Super User

Super User

 قال وکیل الأزهر عباس شومان إنه فی حالة عقد اجتماعا بین علماء الشیعة والسنة فمن النتائج التی ستصدر عن هذا اللقاء، إعلان تحریم دماء الشیعة وأموالهم کدماء السنة وأموالهم، وأن جمیع صور الاعتداء بین الشیعة والسنة محرمة شرعا.

واضاف فی تصریحات صحفیة نشرها موقع 'الفرات نیوز' 'انه سیعلن علماء السنة والمرجعیات الشیعیة احترام کل الصحابة وأمهات المؤمنین ویحرمون التعرض لهم بما یقلل من احترامهم، وسیتفق الشیعة والسنة علی مبدأ عدم السعی لفرض مذهب علی أهل مذهب، وأنهم یحترمون سیادة جمیع الدول علی أراضیها ویرفضون احتلال أرض الغیر بالقوة، وأنهم یبرؤن من جماعات العنف والتطرف ومن یقف خلفهم، وأنهم یرون ضرورة استمرار التواصل والحوار والتعاون لنشر سماحة الإسلام والعمل فی إطار المشترکات الدینیة والإنسانیة'.

وتابع ' تفاوتت ردود الفعل حول دعوة الإمام الأکبر للمرجعیات الشیعیة لزیارة الأزهر الشریف والاتفاق علی کلمة سواء فیه بین مرحب وهو الاتجاه الغالب، ومقلل من إمکانیة تحققها علی أرض الواقع، ومن أعجب ما برر به بعض من یرون هذا الاتجاه الأخیر لعدم الإمکانیة هو ضرورة أن یحیی الأزهر فتوی الشیخ شلتوت بأن المذهب الشیعی مذهب إسلامی، وکأن الأزهر لایعترف بإسلام الشیعة أو مذاهبهم'.

واکمل 'علی أصحاب هذا الاتجاه أن یعلموا بأن الأزهر لا یکفر فردا مسلما فضلا عن فصیل أو دولة، وعلیهم أن یعلموا بأن جامعة الأزهر تذخر رسائل الباحثین فی الماجستیر والدکتوراه بآراء من المذاهب المعتدلة للشیعة، وأن المذاهب المعترف بها من الأزهر الشریف من بینها مذهب الشیعة الزیدیة ومذهب الشیعة الإمامیة، وأنه لا حرج علی دارس فی الاستدلال بأی من المذهبین کاستدلاله بمذاهب أهل السنة الأربعة'.

واختتم قائلا 'الشیعة قسم من المسلمین لاینازع فی ذلک أحد من علماء الأزهر، ولذا فإن هذه الدعوة التی أطلقها الإمام الأکبر تهدف إلی ترسیخ هذا المعنی لدی الکافة'.

 خلال زیارته للکویت لتقدیم التعازی بشهداء جامع الامام الصادق(ع) أکد رئیس جامعة الأزهر السابق وعضو هیئة کبار العلماء فی مصر الدکتور أحمد عمر هاشم أنه لا یوجد صراع مذهبی سنی ـ شیعی فی المنطقة، مبینا أن من یفجر نفسه فهو ذاهب إلی الجحیم ولیس إلی الجنة، منددا بالحادث الإرهابی الجبان الذی استهدف المصلین فی مسجد الإمام الصادق قبل أیام والذی راح ضحیته 27 شهیدا و خلف 227 جریحاً.

  وأضاف الشیخ هاشم خلال زیارته لصحیفة الانباء الکویتیة: هذه مشاهد عبثیة لا تمت للدین الإسلامی بأی صلة، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ویده، وهؤلاء القتلة لم یسلم المسلمون من ألسنتهم وأیدیهم، بل هم دعاة شر وفتنة. وندعو الله تعالی أن ینجی البلاد والعباد من شرورهم.

و حول تفاقم العدوان التکفیری فی بعض الدول العربیة قال الدکتور هاشم: الذی نعتقده أن العدوان علی النفس الإنسانیة تحت أی مسمی وتحت أی تبریر لا مبرر له تحت أی حال من الأحوال، لان الله تعالی نظر إلی ان العدوان علی النفس الواحدة یعتبر عدوانا علی البشریة جمعاء کما فی قوله تعالی ‘من أجل ذلک کتبنا علی بنی إسرائیل أنه من قتل نفسا بغیر نفس أو فساد فی الأرض فکأنما قتل الناس جمیعا ومن أحیاها فکأنما أحیا الناس جمیعا’.

وأضاف: حتی وإن کان یوجد بعض الامور المذهبیة والطائفیة لا یصح أن تصل إلی هذا الحد الذی تنطلق فیه حمامات الدم بهذا الأسلوب المتردی والمؤسف والذی انتشر فی کثیر من دولنا العربیة والإسلامیة، وما کان یلیق هذا من عرب ومسلمین.

و أشاد الشیخ الأزهری بمحاولات التقریب بین المذاهب قائلا: نساند کل ما فیه تقریب للمذاهب وتهدئة للنفوس وحقن للدماء ـ کما قال الرسول صلی الله علیه وسلم ‘والله لا تدعونی قریش إلی خطة توصل فیها الأرحام وتحقن فیها الدماء الا أعطیتهم إیاها’.

واستطرد بالقول قائلا: الحقیقة أن الذین اقدموا علی مثل هذه العملیات الإرهابیة والانتحاریة هم قوم خرجوا علی حظیرة الإسلام الذی یأمر الناس أن یعیشوا أحبة ودعاء وبین رسولنا الکریم صلی الله علیه وسلم علامة المسلم حین قال ‘المسلم من سلم المسلمون من لسانه ویده’ وعلامة المؤمن حین قال ‘والمؤمن من أمنه الناس علی دمائهم وأموالهم وأعراضهم’.

وصرح رئیس جامعة الأزهر السابق: أما الذی یقتل النفس الإنسانیة بغیر وجه حق فعقوبته قررها القرآن الکریم فی قوله تعالی ‘ومن یقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فیها وغضب الله علیه ولعنه وأعد له عذابا عظیما’.

و ندد الشیخ احمد عمر هاشم بموقف بعض الدول الغربیة التی تقف وراء القوی التکفیریة و تمدهم بالمال، وبعض الدول الخبیثة الأخری التی تظاهرت بالعروبة والإسلام وهی أبعد ما تکون عن العروبة والإسلام.

و قال: أقول لهم ثوبوا إلی رشدکم وتوبوا إلی ربکم ولا تنقضوا عری الوطن ولا تشاقوا علی الناس.

و حول انتشار الفتاوی التکفیریة و التحریضیة قال المفتی هاشم :الفتاوی التی تحل دماء عموم الناس هی فتاوی کاذبة ومرفوضة شرعا وإنسانیة وقانونا ویجب أن یتعرف الجمیع علی أن الإسلام هو دین السلام وان من یحرض علی القتال هو إنسان یبوء بالإثم ویشارک فی الجریمة النکراء التی یقدم علیها هؤلاء ویجب وجوبا عینیا وفرضا علی کل الناس ان یکونوا لحمة واحدة ویدا واحدة ‘یا أیها الذین آمنوا أطیعوا الله وأطیعوا الرسول وأولی الأمر منکم’ وادعوهم جمیعا الی ان یتوحدوا ـ کما قال رب العزة ‘واعتصموا بحبل الله جمیعا، ولا تفرقوا’.

و اکد هاشم: مع الأسف الشدید هناک من یرید تفتیت الأمة وإضعاف قوتها ویجب أن نتصدی لهذه القوی الباغیة التی تعمل لانشطار الأمة العربیة، وإضعاف قوتها، لا من ید خارجیة بل من ید أهلها أنفسهم، کما قال تعالی ‘یخربون بیوتهم بأیدیهم وأیدی المؤمنین فاعتبروا یا أولی الأبصار’ فهؤلاء یریدون خراب بلادنا بتسلیط العرب علی بعضهم بعضا والمسلمین علی بعضهم بعضا، والمذاهب علی بعضها.

وحول مؤامرة الفتنة و تمزیق شمل الأمة اکد هاشم هناک من یستغلون فرصة وجود بعض الاختلافات بین المذاهب الفقهیة فی السنة والشیعة، لکن العقلاء والحکماء للأمة قدیما قالوا ‘نتعاون فیما اتفقنا علیه، ویعذر بعضنا بعضا فیما اختلفنا فیه’.

