emamian

emamian

السبت, 08 نيسان/أبريل 2023 07:30

القدس.. خط أكثر من أحمر

لم تمر على تغريدة الشيخ قاسم إلا سويعات، لاسيما بعد الهجمات التي شنها الكيان الاسرائيلي على جنوب لبنان، وقطاع غزة، والتي وصفت بالرمزية، حتى خرج علينا متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي ليعلن: ان "لا أحد يريد تصعيدا في الوقت الحالي.. الهدوء سيتم الرد عليه بالهدوء، في هذه المرحلة على ما أعتقد، على الأقل في الساعات المقبلة".

اللافت ان الرد الاسرائيلي على الهجمات الصاروخية من جنوب لبنان، كان هو ايضا يواجه برد صاروخي من قطاع غزة، اي ان المقاومة لم تُردع، بل على العكس، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدرين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ان "الغرفة المشتركة للفصائل اتفقت على أنه إذا توقف العدوان سوف توقف فصائل المقاومة إطلاق الصواريخ، وأن المقاومة ملتزمة بقدر التزام الاحتلال"، وهو ما حصل، بعد ان نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين في الكيان الإسرائيلي قولهم إن الهجمات على غزة ولبنان انتهت.

هذا الفشل المدوي لآلة الحرب الاسرائيلية التي كانت تعربد يوما دون رادع، ترافق مع فشل امني اسرائيلي، ففي ذات الوقت كانت المقاومة في الداخل الفلسطيني ترد على جرائم المستوطنين والشرطة الاسرائيلية في المسجد الاقصى، على طريقتها، وذلك عندما تم اطلاق النار على مستوطنات في غور الاردن، اسفر عن مقتل مستوطنتين واصابة ثالثة بجروح خطيرة، وقبل ان ينتهي اليوم، دهست سيارة في تل ابيب مجموعة من الصهاينة ، واسفرت العملية عن اصابة سبعة صهاينة اثنان منهم في حالة خطرة.

الضربة الموجعة الاخرى التي تلقاها الاحتلال أمس، كانت اداء نحو 130 ألف مصل صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان في المسجد الأقصى، رغم انف قوات الاحتلال والمجرم بن غفير وعصاباته، واعتداءاتهم المتكررة، ورغم نشر 2300 من عناصر الشرطة، ونصب الحواجز لمنع المصلين.

ماجرى ويجري في فلسطين وخاصة في القدس، هو تأكيد على ان المسجد الاقصى لم ولن يكون لقمة سائغة لعصابات بن غفير، الذي اعتقد ان الفلسطينيين سيتراجعون امام تهديداته وارهاب عصاباته، فالقدس والاقصى هو خط اكثر من أحمر، ليس للفلسطينيين فحسب بل للمسلمين قاطبة، وانه لن يسمح للصهاينة ان يتجاوزوا هذا الخط مهما كان الثمن، وما حصل خلال الايام القليلة الماضية لهو درس بليغ، وعلى عتاة الصهاينة ان يقرأوه جيدا وبدقة، فالقدس لم توحد ساحات الفلسطينيين في الداخل، بل وحدت ساحات المقاومة في المنطقة والعالم، فالمسلمون على استعداد ان يحرقوا الارض من تحت اقدام الصهاينة، في حال تعرض الاقصى للخطر.

نتنياهو حاول من خلال الائتلاف مع عتاة الارهابيين والمتطرفين والعنصريين، ان يطمئن الصهاينة بانه ومن خلال هذه الحكومة سيجلب لهم الامن، كما انه سيزرع في المقابل الخوف في قلوب الفلسطينيين، ولكن وبعد مرور 3 اشهر فقط من عمر حكومته، فإذا بالارباك والتخبط هو سيد الموقف في الكيان الاسرائيلي، فهذا الكيان بات على حافة الحرب الاهلية، والخلافات تشطره الى نصفين، كما بات نتنياهو نفسه منبوذا حتى لدى حليفه الامريكي، اما الامن الذي وعد به مستوطنيه تبخر تحت ضربات المقاومة، حتى ان نتنياهو لم يتجرأ على ذكر الجهات والاهداف التي سيضربها ردا على قصف كيانه، لمعرفته ان كيانه اصبح عاجزا عن تحقيق اي هدف من الاهداف التي اعلن عنها سابقا لحروبه.

خطأ الصهاينة، يكمن في عجزهم عن إدراك طبيعة العلاقة التي تربط المسلمين بالقدس والاقصى، وهذا العجز، هو الذي جرأهم على ان يطلقوا يد المعتوه بن غفير وعصاباته، لانتهاك حرمة الاقصى، بحماية قوات الاحتلال، لذلك على الصهاينة ان يترقبوا يوم الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك، ليدركوا ماذا تعني القدس والمسجد والاقصى للمسلمين، وان يتجنبوا تكرار ذات الخطأ مرة اخرى.

سعيد محمد

السبت, 08 نيسان/أبريل 2023 07:28

ذكرى ولادة الإمام الحسن(عليه السلام)

مولده الشريف:  ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان على الصحيح المشهور بين الخاصة و العامة »و قيل«في شعبان و لعله اشتباه بمولد أخيه الحسين عليه السلام سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة و قيل غير ذلك و لكن المشهور الأثبت أحد هذين. و هو أول أولاد علي و فاطمة عليهما السلام.

 فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى الله عليه‏ وآله فجاء النبي صلى الله عليه‏ وآله فأخرج إليه فقال: اللهم إني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري سماه النبي صلى الله عليه‏ وآله حسنا و لم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.

 و روى الكليني بسنده عن الصادق عليه السلام قال عق رسول الله صلى الله عليه‏ وآله عن الحسن بيده و قال باسم الله عقيقة عن الحسن و قال اللهم عظمها بعظمه و لحمها بلحمه و دمها بدمه و شعرها بشعره اللهم اجعلها وقاء لمحمد و آله (و في رواية) عق عنه بكبشين أملحين.و لعل الرواية أنه عق عن الحسن و الحسين بكبشين أملحين كما في طبقات ابن سعد من أنه عق عنهما بكبشين فوقع اشتباه في النقل، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة فكان وزنه درهما و شيئا و قيل بل أمر أمه أن تفعل ذلك قال ابن الصباغ فصارت العقيقة و التصدق بوزن الشعر سنة مستمرة عند العلماء بما فعله النبي صلى الله عليه‏ وآله في حق الحسن و طلى رأسه بالخلوق و قال الدم فعل الجاهلية ، و في أسد الغابة بسنده عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب أنها قالت يا رسول الله رأيت كأن عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.

 سخاء وتواضع الإمام الحسن عليه السلام:  روى أبو نعيم في الحلية أن الحسن بن علي عليه السلام قاسم الله ماله نصفين (و بسنده) خرج الحسن بن علي من ماله مرتين و قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا. و ذكر مثله محمد بن حبيب في أماليه . و ذكر ابن سعد في الطبقات أنه قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و خرج من ماله لله تعالى مرتين. و في شرح النهج روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن عليه السلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر.

و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن رجلا سأله فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فأعطاه طيلسانه و قال هذا كرى الحمال. و جاءه بعض الأعراب فقال أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعها إليه فقال الأعرابي يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشا الحسن عليه السلام يقول: نحن أناس نوالنا خضل.

  تواضعه عليه‏ السلام: حكى ابن شهرآشوب في المناقب عن كتاب الفنون و كتاب نزهة الأبصار أن الحسن عليه السلام مر على فقراء و قد وضعوا كسيرات على الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء فنزل و قال فإن الله لا يحب المتكبرين و جعل يأكل معهم ثم دعاهم إلى ضيافته و أطعمهم و كساهم.

