالف التي لن تسمح لأردوغان بشنّ حربه عليهم في عفرين، عِلماً أن التحالف كان قد أعلن في وقت سابق أن عفرين ليست في نطاق عملياته، وأنه مسؤول فقط عن القوى المشاركة في محاربة إرهاب داعش.
وهكذا، يسير الكرد مرة أخرى في أوهام الدعم الخارجي خاصة الأميركي لتأسيس دولتهم، ولا يبدو أنهم يتقنون قراءة التاريخ والجغرافيا، ولا يتّعظون من تجاربهم الخاصة، فها هي تجربة الاستفتاء الذي أُجري في كردستان العراق في 25 أيلول 2017 وما تلاها، ماثلة أمامهم كشاهد على مغامرة ذهب إليها مسعود البرزاني فخسر الكرد في 14 يوماً، ما كانوا قد حقّقوه من مكاسب في 14 سنة منذ عام 2003 ولغاية عام 2017. عِلماً أن التجربة الكردية العراقية مع الدعم الأميركي المُتغيّر ليست جديدة، فالملا مصطفى برزاني (والد مسعود) كان يتلقّى دعماً تسليحياً أميركياً، سرعان ما تبيّن أنه نوع من الضغوط الأميركية على صدّام حسين، لدفعه إلى توقيع اتفاقية الجزائر مع شاه إيران عام 1975، فما أن وقّعها حتى انقطع الدعم الأميركي للأكراد.
يُخطئ الكرد باعتقادهم أنهم قد يتحوّلون في الميزان الأميركي إلى "إسرائيل ثانية"، أي أن الأميركيين قد يفرّطون بكل مصالحهم في المنطقة لتكريس دويلة كردية في الشمال السوري، يدافعون عنها بكل ما يمتلكون من قوّة، إذ لا يعرف التاريخ حفظاً أميركياً لمصالح حليف سوى إسرائيل، وذلك لأن السيطرة الإسرائيلية على موازين السياسة الأميركية الداخلية ثابتة عبر اللوبي اليهودي.
من هنا، فإن أي حليفٍ للأميركيين عبر التاريخ (غير إسرائيل) لم يجد ثباتاً في الموقف الأميركي حينما تبدّلت المصالح الأميركية عبر الوقت، نذكر مثالين على سبيل المثال لا الحصر:
ها هي تركيا الحليفة التاريخية في حلف الناتو، والتي تعدّ ذخراً استراتيجياً للأميركيين في أي استراتيجية جديدة لاحتواء الروس والصينيين، انحاز عنها الأميركيون دعماً لميليشيات كردية (مُدرجَة على لوائح الإرهاب الأميركية) لحماية مصالحهم في الشمال السوري وتكريس نفوذ عسكري والسيطرة على حقول النفط في سوريا.
وها هي باكستان، الحليف التاريخي للأميركيين والذي لولاه لما استطاع الأميركيون التخلّص من طالبان في أفغانستان والسيطرة على هذا البلد منذ عام 2001، اتهّمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بـ "الكذب وخداع الولايات المتحدة وأنها تؤوي الإرهابيين في وقت تتلقى فيه مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية".
في المحصّلة، سيندم الكرد هذه المرة أيضاً على المغامرة التي انساقوا وراءها في سعيهم للسيطرة على أراضٍ سورية لتأسيس دولة كردية ليست من ضمن كردستان التاريخية أصلاً، ولا يمتلكون أكثرية كردية في المناطق التي يقولون أنهم سيأسّسون فيها دولة ستحميها طائرات التحالف بالقوّة، وسيندمون على تخلّيهم عن سياسة "مُحاباة" المحورين المُتقاتلين في سوريا، وانحيازهم إلى الأميركيين ودعوتهم لاحتلال أراضِ سورية بالقوة... فالتاريخ أكبر معلّم، وإن لم يتعلّموا أنه لا يمكن لدولة مزروعة في قلب منطقة بقوّة الحديد والنار أن تُعمّر، وإن اعتقدوا أن باستطاعتهم تشكيل إسرائيل ثانية في المنطقة لها نفس الوظيفة والدور، فسيدفعون أثماناً باهظة هم بغنى عنها.
ليلى نقولا
لماذا تسمح موسكو بعودة تركيا إلى "المنطقة الآمنة"؟
التنسيق بين موسكو وأنقرة بشأن معركة عفرين كما أفاد الرئيس التركي، قد يكون بطريقة غير مباشرة الضوء الأخضر الذي تستند إليه تركيا أملاً بإنشاء منطقة أمنية بعمق 30 كلم. لكن هذه المساومة التي توافق عليها روسيا تفترض تقديم تركيا في المقابل تنازلات صعبة ربما تتجاوز قدرتها ورغباتها. فما هي؟
اضطرار تركيا على التنازل سابقاً عن طموحات "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري، لم يكن خياراً وقناعة إرادية في لحظة من اللحظات. فهو تراجع اضطراري تحت ضغط روسي كاد أن يؤدي إلى حرب مفتوحة لم ينجح الرئيس رجب طيب إردوغان من تحويلها إلى مجابهة بين روسيا والحلف الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا بهدف توفير الحماية لتركيا ضد الاتحاد السوفيتي السابق والاتحاد الروسي اللاحق.
تسامُح موسكو عن التحدّي التركي في إسقاط الطائرة، يبدو جليّاً أنه أخذ بعين الاعتبار عدة عوامل منها المسعى الروسي لتوسيع الشرخ بين أنقرة والحلف الأطلسي. لكن الأهم هو استمالة تركيا للإنخراط في جهود عملية السلام التي تمخّضت لاحقاً عما بات يُعرف بميار آستنة ومباحثات سوتشي. وقد راهنت موسكو على أن تقوم تركيا في المساهمة بإزالة جبهة النصرة ولاسيما في إدلب وهو تحديداً ما تتهرّب منه أنقرة في عودتها إلى المنطقة الآمنة. وترهن عودتها إلى المشاركة بمسار آستنة ومباحثات سوتشي بموافقة موسكو على عملية عفرين وربما منبج تالياً.
اللافت أن الرئيس فلاديمير بوتين حرص بكثير من اللباقة على نفي التهمة عن تركيا في عدوان الطائرات من دون طيّار ضد قاعدتي حميميم وطرطوس، على الرغم من توجيه رسائل علنية إلى وزارة الدفاع التركية وقيادة الأركان في الإشارة ربما إلى أن النفي هو في معرض التنديد. فأردوغان يشير بتسهيل العملية مع قوى حليفة وربما مع واشنطن إلى استعداده للتراجع عن التنسيق مع موسكو، ردأ على تقدّد الجيش السوري وحلفائه في إدلب واستعادة مطار أبو الظهور. ولعل بوتين يشير في نفي التهمة عن تركيا إلى إمكانية الموافقة على مساومة في عفرين.
ما دفع إردوغان إلى التصعيد مع موسكو، هو على الأرجح التقارب التركي الجديد مع واشنطن على الرغم من صخب التصريحات التركية ضد الإدارة الأميركية. فالرئيس التركي يصرّح في اجتماعه الأمني الأخير مع المسؤولين "أن العملية تمضي بنجاح بالتنسيق مع الرئيس بوتين". لكنه في اجتماعه الأمني كان يستمع إلى مباحثات الأتراك مع وفد أميركي برئاسة نائب وكيل وزارة الدفاع "جانثان كوهين" بشأن التعاون في معركة عفرين. وفي الاتصال بين أنقرة ووزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون، عرض الوزير "لتحقيق الاستقرار والاستجابة لمخاوف تركيا الشرعية في إنشاء منطقة أمنية بعمق 30 كلم".
موسكو التي يلوح أمامها ضوء آخر النفق في التوصل إلى الحل السياسي في سوريا بمساهمة تركية ضرورية، وجدت أن التقارب الأميركي المستجد مع تركيا يهدّد بمخاطر إطالة الأزمة والعودة من جديد إلى مسار جنيف الذي تتجنّد له الدول الغربية وستافان ديمستورا في الدعوة إلى فيينا. وبموازاة هذه المخاطر رفضت القوى السياسية الكردية العرض الذي يفوّت الفرصة على تركيا في معركة عفرين وهو استلام المؤسسات الحكومة السورية والتنسيق مع الجيش السوري لدخوله المدينة وحمايتها.
تعتقد هذه القوى التي تشبّعت بأوهام المراهنة على الإدارة الأميركية، أن واشنطن تحمي حلفاءها في الدفاع عنهم من النحر ومن الانتحار. فتيلرسون يبرر لتركيا التعاون مع القوى الكردية بأن أميركا كانت تحتاج إلى مقاتلين على الأرض لمواجهة "داعش"، وتحتاج إليهم الآن لاحتواء إيران كما قال. وهو في الحقيقة لا يقصد إيران وحدها بل يقصد ما سماه تقرير الاستراتيجية الأميركية أعداء أميركا كالصين وروسيا وأعداء اسرائيل كإيران والمقاومة.
القوى السياسية الكردية المستعدّة للإنتحار في عفرين على الأرجح، ولا يبدو أنها مستعدّة لقراءة المتغيرات واستخلاص الدروس للتكيّف في أكثر من اتجاه ضيّق الأفق. وليست هي المرّة الأولى التي تسوق فيها الذين يراهنون على التحالف مع أميركا، إلى حتفهم كما شرح في عدة إصدارات عبد الله أوجلان.
