
Super User
الإمام الخامنئی: الکثیر من مشکلات العالم الإسلامی سببها الکیان الصهیونی
استقبل سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی صباح یوم الأحد الأول من شوال 1433 هـ ق و بمناسبة عید الفطر المبارک مسؤولی و مدراء الدولة، و حشداً من مختلف شرائح الشعب، و سفراء البلدن الإسلامیة لدی طهران، و أکد علی ضرورة معرفة الظروف الحساسة و المصیریة الراهنة فی المنطقة و التحلی بالوعی حیال المؤامرات بالغة التعقید لجبهة الاستکبار ملفتاً: القضیة الأصلیة فی العالم الإسلامی هی القدس الشریف و موضوع فلسطین المظلومة، و التی برزت أکثر بفضل الصحوة الإسلامیة، و علی جمیع الحکومات و الشعوب الإسلامیة و النخب السیاسیة و الثقافیة أن تحذر من مؤامرة خطیرة هی مؤامرة التکتم علی القضیة الأصلیة للمسلمین، و خلق أجواء و ظروف کاذبة عن طریق بث الخلافات بین الأمة الإسلامیة.
و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی غفلة الشعوب و الحکومات الإسلامیة لسنوات طویلة، و هیمنة القوی التسلطیة علی مصیرهم، و زرع الغدة السرطانیة الصهیونیة فی قلب العالم الإسلامی، مضیفاً: بفضل الصحوة الإسلامیة و الأحداث المهمة فی المنطقة فقد راح ستار الغفلة الیوم یسقط، و ینبغی اغتنام هذا الموضوع.
و أکد سماحته علی أن موضوع فلسطین و القدس یقع فی القلب من الأحداث الراهنة فی المنطقة منوهاً: یجب عدم نسیان هذا الموضوع الأصلی و عدم تهمیشه، لأن الکثیر من مشکلات العالم الإسلامی ولیدة الکیان الصهیونی الزائف.
و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: فی مظاهرات یوم القدس العالمی لهذا العام استطاعت شعوب المنطقة و بفضل الصحوة الإسلامیة التعبیر عن موقفها فی هذه القضیة.
و لفت الإمام الخامنئی إلی الأخادیع و المؤامرات المعقدة للأعداء الرامیة لإخفاء قضیة المسلمین الأصلیة مردفاً: عادت القوی المستکبرة الیوم لتستخدم نفس الأداة القدیمة أی «فرّق تسد»، لذلک علی الحکومات و الشعوب الإسلامیة و خصوصاً النخب السیاسیة و الثقافیة و المستنیرین و علماء الدین أن یشرحوا للمسلمین الحقائق و الواقع.
و وصف سماحته الصهیونیة بأنها خطر علی کل البشریة مضیفاً: فی حین یحاول الأعداء تضخیم الاختلافات الطبیعیة القومیة و العرقیة و المذهبیة بین المسلمین لبث الخلافات بینهم، و اصطناع واقع و أخطار زائفة، علی الأمة الإسلامیة أن تصبّ هممها و مساعیها علی العمل بالإسلام، و صیانة و تعزیز الوحدة و الأخوة، و التمرّد علی إرادة القوی الکبری و علی رأسها أمریکا.
و عدّ قائد الثورة الإسلامیة الخلاف بین الشعوب المسلمة سمّاً مهلکاً مؤکداً: یجب أن یکون معاییر المسلمین، و الظروف، و موقع العدو واضحة، فهناک تقع بلا شک جبهة الباطل، و فی مقابلها تقف جبهة الحق.
فی بدایة هذا اللقاء تحدّث الدکتور أحمدی نجاد رئیس الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة معتبراً شهر رمضان ظرفاً استثنائیاً للتمرین علی العبودیة و رفعة الإنسان أمام الله، و وسیلة لتطهیر الروح من الأدران و النزوات، و العودة إلی الفطرة الإلهیة و الکمال الإنسانی، و اجتناب المعاصی و الآثام.
و أکد علی أن الشعب الإیرانی الکبیر لن یتردد فی بناء بلده و متابعة حقوقه الأساسیة، مضیفاً: المستکبرون فی منحدر السقوط، و إصرارهم علی الجشع و الاستزادة و الظلم و التعدی علی حقوق الشعوب سوف لن ینقذهم.
الإمام الخامنئی یزور المناطق المتضررة بالزلزال فی محافظة آذربیجان الشرقیة
زار سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی قائد الثورة الإسلامیة صباح یوم الخمیس 16/08/2012 م بشکل مفاجئ المناطق التی ضربها الزلزال قبل أیام فی محافظة آذربیجان الشرقیة (شمال غرب البلاد) و أبدی تعاطفه مع سکان تلک المناطق، و اطلع عن قرب علی حجم الخسائر التی أصابتهم و أسالیب تقدیم الإمدادات و المساعدات للمتضررین.
و کانت قریة سرند من توابع مدینة هریس من المناطق التی زارها قائد الثورة الإسلامیة.
ثم حضر سماحته فی قریة کوویچ و التقی عن قرب مع أهالیها و تحاور معهم.
و قال قائد الثورة الإسلامیة فی اجتماع لأهالی کوویچ أن الهدف الأصلی من زیارته للمناطق التی ضربها الزلزال إبداء التعاطف و التعزیة لأهالیها و مشارکتهم آلامهم مؤکداً: کل الشعب الإیرانی یتعاطف مع سکان المناطق التی أصابها الزلزال و یشارکهم آلامهم.
و أضاف آیة الله العظمی السید الخامنئی: الشعب الإیرانی شعب متحد و متلاحم، و هذا الاتحاد و التلاحم من شأنه أن یزید من قوة الشعب و اقتداره.
و أوصی سماحته الأهالی فی المناطق المتضررة من الزلزال بالصبر ملفتاً: إذا تعاطف أهالی هذه المناطق و تعاونوا فی ما بینهم یمکن لهذا الحدث أن یکون منطلقاً لقفزة تغیّر وجه هذه المنطقة.
و وصف قائد الثورة الإسلامیة تقدیم الخدمات لسکان المناطق المصابة بالزلزال بأنه جید مردفاً: طبعاً یتحمّل المسؤولون واجبات جسیمة فی ما یتعلق بإعادة بناء المناطق المتضررة بالزلزال و تشیید أبنیة مقاومة، و علی أهالی هذه المناطق مساعدة المسؤولین فی النهوض بهذه الواجبات.
و مواصلة لزیارته للمناطق المتضررة بالزلزال حضر قائد الثورة الإسلامیة فی قریة باج باج و تحاور عن قرب مع أهالیها.
و کانت قریتا زغن آباد و شیخملو من توابع ورزقان من المناطق الأخری المتضررة بالزلزال التی زارها قائد الثورة الإسلامیة.
و أخیراً زار الإمام الخامنئی قریة أورنگ من توابع أهر و تحدث مع أهالیها.
و أبدی سماحته هناک تعاطفه و تعزیاته ثانیة لسکان المناطق التی ضربها الزلزال، و سأل الأهالی عن کیفیة تقدیم الخدمات و المساعدات لهم فأبدوا رضاهم عن الخدمات التی تمّ تقدیمها من قبل المسؤولین، لکنهم أعربوا عن عتابهم بخصوص إدارة توزیع المساعدات.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة علی الجهود الکبیرة التی یبذلها المسؤولون فی تقدیم الخدمات الجیدة للمناطق المصابة بالزلزال مشدداً علی ضرورة الإشراف الدقیق علی طریقة توزیع المساعدات.
و أوضح الإمام الخامنئی أن مستقبلاً جیداً بانتظار هذه المنطقة نظراً لطبیعتها الملائمة الجیدة و أهالیها الدؤوبین و خصوصاً شباب آذربیجان الشرقیة.
و أوصی آیة الله العظمی السید الخامنئی شباب المناطق المتضررة بالزلزال باستثمار ظروف الزلزال الحالیة لتمهید الأرضیة لتقدم المنطقة و إعمارها.
يوم القدس العالمي
احتفل العالم الاسلامي يوم امس بيوم القدس العالمي، حيث تظاهر مئات الآلاف في عواصم عربية واسلامية عديدة للتذكير بالاحتلال الاسرائيلي للمقدسات العربية والاسلامية، وهو الاحتلال الذي تراجعت اخباره سواء بسبب ثورات الربيع العربي او حالة الجمود التي تسود الاراضي الفلسطينية.