صفته عليه السلام في خلقه و حليته و أخلاقه و أطواره:عن الغزالي في الإحياء و المكي في قوت القلوب أن النبي صلى الله عليه‏ وآله قال للحسن عليه السلام أشبهت خلقي و خلقي. و قال المفيد في الإرشاد كان الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه‏ وآله خلقا و هيئة و هديا و سؤددا. و في أسد الغابة بسنده عن أنس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه‏ وآله من الحسن بن علي و روى البغوي الحسين بن مسعود في كتابه مصابيح السنة عن أنس بن مالك مثله و زاد: و قال في الحسين أيضا كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه‏ وآله .

(أقول) قال ذلك أنس لما رأى رأس الحسين عليه السلام بين يدي ابن زياد. و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يكون الحسن أشبه الناس به ما عدا الحسين ، و الحسين أشبه به ما عدا الحسن و حاصله أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه‏ وآله منهما عليه السلام و قد يجمع بينهما بما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن علي عليه السلام أنه قال الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه‏ وآله ما بين الصدر إلى الرأس و الحسين أشبه ما أسفل من ذلك  و يمكن أن يجمع بينهما بأن الحسن كان في حياته أشبه برسول الله صلى الله عليه‏ وآله من أخيه الحسين و من جميع الناس و بعد وفاة الحسن عليه السلام صار الحسين عليه السلام أشبه بجده من بقية الناس و حاصله أن الحسين أشبه به صلى الله عليه‏ وآله بعد الحسن.

  ذكر غير واحد من العلماء أن الحسن عليه السلام كان من أوسع الناس صدرا و أسجحهم خلقا.و قال المدائني : كان الحسن عليه السلام أكبر ولد علي و كان سيدا سخيا حليما و كان رسول الله صلى الله عليه‏ وآله يحبه.

و روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جده عليه السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا، و لا يمر في شي‏ء من أحواله إلا ذكر الله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا و كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسي‏ء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم.

 و عن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش .روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة عليهاالسلام بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه‏ وآله في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي .

قال الطبرسي في إعلام الورى : و يصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلى الله عليه‏ وآله ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما يمر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فيمر الناس قال الراوي: و لقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه.مناقب الإمام الحسن عليه السلام :  في تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلى الله عليه‏ وآله واضعا الحسن على عاتقه و هو يقول اللهم إني أحبه فأحبه - متفق عليه و في رواية فأحب من يحبه.و رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال من أحبني فليحبه.

و روى أحمد بن حنبل بسنده عن أبي هريرة في حديث فجاء النبي صلى الله عليه‏ وآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليها السلام. إلى أن قال فجاء الحسن يشتد حتى عانقه و قبله و قال اللهم أحبه و أحب من يحبه - متفق عليه.

 و عن كتاب بشارة المصطفى عن يعلى بن مرة قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه‏ وآله و قد دعي إلى طعام فإذا الحسن عليه السلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه‏ وآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا و مرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في رقبته و الأخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني و أنا منه أحب الله من أحبه.

جاء ذلك في كلمة لسماحة قائد الثورة مساء الاربعاء خلال استقباله عشية ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى (ع)، مجموعة من اساتذة اللغة والادب الفارسي والشعراء المخضرمين والشباب.

وفي هذا اللقاء، أعرب آية الله الخامنئي عن ارتياحه لتوسع عالم الشعر في البلاد ، ووصف الشعر بأنه اداة مؤثرة ودائمة ، واشار إلى عالمية الشعر وأهميته التي لا يمكن تعويضها في فترات تاريخ العالم الإسلامي ، وقال: إن من السمات المميزة للشعر الفارسي إنتاج الموارد المعرفية والمعنوية التي تبلورت في قمم الشعر الفارسي والقصائد الحكيمة والمعرفية لشعراء بارزين مثل فردوسي ونظامي ومولوي وسعدي وحافظ.

وأشار قائد الثورة إلى الحفاظ على رصيد وجوهر الشعر الفارسي حتى في أصعب الظروف في تاريخ إيران ، مثل فترة الهجوم والغزو المغولي وقال: بطبيعة الحال فان مغول العصر اي الغربيين لديهم مظهر وغزو مختلف، فبالإضافة إلى التاريخ الأسود لجرائمهم في فترة الاستعمار، قاموا في عصرنا ، بتجهيز كلب مسعور مثل صدام بجميع أنواع الأسلحة ، وخاصة الأسلحة الكيماوية ، لمهاجمة إيران، أو بعد ذلك من خلال العقوبات.

واعتبر الحظر الدوائي ومنع وصول اللقاحات بذرائع مختلفة كأمثلة أخرى على الهجمات الغربية ضد إيران وقال: إذا استطاعوا فعل شيء لحرمان إيران الإسلامية وشعبها من المواد الغذائية ، فلن يترددوا في ذلك.

واعتبر آية الله الخامنئي أن جزءًا آخر من الغزو المتنوع من قبل المعادين لإيران هو الغزو الإعلامي واستخدامهم آلاف وسائل الإعلام للترويج للأكاذيب والشائعات والانحرافات ، وأضاف: إن هدف العدو من هذا الغزو هو حرمان القوى الفكرية والمعرفية وإضعاف روح الاستقلال والصمود وطني والوحدة والعمل الإسلامي.

وأشار إلى محاولة إضعاف تدين المرأة كأحدى النقاط الأخرى للهجوم على إيران ، واشار إلى دور المرأة الفعال في انتصار الثورة الإسلامية والمراحل التي تلتها، ونوه إلى أن الغربيين لا يشفقون على المراة الايرانية واحترام حقوقها، لكن لديهم ضغينة ضدها ويقدمون أنفسهم زوراً على أنهم مناصرو حرية وحقوق المرأة.

وشدد قائد الثورة على أن المطالبة بحقوق الإنسان لا تخص الغربيين ، واعتبر أن الغربيين أساسًا هم أعداء حقوق الإنسان وقد شهد الجميع حقوق الإنسان التي يدعون بها في داعش وإحراق الناس وإغراقهم أحياء أو دعمهم المنافقين (زمرة خلق الارهابية) وصدام أو في الجرائم بحق غزة وفلسطين.

ووصف دعم الغرب لاغتيال وقتل الشبان المتدينين في شوارع طهران مثالا آخر على الادعاء الكاذب بدعم حقوق الإنسان ، وأضاف: أن أنقى شبابنا مثل آرمان علي وردي وروح الله عجميان قُتلوا بالتعذيب والتحريض والتدريب من قبل وسائل الإعلام الغربية.

وأكد آية الله الخامنئي على ضرورة معرفة العدو وأهدافه وأساليبه وأهدافه وقال: إن معرفة أبعاد حرب العدو الناعمة أمر ضروري للجميع ، لكنه ضروري للغاية للناشطين الثقافيين والفنيين حتى لا يصبحوا هم انفسهم سلبيين وان ينبهوا الاخرين ايضا على هجوم العدو.

واعرب عن ارتياحه لوجود العديد من الشعراء الطيبين والمؤمنين والثوريين في البلاد ، وقال: إن روح الشاعر مرهفة وعاطفية ، ولكن عند مواجهة القضايا ، لا ينبغي للمرء أن يتصرف عاطفيا ، بل عليه اداء واجبه باستخدام الفن بالفكر والمعرفة الصحيحة للمشهد.

وفي هذا اللقاء ، تلا عشرات الشعراء الشباب والمخضرمين قصائدهم بحضور قائد الثورة الإسلامية.

وفي بداية هذا اللقاء ، أديت صلاتي المغرب والعشاء بامامة قائد الثورة.

بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي
بالصور.. قائد الثورة الإسلامية يستقبل الشعراء وأساتذة الأدب الفارسي

 

 

وهذا هو الاجتماع الثاني لوزيري خارجية إيران والصين، في بكين بعد أن تولى تشين غانغ هذا المنصب، وكان الاجتماع الاول بينهما خلال زيارة رئيس الجمهورية آية الله إبراهيم رئيسي إلى بكين.