والرسول صلی الله علیه وسلم یقول ‘أمرت أن أقاتل الناس حتی یقولوا لا اله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منی دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علی الله’ فکل من قال لا اله إلا الله، محمد رسول الله فقد عصم دمه، ولا یحل أبدا لأی إنسان مهما کان تحت أی مسمی مذهبی أو طائفی أن یعتدی علی حرمة النفس الإنسانیة.

و صرح الشیخ هاشم :طبعا ما جری من ظواهر إرهابیة نلاحظ أنها مدفوعة ومأجورة ولم تقم من نفسها، ومع الأسف فان بعضهم مسلمون، والإسلام لا یأمر أبدا بهذه الأعمال الإجرامیة والإرهابیة، فالإسلام یقول من حمل علینا السلاح فلیس منا.

وهناک فرق بین أن یرتکب إنسان ذنبا أو معصیة وهو علی یقین انه یعصی الله ویعترف ویتوب إلی الله، فهذا یتوب الله علیه، أما حین یفعل المعصیة ویستحلها ویقول إن هذا کافر ودمه حلال ـ بعد أن یقوموا بعمل غسیل مخ له ـ ویفتون له بأن هؤلاء کفار وان هؤلاء خارجون علی الإسلام وأنک حین ترتدی حزاما ناسفا وتنفجر فیهم ستذهب شهیدا إلی الجنة، أبدا لن یذهب إلی الجنة بل سیذهب إلی الجحیم 100%.

والدلیل علی ذلک أن الرسول صلی الله علیه وسلم قال عمن انتحر بأنه مخلد فی النار أبدا لن یخرج منها لأنه مات علی الکفر، فالکافر هو الذی یستحل ما حرم الله ولکن مع الأسف هذه الجماعات تستهدف شبابا أو أطفالا لیس لدیهم ثقافة أو فقه بالدین ویفهمونهم أن هذا هو الجهاد، وأنا أقول لهؤلاء الشباب: ستذهبون إلی الجحیم لأنکم تموتون منتحرین.

و حول دور المناهج التعلیمیة فی المدارس و الجامعات قال الدکتور هاشم: ان المناهج التعلیمیة فی جمیع دولنا العربیة والإسلامیة لیس بها مناهج دینیة متخصصة فی الفقه والعقیدة. أما فی الجامعات فلا نجد أی تعلیم فقهی أو شرعی ولو مادة واحدة، ولذلک یتخرج طالب الجامعة ولیس لدیه ثقافة إسلامیة.

وأضاف عضو هیئة کبار العلماء فی مصر: نحن اقترحنا مادة تقرر فی جمیع الجامعات اسمها مادة «الثقافة الإسلامیة» نجمع فیها مجموعة من تفسیر آیات القران وأحادیث الرسول صلی الله علیه وسلم وآراء الفقهاء والمذاهب الإسلامیة وآراء العلماء حتی یتخرج الطالب ولدیه جرعة کافیة من العلم الشرعی تمکنه من التصدی لأی فکر یحاول أن یقتحمه أو یقتحم الجامعة.

 

یروت/ 28 تموز/ یولیو/ إرنا – أکد الأمین العام لـ«المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب الإسلامیة» آیة الله الشیخ محسن الاراکی، علی الاتحاد والوحدة والهویة والعقیدة لتحقیق الانتصار علی العدو الصهیونی، مشددًا علی أنه 'من دون اتحاد لا هویة ومن دون هویة لا عقیدة ومن دون عقیدة لا انتصارًا'.

أضاف فی کلمة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة التی ألقاها فی جلسة افتتاح مؤتمر «متحدون من أجل فلسطین-إسرائیل الی زوال» الذی ینظمه «الإتحاد العالمی لعلماء المقاومة» برعایة الأمین العام لحزب الله السید حسن نصرالله فی قصر الأونیسکو فی العاصمة اللبنانیة بیروت الیوم الثلاثاء: 'نحن هنا لکی نجدد المیثاق مع الله ومع الرسول (ص) أننا ثابتون علی العهد وعلی طاعة الله ورسوله وعلی خط المقاومة وفی سبیل الجهاد من أجل الحق والدفاع عن المظلومین والمستضعفین، وسبیل الدفاع عن القیم القرآنیة والرسالة الإسلامیة..'.

وعرض الشیخ الآراکی لواقع المسلمین فی العالم الیوم معتبرًا أنهم خالفوا رسول الله (ص) فی وصایاه وقال مخاطبًا الرسول (ص): 'لقد حذرتنا من أن نختلف وقلت لنا لا ألفینکم بعدی ترجعون کفارًا یضرب بعضکم رقاب بعض.. وخالفنا، وحذرتنا من أن نختلف فیما بیننا.. فخالفنا، وأمرتنا أن نطیع الله وان نطیعک فی ما أمرتنا به.. فخالفنا، وأمرتنا أن نثبت علی الحق.. فخالفنا، وأمرتنا أن ننصر الحق وأن نثبت علی نصرة الحقیقة.. فخالفنا، وحذرتنا من الدنیا ومن الهوی.. فخالفنا، ولکننا الآن نعود إلیک لکی نجدد المیثاق معک، وأن نتوب إلی الله سبحانه وتعالی.. یا رسول الله.. یا أبانا استغفر لنا، فقد جئنا إلیک وکلنا شعور بأننا لم نؤد حقک الذی کان واجبًا علینا، وکلنا شعور بأننا قصرنا فی ما علینا من واجب ولولا هذا التقصیر لما عم بلادنا هذا الذی نعانیه من أذیة وفرقة ومن الدماء التی تسیل.. نعود إلیک یا رسول الله ونسألک أن تستغفر الله لنا..'.

وأضاف الشیخ الآراکی: 'نرید أن نجدد العهد معک، وأن نبایعک مرة أخری علی أن نکون علی العهد وعلی الطاعة والدم والنصرة وعلی أن نبذل دماءنا فی سبیل العدل الإلهی والدفاع عن المظلومین وعن المسجد الأقصی وعن فلسطین وعن القرآن الذی أحرق وعن قیمنا التی سحقت وهویتنا التی مزقت وعن بلادنا التی شتت وعن أمتنا التی حقرت وأهینت'.

 

تململ ومعارضة شعبية في المجتمع الاميركي على خلفية إجراء "قيادة العمليات الخاصة"، مناورات وتدريبات عسكرية واسعة النطاق في أراضي الولايات الجنوبية والمطلة على مياه خليج المكسيك، تستمر لثمانية اسابيع، لمحاكاة بيئة "حرب حقيقية"، تمتد من 17 تموز الجاري إلى 15 أيلول/سبتمبر المقبل. 

المناورات العسكرية تشارك فيها أذرع "القوات الخاصة" في كافة الاسلحة: براً وجواً وبحراً ومشاة بحرية؛ تضم وحدات الضفادع البشرية، وقوات اللواء 82 المحمولة جواً، ومشاركة أجهزة حكومية منها مكتب التحقيقات الفيدرالي وهيئة الحماية من المخدرات. 

وستجري المناورات الضخمة على أراضي ولايات: تكساس، يوتاه، نيومكسيكو، اريزونا، كاليفورنيا، نيفادا وفلوريدا؛ تحت مسمى "جيد هيلم 15". وكات ردود الفعل الاولية الرفض بشدة من قبل التيارات اليمينية والميليشيات المسلحة التابعة لها، لا سيما في ولاية تكساس، لاستخدام فضائهم الجغرافي كقاعدة تدريب موسعة "تتعدى فيها أذرع القوات العسكرية المختلفة على حرمة الاراضي العامة والخاصة لإطلاق مناورات تحاكي حرباً حقيقية، وشنّ عمليات خاصة فوق أراضٍ معادية يعاونها الطيران الحربي من ولاية إلى أخرى". 

وجدير بالذكر أن "قيادة العمليات الخاصة" لها ميزانية خاصة بها ضمن وزارة الدفاع، وطالبت بتخصيص نحو 11 مليار دولار للسنة المالية 2016، يذهب جزء منها لتمويل مناورات "جيد هيلم 15"، بغية التحقق من جهوزية القوات العسكرية في بند جديد للعقيدة العسكرية يعرف بـ "الاختصاص البشري" لدراسة بيئات الحروب المختلفة في الابعاد الاجتماعية والحضارية والاقتصادية – وفق أدبيات قيادة العمليات الخاصة. 

