
emamian
الهجرة النبوية ودعائم النظام النموذجي
قدِم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة ليقيم هذا النظام ويعمل على تكامله ويجعله أنموذجاً إلى أبد الدهر، ليقتدي به اللاحقون على امتداد التاريخ، ممّن تتوفّر لديهم القدرة على إقامة نظام مماثل له، من أجل أن يزرعوا الاندفاع في القلوب كي يحثّ بنو البشر الخطى نحو إيجاد مثل هذا المجتمع. وبديهيّ أن تحتاج إقامة مثل هذا النظام إلى دعائم عقائدية وإنسانية، فلا بدّ:
أوّلاً: من وجود معتقدات وأفكار سليمة كي يقام هذا النظام على أساسها. وقد بيّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هذه الأفكار والرؤى في إطار كلمة التوحيد والعزّة الإنسانية وسائر المعارف الإسلامية خلال فترة السنوات الثلاث عشرة الّتي أمضاها في مكّة، ثم علّمها وفهّمها الآخرين بشكل متواصل وعلى مدى لحظات حياته حتّى وافاه الأجل في المدينة، وكان على الدوام بصدد تعليم وتفهيم الجميع مثل هذه الأفكار والمعارف الساميّة الّتي شكّلت أسس هذا النظام.
وثانياً: من الضروريّ وجود القواعد والدعائم الإنسانية كي يستقيم هذا البناء عليها، وذلك يعود إلى عدم ارتكاز النظام الإسلاميّ على فرد واحد. وقد باشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إعداد هذه الركائز في مكّة وحقّقها، فكان منهم مجموعة من كبار الصحابة ــ على اختلاف مراتبهم ــ هم ثمرة الجهود المضنية والجهاد المرير خلال فترة السنوات الثلاث عشرة في مكّة، فيما كانت هنالك مجموعة من الّذين تمّ بناؤهم في يثرب بواسطة رسالة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وذلك قبل هجرته صلى الله عليه وآله وسلم من قبيل سعد بن معاذ وأبي أيوب وغيرهما.
وعندما حلّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، باشر، من لحظة دخوله إليها، عملية بناء الإنسان. ومع مرور الأيّام أخذت ترد إلى المدينة شخصيّات تتّسم بجدارتها الإدارية وجلالة القدر والشجاعة والتضحية والإيمان والاقتدار والمعرفة حتّى أصبحت أعمدةً صلبة لهذا الصرح الشامخ الرفيع.
لقد كانت هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة - الّتي كانت تسمّى قبل حلوله فيها بـ "يثرب" ثم سُمّيت "مدينة النبيّ" بعد دخوله إليها - بمثابة نسائم ربيع عمّت أجواء المدينة فشعر أهلها كأنّ انفراجاً حلّ فيهم جذب القلوب وأيقظها. وحينما سمع أهل المدينة بوصول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى قبا- وهي على مقربة من المدينة ومكث فيها خمسة عشر يوماً - كان الشوق لرؤيته يغلي في قلوبهم يوماً بعد يوم، وكان بعضهم يتوجّه إلى قبا لرؤية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما بقي الآخرون ينتظرونه في المدينة. وعندما دخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المدينة تبدّل ذلك الشوق وذلك النسيم إلى عاصفة ألهبت قلوب الناس فغيّرتها. وسرعان ما نما لديهم الشعور بأنّ جميع ما لديهم من مبتنيات وعواطف وارتباطات وعصبيات قبليّة قد ذابت بطلوع محيّا هذا الرجل وسلوكه ومنطقه، وأشرفوا على نافذة جديدة تطلّ بهم على حقائق عالم الخلق والمعارف الأخلاقية. فكان أن أحدثت هذه العاصفة ثورةً في القلوب بادئ الأمر، ثم امتدّت إلى تخوم المدينة، لتخرج فيما بعد إلى قلاع مكّة وتسيطر عليها، وتنطلق في خاتمة المطاف لتشقّ طريقها إلى ما هو أبعد، فتتقدّم إلى أعماق امبراطوريتي ذلك الزمان العظميين، وحيثما توجّهت كانت تهزّ القلوب وتحدث ثورةً في باطن البشر. ففي صدر الإسلام فتح المسلمون بقوّة إيمانهم بلاد إيران والروم، وأيّما قوم طالهم هجوم المسلمين كان الإيمان يداعب قلوبهم بمجرّد رؤيتهم للمسلمين. كانت الغاية من السيف إزالة العراقيل عن الطريق، والقضاء على المتسلّطين والمترفين. أمّا السواد الأعظم من الناس فقد استقبل هذه العاصفة في جميع الأمكنة، فكان أن نفذ النظام والدولة الإسلامية إلى أعماق امبراطوريتي ذلك الزمان - أي إيران والروم - فأصبحتا جزءاً من النظام والدولة الإسلامية. وكلّ ذلك حصل في ظرف أربعين سنة، عشر منها في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وثلاثون منها بعد رحيله.
لقد باشر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عمله بمجرّد أن حلّ في المدينة. ومن العجائب الّتي حفلت بها حياته صلى الله عليه وآله وسلم هي أنّه، وطوال تلك السنوات العشر، لم يهدر لحظةً واحدة، فلم يُرَ صلى الله عليه وآله وسلم ، غافلاً عن إنارة مشعل الهداية والإيمان والتعليم والتربية ولو للحظةٍ واحدة؛ فلقد كانت يقظته ونومه، ومسجده وداره، ودخوله ساحة الحرب، ومسيره في الطرقات والأسواق، ومعاشرته لأسرته، وكلّ وجوده أينما حلّ، دروساً.
يا لها من بركة زخر بها هذا العمر! فالشخص الّذي شغل التاريخ برمّته وترك بصماته عليه - ولقد قلت مراراً إنّ الكثير من المفاهيم الّتي اكتست وشاح القدسية على مدى القرون التالية، من قبيل المساواة والأخوّة والعدالة والسيادة الشعبيّة، كلّها كانت تحت تأثير تعاليمه صلى الله عليه وآله وسلم . وفي تعاليم سائر الأديان، لم يكن من وجود لمثل هذه الأمور، أو لنقل إنّها لم تبلغ منصّة الظهور مع أنّ نشاطه الحكوميّ والسياسيّ والاجتماعيّ قد دام عشراً من السنين لا غير! فيا لها من حياة ميمونة! لقد حدّد صلى الله عليه وآله وسلم موقفه منذ الوهلة الأولى لدخوله المدينة.
ما هي الأوصاف الخاصّة بالإمام المهدي (عليه السلام) ؟
وأمَّا أوصاف الإمام المهدي (عليه السلام) الخاصّة فقد نطقت بها الروايات، فهناك أكثر من (١٨٠) لقب واسم وصفة له (عليه السلام)(1)، منها أنَّه (عليه السلام) خليفة الله، والخليفة هو الذي يقوم بدور عظيم ويمثِّل الله تعالى في أرضه، يمثِّله في الكمالات، يمثِّله في القدرة، فهو مظهر لأسماء الله تبارك وتعالى.
عقيدتنا هي أنَّ الله تعالى لا يتجسَّد، ولا يحسّ، وليست له جوارح، وإنَّما هو الغني المطلق، والقادر المطلق، والكامل المطلق، والعالم المطلق، ولكن يُعرَف الله تبارك وتعالى بآياته وهم الأئمّة الكرام (عليهم السلام)، إذن فهو (عليه السلام) خليفة الله تعالى.
يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشركُونَ) (الصفّ: ٩)، أكَّدت الروايات بأنَّه لم ينزل تأويلها بعد، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: (والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبقَ كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلَّا كره خروجه حتَّى أن لو كان كافراً أو مشركاً(2) في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله)(3)، فهو (عليه السلام) نور الله الذي لا يُطفئ، وهو الحافظ لأسرار ربّ العالمين.
