emamian

emamian

تقرير أممي صادر عن اللجنة الأممية المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية يتحدث عن الانتهاكات الخطيرة لسلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، ومنها الحصار وقتل الناشطين والأطفال، وزيادة حجم الاستيطان...

 

في الشهرين الأخيرين أقرت إسرائيل 6000 وحدة سكنية في الضفة الغربية

بالتزامن مع التحضيرات لعقد مؤتمر المنامة الذي سيبحث الخطة الأميركية المسماة "صفقة القرن"، أصدرت اللجنة الأممية الخاصة المعنية بالتحقيق بالممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الشعب الفسطيني والشعوب العربية الأخرى تحت الاحتلال تقريراً حول مهمتها في العام 2018 ضمنته تفاصيل عن تدهور حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، نتيجة للسياسات والممارسات الإسرائيلية، وأعربت عن قلق بالغ من تصاعد التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين بما في ذلك استهداف الأطفال والمدارس.

وجاء في التقرير الذي نشرته اللجنة، اليوم الإثنين، في نهاية مهمة لتقصي الحقائق من دون السماح لها بزيارة الأراضي المحتلة، أنها تلقت معلومات عن قتل وإصابة الفلسطينيين، نتيجة استخدام الذخيرة الحية والرصاص المعدني المغلف بالمطاط والغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، فيما يبدو أنه استخدام مفرط وغير متناسب للقوة ضد أشخاص لا يشكلون أي تهديد مباشر للحياة.

وقال التقرير: منذ بداية "مسيرة العودة الكبرى" في آذار/ مارس 2018، ذُكر أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 270 فلسطينياً وجرحت حوالي 30000 على طول السياج في غزة، وأكثر من 40 من القتلى كانوا من الأطفال.

في الضفة الغربية، سمعت اللجنة عن ارتفاع عدد الأشخاص الذين أصيبوا أو قُتلوا في مدن الخليل وقلقيلية ورام الله ونابلس وفي المستوطنات الإسرائيلية وحولها.

تلاحظ اللجنة بقلق شديد تأثير السياسات والممارسات الإسرائيلية على الأطفال، وأبلغت عدة منظمات اللجنة عن ممارسة الغارات الليلية للقبض على الأطفال في الضفة الغربية، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على رفاه الأطفال والتمتع بحقوقهم.

في أعقاب هذه الغارات، يُنقل الأطفال غالبًا إلى أماكن مجهولة، ويُحتجزون في مركبات عسكرية، ويتعرضون للتهديد والإساءة اللفظية أثناء الاستجواب وفي بعض الحالات يواجه الأطفال ضغوطاً للتوقيع على اعتراف باللغة العبرية وهي لغة لا يفهمونها في أغلب الأحيان ومن دون وجود محام.

وكشف التقرير الأممي أنه وفقًا للشهادات التي تم تلقيها، يتم احتجاز أكثر من 300 طفل بشكل دائم في النظام العسكري الإسرائيلي، وغالبية المحتجزين في جرائم بسيطة كرمي الحجارة والكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الممارسات تنتهك المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تلزم الدول باستخدام احتجاز الأطفال كتدبير أخير.

في غزة، يظهر الأطفال معدلات مرتفعة بشكل غير عادي من الضيق النفسي، تغذيها تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدل انتشار العنف، من بين عوامل أخرى، وقد كشفت دراسة استقصائية حديثة أن 49 في المائة من الأطفال شعروا بعدم وجود أمل، كما تم الإبلاغ عن زيادة حالات تعاطي المخدرات وعمالة الأطفال والزواج المبكر.

وتعرب اللجنة عن قلقها إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في منطقة "H2" في الخليل، التي تقع تحت السيطرة المباشرة لإسرائيل، وذلك بسبب الزيادة الحادة في عنف المستوطنين وانتشار الحواجز المادية، فإن حرية التنقل مقيدة بشدة ويواجه الفلسطينيون عقبات خطيرة أثناء القيام بأنشطتهم اليومية، بما في ذلك حضور التجمعات المدرسية والاجتماعية أو الذهاب إلى العمل وفتح المحلات التجارية والشركات.

ومما زاد من حدة هذا التصاعد في العنف وجو الإفلات من العقاب قرار "إسرائيل" في كانون الثاني/يناير 2019 بعدم تجديد ولاية الوجود الدولي الوقائي المؤقت في الخليل، وهي بعثة مراقبة مدنية كانت قائمة منذ عام 1994.

كما استمعت اللجنة إلى أن السلطات الإسرائيلية تتحدث علناً بشكل متزايد عن ضم الأراضي في الضفة الغربية، ويساهم هذا التوسع الهائل في المستوطنات الإسرائيلية - حيث يمثل عام  2018 أعلى معدل للموافقة على الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة منذ عام 2002 - بشكل أكبر في أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان القائمة، بما في ذلك الافتقار إلى حرية التنقل، والاستيلاء على الأراضي والمياه والموارد الطبيعية الرئيسية الأخرى وكذلك التلوث وإلقاء النفايات.

في الشهرين الماضيين وحدهما، تقدمت السلطات الإسرائيلية أو أقرت أو طرحت ما يقرب من 6000 وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تشكل أكبر تقدم استيطاني خلال عامين.

بالإضافة إلى ذلك، يرتبط التوسع الاستيطاني والتطورات القانونية الأخيرة ارتباطًا وثيقًا بتسريع عمليات هدم المنازل الفلسطينية، وخاصة في القدس الشرقية. ولاحظت اللجنة الدولية بقلق بالغ استمرار تهديد الطائفة البدوية في خان الأحمر أبو الحلو في المنطقة "ج"، ما يرقى إلى درجة النقل القسري بموجب القانون الإنساني الدولي.

تعرب اللجنة عن قلقها الشديد إزاء الحالة الإنسانية وحالة حقوق الإنسان المزرية في قطاع غزة، مع دخول الحصار الإسرائيلي عامه الثالث عشر، فالقطاع يمر بحالة ركود عميقة حيث بلغ معدل البطالة أكثر من 50 في المائة، ويشار إلى القيود الشديدة والتعسفية والعقابية المفروضة على منطقة الصيد ونقص المياه الصالحة للشرب هي عقبات خطيرة أمام مستوى معيشة لائق في غزة.

ويعاني النظام الصحي في غزة من ضغوط شديدة ونقص الموارد، وقدرة الناس على تلقي الرعاية الصحية الكافية معرضة للخطر بشكل خطير، وتمثل معالجة الأمراض الخطيرة والعمليات الجراحية المعقدة تحديًا كبيرًا بسبب نقص المعدات الأساسية والخبرة والأدوية.

استمعت اللجنة إلى القيود المفروضة على الفلسطينيين الذين أشاروا إلى العلاج الطبي خارج غزة، وخاصة على المصابين نتيجة المظاهرات التي وقعت في السياج، وأفادت التقارير أن 17 بالمائة فقط من المصابين في سياق المظاهرات يتلقون التصريح اللازم للسفر خارج غزة للحصول على الرعاية الطبية مقابل 60 بالمائة من الأشخاص الآخرين الذين يعيشون في غزة والذين يحتاجون إلى رعاية صحية ويتقدمون بطلب للحصول على تصريح.

ورأى التقرير أن التأخير في تلقي التصاريح ورفض بعض الأحيان للسماح للوالدين وأفراد الأسرة المباشرين بمرافقة الأطفال يشكلان تحديات إضافية للمرضى الفلسطينيين في غزة الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة خارج القطاع.

وختمت اللجنة الأممية تقريرها بالتعبير عن قلقها العميق إزاء الوضع المالي غير المستقر للأونروا، "الذي يلعب دوراً حاسماً وفريداً في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية والبلدان المجاورة".

قائد القوة الجو فضائية للحرس الثوري الايراني يقول إنه تم توجيه تحذير إلى طائرة التجسس الأميركية المسيرة "غلوبال هوك" قبل إسقاطها في الأجواء الإيرانية، ويكشف عن امتناع القوات الإيرانية عن إسقاط طائرة تجسس أميركية تحمل 35 شخصاُ كانت ترافق الطائرة المسيرة المذكورة.

كشف قائد القوة الجو-فضائية بحرس الثورة العميد أمير علي حاجي زادة عن امتناع القوات الإيرانية عن إسقاط طائرة تجسس أميركية تحمل 35 شخصاُ كانت ترافق الطائرة المسيرة التي تمّ اسقاطها فوق محافظة هرمزكان جنوب إيران. "عندما رصدنا طائرة التجسس كانت هناك طائرة تجسس أميركية أخرى تحت اسم p-8 تحمل 35 شخصاً برفقتها". وذكّر أنه في الاسبوع الماضي "أطلقنا قذيفة تحذيرية باتجاه طائرة أميركية لكنهم لم يأخذوها على محمل الجد".