قاسم عزالدين
كلمة الإمام الخامنئي في مؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي
يحدونا الأمل أن يتحول العالم الإسلامي إلى قوة تقهر مؤامرات الإستكبار
محاور رئيسية
• ما جرى على شعب فلسطين لا مثيل له في التاريخ
• النصر على الكيان الصهيوني لم يعد مستحيلا
• التصالح مع العدو خيانة للأمة الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قدمتم خير مقدم أيّها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات!
إنكم هنا بين إخوانكم وفي داركم.. نسأل الله تعالى أن يوفّقكم جميعًا ويعينكم ويهديكم كي تتمكّنوا من إتمام المهمة الكبيرة التي أخذتموها على عاتقكم.
لتوظيف موقعيتكم لصالح قضايا الأمة الإسلامية
لمجموعة مجالس الدول الإسلامية - التي قارب عمرها الربع قرن- مكانة هامة: أولًا، لأنّكم أنتم رؤساء وأعضاء مجالس الدول الإسلامية ممثلون لشعوبكم، وهذه نقطة مهمّة. ثانيًا ومن جهة أخرى، أنتم لا تتقيّدون بالقيود الدبلوماسيّة للحكومات، وبوسعكم طرح مطالب شعوبكم والشعوب المسلمة والأمة الإسلامية في العالم بمزيد من الصراحة وبمواقف أكثر جدية. وباعتقادي لا بد من استثمار هذه الموقعيّة المهمّة لأداء الواجب الديني والتاريخي. ذلك أنّنا نحمل على كاهلنا تجاه الأمة الإسلامية واجبًا دينيًا كبيرًا -جميعنا وجميع الذين يتبوّأون مكانة في منطقة من مناطق العالم الإسلامي؛ أنتم تمثّلون هذه الشريحة ونحن أيضًا نمثّلها- وفي أعناقنا جميعًا واجب دينيّ. أي إنّ الإسلام والدين يطالباننا بأمور، وعلينا إنجازها أولًا. وثانيًا يقع على عاتقنا واجب تاريخي كذلك. فالمرء يستشعر بأنّ العالم اليوم في طور تحوّلات مهمّة ويخوض مخاض تطوّرات مهمة، وهذا يشمل العالم بأسره، ولا يختص بمنطقة آسيا أو أفريقيا أو غرب آسيا بالخصوص. ففي جميع أرجاء العالم ثمة شعور بأن هناك تطوّرات جارية، ولا بدّ من أداء الدور فيها.
لقد تلقّى العالم الإسلامي ضربة شديدة في حقبة من الزمن، حيث تمزّق بعد الحرب العالمية الأولى، وحكم البلدان الإسلامية في غرب آسيا وشمال أفريقيا من لا يتمتّع بأيّ أهلية وجدارة، ومن دون أي مسبّب واستحقاق، فبقيت الآثار البعيدة المدى لهذا الأمر في العالم الإسلامي، فلا ينبغي السماح بتكرار مثل هذه الحادثة وهذه التجربة.
لا تسمحوا بتغييب قضايا العالم الإسلامي لدى الرأي العام العالمي
لقد أُدرجت في جدول أعمال هذا المؤتمر - وفق البرنامج الذي وُضع بين يديّ - موضوعات مهمّة، سأشير إلى بعضها لاحقًا. لكن أغفلت جملة من الموضوعات التي كان بالإمكان الاهتمام بها: كقضية اليمن وقضية البحرين اللتين تدخلان في عداد القضايا المهمّة جدًا وتشكّلان جرحًا عميقًا متفاقمًا في جسد الأمة الإسلامية، لا بد من معالجته. وقد طُرحت بالطبع قضية بورما وقضية كشمير.
إنّ توصيتي لإخواننا وأخواتنا المؤمنين والمسلمين هي ضرورة أن نتّسم بالصراحة حيال القضايا الأساسية والمسائل الحيوية في العالم الإسلامي. وإذا ما كنّا كذلك سيكون بوسعنا صناعة تيار في العالم. نحن بحاجة إلى صناعة تيار في الرأي العام العالمي وفي أفكار النخب العالمية.. ثمة حقائق موجودة لا بدّ لنا من إشاعتها وتعميمها والتأثير في الرأي العام العالمي. فلا تسمحوا بأن يتجاهلوكم ويغيّبوا قضايا العالم الإسلامي المهمّة عبر مؤامرة الصمت، وبتجاهل قضايا العالم الإسلامي الرئيسية لدى الرأي العام العالمي في معمعة الأمور الفرعية والكاذبة. ولا ينبغي السماح لإمبراطورية الإعلام الغربي الخطيرة والمهولة الرازحة في الأغلب تحت قبضة الصهاينة أن تتجاهل قضايا العالم الإسلامي المهمة، والتي سأشير الآن إلى جملة منها.
هزيمة إمبراطورية الإعلام الصهيوني الغربي ممكنة
فالقضية الفلسطينية تُعدّ من القضايا البالغة الأهمية، بل هي القضية الأهم في العالم الإسلامي، لكن يتم تجاهلها تمامًا وتجاهل هذه الضغوط المفروضة على الشعب الفلسطيني والمشاكل التي يعاني منها. باعتقادي يمكن إلحاق الهزيمة بإمبراطورية الإعلام الصهيوني الغربي، ويمكننا ذلك إذا ما شحذنا الهمم جميعًا. وأيضًا يمكن هزيمة الصهاينة في الحرب الناعمة كما هُزموا في الحرب الصلبة. وكما رأيتم، لقد هُزم الكيان الصهيوني في لبنان، وأُرغم على التراجع وعلى الاعتراف بالهزيمة، في حين كان الجميع يتصوّر بأنّ هذا الكيان لا يُقهر. وفي الحرب الناعمة أيضًا يمكن إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني وأدواته.
ما جرى على شعب فلسطين لا مثيل له في التاريخ
أودّ أن أشير إلى بعض القضايا الأساسية وهي مُدرجة كلها بالطبع في جدول أعمال هذا المؤتمر. الأولى هي القضية الفلسطينية التي لا ينبغي التغافل عنها أبدًا ولو للحظة واحدة، وهي قضية تقع على جانب كبير من الأهمية. وباعتقادي فإنّ ما حدث في فلسطين على مدى هذه الأعوام السبعين أو الثمانين الأخيرة لم يسبق له مثيل عبر التاريخ. وبحسب معلوماتي، لم تحدث قضية مشابهة لها في أي مكان، لا في زماننا ولا في الأزمنة القريبة منا ولا في أيّ فترة من التاريخ.
شعب أحتلت أرضه وهجر منها بعد مجازر جماعية لحقت به
ما هي القضية؟ القضية هي أن هناك ثلاثة أحداث فُرضت على شعب: أولًا اغتصبوا واحتلّوا أرضه، وهذا بالطبع حدث في أماكن أخرى من العالم حيث تم احتلال أراضٍ من قِبَل الأجانب، وهو ليس بالأمر الذي لم يسبق له مثيل، لكن إلى جانب هذا الاحتلال عمدوا إلى تهجير جماعيٍّ لهم. فالملايين من الشعب الفلسطيني اليوم يعيشون في المنفى، وهم مشرّدون ومُبعدون عن منازلهم ودورهم ومدنهم وديارهم، ولا يُسمح لهم بالذهاب إليها.. هذا ثانيًا، وهو التهجير الجماعي المليوني. ثالثًا، اقترنت هاتان الحادثتان بمجزرة جماعية، حيث قتلوا منذ اللحظة الأولى أعدادًا كبيرة، وأبادوا النساء والرجال والأطفال في المدن والقرى، وارتكبوا جريمة إنسانيّة كبرى.
هذه هي القضية الفلسطينية المنطوية على الاحتلال والتهجير والقتل تجاه شعبٍ، لا تجاه إنسان واحد أو مجموعة محدودة. وهي قضية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. نعم قد يكون جرى في بعض البلدان على سبيل الفرض نقل جماعة من منطقة إلى أخرى، لكن داخل بلدها، لا أن يُطرد شعب من بلده. منذ عشرات السنين والجماعات الفلسطينية قد هجّرت من فلسطين؛ إما هم أو آباؤهم وهم الآن يعيشون في المخيمات. فما معنى ذلك؟ لم يحدث مثل هذا في أي بقعة من بقاع العالم.
النصر على الكيان الصهيوني لم يعد مستحيلا
إنها قضية خطيرة وظلم تاريخي منقطع النظير واستثنائي. وهناك واجب في أعناقنا، ففي الإسلام قد اتفقت جميع المذاهب الإسلامية على ضرورة النزول إلى الساحة في مثل هذه المواطن والدفاع بكل ما أوتينا من قوة. وهذا بالتالي ما يجب القيام به.
إني أؤمن بأن مقارعة الكيان الصهيوني هذه ستؤتي ثمارها.. هذه هي عقيدتنا. ولا ينبغي أن نتصوّر بأنه «لا جدوى منها وقد فات الأوان»، لا.. ليس الأمر كذلك، فحتى لو مضت عشرات السنين، فإنها قطعًا ستؤتي ثمارها بإذن الله ومشيئته. كما أنّ المقاومة قد سارت قدمًا إلى هذا اليوم. فانظروا إلى الصهاينة الذين كانوا يرفعون يومًا شعار «من النيل إلى الفرات»، يبنون اليوم جدارًا حولهم ليتمكّنوا من حماية أنفسهم في الأراضي المحتلّة. إذًا فالمقاومة قد تقدمت وستتقدم بعد اليوم أيضًا.