ويجب على الإنسان أن يعرف إمام زمانه لأنَّه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فمعرفة الإمام هي التي تحافظ على إسلام الإنسان ودينه، وتصحُّ أعماله بمعرفته، على الإنسان اليوم أن يعرف أنَّ إمام زمانه هو الحجَّة بن الحسن الثاني عشر من الأئمّة (عليهم السلام)، المفترض الطاعة، الكامل المعصوم، قد فرض الله تعالى طاعته على العباد، وجعله إماماً عليهم، كلّ هذه المعارف إذا اجتمعت تجعل من الإنسان شيعياً، أمَّا الشكّ في ولادته (عليه السلام) فإنَّه يُخرج الإنسان عن التشيّع، الشكّ في كونه (عليه السلام) معصوماً أيضاً يخرجه عن التشيّع، وهكذا الشكّ في كونه واجب الطاعة وأنَّه معصوم وغير ذلك، كلّ ذلك يُخرج الإنسان عن التشيّع، إذن الذي يحافظ على تشيّع الإنسان هو هذه المعتقدات.
الإمام والعلم اللدنّي:
إنَّ الله تبارك وتعالى زوَّد الإمام المهدي (عليه السلام) بالعلم اللدنّي كما زوَّد الخضر به، قال تعالى: (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف: ٦٥)، وبواسطة هذا العلم اللدنّي تصرف الخضر تصرّفات لم يكن نبيّ الله موسى (عليه السلام) يعرفها.
قال تعالى: (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (الكهف: ٦٦)، إذن يوجد عند الخضر علم لا يوجد عند نبيّ الله موسى (عليه السلام)، وليس ذلك العلم إلَّا العلم اللدنّي، نحن لا نعرف كيفيته ولا نعرف ماهيَّته، ولكن نعرف بأنَّ الخضر استند إلى هذا العلم وخرق السفينة وقتل الغلام قبل أن يبدر من الغلام شيء، ولهذا استنكر نبيّ الله موسى (عليه السلام) عليه، لأنَّ موسى (عليه السلام) عنده الشريعة الظاهرية وبحسب موازين الشريعة الظاهرية لا يجوز قتل الغلام، ولكن الخضر لا يعمل بموازين الشريعة الظاهرية وإنَّما يعمل بموازين العلم اللدنّي، والعلم اللدنّي له مقتضيات وآثار غير آثار العلم الظاهري المستند إلى الشريعة الظاهرة.
ثمّ إنَّ الخضر بيَّن لنبيّ الله موسى (عليه السلام) تأويل ما فعله، (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: ٧٨)، يقول الخضر: عندي تأويل وتفسير لأفعالي توافق مع العلم اللدنّي، قال: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (الكهف: ٧٩ - ٨١)، فلو بقت السفينة لأخذها الملك، وهكذا لو بقي الغلام لجرَّ والديه إلى الكفر ومنع من وجود سبعين نبيّاً، فقد ورد أنَّ الله تعالى أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّاً(4).
إذن نظر الخضر بواسطة العلم اللدنّي نظرة مستقبلية لما يحتاج إليه العالَم وشخَّص أنَّه لا بدَّ من قتل الغلام، لأنَّ مصلحة العالَم تتوقَّف على قتله الآن، والنظرة للتغيّرات وما يجري وما يحتاج إليه الناس في المستقبل حصل عليه الخضر (عليه السلام) من العلم الخاصّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: النجم الثاقب ١: ١٦٥ - ٢٦٨/ الباب الثاني في أسماء الإمام المهدي وألقابه صلوات الله عليه.
(2) في بحار الأنوار: (حتَّى لو كان كافر أو مشرك).
(3) كمال الدين: ٦٧٠/ باب ٥٨/ ح ١٦؛ بحار الأنوار ٥٢: ٣٢٤/ ح ٣٦.
(4) راجع: الكافي ٦: ٧/ باب فضل البنات/ ح ١١.
كيفية النصّ على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام)؟
الحياة السياسية
تدرّجت النصوص الخاصّة الصادرة عن الإمام الرضا عليه السلام حول إمامة ابنه الجواد عليه السلام من قبل أن يولد، واستمرّ صدورها حتّى قبيل استشهاده، وذلك لتمهيد وإيجاد الأرضيّة اللّازمة للإمامة المبكّرة المتمثّلة في إمامة الجواد عليه السلام،
تدرّجت النصوص الخاصّة الصادرة عن الإمام الرضا عليه السلام حول إمامة ابنه الجواد عليه السلام من قبل أن يولد، واستمرّ صدورها حتّى قبيل استشهاده، وذلك لتمهيد وإيجاد الأرضيّة اللّازمة للإمامة المبكّرة المتمثّلة في إمامة الجواد عليه السلام، ولا سيّما إذا لاحظنا أنّها تعتبر ظاهرة فريدة في نوعها لأوّل مرّة في تأريخ أهل البيت عليهم السلام. وبالإمكان أن نصنّف النصوص الّتي ناهزت الأربعين نصّاً إلى أصناف، منها: عشرة نصوص يعود تاريخها إلى ما قبل الولادة، وعدّة نصوص صدرت بعد الولادة، وحوالي 14 نصاً ترتبط بمرحلة الصبا، وعشرة نصوص تختصّ بمرحلة ما قبل استشهاد الإمام الرضا عليه السلام بدءً بإخراجه من المدينة وانتهاءً باستقراره في خراسان وطوس.
فالمهمّ في قضيّة الإمامة هو النصّ، وقد رواه كثير من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام الأجلّاء وفقاً لما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد([1]). وقام الأستاذ عطاردي بجمع هذه النصوص كلّها تقريباً في كتابه (مسند الإمام الجواد عليه السلام )
ومن قبله بادر العلّامة المجلسيّ أيضاً إلى تخصيص فصل من كتاب بحار الأنوار ذكر فيه النصوص الواردة في إمامة محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام. ويتّضح من هذه الروايات أنّ الإمام الرضا عليه السلام أشار عدّة مرّات إلى إمامة ولده، وأطلع أصحابه الأجلّاء على هذا الأمر. وفي الحقيقة إنّ استقامة أكثر الأصحاب وثبوتهم على الانقياد للإمام الجواد عليه السلام ـ وهم الّذين أسندوا تلك الروايات ـ يُعتبر أفضل دليل على أحقّية إمامة الجواد عليه السلام.
الحالة السياسيّة في عصر الإمام الجواد عليه السلام
إنّ معلوماتنا التاريخيّة عن حياة الإمام الجواد عليه السلام قليلة، والسبب في ذلك يعود إلى المضايقات السياسيّة الّتي كان ينتج عنها إخفاء الأخبار المتعلّقة بالأئمّة عليهم السلام ليكونوا في مأمنٍ يقيهم شرّ الأعداء.
والسبب الآخر عدم استمرار حياة الإمام عليه السلام طويلاً، حتّى يمكن الحصول على أخبار بشأنها.
وفي الوقت ذاته فإنّ الدولة العبّاسيّة كان السرّ في نجاحها وانطلاقها في بداية الأمر هو ربطها بأهل البيت عليهم السلام، حيث تحكّم العبّاسيّون، وتسلّطوا على الأمّة بدعوى القربى النسبيّة من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطلب حقّ آل البيت عليهم السلام تحت شعار الرضا لآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن هنا فإنّه من الطبيعي أن يكون الخطر الحقيقيّ الّذي يهدّد العبّاسيّين وخلافتهم هو من العلويّين الّذين كانوا أقوى منهم حجّةً، وأقرب منهم منزلة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
أمّا المأمون العبّاسيّ فقد واجه تحدّيات كبيرة وخطيرة كانت تهدّد كيان حكمه وتعصف به، وكان بقاؤه في السلطة يحتاج إلى الكثير من الدهاء والمناورات، لأنّه كان يواجه:
1- تحرّك الشيعة العنيف ضدّه، وثورة أبي السرايا الّتي عمّت الكثير من الحواضر الإسلاميّة.