وكان وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان قد اجرى جولة محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، في بكين، للبحث في تنفيذ الاتفاق الذي تم توقيعه بين البلدين برعاية صينية قبل فترة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني انه في اطار جولتين من المحادثات جرت بين وزيري الخارجية الايراني والسعودي في بكين اليوم الخميس ، واحدة منها مغلقة والثانية علنية، اكد الجانبان على اهمية الاستقرار والامن في المنطقة وان الامن في المنطقة هو ذاتي المنشأ وكانا متفقان على هذا الموضوع.

وقال كنعاني الذي رافق الوزير امير عبداللهيان الى بكين، في تصريحات للصحفيين : ان وزيري الخارجية الايراني والسعودي وفي اطار الارادة السياسية للبلدين لتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات ، اكدا على الاستعداد المشترك لتنفيذ الاتفاقيات المبدئية والاساسية بين البلدين ومنها الاتفاقية الشاملة للتعاون الثنائي، والاتفاقية الامنية، وبناء على ذلك تقرر اتخاذ الخطوات اللازمة تدريجيا.

واشار كنعاني الى القضايا الاخرى التي جرى مناقشتها في محادثات اليوم بين الوزيرين ومنها ضرورة السعي والاتفاق لتعزيز العلاقات في المجالات الاقتصادية بشقيها الحكومي والخاص وقال : تم التاكيد خلال هذا اللقاء على ان الاتفاقيات الموجودة بين البلدين قد وفرت الارضية القانونية والحقوقية لبدء هذه النشاطات وتعزيزها.

واردف " كما تقرر ان تلتقي الوفود الحكومية ووفود القطاع الخاص في البلدين ببعضهما البعض في هذا الصدد، من اجل توفير ارضية التعاون التجاري والاقتصادي والتعاون في مجال الاستثمار المشترك بين البلدين".

كما قال كنعاني ان الجانبين اتفقا على لقاء بين الوفود التقنية للبلدين وعودة الرحلات الجوية بين ايران والسعودية من اجل تسهيل التردد بين البلدين، كما اكدا على تسهيل منح تاشيرات الدخول والخدمات المتعلقة بهذا الشأن لرعايا البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية وكذلك تسهيل منح تاشيرات زيارة العمرة للرعايا الايرانيين.

واكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية " ان حوارا جيدا وايجابيا جرى بين الطرفين في جو ايجابي بالكامل وبناء، وقد اعلن الجانبان اليوم بشكل مشترك تفعيل العلاقات الرسمية بين البلدين ونحن قد دخلنا مرحلة عودة العلاقات الرسمية بين البلدين وعلى هذا الاساس اتفق الوزيران على تهيئة الظروف لاعادة فتح السفارات والقنصليات بين البلدين في اقرب وقت.

وتابع : خلال الايام القادمة سنتبادل الوفود التقنية بين البلدين وان اولى الوفود ستتوجه خلال الايام المقبلة الى عاصمتي البلدين.

من جانبه رحب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بالاتفاق بين إيران والسعودية لاستئناف العلاقات ، وأعلن أيضًا استعداد بكين للمساعدة في تعزيز الأمن والاستقرار في غرب آسيا.

الأربعاء, 05 نيسان/أبريل 2023 07:18

الحج وبركاته في الرزق والصحة

يعتقد كثير من الناس أنّ العبادات الدينية تقتصر آثارها على الدار الآخرة فحسب، من ثواب واستحقاق دخول الجنة والرضا من الله عز وجل.

وفي الحقيقة انّ هذا التّصور لا يعكس حقيقة الآثار المترتبة على العبادات بصورة عامة، فللعبادات آثار واقعية مترتّبة عليها في حياة الإنسان الدنيوية بالإضافة إلى آثارها الأًخروية.

وهذا ما تظافرت واستفاضت النصوص الدينية لتأكيده وبيانه، فقد أشارت أنّ للحجّ – كأحد العبادات الدينية المهمّة – آثار دنيوية كثيرة ومتعددة، ومن أهمّ تلك الآثار أنّه يطيل العمر ويوسّع الرزق ويصحّ البدن.

ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " من أراد دنياً وآخرة فليؤم هذا البيت، ومَن رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره، ومَن خرج من مكّة وهو لايريد العود إليها اقترب أجله ودنا عذابه"[1].

وفي الحديث عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: " عليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه، فإنّ في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم، وأهوال يوم القيامة"[2].

وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: "حُجُّوا وَاعْتَمِرُوا تَصِحَّ أَبْدَانُكُمْ، وَتَتَّسِعْ أَرْزَاقُكُمْ، وَتُكْفَوْنَ مَئُونَاتِ عِيَالِاتكم"[3].

وعنه عليه السلام، عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"وحجّوا تستغنوا"[4].

ومن آثار الحجّ المهمّة أنّه ينفي الفقر والإملاق الذي هو أشدّ من الفقر، فعن إسحاق بن عمّار، عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "الحاج لا يملق أبدا قال: قلت: وما الاملاق؟ قال: الافلاس ثم قال: ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق"[5].

وعن الإمام الرضا عليه السلام، قال: "إنّ الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد"[6].

وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال: " ثلاث ثوابهن في الآخرة: الحجّ ينفي الفقر، والصدقة تدفع البلية، والبر يزيد في العمر"[7].

النفقة المضمونة
وحتى يحفز الإنسان ويطمئنّ إلى أن ما سوف ينفقه في أداء هذه العبادة العظيمة سوف لا يكون هدراً، بل سيعوّض أضعافاً مضاعفة.

قال الإمام الصادق عليه السلام: "الحاج والمعتمر وفد اللَّه؛ إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفعوا شفعهم، وإن سكتوا ابتدأهم، ويعوّضون بالدرهم ألف درهم"[8].

وروى هذا الحديث الشيخ الطوسي (رحمه الله) بإسناده عن الشيخ الكليني إلاّ أنه أضاف: ويعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم.[9]

ولا عجب من ذلك، فإنّ الله تبارك وتعالى تعهّد لعباده المؤمنين الذين ينفقون أموالهم في سبيل مرضاته أن يخلفهم ويعوّضهم ما أنفقوه وبذلوه، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[10].

خصوصية إدمان الحجّ
وهنا خصوصية لمدمن الحجّ هي أنّه لا يصاب بفقر ويعمّ حياته الخير والبركة.

وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من حجّ ثلاث حجج لم يصبه فقر أبداً"[11].

وفي حديث آخر عنه عليه السلام: "من حجّ حجّتين، لم يزل في خير حتى يموت"[12].

"وعن إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: إنّي وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي، فقال: وقد عزمت على ذلك؟ قال: فقلت: نعم، قال: فإنّ فعلت فأيقن بكثرة المال، أو أبشر بكثرة المال والبنين"[13].

وفي حديث آخر عن الإمام الباقر عليه السلام: "لا وربّ هذه البنية لا يحالف مدمن الحجّ هذا البيت حمى ولا فقر أبداً"[14].

أثر نيّة العودة للحجّ
وهنا أثر آخر، قال: " من أراد دنياً وآخرة فليؤم هذا البيت، ومَن رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره، ومَن خرج من مكّة وهو لايريد العود إليها اقترب أجله ودنا عذابه"[15].

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من خرج من مكّة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله، ودنا عذابه"[16].

وقد حملت هاتان الروايتان على الكراهة المشددة في نيّة عدم العودة للحجّ مرة أخرى، أو على المستخفّ بالحجّ وببيت الله الحرام.

وعن أبي حذيفة قال: كنا مع أبي عبد الله عليه السلام ونزلنا الطريق، فقال: ترون هذا الجبل ثافلاً؟ إنّ يزيد بن معاوية لما رجع من حجّة مرتحلاً إلى الشام أنشأ يقول: إذا تركنا ثافلاً يمينا فلن نعود بعده سنينا للحجّ والعمرة ما بقينا فأماته الله قبل أجله"[17].
وفي حديث آخر عنه عليه السلام: "فنقص الله عمره وأماته قبل أجله"[18].