التصالح مع العدو خيانة للأمة الإسلامية
إنّ فلسطين تمثّل شعبًا وبلدًا وتاريخًا.. فلسطين كما قلنا مرارًا «من النهر إلى البحر»؛ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.. هذه هي فلسطين، ولا شك في أن القدس عاصمتها، ولا يمكن الطعن بهذه الفكرة الأساسية وبهذه الحقيقة على الإطلاق. وأما ما قام ويقوم به الأمريكيون من عمل، وما ارتكبه هذا الرجل من حماقة كبيرة – بالطبع، الرئيس الحالي في أمريكا يعمل بصراحة أكبر نسبيًّا، والرؤساء الآخرون أيضًا كانوا ينتهجون هذا النهج نفسه، ولا فرق بينهم- فهو شيء لن يبلغ المقصود بكل تأكيد ولن يكونوا قادرين على تنفيذ أقوالهم.
وليلتفت الجميع إلى أن الحكومات التي تدعم اليوم أمريكا في منطقتنا ترتكب خيانة.. إنها لخيانة واضحة أن يتصالح أحد مع عدوٍ كالصهاينة: يقاتل إخوانه المسلمين، كالذي تقترفه السعودية اليوم. وهذا العمل هو حتمًا خيانة للأمة الإسلامية وللعالم الإسلامي.. هذه هي النقطة الأولى.
لا تسمحوا للفوراق المختلفة أن تثير الفرقة بيننا
النقطة الثانية هي قضية الوحدة الإسلاميّة. علينا أن لا نسمح للفوارق القوميّة والمناطقيّة واللغويّة والطائفية بأن تثير الفرقة والاختلاف فيما بيننا. هذا ما قلناه على الدوام للجميع ونقوله اليوم أيضًا: إنّنا على استعداد لأن نتعامل أخويًّا حتى مع أولئك الذين يجاهرون في معاداتنا، وهذا ما قلناه لهم أيضًا. علمًا بأن البعض لا يمكنهم القيام بهذا الأمر، وبعض الدول لا يتأتى منها ذلك. لكنّنا نؤمن بأنّ العالم الإسلامي الذي يحظى بعدد كبير من السكّان وثروات هائلة وموقع استراتيجي كبير يتمتع به اليوم سواءً في أفريقيا أم في آسيا -في الغرب منها وفي آسيا الوسطى- يستطيع من دون شكّ، عبر توحيد صفوفه أن يشكّل قوة عظمى وأن يكون مؤثرًا في العالم. وواجبنا هو العمل على تحقيق هذه الوحدة، وتضافر الجهود، ومؤازرة بعضنا الآخر، وإرسال قواتنا لمساعدة بعضنا البعض. ولا بدّ لهذه النزاعات القائمة والتي غالبًا ما نجد لليد الأمريكية والصهيونية دخالة فيها ـ فإنهم هم الذين يبثّون الفرقة والشقاق- أن تتوقّف. وعلينا الحؤول دون توفير بيئة آمنة للكيان الصهيوني عن طريق هذه النزاعات. فإن واحدة من طموحات أعداء الإسلام نشوب الاختلافات والصراعات والحروب وإراقة الدماء في العالم الإسلامي، ليتمّ على هامشها إيجاد بيئة آمنة للصهاينة. علينا الحؤول دون حدوث ذلك ما استطعنا.
لبذل الجهود في سبيل التقدم العلمي في عالمنا الإسلامي
النقطة الثالثة التي تتسم بأهمية بالغة هي بذل الجهود في سبيل التقدم العلمي. فقد استطاع العالم الغربي من خلال العلم امتلاك الثروة والسلطة الدولية، حيث تقدّم في العلم وفرض هيمنته على العالم برمته. بيد أن فقدانه للإيمان وعدم أهليّته، أدى به إلى أن يستغل العلم بالنحو السيّئ وأن يسوقه إلى حيث الظلم والاستغلال والاستعمار والاستكبار. نحن لا نريد القيام بهذه الأمور، لكنّنا مـتأخّرون من الناحية العلميّة. على العالم الإسلامي أن يسعى جاهدًا ليتقدّم شبابه في الجانب العلمي. وهذا أمر ممكن وهو ما حققناه في بلدنا، حيث رفعنا مستوانا العلمي درجات. ولقد أنجزنا كل هذا في فترة الحظر. فمنذ سنوات طويلة ونحن نعيش حالة حظر فرضته علينا القوى المعتدية، غير أنّ هذا الحظر أعاننا على أن نحقق الازدهار، وأن نفكّر بأنفسنا، وأن نستثمر طاقاتنا.
إنّنا اليوم، وفي قطاعات مهمّة، نقف على حدود العلم والمعرفة، بينما كنّا نعاني فيما مضى من تخلّف كبير. وقد استطاع شبابنا، في مجال الطب والنانو والخلايا الجذعية والتقنية النووية والكثير من العلوم الأخرى، أن يتألّقوا وأن يعملوا وأن يحققوا إنجازات كبرى. وإنّ عدد الشباب المتخرجين والعلماء في بلدنا اليوم يفوق عددهم في الكثير من بلدان العالم. وعليه، فإن واحدة من المهام التي يجب متابعتها في الدول الإسلامية على التأكيد، هي قضية التقدم العلمي، وهذا أمر ممكن. ولا بد لنا أن نتعاون في هذا المجال. ومن حسن الحظ أنّ بعض البلدان الإسلامية الأخرى أيضًا قد حققت تطورات جيدة جدًا على هذا الصعيد.
يجب فضح إدعاءات الشيطان الأكبر وكذبه
أ ــ يتشدقون بحقوق الإنسان وينتهكونها على الدوام
النقطة الأخرى هي فضح ادّعاءات الشيطان الأكبر –أميركا- الكاذبة. فللشيطان الأكبر ادّعاءات كاذبة لا بد من فضحها. ومنها قضية حقوق الإنسان. إنهم يناقضون حقوق الإنسان مع أنّهم يتشدّقون بها ويطرحونها على الدوام، والحال أنّ ممارساتهم مخالفة لحقوق الإنسان. وإنّ هذا الرجل المتربّع على الكرسي [في أميركا] اليوم يطرح هذه المسائل بشكل علني وسافر. وكذلك من كانوا قبله أيضًا، كانوا ينقضون حقوق الإنسان، لكن ليس بهذا الوضوح. أمّا هذا فيتحدث بصراحة وعلنيّة أكبر. إنّهم ينتقدون أفريقيا، والقوميّات (الأخرى) وأمريكا اللاتينية، والناس جميعًا، والمسلمين، وكل شيء؛ أي إنّهم يعملون ضدّ حقوق الإنسان، فيما هم يرفعون لواء الدفاع عن حقوق الإنسان، وهذه كذبة كبيرة لا بدّ من فضحها وتعريتها.
ب ــ يدعون مكافحة الإرهاب ويدعمون القوى الإرهابية
(ومنها) مكافحة الإرهاب، حيث يدّعون أنهم يكافحون الإرهاب. أولًا هم يدافعون عن الحكومة الإرهابية للصهاينة. فالحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة حكومة إرهابية، وهذا ما يعترفون أنفسهم به. أي إن الإسرائيليين أنفسهم لا ينكرون بأنّهم يسيّرون أعمالهم ويسيرون بها قدمًا عن طريق الإرهاب. هذا ما يقولونه هم وأحيانًا يصرّحون به. ولكن الداعم لهذه الحكومة في هذه المنطقة أمريكا بالدرجة الأولى. إذًا، فهم يدعمون هذه [الدولة الإرهابيّة]. هذا بالإضافة إلى أنهم يدعمون الإرهابيين الآخرين أيضًا. فداعش نفسها التي غدت معضلة كبرى لبعض الدول في منطقتنا، قد أسسها الأمريكيون وهذا ما اعترفوا وأقرّوا به بأنفسهم. ولطالما اتّهم هذا الرجل في دعاياته الانتخابية الحكومة السابقة بأنها هي التي أسست داعش، وهو صادق فيما يقول، وكلامه صحيح، فهم من أسّسوا داعش. وحتى هذه اللحظة الأخيرة حيث باتت داعش تلفظ أنفاسها الأخيرة في سوريا، هم يدعمونها ويدافعون عنها، وهذا ما حصل مؤخّرًا. فهم إذن يدعمون الإرهاب ويرعونه وفي الوقت عينه يرفعون راية مكافحته. وهذا ما يجب فضحه وإظهاره للعالم. ولقد قلت لكم بأنّ عليكم صناعة تيار والتأثير على أفكار النخب في العالم وعلى الرأي العالمي العام وتبيان الحقائق لهم.
وأقولها: إنّ القضايا التي نطرحها في الجمهورية الإسلامية على إخواننا ونؤكّد عليها، هي التي جرّبناها بأنفسنا وطبّقناها عمليًا، ولم يقتصر الأمر فيها على الكلام. وإن واحدة من تأكيداتي وتوصياتي لإخواننا المسلمين في اجتماعات من هذا القبيل، هي ألّا يعدّوا الأمر قد انتهى بإصدار بيانٍ ختامي. فإنّ إصدار البيان الختامي في اللجنة أو في الجمعية العامة لهذا الاجتماع أو المؤتمر، لا يعني انتهاء الأمر أو القضيّة، إنّما يمثل جانبًا من العمل، والجانب الآخر هو المتابعة والمساعدة على إنجاز المقررات. فلا بد من العمل.