زادة أوضح أن القوات الإيرانية وجهت تحذيراً إلى طائرة "غلوبل هوك" قبل إسقاطها في الأجواء الإيرانية، على عكس الرواية الأميركية التي تقول إن الطائرة كانت في الأجواء الدولية عند إسقاطها. "حذرنا الطائرة مرات عدة على مرحلتين، إذ إن هذه الطائرة لديها أنظمة، عندما يتم الاتصال بها، تنقل هذه المعلومات إلى محطاتها المركزية، لكن للأسف لم يتم الرد من قبلهم... آخر مرة، وجّه الجيش الإيرانية (مقر الدفاع الجوي) تحذيراً إلى الطائرة عند الساعة 03:55 فجراً ، وعندما لم تكترث ولم تبتعد عن المياه الإقليمية، أجبرنا على اسقاطها عند الساعة 04:05 فجراً". 

قائد القوة الجو-فضائية أشار إلى أن الزوارق الإيرانية تمكنت من انتشال اجزاء من الطائرة المسيّرة. وفي حديثه لوسائل إعلام إيرانية قال: "تلاحظون اليوم عن قرب أجزاء مختلفة من هذه الطائرة التجسسية التي انتهكت أجواء البلاد، وحالياً فإن بقايا هذه الطائرة بحوزتنا... القوات المسلحة وتجربة الشعب الإيراني، أثبتتا أن أمننا القومي هو خط أحمر بالنسبة لنا، ولا نسمح أن تكون أراضينا حلبة للدول الأجنبية والأعداء". 

 

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه المسؤولين عن إقامة مؤتمر تكريم ذكرى 5400 شهيد قدمتهم محافظة كردستان (1)_17/06/2019 م

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

سررت كثيراً حين علمت أنّه من المقرّر القيام بحراك ثقافي وإعلامي لتكريم ذكرى عدة آلاف من الشهداء في كردستان، فهذا نشاط ضروري ومفيد جداً يلقي بالمسؤولية على عاتق كل الناشطين والمسؤولين وأبناء الشعب الواعين أينما كانوا في البلاد، وخصوصاً في بعض مناطق البلاد التي لها خصوصيّة معيّنة مثل كردستان.

.. قاوموا وثبتوا رغم بيئتهم المتآمِرة
لقضيّة شهداء كردستان الأبرار أهميّتها من عدّة جهات، وهي مختلفة عن سائر مناطق البلاد، أي عن أغلب مناطق البلاد الأخرى. هناك نقطة على جانب كبير من الأهميّة هي أنّ ساحة عمل المجاهدين الكرد ـ سواء منهم الذين نشطوا في ساحات الدفاع المقدس والحرب والأعمال العسكريّة مثل البيشمرگة الكرد وقادتهم وأمثالهم، أو الذين عملوا ونشطوا في المجال الثقافي مثل الشهيد شيخ الإسلام (2) ـ لم تكن ساحة سهلة ومريحة وهادئة مثل سائر المدن والمناطق، فقد كان أعداء الثورة موجودين في مدنهم ومراكز مدنهم ومناطقهم. خذوا على سبيل المثال المرحوم شيخ الإسلام ولا أنسى خطبته القوية العميقة المليئة بالمضامين والأفكار تلك التي ألقاها في المسجد الجامع بسنندج عندما ذهبنا إلى هناك (3) أمام بضعة آلاف من الحاضرين (4). في ذلك الوقت نفسه الذي كان يلقي فيه هذه الكلمة كان يعلم بالتأكيد أن هناك أشخاصاً في سنندج نفسها، وخارج سنندج، أو في ذلك التجمّع نفسه، يعارضون تلك الآراء وذلك الكلام، ومع ذلك فقد أظهر تلك الشجاعة وتلك القوة الروحية وألقى تلك الكلمة القوية هناك. أو الشباب الكرد من البيشمرگة الذين التقيتهم عن قرب عدة مرات في كردستان في سنتي 58 و 59 [1979 ـ 1980 م]، هؤلاء لم يكونوا يواجهون عناصر من خارج الحدود بل عناصر داخل بيوتهم وداخل مدينتهم. لنفترض مثلاً في بيئة مثل مدينة مشهد كان هناك بالتالي الكثير من المجاهدين والمناضلين الذين كانوا يتوجّهون إلى جبهات القتال، وكان الكثير منهم يستشهدون أو يعودون جرحى ومصابين، أمّا هؤلاء فلم يكونوا على هذا النحو، فقد كان هناك في نطاق حياتهم ومعيشتهم أفراد يعارضونهم وينشطون ويتآمرون ضدّهم، ومع ذلك نجدهم قاوموا وثبتوا وحاربوهم. هذه في رأيي نقطة على جانب كبير من الأهمية.

كردستان أحبطت مؤامرة الأعداء
نقطة أخرى هي أنّ خطة أعداء الثورة الإسلامية وأعداء الجمهورية الإسلامية كانت أن يستغلوا الاختلافات المذهبية على حدة، والاختلافات القومية على حدة للإطاحة بالجمهورية الإسلامية، فبلادنا من البلدان النادرة من حيث التنوّع القومي. وتعيش قوميات متعددة جنباً إلى جنب في هذا البلد تحت ظلّ اسم إيران الكبير وباسم الشعب الإيراني الكبير. قلّما يوجد مثل هذا في مكان ما، وفي الأماكن التي يوجد فيها مثل هذا التنوّع تجد هناك الكثير من التعارض والمماحكات. ولكم أن تلاحظوا كم هي الخلافات جسيمة في بعض البلدان المجاورة لنا بين شعوبها والقوميات الأخرى هناك ـ ولا أريد هنا الإتيان على ذكر أسماء تلك البلدان ـ كان الأعداء يأملون بأن يستطيعوا استغلال الاختلافات القومية والاختلافات المذهبية ـ الاختلافات بين الشيعة والسنة ـ في البيئة الاجتماعية الإيرانية. وأنا أضرب هنا مثال كردستان، وهناك مناطق أخرى شبيهة بكردستان، لكن كردستان كانت مثالاً واضحاً. ما حدث في كردستان هو أن العناصر المؤمنة المحبة الواعية فيها أحبطت مؤامرة الأعداء هذه، بمعنى أنّها لم تسمح بإحياء معارك الكرد والفرس أو الكرد والترك هناك. كانت هناك أقلية تطلق بعض الشعارات والأقوال وتحت تأثير أعداء الخارج. وقد ذهبت إلى مهاباد، وكانت كل محالّ المدينة مقفلة، وجاء الناس لاستماع الخطاب؛ أذكر أنّه في الشارع الذي مررنا به كانت كل تلك الدكاكين مغلقة، وكل سكان المدينة جاؤوا إلى مكان إلقاء كلمتنا وتجمّعوا هناك ليستمعوا إلى خطابنا، وكانوا يرفعون الشعارات ويعبّرون عن مشاعرهم وأحاسيسهم. وقد خاطبت في كلمتي هناك أعداء الثورة وقلت لهم: ليأتِ الذين يتكلمون باسم الكرد إلى هنا وينظروا، هؤلاء هم الكرد، لا ذلك المأجور الذي ذهب إلى خارج البلاد، أو القابع في مكان ما ويتحدث باسم قوميّة ما، الكرد هم هؤلاء المجتمعون هنا. وهكذا كان الوضع في سنندج أيضاً وفي أماكن أخرى.

.. حيث كانت الشهادة مترافقة بتضحياتٍ أكبر
إذاً، فالإنجاز الذي تحقّق في كردستان وفي آذربيجان الغربية أيضاً على يد الأهالي الكرد كان إنجازاً وعملاً عظيماً جداً. لقد استطاعوا حقّاً تقديم خدمة للثورة وفرض اليأس على العدوّ، وهذا أمر بالغ الأهميّة. وقد قدّموا شهداء في هذا السبيل، فقدموا الشهداء في الحرب المفروضة وكذلك في الكفاح ضدّ أعداء الثورة، كما قدموا شهداء في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية، من أمثال الشهيد شيخ الإسلام الذي أشرت إليه [قبل قليل]، أو الشهيد عالي (5) الذي كان من علماء الدين هناك، والشهيد ذبيحي (6) وهؤلاء من الماموستا [معلّم باللغة الكرديّة] والعلماء المعروفين في منطقة كردستان. لقد كان استشهاد هؤلاء بسبب دفاعهم عن الجمهورية الإسلامية، فقد ألقوا الخطابات وبادروا وعملوا ونشطوا وتعاونوا مع الجمهورية الإسلامية واستشهدوا. في قرى كردستان وآذربيجان الغربية نشط كثيرون في التعاون مع عناصر [رجال الشرطة والأمن] الجمهورية الإسلامية وانتقم منهم أعداء الثورة فاستشهدوا، بمعنى أن الشهادة في تلك المنطقة كانت شهادة مترافقة بتضحيات أكبر، وجهد وجهاد صادق واضح. أعلى الله من درجات هؤلاء الشهداء إن شاء الله.

على شباب اليوم أن يعلم أيّ أعمال أُنجزت!
هذا التقرير الذي قدّمه القائد المحترم في الحرس الثوري تقرير جيّد، لكن هذه أرقام وأعداد، وما أوصي به وما أشدّد عليه هو نتائج الأعمال التي تقومون بها. ينبغي أن يتّضح كم استطاعت هذه الأرقام والأعداد التي ذكرت لتأسيس المجامع، أو نشر بعض الآثار، أو أعمال من هذا القبيل، التأثير في الأجواء الفكرية للناس وخاصّة لدى الشباب فيما يتعلّق بتكريم منزلة الشهداء، هذا هو المهمّ. ما نحتاجه اليوم هو أن يعرف شعبنا قدر شهدائنا، وأن يعلم أيّ خدمة قدّمها هذا الشاب الذي ذهب ونال الشهادة، وهذا العالِم الذي ارتقى شهيداً، وهذا العامل الكادح أو هذا الفلاح الكادح الذي استشهد، للبلاد وللإسلام ولنظام الجمهورية الإسلامية.