وتحظى ولاية تكساس بميزة خاصة ونزعة انفصالية بين مواطنيها، على خلفية مناهضة تدخل الدولة المركزية في شؤونها، يعززها العائدات الهائلة من النفط والتنامي المستمر لأوضاعها الاقتصادية. وتنوي قيادة العمليات الخاصة إشراك 1،200 جندياً وعسكرياً في رقعة تمتد لنحو 17 مقاطعة في ولاية تكساس في مهام متعددة أوضحتها في بيان لها، بأنها تشمل "تسلل وإنقاذ الافراد والمعدات، عمليات استرداد الافراد، دمج مهام القوات التقليدية، عمليات الانقاذ الجوية، التوزد الجوي بالوقود، تحركات طويلة المدى واستخدام عناصر القيادة والتحكم". 

واستبقت القيادة المناورات بالتفاعل مع أصحاب الاراضي الخاصة طمعاً في موافقتهم والتعهد لهم "بإصلاح أي ضرر قد يلحق بالبيئة نتيجة المناورات"، بيد أن مسألة التعويض المالي لم تطرح على جدول الاعمال.

إتساع رقعة المعارضة

ولقيت ظاهرة عسكرة المجتمع تحفظات كثيرة وأعتراض شديد من بعض القوى السياسية والاجتماعية، خاصة في أعقاب جملة حوادث القتل المتعمد من أجهزة الشرطة على خلفيات عرقية في عدد من المدن الاميركية. وأعربت الفعاليات والشخصيات الليبرالية عن معارضتها للمناورات العسكرية المقررة، لاعتقادها أنها تمثل "الحلقة المقبلة من تعدي المؤسسة العسكرية" على حريات المواطنين. 

وأججت انتهاكات أجهزة الشرطة الصراع الاجتماعي – الاقتصادي، وزادت المخاوف من إقدام الدولة المركزية على التدخل مباشرة لإخماد المحتجين والمتظاهرين. وشهدت تجليات متعددة في مدن كبرى مختلفة، في ولايات متشيغان وفلوريدا وكاليفورنيا، إلى جانب مراكز الصراع مع أجهزة الشرطة. وأعرب عدد من القيادات الشابة بين المتظاهرين عن قلقهم من استغلال الدولة أجواء الاحتقان ذريعة للتدخل العسكري المباشر بحجة إجراء التدريب والمناورات. 

وعبرت رئيسة "تحالف السماوات السلمي"، في ولاية نيو مكسيكو، كارول ميللر عن المخاوف التي تنتشر بين المواطنين جراء محاولات سلاح الجو استخدام مواقع بالقرب من أماكن سكنية "كحقل رماية حقيقي للقذائف"، ومخاطر إندلاع الحرائق في المناطق الحرجية. وحثّ التحالف حاكم الولاية، السيدة سوزان مارتينيز، على توضيح المسألة لوزارة الدفاع ومطالبتها بحصر التدريبات والمناورات الخاصة بعملية "جيد هيلم 15" في القواعد العسكرية المتعددة المنتشرة في الولاية، والتي تضم بعضاً من أكبر قواعد سلاح الجو الاميركي. 

وأشارت يومية "واشنطن بوست" إلى البعد العنصري في معارضة بعض مواطني ولاية تكساس التي ستستضيف قيادة العمليات في مدينة "باستروب". ونقلت على لسان عمدة البلدة السابق لحين عام 2014، تيري اور، قوله إن "قناعة السكان تتمحور حول تخلف الحكومة عن الاصطفاف إلى جانب الرجل الابيض. لو كان الامر يتعلق بأي رئيس آخر غير أوباما، لما برزت مشكلة". 

وحفّزت مشاعر عدم الثقة بين سكان تكساس والدولة الفيدرالية حاكم الولاية، على استخدام الحرس الوطني التابع لإمرته مباشرة لمراقبة مناورات وتدريبات "جيد هيلم 15"، مطمئناً المواطنين وقيادة الحرس الوطني إلى "أهمية السلامة الشخصية التي يعول عليها أهالي تكساس، وصون الحريات الدستورية، وحماية حقوق الملكية الخاصة وعدم التعدي على الحريات المدنية". 

ويشار إلى نتائج استطلاعات للرأي أجريت في تكساس حديثاً، 25 حزيران 2015، دلت على قلق نسبة مرتفعة من المواطنين "للتدخل العسكري بغية اعتقال المتظاهرين والناشطين السياسيين"، بينما أعرب نحو 50% من المستطلعة آراءهم عن اعتقادهم باحتمال استخدام الدولة للقوات العسكرية "لانتهاك حقوق الملكية الخاصة، وفرض الاحكام العرفية لمصادرة الاسلحة الفردية". وعلّق مدير الاستطلاع، دارن شاو، بالقول إن "الثقة بالحكومة الفيدرالية معدومة بين ناخبي ولاية تكساس. نسبة القلق تبلغ الثلث بين الناخبين الديموقراطيين، بينما ترتفع النسبة بين الجمهوريين إلى 55% - 65%".

نفور واسع من التدخل العسكري

وحافظت الدولة الاميركية على فصل القوات المسلحة من القيام بمهام أمنية داخلية، منذ بدء تأسيسها، وعزوف المستوطنين البيض عن دعم الجنود البريطانيين لمهام قمع الاحتجاجات. وأقرّ الكونغرس قانون "بوسي كوميتاتس – قوات الدولة" عام 1878 يجرم استخدام القوات المسلحة في مهام الشرطة المحلية. 

واستعاضت الدولة المركزية عن إدخال القوات المسلحة بوحدات الحرس الوطني، التي تخضع لتدريبات عسكرية أسوة بالقوات النظامية، وعلى أراضي وقواعد مملوكة للدولة. وكثفت من الاعتماد على قوات الحرس لإخماد التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية إبان الحرب على فييتنام، وكذلك لإخماد تظاهرات السود في طول وعرض الولايات المتحدة عقب اغتيال الزعيم مارتن لوثر كينج، 1968. 

واستغلت الدولة المركزية أيضاً الاجواء الجماهيرية الغاضبة عقب تفجيرات 11 سبتمبر/ايلول 2001، وسارعت لابطال مفعول قانون عام 1878، ومنح الرئيس السلطة التنفيذية مزيداً من الصلاحيات لاستدعاء القوات المسلحة في مهام أمنية في الداخل الاميركي. 

ونشرت صحيفة "الغارديان" اللندنية، 12 حزيران 2014، تقريراً عن برنامج بحثي مكثف للمؤسسات الاكاديمية بتمويل من وزارة الدفاع، يدعى مبادرة مينيرفا للأبحاث، لمحاكاة "المخاطر واختلال التوازن الاجتماعي في حال نشوب عصيانات مدنية كبيرة عبر العالم، وما يتعين على أذرع القوات المسلحة الاميركية الاضطلاع به"، ويرمي إلى تطوير قاعدة المعرفة العامة في صفوف القادة العسكريين للابعاد "الاجتماعية والثقافية والسلوكية والقوى السياسية ذات التأثير في رسم مستقبل مناطق عالمية مختلفة"، واعتبرته "ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة". 

وأحد تلك البرامج تبنته جامعة كورنيل الاميركية "تحت إشراف سلاح الجو" للتعرف ميدانياً على "ديناميات التعبئة للحركات الاجتماعية والحجم الحرج لعدوى الاحتجاجات الاجتماعية" في مصر عام 2011، وانتخابات البرلمام الروسي لعام 2011، واحتجاجات حديقة غيزي في تركيا عام 2013. برنامج آخر تحت اشراف كلية الدراسات العليا في سلاح البحرية الاميركية، للبحث في أسباب تحول الفرد إلى الارهاب، اعتبر الناشطين في المنظمات غير الحكومية، على قدم المساواة بمؤيدي استخدام العنف في النشاطات السياسية. 

تدريبات عسكرية في مناطق سكنية

إن عزوف القطاعات الشعبية عن تقبل وجود قوات عسكرية بكامل أسلحتها في أحيائها السكنية، لم يمنع المؤسسة العسكرية من إجراء تدريباتها للقوات الخاصة في مناطق مأهولة بالسكان. بل تضمنت تدريبات قوات "القبعات الخضر" تلك المهمة تحت برنامج يدعى "روبين سيج – الحكيم روبين". 