يحدونا الأمل أن يتحول العالم الإسلامي إلى قوة تقهر مؤامرات الإستكبار
لقد شنّوا علينا حربًا اقتصادية، بعد أن عرفوا أهمية الاقتصاد في بلدنا، وها هم يحاربوننا اقتصاديًا منذ سنوات طويلة، وقد أوصلوا هذه الحرب إلى ذروتها، وما زالوا يمارسون علينا اليوم هذه الحرب. والحظر يشكل أحد جوانب الحرب الاقتصادية ضدّنا. لكننا بحمد لله لم نُهزم ولم نركع، وقد تغلّبنا على هذه المعضلة، وسنتغلّب عليها فيما يأتي إن شاء الله أيضًا، وسنجعل من الحظر وسيلة للازدهار بإذن الله. كما ونعتبر أن سيادة الشعب الدينية مصدرًا لتكاملنا وتقدّمنا معنويًا وماديًا. فإن لها قيمة عظيمة للغاية، وقد استفدنا منها من أجل دنيا الناس وآخرتهم.
لقد استطاع الشعب الإيراني بحول الله وقوته إحباط المؤامرات الأمريكية وسيكون بإذن الله قادرًا على إحباطها في المستقبل أيضًا. ويحدونا الأمل أن يقوى هذا الدافع في البلدان الإسلامية وفي صفوف الشعوب المسلمة بحيث يتحوّل إلى قبضة محكمة من قبل بلدان العالم الإسلامي برمتها ضدّ مؤامرات الاستكبار كلّها.
أتمنّى لكم جميعًا التوفيق وأرحّب بكم مجدّدًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيرة الامام المهدی المنتظرالقضائية والإدارية والمالية
المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً كما تواترت بذلك الأحاديث النبوية، وإنجاز هذه المهمة يحتاج الى سيرة قضائية صارمة، لذلك فهو يجسد سيرة جده الإمام علي عليه السلام الشديدة في تتبع حقوق الناس المغصوبة وأخذها من الغاصب حتى لو كانت مخبأة تحت ضرس وحتى لو تزوج بها الحرائر، و: (يبلغ من ردّ المهدي المظالم، حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يرده)1. فيبلغ من عدله أن (تتمنى الأحياء الأموات)2 أي يتمنوا عودة الأموات لينعموا ببركات عدله.
وتذكر مجموعة من الأحاديث الشريفة أنه عليه السلام يحكم بحكم سليمان وداود في قضائه, أي بالعلم (اللدني) دون الاحتجاج بالبينة3، ولعل ذلك انطلاقاً من مهمته في اقرار العدل الحقيقي دون الظاهري الذي قد تقرّه البينة الظاهرية وإن كان خلاف العدل الحقيقي وهذه حقيقة معروفة وقد شهدها التأريخ الإسلامي والانساني ويشهد التأريخ المعاصر الكثير من مصاديقها حيث يُؤدي الالتزام بالبينات الظاهرية الى غياب العدل الحقيقي وإن أقرت العدل الظاهري. وعلى أي حال. فهذه من خصوصيات عهده عليه السلام وهي تنسجم مع طبيعة الأوضاع العامة لهذا العهد.
سيرته تجاه الأديان والمذاهب
يزيل الإمام المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ مظاهر الشرك كافة ويروج التوحيد الخالص: (ولا يبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله إلاّ عُبد الله فيها ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون)4، ويقوم عليه السلام بعرض الإيمان على الجميع وينهي الحالة المذهبية فيوحد المذاهب الإسلامية ويصلح الله به أمر الأمة ويرفع اختلافها ويؤلّف قلوبها5 على أساس السنة النبوية النقية وما اُخفي أو ضيّع من قيم الإسلام الأصيلة. فهو كما قال جدّه صلى الله عليه وآله: (سنته سنتي يقيم الناس على ملتي وشريعتي)6.
ويُستفاد من بعض الروايات أنه عليه السلام يقوم بإخراج التوارة والإنجيل غير المحرّفين من غار بأنطاكية ويحاجج اليهود والنصارى بهما ويستخرج حُلي بيت المقدس ومائدة سليمان ويردها الى بيت المقدس7، ويدعمه في موقفه هذا عيسى عليه السلام الذي (يحتج به على نصارى الروم والصين)8 حيث يرفض وفود اليهود والنصارى بعد نزوله عندما يأتونه مدعين أنهم أصحابه فيردهم ويصرّح بأنّ أصحابه هم المسلمون فينضم الى مجمع المهدي عليه السلام الأمر الذي يؤدي الى رجوع النصارى عن تأليهه كما يقوم بأداء فريضة الحجّ الى البيت الحرام9 ويُدفن الى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله10.
وتذكر بعض الروايات أن المهدي عليه السلام يخرج التوراة الأصلية من جبال بالشام ويحاجج اليهود بها فيسلم منهم جماعة كثيرة11 (ثم يستخرج تاب ت السكينة من بحيرة طبرية ويُوضع بين يديه في بيت المقدس فيسلم اليهود و لا يبقى على العناد إلاّ القليل منهـم12.
محاربة البدع ونفي تحريف الغالين والمبطلين
وينفي الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ عن الدين التحريفات بصورة كاملة ويزيل كل البدع التي ورثها المسلمون من قرون الابتعاد عن الثقلين والسنة النبوية النقية وتعطيلها وهذا هو هدف ظهوره: (ليمحو الله به البدع كلها ويميتُ به الفتن كلها، يفتح الله به باب كلّ حقّ، ويُغلق به كل باب باطل)13.
وهذا أول مايبدأ به عليه السلام ، فتذكر الأحاديث الشريفة من مصاديقه هدم المقاصير التي ابتدعها بنو أمية في المساجد لعزل الإمام عن المأمومين14، ويعيد مقام ابراهيم عليه السلام الى موضعه الأصلي15 ويزيل عن المساجد كل ما اُبتدع فيها ويعيدها الى السنة الإسلامية الأولى والطريقة المحمدية16.
سيرته الادارية
ويختار المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ لحكم الأرض ولاةً هم خيرة أصحابه الذين يتحلّون بأعلى كفاءات الوالي الإسلامي من العلم والفقه والشجاعة والنزاهة والإخلاص17، وهو مع ذلك متابع لأمورهم وطريقة قيامهم بمهامهم ويحاسبهم بشدة فإن: (علامة المهدي أن يكون شديداً على العمال جواداً بالمال رحيماً بالمساكين)18، وفي عهده: (يُزاد المحسن في إحسانه ويُتاب على المسيء)19.
وهو عليه السلام شديد مع المتاجرين بالدين والمقدسات الإسلامية الساعين لإضلال الناس، يردعهم عن ذلك، وممّا يقوم به في بدايات ظهوره هو قطع أيدي سدنة الكعبة بسبب ذلك ويفضحهم أمام الناس لكي لا ينخدعوا بهم, إذ هم (سراق الله)20.
سيرته الجهادية
ويقوم الإمام المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ بالسيف، فظهوره يكون بعد إتمام الحجة البالغة واتضاح الحقائق بالكامل وفتح أبواب الحق وإغلاق الباطل ووقوع المعجزات والكرامات المبرهنة على تمتعه بالتأييد الإلهي ونصرة الملائكة البدريين له وامتلاكه قميص يوسف وعصا موسى وحجره وخاتم سليمان ودرع رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه ورايته وسائر مواريث الأنبياء عليهم السلام وإظهاره له21 وإتضاح تمثيله الصادق لمنهجهم وسعيه لتحقيق أهدافهم الإلهية وإقرار العدالة السماوية. ومع اتضاح كل ذلك لا يبقى على الباطل إلاّ المنحرفون المفسدون الذين لا يُرجى منهم إلاّ الفساد والأذى والظلم الذي يجب أن تُطهر منه الدولة المهدوية، لذلك نلاحظ في سيرة الإمام الجهادية الصرامة والحزم والحدية في التعامل مع الظالمين والمنحرفين فلا يبقى على الأرض منهم ديّار ولا يسمح لهم بالنشاط الإفسادي.
على أن الأحاديث الشريفة تصرّح بأنّ المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ يسير بسيرة أبويه رسول الله ووصيه الإمام علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ في مجاهدة المنحرفين والمبطلين فلا يبدأ القتال إلاّ بعد عرض الإيمان والدين الحق عليهم22 ومحاججتهم بما ألزموا به أنفسهم كما رأينا في قضية إخراجه التوراة والإنجيل وهذه قضية أخرى مهمة في سيرته الجهادية عليه السلام.
ويُستفاد من الروايات الشريفة أن من سيرته الجهادية تصفية الجبهة الداخلية وهي جبهة العالم الإسلامي من التيارات المحاربة المنحرفة أولاً قبل البدء بمجاهدة القوى الأجنبية، فينهي حركة السفياني ونفوذ البترية والمتأولة الجاهلين والنواصب المضلين المعاندين23 ويعقد لأجل ذلك هدنة مع الروم قبل ان يتوجه لمجاهدة اليهود ثم الروم وقتل الدجال وفتح الأرض كلّها. بل ويعمد قبل البدء بتصفية الجبهة الداخلية بتنظيم صفوف جيشه ويعيّن القادة العسكريين الأكفاء ويعقد لهم الألوية ويذهب بالعاهات والضعف عن أنصاره ويقوّي قلوبهم24 ويملأها إيماناً بالحق الذي يجاهدون من أجله ويبتليهم ويمحصهم،25 ( لكي يتحرك لانجاز مهمته الإصلاحية الكبرى بجيش عقائدي قوي ومنسجم يتحلى بالكفاءة القتالية المطلوبة والقوة المعنوية اللازمة.