معظم الزعماء العرب لم يحتفل بهذه المناسبة التي تقرر ان تكون الجمعة الاخيرة من شهر رمضان من كل عام، واقتصرت الاحتفالات على مسيرات شعبية في قطاع غزة، وتدفق الوف الفلسطينيين الى المسجد الاقصى لاداء صلاة الجمعة تضامنا مع المدينة وتأكيدا على عروبتها في مواجهة عمليات التهويد المستمرة.
الرئيس الايراني احمدي نجاد كان الاعلى صوتا في معارضة اسرائيل والاكثر تحذيرا من خطرها عندما قال في خطاب القاه في مسيرة ضخمة سارت في طهران، 'ان الكيان الصهيوني غدة سرطانية وبقاءه يشكل خطرا فادحا على المنطقة، واصفا التطبيع بانه 'يعتبر نفاقا سياسيا'. اما السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله فقد هدد بقصف اهداف اسرائيلية بالصواريخ، مما سيحول حياة الآلاف من الاسرائيليين الى جحيم في حال تعرض لبنان لاي هجوم اسرائيلي.
واللافت ان معظم العواصم العربية لم تحتفل بهذه المناسبة لان ايران هي اول من دعا اليها، وهذا امر مؤسف فالقدس ليست مسؤولية ايران وحدها وانما مسؤولية العرب والمسلمين جميعا، ولا يجب التخلي عن هذه المدينة المقدسة ومقاومة تهويدها لان البعض يختلف مذهبيا مع ايران.
اسرائيل ما زالت العدو الاساسي للعرب والمسلمين لاحتلالها الاراضي العربية في فلسطين وطمس الهوية العربية والاسلامية للمدينة المقدسة، ومواصلة الحفريات تحت اساسات المسجد الاقصى تمهيدا لهدمه بحجة البحث عن هيكل سليمان المزعوم.
الخطر الاكبر على مدينة القدس والمسجد الاقصى لا ينحصر فقط في الحفريات وبناء المستوطنات بكثافة، وانما ايضا في مخططات جرى الاعلان عنها اخيرا تتحدث عن تقسيم المسجد الى قسمين، واحد للمسلمين وآخر لليهود على غرار ما حدث في الحرم الابراهيمي في الخليل.
المؤلم ان الاهتمام بمحنة مدينة القدس يتراجع في معظم البلدان العربية، وكان من المفترض ان تكون الاحتجاجات الاضخم على مخططات تهويد المدينة المقدسة في مدينة رام الله مقر السلطة الفلسطينية، ولكن المدينة بدت هادئة وكأن مدينة القدس تقع في قارة اخرى.
والاكثر ايلاما ان السيد سمير قنطار عميد الاسرى العرب نجا بحياته باعجوبة من هجوم استهدفه من قبل مجموعة من السلفيين عندما كان يشارك في فعالية تضامنا مع القدس المحتلة جرى تنظيمها في تونس.
الاسير قنطار مكث اكثر من ثلاثين عاما خلف القضبان الاسرائيلية لمشاركته في عملية فدائية ادت الى سقوط قتلى اسرائيليين ولم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ومن الظلم ان يتعرض لهجمات بالسيوف والسكاكين احتجاجا على موقفه السياسي الذي يختلف معه البعض في الازمة السورية.
الثورات الشعبية العربية يجب ان تضع كسر قيود القدس المحتلة وتحريرها على قمة اولوياتها، مثلما يجب ان تحترم تعددية الآراء والمواقف، والجدل بالحسنى مع الرأي الآخر دون اكراه او تهديد.
لا كرامة للعرب والمسلمين وقبلتهم الاولى تحت الاحتلال الاسرائيلي، واذا لم تستطع الانظمة تحرير المدينة بسبب رضوخها للهيمنة الاسرائيلية وغرقها في الفساد، فان التذكير باحتلال مدينة القدس من خلال الاحتفال بيومها العالمي هو اضعف الايمان.
وجه الشـبه بين ويكليكس و تويتر
العولمة كمفهوم عام هي سيطرة وغلبة ثقافة من الثقافات على جميع الثقافات العالمية السائدة ومحاولتها فرض هيمنتها عن طريق تكنيك إمبريالي منظم بغية الهيمنة وسلب خيرات الشعوب لصالح قوى عظمى ما، وقد ظهر هذا المفهوم في بداية العقد السابع عشر، غير أنه تمّ التراجع عن هذه الفكرة بسبب التناقضات التي كانت تحملها الرأسمالية في طياتها، وقد ارتبطت العولمة بشكل كبير بالمشروع الفكري الأمريكي في مرحلة ما بعد نهاية الحرب الباردة، ومبادرة أمريكا الى التمدّد الثقافي من خلال محاولة فرض الثقافة الأنجلوسكسونية عبر سيطرتها على أكثر من 75% من وسائل الاتصال الحديثة وهذا مما جعل العالم «يتأمرك» فالسطوة الإمبريالية الفكرية للثقافة الأمريكية ما زالت مسيطرة.
مع ظهور مواقع التواصل الالكترونية من فيس بوك وتويتر أصبح التقارب المجتمعي أكثر تفاعلية وفاعلية بحيث أصبحت بعض القضايا تدار في العوالم الافتراضية وليس هنالك قدرة على السيطرة على خروجها عن النطاق المحدد «فالجمهور عايز كده»
وأكبر دليل على ذلك ما حصل في ثورات الربيع العربي التي أشعلت الوطن العربي بصمت من خلال شبكات التواصل الاجتماعية، ومن ثم كانت الشرارة الأولى على يد البوعزيزي التونسي، ولا أعلم الى الآن لماذا جاء هذا السؤال غير المقصود مني لمسؤولة تويتر في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدًا في سان فرانسيسكو عندما سألتها: كيف تتعاطون مع الحملات «الهاشتاقات» المحرضة على العنف والتمييز الديني والعنصري وغير ذلك؟ أجابتني بأنهم غير مسؤولين عن ذلك، وأنهم لا يملكون أي تنسيق مسبق مع الدول المستخدمة لتويتر حول ذلك؟ وهنا تكمن الخطورة، حيث إني أحد المتعاطين مع تويتر بشدة وأؤمن إيمانًا قاطعًا بأن العصر المقبل هو عصر العوالم الافتراضية التي أصبحت تتكاثر بأشكال مختلفة بحيث أصبحت المجتمعات متعطشة لهذه التقنيات بشكل نهم، واستطاعت هذه التقنيات أن تعري مشاهيرنا مثلًا أمام جماهيرهم وأن تشعل الكثير من النار هنا وهناك، فكثير من مشاهيرنا فقدوا من أسهمهم في الجماهيرية في هذه المواقع الكثير حتى أن سلوكيات بعضهم كانت تختلف الى حد كبير عما يتخيّله الآخرون، فالفوقية وتجاهل الجمهور وبعض الأفكار الصادمة التي ينادي بنبذها مثلًا أصبحت واضحة جدًا في تويتر، فهل يغيّر تويتر وجه الثقافة والمجتمعات العربية تمامًا كما غيّر ويكليكس سنة 2010 وجه العالم عندما ضربه بمجموعة من الوثائق التي كانت كمسمار نعش أول في أنظمة كثير من الدول التي انتهت؟ أتذكّر مقولة مكتب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة بأن ويكليكس جزء من ظاهرة على الانترنت لها سلطة المواطن، وسلطة المواطن هي التعبير الحقيقي والمحك وهذه الحقيقة، فالإفرازات التي تظهر في التغريدات أصبحت تحمل جانبًا من حرية الرأي المدمّر في كثير من الأحيان، فما الذي ننتظره في الأيام المقبلة؟ وكيف سيكون شكل العالم الحقيقي بعد سطوة العالم الافتراضي؟ وهذه الأسئلة ليست افتراضية وإنما واقعية من خلال ما يجري في تويتر وتكوينه لقطاعات اجتماعية واسعة تتلاقى في أفكارها وتتبادل الآراء وتشكّل عالمًا حقيقيًا لا حدود فيه لأي شيء، ويملك قابلية مدهشة لأن يتمدّد ويبني قناعات أفراد هذه المجتمعات بطرق وأساليب جديدة قد تصعب السيطرة عليها في العالم الحقيقي ما يعني أننا أمام تحدياتٍ تقنية مؤثرة لدرجة كبيرة في فكر وثقافة الأجيال ويجب أن نستعد علميًا لذلك على كافة الصعد الاجتماعية والثقافية والدينية.
سكينة المشيخص
أفكار في قضايا الوحدة بين المسلمين
محمد المحفوظ
الوحدة بين المسلمين غاية من أسمى الغايات، وهي جسر القوة والمجد.. ولكن ما السبيل إليها؟ وكيف يمكننا أن نحققها وننجز مفرداتها المتعددة في واقعنا الخارجي..