2- تكتّل العائلة العبّاسيّة ضدّه ووقوفها إلى جانب الأمين.
3- وجود المخاطر الخارجيّة من جانب الدول المتربّصة بالدولة الإسلاميّة (كالدولة البيزنطيّة).
وأمام هذه التحدّيات قام المأمون بالأمور التالية:
1- تصفيته لتحرّك أخيه الأمين والقوى المتحرّكة القويّة ضدّه.
2- القيام بلعبة تولية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد بالإكراه ليصوّر للأمّة أنّه مع القيادة الشرعيّة.
3- محاربة وتصفية ثورات العلويّين.
4- التصفية الجسديّة للإمام الرضا عليه السلام.
5- التوجّه لبغداد للقضاء على معارضة البيت العبّاسيّ.
6- إشاعة فتنة خلق القرآن لإشغال الناس بها عمّا يهمّهم.
7- التوجّه لمحاربة الدولة البيزنطيّة ودفع خطرها.
أمّا الأمّة الإسلاميّة فلا شكّ أنّها كانت تؤيّد قيادة أهل البيت عليهم السلام. وكلّ الوقائع التاريخيّة والشواهد تؤيد ذلك، ومن أهمّها اضطرار السلطة العبّاسيّة للدخول فيما دخلت فيه من تولية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد والإيحاء بتحويل الخلافة من العبّاسيّين إلى أهل البيت عليهم السلام.
ولكنّ هذا التأييد لقيادة أهل البيت عليهم السلام كان ضمن ثلاثة مستويات، وهي:
1- عموم الأمّة الّتي أصبحت مؤمنة بقيادة أهل البيت عليهم السلام، دون ارتباطها بهم برباط عميق من الوعي.
2- المعارضون للدولة الّذين يعتمدون الكفاح المسلّح لإسقاطها وإقامة الحكم الشرعيّ.
3- المؤمنون الذين وعوا القيادة الشرعيّةّ وهم أصحاب الإمام الرضا عليه السلام وأنصاره.
هذه هي أهمّ ملامح الوضع السياسيّ في مطلع عصر الإمام الجواد عليه السلام.
كيف يكون العدل بين الأولاد في الأسرة الواحدة؟
كيف تجعل ولدك صالحاً؟
لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام على العدل بين الأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"
لقد أكدت الأحاديث الكثيرة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليه السلام على العدل بين الأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"[1].
وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك"[2].
ولكن كيف يكون العدل بين الأولاد؟
أشارت الروايات إلى العديد من الأمور منها:
أ- في الهدايا:
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اعدلوا بين أولادكم في النِحَل"[3]، والمقصود بالنِحَل العطايا والهبات، فليس من المناسب أن يعطي الإنسان ولداً هدية من دون أن يهدي ولده الآخر أيضا، فإن هذا يشعر الولد الآخر بقلة الاهتمام به، وأنه شخص غير محبوب في العائلة، وأن أخاه أفضل منه، وغير ذلك من المشاعر التي تولد الغيرة والحسد، أو الشعور بالمظلومية.
ب- في التقبيل:
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل"[4] فالقبلة، وإن كانت تصرفاً صغيراً، إلا أنها تحمل مداليل عاطفية كبيرة، ومن هنا ورد في الحديث أنه "نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فهلا واسيت بينهما"[5]، وهذا يظهر مدى حرص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على مشاعر الأطفال.
ج- عدم التمييز بين الجنسين
إن بعض المجتمعات تميز الذكر عن الأنثى فتعطيه الامتيازات، وتحرم الأنثى في المقابل، وقد حارب الإسلام هذا النوع من التربية، وأمر بالاهتمام بالإناث، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم "من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة"24[6]. كما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم الولد البنات المخدرات[7]، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترا له من النار"[8].
د- عدم الخلف بالوعد لهم
إن الوفاء بالوعد من الأمور التي أكد عليها الشرع المقدس على كل حال، وفي خصوص الولد هناك تأكيد خاص أيضاً بعدم الخلف بالوعود التي تعطى له، فروح الولد في أوَّل عمره حساسة للغاية، وقد أكدت الروايات على ترك الخلف بما وعد به الأهلُ أطفالهم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "... وارحموهم وإذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم فإنهم لا يدرون إلا أنكم ترزقونهم"[9].
[1] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[2] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[3] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[4] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3673.
[5] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص 483.
[6] مستدرك الوسائل, الميرزا النوري, ج15, ص118.
[7] المخدرات: من الخدر، والخدر هو الستر.
[8] ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص 3672.
[9] الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص49.
بعد 12 عاماً من الانقطاع.. حجاج سوريون يتوافدون بلهفة على بيت الله الحرام
سيدشّن الحجاج السوريون هذا العام عودة رحلات الحج المباشرة من سوريا إلى السعودية، إثر الاتفاق على عودة ملف الحج بالكامل إلى عهدة الحكومة السورية، بعد توقف دام 12 عاماً حُرِم خلالها السوريون في الداخل من الحج إلى بيت الله الحرام.
- الكاتب: ديب سرحان - سوری
- بعد 12 عاماً من الانقطاع.. حجاج سوريون يتوافدون بلهفة إلى بيت الله الحرام
للمرة الأولى في حياتها، تحزم السيدة فاتن الحافظ (أم محمد) حقائبها استعداداً للسفر إلى السعودية لأداء مناسك الحج، بعد أن أُعلِن عن اسمها ضمن قوائم المقبولين لأداء الفريضة هذا العام.
لا تتمالك الحافظ (66 عاماً) نفسها وتسرقها العبرة في أثناء حديثها للميادين نت: "إنها المرة الأولى في حياتي التي سأتوجه فيها لزيارة بيت الله الحرام؛ كان هذا الأمر بالنسبة لي أشبه بالحلم، أما اليوم فقد أصبح حقيقة؛ لا يمكن أن أصف شعوري لحظة وصول الموافقة من وزارة الأوقاف على قبولي لأداء مناسك الحج؛ لا أذكر شيئاً في ذلك اليوم إلا صوت الزغاريد التي عمّت أرجاء المنزل، والآن لا يسعني الانتظار حتى يحين موعد الرحلة من مطار دمشق الدولي إلى السعودية".
حلم (أم محمد) خلال السنوات الماضية بزيارة بيت الله كان مقترناً بالحسرة والحزن، خاصّة أن السوريين حُرِموا أداء هذه الفريضة لدواعٍ سياسية، ولم يكن باستطاعتهم فعل شيء لتغيير الواقع؛ تقول أم محمد: "كل عام، كنا نتابع مناسك الحج والشعائر عبر التلفاز، ونشاهد قدوم الحجاج من مختلف بقاع الأرض لأداء هذه الفريضة، بينما السوريون محرومون من التوجه إلى بيت الله الحرام، لكن اليوم تغيّر كل شيء وعادت الأمور إلى طبيعتها".
أم محمد واحدة من 17500 مواطن سوري أعلنت وزارة الأوقاف اختيارهم لتأدية فريضة الحج بعد مفاضلة إلكترونية أجريت على أكثر من 50 ألف مواطن قدموا طلباتهم لهذا الغرض، وأكدت الوزارة أن الاختيار تم بناء على مفاضلة الأعمار، إذ قُبل المتقدمون من مواليد 5 - 6 - 1957 مع مرافقيهم المسجلين بغض النظر عن تاريخ ميلادهم.