"وهكذا، فلا يمكن للحجّ أن يكون مجرّد عمل عادي وعبادة بسيطة، وشعيرة ضاهرية بحتة. إنّ سبر أغوار ما ذكر من الأمور السابقة يجسّد لنا هذه الحقيقة وهي: إنّ الحجّ يمتلك روحاً وعقلاً وفلسفة عميقة وراقية، وله أسرار وحكم ولطائف قيّمة جمّة، وأهداف وفوائد ونتائج حياتية كبيرة، ألقت بظلالها على حياة الإنسان في البعدين المادي والمعنوي، وبالنفوذ ببصيرة إلى أعماق تلك الأعمال الظاهرية. وبالوصول إلى باطن الأعمال يمكننا تفهّم إشاراتها والمشار إليه فيها على السواء"[19].
 
المصدر: من فوائد الحج – بتصرف يسير


[1] الوسائل:8: 107.
[2] بحار الأنوار96: 14.
[3] الوسائل:8:5.
[4] الوسائل 8: 7.
[5] الحجّ في السّنة:75.
[6] المصدر السابق.
[7] المصدر السابق.
[8] الوسائل :ج8:ص 68.
[9] الوسائل: ج8 ص 68.
[10] سبأ: 39.
[11] الوسائل: 8: 91.
[12] الوسائل 8: 91.
[13] الوسائل 8: 94.
[14] الوسائل:8 : 95.
[15] الوسائل 8 : 107.
[16] الوسائل: 8: 107.
[17] الوسائل :8: 108.
[18] المصدر السابق.
[19] مجلة ميقات الحج" عدد/7 ص 14 (عباس الزنجاني) بحث بعنوان فلسفة الحجّ وأسرار مناسكه.

الأربعاء, 05 نيسان/أبريل 2023 07:15

كيف نكون عباداً للرحمن حقّاً؟

طرحت سورة الفرقان في آياتها الكريمة مجموعة من الصفات لمن وصفتهم بعباد الرحمن. لتكون هذه الصفات مقياساً لنا، فعلينا أن نضع هذه الصفات نصب أعيننا دائماً، ونجعلها هدفاً لنا نسعى لاكتسابها والتحلّي بها. ولمعرفتهم والاقتداء بهديهم، صوّرهم الله تعالى لنا عبر صفاتهم وهي:

الصفة الأولى: التواضع: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾: أي بسكينة ووقار بلا تجبّر وتبختر. وفي المجمع عن الإمام الصادق عليه السلام، هو الرجل يمشي بسجيّته التي جبل عليها لا يتكلّف ولا يتبختر[1]. والتواضع أحد علائم "عباد الرحمن"، التواضع الذي يهيمن على أرواحهم بحيث يظهر حتّى في مشيتهم، التواضع الذي يدفعهم إلى التسليم أمام الحقّ. والمعنى الثاني: التمهّل والتأنّي: أي هم يتمهَّلون في كلّ شيء، لا تأخذهم الأشياء بظواهِرها، هُم يتأمَّلون، يتفكَّرون، يبحثون، يُقَلِّبون الأمر على وجوهه، يتمهّلون في حياتهم العاديّة وفي اختيارهم للصديق، لمكان الدرس، للكتاب، للمدرّس وهكذا. وبعبارة جامعة هم يتحرّكون في كلّ أمورهم من واقع التبصّر والبصيرة في شؤون حياتهم.
 
الصفة الثانية: الحلم: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾: "إذا سفه عليهم الجهّال بالقول السيّء لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون، ويصفحون، ولا يقولون إلّا خيرًا. بمعنى إذا خاطبهم الجاهلون خطاباً ناشئاً عن جهلهم، ممّا يكرهون أن يخاطبوا به، أو يثقل عليهم، كما يستفاد من تعلّق الفعل بالوصف، أجابوهم بما هو سالم من القول، وقالوا لهم قولاً سلاماً خالياً عن اللغو والإثم.
 
الصفة الثالثة: التهجّد: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾: فعباد الرحمن لا يبيتون لاهين غافلين عن ذكر ربّهم، بل يحيون ليلهم في طاعته وعبادته. فهم الذين يدركون الليل حال كونهم ساجدين فيه لربّهم، وقائمين يتراوحون سجوداً وقياماً، ويمكن أن يراد به التهجد بنوافل الليل.
 
الصفة الرابعة: الخوف من عذاب الله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾: الغرام ما يحلّ في الإنسان من شدّة أو مصيبة فيلزمه، لا يفارقه، والباقي ظاهر.
 
﴿إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامً﴾: الضمير لجهنّم، والمستقرّ والمقام اسما مكان من الاستقرار والإقامة، والباقي ظاهر.
 
فهم مع طاعتهم مشفقون خائفون، وجلون من عذاب الله، وهذا الخوف منهم عن علم ودراية، ولذلك علَّلوه بأنّه عذاب لازم لصاحبه غير مفارق له.
 
الصفة الخامسة: الاعتدال في الإنفاق: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾:
الإنفاق بذل المال، وصرفه في رفع حوائج نفسه أو غيره، والإسراف الخروج عن الحدّ، ولا يكون إلّا في جانب الزيادة، وهو في الإنفاق التعدّي عمّا ينبغي الوقوف عليه في بذل المال، والقتر بالفتح فالسكون التقليل في الإنفاق، وهو بإزاء الإسراف.
 
فعباد الرحمن ليسوا بمبذّرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقّهم، فلا يكفونهم، بل عدلٌ خيارٌ، وخير الأمور أوسطها.
 
الصفة السادسة: التوحيد: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾: لا يجعلون للَّه سبحانه شريكاً، إنّما يوجّهون عبادتهم إليه وحده. هي التوحيد الخالص الذي يبعدهم عن كلّ أنواع الشرك والثنويّة والتعدّديّة في العبادة.
 
الصفة السابعة: التنزّه عن سفك الدماء: ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾: طهارتهم من التلوّث بدم الأبرياء ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلّا بالحقّ.
 
الصفة الثامنة: حفظ الفرج عمّا لا يحلّ: ﴿وَلَا يَزْنُونَ﴾: إن عفافهم لا يتلوّث أبداً: ولا يزنون. إنّهم على مفترق طريقين: الطهر والتلوّث: فهم يتخيّرون النقاء والطهر. إنّهم يهيّئون المحيط الخالي من كلّ أنواع الشرك والتعدّي والفساد والتلوث، بجدّهم واجتهادهم. فهم يعلمون قباحة هذه الخصلة، وفحشها فيتنزّهون عنها، بل عن كلّ ما يؤدّي إليها من نظر محرّم، أو خلوة.
 
الصفة التاسعة: عدم شهادة الزور: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾: أصل الزور تمويه الباطل بما يوهم أنّه حقّ. فيشمل الكذب وكلّ لهو باطل كالغناء والفحش والخناء بوجه.
 
الصفة العاشرة: الإعراض عن اللغو: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾: اللغو ما لا يعتدّ به من الأفعال والأقوال لعدم اشتماله على غرض عقلائيّ ويعمّ - كما قيل - جميع المعاصي، والمراد بالمرور باللغو، المرور بأهل اللغو، وهم مشتغلون به.
 
فالكلام الذي لا خير فيه، ولا فيه فائدة دينيّة ولا دنيويّة ككلام السفهاء ونحوهم ﴿مَرُّوا كِرَامًا﴾ أي: نزّهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه، ورأوا أنّ الخوض فيه، وإن كان لا إثم فيه، فإنّه سفَه ونقص للإنسانيّة والمروءة، فربأوا بأنفسهم عنه.
 