ولعل من البديهي القول، أن الاختلاف الفكري والاجتماعي بين البشر من المسلمات، التي لا تحتاج إلى مزيد بيان وتوضيح.. وذلك لأن مساحة الاختلاف بين البشر، هي جزء من الناموس وقانون الوجود الإنساني.. قال تعالى ﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم﴾ [1] ..
من هنا فإن مفهوم الوحدة، لا يمكن اكتشافه إلا من خلال منظور الاختلاف.. وذلك لأن الاختلاف جزء أصيل من منظومة الوعي الذاتي، كما أنه «الاختلاف» هو الذي يثري مضمون الوحدة، ويمده بأسباب الحيوية والفعالية..
فالاختلاف وفق هذا المنظور ضرورة لما له من وظيفة في بلورة معنى الوحدة وهويته الحضارية والإنسانية..
وبين الاختلاف والوحدة مسافات، لا يمكن اجتيازها إلا بالتسامح والحرية والاعتراف بقانون التعدد ومبدأ التنوع.. لذلك فإن الاختلاف المفضي إلى الوحدة الصلبة، هو ذلك الاختلاف الذي تسنده قيم التعدد والحرية وحقوق الإنسان.. أما الاختلاف الذي يجافي هذه القيم، فإنه يفضي إلى المزيد من التشرذم والتشتت والتجزئة..
ولعل من الأخطاء الكبرى التي وقع فيها العرب والمسلمون في العصر الحديث، رؤيتهم المنمطة لمفهوم الوحدة..
فالرؤية السائدة عن هذا المفهوم، أنه يعني إلغاء حالات الاختلاف والتعدد الطبيعية والتاريخية والثقافية.. وبفعل هذا المنظور النمطي لمفهوم الوحدة، ما رست السلطات التي رفعت شعار الوحدة كل ألوان القمع والإرهاب والتنكيل بحق كل التعبيرات السياسية والثقافية والاجتماعية التي تختلف رؤيتها عن هذه الرؤية أو تتباين في أصولها العرقية أو الأثنية.. ولقد دفع العرب من جراء ذلك الكثير من التضحيات والخسائر والجهود.. أدناها أن مفهوم الوحدة لم يعد يشكل في هذه الحقبة من الزمن، ذلك البريق أو الشعار الذي يستقطب جميع الفئات والشرائح..
مفهوم الوحدة قراءة جديدة:
لذلك فإنه آن الأوان لنا جميعا، أن نعيد قراءة مفهوم الوحدة بعيدا عن كل أشكال التوحيد القسري وأساليب تدمير حالات الاختلاف الحضارية المتوفرة في الجسم العربي والإسلامي..
فالاختلاف الفكري والثقافي، لا يدار بعقلية الإقصاء والنفي، لأنه لا ينهي الاختلافات، وإنما يشحنها بدلالات ورموز خطيرة على مستوى العلاقات والوجود الاجتماعي والسياسي..
وحالات الإجماع والوحدة في المجتمعات الإنسانية، لا تنجز إلا على قاعدة تنمية قيم التسامح والتعاون والتعدد والإدارة الواعية والحضارية للاختلافات العقدية والفكرية والسياسية على مستوى الواقع والتاريخ وليس فقط على مستوى النظر والنص..
وإن أخطر الهويات على حد تعبير «داريوش شايغان» على الإطلاق هي تلك التي لا تتحقق إلى على أنقاض هويات الآخرين.. ينبغي أن تكون هويتي متصالحة، مثقفة أو متوافقة مع هويات الآخرين لا أن ترفضها وتهددها بالإلغاء..
فالممارسات العدوانية والانفعالية، لا تلغي الاختلافات والتمايزات، وإنما تدخلها في علاقة صراعية، عنفية، بدل أن تكون العلاقة تواصلية وتفاعلية ولا يمكن فهم الآخر، إلا بتقدير وتحديد مساحة الاختلاف معه، وكيف سيتم إدارة هذا الاختلاف..
فالاختلاف في حدوده الطبيعية والإنسانية ليس أمرا سيئا.. الأمر السيئ والخطير في هذه المسألة هو عدم الاعتراف بشرعية الاختلاف وحق صاحبه في أن يكون مختلفا..
فالتوحيد القسري للناس، يزيدهم اختلافا وتشتتا وضياعا.. وذلك لأن محاولة إنهاء الاختلاف بالقمع والقهر يزيدها اشتعالا.. كما أن هذا المنطق والخيار يخالف مخالفة صريحة ناموس الوجود الإنساني، القائم على التنوع والاختلاف والتعدد..
الوحدة ووهم المطابقة:
فالتنوع مكون للوحدة، ولا وحدة صلبة في أي مستوى من المستويات من دون إفساح المجال لكل التعبيرات للمشاركة في إثراء هذا المفهوم، وإعطاؤه مضامين أكثر فعالية وقدرة على هضم كل الأطياف والقوى..
وإن أي تغييب للاختلافات الطبيعية في المجتمع، فإنه يفضي إلى غياب الوحدة والاستقرار السياسي والمجتمعي.. وذلك لأن مفاعيل الوحدة الحقيقية متوفرة في فضاء الاختلاف الثقافي والسياسي المنضبط بضوابط الأخلاق وتطلعات الإجماع والوحدة..
ولقد أبانت التجارب التاريخية، استحالة إنجاز مفهوم الوحدة على قاعدة القهر والقسر.. فالنموذج السوفيتي عرى هذا المنظور وأبرز الثقوب والثغرات الكبرى في مسيرته..
فلا وحدة مع القهر والفرض، كما أنه لا إجماع سياسي أو وطني بدون مشاركة كل القوى والتعبيرات المجتمعية في إنجاز مفهوم الإجماع الوطني والسياسي..
ولقد أبانت التجربة السوفيتية أيضا، أن إنكار حركية الواقع وتعدد مكوناته الاجتماعية والثقافية والسياسية وتنوعاتها، لا يفضي إلى الوحدة الاجتماعية والدولة القوية، وإنما هذه الممارسات السياسية والثقافية والاجتماعية الناكرة لتعددية الواقع وتنوعه على مختلف الصعد، تؤدي إلى بلورة القوة المضادة لهذه المفاهيم والممارسات البالية..
لذلك كله تلح الحاجة اليوم إلى إحياء وتأسيس المؤسسات المجتمعية المتحررة من هيمنة المفهوم القسري للوحدة، والانطلاق في بناء فعل مؤسساتي، يستند في كل أموره على رعاية الاختلاف، ومحاربة كل نزعات الاستفراد والتغول التي لا تفضي إلا إلى المزيد من التدهور والتشرذم..
وفي نطاق هذه المؤسسات يتم إطلاق حوار وطني يستوعب كل القوى والتعبيرات والوجودات، قوامه حرية الرأي والتعبير واحترام الآخر رأيا ووجودا، وتفعيل وتنمية مستويات المشاركة السياسية والثقافية والاقتصادية..
وهذا الحوار الوطني الشامل بدوره، ينتج حقائق مجتمعية تكرس مفهوم الوحدة الجديد، وتبلور منظور الاختلاف والحوار المفضيان إلى الوحدة والاستقرار السياسي والمجتمعي..
فالوحدة لا تساوي التطابق التام، كما أن الاختلاف لا يعني التشرذم والتشتت والتجزئة.. فنزعات الوحدة القسرية والقهرية، لم تنتج إلا المزيد من التشرذم والضياع، كما أن نزعة ترذيل الاختلاف بالمطلق، لم تؤد إلا إلى المزيد من التوترات والنزاعات والصراعات..
فالاختلاف ليس انقطاعا عن الوحدة، كما أن الوحدة ليست توقفا عن الاختلاف والتمايز والتنوع..
من هنا ندرك أهمية حضور قيمة العدل في الاختلافات الإنسانية.. حيث أن مجرد الاختلاف، ينبغي أن لا يفضي إلى الظلم والخروج عن مبادئ وقواعد العدالة.. يقول تبارك وتعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون﴾ [2] ..
ويقول تعالى ﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون﴾ [3] ..
فالاختلافات الفكرية والاجتماعية والسياسية، ينبغي أن لا تكون سببا للقطيعة مع قيم العدالة والوحدة، بل وسيلة من وسائل الالتزام بهذه القيم، وذلك من أجل تحديد مجالات الاختلاف وتنمية القواسم المشتركة، لأنها جزء من عملية العدالة المطلوبة على كل حال..