كانت لدينا عائلة في كردستان قدّمت ستة شهداء، هذه من الحالات النادرة، أي إنّنا قلّما نشاهد مثل هذا في البلاد، أن تقدّم عائلة واحدة ستة من أبنائها في سبيل الله، فيستشهد بعضهم في المظاهرات التي شاركوا فيها، وبعضهم في الكفاح ضدّ أعداء الثورة أو في الحرب المفروضة. توجد نماذج من هذا القبيل، وهذا ما ينبغي أن يعلمه الجيل الصاعد. على شباب اليوم أن يعلموا أيّ جهود بذلت حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، حيث نمت شجرة الثورة الطيبة بحمد الله وأثمرت وتم إنجاز الكثير من الأمور والأعمال. وأهم تلك الجهود هي جهود شهدائنا، هذا ما ينبغي أن يعلمه جيلنا الشاب. إذن ينبغي لهذه الأعمال التي تُنجز أن تُنجز بحيث يكون لها ثمار ونتائج جيدة، بمعنى التأثير في أفكار الشباب وتصوّراتهم وفهمهم لقضايا البلاد الراهنة ولقضايا ماضيهم. لقد مضت أربعون سنة على الثورة، ويجب أن نعلم أيّ جهود بذلت لتأسيس هذه الثورة وتشكيلها وتثبيت دعائمها. على شباب اليوم أن يعلموا هذا الشيء، والذي شاهد هذه الأمور عن كثب يعلمها، مع أن بعض هؤلاء أيضاً يصابون بالنسيان وينحرفون عن مسارهم ويغيرون طريقهم، بيد أن نظري الأساسي معلّق على الشباب. ينبغي لشباب اليوم أن يعلموا أيّ أعمال أُنجزت حتى ترسخت واستحكمت هذه الدعائم بهذا النحو، بحيث صار بوسعهم أن يشعروا بالفخر والاعتزاز والشموخ بنظام الجمهورية الإسلامية. هذه نقطة.

النقطة الثانية تتعلق بالأعمال العمرانية وما شاكل؛
نعم، أنجزت أعمال عمرانية كثيرة، لكن ثمة حالات تأخر في المناطق الكردية. لقد كانت هذه سياسة خاطئة معيبة في نظام الطاغوت حيث كانوا يتصورون أنّ عليهم العمل بهذه الطريقة. وحتماً، كان هناك عدم اكتراث للمصالح الوطنية في ذلك النظام. لذا، يوجد تأخر، وأنتم من عليه تلافي حالات التأخّر هذه. أن يقال إنّنا نوصي بكذا وكذا، فلا بأس، ابعثوا رسائلكم واكتبوا فيها ما يخطر في بالكم، ونحن نحيلها إلى المسؤولين، ونوصي بها ونؤكد على متابعتها، لكنّ منفّذي الأعمال هم أنتم المسؤولون، أنتم منفّذو الأعمال، فجهاز القيادة ليس هو المنفّذ، هو ليس جهازاً تنفيذياً، أنتم المنفّذون. يجب أن تتابعوا. قد نوجّه أمراً إلى وزارة ما أو إلى المسؤولين الرفيعي المستوى في البلاد ونؤكّد عليهم، لكن من ينبغي أن يتابع العمل هو أنتم، فاذهبوا وتحرّكوا وأصرّوا وأكّدوا ليتحقّق إن شاء الله ما تريدون ويصبّ في مصلحة الناس.

واجبنا هو تكريم الشهداء، وهذا ما لا ينبغي أن ننساه!
وواجبنا تكريم عوائل الشهداء، وعوائل الشهداء يقعون في المقدّمة من حيث أهمية صبرهم وعملهم. ينبغي تكريمهم واحترامهم. وهذا التكريم ليس مجرّد تكريم باللسان، مع أن التكريم باللسان أيضاً مهمّ. ولا يقولنّ البعض إنّ المجاملات اللسانية ليست جيدة، فمن المهمّ أن نكرم الشهداء ومكانة الشهداء باللسان وفي تصريحاتنا. البعض لا يطيقون حتى هذا، وعلينا نحن السير في هذا الاتجاه، لكن إلى جانب هذا هناك خطوات عملية وتسهيلات ومساعدات متنوعة ينبغي تقديمها لعوائل الشهداء وعوائل الجرحى وعوائل المضحّين إن شاء الله.

نسأل الله تعالى أن يوفّقكم للعمل والخدمة، خدمة هذه المسيرة العظيمة، وأن ترضوا أرواح الشهداء الطيّبة عنكم إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 ـ في بداية هذا اللقاء ـ الذي أقيم في إطار اللقاءات الجماعيةـ تحدث ممثّل الوليّ الفقيه في محافظة كردستان حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمد حسيني شاهرودي، ومحافظ كردستان بهمن رادنيا، وقائد الحرس الثوري في كردستان اللواء ثاني محمد حسين رجبي. يقام هذا المؤتمر بتاريخ 20/06/2019 م في سنندج مركز محافظة كردستان (شمال غرب إيران).
2 ـ ماموستا محمد شيخ الإسلام (ممثل أهالي كردستان في مجلس خبراء القيادة).
3 ـ زيارة الإمام الخامنئي التفقديّة لمحافظة كردستان لمدة ثمانية أيام من 12 إلى 18 أيار 2009 م .
4 ـ في لقائه بحشد من علماء ورجال الدين الشيعة والسنة بمحافظة كردستان بتاريخ 13/05/2009 م .
5 ـ الملّا برهان عالي.
6 ـ الملّا محمّد ذبيحي.

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه المسؤولين عن إقامة مؤتمر تكريم ذكرى 5400 شهيد قدمتهم محافظة كردستان (1)_17/06/2019 م

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

سررت كثيراً حين علمت أنّه من المقرّر القيام بحراك ثقافي وإعلامي لتكريم ذكرى عدة آلاف من الشهداء في كردستان، فهذا نشاط ضروري ومفيد جداً يلقي بالمسؤولية على عاتق كل الناشطين والمسؤولين وأبناء الشعب الواعين أينما كانوا في البلاد، وخصوصاً في بعض مناطق البلاد التي لها خصوصيّة معيّنة مثل كردستان.

.. قاوموا وثبتوا رغم بيئتهم المتآمِرة
لقضيّة شهداء كردستان الأبرار أهميّتها من عدّة جهات، وهي مختلفة عن سائر مناطق البلاد، أي عن أغلب مناطق البلاد الأخرى. هناك نقطة على جانب كبير من الأهميّة هي أنّ ساحة عمل المجاهدين الكرد ـ سواء منهم الذين نشطوا في ساحات الدفاع المقدس والحرب والأعمال العسكريّة مثل البيشمرگة الكرد وقادتهم وأمثالهم، أو الذين عملوا ونشطوا في المجال الثقافي مثل الشهيد شيخ الإسلام (2) ـ لم تكن ساحة سهلة ومريحة وهادئة مثل سائر المدن والمناطق، فقد كان أعداء الثورة موجودين في مدنهم ومراكز مدنهم ومناطقهم. خذوا على سبيل المثال المرحوم شيخ الإسلام ولا أنسى خطبته القوية العميقة المليئة بالمضامين والأفكار تلك التي ألقاها في المسجد الجامع بسنندج عندما ذهبنا إلى هناك (3) أمام بضعة آلاف من الحاضرين (4). في ذلك الوقت نفسه الذي كان يلقي فيه هذه الكلمة كان يعلم بالتأكيد أن هناك أشخاصاً في سنندج نفسها، وخارج سنندج، أو في ذلك التجمّع نفسه، يعارضون تلك الآراء وذلك الكلام، ومع ذلك فقد أظهر تلك الشجاعة وتلك القوة الروحية وألقى تلك الكلمة القوية هناك. أو الشباب الكرد من البيشمرگة الذين التقيتهم عن قرب عدة مرات في كردستان في سنتي 58 و 59 [1979 ـ 1980 م]، هؤلاء لم يكونوا يواجهون عناصر من خارج الحدود بل عناصر داخل بيوتهم وداخل مدينتهم. لنفترض مثلاً في بيئة مثل مدينة مشهد كان هناك بالتالي الكثير من المجاهدين والمناضلين الذين كانوا يتوجّهون إلى جبهات القتال، وكان الكثير منهم يستشهدون أو يعودون جرحى ومصابين، أمّا هؤلاء فلم يكونوا على هذا النحو، فقد كان هناك في نطاق حياتهم ومعيشتهم أفراد يعارضونهم وينشطون ويتآمرون ضدّهم، ومع ذلك نجدهم قاوموا وثبتوا وحاربوهم. هذه في رأيي نقطة على جانب كبير من الأهمية.