سيرته المالية
يعيد المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام (التسوية في العطاء)26 الذي كان سائداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام علي عليه السلام إبان خلافته بنظام التسوية في العطاء وتابعه على ذلك ابنه الحسن عليه السلام في شهور خلافته القليلة لكنه قد غاب بالكامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من عطاء شرعي الى رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم على الباطل أو يشترون به سكوت البعض عن الحق.
والمهدي المنتظر عليه السلام يجعل بيت المال قسمة مشتركة بين المسلمين دونما تفاضل أو تمييز، فالجميع متساوون في الانتفاع من النعم الإلهية والخدمات المستثمرة من الأموال العامة، تطبيقاً لأحد أبعاد العدالة المحمدية المكلّف باقرارها. وتصرح الأحاديث الشريفة بأنه ينهي الحالة الإقطاعية حسب النص القائل: (إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع)27، والمقصود بها الأراضي الزراعية أو غيرها من الثروات والمنافع التي يعطيها الحكام للمقرّبين منهم وقد راجت هذه الظاهرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وخاصة في عهد الخليفة الثالث وفي العصر الأموي بشكل خاص.
وتتحدث الكثير من الأحاديث عن كثرة عطائه عليه السلام وتعتبرها علامة مميزة له فهو: (يحثو المال حثواً)28 عندما يُعطي من سأله، وهذا وإن كان يشير الى كرمه وكثرة الخيرات والبركات في عصره إلاّ أنها تفصح عن نقطة مهمة أخرى في سيرته الاقتصادية عليه السلام وهي سيرة إغناء الناس بما يكفيهم ويغنيهم ويجعلهم في رفاهيّة من العيش بحيث يتفرّغوا الى الطاعات والعبادة والعمل الإصلاحي الفردي والاجتماعي.
وعليه يتضح أن سيرته في المجال المالي ترتبط بمهمته الإصلاحية وإقامة المجتمع التوحيدي الخالص في تعبده لله تبارك وتعالى فالمراد منها توفير متطلبات ذلك وإزالة العقبات الصادة عنه.
الصورة العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية
ونصل الآن الى خاتمة هذا الفصل فنعرض فيها على نحو الإجمال أيضاً الصورة التي ترسمها النصوص الشرعية لدولة المهدي الموعود، عجل الله فرجه.
إنّ الدولة المهدوية إنّما تأتي لتحسم عصر المعاناة الذي عاشته البشرية طويلاً وتنهي الظلم والجور الذي ملأ الأرض نتيجة لحكم الطواغيت و حاكمية الأهواء والشهوات والنزعات المادية وبظهور الإمام المهدي المنتظر على مدى القرون. (يفرج الله عن الأمة فطوبى لمن أدرك زمانه). فالله تبارك وتعالى يحقق للأمة المسلمة, ولبني الانسان عامة, كل الطموحات الفطرية السليمة، ويزيل الشرك ويقيم المجتمع الموحّد العابد الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والمسارع للخيرات السائر في منازل الكمال ومعارج النور.
وتخرج الأرض بركاتها وكذلك السماء، وما يحصل عليه الناس ليس هو الغنى المادي فحسب بل هو (الاستغناء) حيث (يملأ الله قلوب اُمة محمدصلى الله عليه وآله غنىً ويسعهم عدله)29 أي يحرّرهم من أسر المتطلبات والحاجات المادية المعيشية المحدودة، فالمهدي المنتظر الذي يحرر المسلمين من ذل التبعية للضالّين والمنحرفين، كما صرّح به النص القائل: (وبه يخرج ذل الرق من أعناقكم)30, يحرر البشرية من ذل الحياة البهيمية والخضوع لأسر الشهوات ويفتح أمام الانسان جميع أبواب التكامل والرقي المعنوي والتكامل الروحي فيشهد عصره تطوراً فكرياً وروحياً عالياً كما يشير لذلك الإمام الباقر عليه السلام حيث يقول: (إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم)31، ومما يساعد على ذلك ـ إضافةً الى العامل المهم والرئيسي المتقدم ـ عامل ثانوي هو التطور الهائل الذي يشهده عصره خاصةً في مجال الاتصالات والذي نرى بوادره اليوم طبق القوانين العلمية أيضاً كما يشير الى ذلك الإمام الصادق عليه السلام بقوله: (إن قائمنا إذا قام مدَّ الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد, يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه)32 ولعل ذلك يكون بوسائل غيبية تمكّنهم منها المراتب الروحية السامية التي يصلون إليها وإن كان ذلك قد أصبح ممكناً بدرجة محدودة اليوم أيضاً عبر وسائل الاتصال الحديثة المتطورة، ولكن من المؤكد ـ استناداً للأحاديث الشريفة ـ أن الكثير من الحقائق والقضايا الغيبية تظهر في عصر الدولة المهدوية ويحظى الكثير من المؤمنين بمراتب عالية من معرفة أسرار الغيب وعلم الكتاب وتجاوز الأسباب والقوانين الطبيعية والكثير من الظواهر التي نعتبرها اليوم من المعجزات غير المألوفة33.
ومع توفير الدولة المهدوية لجميع عوامل التكامل المادي والروحي يقام المجتمع الموحّد الذي يعبد الله تبارك وتعالى بإخلاص فتسود العلاقات الإيمانية المحضة وتحكمه قيم من قبيل البراءة ممن (كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن) ومثل أن (ربح المؤمن على المؤمن ربا)34 فحتّى العمل التجاري يكون يومئذ عبادة خالصة لله عز وجل إذ يكون بهدف خدمة عباد الله فقط.
يقول الإمام علي عليه السلام ضمن حديث في وصف جامع لدولة الإمام المهدي العالمية: (... يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعاً وكرهاً، ويملأ الأرض عدلا وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها حتى لا يبقى كافرٌ إلاّ آمن ولا طالح إلاّ صلح ويصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض بركاتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز، يملك مابين الخافقين أربعين عاماً، فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه)35، أجل في ظل دولة المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ يتضح للعالمين أن صلاح البشرية وخيرها وتكاملها المادّي والمعنوي إنما يتحقق في ظل رسالة السماء وعلى يدي أولياء الله المعصومين ـ سلام الله عليهم ـ وهذا ما يحققه الله تعالى على يد خاتمهم وخاتم الأئمة الاثني عشر الأوصياء أي المهدي الذي وعد الله به الاُمم: (ولذلك يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء) كما أخبر عن ذلك جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله36.
________________________________________
1- إثبات الهداة: 2/410.
2- ابن حماد: 102، الطبراني الأوسط: 1 / 136.
3- كمال الدين: 411.
4- ابن حماد، 98، سنن الداني: 101، الحاوي للسيوطي: 2/ 75، لوائح السفاريني: 2/ 2 تاريخ بغداد: 9/ 471، عقد الدرر: 141.
5- غيبة النعماني: 146.
6- مسند أحمد: 2 / 240، صحيح مسلم: 2 / 915، مستدرك الحاكم: 2/ 595.
7- تاريخ البخاري: 7 / 233، مسلم: 4/ 2253، ابن ماجة: 2/ 1357، الترمذي: 4/ 512.
8- تاريخ البخاري: 1 / 263، الترمذي: 5/ 588.
9- ابن حماد: 98، ينابيع المودّة للقندوزي: 3/344.
10- ابن حماد: 99 ـ 100، عقد الدرر: 147، القول المختصر: 24.
11- ملاحم السيد ابن طاووس: 32.
12- اثبات الهداة: 3 / 506.
13- اثبات الهداة: 527.
14- اثبات الهداة: 516 ـ 517.
15- إثبات الهداة: 3/ 494.
16- مسند ابن ابي شيبة: 15 / 199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/ 77.
17- مسند ابن أبي شيبة: 15/199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/77.
18- إثبات الهداة: 3/ 449، 455.
19- إثبات الهداة: 439 ـ 440، 494، 478، 487، وراجع عقد الدرر: 135، الفصول المهمة: 298،
20- كفاية الأثر: 147، ابن حماد: 98، القول المختصر: 34، برهان المتقي: 152.
21- الكافي: 8/ 227 وعنه في إثبات الهداة: 3/ 450.
22- اثبات الهداة: 71.
23- اثبات الهداة: 71.
24- الكافي: 8/ 167، كمال الدين: 672.
25- مسند أحمد: 3 / 37، ملاحم ابن المنادي: 42، ميزان الاعتدال: 3/ 97.
26- قرب الإسناد للحميري: 39.
27- مسند أحمد: 3 / 80.
28- اثبات الهداة: 3 / 504.
29- مسند أحمد: 3/ 37.
30- الغيبة للطوسي: 185، ح 144
31- إثبات الهداة: 3 / 448، الكافي: 1 / 25، كمال الدين: 675.
32- إثبات الهداة: 3/ 450 ـ 451.
33- راجع مثلاً كمال الدين: 654.
34- مَن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: 3 / 313، تهذيب الأحكام: 7/ 178.
35- اثبات الهداة: 3/ 524.
36- مستدرك الحاكم: 4 / 465، فتن ابن حماد: 99.