لذلك نجد أن الإمام علي بن أبي طالب حينما سمع بعض أهل العراق في معركة صفين يسب أهل الشام قد قال لهم «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به» [4] ..
من أين تبدأ الوحدة:
فالوحدة السليمة هي التي تبدأ من الاعتراف بالآخر وجودا وفكرا، لا للانحباس المتبادل، وإنما لانطلاق فعل تواصلي - حواري، ينمي المشتركات، ويحدد نقاط المغايرة، ويسعى نحو مراكمة مستوى الفهم والاعتراف..
كما أن الاختلاف المشروع، هو الذي لا ينقطع أو ينفصل عن مفهوم الوحدة، وإنما يجعل من الاختلاف في المواقع والقناعات، وسيلة لانجاز المفهوم الحضاري للوحدة، القائم على احترام التنوع ومراكمة قيم التسامح وحقوق الإنسان في المحيط الاجتماعي.. فحضور الوحدة مستمد من غياب التشرذم والتشتت، وأي محاولة لمساواة الاختلاف مع التشرذم والتشتت، لا تفضي إلا إلى المزيد من بعدنا جميعا عن التطلع الوحدوي بمستوياته المتعددة..
ومن هنا ندرك أن من الأخطاء الفادحة، والتي دفع الجميع ثمن باهضا بسببها.. هو النظر إلى مفهوم الوحدة، على أساس أنه يعني غياب أو تغييب التنوعات والتعددية والآخر.. إذ عملت قوى الوحدة وسلطاتها، على إفناء كل التنوعات، وممارسة القهر والاستبداد تجاه كل مستويات التعدد، مما أدى إلى اهتراء حياتنا المدنية والسياسية، وبعدنا كل البعد عن إنجاز مفهوم الوحدة السليمة القائمة على مشاركة الجميع في اجتراح وقائعها وحقائقها.. وإن الوحدة الحقيقية تتجسد، حينما نخرج من سجن أنانيتنا، ونعترف بحقوق الآخرين، ونبدأ بتجسيد مبدأ «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»..
الاختلاف والتواصل:
وإن القهر لا ينتج وحدة، وإنما تشتتا واحتقانا وتوترا، كما أن التعدد والتنوع المعرفي والسياسي المنضبط بضوابط القيم الإسلامية العليا، هو الذي يؤسس لحالة وحدوية فعالة ومستديمة، وذلك لأنها مفتوحة ومتواصلة مع جميع القوى والتعبيرات السياسية والمجتمعية..
وإن إبطال تأثيرات التجزئة التي يعاني منها الواقع الإسلامي المعاصر، بحاجة إلى جهود مكثفة وأنشطة متواصلة، تؤسس لقيم الوحدة، وتعمق في الواقع حقائق التضامن والاتحاد، وتزيل كل الرواسب التي تحول دون تراكم الفعل الوحدوي في الأمة..
من هنا فإننا نرى، أن مشروع الوحدة في الدائرتين العربية والإسلامية، لا يعني نفي الاختلافات القومية والأثنية والمذهبية، وإنما يعني احترامها وتوفير الأسباب الموضوعية لمشاركتها الإيجابية في هذا المشروع الحضاري الكبير، الذي يستوعب الجميع، كما أنه بحاجة إلى مشاركة الجميع في إرساء قواعد المشروع الوحدوي في الأمة..
وذلك لأنه في زمن التخلف والانحطاط، تنمو الانقسامات وتزرع الأحقاد وتربى الإحن.. يقول الزمخشري في تفسيره عند الكلام على رؤية الله في الاشعرية:
وجماعة سموا هواهم سنة * لجماعة حمر لعمري مؤكفة
قد شبهوه بخلقة فتخوفوا * شنع الورى فتستروا بالبلكفة
ويذكر التاريخ أن الحنابلة من أهل جيلان، كانوا إذا دخل إليهم حنفي قتلوه، وجعلوا ماله فيئا حكمهم في الكفار.. ويذكر أيضا أن بعض بلاد ما وراء النهر كان فيه مسجد واحد للشافعية، وكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد فيقول: أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق! وغيرها من القصص والنماذج التي تفوح منها رائحة الشقاق والانقسام بكل أسلحته وعنفه وعنجهيته..
فالاختلافات المعرفية والفقهية والاجتماعية والسياسية، ينبغي أن لا تدفعنا إلى القطيعة واصطناع الحواجز التي تحول دون التواصل والتعاون والحوار.. وذلك لأن الوحدة الداخلية للعرب والمسلمين، بحاجة دائما إلى منهجية حضارية في التعامل مع الاختلافات والتنوعات، حتى يؤتي هذا التنوع ثماره على مستوى التعاون والتعاضد والوحدة..
والمنهجية الأخلاقية والحضارية الناظمة والضابطة للاختلافات الداخلية، قوامها الحوار والتسامح وتنمية المشتركات وحسن الظن والإعذار والاحترام المتبادل ومساواة الآخر بالذات..
هذه المنهجية هي التي تطور مساحات التعاون وحقائق الوحدة في الواقع الخارجي.. فالوحدة لا تفرض فرضا ولا تنجز بقرار أو رغبة مجردة، وإنما باكتشاف مساحات التلاقي، والعمل على تطويرها، ودمج وتوحيد أنظمة المصالح الاقتصادية والسياسية كما يذهب إلى ذلك المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين [5] ..
ومن الأهمية بمكان أن ندرك، أن وحدة مصادر العقيدة والأحكام، لم يلغ الاختلافات بين المسلمين، وذلك لاختلافهم في مناهج النظر والاستنباط..
وفي هذا التعدد والتنوع في مناهج النظر إثراء للمسلمين في مختلف الجوانب، ولا ضرر نوعي لهذا التنوع على المستوى النظري أو العملي.. ولكن الضير كل الضير، حينما يفضي الاختلاف خلافا وقطيعة وخروجا عن كل مقتضيات الأخوة الدينية والوطنية، وسيادة هوس التعصب الأعمى.. قال تعالى ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين﴾ [6] ..
فالإنسان الوحدوي حقا، هو ذلك الإنسان الذي يحترم خصوصيات التعبيرات الثقافية والسياسية، ويسعى نحو توفير الأسباب الموضوعية لمشاركتها في بناء الأمة وتطوير الوطن.. ف «الإنسان الذي يعيش الوحدة هو الذي يحترم خصوصية صاحبه كما يريد من صاحبه أن يحترم خصوصيته.. عندما تكون وحدويا، فإن عليك أن تفتح المجال لتحمي حرية صاحبك بأن يقول ما يشاء، تحميه من كل عواطفك وانفعالاتك، تحميه من كل ذلك وتقاتل في سبيل حريته، لأن الآخر إذا استطاع أن يأخذ حريته في أن يعبر عن فكره بصراحة، فمعنى ذلك أنك تستطيع مناقشة أرائه، كما يستطيع هو مناقشة آرائك، لا أن تحجب حريته عنه ويحجب حريته عنك، وبعد ذلك تختبئان في زاوية المجاملة، وتنتهي القضية بنقطة مقابل نقطة، أو أكثر من ذلك، ويتفرق بعدها المتفرجون، ويرجع كل لاعب إلى مكانه» [7] ..
فدحر التنوعات والتعدديات، لا يؤدي إلى وحدة، وإنما إلى شرذمة وتفتت متواصل، يغذي كل النزعات الانفصالية والكانتونية بكل عنفها وعقدها وتشابكاتها..
وإن واقعنا الإسلامي المعاصر، قد ورث خلال الحقب التاريخية المديدة، العديد من المشاكل والعقد والرواسب التمزيقية، وإن الإنصات إلى هذه الرواسب يكلفنا الكثير على مستوى حاضرنا وراهننا..
لذلك فإن المطلوب هو إطلاق عملية حوارية مستديمة، لا تقف حائرة أمام عناوين التمزق، وإنما تسعى بعقل منفتح وحكمة ونفس طويل إلى تفكيك هذه العناوين، ومنع تأثيرها السلبي على راهننا.. وذلك لأن «المسلمين قد ورثوا من التاريخ الكثير من الخلافات المذهبية المتمحورة حول عناوين وقضايا عدة، لعل أبرزها ماله صلة بشؤون الخلافة والإمامة، وبشؤون الفقه والشريعة، وبقضايا الفلسفة والكلام، وبجوانب الحكم والسياسة العامة..
وقد كان لهذه الخلافات التاريخية دور كبير في إثارة الحقد والبغضاء والعداوة، وفي تفجير الحروب، وفي إهراق الدماء البريئة الطاهرة» [8] ..