ويعدّ البرنامج المذكور باكورة التدريبات على خوض الحروب غير التقليدية، تجري في غابات ولاية نورث كارولينا، يفضي إلى تأهيل المرشح الانتساب للقوات الخاصة. ويرمي إلى توفير تدريبات واقعية تحاكي تكتيكات وأساليب الحرب غير التقليدية، يكافأ المرشح الناجح بالانضمام لقوات القبعات الخضر. 

كما تجري وحدات القوات الخاصة تدريبات ومناورات في مناطق متعددة من الولايات المتحدة تركز على تنمية القدرة على التسلل، والقيام بأعمال تخريب لمنشآت البنى التحتية؛ والتعرف إلى أي ثغرات أمنية في شبكة البنى التحتية الاميركية. وجدير بالذكر أن تلك التدريبات تجرى بعيداً عن الانظار مقارنة بتدريبات "جيد هيلم 15"، التي تدور في مناطق مأهولة وأمام أعين وسائل الاعلام المختلفة. 

ويشار أيضاً إلى أن مناورات ضخمة أجرتها القوات العسكرية في ولاية كولورادو في شهر ايار المنصرم، كانت الاضخم حجماً منذ الحرب العالمية الثانية، إذ اشترك فيها ما ينوف عن 4،000 جندي مدعمين بأزيد من 300 عربة مدرعة من طراز "سترايكر"، وعربات أخرى. وجددت المناورات مشاعر القلق والشك بين صفوف المواطنين لا سيما وأن بلادهم غير منخرطة في حرب شاملة بحجم الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن أن الطبيعة الجغرافية للمناورات لا تشبه ساحات الحروب الدائرة في سوريا والعراق وأفغانستان. 


مخاوف من الاضطرابات المدنية


وشكلت مناورات "جيد هيلم 15" ظاهرة غير مسبوقة في نظر المواطنين العاديين، ويعرب البعض عن عدم ثقته بالرواية الرسمية لوزارة الدفاع بأنها تخفي الاهداف الحقيقية لدوافع واعتبارات سياسية أو عملياتية. كما أدى فشل لجان الكونغرس المختصة التحقيق في المناورات المذكورة إلى تعاظم مشاعر القلق وعدم الثقة لا سيما وأن "قيادة العمليات الخاصة تحيط المناورات بجدار كثيف من السرية". 

وللدلالة، أعلنت وزارة الدفاع عن عدم منحها تصاريح للوسائل الاعلامية لتغطية التدريبات. وأوضح الناطق العسكري مارك لاستوريا لصحيفة "واشنطن بوست"، في 9 تموز الجاري، رداً على استفسارها عن إقصاء صحافييها من مرافقة سير العمليات قائلاً إنه "يتم تقييم كافة طلبات الوسائل الاعلامية لتغطية عناصر قيادة العمليات الخاصة وفق معايير جدواها والموافقة عليها أينما كان ممكناً". 

وأثار جدار السرية العسكرية حفيظة مختلف الوسائل الاعلامية، التي تصدح بالحرية الاعلامية ليلاً نهاراً، مما حفز بعضها للتساؤل علناً "من هو الطرف المستفيد من تلك المناورة: هل هو الشعب الاميركي؟ أم الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع لتسويق أسلحة جديدة لحروب تدار بالتحكم عن بعد بشكل متزايد؟". 

وبالعودة إلى برنامج "مينيرفا" سالف الذكر، فإن عملية التدقيق والتحقق من أهداف وأبعاد البرنامج الاخطبوط تؤشر على توفر خطة جاهزة لدى وزارة الدفاع للتعامل مع الاضطرابات المدنية بالوسائل العسكرية، يعززه تطبيقات البرنامج إبان اندلاع التظاهرات المليونية في مصر، وتسخير وسائط التواصل الاجتماعي كبديل عن شبكات الاتصال الرسمية وإصدار التوجيهات المطلوبة لانتشار وتأجيج الاحتجاجات والاشتباكات في مناطق مختارة بعناية. 

وأوضح أستاذ علم الإناسة، ديفيد برايس، في جامعة سانت مارتن في بريطانيا، لصحيفة الغارديان المذكورة، إنه استطاع تحديد عدد من المناورات العسكرية التي تجريها البنتاغون والرامية "لقمع الاحتجاجات وحرية التعبير". وأضاف أن أحد "التدريبات الحربية تضمنت مواجهة احتجاجات نشطاء البيئة ضد التلوث الصادر عن محطة توليد الكهرباء، تدار بالفحم الحجري بالقرب من ولاية ميزوري، بعضهم اكتسب شهرة نادي سييرا لحماية البيئة". 

وتتضح أهمية ما أورده الاستاذ الجامعي عند التدقيق بشعار "جيد هيلم" القائل "باتقان استخدام العنصر البشري"، أي آليات التعرف على الاعداء والاصدقاء في منطقة غير مستقرة استناداً لخصائص أساليب حيواتهم ومدى تفاعلهم مع وسائط التواصل الاجتماعي. 

وعند الاخذ بعين الاعتبار اعتماد الشعب الاميركي الهائل على وسائط التواصل الاجتماعي، بمعدلات تفوق المجتمعات الاخرى، يتضح حجم التحضيرات الاميركية لمواجهة اضطرابات داخلية مقبلة. 

إنهيار سمعة تفوق المقاتلة الاميركية

ساد الوجوم أوساط المؤسسة العسكرية الاميركية والاسرائيلية على السواء، عقب خسارة أحدث المقاتلات الحربية من طراز اف-35 تفوقها في القتال الجوي لصالح مقاتلة من الجيل السابق من طراز اف-16. وراهنت المؤسستان على الجيل المتطور للمقاتلة ودخولها ترساناتهما الحربية، على الرغم من تعثر الانتاج واستمرار الصعوبات التقنية وعدم القدرة للسيطرة عليها، والتي أدت إلى وفاة بعض الطيارين أثناء التدريب. 

ويشار إلى أن وزارة الدفاع الاميركية كانت تنوي شراء 2،443 طائرة من الطراز المذكور بكلفة اجمالية بلغت 400 مليار دولار، وهي في تصاعد مستمر. تقدر كلفة برنامج المقاتلة الاجمالية بما فيها أعمال الصيانة والتدريب، لمدة 15 عاماً على الاقل، نسبة تتراوح بين 859 مليار وتريليون دولار. 

كما أن شهادة المرشح لرئاسة هيئة الاركان، جوزيف دانفورد، امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، منتصف الاسبوع، جاءت صادمة لأركان المؤسسة السياسية والعسكرية على السواء. إذ أعرب دانفورد عن "جهوزيته لاعادة النظر" ببرنامج التسلح الاكثر كلفة في التاريخ العسكري الاميركي. 

صراحة دانفورد سبقها شهادة رئيس هيئة الاركان الحالي، مارتن ديمبسي، التي حذر فيها من "لجوء المؤسسة العسكرية إلى إعادة النظر وإعادة تنظيم القوات والموارد للحروب المختلطة في المستقبل"، مستطرداً أن تمدد برنامج المقاتلة لعدة سنوات أبعد مما كان مرصوداً له زاحم اولويات الأمن القومي الاخرى على الميزانيات المطلوبة. 

في البعد التقني والعملياتي، تداولت وسائل الاعلام بعض "التسريبات" من مصادر عسكرية عليا تفيد بعد قدرة المقاتلة الحديثة التفوق على الجيل السابق في القتال الجوي، بل قد تتعرض حياة اطقم الطائرة الى الخطر خلال عمليات اشتباك من مسافات قريبة. 

وأوجز قائد المقاتلة اف-35 تقييمه عقب مناورات حربية في مواجهة الجيل السابق من اف-16 بالقول ان جذر المعضلة في المقاتلة يتعلق بقدرتها على المناورة، اذ انها اثبتت عدم قدرتها على التفوق القتالي في معركة ضد مقاتلة قديمة. تقييم الطيار اعتبر مخففا بعض الشيء نظراً لأن المقاتلة اف-16 تحمل خزانات وقود اضافية مما يجعلها اشد بطأً في المستوى النظري. 

وأردف الطيار في تقييمه ان المقاتلة الحديثة تعاني من ثغرة كبيرة في استخدام الطاقة، مشيراً إلى صعوبة تصويب واستهداف طائرة اف-16 بالمدفع الرشاش لكائرته عيار 25 ملم. كما أنها أخفقت في الهروب من مرمى نيران المقاتلة الاقدم. 