طلبات التقديم لأداء مناسك الحج لم تقتصر على العاصمة دمشق فقط، بل شملت مختلف المحافظات السورية، حيث أكد مدير أوقاف دير الزور الشيخ عبد الهادي العبوش للميادين نت أن عدد الذين قُبِلت طلباتهم لأداء الفريضة في المحافظة بلغ 157 شخصاً، سينطلقون ضمن قافلة واحدة من دير الزور باتجاه دمشق.
وفي الحسكة كشف مدير الأوقاف منصور عبد الباقي حسن للميادين نت، أن عدد الحجاج المقبولين لأداء الفريضة يصل إلى 1000 شخص، سيتم نقلهم إلى دمشق على دفعات؛ وعن التكلفة أشار حسن إلى أنها تقارب 5 آلاف دولار أميركي تشمل النقل من الحسكة إلى دمشق، وحجوزات الطيران، والخدمات، والطعام، وأماكن الإقامة في السعودية.
وسيدشّن الحجاج السوريون هذا العام عودة رحلات الحج المباشرة من سوريا إلى السعودية، إثر الاتفاق بين وزارة الأوقاف السورية وهيئة الحج السعودية على عودة ملف الحج بالكامل إلى عهدة الحكومة السورية، بعد توقف دام 12 عاماً حُرِم خلالها السوريون في الداخل من الحج إلى بيت الله الحرام.
وانطلقت يوم الثلاثاء 28 أيار/مايو أول رحلة حج جوية، من مطار دمشق الدولي إلى جدة في المملكة العربية السعودية، وعلى متنها 270 راكباً، لتكون هذه أول رحلة جوية مباشرة بين البلدين منذ 12 عاماً، على أن يتبعها نحو 70 رحلة إضافية لنقل كامل الحجاج السوريين إلى السعودية، بمعدل 4 رحلات يومياً.
مدير عام الطيران المدني في سوريا المهندس باسم منصور أكد للميادين نت أنه تم تخصيص صالة الركاب الثانية في مطار دمشق الدولي للحجاج، مع تجهيزها بالموازين، وأماكن الوضوء والصلاة، ومركز صحي متطور، وأجهزة تفتيش حقائب، مع تأمين بوابات مغادرة واسعة ومجهزة بأعداد كبيرة من مقاعد المسافرين، كما تم تجهيز صالة ثانية مهمتها استقبال الحجاج لدى عودتهم من الحج.
وأضاف منصور أن الرحلات الجوية المباشرة تتم حالياً بطائرات من طراز A340 التي تتسع لـ 280 مسافراً، وطائرات من طراز A320 التي تتسع لـ 150 مسافراً، وتتجه من دمشق إلى جدة مباشرة ومنها إلى مكة المكرمة، ورحلة العودة ستكون من المدينة المنورة أو جدة إلى مطار دمشق الدولي.
مع عودة رحلات الحج المباشرة من سوريا إلى السعودية، ستعود معها الطقوس الاجتماعية التي ترافق استقبال الحجاج لدى عودتهم، حيث اعتاد السوريون على الاحتفال ثلاثة أيام ابتهاجاً بعودة الحجاج من زيارة بيت الله الحرام، ومن المُتعارف عليه أيضاً أن يُقدّم الزوّار ما يطلق عليه "النُّقوط" للحجاج، وهو عبارة عن مبلغ مالي هدية لهم، بينما يعمد الحجاج إلى توزيع التمر والقهوة المرّة وماء زمزم على المهنئين، وغالباً ما يتم استقبال الحجاج بالعراضة الشامية عند منازلهم، بعد تزيين الشوارع بالصور والأضواء واللافتات التي تعبّر عن هذه المناسبة، بينما يكون دخول الحاج إلى منزله مقترناً بالذبائح التي تقدّم لحومها للفقراء.
ولطالما كان موسم الحج طقساً فريداً في العاصمة السورية دمشق، التي تشهد أحياؤها احتفالات متلاحقة للترحيب بالحجاج، الذين تتحوّل منازلهم إلى قاعات استقبال للمهنئين والزوّار، حيث يستمع الضيوف إلى تفاصيل ما عاشه الحاج خلال رحلته إلى الأراضي المقدسة؛ وغالباً ما يكون انتقال الناس من منزل حاج إلى آخر على شكل جماعات تعبيراً عن التعاضد الاجتماعي بين أبناء الحي أو المنطقة الواحدة.
سباق مع الزمن لإنجاز كامل الإجراءات
في العام 2012 كانت السعودية واحدة من الدول العربية التي قطعت علاقاتها بشكل كامل مع سوريا، وبناء على ذلك، تم إيقاف الرحلات المباشرة بين البلدين وسحب ملف الحج من الحكومة السورية، ما أدى إلى حرمان السوريين لمدة 12 عاماً من زيارة بيت الله الحرام، قبل أن يشهد العام 2023 عودة المياه تدريجياً إلى مجاريها بين دمشق والرياض.
العلاقات السورية - السعودية شهدت منذ العام الماضي تطورات نوعية عبر تبادل الزيارات الرسمية لمسؤولي البلدين، ولاحقاً مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في قمة جدة، قبل أن تشهد الأشهر الماضية خطوات متسارعة ومتلاحقة تمثلت بتسلّم دمشق ملف الحج بشكل كامل، وتبادل السفراء، والإعلان عن عودة الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين خلال موسم الحج.
مصدر في الأوقاف السورية أكد للميادين نت أنه ومنذ الإعلان عن تسلم الوزارة ملف الحج تم التنسيق مع مختلف الجهات المعنية في وزارات النقل والسياحة والداخلية، لتسهيل كامل الإجراءات الفنية واللوجستية أمام الأشخاص الراغبين في أداء فريضة الحج، كما تم الاتفاق مع الجانب السعودي على أن يكون الطيران من مطار دمشق الدولي حصراً إلى مدينة جدة.
بعد ذلك، عملت وزارة الأوقاف على إنشاء منصة إلكترونية لتسجيل الحجاج، عبر ملء معلوماتهم الشخصية إلكترونياً، ليتم فيما بعد التفاضل بينهم عن طريق السنّ، من خلال اختيار الأشخاص الأكبر سناً؛ ولاحقاً حددت الوزارة المكاتب السياحية المرخصة لتشرف على تنظيم الحملات الداخلية، على أن يتم نقل الحجاج من باقي المحافظات إلى دمشق عند تحديد موعد السفر، ليكون الانطلاق من مطار دمشق الدولي.
فرحة منقوصة
وبالرغم من أن عودة رحلات الحج المنتظمة من سوريا إلى السعودية تركت حالة إيجابية واسعة لدى الشعب السوري، فإن التكلفة المالية المرتفعة أرخت بظلالها على رغبة الكثير من السوريين في أداء الفريضة، حيث أكد عدد من أصحاب مكاتب الحج والعمرة في دمشق أن تكلفة الرحلة تبدأ من 75 مليون ليرة (5 آلاف دولار أميركي)، وتصل إلى ضعف هذا المبلغ، حسب الخدمات المقدمة والفنادق وحجوزات الطيران.
شاهر عبد الحميد، مدرس لغة عربية (56 عاماً)، يقول للميادين نت: "الفرحة بعودة رحلات الحج من سوريا إلى السعودية بشكلٍ مباشر منقوصة، فالتكلفة المالية المرتفعة التي تم الإعلان عنها من قبل الشركات المتخصصة لا تناسب جميع شرائح المجتمع السوري، فكيف يمكنني براتب لا يتجاوز 400 ألف ليرة (30 دولاراً أميركياً) شهرياً أن أجمع هذا المبلغ الفلكي الذي يقارب المئة مليون ليرة؟".