النتائج الاولى لعملية "غصن الزيتون" في عفرين
خلال الأيام الثلاثة الماضية توغل الجيش التركي بـ 5 كيلومترات داخل الأراضي السورية بعد استخدام الدبابات والمدفعية والطيران في الهجوم على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية بالتعاون مع فصائل الجيش السوري الحر.
ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، أدت الاشتباكات إلى سقوط الضحايا في صفوف المدنيين. من جانبها نفت تركيا مسؤوليتها عن مقتل المدنيين وشددت أن القوات التركية لا تضرب إلا مواقع وحدات حماية الشعب.
هذا ولا يزال عدد خسائر الجيش التركي يرتفع حيث قدرت وحدات حماية الشعب خسائر القوات التركية بـ 4 عسكريين بالإضافة إلى عدد من مقاتلين من فصائل الجيش السوري الحر. كما نشرت وسائل الإعلام الكردية فيديوهات استهداف دبابة تركية بصاروخ موجه وتدميرها.
كما وقد ظهرت تقارير عن مقتل مستشارين أمريكيين في الغارات التركية في عفرين.
وتقول السلطات التركية إن الهدف من عملية "غصن الزيتون" هو إرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا. تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية وفرعاً للحزب العمال الكردستاني وتعتزم عرقلة تشكيل المنطقة الكردية المستقلة قرب حدودها.
تعد وحدات حماية الشعب قوة رئيسية ضمن قوات سوريا الديمقراطية، الشريك الأساسي للولايات المتحدة في سورية. ورغم احتجاج وغضب السلطات التركية، دعمت أمريكا هجوم قوات سوريا الديمقراطية في شرق سورية وقدمت لها الأسلحة والأموال ما أسفر عن الأزمة في العلاقات الأمريكية التركية.
لقد وضع الخلاف بين تركيا، حليف الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، والأكراد السوريين وهم الشريك الأساسي لواشنطن في سورية، الإدارة الأمريكية في موقف محرج حيث تتجنب واشنطن اتخاذ موقف محدد بهذا الشأن مما يؤكد صحة القلق التركي.
هذا ويؤدي الصراع إلى مقتل المدنيين الذين يسقطون تحت الضربات المدفعية والغارات الجوية ويتركون بيوتهم وينزحون نحو حلب تحت حماية الحكومة السورية.
الميادين تنشر وثيقة "مجموعة واشنطن" لحلّ الأزمة السورية تتضمن إشارات لوضع سوريا تحت الوصاية المباشرة للأمم المتحدة
الميادين تحصل على وثيقة خطيرة وضعتها "مجموعة واشنطن" لحلّ الأزمة السورية تتضمن إشارات إلى وضع سوريا تحت الوصاية المباشرة للأمم المتحدة، وتشير إلى تقسيم سوريا تحت مسمى اللامركزية وتشكيل حكومات مناطقية بصلاحيات كبيرة.
حصلت الميادين على وثيقة خطيرة وضعتها "مجموعة واشنطن" التي أطلقت على نفسها "المجموعة الصغيرة"، وهي المجموعة التي التقت للمرة الأولى قبل اسبوعين في واشنطن، وتضم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن، والتقت ثانية في باريس يوم الثلاثاء الماضي على هامش أعمال مؤتمر "ملاحقة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا".
وسُلمت هذه الوثيقة خلال الساعات الماضية إلى المبعوث الأممي لكي تكون ركيزة في المفاوضات السورية، كما تمّ تسليمها إلى عدد من الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية. وتتعارض وثيقة "مجموعة واشنطن" مع القرارات الدولية، لا سيما القرار 2254 الذي تطالب بتطبيقه، إذ يؤكّد هذا القرار بنصه الرسمي أن وضع الدستور الجديد هو من مسؤولية السوريين أنفسهم، فيما تتضمن هذه الوثيقة تحت عنوان "مناقشة الدستور السوري في محادثات جنيف"خارطة طريق واضحة لدستور جديد مع تفاصيل كاملة لصلاحيات الرئاسة ورئاسة الحكومة والحكومات المناطقية والقضاء والأجهزة الأمنية، وكيفية تشكيل المجلس النيابي، كما تتضمن بنوداً حول عملية الانتخاباب ومن يحق له المشاركة في التصويت وكيفية تشكيل لجان المراقبة ولجان الشكاوى.. الخ.
لا تتحدث هذه الورقة، التي حصلت عليها الميادين عن تشكيل هيئة حكم انتقالية ولا عن تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها تتضمن ما هو أخطر من ذلك، ففيها إشارات عدة لتقسيم سوريا تحت مسمى اللامركزية وتشكيل حكومات مناطقية بصلاحيات كبيرة، وإلى وضع البلاد تحت وصاية مباشرة للأمم المتحدة، كما تتضمن بنوداً مباشرة تؤدي إلى إفراغ الرئاسة السورية من صلاحياتها وتحويلها إلى رئاسة فخرية.
وتحت العنوان ذاته "مناقشة الدستور السوري في محادثات جنيف"، يكون تعيين رئيس الوزراء والوزراء "بطريقة لا تعتمد على موافقة الرئيس"، كما لا يحق للرئيس اصدار قرار بحل البرلمان.
في البند الخامس تحت عنوان "مناقشة الدستور السوري"، ورد تفصيل بشكل مبهم لكنه يدل على مسعى لتقسيم سوريا تحت مسمى "لامركزية السلطة/ موازنة المصالح الاقليمية"، لم تشرح الوثيقة كيفية "موازنة المصالح الاقليمية" لكنّ الحديث في نفس البند عن منح سلطة واضحة للحكومات الإقليمية يوضح أن الهدف هو تحويل سوريا الى ما يشبه الفدرالية.
الأمم المتحدة، بحسب وثيقة مجموعة واشنطن، سيكون لها قرار الفصل في كافة التفاصيل المتعلقة بوضع الدستور الجديد، فالمنظمة الدولية السيطرة الكاملة على مسار العملية السياسية ليس من خلال الحوار في جنيف فقط بل على مستوى وضع الدستور الجديد، ووضع اليد على كامل المسار الانتخابي مباشرة وعلى الارض، إنطلاقاً من وضع "اطار انتخابي لانتقال السلطة" إلى تشكيل وادارة لجان الإشراف، وصولاً الى معالجة الشكاوى خلال عملية الاقتراع.
المبادرة إلى العمل الصالح
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:"مَنْ جَرَى فِي عِنَان أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ".
كلما تقدم العمر بهذا الإنسان كلما ازداد تعلقه بهذه الدنيا، وهذا نابع من الأمل الذي يبقى طويلا، فلا يقصر أمله حتى مع شعوره بقرب لحظة الموت منه.
ويصف أمير المؤمنين (عليه السلام) في حكمته هذه حال الإنسان الذي جعل أمره بيد الأمل، فهو يذهب به حيث يريد، فأين حل أمله في شيء ما ذهب نحوه، لا يتفكر ولا يتدبر في أن في ذلك صلاح آخرته أو فسادها، وكلما استطال حبل الأمل المقيد في عنق هذا الإنسان أصبحت قابلية السقوط أكبر حتى تأتي لحظة الأجل فيتعثر بها الإنسان ويسقط في قبره عاجزاً عن فعل شيء.
وهذا بخلاف من كان على حذر دائم من الموت أن يحل به فبادر بالعمل الصالح متزوداً منه لآخرته فإنه لا يذهب به الأمل بعيداً في تعلقات هذه الدنيا، وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"مَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ".
ويترقّى الإنسان في حذره من طول الأمل فكلما كان أكثر يقيناً بأن الموت سيحل به ويقطع علاقته بهذه الدنيا، وبما يجري له بعد الموت من أهوال رحلة الآخرة كان أكثر حذراً من طول الأمل فيراه سبباً للغرور فيبغضه قال (عليه السلام):"لَوْ رَأَى الْعَبْدُ الأَجَلَ ومَصِيرَهُ لأَبْغَضَ الأَمَلَ وغُرُورَهُ".
ولو أن الإنسان التفت دائماً إلى أن الأجل غير معلوم متى وأين يحل به طبقاً لقوله تعالى: ﴿وإِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾ لكان في جهوزية دائمة لهذه اللحظة، وإلا لجاءت بغتة، والتجهز يكون بالإسراع إلى اكتساب الأعمال الصالحة التي هي زاد الآخرة، ولذا يقول (عليه السلام):"فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل".
ويكفي ليتفكّر الإنسان في سرعة حلول الأجل أنه يسير في كل يوم مقترباً من الموت، وفي المقابل ساعة الأجل تسير نحوه، ولا بد من نقطة التقاء سريعة قال (عليه السلام):"إذا كنت فِي إِدْبَارٍ، والْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ، فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَى".
إن الكثير من المواقف يتخذها الإنسان في هذه الدنيا بحسب أمله منها وأما من قطع أمله من هذه الدنيا وتعلقه كان بالآخرة فإنه سوف يقف موقف حق في وجه كل ظالم وجائر، ونحن نعيش أيام ولادة السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) سنتذكر موقفها في التذكير بالآخرة لأعتى الظالمين وهي وحيدة في بلاد غربة، فخاطبت يزيد بقولها: "أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسارى أنَّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة، وإنَّ ذلك لعِظَمِ خَطَرِكَ عنده، فشمَخْتَ بأنفِكَ، ونظرت في عطفِك،جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متَّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا،فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾".