كردستان أحبطت مؤامرة الأعداء
نقطة أخرى هي أنّ خطة أعداء الثورة الإسلامية وأعداء الجمهورية الإسلامية كانت أن يستغلوا الاختلافات المذهبية على حدة، والاختلافات القومية على حدة للإطاحة بالجمهورية الإسلامية، فبلادنا من البلدان النادرة من حيث التنوّع القومي. وتعيش قوميات متعددة جنباً إلى جنب في هذا البلد تحت ظلّ اسم إيران الكبير وباسم الشعب الإيراني الكبير. قلّما يوجد مثل هذا في مكان ما، وفي الأماكن التي يوجد فيها مثل هذا التنوّع تجد هناك الكثير من التعارض والمماحكات. ولكم أن تلاحظوا كم هي الخلافات جسيمة في بعض البلدان المجاورة لنا بين شعوبها والقوميات الأخرى هناك ـ ولا أريد هنا الإتيان على ذكر أسماء تلك البلدان ـ كان الأعداء يأملون بأن يستطيعوا استغلال الاختلافات القومية والاختلافات المذهبية ـ الاختلافات بين الشيعة والسنة ـ في البيئة الاجتماعية الإيرانية. وأنا أضرب هنا مثال كردستان، وهناك مناطق أخرى شبيهة بكردستان، لكن كردستان كانت مثالاً واضحاً. ما حدث في كردستان هو أن العناصر المؤمنة المحبة الواعية فيها أحبطت مؤامرة الأعداء هذه، بمعنى أنّها لم تسمح بإحياء معارك الكرد والفرس أو الكرد والترك هناك. كانت هناك أقلية تطلق بعض الشعارات والأقوال وتحت تأثير أعداء الخارج. وقد ذهبت إلى مهاباد، وكانت كل محالّ المدينة مقفلة، وجاء الناس لاستماع الخطاب؛ أذكر أنّه في الشارع الذي مررنا به كانت كل تلك الدكاكين مغلقة، وكل سكان المدينة جاؤوا إلى مكان إلقاء كلمتنا وتجمّعوا هناك ليستمعوا إلى خطابنا، وكانوا يرفعون الشعارات ويعبّرون عن مشاعرهم وأحاسيسهم. وقد خاطبت في كلمتي هناك أعداء الثورة وقلت لهم: ليأتِ الذين يتكلمون باسم الكرد إلى هنا وينظروا، هؤلاء هم الكرد، لا ذلك المأجور الذي ذهب إلى خارج البلاد، أو القابع في مكان ما ويتحدث باسم قوميّة ما، الكرد هم هؤلاء المجتمعون هنا. وهكذا كان الوضع في سنندج أيضاً وفي أماكن أخرى.

.. حيث كانت الشهادة مترافقة بتضحياتٍ أكبر
إذاً، فالإنجاز الذي تحقّق في كردستان وفي آذربيجان الغربية أيضاً على يد الأهالي الكرد كان إنجازاً وعملاً عظيماً جداً. لقد استطاعوا حقّاً تقديم خدمة للثورة وفرض اليأس على العدوّ، وهذا أمر بالغ الأهميّة. وقد قدّموا شهداء في هذا السبيل، فقدموا الشهداء في الحرب المفروضة وكذلك في الكفاح ضدّ أعداء الثورة، كما قدموا شهداء في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية، من أمثال الشهيد شيخ الإسلام الذي أشرت إليه [قبل قليل]، أو الشهيد عالي (5) الذي كان من علماء الدين هناك، والشهيد ذبيحي (6) وهؤلاء من الماموستا [معلّم باللغة الكرديّة] والعلماء المعروفين في منطقة كردستان. لقد كان استشهاد هؤلاء بسبب دفاعهم عن الجمهورية الإسلامية، فقد ألقوا الخطابات وبادروا وعملوا ونشطوا وتعاونوا مع الجمهورية الإسلامية واستشهدوا. في قرى كردستان وآذربيجان الغربية نشط كثيرون في التعاون مع عناصر [رجال الشرطة والأمن] الجمهورية الإسلامية وانتقم منهم أعداء الثورة فاستشهدوا، بمعنى أن الشهادة في تلك المنطقة كانت شهادة مترافقة بتضحيات أكبر، وجهد وجهاد صادق واضح. أعلى الله من درجات هؤلاء الشهداء إن شاء الله.

على شباب اليوم أن يعلم أيّ أعمال أُنجزت!
هذا التقرير الذي قدّمه القائد المحترم في الحرس الثوري تقرير جيّد، لكن هذه أرقام وأعداد، وما أوصي به وما أشدّد عليه هو نتائج الأعمال التي تقومون بها. ينبغي أن يتّضح كم استطاعت هذه الأرقام والأعداد التي ذكرت لتأسيس المجامع، أو نشر بعض الآثار، أو أعمال من هذا القبيل، التأثير في الأجواء الفكرية للناس وخاصّة لدى الشباب فيما يتعلّق بتكريم منزلة الشهداء، هذا هو المهمّ. ما نحتاجه اليوم هو أن يعرف شعبنا قدر شهدائنا، وأن يعلم أيّ خدمة قدّمها هذا الشاب الذي ذهب ونال الشهادة، وهذا العالِم الذي ارتقى شهيداً، وهذا العامل الكادح أو هذا الفلاح الكادح الذي استشهد، للبلاد وللإسلام ولنظام الجمهورية الإسلامية.

كانت لدينا عائلة في كردستان قدّمت ستة شهداء، هذه من الحالات النادرة، أي إنّنا قلّما نشاهد مثل هذا في البلاد، أن تقدّم عائلة واحدة ستة من أبنائها في سبيل الله، فيستشهد بعضهم في المظاهرات التي شاركوا فيها، وبعضهم في الكفاح ضدّ أعداء الثورة أو في الحرب المفروضة. توجد نماذج من هذا القبيل، وهذا ما ينبغي أن يعلمه الجيل الصاعد. على شباب اليوم أن يعلموا أيّ جهود بذلت حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، حيث نمت شجرة الثورة الطيبة بحمد الله وأثمرت وتم إنجاز الكثير من الأمور والأعمال. وأهم تلك الجهود هي جهود شهدائنا، هذا ما ينبغي أن يعلمه جيلنا الشاب. إذن ينبغي لهذه الأعمال التي تُنجز أن تُنجز بحيث يكون لها ثمار ونتائج جيدة، بمعنى التأثير في أفكار الشباب وتصوّراتهم وفهمهم لقضايا البلاد الراهنة ولقضايا ماضيهم. لقد مضت أربعون سنة على الثورة، ويجب أن نعلم أيّ جهود بذلت لتأسيس هذه الثورة وتشكيلها وتثبيت دعائمها. على شباب اليوم أن يعلموا هذا الشيء، والذي شاهد هذه الأمور عن كثب يعلمها، مع أن بعض هؤلاء أيضاً يصابون بالنسيان وينحرفون عن مسارهم ويغيرون طريقهم، بيد أن نظري الأساسي معلّق على الشباب. ينبغي لشباب اليوم أن يعلموا أيّ أعمال أُنجزت حتى ترسخت واستحكمت هذه الدعائم بهذا النحو، بحيث صار بوسعهم أن يشعروا بالفخر والاعتزاز والشموخ بنظام الجمهورية الإسلامية. هذه نقطة.

النقطة الثانية تتعلق بالأعمال العمرانية وما شاكل؛
نعم، أنجزت أعمال عمرانية كثيرة، لكن ثمة حالات تأخر في المناطق الكردية. لقد كانت هذه سياسة خاطئة معيبة في نظام الطاغوت حيث كانوا يتصورون أنّ عليهم العمل بهذه الطريقة. وحتماً، كان هناك عدم اكتراث للمصالح الوطنية في ذلك النظام. لذا، يوجد تأخر، وأنتم من عليه تلافي حالات التأخّر هذه. أن يقال إنّنا نوصي بكذا وكذا، فلا بأس، ابعثوا رسائلكم واكتبوا فيها ما يخطر في بالكم، ونحن نحيلها إلى المسؤولين، ونوصي بها ونؤكد على متابعتها، لكنّ منفّذي الأعمال هم أنتم المسؤولون، أنتم منفّذو الأعمال، فجهاز القيادة ليس هو المنفّذ، هو ليس جهازاً تنفيذياً، أنتم المنفّذون. يجب أن تتابعوا. قد نوجّه أمراً إلى وزارة ما أو إلى المسؤولين الرفيعي المستوى في البلاد ونؤكّد عليهم، لكن من ينبغي أن يتابع العمل هو أنتم، فاذهبوا وتحرّكوا وأصرّوا وأكّدوا ليتحقّق إن شاء الله ما تريدون ويصبّ في مصلحة الناس.

واجبنا هو تكريم الشهداء، وهذا ما لا ينبغي أن ننساه!
وواجبنا تكريم عوائل الشهداء، وعوائل الشهداء يقعون في المقدّمة من حيث أهمية صبرهم وعملهم. ينبغي تكريمهم واحترامهم. وهذا التكريم ليس مجرّد تكريم باللسان، مع أن التكريم باللسان أيضاً مهمّ. ولا يقولنّ البعض إنّ المجاملات اللسانية ليست جيدة، فمن المهمّ أن نكرم الشهداء ومكانة الشهداء باللسان وفي تصريحاتنا. البعض لا يطيقون حتى هذا، وعلينا نحن السير في هذا الاتجاه، لكن إلى جانب هذا هناك خطوات عملية وتسهيلات ومساعدات متنوعة ينبغي تقديمها لعوائل الشهداء وعوائل الجرحى وعوائل المضحّين إن شاء الله.