كما أشار إلى ضيق حيّز مقود المقاتلة مما أعاق حركة رأسه والسماح للمقاتلة المعادية التسلل لاستهدافه. وتجدر الاشارة إلى أن الترويج لإنتاج هذه الطائرة الحديثة بدءاً بتصميمها لتكون بديلة للطائرات المستخدمة من كافة فروع القوات المسلحة لتقوم بكل المهمات البرية والبحرية والجوية.

في أوفا إرتسمت ملامح محور دولي جديد، يمثل مصالح نصف العالم على أقل تقدير. إنضمام باكستان والهند إلى "منظمة شنغهاي للتعاون"، جعل من هذا التكتل الإقليمي تحالفاً يتألف من أربع دول نووية، ما يعني تحقيق توازن إستراتيجي مع العالم الغربي الذي يضم ثلاث قوى نووية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. 

واجتمعت دول "منظمة شنغهاي" على ثوابت تنبع من مصالحها الاقتصادية ورؤيتها المشتركة لتحديات وتهديدات المرحلة. 

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "نعرف تاريخ العلاقات بين الهند وباكستان ونأمل بأن تصبح "المنظمة" ساحة للبحث عن حلول وسط حول المسائل الخلافية"، وأردف "كما أن دول "المنظمة" تؤيد انضمام إيران، لكن ينبغي أولاً استكمال إجراءات انضمام الهند وباكستان ثم سندرس آفاق توسع "المنظمة"". 

عضوية إيران التي دعمها الرئيس بوتين ونظراؤه في المنظمة وغدت مسألة فنية تحتاج لقليل من الوقت، لا شك ستكسب التكتل مزيداً من الهيبة والتأثير والفاعلية. 

وقال السفير الايراني في موسكو مهدي سنائي، إنضمام إيران إلى "المنظمة" سيعود بالنفع على الطرفين في المجالات كافة وسيساعد على حل مشاكل عدة في مقدمها محاربة الإرهاب والتطرف، وأكد أن "إيران حجر أساسي في الهيكلية الأمنية الإقليمية".    

وفي حساب التوازنات الدولية، أصبحت "منظمة شنغهاي للتعاون"، عامل إغراء حتى لدول خارج الاقليم مثل مصْر ودول محسوبة على الفضاء الاوروأطلسي مثل تركيا. 

إذا نجح بوتين في تقويض المخططات الغربية الرامية إلى عزل روسيا. وكأن سيد الكرملين يقول لخصومه، إذا أغلقتم النافذة على الغرب سأفتح نافذة على الشرق.

الأحد, 12 تموز/يوليو 2015 04:32

من يطمئن من، إيران أم الدول النووية؟

نحن الآن في فيينا نشهد الحلقة الأخيرة من المسلسل الطويل لمفاوضات إيران مع السداسية الدولية، والتي إستمرت لثلاثة عشر عاماً متوالية، في عهد ثلاثة رؤساء إيرانيين ومثلهم من الولايات المتحدة، وخمسة وزراء خارجية أميركيين وأربعة من إيران، وعشرات المفاوضين على الجانبين، ومليارات الدولارات من الخسائر السنوية لإيران بسبب العقوبات، وجلسات مفاوضات متنقلة بين ثماني مدن على الأقل. 

كل ما سلف كان الهدف منه بحسب ما تقول الولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى والإتحاد الأوروبي، هو الحصول من إيران على ضمانات بأن برنامجها لن يشكل خطراً على السلام الدولي.  

ربما هو جفاء الإيرانيين مع الإعلام من جهة، ومن جهة ثانية شخصية الدولة في إيران، إذا جاز التعبير، والتي لا ترى أنها بحاجة لبذل جهد حقيقي في مجال شرح ما تقوم به للعالم، المهم بالنسبة لهم أن من في إيران يعرف أنه يقوم بعمله كما يجب أن يكون. ولهذا هناك دوماً فجوة بين نظرة الآخر إلى إيران ونظرة الإيراني إلى نفسه، هي مسألة لها علاقة بالتركبية الإجتماعية الثقافية لهذا البلد الموغل في التاريخ. هذا يشرح لماذا لم تخرج إلى العالم فتوى تحريم السلاح النووي والكيميائي لآية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وهي التي فعّل الإيرانيون إستخدامها الإعلامي الفعلي قبل بضعة سنوات فقط. بل أن غارث بورتر، المؤرخ الأميركي والصحافي الإستقصائي، إكتشف خلال عمله على كتاب حول البرنامج النووي الإيراني، أن الإمام روح الله الخميني كانت لديه فتوى أيضاً بتحريم الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، وينقل عن محسن رفيق دوست، الوزير الأسبق للحرس الثوري في الحكومة الإيرانية، أنه في خضمّ الحرب الإيرانية -العراقية قدم دراسة للإمام عن إمكانية تطوير أسلحة غير تقليدية، بيولوجية وكيميائية، فكان أن سمع من الإمام كلاماً حاسماً في هذا الإطار. قال الإمام الخميني "بدل أن تفكروا في صناعة أسلحة كيميائية وبيولوجية، علينا صناعة أدوات حماية لجنودنا من هكذا أسلحة كأقنعة مضادة للغازات وما إليه". يضيف رفيق دوست "أخبرت الإمام عن وجود فكرة بعيدة الأمد للبدء في مشروع لإنتاج أسلحة نووية، فأجاب الإمام بشكل قاطع لا نريد هكذا أسلحة، إذا كان لديك علماء أرسلهم إلى الوكالة الإيرانية للطاقة للذرية، هكذا أقفل الإمام الباب أمام حتى التفكير في هذا الأمر". 

تجلس إيران اليوم، التي لا تمتلك أية قنبلة أو رأس نووي، في مواجهة ست دول تملك معاً على الأقل خمسة عشر ألف رأساً نووياً. تجلس محصنة بموقف رسمي وفتاوى شرعية في مقابل هذه الدول التي تسعى للحصول على نوع من الطمئنة من إيران، رغم أن المنطق يقول إن طهران هي من يحتاج للإطمئنان.

الثلاثاء, 30 حزيران/يونيو 2015 06:15

كلمات قصار للسيد موسى الصدر حول الثورة

* الإسلام أكثر من ثورة، ثورة في الوضع الإجتماعيّ والوضع السياسيّ بل ثورة في النفوس، ثورة في الروية الكونيّة حتّى.

* نعيش أمل الفجر لأنّنا كما نعرف كتب اللَّه علينا أن نكون طامحين ننظر إلى البعيد البعيد، ونسعى بدون وسيلة إلى الوسائل التي نبنيها ونوسّسها...

* ثورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تعتمد على الإنسان الشريف... الكبير، الإنسان الذي يحترم نفسه، الإنسان الذي يفكّر في مصيره، الإنسان الذي يحترم ما يقول... ما يسمع... ما يحرّك... ما يشاهد... يحترم كلّ شيء.

* ثورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالدرجة الأولى تحتاج إنساناً...

* الثورة يجب أن تكون طاهرة، يجب أن تكون مقدّسة، يجب أن تمارس أفضل الأعمال! لكن إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون!

الثلاثاء, 30 حزيران/يونيو 2015 06:11

النسيان

ورد في القرآن الكريم في آيات عديدة ذم النسيان والنهي عنه والتحذير من العقاب الخطير الذي يترتب عليه. قال الله عزّ وجلّ:

(كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه/ 126).

وقال تعالى:

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (الحشر/ 19).

(فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) (الجاثية/ 34).

وقال تعالى:

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) (الكهف/ 57)،

وآيات أخرى تتضمن هذا المعنى.

وورد في الحديث الشريف الثابت قول الرسول (ص).

"رفع عن أمتي تسع: الخطأ، والنسيان، وما اضطروا إليه، وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون.. إلخ".

فما هو النسيان المنهى عنه المواخذ عليه في الشريعة الإسلامية، وما هو النسيان المسموح به المعفو عنه؟

من تقصّى أحكام النسيان في الشريعة واستقراء ما ثبت العفو عنه وما ثبت النهي عنه نخرج بتحديد يميز لنا نوعين من النسيان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جوهرياً:

النوع الأوّل: زوال صورة الشيء (فكرة أو مشهد أو شعور) من صفحة النفس زوالاً وقتياً أو نهائياً بحيث يفشل الإنسان في استرجاعها إلى ذاكرته مهما أعملها، وهذا هو المعنى العرفي للنسيان، وهو تارة نسيان بسيط حيث ينسى الإنسان فيه الصورة وتارة نسيان مركب حيث ينسى الصورة وينسى أنّه ناس لصوره.