الصفة الحادية عشرة: قبول الموعظة: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾: والذين إذا ذكروا بآيات ربّهم من حكمة أو موعظة حسنة، من قرآن أو وحي، لم يسقطوا عليه، وهم صمّ لا يسمعون وعميان لا يبصرون، بل تفكّروا فيها وتعقّلوها فأخذوا بها عن بصيرة فآمنوا بحكمتها واتّعظوا بموعظتها وكانوا على بصيرة من أمر هم وبينه من ربّهم[2].
 
فمن صفات هؤلاء أنّهم إذا ذكروا بآيات الله لم يقابلوها بالإعراض عنها والصمم عن سماعها، وصرف النظر والقلوب عنها كما يفعله من لم يؤمن بها، ولم يصدق، وإنّما حالهم فيها وعند سماعها أنّهم يقابلونها بالقبول والافتقار إليها، والانقياد والتسليم لها، وتجد عندهم آذانًا سامعة وقلوبًا واعية، فيزداد بها إيمانهم، ويتمّ بها إيقانهم، وتحدث لهم نشاطًا، ويفرحون بها سرورًا واغتباطًا.
 


[1] راجع: العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج66، ص260.
[2] انظر: العلّامة الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج 15، ص 243-244.

الأربعاء, 05 نيسان/أبريل 2023 07:12

هل ينزل المدد والنصر على المؤمنين دائماً؟

هل يلزم من ذلك أن يكون النصر حليف المؤمنين دائماً؟ وهل يلزم أن تكون الإمدادات الغيبية إلى جانب هؤلاء المؤمنين بشكل مطلق (في كل زمان ومكان وتحت أي ظرف وفي أي حال) أي من دون أي قيد أو شرط؟ وهل بمجرّد أن يتوجّه المؤمنون إلى الحرب يلزم أن ينزل النصر والمدد الإلهي عليهم؟
 
فلو أجبنا على هذا السؤال: بنعم، فإننا لن نستطيع توجيه الهزائم التي حصلت للمؤمنين في بعض المقاطع التاريخية، وسيكون هذا مورد نقض على جوابنا المثبت!
 
و لو أجبنا بلا، فسوف يتعارض هذا الجواب السلبي مع الآيات التي أوردناها والتي تحدّثت بشكل قاطع عن وعد الله للمؤمنين بالنصر!
 
والجواب الصحيح لحلّ هذا التعارض يكمن في فهم سر الحياة الدنيا، وأنه يتقوّم بكون الحياة الدنيا محلاً للابتلاء والاختبار. فالله تعالى خلق الإنسان وأعطاه الحرية والاختيار، وبمقتضى هذه الحرية يختار الإنسان خطّ مسيره في هذه الدّنيا، وفي نفس الوقت أرسل الله تعالى الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين لتعليم البشر على الخير والصّلاح، وكيفيّة الوصول إلى الكمال الإنساني الذي لا يكون إلا عن طريق طاعةِ الله والعبودية له.
 
والطاعة والعبودية ليس معناهما إلا التسليم المطلق والكامل لله تعالى وعدم الخوف من الشدائد والابتلاءات، والعمل بالأوامر الإلهية وترك نواهيه في كل الظروف.
 
إذاً، فهدف الإنسان الحقيقي في هذه الدنيا هو كسب الرضا الإلهي. ومن الطبيعي أنه كلما كان سير الإنسان لكسب رضا الحق تعالى يستلزم سعياً أكثر ومشقة أكبر، كان تأثير ذلك في كماله أعمق، وإنجازه للعمل أكثر توفيقاً، وسيثمر سيره وسلوكه هذا - برغم المشقات - ثماراً أزكى، ويعطي نتائج أفضل تظل في تزايد ونمو مستمر.

والرواية المعروفة "أفضل الأعمال أحمزها"[1] عن المعصومين عليهم السلام، تشير إلى هذه الحقيقة.
 
أما إذا كان بناؤنا على أن المؤمنين يعلمون مسبقاً بأنّهم سوف يفوزون وينتصرون في كل الحروب على الأعداء فلا حاجة للجهاد والشهادة ولا معنى أصلاً للابتلاء والامتحان، بل لن يكون لعناوين التضحية والفداء، والإقدام والإيثار ذلك التأثير العجيب وتلك القيمة السامية، خصوصاً لو ترافقت مع ظروف مرفهة نسبياً وأوضاع مستقرة نوعاً ما، لا يسودها ذاك القلق الكبير والاضطراب العميق.

إن الذي يعلم مسبقاً أنه منتصر في الحرب لا محالة مئة في المئة، فإن اندفاعه للحرب لن يكون باعثاً للقلق الزائد، ولن تزعجه مواجهة أي مشاكل أساسية، وعليه فبقدر انخفاض نسبة المشاكل والشدائد سوف تنخفض في المقابل درجة التكامل.

ومن هنا نستطيع أن ننظر إلى الصورة المعاكسة، وهي الحال التي يكون فيها المجاهد المؤمن وبقدراتٍ مادية متواضعة، غير واثقٍ من الفوز الظاهري، بل يحتمل الخسارة، فإنه وبسبب ارتباطه بالله، يقدم على المعركة باذلاً مهجته وكل ما يملك لأداء التكليف الالهي.
 
إن مثل هذه الظروف سوف ترتفع بهذا المؤمن المجاهد لنيل أعلى المنازل وأرقى المراتب في جوار الحضرة الإلهية، وسوف يطوي مدارج السلوك المعنوي بسرعة كبيرة، ولعل سرّ عظمة كربلاء وشهداء كربلاء يكمن في هذا الأمر.
 
إن الأصل في كل أمور وشؤون الحياة هو بأن تجري الوقائع والأحداث طبق قانون العلل والأسباب وضمن مبدأ الاختيار والامتحان ولا خروج عن هذه القاعدة في الحياة الدنيا.
 
وفي نفس الوقت، ولأن المطلوب الحقيقي هو تحقيق الخير والوصول إلى الكمال. وقد تعلقت الإرادة التكوينية الإلهية بانتصار الحق، فقد جاء التحذير الإلهي للمؤمنين أن لا يتكلوا على أنفسهم وقدراتهم بشكل مستقل في حربهم ضد الأعداء.
 
نعم، إن الله سبحانه وتعالى قد يتدّخل في الموارد اللازمة وبواسطة سلسلة من العوامل الباطنية والروحية، أو العوامل الظاهرية والعلنية الأعم أيضاً من الطبيعية وغير الطبيعية، فيجعلها عز وجلّ في خدمة المجاهدين ومُدبِّرة لأمورهم ليصبح السير الكلي للأمور في النهاية لصالح انتصار الحق وهزيمة الباطل.
 


[1] بحار الأنوار: ج67، ص191.

وقال قائد الثورة الإسلامية، إن التطورات السياسية في العالم تجري بسرعة كبيرة لكنها في الوقت نفسه «تتجه نحو إضعاف جبهة الأعداء للجمهورية الإسلامية»، مستنتجاً: «لاغتنام هذه الفرصة، علينا زيادة حركتنا ومبادرتنا وأنشطتنا في السياسة الخارجية».

في حديثه عن دلالات ضعف الجبهة المعادية لإيران في النظام العالمي الجديد المستقبلي، قال الإمام الخامنئي: «أمريكا هي من أهم معارضي إيران في العالم... تظهر الحقائق أن أمريكا أوباما أكثر ضعفاً من أمريكا بوش، وأمريكا ترامب أضعف من أمريكا أوباما، وأمريكا هذا "السيّد" أكثر ضعفاً من أمريكا ترامب».

في السياق ، ذكَّر سماحته بأن «الثنائية القطبية التي نشأت في الانتخابات قبل عامين أو ثلاثة في أمريكا لا تزال قائمة بقوة، فيما لم تتمكن أمريكا من حل أزمة الكيان الصهيوني، وهي كانت قد أعلنت أنها تنوي تشكيل جبهة عربية متحدة ضد إيران، لكن اليوم حدث عكس ما أرادت، فعلاقات المجموعة العربية مع إيران تتزايد، ومع أن أمريكا كانت تريد إنهاء الملف النووي وفق خطتها عبر الضغط السياسي والحظر، فإنها لم تستطع».

