
Super User
الدرس الخامس: الفرقة الزيدية تاريخها وعقائدها
من الفرق الثلاثة الشيعية المشهورة والمتواجد أتباعها خاصة في اليمن والحجازهي فرقة الزيدية والتي تنتسب إلی زيد بن علي بن الحسين (ع) ، حيث اعتبرت زيداً اماماً بعد وفاة أبيه السَّجاد(ع)، وقبل أن نتطرق إلی تاريخ هذه الفرقة الشيعية وعقائدها لابدَّ من معرفة زيد الثائر الشهيد وأفکاره وأسباب قيامه ضد الاُمويين ونتائج ثورته.
ملامح من شخصية زيد وقيامه
لإلقاء الضوء على شخصية زيد بن علي وثورته وقصة استشهاده نقتبس ما أورده المرحوم السيد محسن الأمين فيه في كتابه (المجالس السنية): كان زيد بن علي بن الحسينG عين إخوته بعد أخيه أبي جعفر الباقر(ع) وأفضلهم، وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخياً شجاعاً وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويطلب بثارات الحسين(ع) ...وأقبلت الشيعة تختلف إليه وهم يبايعونه، حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة. فحاربه يوسف بن عمر الثقفي، فلمَّا قامت الحرب انهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد القتال وهو يقول متمثلاً:
فذلُّ الحياة وعزّ الممات
فإن كان لابدَّ من واحـد
وكلاً أراه طعامـاً وبيلا
فسيري إلى الموت سيراً جميلا
وحال المساء بين الصفين، وانصرف زيد وهو مثخن بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته، وطلبوا من ينزع السهم فأتي بحجَّام، فاستكتموه أمره، فأخرج النصل فمات من ساعته، فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجري الماء على ذلك، وحضر الحجَّام وقيل عبد سندي مواراته فعرف الموضع، فلمَّا أصبح مضى إلى يوسف فدلّه على موضع قبره فاستخرجه يوسف بن عمر وبعث برأسه إلى هشام وبعثه هشام إلى المدينة فنصب عند قبر النبي(ص) يوماً وليلة. وكتب هشام إلى يوسف بن عمر أن اصلبه عرياناً فصلبه في الكناسة فنسجت العنكبوت على عورته من يومه ومكث أربع سنين مصلوباً، حتى مضى هشام وبويع الوليد بن يزيد،([1]) فكتب الوليد إلى يوسف بن عمر: أما بعد فإذا أتاك كتابي فاعمد إلى عجل أهل العراق فاحرقه ثم انسفه في اليمِّ نسفاً،...»([2])، ولقد نفّذ يوسف ما أمره سيّده فأحرق جسد زيد بن علي ورماه في نهر الفرات([3])، وکان ذلك في الثالث من شهر صفرسنة 122 هـ (على رواية المفيد)، وكان عمره يوم شهادته ستّاً وخمسين سنة ([4]). وقد صرّح الإمام الصادق (ع) بعاقبة هذا الأمر بقوله : « إنَّ الله عزَّ ذكره، أذن في هلاك بني اُمية بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيّام »([5]).
الزيدية ومکانتها بين الفرق الإسلامية
يتصور البعض أنَّ تسمية (الزيدية) بمعنی :أنّ هذه الفرقة تلقّت أُصولها وفروعها من إمامهم زيد الشهيد، كما أخذت الأشاعرة أُصولها من الشيخ الأشعري، والحنفية من إمامها أبي حنيفة.ولكن هذه التسمية بهذا المفاد خاطئة ، لأنّه لم تكن لزيد عقيدة خاصة في المسائل الكلامية حتى يكون أتباعه يعتقدون بها، كما أنّه لم يكن له كتاب فقهي استدلالي حتى يرجع المقلِّدون، إليه في الفروع. وأيضاً الزيدية نسبة لم يطلقها زيد على اتباعه ، ولا اطلقها في البداية اتباعه على انفسهم ، وانما اطلقها حكام بني امية على كل ثائر عليهم بعد الامام زيد من اهل البيت النبوي ... فالتسمية هذه تسمية سياسية في الاصل ولا دخل لها في ما تعارف عليه الناس في النسبة المذهبية الى ائمة المذاهب الاسلامية، ولكن أتباع زيد قبلوا بهذه التسمية ورضوا بها لانها شعار الحرية والعزة والكرامة والجهاد والتضحية في سبيل الله والمستضعفين.
إنَّ الإتجاه السني في تصنيفه للفرق الشيعية ، يعتبر الزيدية من الفرق الشيعة المعتدلة حيث لايبطلون امر خلافة الشيخين ابي بكر وعمر، وإن اختلفوا في خلافة عثمان ،واتَّفقوا علی تخطئة الخلفاء الثلاثة لتقدمهم علی الإمام علي(ع) الأفضل ولکن قبلوا بخلافة المفضول للمصلحة، ثمَّ وصول الخلافة إلی الأفضل وهو الإمام علي (ع) بنص من رسول الله (ص) بتسميته أودون تسمية، لكنَّه صاراماماً حين دعا الى نفسه. وتورد كتب السنة حادثة تدل على اعتدال الحركة الزيدية وانَّ زيد بن علي اعتبر الخليفتين أبابكر وعمر مفضولين يجوز ان يتقدما في الخلافة على الفاضل وهو الامام علي (ع) ، فينقلون کلاماً عن زيد أنَّه قال: « كان علي بن ابي طالب (ع) افضل الصحابة على الاطلاق ، وان الخلافة فوضت الى ابي بكر لمصلحة رأوها من تسكين ثائرة الفتنة ، وتطييب قلوب العامة ، فان عهد الحروب التي جرت ايام النبوة كان قريبا ، وسيف امير المؤمنين علي (ع) لم يجف بعد من دماء المشركين ، فكانت المصلحة ان يكون القائم بهذا الشأن من عرفوه باللين والتوئدة والتقدم بالسن والسبق في الاسلام ، والقرب من رسول الله(ص) ([6]).
الفرق الزيدية وعقائدها
قد ذكر المؤرخون للزيدية فرقاً متعدِّدة، فعدَّهم الأشعري إلی ستة فرق ، وبين مضيف إلی ثمانية وهو المسعودي، وبين مقتصر على ثلاثة فرق وهو نشوان الحميري ونکتفي بما ذکره الأشعري حيث کان أقدمهم:
الفرقة الاُولی- الجارُودية([7]): وهم أصحاب « أبي الجارُود». وإنّما سمّوا «جارُودية» لأنّهم قالوا بقول: «أبي الجارود» يزعمون أنّ النبي (ص) نصّ على علي بن أبي طالب بأوصافه لا بإسمه، فكان هو الإمام من بعده وأنّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول صلى الله عليه و آله (ص) ثمَّ «الحسن» من بعد علي هو الإمام ثم «الحسين» هو الإمام من بعد الحسن.
الفرقة الثانية- السليمانية([8]) :أصحاب «سليمان بن جرير الزيدي» يزعمون أنّ الإمامة شورى وانّها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وانّها قد تصلح في المفضول وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر.
الفرقة الثالثة- ألصالحية أوالبترية:أصحاب «الحسن بن صالح بن حي» وأصحاب «كثير النواء» وإنّما سمّوا «بترية» لأنّ «كثيراً» كان يلقب بالأبتر، يزعمون أنّ علياً أفضل الناس بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله (ص) وأولاهم بالإمامة، وأنّ بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطأ، لأنّ علياً ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمان وفي قتلته ولايقدمون عليه بإكفار.
الفرقة الرابعة- النعيمية:أصحاب «نعيم بن اليمان» يزعمون أنّ علياً كان مستحقاً للإمامة وأنّه أفضل الناس بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله (ص) ، وأنّ الأُمّة ليست بمخطئة خطأ أثم في أن ولّت أبا بكر وعمر رضوان اللَّه تعالى عليهما، ولكنها مخطئة خطأ بيّناً في ترك الأفضل وتبرّأوا من عثمان ومن محارب علي وشهدوا عليه بالكفر. (وهذه الفرقة تقترب من السُّليمانية وربَّما تکون فرعاً منها).
والفرقة الخامسة- الصَّباحية:يتبرّأون من أبي بكر وعمر ولا ينكرون رجعة الأموات . ( واکتفی الأشعري بوصفها هکذا ولم يذکر اسمها وهي الفرقة الصَّباحية وهم أتباع الصَّباح المازني).
والفرقة السادسة اليعقوبية:يتولّون أبا بكر وعمر، ولايتبرّأون ممن تبرأ منهما، وينكرون رجعة الأموات ويتبرّأون ممن دان بها وهم «اليعقوبية» أصحاب رجل يدعى «يعقوب»([9]).