وإن العمل على منع تسرب عقدنا وأزماتنا التاريخية إلى واقعنا المعاصر، بحاجة منا جميعا الوعي العميق بمبدأ الوحدة والتعاون على البر والتقوى، وتجاوز كل الإحن النفسية التي تحول دون تنمية المشتركات والاستجابة الفعالة إلى التحديات.. إذ يقول تبارك وتعالى «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون» [9] ..
فالوحدة لا تعني بأي شكل من الأشكال مصادرة الاختلافات وحالات التنوع والتعدد المتوفرة في المحيط الاجتماعي والسياسي للعرب والمسلمين، وإنما تعني تنمية المشتركات والالتزام السياسي والعملي بالقضايا المصيرية للأمة.. والعمل معا انطلاقا من هذه المشتركات والقضايا الحيوية للأمة.. ف «الوحدة تعني الأرض الواحدة التي يقف الجميع عليها، والروحية التي ينطلق الجميع منها، ليختلفوا أو ليتفرقوا في التفاصيل على أرض موحدة أو من خلال الروحية الموحدة، ولذلك لا نعتبر أن هناك ساحة جاهزة للوحدة الإسلامية في دائرة المسلمين الشيعة، كما ليست هناك ساحة لهذه الوحدة في دائرة المسلمين السنة.. إننا عندما ندعو إلى الوحدة، لا ندعو إليها ونحن نختزن حالا طائفية معينة، حتى يقال إن عليكم أن تؤكدوها في الواقع من هذه الدائرة حتى تطلبوا من الدائرة الثانية أن تلتقي بها» [10] ..
فتفعيل اللقاء حول القضايا المشتركة، هو الكفيل بتطوير مستوى الوحدة في العالمين العربي والإسلامي..
فالوحدة الحقيقية والصلبة، لا يمكن أن تعيش إلا في ظل الاختلاف المشروع، لأنه يغني مفهوم الوحدة ويمده بأسباب الحيوية والفعالية، ويؤسس لوقائع وحقائق جديدة تحول دون تقهقر المفهوم الوحدوي على مستوى الواقع..
ولا شك أن حيوية المجتمع وحضور قيم الإسلام العليا في حركته في مختلف الاتجاهات، سيساهم بشكل أو بآخر في اكتشاف وتطوير مواقع ومجالات الاشتراك واللقاء، ويحدد مواطن الخلاف والسبل العملية لإنهاءها أو تجميدها وعدم تأثيرها السلبي على المسيرة الاجتماعية..
كما أن المعنوية الرفيعة والروحية المندفعة، تساهمان في تذليل الكثير من الحواجز النفسية التي تحول دون التواصل والتعاون والتضامن..
و «إن الجهاد في الإسلام يمكن أن يفهم على أنه شرع لحماية الاختلاف لا لإزالته، لأنه يمنح المختلف حق البقاء رغم أنه مختلف، وبعد الانتصار عليه، وقتال الآخر في الإسلام ليس لأجل كفره، وإنما لشيء آخر ارتكبه واقترفه، هذا الشيء الآخر الذي شرع الجهاد من أجله هو محاولة الإنسان أن يفرض على الناس ما يعتقده بالقوة والقهر، كما كان يفعل القرشيون، أهل مكة، بالمسلمين، يعذبونهم ليتركوا دينهم.. شرع الجهاد حتى لا يكون إكراه في الدين، في الرأي، في العقيدة، وحتى المسلم فإنه يقاتل إن مارس هذا وبدأ بتقتيل الذي يخالفه..
خطوات في طريق الوحدة:
وإن الخطوة الأولى الضرورية في مشروع الوحدة طويل الأمد، هو أن نتخلى عن لغة الشعارات الفضفاضة التي لا مضمون لها، كما نتجاوز كل الخطابات الإطلاقية والكلانية، التي ترى الوحدة بمنظور شوفيني، ينزع إلى إلغاء التنوعات وإقصاء كل حالات التعدد والاختلاف، ويعتبرهما جميعا من عوائق الوحدة ومضادات التوافق الداخلي للعالمين العربي والإسلامي..
فلا بد أن نتحرر من منطق المطابقة الذي لا يرى الوحدة إلا بتوحيد قسري لكل المكونات والتعبيرات.. وإن مفهوم الوحدة بحاجة أن ينفتح ويتواصل مع كل التجارب الوحدوية والتوافقية، والتي استطاعت أن تؤسس لذات وطنية جديدة، قوامها المزيد من الاحترام الوجودي والمؤسسي لكل تعبيرات السياسة والثقافة ومكونات المجتمع..
والقواسم المشتركة المجردة بوحدها لا تصنع وحده، وإنما هي بحاجة دائما إلى تفعيل وتنمية، وحقائق وحدوية، ومصالح متداخلة، حتى تمارس هذه القواسم دورها ووظيفتها في إرساء دعائم الوحدة وتوطيد أركان التوافق..
وعلى المستوى الفعلي، يبدو أن من العوامل الأساسية التي حالت دون تقدم مشروع الوحدة، هو التعامل مع هذا المفهوم كشعار بعيدا عن تأسيس وتوفير المقدمات الضرورية والشروط الذاتية والموضوعية لإنجاز هذا المفهوم في الواقع الخارجي..
فالقوة والقسر في ترجمة القواسم المشتركة للوحدة، لا يفضيان إلى وحدة، وإنما إلى تمزق واحتقانات مجتمعية تزيد من فرص العنف في العلاقات الإنسانية، وتولد فروقات عميقة في المحيطين السياسي والاجتماعي.. فلا وحدة بدون التحرر من وهم المطابقة وأحادية النظرة وديكتاتورية المفهوم المجرد..
ونحن بحاجة دائما أن نتعامل مع الحقائق التاريخية والمجتمعية لتشكيل القناعات الجمعية المتجهة صوب التوافق والوحدة، القائمة على مشاركة كل الحقائق المجتمعية في اجتراح واقعها وصناعة حقائقها..
فالبحث عن التطابق في مشروع الوحدة لا يفضي إليها، وإنما إلى التحجر واليباس والبعد عن المفهوم الحضاري للوحدة ومشروعاتها السياسية والمجتمعية، وذلك لأنه سيمارس استبداده ضد كل التنوعات والحقائق السياسية المتوفرة في الأمة والوطن والمجتمع..
فالوحدة كمشروع مجتمعي لا يتحقق صدفة أو دفعة واحدة، وإنما هو عمل تراكمي يتكامل من خلال كل الأعمال والمفردات المتجهة صوب البناء والعمران.. وإن تجاوز مفهوم التوحيد القسري الذي يلغي كل الفعاليات والديناميات المجتمعية المتوفرة، يفضي بنا جميعا إلى التحرر من كل الأوهام المتعلقة بخيار ومشروع الوحدة المنشود، ويؤسس في واقعنا المعاصر البدايات الصحيحة لهذا المشروع الذي يتطلب رؤية حكيمة وفعل إنساني متواصل..
واختزال الوحدة ببعض التصورات الديماغوجية والشكليات الفوقية، هو الذي كلفنا كثيرا، وأسس حقائق مضادة لهذا المشروع الحضاري..
وإن التنوع المجتمعي، هو الذي يزيد من مفهوم الوحدة كثافة وغنى وتجددا، أي يجعله ثريا في مضامينه على المستويات كافة.. ودون الاستناد على قاعدة التنوع وبناء مساحات للتواصل والتعاون في بناء مشروع الوحدة، يكون هذا الأخير مسكونا بشكل دائم بالانفصال والتشظي والانخراط في مشروعات تمزيقية تحت مسميات مختلفة.. «فالسؤال المطروح فعلا هو: لماذا كلما حاول العرب ممارسة الوحدة، حصدوا مزيدا من الفرقة؟ هذا السؤال يحمل على وضع مقولة الوحدة موضع المساءلة والفحص.. طبعا إن الغارقين في سباتهم العروبي، الدوغمائي، يرون أن الفشل يعود إلى سوء التطبيق.. وأما الذين تثيرهم أسئلة الحقيقة والواقع، فإنهم يخضعون المقولة إلى النقد والتفكيك لفضح عجزها وقصورها.. والنقد يبين أن الذين فكروا في مسألة الوحدة انطلقوا من نظرة أحادية ضيقة أو من تصور تبسيطي ساذج، أو من نموذج مسبق جاهز، وربما انطلقوا من طيف وحدوي آت من أقاصي الذاكرة، حاولوا إقحامه على الواقع العربي المعقد، الحي باختلافات أهله وتنوعهم.. فكانت المحصلة أن شعار الوحدة، عندما جرى وضعه موضع التطبيق على الأرض، ارتد على أصحابه صراعات وحروبا، تماما كما ترتد الرصاصة على مطلقها عندما تصطدم بأرض صلبة ملساء.. والأرض هي هنا أرض الاختلافات القائمة بين عناصر العالم العربي ومجموعاته.. ولا عجب أن تأتي النتائج بعكس المطلوب.. فهذا هو ثمن القفز فوق واقع الاختلاف.. وهكذا فالعقل الوحدوي تعامل مع الاختلاف، بوصفه ظاهرة مصطنعة زائفة ينبغي إزالتها، فلم يحصد سوى المزيد من الانقسام، لأن عمل التوحيد هو اعتراف بالاختلاف واشتغال عليه وتعامل معه، أي هو صناعة تنطلق من المختلف، لا من فكرة طوباوية عن الوحدة لم تتحقق في يوم من الأيام.. بهذا المعنى الوحدة لا تقمع الاختلاف، وإنما هي التي تتيح للاختلافات أن تتجلى وتبرز، بصورة إيجابية وبناءة» [11] ..