نسأل الله تعالى أن يوفّقكم للعمل والخدمة، خدمة هذه المسيرة العظيمة، وأن ترضوا أرواح الشهداء الطيّبة عنكم إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 ـ في بداية هذا اللقاء ـ الذي أقيم في إطار اللقاءات الجماعيةـ تحدث ممثّل الوليّ الفقيه في محافظة كردستان حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمد حسيني شاهرودي، ومحافظ كردستان بهمن رادنيا، وقائد الحرس الثوري في كردستان اللواء ثاني محمد حسين رجبي. يقام هذا المؤتمر بتاريخ 20/06/2019 م في سنندج مركز محافظة كردستان (شمال غرب إيران).
2 ـ ماموستا محمد شيخ الإسلام (ممثل أهالي كردستان في مجلس خبراء القيادة).
3 ـ زيارة الإمام الخامنئي التفقديّة لمحافظة كردستان لمدة ثمانية أيام من 12 إلى 18 أيار 2009 م .
4 ـ في لقائه بحشد من علماء ورجال الدين الشيعة والسنة بمحافظة كردستان بتاريخ 13/05/2009 م .
5 ـ الملّا برهان عالي.
6 ـ الملّا محمّد ذبيحي.

قال عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى "النهضة" التونسية، الجمعة، إنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي، مرشحها الحالي للانتخابات الرئاسيّة، بمقتضى النظام الداخلي للحركة.

واستدرك الهاروني، أن إمكانية اقتراح مرشح آخر من داخل الحركة أو خارجها "لا يزال واردا".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي على هامش انعقاد الدّورة الثامنة والعشرين لمجلس شورى "النهضة".

وأضاف الهاروني، أنّ "مؤسسات الحركة لم تأخذ بعد قرارها، ولم تحسم نهائيا بشأن مرشحها للرئاسة".

وينص النظام الداخلي لحركة النّهضة، على أن "يكون رئيس الحركة راشد الغنوشي مرشحها الطبيعي للمناصب العليا في الدولة".

وأوضح الهاروني، أن "اختيار مرشح الانتخابات الرئاسية خاضع لشروط أهمها أن يكون من بين الشخصيات التّي تؤمن بالديمقراطية، وأن يكون ضد الفساد، وقادرا على التجميع وليس التفريق، ومؤمنا بالدّولة، وأن يكون قادرا على تمثيل تونس أمام العالم أحسن تمثيل".

وشدّد على أنّ "الحركة، الحزب الأول في البِلاد (أكبر كتلة نيابية/ 68 من أصل 217)، ومن الطبيعي أن يكون لها مرشح في الانتخابات الرئاسية، ولكننا لا نريد أن نستعجل هذا الأمر، لأن موقف النهضة في الرئاسية مرتبط بتصورها للحكم بعد الانتخابات، بين الرئاسة والحكومة والبرلمان."

ولفت الهاروني، إلى أنّ "الدورة الحالية لمجلس الشورى، والتي ستتواصل إلى غاية الأحد القادم، ستبدأ الحوار والنقاش بشأن مرشح الرئاسة، وستعلن لاحقا عن اسمه."

ومن المقرر أن تجري تونس انتخاباتها التشريعية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تليها الرئاسيات في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني.

الأحد, 23 حزيران/يونيو 2019 11:31

كيف اخترق التكفيريون مصر ؟

مَن يراقب ما يجري في سيناء المصرية منذ العام 2012 وحتى اليوم 2019 وهذا الإرهاب المسلح ، يستغرب من إستمراره رغم سلسلة التضحيات والعمليات الناجحة للجيش المصري ،إلا أن المتأمّل بعمق سيجد أن ثمة بيئة حاضنة هي السبب الرئيس في قوّة تلك التنظيمات الإرهابية، وهي سر بقائها حيّة ومؤثّرة طيلة السنوات الماضية ، وتلك البيئة ليست فحسب بعض قبائل سيناء المؤيّدة لها كما ذهب البعض أو تلك الجغرافيا الصعبة التي لا يعلم مسالكها وأسرارها إلا هؤلاء البدو المقاتلين ،الأمر أبعد من ذلك في تقديرنا وهو الذي يجعلنا ننبّه وبقوّة إلى أن ثمة بيئة حاضنة أخرى لتلك التنظيمات الإرهابية، ولذلك الفكر الداعشي التكفيري ونقصد به بيئة الفكر السلفي التكفيري بمؤسّساته ومساجده ودُعاته وقنواته التلفزيونية والتي تلقى جميعاً _ وياللغرابة _دعماً وموافقة ورضاء من الحكومة المصرية، ربما جهلاً بالخطرأو استخفافاً به.

إن ما نودّ أن نلفت الأنظار إليه أن هذا الفكر الداعشي التكفيري له حوامل ومنصّات وبيئة حاضنة، إذا لم نقاومها هي ونتصدّى لها أولاً ؛فإن الإرهاب سيظل حاضراً ومنتشراً في سيناء وخارجها .وفي المواجهة الجادة لهؤلاء التكفيريين ، دائماً نبدأ بتجفيف المنابع وحصار الأبواب التي نفذوا منها، وفي هذا السياق نشير إلى بعضها على سبيل المثال لا الحصر أولاً:جاء هذا الفكر التكفيري بدعم من مؤسّسات وهّابية خليجية منذا السبعينات حيث تدفّقت الأموال لبناء آلاف المساجد من خلال تمويل أنصارها الذين جنّدتهم وربّتهم في كنف جامعاتها المعروفة وخاصة ما تسمّى بجماعة أنصار السنّة المُحمّدية والجمعية الشرعية والكثير من الإخوان والجماعة الإسلامية ، وغيرها من التنظيمات والأفراد، وصنعت بعض الرموز من المصريين ممَن يعتنقون الفكر السلفي وسلّمتهم مساجد بُنيت بأفخم وأحدث الإمكانات في كل المحافظات وخاصة الإسكندرية والقاهرة وزوّدت تلك المساجد بالمطابع وأجهزة الاستنساخ وصناعة المواد الإعلاميةالتكفيرية شديدة التأثير وزهيدة الثمن في نفس الوقت.

ثانياً: قامت المؤسّسات الخليجية الراعية لهذا الاختراق بإعادة المئات من أساتذة الجامعات والمدرسين والموظفين الذين سبق لهم العمل في السعودية ودول الخليج وهّابية الفكر إلى مصر خلال حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كي يقوموا بالدور المسنود إليهم وأغدقت الأموال على العديد من أئمة بعض المساجد ، وأدخلت الكثير من عناصرها إلى بعض المراكز الحساسة كالجامعات والأوقاف والأزهر ومجمع البحوث الإسلامية.
ثم قامت تلك المؤسّسات الخليجية الوهّابية بإنشاء المكتبات ودور النشر والتوزيع وشراء معظم الأكشاك التي تنتشر في مدن مصر وقراها وزوّدتها بالملايين من الكتب والنشرات وأشرطة الكاسيت ومواقع الأنترنت والتي تولّى التكفيريون نقلها إلى أرجاء مصر ومنها سيناء والحدود مع ليبيا. ثالثاً :أنشئت تلك الدول وموّلت قرابة الـ35 فضائية تبثّ الفكر التكفيري وتسهم بشكل فعّال في خلق ثقافة مُعادية لمفهوم الدولة الوطنية وداعمة للفكر الداعشي، وكان أكثر الناس تأثراً هم مَن في القرى والمناطق الفقيرة خاصة في سيناء، حين اجتمع الفقر مع ثقافة التكفير ورفض الآخر مع غياب الدولة والأزهر بإسلامه الوسطي المعتدل، فكانت النتيجة حضور داعش والقاعدة والإخوان ومعهم حضر الإرهاب المسلح الذي يقاتله الجيش منذ سبع سنوات
رابعاً:بالإضافة إلى إنشاء جمعيات السنّة المحمّدية بالمال الخليجي قامت بعض الدول الخليجية ذات الفكر الوهّابي التكفيري بالدخول إلى مصر عبر إنشاء معاهد لتخريج الدعاة في غفلة من الزمن، سرقت دور الأزهر القانوني لتخريج الدعاة وأنشئت ما يسمّى ب( معاهد إعداد الدعاة )التي تقوم بتدريس الفكر السلفي التكفيري الخالص ، كل ذلك للأسف تحت الإشراف الأسمي للأزهر والأوقاف، وبعد دراسة سنتين أو أربع يكون فيها الشاب قد تشرّب هذا الفكر يتم منحه ترخيصاً للخطابة على المنابر ويقوم بدوره لنشر تلك الثقافة والفكر التكفيري في مصر بترخيص من الأزهر والأوقاف(!!). هذه الوسائل وغيرها ساهمت ولاتزال في خلق بيئة تكفيرية حاضنة لاؤلئك الإرهابيين في سيناء وباقي أركان مصر، وهي بيئة نتصوّرها أخطر في فعلها من الرصاصة التي يطلقها الإرهابي، وإذا لم تتنبه الدولة في مصر وفي باقي بلادنا العربية التي ابتُليت بهكذا فكر ،لذلك الخطر الذي تحمله البيئة الحاضِنة للإرهابيين ؛ فإن كل المحاولات والبطولات التي تتم بها المقاومة له، ستفشل ،لأن الأصل في النبع لا في السقاة أو الشاربين، والنبع للأسف الشديد لايزال ينتج ماءه السام، فإنتبهوا يا أولي الألباب .