لقد تعرفت على كلمات المؤرّخين في فرق الزيدية، و أنّ هذه الفرق، كلها قد بادت مع بقاء الزيدية بالمفهوم العام وهو القول بإمامة زيد والخروج على الظالم واستمرار الإمامة في الحسن والحسين (ع) من ولد فاطمة (س)، وأنّ الإمامة بالطلب والفضل وأمّا أسماء تلك الفرق والعقائد المنسوب إليهم فلا توجد اليوم إلّا في بطون الكتب والمؤلّفات في الفرق الإسلامية كالملل والنحل ونحوها ، فالبحث عن هذه الفرق من ناحية إيجابياتها وسلبياتها ليس مهماً ، وإنّما اللازم دراسة المفهوم الجامع والعقيدة المشترکة بين فرق الزيدية الموجودة في عصرنا والتي أغلبها تسکن اليمن([10]).
مرجع الزيدية في الأصول والفروع
لا مغالاة إذا قلنا: أنَّ المذهب الزيدي ممزوج ومنتزع من مذاهب مختلفة في مجالي الأصول والفروع فالتقت الزيدية في العدل والتوحيد، مع شيعة أهل البيت جميعاً، إذشعارهم في جميع الظروف والأدوار، رفض الجبر، والتشبيه، كما أنّهم التقوا في الأُصول الثلاثة: الوعد والوعيد،والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع المعتزلة حيث أدخلوا هذه الأُصول في مذهبهم، وحكموا بخلود مرتكب الكبيرة في النار إذا مات بلا توبة، وحرمانه من الشفاعة ، كما جعلوا الفاسق، في منزلة بين المنزلتين فهو عندهم لا مؤمن ولا كافر بل هو فاسق، أخذاً بالأصل الثاني، ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول والسيف مع اجتماع الشروط أخذاً بالأصل الثالث.
وفي الفروع وإستنباط الأحکام الشرعية التقت الزيدية مع الإمامية في إنفتاح باب الفقه والإجتهاد، وکذلک فتح باب الإختيار من المذاهب الاُخری فتراهم يوافقون أهل السنّة في القول بحجّية القياس والاستحسان والإجماع بما هو هو، دون كونه كاشفاً عن قول المعصوم، وحجية قول الصحابي وفعله، ولذا يمکن القول بأنّ الزيدية في الغالب معتزلة في الأصول وأحناف في الفروع، ولذلك صاروا أكثر فرق الشيعة اعتدالًا- عند أهل السنّة- وميلًا إلى التفتح معهم .
نعم كانت عناية مشايخ الزيدية في العصور الأوّلية، بالنقل عن الصادقين والأخذ بقولهما أكثر من الذين جاءوا بعدهم ، وهذا أحمد بن عيسى بن زيد، مؤلف الأمالي قد أكثر فيها النقل عنهما وعن غيرهما من أئمة أهل البيت (ع)، ولكن أين هو من البحر الزخار لابن المرتضى (840- 764 هـ ) أو سبل السلام للأمير محمد بن إسماعيل الأمير اليمني الصنعاني (1182- 1059هـ) ، أو نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار للشوكاني (1250 - 1173هـ)، فإنهم لايصدرون في عامة المسائل إلّا ما شذ، إلّا عما يصدر عنه فقهاء أهل السنة، فالمصادر الحديثية هي الصحاح والمسانيد، والحجج الفقهية بعد الكتاب والسنّة، هي القياس والاستحسان، ولا تجد لأئمة أهل البيت أقوالاً تذکر و يستند إليها في الأصول والفروع إلاَّ القليل و نسوا أو تناسوا مقامهم العلمي و ذخائرعلومهم. ولكنّ تبقی العلامة الفارقة والنقطة الشاخصة التي تميز هذا المذهب عما سواه من المذاهب، ويسوقهم إلى التفتح مع الإمامية والإسماعيلية هو القول بإمامة علي والحسنين بالنص الجلي(بأسمائهم) أو الخفي(بأوصافهم) عن النبي الأكرم (ص) والقول بأنّ تقدم غيرهم عليهم كان خطأ وباطلاً، هذا هو واقع المذهب الزيدي في الأصول والفروع وسنذکر مقتطفات من آرائهم في هذا المجال ([11]).
مقتطفات من عقائد الزيدية
سنذکر هنا مقتطفات من رؤوس عقائد الزيدية استخرجت من كتاب القلائد في تصحيح الاعتقاد، المطبوع في مقدمة البحر الزخار للإمام المرتضى والمؤلف ممَّن يشار إليه بين علماء الزيدية، ومن أحد أئمة الفقه والاجتهاد في القرن التاسع، وفي هذه القائمة الموجزة لعقائدهم يتجلى مدى انتمائهم، للمعتزلة أو للسنّة والشيعة :
1- إنَّ صفات الله عين ذاته، ويمتنع رؤية الله لا في الدنيا ولافي الاخرة، وأنَّ القرآن محدث، والزيدية تشترک مع الإمامية في هذه الإعتقادات.
2- حسن الأشياء وقبحها عقليان: على أنّه يقبح الشيء لوقوعه على وجه من كونه ظلماً أو كذباً وهو قول أكثر الزيدية، وقد وافقوا الإمامية في ذلک.
3- تكليف ما لا يطاق قبيح: فتكليف الضرير بنقط المصحف وتکليف من لا جناح له بالطيران معلوم قبحه ضرورة عقلية، ولقوله تعالى: « لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَ ... » ([12]). وقد وافقوا الإمامية في ذلک.
4- الوعد والوعيد أوالمنزلة بين المنزلتين: وهو أصل في كلام المعتزلة والزيدية والغاية المتوخاة منها، الحكم بخلود المسلم الفاسق، أي: خلود مرتكب الكبيرة الذي مات بلا توبة في النار وهو لا مؤمن ولا كافر، بل فاسق وفي منزلة بين المنزلتين وهذا أحد أُصول المعتزلة لكن الزيدية أدخلوه في أصل الوعد والوعيد.
5- النص على إمامة عليّ والحسنين: وقالت الأشعرية: لم ينص (ص) على إمام بعده، وقالت الإمامية: بل نصّ على عليّ والحسنين وسائر الأئمة من ولد الحسين للأخبار المشهورة.
6- جواز خروج امامين في قطرين: ويکون کلُ واحد منهما واجب الطَّاعة في قومه، بينما عند الإمامية لا يجوز ذلک، ويصح أن يکون في الوقت واحد إمامان أحدهما ناطق والآخر صامت.
7- خطأ المتقدمين على عليّ في الخلافة قطعي، لمخالفتهم، ولا يقطع بفسقهم إذ لم يفعلوه تمرداً بل لشبهة فلا تمنع الترضية عليهم لتقدم القطع بإيمانهم فلا يبطل بالشك فيه.
8- القضاء في فدك کان صحيحاً: وقالوا: لو كان باطلًا لنقضه علي ([13])، ولو كان ظلماً لأنكره بنوهاشم والمسلمون، وخالفوهم بعض الزيدية.
9- خطأ طلحة والزبير وعائشة قطعي لنکث البيعة وبغيهم على إمام الحقّ في حرب الجمل، ولکن قالت أکثر الزيدية أنّه قد صحت توبتهم، وقالت أکثر الزيدية أنّ معاوية فاسق لبغيه، ولم تثبت توبته فيجب التبرّي منه.
10- يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول والسيف مع اجتماع الشروط لقوله تعالی: «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ...» ([14])، ولقوله تعالی: «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي...» ([15]). وقالت الإمامية: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسيف بشرط وجود الإمام المعصوم(ع).
مذهب الزيدية في العصر الحاضر
إنّ السيد العلامة بدر الدين الحوثي الحسني اليماني المعاصر([16]) نشر كتيباً باسم «الزيدية في اليمن» بيّن فيه ملامح مذهب الزيدية وعقائدهم ومصادرهم الكبرى في مختلف العلوم، وهو بكلامه في هذا الکتاب يتفتح على الإمامية وقد جاء في هذا الکتاب :الزيدية عنوان لطائفة عظيمة من طوائف المسلمين كان لها حضورها الملموس في ميداني الفكر والبسالة تحت ظلال قائدها العظيم الإمام زيد بن علي شهيد الحقّ والعدل والكرامة، ولئن كان لكل طائفة معالم بارزة تتميز بها وتعرف من خلالها، فانّ للزيدية معالم بارزة يراها لها الموالف والمخالف:
أحدها: وهو أولاها: المنزلة المنيفة التي يتبوّأها العقل عندها حيث تجعله الحاكم الذي لا يتعقبه أي حاكم غيره، والحجّة التي بها استحق الإنسان الخطاب من ربّ العالمين، ومن خلاله استوحت أُصول عقيدتها حين أقصاه الآخرون وصغروا عظيم منزلته.