وتابع قائد الثورة الإسلامية في ذكر مصاديق على سير أمريكا نحو الضعف: «أمريكا أشعلت حرب أوكرانيا، لكن أدت هذه الحرب إلى شرخ متواصل ومتزايد بين حلفائها الأوروبيين وبينها، فهؤلاء يتلقون ضربات هذه الحرب وأمريكا تحصد منفعتها».

وقال سماحته: «أمريكا ترى في أمريكا اللاتينية حديقتها الخلفية، لكن في بلدان عدة من أمريكا اللاتينية أتت إلى السلطة حكومات معادية لأمريكا، وإضافة إلى ذلك أرادت أمريكا أن تقلب فنزويلا رأساً على عقب. حتى إنها أوجدت لها رئيساً مزيفاً عبر المال والسلاح والجيش لكنها أخفقت».

من المصاديق الأخرى التي استند عليها الإمام الخامنئي «ضعف الدولار الأمريكي» حيث أن «بعض الدول تتاجر مع بعضها بعضاً بالعملات الوطنية»، معقباً: «إذن، أمريكا التي هي على رأس أعداء النظام الإسلامي في طور الضعف».

بشأن الكيان الصهيوني، العدو الآخر للجمهورية الإسلامية، قال سماحته إن هذا الكيان خلال 75 عاماً من عمره لم يواجه مطلقاً مثل هذه الأزمات الرهيبة كما هو عليه اليوم، وعدّد مصاديقَ من مثل اضطرابات الكيان وأوضاعه المتجهة نحو الانهيار.

وقال قائد الثورة الإسلامية في هذا السياق: «الكيان الصهيوني يعاني من تزلزل سياسي، وقد استبدل أربعة رؤساء وزراء خلال أربع سنوات، ولم تتكتّل الائتلافات الحزبية فيه إنما تتفكك، وهناك ثنائية قطبية حادة في أنحاء الكيان الزائف كافة. إن تظاهرات مئات الآلاف في بعض المدن دلالة على ذلك. هم يريدون تعويض نقاط الضعف هذه بإطلاق بضع صواريخ لكن هذا غير ممكن».

لذلك، رأى سماحته أن التحذيرات المتتالية للمسؤولين الصهاينة من الانهيار الوشيك لهذا الكيان «دلالة أخرى على ضعف الصهاينة»، وقال: «نحن قلنا إنّ الكيان الصهيوني لن يشهد السنوات الـ25 المقبلة، لكن يبدو أنهم استعجلوا ويريدون المغادرة أسرع!».

في المقابل، رأى الإمام الخامنئي أن «تضاعف قدرات الفصائل الفلسطينية، ووصول فلسطين أوسلو وفظاعة ياسر عرفات إلى فلسطين أسود المقاومة»، من العلامات الأخرى على إضعاف الجبهة المعادية لإيران وتقوية جبهة المقاومة.

في جزء آخر من حديثه، تحدّث سماحته حول مؤامرات الأعداء داخل البلاد قائلاً: «كانت هناك مؤامرات داخل البلاد وستوجد مستقبلاً، ومن جملتها أعمال الشغب العام الماضي التي نُفذت بحجة قضية المرأة وبدعم من أجهزة التجسس الغربية».

قائد الثورة الإسلامية تحدث عن «الوضع المؤسف وغير الآمن للمرأة في الدول الغربية» قائلاً: «هذه البلدان التي لا تشعر النساء في بعضها - باعترافهن - بالأمان في الشوارع أو ثكنات القوات العسكرية، ترسم خطوطاً للجمهورية الإسلامية التي تعطي المرأة أفضل شأن!».

في معرض قوله إن قضية المرأة ليست مجرد قضية ستر، أشار سماحته إلى الحضور الناشط للنساء والفتيات الإيرانيات في مجالات التعليم والعمل والأنشطة السياسية والاجتماعية والمناصب الإدارية وحضورهن الفعال في النضالات قبل الثورة الإسلامية وخلال مرحلة «الدفاع المقدس» وبعدها.

في هذا الصدد، قال الإمام الخامنئي مبيناً مقتضيات الحجاب القانوني والشرعي: «في قضيّة الستر الحجاب قيد شرعي وقانوني، وهو ليس قيداً حكوميّاً [إنما] قانونيّ وشرعيّ. خلعُ الحجاب حرامٌ على المستويين الشرعي والسياسي؛ إنّه حرامٌ شرعي وسياسي أيضاً».

وبينما أكّد سماحته أنّ كثيرين من الأشخاص غير ملتفتين إلى مَن يقف خلف سياسة خلع الحجاب ومحاربته هذه، أي «جواسيس العدوّ وأجهزته التجسسيّة»، قال: «لو علموا، فلن يقدموا على هذا الفعل. واستدرك: «فليلتفت الجميع إلى أنّ العدوّ خاض في هذا الأمر بخطة وبرنامج، وعلينا أيضاً أن نخوض الأمر بخطة وبرنامج. يجب ألّا تُنجز أعمالٌ بلا برنامج وبلا أساس وما إلى ذلك، بل ينبغي أن يكون هناك برنامج، وأن يكون للمسؤولين برنامجهم، وهم لديهم برنامجهم».

وكانت «انتخابات مجلس الشورى الإسلامي» و«مجلس الخبراء» في آذار/مارس من العام المقبل (اسفند ١٤٠٢) موضوعاً آخر أكّد قائد الثورة الإسلاميّة أهميته. وقال: «يمكن أن تكون الانتخابات مظهراً من مظاهر القدرة الوطنية، وإذا لم تجرِ على النحو الصحيح، فإنها تدل على ضعف البلاد والشعب والمسؤولين، وكلّما ضعفنا، تزداد هجمات الأعداء وضغوطهم».

أيضاً شدد سماحته على تركيز جهود جميع المسؤولين والمؤسسات وإرداتهم طوال العام على «كبح التضخم ونمو الإنتاج»، متطرّقاً إلى إلزامات تحقيق شعار العام وبعض التوصيات الاقتصادية المهمة الأخرى.

في بداية هذا اللقاء، قدم رئيس الجمهوريّة، السيد إبراهيم رئيسي، تقريراً عن نشاطات الحكومة وخططها قائلاً: «كان الشعب الإيراني العظيم بطل عام 1401 هـ. ش. وقد تألق جيداً بصموده وهزيمة الأعداء في الحرب المركّبة».

الثلاثاء, 04 نيسان/أبريل 2023 10:52

الدعاء في شهر رمضان المبارك

يقول تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[1].

ذكر الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان قدس الله روحه: إن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الصوم فيما تقدم من الآيات عقبه بذكر الدعاء باعتباره أحد وسائل الارتباط بين العبد والمعبود، فمجيء هذه الآية في سياق الحديث عن الصوم يعطيه مفهوماً جديداً إذ أن الدعاء والتقرب إلى الله روح كل عبادة وبالأخص الصوم.

ومما يؤيد ذلك، ما ورد في خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذا الصدد، ذكرها الصدوق بسنده عن زيد بن علي (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لما حضر شهر رمضان، قام رسول الله فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس كفاكم الله عدوكم من الجن والانس وقال ادعوني استجب لكم ووعدكم الإجابة، ألا وقد وكل الله بكل شيطان مريد سبعة من ملائكته فليس بمحلول حتى ينقضى شهركم، ألا وأبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه، ألا والدعاء فيه مقبول [2].

وكان سبب نزول هذه الآية كما في كتاب أسباب النزول للسيوطي: إن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وآله)، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزلت هذه الآية.

وذكر المفسرون عدة معان، منها أن الله لا يخلو منه مكان، بل هو في كل مكان، إذ لو كان في مكان معين لما كان قريباً لكل من يدعوه، فقوله تعالى: ﴿فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾ أي أنه أقرب مما تتصورون، أقرب منكم إليكم.