ويضيف عبد الحميد أن التكاليف لن تقتصر على ذلك فقط، فهناك مبالغ إضافية يجب تأمينها خلال رحلة الحج وعند العودة، مثل الهدايا وحفل الاستقبال، وهذا الأمر لا يتوافق أبداً مع الواقع المعيشي لأغلب السوريين، إذ يعتمد جزء كبير منهم على الحوالات المالية من الخارج.
المصدر :المیادین
السيد نصر الله: مستقبل جبهة المقاومة مشرق ومنتصر.. و"طوفان الأقصى" معركة وجود ومصير
الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، يتحدث، في خطاب متلفَز، عن معركة طوفان الأقصى وتأثيرها المصيري والمشرق في المنطقة، ويتطرّق إلى بعض القضايا في الشأن اللبناني.
- الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب اليوم
أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، اليوم الجمعة، أنّ "جبهة المقاومة أصبحت أكبر وأوسع وأشمل وأقوى من أي وقت مضى".
وفي كلمة، خلال الاحتفال التكريمي للعلامة الشيخ علي كوراني، قال السيد نصر الله: "نحن في الجبهة التي مستقبلها واضح ومشرق ومنتصر، والمسألة مسألة وقت"، في حين أن "جبهة العدو تمرّ في حالة سيئة لم تمر في مثلها، باعتراف المسؤولين الصهاينة".
وأضاف: "يجب أن ننظر إلى هذه المعركة في منطقتنا على أنّها معركة وجود ومعركة مصير، ويجب أن نكون فيها جميعاً"، مشدداً على أنّ الانتصار في هذه المعركة "ستكون له آثار إيجابية في المنطقة في كل المستويات".
جبهة الجنوب.. ضاغطة ومؤثرة
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ جنوبي لبنان هو في خضمّ هذه المعركة التي "تعني مستقبل لبنان والثروة والسيادة اللبنانيتين"، مؤكداً أنّ هذه الجبهة "ضاغطة وقوية ومؤثرة في العدو الصهيوني"، وهي "جبهة إسناد، وجزء من المعركة التي تصنع مصير فلسطين ولبنان والمنطقة، بعيداً عن الحسابات الضيقة التي يغرق فيها بعض اللبنانيين".
وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: "لا تُصغوا إلى تقويمات من لا يعرفون، أو من يعرفون وينكرون، بل اصغوا إلى ما يقوله جنرالات العدو ومسؤولوه ومستوطنوه عن جبهة لبنان".
وأضاف أنّ "قادة الكيان أتوا إلى الشمال ليفاخروا في إبعاد المقاومة إلى كيلومترات بعيدة، ليأتي الرد بعملية على قرب أمتار قليلة من الموقع"، مردفاً: "لو أراد المقاومون دخول الموقع لدخلوا".
"تأييد جبهة لبنان عابر للطوائف"
وفي الإطار نفسه، تطرّق السيد إلى ما يجري تداوله بشأن "عدم تأييد اللبنانيين لعمليات المقاومة"، مؤكّداً أنّ "تأييد جبهة لبنان في إسنادها فلسطين عابر للطوائف، وليس محصوراً في فئة أو أخرى".
وتابع: "ليعرف كل شخص حجمه ويتحدث نيابة عمّن يمثل حين يتحدث عن رفض أغلبية الشعب اللبناني جبهة الإسناد"، سائلاً الذين يزعمون أنّ الشعب اللبناني يرفض إسناد غزة: "أين استطلاع الرأي الذي يثبت هذه المزاعم؟!".
ولفت إلى أنّ "هناك تحملاً لأعباء هذا الكيان وعدوانه منذ عام 1948، وما زالت البيئة حاضنة ووفية ومخلصة. وببركة صمودها كانت الانتصارات في أيار/مايو 2000 وفي تموز/يوليو 2006".
وأكّد السيد نصر الله أنّ "نتائج معركة الجنوب أعلى وأكبر من المكاسب السياسية الداخلية، تماماً كما كان التحرير عام 2000، والانتصار عام 2006".
"لا علاقة للمعركة بانتخاب رئيس للبنان"
وأكد السيد نصر الله أنّ الحديث عن أنّ الجبهة في لبنان "تمنع انتخاب رئيس للجمهورية مغالطة"، مؤكّداً أنّ "لا علاقة للمعركة في الجنوب وغزة بانتخابات الرئاسة".
وبيّن أنّ "ما عطل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان هو الخلافات الداخلية والفيتوات الخارجية"، مضيفاً: "منذ البداية، قلنا إنّنا لا نريد أن نوظف ما يجري في الجنوب بالشأن الداخلي، لكن ثمة من يعيش في الوهم".
وفي السياق، أوضح السيد نصر الله أنّ "ما سُرّب عن عروض وإغراءات بشأن التنقيب، في مقابل وقف الجبهة، يكشف شراكة الأميركي في صنع معاناة اللبنانيين، بحيث إنّ "الأميركي شريك في صنع معاناة الكهرباء في لبنان، وعطّل موضوع حقول النفط في المياه اللبنانية".
وأضاف أن "لا ترسيم للحدود البرية في لبنان، بل هناك تطبيق للحدود المرسَّمة، في حين أن هناك أماكن يحتلها العدو ويجب أن يخرج منها".
"نتنياهو يأخذ الكيان إلى الأسوأ"
وفيما يخصّ الفشل الإسرائيلي في غزة، أوضح السيد نصر الله أنّ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "يأخذ الأمور إلى الأسوأ في الكيان، عبر إصراره على حربه".
وعلّق على تصريحات عضو "كابينت" الحرب، وصاحب "عقيدة الضاحية"، غادي آيزنكوت، والتي قال خلالها إنّ فرقة كاملة (تتألف من عدة ألوية) لـ "جيش" الاحتلال تخوض معارك ضد كتيبة كان أُعلن تفكيكها في جباليا"، وإنّ "القتال صعب".
يُشار إلى أنّ "عقيدة الضاحية"، يُعتقد أنها نشأت في أثناء حرب عام 2006 في لبنان، ضد حزب الله، وتنصّ على استخدام القوة على نطاق واسع وطويل الأمد ضد السكان المدنيين بصورة عامة.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ هذه التصريحات "تُبيّن حال الجيش الإسرائيلي المنهَك"، مشيراً إلى أنّ "الجيش الإسرائيلي يضطر، مع معركة رفح، إلى دخول جباليا بفرقة كاملة".
وأضاف أنّ رئيس البنك المركزي الإسرائيلي "تحدّث عن كارثة ستلحق بالكيان، بينما قادة الجيش ومسؤولون إسرائيليون كبار في الشأن العسكري تحدثوا عن مثل هذه الأزمات والكوارث".
وفيما يخصّ مواقف الدول بشأن المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، أشار السيد نصر الله إلى أنّ "موقف هذه الدول بشأن إدانة العدوان والمجازر واعترافها بدولة فلسطين هو من بركات طوفان الأقصى"، لكن المعركة في غزة ما زالت قائمة، بينما العالم "يقف عاجزاً بسبب الحماية الأميركية، وهناك من لا يزال يراهن على المجتمع الدولي في الردع والحماية".
تعزية وتبريك بشهداء اليمن
وخلال كلمته، توجّه السيد نصر الله بالتعزية والتبريك بالشهداء اليمنيين الذين قضوا في العدوان الأميركي ليل الخميس - الجمعة، والذي أدّى إلى ارتقاء 16 شهيداً و41 جريحاً.