ثانيهما: احترام آراء الآخرين من المخالفين لها في الأُصول والفروع وعرضها عرضاً رفيقاً بعيداً عن أي تجريح أو تبديع أو تضليل.
الثالث: صيحتها في وجه الظلم والاستبداد، والقهر، وسحق الكرامات حين تحوّلت الخلافة إلى ملك عضوض، وحين تغيرت وشوهت بعض مفاهيم الإسلام الناصعة على يدي حكام متسلطين لا يمتلكون أي شرعية ([17]).
ثم إنّ المؤلف أتى بأُصول عقائد الزيدية التي منها التوحيد، والعدل والنبوة وصيانة القرآن من التحريف، والإيمان بالآخرة والبعث بعد الموت والشفاعة التي هي زيادة خير إلى خير، لا إنقاذ أحد من النار والإمامة التنصيصية إلی الإمام علي ثمَّ الحسن ثمَّ إلى السبط الشهيد الحسين(ع)، ثم جاء دور الدعوة والخروج وتحقق بزيد الثائر ومن سار على دربه ...
وقد قام المؤلف بتعريف الكتب والمصادر وقال: وأهمُّ كتبهم: كتب الهادي والقاسم.منها: كتاب الأحكام، والمنتخب والمجموعة الفاخرة التي تجمع عدّة رسائل للهادي، ومن محاسن الكتب وأنفعها كتب القاسم بن إبراهيم وهي كتب صغار بعضها في مجموع القاسم.
ومن مراجع الزيدية (في الفقه) شرح التجريد للإمام المؤيد باللَّه أحمد بن الحسين الهاروني المدفون بلنجا ([18]). ومن مراجعهم في علم الكلام، حقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان وهو من أئمة الزيدية.ومن مراجع الزيدية في الحديث ما تضمنه شرح التجريد (للهاروني).ومن مراجع الزيدية في أُصول الفقه: كتاب بداية العقول شرح غاية السؤل تأليف الحسين بن الإمام القاسم بن محمد.
ثم أشار السيد بدرالدين إلی بعض الفروع التي اتفقت فيها الزيدية مع الإمامية وقال: ومن مذاهبهم الأذان بحيّ على خير العمل ولا يقولون: الصلاة خير من النوم ولا يجعلون الكف على الكف في الصدر في الصلاة، ولا يؤمّنون بعد الفاتحة، وتثنية الأذان إلّا التهليل في آخره وكذا الإقامة. ومن مذاهبهم الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم في الصلاة في الفاتحة وفي السورة وأنّ الصلاة جماعة لا تصح بإمامة الفاسق، ومن في حكمه، وأن لا يعتدّوا بجمعة الظلمة، وأنّ التكبير على الجنازة خمس، وأنّه لا يصلّى على الميت الفاسق، والمذهب السائد عندهم في الزكاة أنّه لا يجوز تسليمها إلى الظلمة إلّا كرها...، ومن مذاهبهم أنّها لا تجب طاعة الظلمة ولا تجوز معاونتهم ولا موالاتهم، ويجب عندهم اتّباع أهل البيت (ع) عملًا بحديث الثقلين: «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». ومن مذاهبهم في الصحابة أن فيهم الصالحين ومنهم من غيّر وبدّل، وفيهم منافقون فيجرح من ظهر فيه الجارح، ولا ينزلّون منزلة المعصومين ولا يتبعون فيهم طريقة العامّة الّذين يقدسونهم على الإطلاق، والمذهب السائد في الزيدية هو اجتناب كتب العامّة أو عدم اعتمادها في الغالب اتّهاماً لكثير من رواتهم من الفئة الباغية والخوارج والدعاة إلى بدعتهم ولكنهم يأخذون منها ما يوافق الحقّ تأكيداً واحتجاجاً على المخالف،... ([19]).
الهوامش:
([1]) بعد موت هشام تولى الخلافة الوليد بن يزيد سنة (125 هـ) وقد اشتهر بالفسق إذلم يكن في بني اُمية أكثر إدماناً للشراب منه،و كان من فسقه أنه نكح أمهات أولاد أبيه، وتفاءل يوماً بالمصحف الكريم فخرجت الآية: (واستفتحوا وخاب كل جبارعنيد) فمزّق المصحف وأنشأ يقول:إذا ما جئت ربّك يوم حشر*** فقل يا ربّ مزّقني الوليد(مروج الذهب 3 :216، حياة الحيوان: 1: 72.
([2])المجالس السنية 3: 287، المجلس الثاني والأربعون بعد المائتين
([3]) راجع تاريخ اليعقوبي 2 : 391،تاريخ الطبري : 8 : 122.
([4]) أنساب الأشراف 3 : 446،و راجع كتاب (زيد الشهيد) للسيد عبد الرزاق المقرم. وقيل كانت شهادته ودفنه ليلة الجمعة السادس والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ( 122 هـ ) ،راجع مقاتل الطالبيين : 92 ، وأنساب الأشراف 4 : 252 ، الحديث 254 .
([5]) الكافي 8 : 161 ، وتفسير العياشي1: 325.
([6]) التآلف بين الفرق الاسلامية لمحمد حمزة :81 ،عن الملل والنحل1 :394 .
([7]) هي أتباع زياد بن المُنذر بن أبي الجارُود وکان حارب مع زيد ثمَّ کُف بصره ، والفرقة الجارودية تعتبرمن أشدِّ الفرق الزيدية تمسُّکاً بالإمام علي (ع) وأنَّه أفضل الصحابة ومن دفعه عن هذا المقام فهو کافر.( راجع:فرق الشيعة للنوبختي: 74، والملل والنحل للشهرستاني1: 213).
([8]) السليمانية يقولون بالشوری وينکرون النص علی الخلافة من الأصل تسمية ووصفاً.
([9])مذاهب الإسلاميين للأشعري: 66.
([10]) لمزيد الإطلاع راجع: الزيدية نظرية وتطبيق ،لعلي بن عبد الكريم الفضيل شرف الدين ط .عمان عام 1405 هـ .
([11]) موسوعة «الملل والنحل» لآية الله السبحاني مع تصرف في العبارات وتلخيص وإضافات .
([12]) البقرة : 286.
([13]) ولعله لم يبلغهم قول علي (ع) في فدك: «نعم قد كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم اللَّه» كما لم يبلغهم خطبة الصديقة الطاهرة حول فدك التي كان بنو هاشم يحفظونها ويعلّمونها أولادهم.
([14]) آل عمران: 104.
([15]) الحجرات: 10.
([16]) وهو الشخصية العلمية الفريدة للزيدية حالياً بعد السيد العلامة مجد الدين المؤيّدي مؤلف التحف في شرح الزلف، وقد سافر بدرالدين إلی إيران واجتمع مع آية جعفرالسبحاني في مؤسسته ودار الحديث بينهما وقدَّم نسخة من کتابه المذکور إلی المؤسسة. راجع موسوعة «الملل والنحل» ، لآية الله السبحاني.
([17]) الزيدية في اليمن، قسم المقدمة: 3.
([18]) المعروف اليوم بلنگرود وقبره موجود هناك.
([19]) الزيدية في اليمن: 14.
مفتی القدس" یصدر فتوى تجیز مقاومة الأسرى فی السجون للتغذیة القسریة
أصدر الشیخ محمد حسین المفتی العام للقدس والدیار الفلسطینیة رئیس مجلس الإفتاء الأعلى فتوى أجاز فیها مقاومة الأسرى المضربین عن الطعام فی سجون الاحتلال الصهیونی للتغذیة القسریة، وذلک فی أعقاب تهدید السلطات الصهیونیة باللجوء لتغذیة الاسرى لکسر اضرابهم عن الطعام .
وقال الشیخ محمد حسین : إن قیام الأسرى فی سجون الاحتلال بمقاومة التغذیة القسریة، کأسلوب ضغط على السجان یجوز إذا لم یجدوا وسیلة غیرها لتحصیل حقوقهم الإنسانیة المشروعة، وبناء علیه، فإن من یقضی نحبه من الأسرى وهو یقاوم بالإضراب عن الطعام لنیل حریته، فإنه یعد من الشهداء".
وکانت مصادر حقوقیة فلسطینیة أعلنت امس الاحد عن ارتفاع عدد الأسرى الفلسطینیین المضربین عن الطعام فی سجون الاحتلال إلى 148 .
وقال نادی الأسیر الفلسطینی فی بیان صحفی ، إن الأسرى یحتجون على "الحملة التی تنفذها إدارة السجون الصهیونیة ضدهم والتضییق علیهم .
یأتی ذلک فیما تصاعدت تحذیرات مسؤولین فلسطینیین من تطبیق کیان الاحتلال قانون التغذیة القسریة ضد أسیر فلسطینی مضرب عن الطعام فی سجونها منذ 55 یوما.