وللدعاء في هذه الآية التي مرت عدة معان أهمها ثلاثة:
الأول:
يراد بالدعاء الطلب وهو موضوع الآية.
المعنى الثاني: يراد بالدعاء العبادة، ومنه قوله تعالى: ﴿ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي﴾[3] أراد بالدعاء هنا العبادة.
الثالث: مضافاً إلى ما تقدم، يراد به التوجيه للعمل والحركة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، والوتر بحركته يدفع السهم نحو الهدف.

ومن ذلك أن الرسول (صلى الله عليه وآله) دخل المسجد ضحى يوم، فرأى رجلاً من الأنصار يدعى أبو أمامة، رآه جالساً وهو كئيب، فاستنكر النبي (صلى الله عليه وآله) عليه الجلوس وقت العمل لطلب الرزق.
فقال: يا رسول الله! لقد أصبحت وللناس علي دين عجزت عن أدائه، وأخجل من مواجهتهم.
فقال (صلى الله عليه وآله): ألا أعلمك شيئاً إن عملته تخرج من محنتك هذه؟
فقال: بلى يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): أن تقول بعد كل صلاة: (اللهم إني أعوذ لك من العجز والكسل، وأعوذ لك من الهم، وأعوذ بك من البخل والجبن وأعوذ بك من كثرة الدين وغلبة الرجال)، فالنبي بهذا الدعاء أراد أن يدفع أبو أمامة إلى العمل والحركة، وأن لا يكون مغموماً في الحياة وعاجزاً عن العمل.
قال أبو أمامة: فعملت بها فانقضى ديني وحسن حالي.

الخلاصة: الدعاء من جهة هو أمر ضروري وينبغي للمؤمن أن لا يهجره لما فيه حينئذ من هجران لأحد أهم وسائل التواصل معه تعالى واستقبال فيضه، ومن جهة ثانية، تتأكد أهمية وثمرة الدعاء في شهر رمضان المبارك لكونه الشهر الذي تفتح فيه أبواب السماء، ويغمر الله الإنسان فيه بالرحمة والمنح والبركات..

فخاسر حقاً، من يدخل إلى حريم هذا الشهر ولا يجعل له حظاً مهماً من الدعاء..
 
في ظلال شهر رمضان - بتصرّف


[1]  البقرة: 186
[2]  ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 59.
[3] غافر: 60

الثلاثاء, 04 نيسان/أبريل 2023 10:48

الفرصة الذهبية في شهر رمضان المبارك

النص التالي هو مجموعة مقاطع من كتاب: «مدينة الله؛ شهر رمضان وأسرار الصيام» لسماحة الشيخ علي رضا بناهيان، وهو يتضمن مقتطفات مؤثرة من سماحته حول هذا الشهر الكريم...

ما ينبغي أن يكون شعورنا تجاه شهر رمضان؟
• طيب، إن هذا الشهر المبارك مع ما ينطوي عليه من روعة وجمال، والذي دعانا إلى ضيافة الله، وجعل الله مضيّفنا، فما ينبغي أن يكون شعورنا تجاهه؟ وبأي قلب يجب أن نستقبل رمضان؟ فمع وجود كل هذه الوعود الإلهية الرائعة في هذا الشهر، هل ينبغي أن نستقبل شهر رمضان بشوق وفرح وحسب؟ أو أن للخوف والخشية محلا في هذا البين؟

• لا شك في أن أول ما يتبادر إلى القلب هو الاغتباط بلذّة توفيق الحضور في مثل هذه الضيافة الكريمة. ولكن كلما كان الشوق مصحوبا بالخوف، سبقه الخوف في إظهار نفسه وكأنه يطلب من الإنسان أن عالج الخوف وأرح بالك منه أولاً، ثم أسرع إلى شوقك. وأنتم تعلمون جيدا أن الخوف إنما ينبثق من القلب الشائق وإن الشوق هو الذي يفرض على الإنسان الخوف من المخاوف والمخاطر وأن لابدّ من معاملتها بكلّ حكمة وعقل.

هيبة شهر رمضان
• نحن إن كنّا قد صدّقنا بالحضور بين يدي المضيّف في هذه الضيافة، وأدركنا عظمة ربّ شهر رمضان، سيعتري قلبنا الخوف ـ بلا شك ـ من سوء الأدب في هذا المجلس العظيم، مضافا إلى شعور الاغتباط بهذه الضيافة. كما أنه قبل الاستعداد للحضور في هذا الحفل العظيم، ستعترينا الرهبة من تجلّي كل هذه العظمة أمام وجودنا الحقير.

• ألم يقل الإمام السجاد (عليه السلام) في دعاء وداع شهر رمضان: «وَ[ما] أَهْیَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِینَ» [الصيفة السجادية/الدعاء45] فمن أين أتت هذه الهيبة؟ من الواضح أنها ناجمة من التقرّب إلى محضر ربّ العالمين، وإما ناشئة من أهمية مراعاة آداب شهر رمضان وأداء أعماله، لئلّا يتعدّى الضيف الأدبَ على ساحة القدس الربوبي أو على مجلس ضيافته الكريم.

• عندما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتحدث مع جابر بن عبد الله عن بركات شهر رمضان، عرّج على شروطه وآدابه وقال: «یَا جَابِرُ هَذَا شَهْرُ رَمَضَان مَنْ صَامَ نَهَارَهُ وَ قَامَ وِرْداً مِنْ لَیْلِهِ وَعَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ وَکَفَّ لِسَانَهُ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ کَخُرُوجِهِ مِنَ الشَّهْر» فاسترّ جابر من ثمرات شهر رمضان وبشاراته وقال: «یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْحَدِیثَ» فأجابه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: «یَا جَابِرُ وَ مَا أَشَدَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ» [الکافي، ج4، ص87، باب أدب الصائم، ح 2]، ففي الواقع أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يلفت نظر جابر إلى أهميّة شهر رمضان وخطره. ولا شكّ في أن النبي (صلى الله عليه وآله) يريد من أتباعه أن يكونوا في قلق مراعاة آداب شهر رمضان أكثر من البهجة والتمتع ببركات هذا الشهر وبشاراته.

عدم الاسترخاء من طبيعة مجلس الضيافة
• من شأن كلمة «الضيافة» أن تلفتنا إلى بعض أوجه الصعوبة في شهر رمضان. لأن الإنسان بطبيعة الحال لا يمكنه أن يسترخي ويكون على راحته في مجلس الضيافة ـ حتى وإن كان زاخراً بالعطايا ـ كما إذا كان في بيته، ولذلك وبسبب اقتضاءات مراعاة الأدب، يعاني من بعض القيود التي لا وجود لها في بيته. مهما كان مجلس الضيافة ممتعا ومريحا للإنسان مع ذلك لا يسعه أن يفعل كلّ شيء، وبقدر أهمية المجلس وشموخه، ينشغل الإنسان عن راحته بالانتفاع من هذا المجلس.

الخوف من فقد فرصة شهر رمضان الذهبية
• أليس شهر رمضان فرصة ذهبية؟ أولسنا بحاجة وشوق شديدين إلى هذه الفرصة؟ إذن لابدّ أن نخشى ذهاب هذه الفرصة وعدم انتفاعنا بها. كلما كانت هذه الضيافة أعزّ علينا يزداد خوفنا من ضياعها وتعترينا الهواجس والأسئلة أن: هل سأنتفع بشهر رمضان بأفضل انتفاع؟ أم سأكون في شهر رمضان المبارك من زمرة الذين لا يكون نصيبهم فيه سوى الجوع والعطش؟ وهل ستلبّى احتياجاتنا الكثيرة في هذا الشهر؟... وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي تتبادر إلاّ إلى المشتاقين وأولي الهمم العالية. إلا اللهمّ إذا كنّا مُتخَمين بالنعم المعنوية وأصبحنا غير مضطرّين إلى المزيد منها وأصبح شهر رمضان لنا شهر نزهة وتبديل جوّ فعند ذلك سنكون بغنى من هذا القلق. فإن هذا الكلام من السخافة والتفاهة بمكان بحيث لا يستحقّ الاعتناء. إذ عندما نرى أولياء الله يلتمسون ويتضرّعون إلى الله من أجل كسب ذرة من عنايات الله سبحانه، والحال أن كسب رضا الله ليس بأمر عسير عليهم، فتكليف باقي الناس معلوم.