وأشار إلى أنّ الموقف اليمني واضح منذ البداية، وهو أنّ "أي عدوان أميركي لن يؤثر في الدعم اليمني وإسناده فلسطين وقطاع غزة".
نبذة عن مسيرة الشيخ كوراني
وتحدّث السيد نصر الله عن سيرة الشيخ كوراني، قائلاً إنّه "بذل جهوداً كبيرة في التبليغ الديني، من العراق إلى الكويت إلى لبنان وإيران، وإلى كثير من الدول الأفريقية والعربية، بالإضافة إلى مشاركته في عدد من المؤتمرات".
وأضاف أنّه "ألّف أكثر من 60 كتاباً في السيرة والعقائد وغيرها من المواضيع"، مضيفاً أنّ "إنجازات الشيخ كوراني مهمة، وعلى رأسها إدخاله التقنيات الحديثة للحوزة العلمية والبحث العلمي، كبرنامج مكتبة أهل البيت".
وتابع أنّ "أهم إنجاز في هذا السياق هو العمل الموسوعي الذي أنجزه، كالموسوعة التي جمع فيها كل المصادر في خصوص القضية المهدوية".
ولفت السيد نصر الله إلى أنّ الشيخ كوراني "لم يكن يَعُدّ نفسه معنياً بملف أو بحدود جغرافية معينة، وكان من المؤسسين في العمل الإسلامي الحركي بدايةً من العراق في الستينيات، وكان من المؤسسين لبدايات العمل الجهادي غير العلني في أواخر السبعينيات".
وذكر أنّ الشيخ كوراني "واصل جهاده على مدى أربعين عاماً، والذي أدّى إلى انطلاقة المقاومة الإسلامية، التي ما زالت مستمرة إلى اليوم".
وأكّد أنّ "إيمان الشيخ كوراني بالمقاومة ودعمه لها كانا مطلقَين، بياناً ومساندة ودعماً وبذلاً لفلذة الكبد، بحيث كان ابنه الشهيد الشيخ ياسر أحد أفراد الفريق الأول، وكان يشكل رابطاً أساسياً بالحرس الثوري في إيران".
وشدّد السيد نصر الله على أنّ الشيخ كوراني "كان التزامه مطلقاً بفلسطين من البحر إلى النهر، وكان يؤمن بشدة بانتصار المقاومة وزوال الكيان، وكان يستعجل ذلك".
السيد نصر الله يستقبل باقري كني: بحثٌ في تطورات جبهتي غزة ولبنان
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يستقبل وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني، ويبحث معه في الاحتمالات القائمة بشأن تطور الأحداث في غزة ولبنان.
- الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني والوفد المرافق له - 4 حزيران/يونيو 2024
استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، اليوم الثلاثاء، وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني والوفد المرافق له.
واستعرض الطرفان خلال اللقاء آخر التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، خصوصاً في جبهتي غزة ولبنان، وناقشا الحلول المطروحة والاحتمالات القائمة بشأن تطور الأحداث.
وكان كني قد التقى، أمس الاثنين، قيادات الفصائل الفلسطينية، مؤكّداً استمرار إيران في دعم المقاومة في فلسطين والمنطقة.
وقال باقري كني، على هامش زيارته الرسمية للبنان ولقائه والوفد المرافق له والسفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني وفداً من الفصائل الفلسطينية، إنّ القضية الفلسطينية في رأس أولويات وزارة الخارجية.
كذلك، التقى وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، وأكّد أنّ العلاقات الإيرانية - اللبنانية "هي مؤشر رئيسي على الاستقرار في المنطقة"، مشدّداً على أنّ بلاده لطالما دعمت الأمن والاستقرار في لبنان.
وبعيد اللقاء في مقرّ وزارة الخارجية اللبنانية، توجه إلى عين التينة، والتقى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
وبعد ذلك، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باقري كني في مقرّ مجلس الوزراء.
وأكّد بيان صادر عن رئاسة الحكومة اللبنانية أنّ المسؤولين بحثا خلال اجتماعهما العلاقات الثنائية بين طهران وبيروت، والأوضاع في جنوبي لبنان، حيث تتواصل المواجهات ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مؤتمر صحافي لوزير الخارجية في السفارة الإيرانية في العاصمة اللبنانية بيروت، تحدث عن سبب بدء زياراته الخارجية من لبنان، مؤكّداً أنّ "هذا البلد هو مهد المقاومة، وأن العلاقة بين الشعبين قوية".
المصدر :المیادین
أصول القيادة في الإسلام
القيادة التي يبحث عنها القرآن الكريم هي الزعامة المتجهة نحو الله تعالى في بعديها الاجتماعي والمعنوي، بخلاف ما يفهمه البشر في العالم المعاصر من القيادة بأنّها مجرّد زعامة اجتماعية، لأنّه يحتاج إلى القيادة بطبيعته، وقيمة هذه القيادة تبتني على ثلاثة أصول:
القيادة التي يبحث عنها القرآن الكريم هي الزعامة المتجهة نحو الله تعالى في بعديها الاجتماعي والمعنوي، بخلاف ما يفهمه البشر في العالم المعاصر من القيادة بأنّها مجرّد زعامة اجتماعية، لأنّه يحتاج إلى القيادة بطبيعته، وقيمة هذه القيادة تبتني على ثلاثة أصول:
1- أهميّة الإنسان والقوى المودعة فيه
فقد اهتم القران الكريم بتوجيه الإنسان إلى معرفة نفسه، وما أودع له الله من قوى كبيرةٍ كامنةٍ فيه، فهو أعرف من الملائكة بالأسماء ممّا جعلها تسجد له، وهو أرفع الموجودات جميعاً، كلّها مسخرة لخدمة مصالح الإنسان ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾([1])، و﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾([2]).
2- قيادة الغرائز المودعة في الإنسان والحيوان
فالإنسان يختلف عن الحيوان من حيث الغرائز وطبيعتها، وهو أضعف منها في هذا المجال، فالحيوانات مجهزة بمجموعةٍ من الغرائز تُسيِّرها وتقودها وتنظِّم لها حياتها، فهي لا تتعدّاها، إلا أن الإنسان ليس كذلك، فهو من جهة يمتلك قوى أكبر وأكثر من الحيوانات، لكن لم يودع الله فيه غرائز كثيرةً جداً، وإنما ألقى على عاتقه قيادة نفسه، فالإنسان يفتقر إلى الغرائز الداخلية التي تقوده، ولذلك احتاج للموجِّه الخارجي، وهذه فلسفة بعثة الأنبياء عليهم السلام، فإنهم بعثوا لأجل تربية هذه الغرائز، وتعريف الإنسان على النفائس المكنونة في أعماقه، وكيف يستخدمها ويستفيد منها بالشكل الصحيح، ومن ثم توجيه الإنسان والقوى البشرية لتسير على الطريق المستقيم، ويحثونه على الحركة والعمل، وبالتالي تتحقق القيادة الحكيمة للقوى البشرية.
3- القوانين الخاصة في الحياة البشرية
هناك مجموعة من القوانين والأصول الحاكمة على سلوك الإنسان وتصرفاته، والذي ينصّب نفسه قائداً وزعيماً للبشر عليه أن يتعرّف على هذه القوانين الحاكمة، لأنها مفتاح السيطرة على قلوب الناس، فيرسم لهم طريق العمل بها ويحثَّهم على الاستفادة منها بالشكل الصحيح، وتعبير القرآن الكريم بحقّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مثير للدهشة حيث يقول: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيّ الْأُمِّيّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾([3])، فهذه الأثقال ليست إلا التقاليد والخرافات، وهذه الأغلال ليست إلا عادات روحيّة تكبّل استعداداته وطاقاته المعنوية الزاخرة التي أدّت به إلى الجمود والشقاء واليأس، ويأتي دور النبي بالقيادة من بُعدها الاجتماعي ليطلق سراح هذه القوى المقيَّدة، ويبثّ فيها النشاط والحيوية، ويأخذ بيدها في المسار الصحيح، فيجعل من أضعف الشعوب، بسبب القيادة الحكيمة، أمّة قويّة لا يفوقها قوّة.