وتقوم التغذیة القسریة على مد أنبوب داخل أنف الأسیر لتغذیته مباشرة إلى المعدة فی محاولة لمنع استمرار تدهور حالته الصحیة بفعل إضرابه عن الطعام.
السيد الصدر يثمن موقف شيخ الازهر بشأن "رفضه تكفير الشيعة"
ثمن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الجمعة، موقف شيخ الازهر الذي رفض فيه "تكفير الشيعة"، وفيما اشار الى انه احد ابواب ازالة "شيطان الطائفية"، ابدى استعداده للصلاة خلفه مثلما سيصلي هو خلف "الشيعة".
قال الصدر في رد له على سؤال بشأن موقفه من شيخ الازهر الذي قال ان "تكفير الشيعة مرفوض، وسوف اصلي خلفهم بالنجف الاشرف"، قال "الحمد الله الذي من علينا بمثل هؤلاء العلماء الافذاذ الشجعان، الذين لا يستوحشون طريق الحق لقلة سالكيه".
واضاف الصدر "جزاه الله خيرا على قوله هذا، وليكن بابا من ابواب ازالة شيطان الطائفية وشبحها وكابوسها الملعون"، مشيرا الى انه "كما سيصلي خلف الشيعة، فنحن نصلي خلفه".
وتابع الصدر ان "العدل هو ان ينصف الانسان دينه وعقيدته ومجتمعه واسلامه، قبل ان ينصف شهواته وميولاته الطائفية".
يذكر ان شيخ الأزهر أحمد الطيب ابدى رفضه في وقت سابق، لان يكون هناك فضائيات تحكم بكفر المسلمين الشيعة، مشيرا الى ان ذلك غير مقبول ولا يوجد له مبرراً لا من كتاب ولا سنة ولا اسلام"، وفيما اكد "اننا نصلي وراء الشيعة، ولا يوجد عند الشيعة قرآن آخر"، لفت الى انه لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الاسلام، وانما هي عملية استغلال سياسي لهذه الخلافات.
السید نصر الله: كل بقعة في ارضنا ستكون حفرة محصنة تدمر دباباتكم وتقتل جنودكم
في كلمة له خلال مهرجان “نصركم دائم” الذي أقامه حزب الله في وادي الحجير بمناسبة الذكرى التاسعة لإنتصار تموز 2006، دعا سماحته لتثبيت يوم 14 اب يوم للنصر الالهي كما عيد التحرير في 25 ايار لأنه اليوم الذي وقفت فيه الحرب وعاد الناس الى مناطقهم وبيوتهم، لافتاً إلى أن عودة الناس في مثل هذا اليوم كانت تعبيراً بليغاً عن تمسكهم بأرض الاباء والاجداد مهما كانت التضحيات.
وأكد السيد نصرالله أن “هذا اليوم نصر الهي وليس فقط انتصار، لأن الله اعطانا هذا النصر ومن يرى المعادلات يدرك ببساطة أن ما حصل كان معجزة حقيقية لا يمكن تفسيرها بالاسباب المادية العادية”.
وأردف السيد نصر الله: “أننا اخترنا وادي الحجير لهذا العام مكاناً لإحتفالنا نتيجة ماضيه القريب من المقاومة وموقعه الخاص في حرب تموز وذلك لننطلق من هذا التاريخ لمقاربة الحاضر”، لافتاً إلى أنه في وادي الحجير عقد المؤتمر التاريخي المعروف وكان الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين خطيب هذا المنبر ومرشده الأول وإمام العقل والحكمة والحماسة والجهاد فيه، أسس هذا المؤتمر من خلال العلماء الذين جاءوا من كل لبنان وقادته وزعماؤه لنهج ساروا عليه وجاهدوا من خلاله، هذا النهج الذي انتقلت أمانة قيادته الى الامام المغيب السيد موسى الصدر وهو الذي رسخه وثبته وطوره واعطاه أبعاد جديدة ومازال أبنائهما يواصلون الإلتزام بهذا النهج ويسيرون عليها الى اليوم ويفون ببيعتهم لهؤلاء القادة العظماء بالصدق والجهاد والحضور في الميادين.
وتابع سماحته يمثل الصمود الاسطوري لجيشنا وشعبنا ومقاومتنا قمة الالتزام، في مواجهة تلك الحرب تكامل الصمود العسكري مع الصمود الشعبي مع الصمود السياسي في مواجهة المشاريع المشبوهة واملاء الشروط والتهديد والوعيد، بالرغم من الانقسامات السياسية.
واشار الى معركة وادي الحجير فقال ان من اهم المحطات الحاسمة جداً في حرب تموز معركة وادي الحجير التي كانت حاسمة في انهاء الحرب وايقاف العدوان واذلال العدو، واسقطت كل خططه العسكرية ولم يبق امامه سوى الانسحاب السريع الى الحدود.
وقال ان العدو كان بحاجة الى هذه الخطوة (التقدم البري) حتى لا يخرج بهزيمة كاملة وليفرض شروطه على لبنان واللبنانيين وكان يريد ان يفاوض على عودة الناس وعلى نزع سلاح المقاومة جنوب الليطاني.
وتابع سماحته هنا في وادي الحجير والتلال المحيطة بالوادي كانت المواجهة البطولية ودمرت عشرات الدبابات وقتل عشرات الضباط والجنود وشعروا بالجحيم وجهنم من تحت ارجلهم وفق رؤوسهم وتهاوت دبابة الميركافا.. هنا تحطمت اسطورة الميركافا وجيشها الذي لا يقهر وهناك كان الرجال اصلب من الجبال.
وقال ان من وادي الحجير سقط مشروع احتلال جنوب الليطاني وانقلب السحر على الساحر ارادو علوا فانزلهم الله وارادوا عزا فاذلهم الله.
ذكرى الانتصار
وأعلن الامين العام لحزب الله متوجها للعدو ان كل بقعة في ارضنا ستكون حفرة محصنة تدمر دباباتكم وتقتل جنودكم وتهزم جيشكم.. واعلن في هذا الاطار انه لن تكون هناك استراتيجية ناجحة للجيش الاسرائيلي بعد اليوم في لبنان، هذا التزام وفعل وجهوزية وعمل يومي وفاعل بمعزل عن كل التطورات التي تحصل في المنطقة.
وقال ان العدو الاسرائيلي عجز برا وبحرا وجوا في حرب تموز ففي هذه الارض لا سبيل لكم للوصول او للبقاء وما جرى في حرب تموز يدرّس كنظريات عسكرية جديدة.
واكد اننا مقابل استراتيجية الاقتحام الاسرائيلية نطرح استراتيجية وادي الحجير، ونحن اليوم اقوى ارادة وأمضى عزيمة واشد بأساً وأعظم عدة وعديداً.
ولفت الى اننا عندما نصر على الاحتفال في 14 آب فلكي نأخذ العبرة ، وانا اقول للبنانيين كونوا على يقين أنكم قادرون على الصمود في اصعب الظروف وإسقاط المشاريع والإنتصار امام أقوى جيوش المنطقة وارهابيي المنطقة وبمعادلة الردع ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة.
لا نقبل ان يكسر او يعزل اي من حلفائنا
وحول موضوع لبنان والوحدة الوطنية اكد السيد نصر الله اننا يجب ان نقتنع جميعا بقيام الدولة التي يشارك فيها جميع مكونات الشعب والوطن ويشعر فيها الجميع وتخدم جميع مكونات الشعب اللبناني، هذه الدولة هي التي نحتاج اليها وهي الضمانة في كل شيء.
وشدد على انه يجب عدم التعاطي على قاعدة الطائفة القائدة، والكل في لبنان للأسف متساوون في الاحساس بالخوف والغبن.
واعلن اننا في حزب الله لا نقبل ان يكسر او يعزل اي من حلفائنا خصوصا من وقف معنا في حرب تموز وهذا الموضوع يستحق التضحيات وادعو الجميع ان لا يحسبوا بشكل خاطئ في هذا الموضوع.
واكد السيد نصر الله ان الطريق للوصول الى الدولة القوية القادرة هو الشراكة الحقيقية بين كل المكونات اللبنانية، فنحن نواجه ازمات كبيرة في لبنان على مختلف الصعد، من هذه الازمات ان شريحة كبيرة من المسيحيين تشعر بالغبن وتعبر عن ذلك وهي التيار الوطني الحر ومن معه.
ولفت السيد نصر الله ان العماد ميشال عون ممر إلزامي لاستحقاق الرئاسة، فهل يمكن لاحد ان يعزله او يكسره في هذا الموضوع؟ البعض يراهن ان ايران ستضغط على حلفائها في موضوع الرئاسة وانا اقول من يراهن على ذلك فهو واهم واهم واهم حتى ينقطع النفس.
واضاف ان الحكومة حتى تكون منتجة وفاعلة يجب ان لا يتجاوز العماد ميشال عون لذلك فلا يمكن عزل العماد عون وتياره.