يبدو من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه وسّع من دائرة الصدقة، لتشمل الغني فضلاً عن الفقير، ولكن ليس بمعناها المادي بالضرورة، فهو يعتبر كل معروف صدقة، فيكون المعروف كالواحة الوارفة الظلال لمبدأ التكافل، وفي هذا الجانب يقول: « كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا ولو بشقّ تمرة»[1].

والصدقة قد تكون معنوية، ككف الأذى عن الغير، بدليل قول الرسول (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ الغفاري رضي‌الله‌عنه: «تكفّ أذاك عن الناس، فإنه صدقة تصدّق بها عن نفسك»[2].

وعمّقت الشريعة مسألة الصدقة بربطها مع الإنسان منذ ولادته، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه لما حلق شَعْرَ ريحانتيه الحسن والحسين عليهما‌السلام بعد ولادتهما، تصدق بزنة أشعارهما فضة[3].

هذا، ومن الآيات المشيدة بصدقة ولي الله الأعظم وخليفة الرسول الأكرم، قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)[4].

فقد أجمعت الأمة على أنّ هذه الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، لما تصدق بخاتمه في المسجد على أعرابي وهو راكع[5]، في حين تصدّق غيره من الصحابة بأربعين خاتماً طمعاً بأن ينزل فيه وحي، ولكن لم ينزل شيء بحقّه البتة.

وعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[6] في حق علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: أُمروا أن لا يناجي النبي (صلى الله عليه وآله) أحد حتى يتصدق بصدقة، فأمسك القوم، وذلك قبل أن تنزل الزكاة، وتصدق عليّ (عليه السلام) بدينار ثم ناجاه عشر مرات، فكان علي (عليه السلام) يقول: «والله لهن أحبّ إليّ من حمر النعم بصبابتهن»[7].

وعن مجاهد، قال علي (عليه السلام): « آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: آية النجوى، كان لي دينار فصرفته بعشرة دراهم، وكنت كلما أُناجي النبي (صلى الله عليه وآله) تصدّقت بدرهم، ونسخت الآية ولم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي»[8].

كان (عليه السلام) يجسد في صدقته التربية النبوية الأصيلة، ويقتفي أثر مربيه النبي (صلى الله عليه وآله) في كثرة الإنفاق حتى أن بعض أصحابه قال له: « كم تَصَّدّق؟! ألا تُمسِك؟![9].

وكان (عليه السلام) في طليعة العباد الذين يذكرون الله من خلال الإحسان إلى عباده، فنزلت في حقه هذه الآية: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ...)[10] بشهادة ابن عباس الذي قال: هو والله أمير المؤمنين.. وذكر سبب النزول[11].

واستغل أهل البيت: الشعائر والشهور المقدسة كرمضان وشعبان لتأجيج العواطف والمشاعر الدينية طلباً للثواب؛ فيوظفون هذا الظرف لحث الناس على التصدق، كاشفين لهم أبعادها العبادية وثمارها الأخروية، فعلى سبيل الاستشهاد لا الحصر: كان الإمام السجاد (عليه السلام) إذا دخل شهر رمضان تصدق في كل يوم بدرهم...[12].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «من تصدق في رمضان صرف (الله) عنه سبعين نوعاً من البلاء»[13].

وهناك أوقات يستلزم التصدق فيها الثواب الكثير كوقت الليل، ويبدو أن لذلك علة عميقة، وهي حرص الإسلام على صون كرامة المحتاجين، فتحت جنح الظلام يستطيع المحتاج أن يحصل على بغيته دون أن يكشف عن هويته، ولا أن يريق ماء وجهه، والمعطي بدوره يحصل على الثواب ويرضي ربّه، قال الإمام الصادق (عليه السلام):«صدقة الليل تطفي غضب الرّب، وتمحو الذّنب العظيم، وتهون الحساب..»[14].

وكان أهل البيت: يسلكون هذا السبيل فيفضلون صدقة الليل، عن هشام بن سالم، قال: كان أبو عبدالله (عليه السلام) إذا اعتم وذهب من الليل شطره أخذ جراباً ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة، فقسّمه فيهم ولا يعرفونه، فلمّا مضى أبو عبدالله (عليه السلام) فقدوا ذلك، فعلموا أنّه كان أبا عبدالله (عليه السلام)[15].

وتستحبّ الصدقة أيضاً عند حلول شهر شعبان، فقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام): «يابن رسول الله، ما أفضل ما يُفعل فيه؟ ـ أي في شهر شعبان ـ قال: الصدقة والاستغفار، ومن تصدق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربي أحدكم فصيله حتى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد»[16].

وصفوة القول إنّ أئمة أهل البيت: كانت لهم اليد الطولى في نشر ثقافة الصدقة على نطاق واسع بين الناس وتربية صغار السنّ عليها، لتكون لهم خلقاً في المستقبل وعادة حسنة، عن محمّد بن عمر بن يزيد، قال، قال الإمام الرضا (عليه السلام): « مُر الصّبي فليتصدّق بيده بالكسرة والقبضة والشيء وإن قلّ، فإن كلّ شيء يراد به الله وإن قلّ بعد أن تصدق النيّة فيه عظيم»[17].
 
 التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)

[1] الأمالي / الشيخ الطوسي: 458 / 1023 المجلس السادس عشر.
[2] النوادر / الرواندي: 87.
[3] مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام / الكوفي 2: 272.
[4] سورة المائدة: 5 / 55.
[5] مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب 2: 208، المطبعة الحيدرية في النجف ـ 1376 ه‍.
[6] سورة المجادلة: 58 / 12.
[7] مناقب أمير المؤمنين / محمّد بن سليمان الكوفي 1: 187، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط 1 ـ 1412 ه‍.
[8] مناقب أمير المؤمنين / محمد بن سليمان الكوفي 1: 188.
[9] الغارات / إبراهيم بن محمّد الثقفي 1: 90، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث، مطبعة بهمن، إيران.
[10] سورة النور: 24 / 37.
[11] راجع: مناقب آل أبي طالب 1: 349.
[12] إقبال الأعمال / ابن طاووس 3: 150، مكتب الاعلام الإسلامي، ط 1 / 1414 ه‍.
[13] عدة الداعي / ابن فهد الحلي: 92، مكتبة الوجداني ـ قم، تحقيق: أحمد الموحدي القمي.
[14] الكافي 4: 9 / 3، باب صدقة الليل من كتاب الزكاة.
[15] الكافي 4: 8 / 1، باب صدقة الليل من كتاب الزكاة.
[16] إقبال الأعمال 3: 394.
[17] الكافي 4: 4 / 10، باب فضل الصدقة من كتاب الزكاة.

تشير صحيفة "الواشنطن بوست" إلى ما كان قد اعلنه ترامب بنفسه بأنه اعطى مسؤولي البنتاغون الأوامر للتحضير لـ "ضربات عسكرية" ضد ايران لكنه استدعى كبار مستشاريه إلى المكتب البيضاوي مساء(أول من أمس) الخميس وبدأ بطرح اسئلة حساسة قبل دقائق من بدء العملية، الجديد الذي تكشفه الصحيفة أن الأسئلة هذه حول عدد الخسائر كان سبق لترامب أن حصل على أجوبتها بالتفاصيل في وقت سابق لكن مع انضمام مستشاره للأمن القومي جون بولتون إلى النقاش ودفاعه بشدة عن خيار شن "ضربات" ضد إيران أراد ترامب معاودة طرح الأسئلة نفسها ليتراجع عن قراره بحلول نهاية الاجتماع.
تقول الصحيفة ان قرار ترامب التراجع جاء تتويجاً لـ 24 ساعة محمومة ومليئة بالاضطرابات والتناقضات والحيرة لدى الكونغرس والقلق الواضح في اوساط خبراء الأمن القومي من أن الإدارة قد تنزلق عن غير قصد إلى صراع دامٍ في الشرق الأوسط لطالما وقف ترامب ضده.

وتشير  إلى ان توصيفها لما كان عليه الوضع خلال هذه الساعات يستند إلى مقابلات مع أكثر من 25 من مسؤولي البيت الأبيض والمشرعين والمساعدين في الكونغرس ومسؤولين عسكريين وآخرين مطلعين على العملية تحدث معظمهم شرط عدم الكشف عن هويتهم.
النقاش داخل الادارة حول كيفية الرد جرى على مدار أربعة اجتماعات في البيت الأبيض يوم الخميس ابتداء من الساعة 7 صباحا حيث كان ترامب مؤيدًا للعمل العسكري طوال اليوم وابدى مسؤولو البنتاغون والمشرّعون ومسؤولو الأمن القومي آراءهم المؤيدة او الرافضة للتصعيد ما جعل قراره بالتراجع مفاجأة داخل ادارته.