فالمطلوب أن ننفتح على مساحات الاختلاف ونتواصل مع المختلفين، من أجل استنبات مفاهيم وقيم جديدة، تزيد من فرص تقدمنا، وتحررنا من آليات العجز، وتجعلنا نقتحم آفاق جديدة، تحملنا على نسج علاقة جديدة مع مفهوم الوحدة والتوافق الداخلي..
ولا مناص لنا من تجديد فهمنا ومنظورنا إلى الوحدة، وتغيير طرائق تفكيرنا في إرساء دعائم الوحدة، وامتلاك القدرة النفسية والعملية على تجاوز كل الموروثات السياسية والفكرية التي تتعاطى مع شأن الوحدة، باعتباره معطى ناجز ولا يحتاج إلى إبداعات الإنسان المعاصر، واستيعاب متطلبات اللحظة الراهنة..
ومن الضروري أن لا يتحول مشروع الوحدة إلى مشروع مغلق، جامد، ساكن، لأنه يغدو حينذاك إلى متراس يصد ويمنع كل الإبداعات، ويحارب كل المحاولات التي لا تنسجم والرؤية الجامدة لمفهوم الوحدة..
والتطلع الوحدوي في الأمة، ينبغي أن يتحول إلى فعالية مجتمعية لطرد المعوقات، وإزالة الرواسب، وخلق الوقائع، وإجتراح السبل، وإنضاج الظروف الذاتية والموضوعية للإنجاز والبناء الوحدوي السليم..
الهوامش
[1] القرآن الكريم، سورة الروم، آية 22..
[2] القرآن الكريم، سورة المائدة، آية 8..
[3] القرآن الكريم، سورة الأنعام، آية 152..
[4] نهج البلاغة، الخطبة «206»، ص 236..
[5] مجلة المنطلق، فكرية إسلامية، العدد 113، ص 103، خريف 1995م..
[6] القرآن الكريم، سورة الأنفال، آية 46..
[7] السيد محمد حسين فضل الله، أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة، ص289، إعداد نجيب نور الدين، دار الملاك، الطبعة الأولى، بيروت 2000م..
[8] المصدر السابق، ص 40، 41..
[9] القرآن الكريم، سورة البقرة، آية 134..
[10] أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة، مصدر سابق، ص85..
[11] علي حرب، الماهية والعلاقة نحو منطق تحويلي، ص 96، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، بيروت 1998 م..
نداء الإمام الخميني يدعو فيه المسلمين في العالم للقيام ضد الاستكبار والصهيونية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن آخر جمعة من شهر رمضان هو يوم القدس وقد تقع ليلة القدر في العقد الأخير من شهر رمضان، وهي ليلة يعتبر إحياءها سنة إلهية. وتفوق منزلتها ألف شهر من شهور المنافقين. وهي ليلة يقرر فيها مصير العباد يجب إحياء يوم القدس الذي يقع بجوار ليلة القدر وأن يكون منطلقاً لصحوتهم حتى ينطلقوا من سباتهم الذي اكتنفهم عبر التاريخ وخاصة خلال القرون الأخيرة حتى يكون يوم الصحوة هذا أفضل من عشرات السنوات التي عاشتها القوى الكبرى والمنافقون في العالم.
وأن يقرّر مسلمو العالم مصيرهم بأيديهم وبقدراتهم. إن المسلمين يتحررون في ليلة القدر من عبادة غير الله تعالى أي شياطين الإنس والجن من خلال العبادة ومناجاة الله تعالى ويدخلون في عبادة الله، ويجدر بالمسلمين في العالم في يوم القدس وهو آخر أيام شهر الله الأعظم أن يتحرروا من قيود أسر الشياطين والقوى الكبرى وعبود يتهم وأن يتصلوا بقدرة الله التي لا تزول وأن يقطعوا أيدي مجرمي التاريخ من بلاد المستضعفين وأن يحرموهم من مطامعهم.
أيها المسلمون في العالم وأيها المستضعفون في الأرض انهضوا وقرّروا مصيركم بأنفسكم إلى متى تجلسون بانتظار تقرير مصيركم في واشنطن أو موسكو إلى متى تسحق قدسكم تحت أقدام نفايات أمريكا وإسرائيل الغاصبة إلى متى تظل القدس وفلسطين ولبنان والمسلمون المضطهدون في تلك البقاع تحت سيطرة المجرمين وأنتم تتفرجون. ويلعب بعض حكامكم الخونة دوراً سلبياً في ذلك.
إلى متى يقف حوالي مليار مسلم في العالم وحوالي ما يقرب من مائة مليون عربي ببلادهم الواسعة وثرواتهم الهائلة متفرجين على نهب ثرواتهم والظلم والمجازر اللاإنسانية التي يرتكبها الشرق والغرب ونفاياتهم. إلى متى يتحملون الجرائم البشعة التي ترتكب بحق إخوانهم الأفغان واللبنانيين ولا يردون عليهم.
إلى متى يجب أن نشهد النشاطات السياسية والعمليات السلمية مع القوى الكبرى حتى تضيع الفرصة وتمهل إسرائيل لارتكاب جرائمها المستمرة ومجازرها بدلاً من استخدام الأسلحة النارية والقوة العسكرية والالهيه ضدها. ألا يعلم رؤساء القوم ولم يدركوا أن المفاوضات السياسية مع الحكام الجبارين ومجرمي التاريخ لن تحرر القدس وفلسطين ولبنان وستزيدهم جريمة وظلماً. يجب استخدام الرشاشات المعتمدة على الإيمان وقوة الإسلام لتحرير القدس ورفض الألاعيب السياسية التي تشتم منها رائحة والمصالحة وإرضاء القوى الكبرى. على الشعوب الإسلامية خاصة شعب فلسطين وشعب لبنان أن ينبهوا من يضيعون الفرص بالمناورات السياسية وألا يرضخوا للألاعيب السياسية التي لا ينتج عنها إلّا الخسارة والضرر لهذا الشعب المظلوم. إلى متى يبهر الغرب والشرق برموزهما الكاذبة المسلمين الأقوياء وتفزعهم أبواق دعايتهما الجوفاء. حتى متى يظل المسلمون غافلين عن قوة الإسلام العظيم. لقد قام المسلمون خلال نصف قرن بفتوحات عظيمة وتحولات باهرة بأيد خالية من الأعتاد الحربية وقلوب مفعمة بالأيمان ولسان يردد ذكر ( (الله أكبر)) وأسسوا بنيان الإسلام والتوحيد في عالم كان أقوى منه.