وتابع حتى في موضوع الشارع لا يمكن لمن يستكبر ان يتصور ان الشارع سيبقى هكذا مقتصرا على مشاركة التيار الوطني الحر، مشيرا الى ان خياراتنا مفتوحة في الداخل رغم مرابطتنا بوجه اسرائيل وقتالنا في سوريا.
الدرس الرابع: الفرق الشيعية وأسباب ظهورها
إنَّ التشيع بالمعنی الخاص هو الإيمان بوجود النص من النبي(ص) للإمام علي(ع) وسائر الأئمة من ولده بالإمامة والخلافة، ولذا فالفرقة الشيعية الأصلية والأصيلة هي الفرقة الإمامية الإثني عشرية التي نشأت من بداية الإسلام إستناداً إلی النصوص التي مرَّت، وقد انشعب منها سائر الفرق التي يمکن إدخالها في المفهوم العام للتشيُّع لأنَّها تقول بثبوت الإمامة عن طريق النص الشرعي، وإن کان تشيَّعاً ناقصاً بسبب عدم إعتقادها الکامل بالأئمة الإثني عشر، کما في الزيدية ، والإسماعيلية. ولذا فالفرق التي لا يصح ادخالها ضمن هذا الاطار العام, ولا يجوز عدها فرقاً شيعية , ولا تصح نسبتها الى هذا الكيان باية صورة من الصور هي :كل فرقة لا تقول بثبوت الإمامة عن طريق النص , كما في بعض فرق الزيدية التي تدعي انعقاد الامامة بالاختيار، وبعض الفرق الإسماعيلية. وكـل فرقة تدَّعي المغالاة في حق علي (ع) او أحد أبنائه .وسنتحدَّث عن الفرق الأصلية للتشيع ،کما سنشير في طيات هذه البحوث إلی الفِرَق التي لا يحق لها الدخول فـي التشيع والتي حاول البعض حشرها في مفهومه وتعريفه لتشويه معالم هذا المذهب الحق والكيان المقدَّس , وتجريده عن حقيقة محتواه.
والمذهب الشيعي الإثنی عشري الأصيل في الإسلام لم يطرأ عليه، ولم يظهر فيه أي إنشعاب في زمن ائمته الثلاثة (الامام علي والحسن والحسين (ع))، ولكن بعد واقعة الطف و إستشهاد الامام الحسين(ع)، اعترف اكثرية الشيعة بإمامة علي بن الحسين (ع) ، وذهب الاقلية منهم والذين عرفوا بالكيسانية إلى الاعتقاد بامامة محمد بن الحنفية اماماً رابعاً لهم، وهو المهدي الموعود عندهم، ومن هنا بدأت ظهور الفرق الشيعية.
قيام المختاروظهورالفرقة الکيسانية
لم يشأ الإمام السجاد (ع) ان يتبنى قيادة تلك الجموع الغفيرة المنادية بالكفاح المباشر ضد قتلة الحسين(ع) ، بسبب الظروف المحيطة به ولم يرغب في تصدر حرب خاسرة ضد الامويين، ولقد كان الاتصال الوثيق مع أكابر أهل البيت(ع) يوم ذاك رصيداً كبيراً للثائر لغاية التفاف شيعة العراق حوله، وبما أنّ محمد ابن الحنفية كان كبير العلويين في السِّن آنذاک ([1]) .فكاتبة المختار لأجل جلب اهتمام الشيعة، واُسندت الزعامة الروحية والفکرية إليه وروِّجت إشاعة ما يعرف بـ ( الفرقة الكيسانية ) نسبتة إلی المختار([2]) .
ومن يتحقّق في سيرة المختار وحربه للأمويين، والأخذ بثأر شهداء کربلاء وفي عدائه للزبيريين ابتداء من انتزاع الحكم منهم في الکوفة وحتى شهادته علی يد مصعب الذي جاء إلی الکوفة لقتاله وانتهاء إمارته علی يد آل الزبير، يستطع أن يعرف لماذا تنسب للمختار أقاويل ويتهم بالكذب والانحراف، وإدّعاء النبوة، واستغلال قتل الإمام الحسين (ع) من أجل مصالحه الشخصية، وكيف لايتهم بذلک کله وقد أطبقت على عداوته دولة آل الزبير ودولة الاُمويين؟([3]). ولا شك إنّ المختار قد أدخل السرور على أهل البيت(ع)، وقد ترحّم عليه الإمامان الباقر والصادق(ع).
هذا وقد مرَّت اشاعة الكيسانية بمرحلتين، المرحلة الاُولى في زمن الدولة الاموية بعد مقتل الحسين (ع)، حيث برزت في فترة خروج المختار. والثانية بدأت اشاعة الكيسانية مع مطلع نشوء الدولة العباسية حيث كانت في طريقه إلی الزوال والتلاشي بعد ان حققت الاغراض المطلوبة من اطلاقها ونشرها في عهد المختار، فعمدت الدولة العباسية الى اشاعة - الكيسانية - ونقلوا الامامة من محمد بن الحنفية الذي زعمت اشاعة الكيسانية انه كان الامام بعد ابيه الى ولده عبد الله المكنى بابي هاشم([4]).
عقائد الفرقة الکيسانية :
تعتقد الکيسانية أنَّه قد غاب محمد بن الحنفية في جبل رضوى، وأسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه، يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه. ومن القائلين بهذا القول الكربية أصحاب أبي كرب الضريرومنهم كُثَيِّر الشاعر الکيساني وفي ذلك يقول:
الا ان الائمـة مـن قـريش ولاة الحـق اربعـة سـواء
عـلي والثـلاثة مـن بـنيه هـم الاسبـاط لـيس بهـم خـفاء
فسـبط سـبط ايمـان وبـر وسـبط غـيبته كـربلاء.
وسـبط لا يـذوق المـوت حـتى يـقود الخـيل يـقدمها اللـواء
يغـيب فلا يـرى منـهم زمـانا برضـوى عـنده عسل ومـاء
فالمشهورأنّ الكيسانية يجمعهم شيئان: أحدهما: القول بإمامة محمد ابن الحنفية، والثانية: القول بالبداء على اللَّه عزّ وجلّ، والرجعة([5]).
والواقع والحقيقة إنّ محمد ابن الحنفية أجل من أن لا يعرف شروط الإمامة وإنّها لم تكن متوفرة في حقّه. إذ لو كانت بالنص فلم يكن هناك نصّ عليه، ولو كانت بالمبايعة فلم تكن هناك مبايعة. والذي يؤيد ذلك أنّه لم تشاهد منه دعوة إلى نفسه، ولما اُلقى عليه القبض من قبل ابن الزبير وهدَّده بالإحراق عند رفض البيعة لم يخضع لهم و رفض بيعتهم ، فما اشتهر من الإعتقاد بإمامته کان من بعض أتباعه أو ممَّن استغلَّ المذهب الکيساني لمصالحه الشخصية وهم بني العباس. وأمَّا القول بالبداء والرجعة فليس من عقائد هذه الطائفة فقط و إنّما هما من عقائد الإسلام جاء بهما القرآن الكريم([6]) و السنّة النبوية ولکن لفهمهما بحاجة إلی زيادة توضيح وبيان من قبل علماء الإسلام ([7]).
ويمکن أن يقال إنّ المذهب الكيساني تحدقه إبهامات وغموض في مؤسسه وأتباعه وأهدافه تكاد تدفع الإنسان إلى التشکيک في إنتسابه للشيعة لغاية تشويش أذهان المسلمين تجاه الشيعة أو تحطيم سمعة شخصية المختار بن أبي عبيدة الثقفي، والدليل علی ذلک هو ترويج هذا المسلك من قبل العباسين في بداية أمرهم لأنّهم كانوا يستمدون شرعية خلافتهم من هذا الطريق إذ يدعون أنّ عبدالله بن محمد بن الحنفية المکنَّی بأبي هاشم أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، وقد أشار إلی هذا الإدعاء الأشعري حيث قال : قالوا إنّ أبا هاشم (عبدالله بن محمد بن الحنفية) مات بأرض (السراة) منصرفاً من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، وأوصى محمد بن علي، إلى ابنه إبراهيم بن محمد ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس(السفاح) ثمَّ أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض([8]).
وانقرضت هذه الفرقة بانقراض اشاعتها بعد ان سخرها العباسيون لتكريس مبدأ شرعي يرتكزون عليه في نشوء دولتهم .