* المصدر:شبکة المعارف الإسلامية
كيف تجاوز الشعب الإيراني محنة فقدان الرئيس رئيسي؟
المتتبع للاعلام الامريكي والغربي والصهيوني والعربي المتصهين، يلاحظ ان هناك قاسما مشتركا بين هذا الاعلام في تغطيته للقضايا الايرانية، وهذا القاسم المشترك هو:"ان ايران غير مستقرة، وعلى فوهة بركان، وان هناك استياء شعبي من النظام، وان هناك هوة بين النظام والشعب، وان الشعب ينتظر اي فرصة ليعلن الثورة".العالم
هذا القاسم المشترك برز وبشكل لافت في احداث الشغب التي حدثت في ايران عام 2022، بعد وفاة المواطنة الايرانية مهسا اميني، حيث إجترت وسائل الاعلام تلك، جملة واحدة وحيدة وهي :"ان الجمهورية الاسلامية في طريقها الى السقوط"، بينما الحقيقة على الارض لم تكن كذلك، فرغم ان احداث الشغب استمرت لفترة طويلة نسبيا، الا انها اظهرت حقيقة المشاغبين، الذيم لم يكن لهم هدف سوى زرع الفوضى عبر استهداف الاماكن العامة والاعتداء على الشرطة وعناصر الامن واحراق السيارات والمساجد والبنوك والممتلكات العامة والخاصة، في محاولة لاظهار ان الاوضاع في ايران اصبحت خارج السيطرة، وان انعدام الامن، هو سيد الموقف.
الحكومة الايرانية، واتكالا على الشعب وحضوره الواعي في الساحة، تمكنت من السيطرة على اعمال الشغب واعتقلت المشاغبين، واطلقت سراح اغلبهم فيما بعد، خاصة المغرر بهم ، الا من ثبت تورطة بجريمة قتل، او انه كان يتحرك على ضوء اوامر تلقاها من اجهزة استخبارات اجنبية، او من المجموعات المعادية للثورة، وبذلك كشفت الحكومة الايرانية عن الوجه الحقيقي لوسائل الاعلام الامريكية والغربية، التي كانت ومازالت ترفع شعار الموضوعية والحيادية والشفافية، فاذا بها منابر للفتنة، ومعاول للهدم، ووسائل تنفذ مخططات اجهزة المخابرات في بلدانها، وخاصة السي اي ايه الامريكي والموساد الاسرائيلي.
اردنا من خلال هذه المقدمة ان نبين الدور التخريبي والخبيث لوسائل الاعلام الامريكية والغربية والاسرائيلية، في تعاملها مع الشأن الايراني وكيف تحاول استهداف امن واستقرار البلاد، من خلال بث ونشر الاكاذيب، وتضخيم القضايا العادية، واضفاء طابع سياسي وامني عليها، واظهار ايران على انها دولة مضطربة وغير مستقرة، ولكن ما اغنانا عن الاسهاب في هذا الموضوع أمران، الاول هو انكشاف الوجه القبيح للغرب وخاصة امريكا، عندما قمعت الحكومات الغربية، وبشكل همجي الاحتجاجات السلمية للطلبة والنخب الفكرية، على مجازر الكيان الاسرائيلي في غزة، وبذلك تكشف زيف شعارات الغرب بشأن حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الانسان. والاقبح من ذلك هو تغطية وسائل الاعلام الغربية، التي طالما تباكت على حقوق الانسان وحرية التعبير في ايران والدول المناهضة لامريكا، لهذه الاحتجاجات الطلابية السلمية، وهو ما فضح الاعلام الغربي امام شعوبها، وخاصة نخبه الفكرية والطلابية.
الامر الثاني والاهم، هو ما حصل في ايران خلال الايام القليلة الماضية، عندما خسر الشعب الايراني في يوم واحد رئيسه ووزير خارجيته وعدد من مسؤولية في حادث تحطم الطائرة في محافظة اذربيجان الشرقية، فمثل هذه الحادثة، كان الغرب سيبني عليها حكايات واكاذيب لا حصر لها، لضرب الامن والاستقرار في ايران، الا ان الذي حدث جاء على عكس ما كان يتمناه الغرب وامريكا والكيان الاسرائيلي، فايران التي تم تصويرها على انها غير مستقرة ومضطربة، فاذا بها من اكثر دول العالم استقرارا وامنا، فقد نزل الملايين من ابناء الشعب الايراني الى الشوارع لتشييع مسؤوليه، بينما تقاطرت وفود من نحو 70 دولة في العالم على طهران للمشاركة في مراسم تشييع الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ورفاقه الابرار، كما وقف مجلس الامن الدولي دقيقة صمت حدادا على الرئيس الايراني، وفي ذات اليوم الذي تم اعلان استشهاد رئيس الجمهورية الايرانية، تم تحديد مهلة 50 يوما لاجراء انتخابات رئاسية جديدة، لانتخاب رئيس جديد، ولم تتمكن لا امريكا ولا الكيان الاسرائيلي، من استغلال ماحدث، خدمة لمصالحهما المشؤومة.
هذا الوجه الحقيقي لايران، القوية والمستقرة والامنة، التي طالما حاولت امريكا واذيالها تغييبه عن الراي العام العالمي، كما حصل خلال احداث الشغب عام 2022 ، ويعود الفضل في ثباتها الى النظام الاسلامي القائم على المؤسسات، وعلى الانتخابات، والتداول السلمي للسلطة، والسيادة الشعبية الدينية، وعلى راس كل هذه المؤسسات، وجود شخص قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي خامنئي، الذي يعتبر صمام امان جمهورية ايران الاسلامية، فقد كانت جملته القصيرة، التي قالها فور سماع الشعب الايراني خبر سقوط طائرة رئيس الجمهورية،:" "نؤكد للشعب الإيراني ألا داعي للقلق فلن يكون هناك أي خلل في عمل البلاد"، كافية لتغلق جميع المنافذ، امام المتربصين بإيران والشعب الايراني.
أحمد محمد
المصدر :العالم
قائد الثورة الامام الخامنئی مخاطبا الجامعيين الأمريكيين: أنتم تشكّلون جزءا من جبهة المقاومة
وجّه قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي، رسالة إلى الشباب والطلاب الجامعيّين في الولايات المتحدة الأمريكيّة الذين نزلوا إلى الميدان للدفاع عن أطفال غزّة ونسائها، معرباً فيها عن تعاطفه معهم ومؤازرته لهم، ثمّ قال سماحته لهم أنّ التاريخ يطوي صفحاته وأنّهم في الجهة الصحيحة منه.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أكتبُ هذهِ الرّسالةَ للشّبابِ الذين حَثّتهُم ضَمائرُهُمِ الحيّةُ على الدّفاعِ عن نساءِ غزّةَ وأطفالِها المظلومين.
أيّها الشبابُ الجامعيّونَ الأعزّاءُ في الوِلاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّة! إنّها رسالةُ تعاطفِنا وتآزِرنا معكم. لقد وقفتُمُ الآنَ في الجهةِ الصحيحةِ مِنَ التاريخِ، الذي يَطوي صفحاتِه.