فإذا كانت تلك الانتصارات والتطورات المسجلة في التاريخ بعيدة عن أنظار المسلمين فإن انتصار الشعب الإيراني المجاهد الذي نهض بنفس دوافع جنود صدر الإسلام الذي كان سلاحهم الإيمان، ماثل أمام أعين الجميع. لقد شهد الناس في العالم والمسلمون فيه أن الشعب الإيراني الشجاع الأعزل قد نهض ضد القوى الكبرى المعاصرة وأتباعهم في الداخل والخارج وحقق الثورة الإسلامية العظيمة بتلك السرعة الخارقة رغم جميع المشاكل وقطع أيدي جميع مجرمي التاريخ من بلاده العزيزة واستطاع القضاء على المؤامرات الأمريكية ومؤامرات الزمر اليسارية واليمينية الواحدة تلو الأخرى بقلب مفعم بالإيمان والعقيدة لقد حضروا في الساحة جميعاً رجالًا ونساءً صغاراً وكباراً بكل شجاعة ليقرروا مصير بلادهم بأيديهم القادرة، حيث أن أسس الجمهورية الإسلامية قد استقرت اليوم بإرادة الله تعالى وبأيدي العناصر الملتزمة بالدين والوفية للجمهورية الإسلامية واستطاعوا طرد من كانوا يثيرون الفتن ويحوكون المؤامرات من الساحة. إن إيران تسير اليوم نحو البناء النهائي رغم الدعايات الموجودة في الخارج ورغم أجهزة الإعلام الأمريكية والصهيونية والمتضررين من الثورة. إن هذا عبرة للبلاد الإسلامية والمستضعفين في العالم حتى يعرفوا قدراتهم الإسلامية وألا يخيفهم إرعاب الشرق والغرب وأتباعهما ونفاياتهما وأن ينهضوا معتمدين على الله تعالى وعلى قدرة الإسلام والإيمان وأن يقطعوا أيدي المجرمين من بلادهم وأن يجعلوا تحرير القدس الشريفة وفلسطين في مقدمة أعمالهم. وأن يزيلوا وصمة عار الهيمنة الصهيونية هذه النفاية الأمريكية من أنفسهم وأن يحيوا يوم القدس. أرجو أن تزول الغفلة واللامبالاة من خلال إحياء هذا اليوم، وأن تقوم الشعوب من خلال ثورتها بطرد بعض الحكام الخونة الذين وضعوا أيديهم في أيدي إسرائيل ينتظرون إشارة أمريكا رغم إرادة المسلمين والإسلام ويواصلون حياتهم السياسية المجرمة المليئة بالعار وأن تدفنهم في مقبرة التاريخ. أولئك الحكام الغاصبون الذين ينحازون إلى الكفار ويوجهون الضربة إلى الإسلام في حرب كالتي تجرى بين إسرائيل وصدام من جهة والمسلمين من جهة أخرى يجب أن تتم إزالتهم من الساحة الإسلامية وعزلهم من حكومة المسلمين. على شعوب مصر والعراق الشرفاء وشعوب البلاد الإسلامية الرازحة تحت سلطة المنافقين أن ينهضوا وألا يعيروا اهتماماً لأجهزة الإعلام الفاسدة التابعة لهؤلاء المجرمين حيث تسعى إلى إظهارهم كمسلمين وألا يهابوا القدرات الزائفة لهؤلاء الخونة.
لقد شهد المسلمون والعالم هجوم صدام العفلقي العميل لأميركا ضد إيران التي لم تفكر إلّا في الإسلام ومصالح المسلمين وقد تلقى صفعة يبحث بعده عن مفرٍّ باللجوء إلى الحكام العرب وإسرائيل عسى أن ينقذه من السقوط المحتم وقد وجّه الشعب الإيراني والقوى المسلحة الشجاعة ضربة قويه إليه وإلى أعوانه المجرمين بحيث أنه لا يجد مفراً إلّا الاستسلام أو السقوط ولن تجديه نفعاً أساليبه الماكرة الحمقاء وأبواق الإعلام الصهيوني. إن الشعب الإيراني والحكومة والمجلس والجيش وسائر القوى المسلحة في إيران تقف اليوم بالوحدة الإسلامية والإلهية صفاً واحداً عاقده العزم لمواجهة أية قوة شيطانية ومعتدية على حقوق البشرية وللدفاع عن المظلومين. وأن تدافع عن لبنان والقدس الحبيبة حتى تعود القدس وفلسطين إلى أحضان المسلمين. على المسلمين أن يعتبروا يوم القدس يوماً لجميع المسلمين بل لجميع المستضعفين وأن ينطلقوا من هذه النقطة الحساسة لمواجهة المستكبرين الناهبين للعالم. وألا يسكتوا حتى تحرير المظلومين من ظلم الأقوياء. وعلى المستضعفين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من سكان البسيطة أن يتأكدوا أن تحقيق الوعد الإلهي قريب. وأن نجم المستكبرين المشؤوم اخذ في الزوال والأفول. إن الشعب الإيراني والإخوة والأخوات الأعزاء يعلمون جيداً أن الثورة الإسلامية التي ينعدم نظيرها أو يقلّ نظيرها تتمتع بقيم عظيمة أكبرها انتماؤها لمدرسة الإسلام الفكرية. تلك القيم التي نهض الأنبياء لأجلها، أرجو أن تكون هذه الثورة شرارة بل نوراً إلهيا يؤدى إلى تحول عظيم في الشعوب المظلومة وأن ينتهي إلى شروق فجر ثورة بقية الله المباركة- أرواحنا لمقدمه الفداء- وعلى الشعب الإيراني الذي قام بثورة عظيمة كهذه أن يظل مهتماً باستمراريتها مسجلًا حضوره في ساحة إقامة العدل الإلهي أكثر فأكثر يا أعزائي، عليكم أن تعلموا أنه كلما زادت أهمية الثورة كلما زادت أهمية وضرورة التضحية في سبيل تحقيقها. إن الثورة في سبيل الهدف الإلهي وإقرار حكومة الله هي نفسها التي قام الأنبياء العظام بالتضحيات من أجلها. وكان رسول الإسلام المكرم مستمراً في التضحية والإيثار من أجلها بكل قوة حتى آخر لحظة من حياته الشريفة وقدّم أئمة الإسلام من أجلها كل ما كانوا يملكون، وعلينا نحن الذين نعتبر أنفسنا أتباعهم ومن أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نتأسى بهم وأن نتحمل المشاق في سبيل الحق بالصبر الثوري. وألا نخاف تخريبات الدّجالين الذين تظهر من أعمالهم آثار الضعف والذل وأن نضحيّ في سبيل الحق والإسلام كالأنبياء العظام والأولياء المكرمين. إن الله تعالى سند للمجاهدين والمظلومين. التحية للإسلام العظيم، التحية للمجاهدين في طريق الحق، التحية لشهداء الطريق الإلهي عبر التاريخ.
التحية لشهداء إيران وفلسطين ولبنان وأفغانستان، والسلام على مجاهدي جبهات القتال ضد الباطل والسلام على عباد الله الصالحين.
"لا خطر وشيكاً من إيران المسلحة نووياً"
كتبت كارول وليامز في صحيفة لوس انجلوس تايمز، مقالاً بعنوان "خبراء يقولون إن لا خطر وشيكاً من إيران المسلحة نووياً"، وفيه قالت "إن سياسيين إسرائيليين وأميركيين دأبوا في الآونة الأخيرة على إشاعة أجواء عن توجيه ضربة جوية إلى المنشآت الإيرانية النووية،"
"وأثاروا المخاوف من تصادم يزعزع المنطقة المضطربة أصلاً بسبب الحرب في سوريا وغيرها من التوترات المذهبية والسياسية".
غير أن الكاتبة تقول "لكن خبراء الحد من انتشار الأسلحة النووية ومحللين شرق أوسطيين يشككون في المزاعم الإسرائيلية بأن نظام طهران اقترب إلى هذا الحد من صناعة أسلحة نووية وأن الوقت ينفد أمام الحل السلمي".
وترى الكاتبة أن"التهديدات بعمل عسكري ضد إيران يثيرها إحباط إسرائيل من التقدم الجزئي المحقق في المفاوضات التي أُعيد إحياؤها بين إيران والقوى الست الكبرى".
وتضيف الكاتبة أن"هدف المحادثات هو ضمان حصر البرنامج الإيراني بأهداف سلمية، مثل إنتاج الطاقة الكهربائية والأبحاث الطبية، حسبما قالت غوكار موكاتزانوفا، الخبيرة في عدم انتشار الأسلحة لدى معهد مونتري للدراسات الدولية".
ونقلت الكاتبة عن هذه الخبيرة قولها"أنا لا أرى أي خروقات محددة في البرنامج الإيراني. فهو يسير وفق برنامج ثابت ولائق. وبما أن الهجوم الجوي الاستباقي هو مصدر قلق، فلا داعي لاستعجال القيام بذلك من الناحية التقنية".
وكتب دونالد ماكنتاير في صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاتحت عنوان "الروائي المشهور دايفد غروسمان يتحدى إسرائيل بالنسبة للإخفاق في معارضة هجوم أحادي الجانب على إيران"، ووصف المؤلف أيضاً رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بأنه يمتلك رؤية "رومنسية للغاية".
وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليهودي"إن سياسيي إسرائيل وشعبها قد واجهوا تحدياً من أحد أبرز الكتاب المشهورين بشأن فشلهم في معارضة توجيه ضربة أحادية الجانب إلى إيران، وكذلك بالنسبة للرؤية الرومانسية للغاية التي يمتلكها نتنياهو".