ظهورالفرقة الزيدية
إنّ الأئمّة المنصوصة خلافتهم وإمامتهم بعد النبي(ص) عند الزيدية لا يتجاوز عن الثلاثة: عليّ أميرالمؤمنين (ع)، والسبطين الكريمين: الحسن والحسين (ع) وبشهادة الأخير غلقت دائرة التنصيص، وبعد وفاة الإمام السَّجاد (ع) اعتقد اكثرية الشيعة بإمامة ابنه محمد الباقر (ع)، وذهب الاقلية منهم الى التمسك بمذهب زيد الشهيد وهو الولد الآخر للامام السجاد (ع)، واشتهروا بالزيدية، وسنبحث في هذه الفرقة تفصيلاً .
ظهورالفرقة الإسماعيلية
بعد شهادة الإمام الصادق(ع) إعتقدت فرقة بأنَّ الإمامة إنتقلت إلى ابنه إسماعيل واستمرَّت في ولده ، وليس إلی موسى الكاظم (ع)، واشتهرت هذه الفرقة بالإسماعيلية وهي فرقة باطنية يرجع أصلها إلی الفرقة الخطابية([9])،وفي بداية نشأتها كانت فرقة واحدة، فانشقت إلى: قرامطة ودروز، وبُهرة، ونزارية، وهذه الفرقة متواجدة في كثير من الأقطار، منها: الهند، وباكستان، واليمن ونواحيها، وسوريا، ولبنان وأفغانستان، وبعض بلاد أفريقية وبعض بلاد اُروبا وغيرها من البلدان.وسنبحث في الفرقة الاسماعيلية وجذورها وإنشعاباتها وعقائدها تفصيلاً في الدروس الآتية.
ظهورالفرقة الفطحية
الفطحية هم القائلون بإمامة عبد اللَّه الأفطح، الإبن الأكبر للإمام الصادق (ع)، ولُقِّب عبدالله بالأفطح، لأنَّه کان أفطح الرأس، أي ذا رأس عريض، وقيل: أفطح الرجلين. وإنّما اعتقدوا بإمامة الأفطح ممَّا رووا أنَّ الإمامة في الأكبر من ولد الإمام (ع)، ثمَّ منهم من رجع عن القول بإمامته لمَّا امتحنوه بمسائل من الحلال والحرام ولم يكن عنده جواب صحيح، ومنهم من رجع عن إمامته لمَّا ظهرت منه من الأشياء التي لا ينبغي أنّ تظهر من الإمام(ع)، ولمَّا مات عبد اللَّه بعد أبيه بسبعين يوماً، رجع الباقون عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى (ع)، واستمروا إلی إمامة الاثني عشر. ومن أسماء هذه الفرقة«العمّارية»، و قد أسماهم به أبو الحسن الأشعري وقال: وأصحاب هذه المقالة منسوبون إلى زعيم منهم يسمى:عمَّاراً، ولعل المراد منه هو: عمار بن موسى الساباطي من رؤساء الفطحية. وقال: الشيخ الطوسي: عمار بن موسى الساباطي كان فطحياً له كتاب كبير جيد معتمد ([10]).
ظهورالفرق الواقفية
الواقفية بالمعنی العام کلّ فرقة تقف عند إمام من الأئمة المعصومين (ع) ولم تعتقد بالإمام المعصوم من بعده ، ومن تلک الفرق الفرقة الناووسية وهم أصحاب عبد اللّه بن ناووس، قالوا بإمامة الستة : علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق، وزعموا أن الصادق هو الإمام المنتظر، وأنه حي لا يموت، حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وهذه الفرقة انقرضت في زمانها. والواقفية بالمعنی الخاص تطلق علی الذين توقفوا عند إمامة الامام السابع الإمام موسى الكاظم (ع)، حيث ذهب الأكثرية من الشيعة إلى إمامة ابنه الرضا (ع)، وتوقف جماعة في إمامة الامام الكاظم (ع)، و زعمت انَّه المهدي المنتظر، وأنَّه حي لا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها واشتهروا بالفرقة الواقفية. قال الأشعري: وهذا الصنف يُدعون الواقفة لأنّهم وقفوا على موسى بن جعفر ولم يجاوزوه إلى غيره، ... وربما يطلق عليهم الموسوية([11]).
وإضافة إلى النصوص العامَّة على إمامة الأئمة الاثني عشر من بعد النبي (ص)، كان كلّ إمام ينصّ على الإمام من بعده ويُعرّفه للمسلمين وشيعته؛ حتى لا يدَّعي الإمامة غيره، وقد فعل الإمام الكاظم (ع) ذلك ونص على إمامة ابنه الرضا (ع) من بعده قال الشيخ المفيد:«كان الإمام بعد موسى بن جعفر (ع) ابنُه علي بن موسى الرضا (ع)؛ لفضله على جماعة إخوته وأهل بيته، وظهور علمه وحلمه و ورعه، واجتماع الخاصّة والعامّة على ذلك منه، ومعرفتهم به منه، ولنصّ أبيه (ع) على إمامته من بعده وأشار إليه بذلك دون إخوته وأهل بيته»([12]).ولكن مع هذا فقد وقف البعض عند الإمام الكاظم (ع) ولم يرجعوا إلى الإمام الرضا (ع)، وهؤلاء کانوا جماعة من أعيان أصحابه المقرّبين إليه، وقد اجتمع لديهم مبلغ كبير من المال، فلمّا استشهد الإمام الكاظم (ع) طالبهم الإمام الرضا (ع) بما عندهم من الأموال فغرّتهم الدنيا وأنكروا موت الإمام الكاظم (ع). والنتيجة: أنّ الموقف الصارم من الإمام الرضا (ع) إزاء هذه الفرقة وكذلك موقف علماء المذهب الإمامي قد سبّب ضعفها وانقراضها.
ولم يظهر انشعاب بعد الامام الرضا (ع) سوی النصيرية، وهم: أصحاب محمد بن نُصير الفهري النُميري، وهم من الغلاة الذين لا يمتّون إلى الإسلام والتشيع بصلة، و قد ظهرت في عصر الإمام الهادي (ع)، وإليک مختصر من تاريخها وعقائدها:
ظهورالفرقة النصيرية
البحث والتنظير عن النُصيرية كسائر الفرق الشيعية أمر صعب لا سيَّما و انّهم اضطروا إلى التخفّي ، وعاشوا في ظل التقية، ومن يتصفّح التاريخ يجد أنّه لا مندوحة لهم من التكتّم والتحفّظ في عقائدهم، فمعاجم الفرق مليئة بذمّهم وتفسيقهم وتكفيرهم، وقد أخذ بعضهم عن بعض، ولا يمكن الاعتمادعلى ما نقلوه عنهم إلّا بالرجوع إلى كتب تلك الفرقة أو التعايش معهم في أوطانهم حتى ينجلي الحقّ ليقف الإنسان على مكامن عقائدهم وخفايا أُصولهم. وقد عقد الشيخ الطوسي المتوفّى 460) هـ ) فصلًا لمدّعي البابية عدّ منهم الشُريعي، ومحمد بن نُصير النُميري. وقال: كان محمد بن نُصير النُميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السّلام فلمّا توفي أبو محمد، ادّعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنّه صاحب إمام الزمان، وادّعى له البابية، وفضحه اللَّه تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعنِ أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبرّؤه منه، واحتجابه عنه وادّعى ذلك الأمر بعد الشُريعي ([13]). وإذا كانت النُصيرية هي التي أکثر الحديث في ذمِّها وقدحها، فهذه الفرقة قد بادت لا تجد أحداً يتبنّى أفكارها بين المسلمين، وربّما تكون بعض هذه النسب ممّا لا أصل لها في الواقع، وإنّما اتهمت بها بعض فرق الشيعة من قبل أعدائهم، کما نسبوا العلويين إلی هذه الفرقة تشنيعاً وتشهيراً بهم کما سيأتي.
العلويون وعقائدهم
إنّ هناك أقلاماً مغرضة حاولت أن تنسب العلويين المنتشرين في الشام والعراق وتركيا إلى فرقة النُصيرية البائدة المنتسبة إلی محمد بن نُصير الفهري النُميري، والسبب في رميهم بالنُصيرية هو جور السلطات الظالمة ، فأقامت فيهم القتل والفتك والتشريد، والاضطهاد المتواصل ولم تكتفِ بل أخذت تشوّه سمعة العلويين بالافتراء عليهم لتنفّر الناس من الاختلاط بهم، وقد ساعد علی إنتشار هذ النسبة سُکنی أکثر العلويين في جبل النُصيرية الواقع بين سوريا ولبنان والجبال الملتصقه به والممتدَّدة إلی أنطاکية في ترکيا والتي اشتهرت بجبال العلويين ([14]). وأيضاً ما ساعد علی تشويه سمعة العلويين أنَّ بعض أعدائهم خلطوهم مع بعض الفرق المنحرفة من الإسماعيلين وهذا الاشتباه والخلط حصل حتَّی لكثير من الباحثين، و منهم ابن تيمية في فتواه المشهورة حيث رمى الجميع بنبل واحد([15]).