ماذا ترتجي أميركا بعدوانيّتها ضد محور المقاومة؟
الأكيد، أن العالم العربي هو الآن أمام تهافت الزمن بلا زمن، لأن الخرافة تكاد تسيطر على خياله وتأخذ منه النصيب المهم من طموح شعبه المشروع، فالثقافة السياسية حين تُصاب بالنكسة على المستوى الفكري، وتتسلّل إلى العقول تعطي الغش كحاصل نهائي لما نؤمن به، وبالتالي لماذا العداء لإيران؟.
ثمة حقائق تبدو للكثير على أنها مجرد رؤى مُتاحة في الأوقات المُتآكلة لكنها بالنظر إلى جوهرها تبدو أشبه بما هو كائن خلف الستار ويبحث عمن يخرجه إلى دائرة الضوء أو على الأقل إلى دائرة البحث والاستفهام.. ليست حقائق الصراع التي نتحدّث عنها بين أميركا ومحور المقاومة هي مجرّد مشاعر تجاه مَن يرافقنا في الحياة أو مَن يكون من نصيب رؤيتنا.
هذا الأمر هو الأبسط والأسهل بالنظر إلى الحقائق الأخرى التي ستظل تشغل بالنا مثل متى يمكن أن يكون هذا المحور ضمن ثورة الواقع ومعياره الخالد؟ هذا ممكن لكن للأسف الكثير من الدول العربية اليوم تائه في الأحلام بحثاً عن الأكثر منها والوقت يضيع في أعزّ أيامه بدل الالتفاف حول المقاومة كطريق للخروج من أزماته، بل إن هناك من يظن أن الاحتراف السياسي هو من نصيب ذلك الذي يقفز على حقائق الواقع والثابت فيه، (النموذج السعودية والإمارات العربية) وهو لا يعي أن ذلك يؤدّي في النهاية إلى الأخذ بسلم الأهواء على حساب الحقيقة وما يتبعها من أخطاء ملازمة لها، والنهاية قد تكون متبوعة بالانكسار المُبرمَج لها بل والقاضي على كل أحلامها، إن دُعاة التطبيع والمُتآمرين على محور المقاومة، في أغلب الأحيان يتم ذلك بالاستهلاك السياسي وبالدوران بين خطاب مُلقى بلا هدف وبين خطاب مُنتظَر بلا تحديد مُحدّد، وهذا هو الخطأ الذي ترتكبه السعودية اليوم بوعي مُسبَق منها أو بغير وعي.
الأكيد، أن العالم العربي هو الآن أمام تهافت الزمن بلا زمن، لأن الخرافة تكاد تسيطر على خياله وتأخذ منه النصيب المهم من طموح شعبه المشروع، فالثقافة السياسية حين تُصاب بالنكسة على المستوى الفكري، وتتسلّل إلى العقول تعطي الغش كحاصل نهائي لما نؤمن به، وبالتالي لماذا العداء لإيران؟. والأكيد أنّ إيران دولة إسلامية لها وزنها ورؤيتها المُتميّزة إسلامياً وعسكرياً وحضارياً، في منطقة تعصف بها رياح التدويل سياسياً وعسكرياً، وتتمتّع بعدّة خيارات في مواجهة الرؤية الأميركية ذات النزعة الاستعلائية أو التجزيئية، فإيران الآن بقوّتها العسكرية وبالتحالف الاستراتيجي مع روسيا وبمحور المقاومة هي قوّة إقليمية في مواجهة الزحف الأميركي نحوها والاستعداء المُبرمَج للمنطقة ككل، وبالتالي فإن روسيا تنظر إلى إيران على أنها قوّة إقليمية ذات بُعد استراتيجي مهم- وبالتالي أيضاً- لا يمكن التخلّي عنها، مثلها مثل سوريا، إيران أيضاً تقف على رصيد من التاريخ السياسي والإيديولوجي يصعب اختراقه، وتمتلك من التمايز الاجتماعي أيضاً ما لا تمتلكه أية دولة في عالم اليوم بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، تمايزاً يجعلها في منأى عن التصدّع تحت أي تأثير خارجي، ولا داعي هنا للحفر في مسيرة الفكر الشيعي والمُنعرجات التي أوصلته إلى تأسيس دولته، الإمام فيها يمثّل المرجعية النهائية لأي صراع داخلي أو خارجي.
إلى ذلك باكستان أيضاً بمواقفها الأخيرة الرافضة لأي احتواء أميركي، إن حالها تشبه الحال الإيرانية، بأقل مواجهة، فقد خرجت بدورها من حفر التاريخ باتجاه الواقع وتناقضاته بحثاً عن موقع عالمي في معترك الأحداث، و تمكّنت بأقصر مسافة من بناء قوّتها النووية، إنهما إذن، معاً قوّتان إقليميتان في إطار جغرافي إسلامي يتميّز بالتحدّي الصلب ضد أميركا وبالتحديد ضد رؤيتها الاستعلائية.
لقد حاولت أميركا ولا زالت إلى جانب دول الخليج ) الفارسي)قمعهما اقتصادياً، وسياسياً، وبأدوات الفكر التكفيري الوهّابي، فما استطاعت. إذن، غياب القوّة القليمية الإسلامية في إطار موحّد أمام الأحداث التي تعصف بالمنطقة بسبب الهيمنة الأميركية لعقود مضت وارتباط البعض فيها بالقوى الأميركية يُعدّ خطأ قاتلاً ضد مفهوم التضامن العربي الإسلامي في عالم يقوم فيه كل شيء على التكتلات الاقتصادية، والعسكرية، ثم إن حضور أميركا في المنطقة بقواعد عسكرية منظورة وغير منظورة يوحي بأن عداء دول الخليج (الفارسي)لإيران قائم على تثبيت فكر الآخر (الأميركي) بالانغلاق على الذات الإسلامية، بل وترفض الرأي الآخر المُتقارب معها إسلامياً وعربياً بناء على منظور طائفي (النموذج الوهّابية).
إن التقارُب الحضاري في عصر العولمة الأميركية صار أكثر من ضرورة، ولكن ينبغي ألا يكون إقصائياً وأن يأخذ من السياقات التاريخية للأحداث المُتشابهة أهم منطلقاته، إن أوروبا الآن على عتبة الاتحاد الكامل، في حين العالم الإسلامي لازال بعيداً بل إنه يعيش الورشة تلو الأخرى للتشتيت رغم الحاصل الديني الذي يغطي كل مفاهيمه ومُصطلحاته. ولو نظرياً لدى دول الخليج، لقد تجاوزت أميركا بعضاً من أخطائها بالاتفاق النووي رغم امتعاض دونالد ترامب من سوء تقدير لعواقبه على إسرائيل ودول المنطقة، وثمة فرق بين مَن يرى فيه التحدّي الإيراني الصلب وبين مَن يرى فيه الخطأ القاتل ضدّه تشويهاً لواقع الحال، إن الذين رحبوا بالاتفاق النووي مع إيران هم الأغلبية الفاعِلة في الساحة الدولية والاقليمية، لكن الرافضين هم الأكثرية في التشويه للحقائق والمُتفاعلين مع الإجرام السياسي الأميركي وعلى رأسهم السعودية وإسرائيل وهم - بالتأكيد - لا يمتلكون أي تأثير واعِد وفاعِل على الساحة الدولية والإقليمية خاصة السعودية. إن دولاً مثل: سوريا والجزائر يمكن توصيفهما ضمن الدول المؤثّرة في المحور الناشئ بنسب متفاوتة ومنفردة مع الأسف. سوريا تواجه رياح التغيير في الشرق الأوسط وفق معادلة سياسية عنوانها عالم مُتعدّد الأقطاب مع الاحتفاظ بالثابت والتعامل مع الُمتغيّر وفق معطيات الواقع وآلياته، والجزائر تحاول تخطّي مسارات العنف الدموي في العالم العربي بالمُصالحة وتوحيد الرأي العربي حولها قصد الخروج من النفق المُظلم الذي أحدثته خرافة "الربيع العربي "المشؤوم.
السيسي وعنان يعلنان ترشحهما في الانتخابات الرئاسية المصری
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلن عن ترشحه لولاية رئاسية جديدة، ويعد بأن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة "عنواناً للشفافية"، وفي وقت لاحق رئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان يعلن ترشيح نفسه في الانتخابات أيضاً.
الرئيس المصري يعلن ترشيحه متمنياً من الشعب المصري أن يظهر للعالم حجم مشاركته في الانتخابات
أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترشحه لولاية رئاسية جديدة في مصر.
وخلال الحفل الختامي لمؤتمر "حكاية وطن" الجمعة تعهد السيسي بـأن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة "عنواناً للشفافية".
واعتبر السيسي أنه تحمل المسؤولية وبذل كل الجهد لصيانة الأمة، بحسب تعبيره، مؤكّداً أنه لا يستطيع البقاء على غير إرادة الشعب المصري.
وتمنى السيسي من الشعب المصري أن يظهر للعالم حجم مشاركته في الانتخابات الرئاسية "بغض النظر عن الاختيار".
وقال الرئيس المصري "بناء الدولة بياخد من 16 إلى 20 سنة، أنا بحاول أخلصها في التنمية (8 سنوات) بإذن الله".
اسمحوا لي أن أُعلن ترشحي لفترة رئاسية قادمة، وما أتمناه منكم أن تظهروا للعالم حجم مشاركتكم في الانتخابات الرئاسية بغض النظر عن الاختيار #حكاية_وطن
وفي وقت لاحق أعلن رئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان ترشيح نفسه في الانتخابات.