والنوع الثاني: زوال صورة الشيء لا من صفحة النفس كلياً بل من بين الصور التي يعيشها الإنسان ويتعامل بها مع الحياة، أي زوال الصورة من واجهة الذاكرة وإن بقيت في أقصاها وأمكن استخراجها إلى الواجهة بمحاولة استذكار صغيرة أو كبيرة.. وهذا النسيان كثير في حياة الناس.

فكم من شخص يحمل شعور الحب لولده أو لزوجته أو والده أو صديقه، ولكنه لا يستحضر هذا الشعور في شيء من معاملته إياه لأنّه شعور مقصي في أقصى الذاكرة وإن أمكنه إستعادته بيسر بالتذكر أو التذكير.

وكم من شخص يومن بالله واليوم الآخر ويشعر بهما، ولكنه لا يتعامل بإيمانه هذا مع شيء من حياته لأنّه قد أقصى صورته حتى كمنت في خلفية الذاكرة وأهملت مع الصورة التي يحملها ولا يتعامل فيها مع الحياة.

وهذا النحو من النسيان هو بالحقيقة إغماض وإعراض عن أفكار ومشاعر ومشاهد ينتج عنه خفوتها في خلفية النفس حتى تصبح كأنها غير موجودة.

والفارق بين هذين النوعين من النسيان كبير، حيث أنّ النوع الأوّل نتيجة طبيعية لمحدودية الاستيعاب الذهني لدى الإنسان. أما النوع الثاني فهو نتيجة طبيعية لتكرر الأعراض وتنامي إقصاء الصورة من واجهة النفس إلى خلفيتها.

وما أبعد الفرق بين صفة تكون نتيجة لناحية تكوينية في خلق الإنسان وظروفه كما هو الحال في النوع الأوّل، وبين صفة تكون نتيجة لسلوك مقصود للإنسان. وهذا ما يكشف لنا وجه المواخذة وعدم المواخذة.. فإنّ النسيان الأوّل أمر لا إرادي، والشريعة المقدسة لا تواخذ بغير المقدور ولا تكلف الإنسان مالا يستطيع. أما النوع الثاني فهو نسيان إرادي أو هو بالحقيقة تناسٍ وتكريس للإعراض عما يجب استحضاره من الأحكام والمشاعر، ولذلك صح أن تنهى الشريعة عنه وتسجل العقوبة عليه.

قد تسأل: ما دام النسيان من النوع الأوّل خارجاً عن إرادة الإنسان فيكن داخلاً في قول الرسول (ص) "وما لا يطيقون" ولا يبقى مسوغ لأن يعده الرسول أمراً مستقلاً عما عفى عنه في الشريعة. وحيث أنّه (ص) عد العفو عن النسيان أمراً مستقلاً فلا يبقى إلا أن يكون هو النوع الثاني منه.

والجواب: صحيح أنّ النوع الأوّل من النسيان (زوال صورة الشيء من صفحة النفس موقتاً أو نهائياً) بذاته أمر لا إرادي لا يصح التكليف به، ولكن يمكن تكليف الإنسان بأن يحصن معلوماته ومشاعره ويرفع مستوى تذكره واستحضاره في النطاق الذي تراه الشريعة ضرورياً... انّ الأمور اللاإرادية وإن لم يصح التكليف بها لكنه يصح بمقدماتها ومسبباتها الداخلية تحت الإرادة كما نلاحظ في القوانين والشرائع.

وعليه فإنّ رفع النسيان اللاإرادي عن الأُمّة في الحديث النبوي هو بمعنى رفع التكليف بمقدماته الإرادية. والتكليف بالمقدمات الإرادية لما كان من حقِّ الشريعة وضعه صح أن يكون من مختصاتها رفعه كما عنى الحديث الشريف.

أما النسيان بالمعنى الثاني الذي هو في حقيقته تناس وإغماض فإنّه لم يعف عنه في الشريعة ولا يصح أن يعفى عنه.. وهو الذي عنته الآيات الكريمة وحذرت من عواقبه وعقوبته.

وكذلك ينسجم الإسلام مع منطق الحياة وطبيعة الإنسان حينما يفرق بين الشخص الذي يكون بصدد تحمل مسوولياته والتزام أحكام الله تعالى ولكنه بسبب محدودية استيعابه الذهني ومشاغل الحياة ينسى حكماً شرعياً أو موضوعاً شرعياً فيقع في مخالفة.. وبين من لا يكون بصدد تحمل مسوولياته في تطبيق أحكام الله تعالى فينسى عقيدته وواجباته، ينسى الله تعالى ولقاءه وآياته على حد تعبير الآيات الكريمة..

موقف الإسلام من النسيان:
نخلص من هذا إلى انّ الإسلام يرى أنّه لابدّ للإنسان أن يستحضر مفاهيمه وأحكامه ويحافظ على حيويتها في نفسه حتى يتم له أن يواكب سلوك الإسلام وأهدافه، شأنه في ذلك شأن المبادئ الأخرى حيث يتوقف عيش الإنسان بطريقتها على استحضار مفاهيمها ومواقفها في حركة الحياة..

تسأل: انّ مفاهيم الإسلام وأحكامه كثيرة، فهل يوجب الإسلام على الإنسان أن يستحضرها جميعاً في كلِّ ساعاته ومواقفه؟ وكيف يمكن ذلك؟

الإجابة: أنّ لكلِّ مبدأ قاعدة فكرية مركزية تتفرع منها مفاهيمه وأحكامه، والمطلوب من الإنسان الذي يريد أن يطبق على حياته طريقة العيش بذلك المبدأ أن يرسخ في نفسه هذه القاعدة الأساس ويستحضر صورتها في تعامله لكي ينتقل منها بيسر إلى ما ينبثق عنها من مفاهيم وأحكام تخص أعماله ومواقفه اليومية..

وإنّ هذا الأسلوب من الاستحضار ليس من مختصات العيش بالطريقة الإسلامية بل هو الأسلوب المتعين لمن يريد العيش بطريقة أي مبدأ، فالذي يريد العيش بطريقة المبدأ الشيوعي لابدّ له أن يستحضر في سلوكه صورة الاعتقاد بالديالكتيك باعتبارها القاعدة المركزية والمنطلق الذي تتفرع منه تفاصيل ومفاهيم وأحكام طريقة العيش الشيوعية. أو يستحضر صورة ماركس باعتباره رائد طريقة هذا العيش وواضعها أو مبلورها بعد هيجل.

والذي يريد العيش بطريقة المبدأ اليهودي لابدّ له من استحضار سورة العنصر المختار باعتبارها القاعدة المركزية التي تتفرع منها مفاهيم وأحكام وأهداف المبدأ اليهودي.

والذي يريد العيش بالمبدأ المسيحي عليه أن يستحضر صورة المسيح بما تضمنها المسيحية الفعلية من ألوهية وتكفير للخطيئة الموروثة.

والذي يريد العيش بالطريقة الوجودية عيه أن يستحضر صورة لا مسوولية الإنسان عن أن يكمّل وجوده بما يهوى..

وهكذا، فإنّ العيش بطريقة أي مبدأ لا تتم إلا أن يستحضر الإنسان في حركة حياته (القاعدة المركزية) لذلك المبدأ، والتي قد تكون قيمة معينة أو فكرة معينة أو شخصية معينة تتفرع عنها تفاصيل تلك الطريقة..

ومن الفارق بين المبادئ في نوعية صورها الأساسية ينتج الفارق سعة وضيقاً ونجاحاً وإخفاقاً في تجسيد طريقة العيش المطلوبة للمبدأ، تبعاً لمنطقية تلك الصورة وموضوعيّتها في انبثاق المفاهيم والأحكام عنها، وتبعاً لطاقة دفعها للإنسان لتجسيد طريقة العيش المتفرعة عنها.