وبحسب المصادر المطّلعة على حال العلويين، وکما يصرِّح بعض علمائهم فإنّ عقائدهم وأحکامهم لا تختلف کثيراً عن عقائد الشيعة الاثني عشرية الإمامية، و أنّ جميع المؤلفين وأرباب كتب الفرق و المذاهب عدّوهم من الشيعة على الرغم ممّا نسبوا إليهم و رموهم بالقول بالتناسخ و الغلو في حقّ الأئمّة سيّما الإمام علي بن أبي طالب(ع) والتطرّف و العقائد الباطنية و أمثال ذلك. و يترآى أنّ رميهم بالغلو والتطرف كان من مناوئيهم حيث كان يرميهم هؤلاء بالتقصير في حقّ علي بن أبي طالب (ع) أو عدم الإيمان بفضائله وأفضليته من سائر الصحابة([16]).
والعلويون کما تصرِّح کتبهم: يعبدون اللَّه تعالى وحده ، ويحترمون كل الشرائع السماوية، ويؤمنون بكلَّ الأنبياء وبرسالة محمد بن عبد اللَّه (ص) وبالقرآن والسُّنة و إمامة علي بن أبي طالب والأئمة الأحد عشر من ولده (ع) والصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد في سبيل اللَّه والمعاد في اليوم الآخر، ويعتمدون على جعفر بن محمد الصادق (ع) في أبحاثهم الدينية والفقه والفتوى فليس للعلويين مذهب خاصّ بهم يختلف عن مذهب أهل البيت (ع) كما يحاول البعض أن يصوّر ذلك، وإنّما هم شيعة إمامية اثنا عشرية علی مذهب أهل البيت (ع) ويعولون عليه في أحكامهم ومعاملاتهم، إلّا أنّ ثمة معتقدات هم متميّزون فيها منها: أنَّهم يرون أنّ الإمام علي بن أبي طالب هو باب مدينة علم النبي(ص) ، وسلمان الفارسي هو باب مدينة علم الإمام علي (ع) وهذا الإعتقاد لا يضرُّ بأصل دينهم خاصَّة وأنَّ سلمان الفارسي کان من الأوتاد في العلم والإيمان والإخلاص والتبعية للنبي وأهل بيته(ع) بحيث لقَّبه الرسول(ص) بسلمان المحمدي.
وأمَّا وجود الغلوالمتعارف أو بعض التقاليد الدينية أو العرفية أوعدم إلتزام بعض العلويين بالأحکام الشرعية فلا يختصُّ بهم فإنَّ في مختلف المذاهب والفرق تجد من لا يتقيد بالحلال والحرام ولکن لم يخرجهم أحد عن الإسلام، وغاية الأمر يکونون فاسقين إذا استمرَّوا بإرتکاب الذنوب والمعاصي کسائر المسلمين الذين لا يتورعون ([17]).
الزيدية، الاسماعيلية، الإمامية
لقد انقرضت الفرق الشيعية المذكورة وغيرها أو أصبحت في قلَّة لا تذکر في زمن قصير، عدا الفرقة «الزيدية» و «الاسماعيلية» اللتان استقامتا، والفرقة الاُم وهي: الشيعة الأکثرية الإمامية الاثنا عشرية. وبعد هذا الإستعراض السريع للفرق الشيعية وتاريخ ظهورها سنقوم بالترکيز في البحث حول الفرق الثلاثة الموجودة علی الساحة و المشهورة بين الناس، تلک الفرق التي تندرج ضمن المفهوم العام للشيعة، و لها جماعة ولهم منهج في العقيدة و مذهب في الفقه و لهم دعايات وبلاغات وحركات في المجتمع، فندرس تاريخ ظهورها وعقائدها، ونبدأ في الدرس الآتي بالفرقة الزيدية بحسب التسلسل التاريخي لإنشعابها وتکوِّنها.
الهوامش:
([1]) لقد توفي محمد ابن الحنفية عام ثمانين أو واحد وثمانين
([2]) قيل إن كيسان هو لقب المختار وأنَّ امير المؤمنين (ع) قد لقبه بذلك عند ولادته بقوله: کيس کيس فاشتهر بکيسان ، وقيل إنّ كيسان اسم صاحب شرطة المختار المكنى بأبي عمرة . هذا وقدتوفي محمد ابن الحنفية عام ثمانين أو واحد وثمانين
([3]) راجع الفَرق بين الفِرق للبغدادي: 46.
([4]) راجع مقالات الإسلاميين للأشعري: 18، الفرق بين الفرق للبغدادي: 3 و 38، و فرق الشيعة للنوبختي: 22.
([5]) الفرق بين الفرق للبغدادي: 52.
([6]) راجع قصة عزير في سورة البقرة الآية : 259 ، ورجوعه إلی الدنيا بعد موته مئة عام .ومن الآيات الدالة علی البداء قوله تعالی: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (الرعد : 39) .
([7]) راجع الصحيح للإمام البخاري 4: 208، كتاب الأنبياء، باب 51 حديث أبرص وأعمى وأقرع.
([8])مقالات الاسلاميين للاشعري: 21، وفي النسخة «الشراة».
([9])مؤسس هذه الفرقة أبو زينب محمد بن مقلاص المعروف بأبي الخطاب الأسدي أحد أصحاب الإمام الصادق(ع) .
([10]) مقالات الإسلاميين للأشعري: 27، فرق الشيعة للنوبختي: 68، والفهرست للطوسي: برقم 527.
([11]) مقالات الاسلاميين للاشعري: 28.
([12]) الإرشاد للمفيد: 447، باب ذکرالإمام القائم بعد أبي الحسن موسیA .
([13]) الغيبةللطوسي:. 398
([14]) راجع تاريخ العلويي لمحمد أمين غالب الطويل. 88:
([15]) راجع نصّالفتوى في رسائل ابن تيمية؛ وتجدها كاملة في مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمان بدوي2: 445.
([16]) مذاهب الإسلاميين لعبد الرحمان بدوي2: 42.
([17]) راجع الکتب التالية التي تتحدث عن عقيدة العلويين في العصر الحاضر: العلويون والتشيع ، لعلي عزيز آل إبراهيم ،و العلويون بين الأُسطورة والحقيقة لهاشم عثمان، وعقيدتنا وواقعنا لعبد الرحمان الخير.
الدلالة الصوتیة للفظة (حمّلوا) فی آیة 5 من سورة الجمعة
فی سیاق المثل القرآنی وردت مجموعة من الالفاظ ذات الجرس الصوتي المميز مثل لفظة (حملوا) الواردة في قوله تعالي:"مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله والله لا يهدی القوم الظالمین"[1]
یقرن النص القرآنی فی هذا المثل حملة التوراة من الیهود الذین انکروا صفة النبی محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)تلک التی بشرت بها التوراة بحال الحمار البلید الذی یحمل اثقالا من الکتب وهو لا یفقه ما فیها من العلم و یقاد الی حیث قدر له، لیس له الا الکد والتعب، وغایته حمل الاثقال و اشباع البطن، فجاء هذا التعبیر الفنی متوائما و الحال التی یرمی القرآن الکریم ایصالها الی الملتقی ، فهم اشبه بهذا المخلوق.[2]
ومن اجل ذلک جاء النص القرآنی بلفظة (حمّلوا) لتکون المحور الجامع بین الحمار و المنکرین من الیهود، انطلاقا مما یقدمه التآزر الوظیفی بین صیغتها المبنیة للمجهول و الانسجام الصوتی فی حروفها من جرس یوحی بمعنی المماثلة بین الطرفین.
"فصیغة (حمّلوا) المبنیة للمجهول، المضمومة الحاء متلوة بالمیم المکسورة المشددة ونحن ننطقها نحس جرسا شدیدا و نغما ثقیلا یشعر ان بانهم قد حمّلوا التوراة عن ثقل فی ارواحهم وانفسهم، و ان هذا الثقل متات من ان الکتاب السماوی ینص علی ان محمدا- صلی الله علیه و آله وسلم – خاتم الانبیاء، و فی هذا من وجهة نظرهم اغتصاب و هدر لمکانتهم الدینیة التی یبغون من ورائها تحقیق مآرب شخصیة"[3]
وبهذا یکون الجرس والایقاع الذی تحمله لفظة (حمّلوا) قد اسهم اسهاما فاعلا فی ایضاح المعنی الذی ینضوی علیه المثل، اذ دلّ علی ضعف العقلیة الیهودیة و افتقارها الی فهم ما یدور حولها بسبب غیّها وعنادها.
منبع:
جامعة الکوفة/کلیة الآداب
قسم اللغة العربیة
دلالة الجرس و الایقاع فی المفردة القرآنیة
ا.م.د.حافظ کوزی عبد العالی
م.م.خالد توفیق مزعل
[1] الجمعة:5
[2] ینظر :الجمان فی تشبیهات القرآن :341،والکشاف :4/531.