• ولكن من باب ذكر شيء في هذا المقام، أقول إن حالنا لا يخلو من حالين؛ فإما لسنا من أهل العرفان والعبادة، فعند ذلك من الواضح أن سنكون مضطرّين ومحتاجين، وإن لم نشعر بذلك نحن. وإن كنّا من أهل ذلك، فمن المؤكد أن قد أصبحنا من المحبين إلى مناجاة الله واكتساب عنايته بحيث نصبح متعطّشين إلى نيل المزيد من ألطاف الله ورحمته.

• فإذن اسمحوا أن نستعرض عبر عبارات واضحة هواجسنا وعواملها:

هواجس الدخول

1ـ نقصان ما ننجزه من عمل
• أولا يودّ الصالحون من الناس أن ينجزوا جميع أفعالهم بشكل جيّد. فإذا أنجزوا فعلا ما لا يحبون أن يكون ناقصا ومليئا بالعيوب. ورمضان كل سنة عبارة عن فعل وأثر نتركه في عالم الوجود، ونحن سوف نواجه هذا الإنجاز يوم القيامة. وحتى إن أنجزت أشهر رمضان القادمة بشكل جيّد لا تعوّض عن نواقص شهر رمضان الحاضر. فلكلٍّ علامة وسمة مستقلّة. الخوف من عدم إنجاز شهر رمضان بالمستوى المطلوب هو شيء متعارف لدى هؤلاء.

2ـ أن يكون مستوى أوج ارتفاعنا منخفضًا
• ثم إذا كان شهر رمضان أوج صلاحنا وحسننا، وعادة ما لن نحصل على حالة أفضل مما كنا نعيشها في شهر رمضان، وبطبيعة الحال كل درجة سوف نحصل عليها في شهر رمضان، سنحصل على أقلّ منها في غيره من الشهور، فهذه الحقيقة مما تبعث خوفا في نفوس أولي الهمم العالية خشية من أن يكون مستوى أوج تحليقهم وأوج إنسانيّتهم منخفضًا مما يأباه بعد النظر وعلوّ الهمّة.

3ـ عدم مراعاة حرمة شهر رمضان
• كلما ازداد شهر رمضان قدسية ورفعة لدى محبي الله، تصبح أهمية مراعاة حرمة هذا الشهر ومعرفة قدره مدعاة لخوفهم. طبعا لكل من هذه الهواجس طعم خاص. وإن بعض هذه الهواجس كهذا الخوف ليس بمرّ ولا مكروه بل حلو وممتع. وهذا الشعور يشبه بشعور العاشق الذي يخاف على هدية حبيبه، فهو يحافظ عليها بشدّة خشية إصابتها بصدمة.

4ـ الشقاء
• المفترض في شهر رمضان هو أن تشملنا المغفرة الإلهية، وإنها من الأهمية بمكان بحيث قال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«فَإِنَّ الشَّقِيَ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِیمِ» [عيون أخبار الرضا/ج1/ص295] أليس هذا يكفي لخوفنا من عدم الغفران، وعدم العفو والتكفير عن سيئاتنا وأن نخرج من شهر رمضان بنفس مساوئنا؟ وليت شعري أين تطهّر هذه الأقذار إن لم تطهّرها عين رمضان؟

5ـ قبول العمل
• إن كان المفترض هو أن يكون شهر رمضان شهر عبادتنا وأن تعرض طاعاتنا وعباداتنا على محضر إله العالمين سبحانه وتعالى، أليست عظمة مقام ربوبيّته وأبهته مدعاة لخوفنا من قلة قيمة أعمالنا؟ أ وليس من شأن علوّ مرتبة بارئ الخلق سبحانه وتعالى أن ترتجف قلوب عباده خوفا من عدم قبول عملهم؟!

لماذا لم يهتمّ البعض لقبول أعمالهم؟
• ترى بعض الناس إذا قاموا بعبادة ما مثل الصلاة، لا يهتمّون بعد بأنه هل رضي الله بهذه الصلاة أم لا؟ وهل رضي بصوم شهر رمضان هذا أم لا؟ مع أنهم يحملون مثل هذا الهمّ والقلق لكثير من قضايا حياتهم الأخرى. كأنهم يطلبون الله، وقد سمعوا منه كلاما شديدا اضطرهم إلى القيام بهذه العبادة، وكأنهم يرون أن هذه العبادة على علّاتها كافية وزائدة على من أمرهم بها!

• هم لا يعلمون أن الله ينظر إلى مشاعر عباده، فإذا كان أحد غير مهتمّ لقبول عمله، فهو في الواقع يقوم بأعماله كرها. ولا قيمة لهذا العمل عند الله بعد.

• ما قيمة عبادات العبد عند الله، إذا رأى عبده يرمي عباداته صوب ربه بغير مبالاة وهو غير مهتمّ لوصولها إلى الهدف وقبولها من قبل المعبود، والحال أن المهمّ لدى الله قبل العمل وبعد العمل وفي أثناء العمل هو العبد نفسه وإقباله إلى الله وقلبه العاشق لربّه. ومن هنا ترى کم من صائم ليس له من صيام شهر رمضان إلا الجوع والظمأ.

• مثل الأجير الذي فرضوا عليه حرث الأرض. فبعد أن حرث الأرض كرها لا ينظر إلى عين صاحب العمل باحثا عن رضاه، بل ينظر إلى يده ليستلم أجره. وإن كان لا يتوقّع الأجر وكان يعتبر صاحب العمل ظالما لا يؤجره بشيء، فسوف يرمي المسحاة أمام رجله ويذهب.

• هل تعلمون متى نكون غير مبالين بنتيجة أعمالنا ولا يعترينا القلق من أن هل سينال عملنا رضى الله أم لا؟ أضرب مثالا قاسيا مع طلب المعذرة، لأنه بمنزلة الضربة القاضية لمن يريد أن يكون مقاوما لهذا الكلام ولا يتأثر.

• إن دخل على بيتنا فقير مسكين، وأردنا أن نعطيه طعاما، فبما أن شخصية هذا الفقير غير مهمّة لدينا، وكنا بصدد تقديم بعض فضائل الطعام له، عند ذلك لا نهتمّ بثمن الإناء الذي نصبّ الطعام فيه، وبأنه هل سيعجبه الإناء أم لا. ولا سيّما إن كنّا قد أعطيناه الطعام مع الإناء ولم نتوقّع منه إرجاعه. فنحن في هذا المقام غير مهتمّين باستحسان الفقير عملَنا وأسلوبَ ضيافتنا، بل نريد أن نعطيه شيئا ليذهب ويبتعد.

• لا شك في أن الخروج من هذه الهواجس وغيرها التي لم نحصها، لا يمكن إلا بمدد ربّ العالمين. كما أن الدخول في وادي الخوف إنما يتحقق عبر حبّ المعبود ومعرفته.

• يا له من إنسان رفيع الهمّة والنظر، وهو ذاك العبد الذي يقلق لنتيجة عمله وآخر فعله منذ البداية، ويردد هذا الدعاء القرآني بمشاعر مزيجة من الخوف المصحوب بالعشق والمعرفة منذ دخوله في شهر رمضان: «وَقُل رَبِّ اَدخِلنِي مُدخَلَ صِدقٍ وَ اَخرِجنِي مُخرَجَ صِدقٍ وَ اجعَل لِي مِن لَدُنكَ سُلطَاناً نَصِیراً» [الإسراء/80]


سماحة الشيخ علي رضا بناهيان