"الرئيس مليء بالمفاجآت"..!

يقول مسؤول رفيع في الادارة الاميركية في توصيفه لما جرى ذلك اليوم "الرئيس مليء بالمفاجآت".. 
تتابع الصحيفة أنه بعد تأكيد الولايات المتحدة فقدان الطائرة من دون طيار استدعى بولتون مجموعة من كبار المسؤولين لمناقشة رد الفعل المحتمل على وجبة الفطور وفق ما تنقل عن مسؤولين.

لم يكن هؤلاء بحاجة لتحديد ما إذا كانت إيران تقف وراء اسقاط الطائرة بعد أن كان سارع حرس الثورة لإعلان مسؤوليته عن ذلك. الرد العلني الأول لترامب كان عند الساعة 10:15 صباحًا قال فيه إن "إيران ارتكبت خطأً فادحًا!"

في وقت لاحق من صباح الخميس أعطى ترامب الضوء الأخضر للبنتاغون للتحضير "للضربات" بعد أن تم ابلاغه من المسؤولين العسكريين أن الأمر سيستغرق بضع ساعات لتحضير كل شيء. 

وقال المسؤولون إنه تم إطلاعه على عدد الضحايا المحتمل والمخاطر الأخرى قبل إعطاء الموافقة.
خلال اجتماع عند الساعة 11 صباحًا حضره وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان ووزير الدفاع بالنيابة مايك إسبر وغيرهما من كبار الضباط العسكريين استعرض مسؤولو الإدارة عدة خيارات مختلفة لكيفية الرد.

تنقل الصحيفة عن مسؤول اميركي رفيع ان القطع البحرية كانت على استعداد لتنفيذ "الضربة" في حال تم إعطاء الأمر بذلك بما في ذلك السفن المرافقة لحاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لنكولن".

وقال المسؤول إن تلك الهجمات كان من الممكن ان تشمل غارات جوية  بواسطة طائرات أو - على الأرجح - صواريخ توماهوك.

وأضاف أن من بين السفن التي كان من الممكن أن تشارك طراد الصواريخ الموجهة USS Leyte Gulf والمدمرة USS Bainbridge واللتين يمكن لهما حمل صواريخ "توماهوك"..
عند حوالى الساعة 11 صباحًا تم إطلاع النواب في الكونغرس على التهديد الإيراني  في اجتماع كان مقرراً عقده قبل إسقاط الطائرة بدون طيار لكن الاجتماع تحول سريعًا إلى بيان موجز لاطلاع المشرعين ومساعديهم على أحداث السابقة. 

خلال الإحاطة علم موظفو الكونغرس أن البيت الأبيض كان قد دعا لاجتماع مع كبار قادة الكونغرس عند الساعة الثالثة بعد الظهر للتباحث في موضوع ايران.

بعض قادة الكونغرس كان يستعد لتلقي خبر قرار الهجوم

استدعاء المشرعين في هذا الوقت جعلهم يتوقعون أمراً خطيراً ووشيكاً. لكن الارتباك تضاعف بعد التعليقات التي أدلى بها ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والتي بدا من خلالها وكأنه يقلل من أهمية الحادث من خلال قوله إن الطائرة كانت بدون طيار ولم يؤد سقوطها إلى وقوع إصابات في الولايات المتحدة وانه قد يكون خطأ من جانب مسؤول إيراني أدنى مستوى.

وفق ما تنقل الصحيفة عن أحد كبار مساعدي الكونغرس فإن بعض قادة الكونغرس كان يستعد لتلقي خبر قرار الهجوم على إيران لكن بدلاً من ذلك اقتصر الأمر على حوار بدا ان ترامب اراد من خلاله الاستماع للمشرعين الذين حذروه من مخاوفهم.

في هذه الاثناء كان البيت الابيض قد جمع كبار المسؤولين العسكريين والمخابرات لحضور جلسة إحاطة في غرفة العمليات بما في ذلك شاناهان وإسبر ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جينا هاسبيل.
في وقت لاحق كان البنتاغون يستعد للإعلان عن الهجوم لكن قرابة الساعة 6 مساءً اجتمع مسؤولو الدفاع بمن فيهم الجنرال جوزيف ف.دنفورد رئيس هيئة الاركان المشتركة ونائب وزير الدفاع ديفيد نورويست مع شاناهان في مكتبه المطل على نهر بوتوماك.

جاء القرار مخالفاً للتوجه المتشدد...

حينها بدأ ترامب في طرح الأسئلة الرئيسية خلال تجوله في المكتب البيضاوي مع كبار مستشاريه. كان الرئيس مهتمًا بشكلٍ خاص بعدد الإصابات المحتملة، وهو ما اوضحه ترامب في مقابلته مع "ان بي سي".
تنقل الصحيفة عن مسؤولين اميركيين ان الرقم 150 لعدد الضحايا كان على قمة مجموعة من الاحتمالات لذلك جاء قرار ترامب بإلغاء العمل العسكري بالاستناد إلى الضحايا المحتملين بمثابة مفاجأة لمسؤولي البنتاغون الذين امضوا فترة ما بعد الظهر وهم يستعدون للعملية. وهنا تنقل الصحيفة أن بعض مسؤولي وزارة الدفاع عبرّوا عن قلقهم بشكل خاص لأنهم رأوا في الأمر تصعيداً كبيراً. 

تتابع "واشنطن بوست" أنه في حوالي الساعة 7 مساءً اي قبل ساعتين من الوقت المفترض للتنفيذ، جاء القرار مخالفاً للتوجه المتشدد الذي دعا إليه بعض مستشاري ترامب بمن فيهم بولتون، مضيفة أنه قبل اتخاذ ترامب قراره النهائي انهالت الاتصالات على مسؤولي البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي من الحلفاء والدبلوماسيين لكن الاجابات كانت مقتضبة.

تشير الصحيفة إلى أن بعض مساعدي البيت الابيض غادروا حوالي الساعة 6 مساءً وفي اعتقادهم ان العملية ستنفّذ تلك الليلة. 
وتقول إن ما قام به ترامب ترك انطباعاً في الكونغرس بأنه لا يملك استراتيجية واضحة لادارة العلاقة مع إيران ما جعله يوجه عدداً من المساعدين والشخصيات المؤيدة له للظهور عبر القنوات التلفزيونية من أجل الدفاع عنه وفق ما تنقل "واشنطن بوست" عن احد المساعدين.. 

الأحد, 23 حزيران/يونيو 2019 11:04

التوكُّل على الله: أركانه ونتائجه

يقول تعالى: "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ "1.

سئل الإمام الكاظم (عليه السلام) عن التوكّل، فقال: "التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في أمورك كلّها، فما فعل بك كنت عنه راضياً، تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا، وتعلم أن الحكم في ذلك له فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها"2.

أركان التوكُّل
التوكّل على الله يحمل معنى الاعتماد عليه مع إظهار العجز الذاتي أمامه وهو ينطلق من أركان عقائدية هي:
1. أنّ الله تعالى عالم بحاجات العباد.
2. أنّه تعالى قادر على تلبيتها.
3. أنّه تعالى ليس في ذاته بخل.
4. أنّه تعالى رحيم بالعباد ورؤوف بهم.

التوكُّل والسعي
يبقى الشرط وهو السعي الذي أراده الله عزّة وجل من العبد، فلكي تُرزق لا بُدَّ أن تسعى.
ولكي تصبح عالماً لا بُدَّ أن تتعلّم.
ولكي تنتصر لا بُدَّ أن تتدرب وتقاتل.

نتيجة التوكُّل
والنتيجة في التوكّل مع السعي مضمونة "فهو حسبه" أي كافيه.
أمّا الذي يقطع مع الله هذه العلاقة المنطلقة من الخلفية العقائدية، فإنه سيواجه المصير الذي طالما كان أولياء الله يصرّون على الله عزّ وجل أن لا يوصلهم إليه، فعن أحد تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام) أنه سمع الإمام (عليه السلام) يدعو وهو رافع يده إلى السماء "ربِّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً، لا أقل من ذلك ولا أكثر"3.

توكُّل المجتمع على الله تعالى
والتوكُّل يكون في الحياة الفردية مصدراً للسعادة، طالما يأخذ الإنسان بالأسباب.
وكذا فإنّ التوكُّل في الحياة الاجتماعية سبب لرقي المجتمع وتطوّره.
أعرض نموذجين لأمّة لم تتوكل في حربها ولأمة توكّلت في جهادها.

النموذج الأول: بنو إسرائيل
"يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ".4

النموذج الثاني توكّل النبي وأصحابه
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "5

ونحن كما قرأنا آية الحدث التاريخي هذا، عشنا تجربة هذه الآية حينما توكّل مجتمعنا على الله فانقلب بنعمة من الله وفضل، وحينما يبقى على توكّله فسوف تتحقّق تكملة الآية (لم يمسسهم سوء).