[3] صفات بنی اسرائیل فی القرآن الکریم:147
المسجد الحديدي في ماليزيا
المسجد الحديدي هو ثاني اهم مسجد في ماليزيا بعد مسجد بوترا يقع في مدينة بوترانجا مقابل قصر العدالة ويسع لـ 24 الف مصلي.
بدأ العمل على بناء المسجد في سنة 2004 وافتتح رسميا في سنة 2010 وقدرت كلفت بنائه الاجمالية 55 مليون دولار.
تم بناء المسجد بطريقة معمارية جميلة جدا حيث يشعر الزائر للمسجد كانه عائم في الماء ويحيط به الماء من جميع الجهات وكذلك استعمال 6000 طن من الحديد ليطلق عليه بعدها بالمسجد الحديدي.
توجد في المسجد عدة انشطة منها قاعات للمحاضرات والدروس وكذلك قاعات لعقد القران(الزواج) وتتوفر فيه خدمة الانترنت وكراسي الكترونية للمساج (تدليك الجسم) واجهزة بيع العصائر والمشروبات الغازية المختلفة والعاب اطفال.
سيناتورأمريكي سابق : سلاح ايران النووي كذبة «اسرائيل»
فند السيناتور الأمريكي السابق «مايك غراول » المزاعم التي يطلقها كيان الاحتلال الصهيوني ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية بإمتلاكها السلاح النووي ، و أكد أنها كذبة «اسرائيلية» ، مشددا علي أن الصهاينة المقيمين في الولايات المتحدة الامريكية يقومون بمختلف المحاولات لافشال الاتفاق النووي الذي توصلت اليه كل من ايران الاسلامية ومجموعة القوي السداسية الدولية في فيينا .
و أكد لقناة برس.تي.في لدي اشارته الي المحاولات التي يقوم بها الصهاينة في أمريكا لنسف الاتفاق النووي الذي أبرم بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ومجموعة القوي السداسية الدولية في العاصمة النمساوية فيينا معتبرا فشل هذا الاتفاق بإنه يضر بمصالح الشعب الامريكي ومصالح أمريكا.
ودعا هذا السناتور الشعب الامريكي الي عدم الموافقة علي الاقتراح الذي قدمه الصهاينة المقيمون في أمريكا خاصة وان اليهود المتطرفين اليمنيين يعملون بالتعاون مع رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو لافشال هذا الاتفاق . وتابع قائلا "ان الجالية «الاسرائيلية» تري أن ايران لا تريد الحصول علي اسلحة نووية حيث لا توجد أية وثيقة لدى الاسرة الدولية تثبت هذه المزاعم ، و يبدو أن المعارضين للاتفاق النووي الايراني الغربي في الكونغرس الامريكي يحاولون افشال هذا الاتفاق الا انهم غير قادرين علي ذلك فيما وعد الرئيس الامريكي أنه سوف يستخدم حق قرار النقض ضد أي قرار يتخذه اللوبي «الاسرائيلي».
ورأي هذا السناتور الامريكي السابق أن الاتفاق النووي الايراني الغربي لا يرتبط بأمريكا فقط بل انه اتفاق دولي موضحا لذا فإن محاولات اللوبي الصهيوني في أمريكا لن تحقق هدفها. وتطرق الي المزاعم التي يطلقها الكيان الصهيوني ضد البرنامج النووي السلمي الذي تعتمده ايران الاسلامية وشدد علي أن الأخيرة لاتريد الحصول علي اسلحة نووية حيث أن هذه المزاعم انما هي اكذوبة يرّوج لها الكيان الغاصب للقدس خاصة وان الجمهوريين الذين يريدون اضعاف حكومة الرئيس الامريكي اوباما يختلقون مثل هذه الاكاذيب.
كيري:لا بديل عن الاتفاق النووي مع إيران وإذاقررت«إسرائيل» إجراءً عسكرياً ضد طهران فإنها سترتكب خطأ جسيماً
حض وزيرالخارجية الأميركي جون كيري المشرعين الأميركيين على دعم الاتفاق النووي مع ايران الاسلامية الإيرانية الذي تم التوصل اليه مؤخرا في فيينا ، و قال في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب بالكونغرس "أن الاتفاق النووي مع إيران لا يملك بديلاً ، و أنه إذا لم يتم تنفيذه .. فإن ذلك يهدد بأزمة عسكرية بالشرق الأوسط ، كما اكد أنه من غير الممكن إزالة برنامج إيران النووي بالسبل العسكرية ، محذرا «إسرائيل» من تنفيذ إجراء عسكري ضد طهران ومعتبرا إياه خطأ جسيماً .
و اضاف كيري في كلمته أمام لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي أن خطة العمل المشتركة الشاملة التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي في فيينا ، هي "صفقة جيدة سعينا إليها" خلال المفاوضات مع إيران ، معتبرا أن التعويل الآن على شيء أكبر هو "مجرد خيال".
كما نوه جون كيري إلى أنه من غير الممكن إزالة برنامج إيران النووي بالسبل العسكرية "وهذا ما يستطيع تأكيده العسكريون كذلك" ، مضيفا أنه إذا لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق فإنه لن تتبقى أي تقييدات على برنامج إيران النووي ، وستحصل على "ضوء أخضر" لتطوير سلاح نووي.
و ذكّر كيري أنه في هذه الحال "ستستمر طهران ببرنامجها النووي وسيظهر خطر أزمة عسكرية" ، داعيا المشرعين الأميركيين إلى دعم الاتفاق مع إيران . وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن الاتفاق ينص على تقليص احتياطات اليورانيوم المخصب في إيران بنسبة 98% و إزالة ثلثي أجهزة الطرد المركزي لديها ومفاعلها العامل على الماء الثقيل لإنتاج البلوتونيوم، بالإضافة الى فرض نظام تفتيش صارم لكل منشآتها النووية.
وتابع مؤكدا أنه بالمقابل ، ستبقى العقوبات المفروضة على طهران سارية المفعول طالما لم تنفذ الالتزامات التي أخذتها على عاتقها خلال المفاوضات مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا.
وكانت مجموعة الدول الست الكبرى توصلت الأسبوع الماضي بعد مفاوضات طويلة وصعبة مع إيران ، إلى اتفاق يضمن سلمية برنامجها النووي مقابل إزالة العقوبات المفروضة عليها .
هذا وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أن "«إسرائيل» سترتكب خطأ جسيما إذا قررت اتخاذ اجراء عسكري منفرد ضد إيران بسبب برنامجها النووي". وقال جون كيري خلال مقابلة مع برنامج توداي الذي تبثه محطة NBC الأمريكية ردا على سؤال عما إذا كان الاتفاق النووي مع طهران يزيد احتمالات أن تقوم «إسرائيل» بإجراء عسكري أو الكتروني ضد إيران : "سيكون هذا خطأ فادحا وجسيما له عواقب خطيرة على «إسرائيل» ، وعلى المنطقة ، ولا أظن أن هذا ضروري" .
وأكد كيري أن الاتفاق النهائي الذي تم التوصل إليه في الرابع عشر من شهر تموز الجاري بين طهران ومجموعة الست الكبري بشأن الملف النووي الإيراني “اتفاق جيد للعالم” ويستحق إقرار الكونغرس المشكك.
العثور على أقدم صفحات من القرآن قد تكون كتبت في زمن النبي محمد (ص)
عثر باحثون في جامعة "برمنغهام" على صفحات من القرآن الكريم يبلغ عمرها 1370 عاما ما يجعلها من أقدم النسخ القرآنية في العالم حسب ما بين فحصها بتقنية الكربون المشع.
ونقل موقع "بي بي سي" أنّ هذه الأوراق القرآنيّة كانت في مكتبة الجامعة وظلّت هناك مدة قرن من دون أن يلتفت إليها أحد، إذ كانت محفوظة مع مجموعة أخرى من كتب ووثائق عن الشرق الأوسط.
وبيّن الفحص الذي أجري في جامعة "أوكسفورد" أن النص مكتوب على قطع من جلد الغنم أو الماعز وتعود كتابته إلى الفترة الممتدة بين 568 و645 ميلادي.
وكتب النص بخط حجازي وهو من الخطوط العربية الأولى ما يجعل الوثيقة واحدة من أقدم نسخ القرآن في العالم.
وقال البروفسور ديفيد توماس الأستاذ الجامعي المختص في الديانتين المسيحية والإسلامية إن العمر التقديري لمخطوط برمنغهام يعني أنّه من المحتمل جدا أن كاتبه قد عاش في زمن النبي محمد (ص)
وقال توماس إن هذه الصفحات قريبة جدا من القرآن الذي نقرأه اليوم، وهو ما يدعم فكرة أن القرآن لم يطرأ عليه أي تغيير