ويعتبر كاتب المقال أنه في واحد من أكثر التحذيرات الحماسية ضد هجوم من هذا النوع "أسف دايفد غروسمان الروائي الإسرائيلي المشهور لغياب التظاهرات المناهضة للحرب، والتسليم المشؤوم الذي يبديه الشعب الإسرائيلي في مواجهة ما يبدو أنه تهديد متصاعد يوماً بعد آخر".
ويتابع أن "غروسمان قال في الهآرتز إن إيران المسلحة نووياً هي خطر حقيقي. لكنه اعتبر أن هجوماً على منشآتها النووية قد يتحول إلى أسوأ غلطة ارتبكتها يوماً حكومة إسرائيلية".
وتشير الصحيفة إلى أن "الكاتب الذي قُتل ابنه يوري في حرب لبنان عندما كان سائقاً لدبابة في الجيش الإسرائيلي عام 2006، قال إن وزراء في الحكومة ومسؤولي دفاع يعبرون في مجالسهم الخاصة عن معارضتهم للهجوم،"
"ويعتقدون أن من شأن أي هجوم إسرائيلي أن يؤخر البرنامج النووي الإيراني لفترة قصيرة فقط".
"ويخشون من العواقب الوخيمة التي قد يجرها على وجود إسرائيل هجوم من هذا النوع. فلماذا لا يتخذون موقفاً صحيحاً الآن ما دام ذلك لا يزال ممكناً، ولماذا لا يقولون: لا نريد أن نشارك في هذا العمل؟".
ويسأل الروائي اليهودي "هل أن الولاء للنظام أكثر أهمية من الولاء للقضايا التي كرس هؤلاء حياتهم من أجلها، وهي أمن إسرائيل ومستقبلها؟".
قتيلا بمواجهات بين الجيش المصري ومسلحين في سيناء
قتل اكثر من 20 مسلحا واصيب العشرات في قصف للطائرات الحربية المصرية على مواقعهم في سيناء حسبما أفادت مصادر صحافية.
وذكر مصدر امني مطلع لقناة العالم أن الجيش المصري أغلق جميع مداخل مدينة العريش شمالي سيناء فجر اليوم، بعد إطلاق مسلحين النار على حاجز تفتيش الريسة في المدخل الشرقي للعريش.
وكان مسلحون هاجموا في وقت متزامن ثلاث نقاط تفتيش لقوات الامن اندلعت إثره اشتباكات مع قوات الامن ما أدى لإصابة ضابط ومجندين.
وفرضت حالة استنفار امني في المنطقة حيث تقوم قوات الامن بعملية تمشيط واسعة لملاحقة المسلحين.
هذا واقيمت في العاصمة المصرية القاهرة جنازة عسكرية لضحايا الهجوم الذي استهدف نقطة تفتيش مصرية في منطقة رفح و ادى الى مصرع ستة عشر جنديا.
وعقب الأحداث الدامية، تزايدت الدعوات فى مصر لإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، حيث تتعالى الاصوات بإلغاء الاتفاقية أو تعديلها بحيث تضمن تأمينا أفضل لشبه جزيرة سيناء من خلال زيادة الوجود العسكرى في المناطق الحدودية وإعادة انتشار القوات المصرية بما يضمن تعزيز الامن على الحدود.
جليلي: ايران لن تسمح بكسر محور المقاومة وضلعه سوريا
اكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني سعيد جليلي خلال لقائه الرئيس السوري بشار الاسد الثلاثاء في دمشق ان بلاده لن تسمح بكسر محور المقاومة الذي تشكل سوريا ضلعا اساسيا فيه.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) عن جليلي قوله ان ما يجري في سوريا ليس قضية داخلية وانما هو صراع بين محور المقاومة من جهة واعداء هذا المحور في المنطقة والعالم من جهة اخرى، مؤكدا ان الهدف هو ضرب دور سوريا المقاوم.
وقال ان ايران لن تسمح باي شكل من الاشكال بكسر محور المقاومة الذي تعتبر سوريا ضلعا اساسيا فيه.
وتم خلال اللقاء، ، بحث علاقات التعاون الوثيقة والاستراتيجية بين سوريا وايران والاوضاع في الشرق الاوسط والمحاولات الجارية من قبل بعض الدول الغربية وحلفائها في المنطقة لضرب محور المقاومة عبر استهداف سوريا من خلال دعم الارهاب فيها لزعزعة امنها واستقرارها.
وكان جليلي صرح لقناة العالم ان الحل للازمة في سوريا يجب ان يكون من داخل البلاد وعبر الحوار الوطني وليس عبر التدخل الخارجي.
واضاف ان الشعب السوري يعارض اي مخطط يقوم به الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
وكان جليلي اكد في بيروت التي قدم منها الى دمشق، ضرورة ايجاد حل للنزاع في سوريا وفق القواعد الديموقراطية وليس عبر ارسال الاسلحة واراقة الدماء.
واضاف ان الدول التي تعتقد انها تستطيع الحصول على الامن عبر تأجيج الاضطرابات في دول المنطقة بارسال اسلحة وتصدير الارهاب، مخطئة.
ودعا اصدقاء سوريا المساعدة في الوقف التام للعنف وتنظيم حوار وطني وانتخابات عامة في هذا البلد وارسال المساعدة الانسانية للتخفيف عن السكان.
قائد الثورة: طلبة الجامعات هم ضباط مواجهة الحرب الناعمة المعادية
أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي ضرورة المعرفة الدقيقة لهدف الاعداء من وراء الحرب الناعمة، واصفا الطلبة الجامعيين بانهم ضباط مواجهة الحرب الناعمة المعادية.
وقال سماحته أمس الاثنين خلال استقباله حشدا من الطلبة الجامعيين وممثلي التنظيمات الطلابية الجامعية، مخطابا الطلبة: انني اقول واثقا بانكم ضباط الحرب الناعمة ولهذا السبب اؤكد على مسألة الإنتباه بدقة الى الهدف الاساس للعدو من الحرب الناعمة اي ايجاد التغيير في حسابات الشعب والمسؤولين.
وأضاف آية الله الخامنئي ان قلوب واذهان وافكار وارادة الشعب مستهدفة من وراء هجمة الحرب الناعمة المعادية، لافتاً إلى أنهم يفصحون علناً عن ضرورة القيام بكل ما يدفع الايرانيين بتغيير حساباتهم، اي ان يصلوا الى استنتاج بان لا جدوى لهم من الوقوف امام قوى الاستكبار والغطرسة العالمية، لذا ينبغي على ضباط الحرب الناعمة ادراك هدف الاعداء هذا ومواجهته بالصورة الصحيحة.
واكد سماحته في تبيينه للمواجهة الصحيحة لهدف الاعداء الاساس، ضرورة رفع مستوى المعرفة لدى الطلبة الجامعيين.
ونصح قائد الثورة الاسلامية الطلبة الجامعيين قائلا، لا تجعلوا مستوى معرفتكم مواضيع المواقع والمدونات وهكذا قضايا بل اسعوا لزيادة مستوى معارفكم عبر الاتكاء على القرآن الكريم وكتابات الاستاذ الشهيد مطهري وكتابات العلماء الكبار وفضلاء الحوزة الشباب.
واكد سماحته ضرورة النظرة المفعمة بالامل كونها المسألة الاكثر اساسية واعتبر زيادة الدراسات الاسلامية والنظرة الواعية لحقائق البلاد والنقد المنصف والرقابة المستمرة والمتوازنة، من المسؤوليات الاساسية للتنظيمات الطلابية وقال، ان جميع هذه القضايا يجب ان تكون مشفوعة بالمداراة والعقلانية وبعيدة عن الافراط والتفريط.
وقال قائد الثورة الاسلامية، إن حقائق البلاد تبعث الامل في القلوب واعملوا ما استطعتم على حفظ وتوسيع شعاع الامل هذا في قلوبكم وفي قلوب الشعب.
وفي معرض الرد على الاسئلة ونقاط الغموض المطروحة من قبل بعض الطلبة الحاضرين الذين بلغ عددهم الالف، اعتبر قائد الثورة الاسلامية امتلاك الاهداف السياسية والعلمية والاخلاقية – المعنوية الرسالية بانه اهم ما يتوقع من التنظيمات والمجموعات الطلابية، وتطرق الى الضرورات واللاضرورات للنظرة النقدية والمعتدلة والمنصفة والمليئة بالامل لقضايا البلاد.