وقال عنان في كلمة نشرت على صفحته الرسمية على فيسبوك مخاطباً الشعب المصري "أعلن أمامك اليوم أنني قد عقدت العزم على تقديم أوراق ترشحي لمنصب رئيس الجمهورية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات وفق ما هو معلن من قواعد ومواعيد تنظيمية فور انتهائي من استيفائي إجراءات لابد لي كرئيس أسبق لأركان القوات المسلحة المصرية من استيفائها وفقاً للقوانين والنظم العسكرية".
كما دعا عنان مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية إلى الوقوف على الحياد بين جميع من أعلنوا نيتهم الترشح للرئاسة.
وقال عنان في كلمته إنه شكّل فريقه الرئاسي المدني الذي يضمّ هشام جنينه وهو شرطي وقاض سابق كان يشغل منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وأقاله السيسي في 2016.
وأضاف "قد كونت بالفعل نواة مدنية لمنظومة الرئاسة تتكون من السيد المستشار هشام جنينة... نائباً لي لشؤون حقوق الإنسان وتعزيز الشفافية وتفعيل الدستور."
كما اختار عنان حازم حسني وهو أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة متحدثا باسمه.
وستجرى الانتخابات فيما بين 26 و28 آذار/ مارس على أن تجري جولة الإعادة فيما بين 24 و26 نيسان/ Hبريل في حالة عدم حصول مرشح على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى.
ويبدأ تلقي طلبات الترشح في انتخابات الرئاسة السبت لكن يبدو أنّ أيّاً من الساعين للترشح باستثناء السيسي لم يحصل على تأييد العدد المطلوب من أعضاء مجلس النواب أو الناخبين لقبول أوراقه.
ووقع مئات من أعضاء مجلس النواب استمارات تأييد للسيسي في حين أن عدد النواب المطلوب تأييدهم للمرشح 20 نائباً.
ولا يجوز للنائب تأييد أكثر من مرشح.
وعوضاً عن ذلك يلزم للترشح تأييد ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها.
نصر الله: تفجير صيدا بداية خطيرة وكل المؤشرات تدلّ على تورّط إسرائيل
أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله يتحدث في خطاب تكريمي للشهداء بمناسبة أربعين الحاج فايز مغنية والد الشهيد عماد والذكرى السنوية لشهداء المقاومة القنيطرة ويؤكد أنّ التفجير الأخير الذي وقع في مدينة صيدا جنوب لبنان بداية خطيرة وأن كل المؤشرات تدلّ على تورط إسرائيل، كما تطرّق نصر الله إلى أزمة التطبيع مع الاحتلال والانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة وآخر تطورات المنطقة.
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله أنّ كل المؤشرات تؤكد وقوف إسرائيل وراء تفجير صيدا الأخير جنوب لبنان والذي أدى إلى إصابة أحد كوادر حماس، واصفاً الخطوة بـ "البداية الخطيرة".
وخلال خطاب له بمناسبة ذكرى شهداء القنيطرة وأربعينية الحاج أبو عماد مغنية تمنّى على الدولة اللبنانية التعامل مع تفجير صيدا إذا ثبت ضلوع إسرائيل على أنه خرق للسيادة وعدوان على البلاد.
وتساءل الأمين العام لحزب الله "هل يصحّ غضّ الطرف عن عمليات القتل الإسرائيلية في لبنان وكيف نتغنّى به بلداً آمناً إذا كان كذلك؟.. تفجير صيدا هو بداية خطيرة وأنا أدقّ ناقوس الخطر وعلى الدولة تحديد تصرفها عند حسم التحقيق".
وفيما يتعلق بالاتهامات الأميركية الأخيرة لحزب الله بتجارة المخدرات، ردّ نصر الله بالقول إنها "افتراءات ظالمة ولا تستند إلى أي واقع" وأنها تأتي في سياق تشويه سمعة الحزب، مضيفاً أنّ "الاتجار بها حرام علينا بالنسبة لنا وحتى لو كان بيعها للمجتمع الإسرائيلي".
كما رأى أنّ الاتهامات الأميركية تهدف لتقديم الحزب على أنه "منظمة إجرامية".
ودعا وزارة العدل الأميركية للقيام بتحقيق في لبنان وأمل من المسؤولين اللبنانيين عدم التحريض على حزب الله.
كما أوضح أنّ الحزب قرر عدم القيام بأي عمل تجاري لأسباب عدة، من بينها العقوبات والحرص على رجال أعمال لبنانيين، لافتاً إلى أنه ليس لدى الحزب مال لاستثماره ولا شركات ولا جهات مستثمرة.
وأكد أيضاً أنه لا عمل لحزب الله في مشاريع استثمار تجري في المناطق التي حُررت في سوريا والعراق، وأنّ الحزب لم يفوض أحداً بالقيام بأي استثمار باسمه، على حد تعبيره.
الأمين العام لحزب الله شدد أيضاً على أنّ الحزب أثبت أنه من أهم القوى التي تقاتل الإرهاب والجماعات الإرهابية في المنطقة.
على الإسرائيليين أخذ تحذيرات الدولة اللبنانية بكل جدية
على صعيد آخر، قال نصر الله إن هناك 13 نقطة حدودية مع فلسطين المحتلة متنازع عليها مع الإسرائيليين، ولفت إلى أنّ إسرائيل أرادت استحداث نقاط على الحدود والحكومة اللبنانية رفضت أي استحداث لهذه النقاط.
كما أشار إلى أنّ الحزب يقف إلى جانب الدولة والحكومة والجيش، وأنّ على الإسرائيليين أخذ تحذيرات الدولة اللبنانية بكل جدية.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لحزب الله أنّ "المقاومة ستقف بحزم إلى جانب الدولة اللبنانية جيشاً وحكومة في رفض أي تغيير في النقاط على الحدود".
رسالة لواشنطن: إذا أردتم عدم عودة داعش أطلبوا من حلفائكم عدم دعمه
من جهة أخرى وصف الأمين العام لحزب الله الإعلان الأميركي ببقاء قواتها في العراق وسوريا تحت عنوان "منع عودة داعش" يؤكد "النفاق الأميركي".
واعتبر أنّ ما جرى في الأيام الأخيرة يؤكد ماهية الأهداف الأميركية في المنطقة، وأن واشنطن أوجدت داعش كذريعة لعودة الأميركيين إلى المنطقة وخصوصاً إلى العراق.
وتوجه الأمين العام لحزب الله للأميركيين بالقول "إذا أردتم عدم عودة داعش أطلبوا من حلفائكم في المنطقة والعالم عدم دعمه وعدم السماح بعودته".
وأشار إلى أنّ القواعد الأميركية في المنطقة ليست هي الحائل دون عودة داعش وما يردده الأميركيون مجرد نفاق ودجل.
مخرج الفيلم الأميركي "ذا بوست" موّل عدوان إسرائيل على لبنان بمليون دولار
وبخصوص أزمة التطبيع مع إسرائيل أكّد نصر الله أنّ لبنان ملتزم بعدم التطبيع داعياً لمعالجة أي إشكال بهذا الصدد تحت أي عنوان كان، وتابع قائلاً "كثيرون في لبنان لن يتسامحوا مع أي خطوة تتعلق بالتطبيع مع إسرائيل".
ولفت إلى أنه من قرارات جامعة الدول العربية التي لا تنفذها بعض الدول عدم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وأوضح نصر الله أنّ المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ وهو مخرج فيلم "ذا بوست" الذي سمح بعرضه في الصالات اللبناني بناء على موافقة من وزير الداخلية، أعلن دعمه للعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وقد دفع من ماله الشخصي مليون دولار.
واعتبر نصر الله أنّ قرار السماح بعرض فيلم المخرج الأميركي في بيروت هو قرار خاطئ آملاً معالجته.
سنحمي قدسنا وأنظمة عربية تضغط على الفلسطينيين من أجل القبول بالفتات
وأضاف أنّ إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مصطلح "الإرهاب الإسلامي "هو من أهم دلائل عدائه للاسلام، رافضاً وصف الإرهاب الأميركي بأنه "إرهاب مسيحي" لأن في ذلك تجنياً كبيراً على المسيحيين.
كما رأى أنّ إهانة ترامب للدول الأفريقية ولهايتي استكمال للاستبداد الأميركيي، لافتاً إلى أنّ الإدارة الأميركية تواصل مساعيها لتصفية القضية الفلسطينية عبر وقف الدعم لوكالة الأونروا بعد قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وفي سياق متصل، قال نصر الله إن هناك أنظمة عربية تضغط على الفلسطينيين من أجل القبول "بالفتات الذي يعرض عليهم."
نصر الله رفض بالمطلق الهيمنة الأميركية، مؤكداً الوقوف الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني ومواجهة التحديات".
وختم بالقول "سنحمي مقدساتنا وقدسنا ولن نتخلى عن واجبنا".
نستبعد تأجيل الانتخابات
وفيما يخص الانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة، قال نصر الله "دخلنا بقوة في مرحلة الانتخابات ونستبعد أن تكون أي من القوى السياسية تريد تطيير أو تأجيل الانتخابات".
ورأى نصر الله أنّ لبنان لا يُحكم بغالب أو مغلوب ولا يصح أن يُعزل فيه أحد ومن مميزات القانون النسبي تمثيل أحجام الكل.
نصر الله رفض بدوره عزل أي فريق حتى ولو كان خصماً سياسياً وأضاف أنّ لبنان يستمر بالحوار والتواصل وعدم الإقصاء.