والقاعدة المركزية في الإسلام هي الاعتقاد بالله عزّ وجلّ صاحب المفاهيم والأحكام الإسلامية، فمن الواضح أنّ كافة مفاهيم الإسلام وأحكامه مبنية ومتفرعة عن الإعتقاد بأنّ للكون خالقاً من غير نوعه وأنّه عزّ وجلّ وضع للناس طريقة عيش تم تبليغها بواسطة الرسول الأعظم (ص).. فإذا ما ترسخت هذه الحقيقة في فكر الإنسان وقلبه والتفت إليها أثناء سلوكه فما أيسر أن ينتقل منها على ضوء معلوماته إلى الأحكام والمفاهيم المتعلقة بعمله الفعلي. بل يمكن أن يتحول الالتفات إلى الله تعالى إلى حضور موجّه دائم يعيش الإنسان معه ويطبق توجيهه في كلِّ الأمور.

المصدر: كتاب فلسفة الصلاة

الثلاثاء, 30 حزيران/يونيو 2015 06:06

إعرف قدر عمرك

مراحل عمر الإنسان
قال بعض الحكماء: إن الإنسان مسافر، ومنازله ستة وقد قطع منها ثلاثة وبقي ثلاثة:

فالتي قطعها:
1- من كتم العدم إلى صلب الأب وترائب الأم.
2- رحم الأم.
3- من الرحم إلى فضاء الدنيا.

وأمّا التي لم يقطعها:
فأولها القبر، وثانيها فضاء المحشر، وثالثها الجنة أو النار.

لا شكّ بأنّ هذا القول يختصر لنا كل مراحل عمرنا والتي بدأت من مرحلة التراب والتي تنتهي في نهاية المطاف إلى حيث صنعت وكسبت أيدينا.

فإما إلى الجنة: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾1.

وإمّا إلى النار: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾2.

والذي ينبغي علينا للإلتفات إليه هو أننا في هذه الدنيا في حالة قطع المنزل الثالث، ومدة قطعها مدة عمرنا، فأيامنا فراسخ، وساعاتنا أميال، وأنفاسنا خطوات.

فكم من شخص بقي له فراسخ، وآخر بقي له أميال، وآخر بقي له خطوات. وأمام هذا الواقع يجدر بنا الإهتمام بما بقي لنا من مدة في هذه الحياة الدنيا، والإعتبار بما مضى من عمرنا.

يقول أمير المومنين عليه السلام: "لو اعتبرت بما أضعت من ماضي عمرك لحفظت ما بقي"3.

وهكذا الحال بالنسبة إلى ما بقي منه حيث إنّ مجيء الأجل وقدوم ملك الموت بيد الله سبحانه وتعالى، وتكليف الإنسان أمام الأجل المكتوب هو المبادرة إلى كل ما يوجب سعادته وهنائه.

ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: "إنّ العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدّر له، فبادروا قبل نفاذ الأجل..."4.

ولأنّ الأجل يأتي بغتةً فلا تنظر إلى خلفك، واغتنم حاضرك، واعمل لمستقبلك يقول أمير المومنين عليه السلام: "بادروا بالعمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنّه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق"5.

ويقول عليه السلام: "ماضي عمرك فائت، وآتيه متَّهم، ووقتك مغتنم"6.

وعنه عليه السلام أيضاً أنه قال: "إنّ ماضي عمرك أجل، وأتيه أمل، والوقت عمل"7.

والمرحلة التي نحن فيها هناك من يعمل فيها، ويأخذ منها، فبادر إلى العمل والأخذ ممّن يعمل ويأخذ منها.

يقول الإمام علي عليه السلام: "إنّ الليل والنهار يعملان فيكَ فاعمل فيهما، ويأخذان منكَ فخذ منهما"8.

العمر السعيد:
ما من أحد إلّا ويحاول جاهداً تحصيل السعادة لحياته وأيام عمره، وليس في ذلك أيّة مخالفة لتعاليم الدين، ولا يتناقض ذلك مع الهدف من وجود الإنسان في هذا الكون حيث خُلِقت الموجودات مسخّرة له وأدوات يستفيد منها في تحصيل هذه السعادة والشرط الأساس الذي يجب أن يواكب مسيرة الحياة الإنسانية وسعي الإنسان إلى تحقيق سعادته هو البقاء في ظلّ طاعة الله سبحانه وتعالى وعدم معصيته.

فالإسلام لم يمنع الإنسان من الحياة الدنيا وزينتها ومتاعها، وفتح الآفاق الواسعة أمامه لتحقيق كل رغباته شرط أن يكون ذلك مصحوباً بطاعته سبحانه وتعالى، ولعلّ ذلك يزيد من سعادة العمر أكثر.

يقول أمير المومنين عليه السلام: "عمرك مهر سعادتك إن أنفذته في طاعة ربّك"9.

ويقول عليه السلام: "إحفظ عمرك من التضييع له في غير العبادة والطاعة".

فمع كل نفس ومع كل وقت من العمر في الحياة الدنيا لا مانع من السعادة شرط تقوى الله تعالى وطاعته.

طول العمر في الطاعة:
هناك سوال يراود أذهاننا وهو: هل العمر في الدنيا أفضل أم الموت؟

وللإجابة على هذا السوال دون أيّة مقدمات نقول: إنّه وفقاً لموازين الإسلام يُعتبر العمر فرصة كبيرة للإنسان الذي إذا اغتنمه ولم يضيّعه باللهو والعبث، واستفاد منه بما يرضي الله تعالى فسوف تكون كل لحظة فيه سبباً لعلوّ الدرجات في الآخرة.

فبقدر استغلال العمر في الطاعة أو المعصية تكون صورة الآخرة واضحة. ومن أعطاه الله عمراً وكان في دائرة الطاعة ارتفع في مقابل ذلك درجات في الآخرة، ومن أعطاه الله عمراً وكان في دائرة المعصية إنحطّ في مقابل ذلك درجات.

وهكذا نعلم بأنّ العمر في الطاعة أفضل بكثير لأنه بمقدار ما يطول العمر في ذلك بمقدار ما ترتفع الدرجات.

وبذلك يكون العمر بمثابة رأسمال الإنسان الذي يتعاظم بقدر وجوده في الحياة الدنيا.

ولذا كان من دعاء الإمام علي بن الحسين عليه السلام في مكارم الأخلاق: "وعمّرني ما كان عمري بذلةً في طاعتك فإذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك..."10.

وبالتالي فإن الموت أفضل وأشرف من العمر مع المعصية، وإلّا فالعمر نعمة كبرى يجدر ويحسن بالإنسان شكر الله تعالى عليها.

وفي دعاء السيدة الزهراء عليها السلام: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي"11.

العمر وحُسنُ العمل:
مع معرفة الإنسان لنفاسة الوقت، وجلالة العمر يحاول بذلك إستدراك ما فاته من تضييع للوقت، واستشراف الحاضر والمستقبل لاغتنام كل لحظة فيهما.

وأول ما ينبغي تداركه هو السعي والعمل لكل ما ينفعه في الدنيا والآخرة، ففي الحديث: "إنّ الليل والنهار يعملان فيكَ فاعمل فيهما، ويأخذان منكَ فخذ منهما"12.

وفي توجيهات أمير المومنين عليه السلام: "فاغتنم وقتك بالعمل"13، فالوقت والعمر للعمل والاكتساب والتزوّد، وإلّا كانت الحياة لهواً وعبثاً وهذا يتناقض تماماً مع الهدف السامي للحياة الإنسانية.

حسرة العمر يوم القيامة:
اللحظة الحاسمة التي يلتفت فيها الإنسان إلى قيمة العمر في الأعم الأغلب هي تلك اللحظة التي لا يعود معها نفع ولا إمكانية للعودة إلى الوراء، وهي لحظة الوقوف بين يدي الله تعالى والسوال عن العمر فيما أفنيته.

والحديث النبوي يحذّرنا قبل الوصول إلى تلك اللحظة حيث ورد فيه: يفتح للعبد يوم القيامة على كل يوم من أيام عمره أربعة وعشرون خزانة – عدد ساعات الليل والنهار – فخزانة يجدها مملوة نوراً وسروراً فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزّع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، وهي الساعة التي أطاع فيها ربّه.

ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسّم على أهل الجنة لنغّص عليها نعيمها، وهي الساعة التي عصى فيها ربّه.

ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسرّه ولا ما يسووه وهي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها حيث كان متمكّناً من أن يملأها حسنات ما لا يوصف، ومن هذا قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾14.

إذن ليست المسألة على ضوء الحديث المتقدم هي في تضييع العمر بالمعاصي والسيئات، بل حتى في الفراغ الذي قد لا يكون فيه معصية، وكذلك ليس فيه طاعة لله عزّ وجلّ.