سماحة الشيخ أكرم بركات

1- الطلاق، 3.
2- المجلسي، بحار الأنوار، ج68، ص 129.
3- الكليني، الكافي، ج2،ص 581.
4- المائدة، الآيات 21-26.
5- آل عمران، الآيتان 173، 174.

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2019 14:24

الأمل الإيجابي والأمل المخادع

يقول تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾1

الأمل الايجابي
الأمل مفهوم يتعلّق بالمستقبل، فإذا تعلّق بالآخرة فهو يدعو إلى الإصلاح والتطوير، فالأمل برحمة الله تعالى يدعو إلى العمل، بينما اليأس من رحمة الله يعطِّل الحياة، لذا كان هذا اليأس من كبائر الذنوب.

والأمل المطلوب في رحمة الله يجب أن لا يوصل إلى الركون لروح الله بحيث لا يخاف عمله، فإنّه يعطِّل التطوّر والتكامل أيضاً.

أما الأمل في المستقبل الدنيوي فهو أيضاً ضروري لاستمرار الحياة بل هو وقودها، فبدون أمل بالمستقبل لا أتعلم ولا أتزوج ولا أعمل... لذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): "الأمل رحمة لأمتي ولولا الأمل ما أرضعت أمّ ولدها، ولا غرس غارس شجراً"2.

قصّة معبِّرة: رأى النبي عيسى (عليه السلام) شيخاً يعمل بمسحاة يثير الأرض، فقال عيسى (عليه السلام): "اللهم انزع منه الأمل فوضع الشيخ المسحاة واضطجع، فلبث ساعة، فقال النبي عيسى (عليه السلام): اللهم اردد إليه الأمل. فقام فجعل يعمل، فسأله عيسى (عليه السلام) عن ذلك فأجاب الشيخ: بينما أنا أعمل، إذ قالت لي نفسي: إلى متى تعمل وأنت شيخ كبير؟! فألقيتُ المسحاة، واضطجعت، ثم قالت لي نفسي: والله لا بدَّ لك من عيش مابقيت، فقمت إلى مسحاتي"3.

قال الشاعر: أعلّل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل4

الأمل المخادع
يميّز الإمام زين العابدين (عليه السلام) بين الآمال في دعائه "اللهم ربِّ العالمين... أسألك من الآمال أوفقها" وقد قال (عليه السلام) "أوفقها"؛ لأن هناك نوعاً من الآمال يدخل في دائرة السلبية حينما يمنّي الإنسان أن يطول عمره في الدنيا، فيبعده ذلك عن التفكير في الآخرة، وهذا ما يفقده ذلك التوازن الذي عبَّر عنه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"5، وبالتالي فإنَّ طول هذا الأمل يؤدي إلى سوء عمل الإنسان، وهذا ما أرشد إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: "من طال أمله ساء عمله"6.

وهذا الأمل هو الذي حذّرت منه الآية "ويُلههم الأمل"7، وهو أيضاً الذي وصفّه النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقوله الوارد عنه: "يهرم ابن آدم ويشبّ فيه اثنتان: الحرص وطول الأمل"8.

قصّة لطيفة
روي أنّ هارون الملقّب بالرشيد طلب يوماً أن يسمع حديثاً من شخص أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجيء له برجل عجوز متداعٍ متهالك في غاية الضعف والوهن ولم يبق منه إلا الأنفاس في كومة عظام بالية.
وضعوه في زنبيل، وأتوا به إلى بلاط هارون في غاية العناية، وأدخلوه عليه فوراً (حتّى لا يفقد الحياة قبل اللقاء).
سُرَّ هارون، وسأله: أيّها العجوز أرأيت النبيّ الأكرم؟
قال: بلى.
قال هارون :متى رأيته؟
قال: أخذ أبي بيدي يوماً في طفولتي واصطحبني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لم أدرك محضره حتّى رحل عن الدنيا.
قال هارون: أسمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً ذلك اليوم؟
قال: بلى، سمعت من رسول الله ذلك اليوم أنّه قال: "يشيب ابن آدم، وتشيب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل".
فسُرّ هارون وأمر بإعطائه كيساً من ذهب.
وحينما أخرجوه رفع صوته في أنين واهن ضعيف: ردّوني إلى هارون فلديّ معه كلام.
قالوا: لا مجال لك في ذلك، فأصرّ، فأرجعوه.
قال لهارون لديَّ سؤال، فقال له: قل.
فقال العجوز: أيّها السلطان عطاؤك الذي تفضّلت به عليّ اليوم لهذه السنة فقط، أم هو عطاء يتجدَّد كل عام؟
فضحك هارون وقال: صدق رسول الله: يشيب ابن آدم وتشيب معه خصلتان الحرص وطول الأمل.

طول الأمل
إنّ طول الأمل هو مصطلح للأمل الذي يقود الإنسان بعد أن يفقد زمام المبادرة، وبالتالي يكون قائده الهوى بدل العقل، وهذا ما أرشد إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله في دعائه: "... وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى"9-.

إنّ قيادة الأمل هذه تمنّي الإنسان بسعادة موهومة تمنعه من التكامل، إلى التسافل فتوسّوس له:
اسرق، فستعيش بعد ذلك مرتاحاً بقية حياتك.
لا تعطِ مالاً للفقراء، لأنك ستعيش طويلاً، وقد تحتاج إلى المال أكثر من غيرك.
غُشَّ الناس، فإنّ فائدة ذلك ستعود عليك في مستقبلك دون أن يشعر أحد بذلك.

إنّها قيادة الأمل الذي كان يستعيذ منه الإمام الصادق (عليه السلام) في دعاء عرفة بقوله: "أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، ومن حياةٍ تمنع خير الممات، ومن أمل يمنع خير العمل"10

آثار طول الأمل
إنّ طول الأمل من خلال قيادته بدل العقل له آثار حذّر منها الإمام علي (عليه السلام) بقوله: "إنّ الأمل:
1- يذهب العقل
2- ويكذب الوعد
3- ويحثّ على الغفلة
4- ويورث الحسرة"11.

إنّها آثار الأمل السلبي القائد للإنسان في مسيرته مقابل الأمل الإيجابي الذي يتحرّك ولجامه بيد سلطان العقل وقيادته.

الأمل بالله تعالى
بلحاظ هذين النوعين من الأمل الإيجابي والسلبي أراد الله تعالى أن يصوّب بوصلة الإنسان نحو الكمال الحقيقي وبوصلة المجتمع الإنساني نحو تطوّره ورقيّه من خلال عقد الأمل على الله تعالى وقطعه عن غيره، عندها سيُدرك بركات المدد والتسديد والمواكبة، وقد عرض القرآن الكريم نماذج الآملين بالله في مواضع ييأس أكثر الناس منه:

1- نبي الله ابراهيم (عليه السلام) ذي الـ 120 سنة، وزوجته ذات الـ 90 سنة حينما جاءته الملائكة ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾.12

2- نبيّ الله زكريا (عليه السلام) ، وهو في الـ 99 عاماً وامرأته في 98 عاماً. ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّ﴾13.

3- نبيّ الله يعقوب (عليه السلام) حيث بقيّ أمله بيوسف بعد سنوات طوال. حتّى قيل له بتعجّب واعتراض: ﴿تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾14.

4- نبيّ الله أيوب (عليه السلام) حيث بقيّ أمله بالشفاء ثمانية عشر سنة فدعا (عليه السلام) بعدها: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ﴾15.

إنّه الأمل بالله الذي تبقى شعلته مضيئة بوقود الإيمان.

أمّا من ينحرف بأمله عن الله تعالى فإنه سيصل في آخر الطريق إلى اليأس. من هنا ورد عن الإمام علي (عليه السلام): "انقطع إلى الله سبحانه؛ فإنّه يقول: "وعزّتي وجلالي لأقطعن أمل كلِّ من يؤمِّل غيري باليأس"16 .

وفي عصرنا خير شاهد على صدقيَّة هذا الحديث، فالإمام الخميني (قده) أعلن بعد انتصار الثورة الإسلامية قطع الأمل من الشرق والغرب ووصله فقط بالله تعالى تحت شعار "لا شرقية ولا غربية جمهورية إسلامية"، وانطلاقاً من هذا الشعار فلننظر اليوم إلى التطوُّر الحاصل في إيران. بينما نجد كثيراً من البلدان الأخرى والتي أملت في أمريكا وإسرائيل من دون الله تعالى قد تراجعت وتقهقرت في مسيرتها.

سماحة الشيخ أكرم بركات.

1- الحجر،3.
2- المجلسي، بحار الأنوار، ج74، ص 173.
3- المرجع السابق، ج14، ص 329.
4- الأمين، حسن، مستدركات أعيان الشيعة، ج1، ص 215.
5- الريشهري، محمد، ميزان الحكمة، ج1، ص 35.
6- الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 453.
7- الحجر 3.
8- أبو الفتح، الكراجكي، معدن الجواهر،ص 25.
9- المجلسي، بحار الأنوار،ج84، ص 340.
10- الريشهري، محمد، ميزان الحكمة،ج1، ص 103
11- الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار، ج1، ص 184.
12- الذاريات، 29،30.
13- مريم، 3-5.
14- يوسف، 85.
15- الانبياء، 83.
16- المرجع السابق، ص107.