أنتُم تُشكّلونَ الآنَ جزءًا من جبهةِ المقاومةِ، وقد شَرَعتُم بِنضالٍ شريفٍ تَحتَ ضُغوطِ حكومتِكم القاسيةِ، التي تُجاهِرُ بِدفاعِها عن الكيانِ الصهيونيِ الغاصبِ وعديمِ الرَّحمةِ.
إنَّ جبهةَ المقاومةِ العظيمةِ تُكافِحُ منذُ سنينَ، في نقطةٍ بَعيدةٍ [عنكُم]، بالإدراكِ نَفسِهِ وبالمشاعرِ ذاتِها التي تعيشونَها الآنَ. والهَدفُ من هذا الكفاحِ هوَ وَقفُ الظّلمِ الفاضِحِ الذي ألحَقَتهُ شبكةٌ إرهابيّةٌ عديمةُ الرّحمةِ تُدعى الصهيونية بالشّعبِ الفلسطينيِّ، مُنذُ أعوامٍ خَلَت، ومارسَت بِحقّهِ أقسى الضُّغوطِ وأنواعِ الاضطهادِ بعدَ أن احتَلّت بِلادَه.
إنّ الإبادَةَ الجَماعيَّةَ التي يَرتَكِبُها اليومَ نِظامُ الفَصلِ العُنصريِّ الصهيونيِّ، هيَ استمرارٌ لسلوكِه الظّالمِ جدًّا خلالَ العُقودِ الماضية.
إنَّ فِلسطينَ أرضٌ مستقلّةٌ ذاتُ تاريخٍ عَريقٍ، وَشعبٍ يَجمَعُ المُسلمينَ والمسيحيّينَ واليهودَ.
لقد أدخَلَ رَأسماليّو الشبَكَةِ الصَهيونيّةِ بعدَ الحربِ العالميّةِ الأولى، وَبدعمٍ مِنَ الحكومةِ البريطانيّة، عِدَّةَ آلافٍ من الإرهابيّينَ إلى هذهِ الأرضِ على نحوٍ تدريجيٍ، وَهاجَموا مُدُنَها وقُراها، وقَتلوا عشراتِ الآلافِ أو هَجّروهم إلى دولِ الجوارِ، وسَلبوهُمُ البيوتَ والأسواقَ والمزارعَ، ثُمّ أسّسوا في أرضِ فلسطينَ المُغتصبةِ كيانًا يُدعى "إسرائيل".
إنّ أكبَرَ داعمٍ لهذا الكيانِ الغاصبِ، بعد المساعداتِ البريطانيِّة الأولى، هو حكومةُ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيّةِ التي ما زالَت تُقدّمُ مُختلفَ أنواعِ الدّعمِ السياسيِّ والاقتصاديِّ والتَسليحيِّ لذاكَ الكيانِ بنَحوٍ متواصلٍ، كما أنّها بِمُجازَفَتِها التي لا تُغتَفَر، أشرَعَتِ الطريقَ أمامَهُ لإنتاجِ السلاحِ النوويِّ وأعاَنتهُ في هذا المسار.
لقد انتهَجَ الكيانُ الصَّهيونيُ، مُنذُ اليومِ الأوّل، سياسَةَ القَبضَةِ الحَديديّةِ في تَعاطيهِ مع شَعبِ فِلسطينَ الأعزَل، وضاعفَ، يومًا بعدَ يوم، قَسوتَهُ واغتيالاتَهُ وقَمعَه، مِن دونِ الاكتراثِ لكلِّ القيمِ الوجدانيّةِ والإنسانيّةِ والدينيّةِ.
كما أنَّ الحُكومَةَ الأمريكيّةَ وشركاءَها امتنعوا حتّى عن إبداءِ استيائِهم، ولو لمرّةٍ واحدةٍ، إزاءَ إرهابِ الدولةِ هذا، والظلمِ المتواصِل. واليومَ أيضًا، إنَّ بعضَ تَصريحاتِ حُكومةِ الولاياتِ المُتّحدةِ حَولَ الجريمةِ المروّعةِ في غزّة، هي نِفاقٌ لَيسَ إلّا.
لَقَد انبَثَقَت جَبهةُ المقاومةِ من قلبِ هذهِ الأجواءِ المُظلمةِ، التي يخيّمُ عليها اليأسُ، وعَزّزَ رَفعتَها وقُوّتَها تأسيسُ حكومةِ الجُمهوريّةِ الإسلاميّةِ في إيران.
لقد قدّمَ قادَةُ الصّهيونيّةِ الدوليّةِ، الذينَ يستحوذونَ على مُعظَمِ المُؤسساتِ الإعلاميّةِ في أمريكا وأوروبا أو يُخضِعونَها لنُفوذِ أموالِهم والرِشا، هذهِ المقاومةَ الإنسانيّةَ والشُّجاعةَ على أنّها إرهاب؛ فهَل الشَّعبُ الذي يدافعُ عَن نَفسِهِ في أرضِهِ أمامَ جَرائمِ المُحتلّينَ الصهاينةِ إرهابيٌّ؟! وهل يُعدُّ الدَّعمُ الإنسانيُّ لهذا الشّعبِ وتَعضيدِ أذرعِه دَعمًا للإرهاب؟!
إنَّ قادةَ الغطرسةِ العالميّة لا يَرحمونَ حتّى المفاهيمَ الإنسانيّةَ! إنّهُم يقدّمونَ الكيانَ الإسرائيليَّ الإرهابيَّ عَديمَ الرحمةِ مُدافعًا عن النّفسِ، ويَنعَتونَ مُقاومَةَ فِلسطينَ، التي تُدافِعُ عَن حُريَّتِها وأمنِها وَحقِّها في تقريرِ مَصيرها، بالإرهاب.
أودُّ أن أُطَمئِنَكُم بأنَّ الأوضاعَ في طَورِ التغييرِ اليوم، وأنَّ أمامَ منطقةِ غَربيِ آسيا الحساسةِ مصيرٌ آخَر. لقد صَحَت ضَمائِرُ كَثيرةٌ على مُستَوى العالَم، فالحقيقةُ في طَورِ الظُّهور.
كما أنَّ جبهَةَ المُقاومةِ باتَت قويّةً، وستَغدو أكثر قُوّةً.
التاريخُ يَطوي صَفَحاتِه أيضًا.
وبِمُوازاتِكُم أيّها الطلابُ مِن عشراتِ الجامعاتِ في الولايات المتحدة، نَهَضَتِ الجامعاتُ والنّاسُ في سائر الدولِ أيضًا. إنّ مؤازرةَ أساتذةِ الجامعاتِ ومُسانَدَتَهم لكم، أيّها الطلّاب، حدثٌ مهمٌّ ومؤثّرٌ، يُمكنُ له أن يُريحَ أنفُسَكُم بعضَ الشيءِ إزاءَ سُلوكِ الحكومةِ «البوليسيِّ» الفظّ، والضغوطِ التي تمارِسُها بحقِّكُم. أنا أيضًا أشعر بالتَّعاطِفُ مَعكُم، أيّها الشبابُ، وأُثمّنُ صمودَكُم.
إنّ درسَ القرآنِ الموجّهِ إلينا، نَحنُ المسلمين، وإلى جميعِ الناسِ حولَ العالمِ، هو الثّباتُ على طريقِ الحقّ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (هود، 112)، كما أنّ درسَ القرآنِ بشأنِ العلاقاتِ بين البشرِ هو: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة، 279).
جبهةُ المقاومةِ، وبالاستلهامِ مِن هذهِ التعاليمِ والمئاتِ مِن مثيلاتِها والعملِ بها، تَمضي قُدُمًا، وسوفَ تُحقّقُ النّصرَ بإذن الله.
أوصيكُم أن تَتَعرّفوا إلى القرآن.
السّيد علي الخامنئي
25/05/2024
المصدر :العالم