هي أعمارنا أوجدها الله تعالى وخلقها لسعادتنا، فتعالوا كي نجمع أمرنا حتى لا تتحوّل إلى حسرة وندامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.

والحمد لله رب العالمين

 

الهوامش:

1- سورة النازعات، الآية: 41.
2- سورة النازعات، الآية: 37.
3- غرر الحكم، الامدي.
4- بحار الأنوار، المجلسي، ج 77، ص 9.
5- نهج البلاغة، الخطبة 114.
6- غرر الحكم، الآمدي.
7- المصدر نفسه.
8- المصدر نفسه.
9- المصدر نفسه.
10- الصحيفة السجادية، الدعاء 20.
11- بحار الأنوار، ج 94، ص 225.
12- غرر الحكم للآمدي.
13- المصدر نفسه.
14- بحار الأنوار، ج 7، ص 262.

التقى سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية عصر يوم الأحد 28/06/2015 م رئيس السلطة القضائية في إيران و مسؤوليها، و أثنى على الشهيد المظلوم آية الله محمد بهشتي و الشهيد قدوسي الذين كانا ينتسبان للجهاز القضائي، و شدد على الأهمية البالغة لاستقلال الجهاز القضائي و عدم تأثره بالمؤثرات المختلفة، مؤكداً: ينبغي الوقوف بوجه العوامل التي تمس استقلال القضاء مثل التهديد و التطميع و المجاملات و الخجل و ضغوط الأجواء العامة، و التشديد على السلوك و النهج الصحيح للقضاء.
و اعتبر سماحته الاقتدار من عوامل استقلال الجهاز القضائي مردفاً: طلب السلطة القضائية للاقتدار ليس من نوع طلب الاقتدار المألوف في العمل السياسي و الفئوي، بل هو بمعنى الحسم و القطع و الثبات على كلام الحق.
النزعة القانونية و السلامة الكاملة للجهاز القضائي عاملان آخران اعتبرهما قائد الثورة الإسلامية مهمان و مؤثران في استقلال السلطة القضائية.
و أضاف سماحته: في خصوص سلامة السلطة القضائية: تم إنجاز أعمال جيدة و ينبغي مواصلة هذا الدرب بجدّ، لأنّ أي شكل من أشكال الفساد في الجهاز القضائي يمهد الأرضية لمفاسد أكبر في المجتمع.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي الحيلولة دون وقوع الجرائم و الوقاية منها قضية حساسة و مهمة أخرى من قضايا السلطة القضائية مضيفاً: طبعاً يجب على الأجهزة الأخرى أيضاً أن تنشط و تعمل في هذا المجال، و لكن ينبغي القيام بجهود منظمة في هذا المضمار، إذ في غير هذه الحالة ستزداد الجرائم و تتنشر دائماً و لن يعود بالإمكان إدارتها.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية زيادة عدد السجناء أمراً مؤسفاً حقاً و أضاف يقول: هذه القضية مكلفة من النواحي المالية و العائلية و الأخلاقية و الاجتماعية، و ينبغي بالتركيز على الحلول المختلفة التفكير في علاجها بجد.
و في هذا المجال اعتبر الإمام الخامنئي إشاعة ثقافة السلام و التفاهم في المجتمع و تقوية مجالس حل الخلافات و تشخيص آفاتها و سلبياتها عملية مؤثرة في الحيلولة دون زيادة عدد السجناء، مردفاً: لمواجهة التبعات السلبية لزيادة عدد السجناء ذوي المخالفات المالية و سجناء المخدرات أيضاً ينبغي السعي لطرح اقتراحات و حلول جديدة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية على السعي لتسهيل زواج الشباب مشيراً إلى بعض مشكلات محاكم العائلة و منها «الطلاق التوافقي» و أضاف قائلاً: ليقلل القضاة المحترمين بمساعدة الكبار المؤثرين في العوائل من هذه الأمور.
و كانت «البرمجة» و «تنقيح القوانين و إصلاحها» و «إعداد الكوادر» ثلاث نقاط و توصيات مهمة عرضها قائد الثورة الإسلامية في هذا اللقاء.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على ضرورة البرمجة و محورية البرمجة في الجهاز القضائي قائلاً: الاعتماد على خطة عمل واضحة و مدونة و السير الدقيق في أفق المستقبل يساعد و يمنع من الوقوع في النزاعات و التجاذبات اليومية.
و قال قائد الثورة الإسلامية في بيانه للنقطة الثانية «تنقيح القوانين و إصلاحها»: القانون يمهد الدرب لتقدم البلاد، و إذا كان في بعض القوانين إشكالات أو كانت متعارضة بعضها مع بعض فيجب إصلاحها، لكنني لا أوافق بأي حال من الأحوال التهرب من الالتزام بالقانون.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي في معرض شرحه للنقطة الأخيرة «إعداد الكوادر» إن هذه العملية بالغة الأهمية، و هناك في السلطة القضائية طاقات موهوبة و سليمة يجب إعدادها للنهوض بأعمال كبيرة.
في بداية كلمته بارك آية الله العظمى السيد الخامنئي أسبوع السلطة القضائية و حيّى ذكرى الشهيدين بهشتي و قدوسي.
و أشار سماحته إلى الدور و الشخصية الاستثنائية للشهيد آية الله محمد بهشتي خلال فترة الكفاح الثوري، و كذلك في غضون فترة إدارة البلاد في ظروف الثورة، قائلاً: آية الله السيد محمد بهشتي كان من نوادر زمانه و شخصية جذابة و مديرة و مدبرة و ثورية، و قد كانت حياته مفيدة و مؤثرة حقاً للثورة و البلاد، و أدت شهادته إلى وحدة المجتمع و انسجامه و تعزيز تيار الثورة.
كما اعتبر سماحته الشهيد قدوسي (أول مدّع عام بعد انتصار الثورة الإسلامية) شخصية ذات روح لطيفة و رقيقة و في الوقت ذاته شخصاً شجاعاً صلباً.
هذا و أثنى قائد الثورة الإسلامية على التحرك و العزيمة و الإدارة الجهادية لرئيس السلطة القضائية الحالي (آية الله الشيخ صادق آملي لاريجاني) في أداء مسؤوليته، و أضاف موضحاً أهمية الجهاز القضائي: السلطة القضائية أحد ثلاثة أركان رئيسية في البلاد، و منفذة لجانب مهم من الأحكام الإسلامية، لذا فإن توقع أيّ سعي و جهاد و صبر على الصعاب في هذه السلطة توقع في محله.
قبيل كلمة الإمام السيد علي الخامنئي، تحدث في هذا اللقاء آية الله الشيخ صادق آملي لاريجاني رئيس السلطة القضائية فحيّى ذكرى شهداء حادثة السابع من تير، و خصوصاً آية الله الشهيد الدكتور محمد بهشتي، و قدم تقريراً عن الأعمال و البرامج في الجهاز القضائي.
و أشار آية الله الشيخ آملي لاريجاني إلى مطالب قائد الثورة الإسلامية من السلطة القضائية، و أعلن أن الأولويات الست الأولى في الجهاز القضائي هي إيجاد آلية خاصة و واضحة لتدوين السياسات و متابعة تنفيذها، و الإشراف على أداء الجهاز القضائي، و الحيلولة دون التأخير في أعمال هذه السلطة، و إعداد الكوادر و البدائل، و الحؤول دون وقوع الجرائم، و التعامل البناء مع سائر السلطات، و أضاف قائلاً: تم تلخيص سياسات السلطة القضائية في ضوء توجيهات قائد الثورة الإسلامية، و على أساس ميثاق الأفق العشريني، و الخطة الخمسية للبلاد، و تدوينها على شكل خطة خمسية قضائية.
و أشار رئيس السلطة القضائية إلى تشديد الإشراف على أداء القضاة و المنتسبين للجهاز القضائي قائلاً: تمت تعبئة كل الجهاز القضائي لرفع مستوى السلامة و النزاهة الإدارية فيه.
و كان خفص المدة الزمنية للبتّ في الملفات في المحاكم، و زيادة مستوي الفائدة في البنية القضائية، و السعي للحيلولة دون وقوع الجرائم، من الموضوعات الأخرى التي استعرضها آية الله آملي لاريجاني.
في ختام هذا اللقاء أقام الحضور صلاتي المغرب و العشاء بإمامة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي.