Super User

Super User

الشهادة سنة إسلامية أصلها الإمام الحسين(ع):

جاء استشهاد الإمام الحسين وآله وصحبه في سياق منهج تربوي يقدمه الإسلام، كما هي المناهج العبادية، ليعيش كل مسلم معنى المسؤولية الإسلامية أمام الله عز وجل، في الدفاع عن الإسلام والمسلمين.

وعندما تتأصل الشهادة في أمة، فإنها أمة لا تقهر ولابد أن تسود وإن تأصلت في شخص، فذاك شخص امتلك ذاته وصار سيداً حراً، فالشهادة وحبها وتأصلها، هو تأصل جوهر الإنسانية في ذات الفرد.

يقول الإمام الخميني في معنى ذلك:

«شهدت قبل أيام مجلس عقد زواج في طهران، وبعد انتهاء المجلس، سلمتني العروس ورقة، قرأتها فوجدت أنّ العروس تطلب مني أن أدعو لها بالفوز بالشهادة.

عروس دخلت بيت الزوجية، تنشد الشهادة؟!»([1]).

كان الحسين(ع) يوم عاشوراء قد أعدّ خيمة في حومة الميدان([2])، وكان (ع) يأمر بحمل من قتل من أهل بيته وأصحابه إليها، وكلما يؤتى بشهيد يقول: «قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين»([3]).

أما العباس بن علي بن أبي طالب، فقد بقي في محله حيث صرع على شاطئ الفرات أو قريباً منه([4]).

وترك صرعى الطف على الصعيد مجزّرين تصهرهم الشمس أولئك الذين وصفهم أمير المؤمنين بأنهم «سادة الشهداء في الدنيا والآخرة لم يسبقهم سابق ولا يلحق بهم لاحق»([5]).

قد غيّر الطعن منهم كلّ جارحة

 

إلا المكارم في أمن من الغيَّر

وفيهم الجثمان الطاهر لسيد شباب أهل الجنة حبيب الله وحبيب رسوله وفلذة كبد الزهراء والمرتضى.. متروك هكذا على حاله بعد أن سلب.

وفي اليوم الثالث عشر من المحرم أقبل الإمام السجاد(ع) لدفن أبيه  لأنّ الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله([6])، وقد صادق على هذه المقولة الشيخ المفيد في (المقالات: 84)، والكراجكي في (كنز الفوائد)، والمجلسي في (مرآة العقول: 1/373)، وكاشف الغطاء في (منهج الرشاد: 51)، والنوري في (دار السلام: 1/289).

ويشهد لصدق هذه الرواية، المناظرة التي دارت بين الإمام الرضا(ع) مع علي بن حمزة، حيث قال الرضا(ع) : أخبرني عن الحسين بن علي كان إماماً؟

قال علي بن أبي حمزة: بلى.

فقال الرضا(ع) : فمن ولي أمره؟ قال ابن أبي حمزة: تولاه السجاد.

فقال الرضا(ع) : فأين كان علي بن الحسين؟

قال ابن أبي حمزة: كان محبوساً في الكوفة عند ابن زياد ولكنه خرج وهم لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه، ثم انصرف إلى السجن.

فقال الرضا(ع) : إنّ من مكّن علي بن الحسين(ع)  أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه ثم ينصرف يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه وليس هو في حبس ولا أسار.

مراسم الدفن:

لما أقبل السجاد(ع)  وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيّرين لا يدرون ما يصنعون ولم يهتدوا إلى معرفتهم وقد فرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم، وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم.

فأخبرهم (ع)  عما جاء إليه من مواراة هذه الأجساد الطاهرة وأوقفهم على أسمائهم كما عرفهم بالهاشميين من الأصحاب فارتفع البكاء والعويل وسالت الدموع منهم كل مسيل، ونشرت الأسديات الشعور ولطمن الخدود.

ثم مشى الإمام زين العابدين إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءاً عالياً وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلاً من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق، فبسط كفيه تحت ظهره،
وقال (ع) : «بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صدق الله ورسوله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم».

وأنزله وحده لم يشاركه بنو أسد فيه وقال لهم: إنّ معي من يعينني، ولما أقرّه في لحده وضع خده على منحره الشريف قائلاً:

«طوبى لأرض تضمنت جسدك الطاهر، فإن الدنيا بعدك مظلمة والآخرة بنورك مشرقة، أما الليل فمسهّد والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم، وعليك مني السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته».

وكتب على القبر: «هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً».

ثم مشى إلى عمه العباس.. ووقع عليه يلثم نحره المقدس قائلاً: «على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك مني السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته..» وشقّ له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: إنّ معي من يعينني.

وقد ترك مساغاً لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء وعيّن لهم موضعين وأمرهم أن يحفروا حفرتين، ووضع في الأول بني هاشم وفي الثانية الأصحاب([7]).

ويروى أن الإمام الصادق(ع)  قال لحماد البصري:

«قتل أبو عبد الله غريباً بأرض غربة، يبكيه من زاره، ويحزن له من لم يزره، ويحترق له من لم يشهده، ويرحمه من نظر إلى قبـر ابنه عند رجليه في أرض فلاة، ولا حميم قربه، ثم منع الحق، وتوازر عليه أهل الردة حتى قتلوه وضيعوه وعرضوه للسباع ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب، وضيعوا حق رسول الله، ووصيته به وبأهل بيته، فأمسى مجفواً في حفرته صريعاً بين قرابته وشيعته قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جده، والمنزل الذي لا يأتيه إلا من امتحن الله قلبه للإيمان، وعرف حقنا.

ولقد حدثني أبي أنه لم يخل مكانه منذ قتل؛ من مصلٍّ عليه من الملائكة أو من الجن والإنس أو من الوحش، وما من أحد إلا ويغبط زائره ويتمسح به ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبـره.

وإن الله ليباهي الملائكة بزائريه.

وأما ما له عندنا فالترحم عليه كل صباح ومساء.

ولقد بلغني أن قوماً من أهل الكوفة وناساً غيرهم من نواحيها يأتونه في النصف من شعبان فبين قارئ يقرأ وقاص يقص ونادب يندب، ونساء يندبنه، وقائل يقول المراثي».

فقال حماد: قد شهدت بعض ما تصف.

فقال (ع): «الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا وجعل عدونا من يطعن عليهم ويهددونهم ويقبّح ما يصنعون»([8]).

 

([1]) اندفاع نحو الشهادة: 27.

([2]) الطبري 6: 256، والكامل لإبن الأثير 4: 30.

([3]) بحار الأنوار 10: 211.

([4]) قمر بني هاشم: للمقرّم 115.

([5]) كامل الزيارات: 215.

([6]) إثبات الوصية: للمسعودي: 173، وكذا في كتاب (زين العابدين) للمقرَّم: 204.

([7]) مقتل الحسين لعبد الرزاق المقرم: 320- 321، نقلاً عن الكبريت الأحمر، وأسرار الشهادة، والإيفاد.

([8]) كامل الزيارات: 325، ومزار البحار: 124، ونقل الحديث كاملاً عبد الرزاق المقرّم في مقتل الحسين: 321- 322.

في صبيحة يوم الحادي عشر من المحرم، عمد عمر بن سعد إلى قطع رؤوس الباقين من آل الحسين(ع) ، فسرّح باثنين وسبعين رأساً مع شِمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث، وعَمْرو بن الحجاج، وعُزرة بن قيس، فأقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد في الكوفة.

وعند الزوال حمل معه بنات الحسين(ع)  وأخواته، وكنّ عشرين امرأة مع صبيانهن، وعلي بن الحسين زين العابدين(ع)  وابنه محمد الباقر وعمره سنتان. وكان الإمام (ع)  مريضاً. حملهم سبايا مقيدين إلى ابن زياد في الكوفة([1]).

ولما دخل موكب السبايا الكوفة اجتمع الناس من أهلها للنظر إلى الركب، فصاحت أم كلثوم: يا أهل الكوفة أما تستحون من الله ورسوله أن تنظروا إلى حرم النبي(ص) ([2])..

وبانتظار دخول السبايا إلى قصر ابن زياد، استبقت ذلك السيدة زينب بخطبة موجّهة إلى أهل الكوفة، إذ أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فسكتوا، فقالت:

«الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار، أما بعد: يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلا الصّلف النّطف، والعجب والكذب، والشنف، وملق الإماء وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كقصعة على ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.

أتبكون وتنتحبون! إي والله فابكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنّى ترحضون، قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، ومدرة حجتكم ومنار محجتكم، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم وسيد شباب أهل الجنة، ألا ساء ما تزرون، فتعساً ونكساً وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبت الأيدي وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله ورسوله، وضربت عليكم الذلّة والمسكنة.

ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم؟! وأيّ كريمة له أبرزتم؟! وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حرمة له انتهكتم؟! لقد جئتم شيئاً إدّاً تكاد السماوات يتفطّرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدّاً.

ولقد أتيتم بها خرقاء، شوهاء، كطلاع الأرض، وملء السماء، أفعجبتم أن مطرت السماء دماً!! (وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أَخْزَىَ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ)([3])، فلا يستخفنّكم المهل، فإنه لا يُحفّزه البدار، ولا يخاف فوت الثأر، وإنّ ربكم لبالمرصاد»([4]).

ثم خطبت فاطمة بنت الحسين(ع)  ولها من العمر أحد عشر عاماً، ومما قالت:

«أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فإنا أهل البيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً، وجعل علمه عندنا، وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضَّلنا بنبيه محمد(ص) على كثير ممن خلق الله تفضيلا.

فكذّبتمونا وكفّرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، وأموالنا نهباً، كأننا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم...»([5]).

واستمرت في خطبتها حتى ارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب، وقالوا: حسبكِ يا ابنة الطاهرين فقد أحرقت قلوبنا...

ومما قالت أم كلثوم : «صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم، فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل الخطاب»([6]).

ومن خطبة السجاد(ع)  في ذلك الموقف قوله (ع) : «رحم الله امرءاً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وأهل بيته، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة».

فقالوا بأجمعهم: نحن يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك، ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، نبرأ ممن ظلمك وظلمنا.

فقال (ع) : «هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى أبي من قبل، كلا وربِّ الراقصات، فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي بالأمس وأهل بيته ولم ينس ثكل رسول الله وثكل أبي وبني أبي، إن وجْده والله لبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي، وغصته تجري في فراش صدري»([7]).

 

دخول السبايا إلى قصر ابن زياد:

أمر ابن زياد بإدخال سبايا آل محمد(ص) وأذن إذناً عاماً للناس بالدخول، فدخلوا ووجدوا رأس الحسين(ع)  موضوعاً بين يدي ابن زياد وهو ينكته بقضيب بين ثنيتيه.

فلما رآه الصحابي زيد بن أرقم صاح: اُعلُ بهذا القضيب عن هاتين الشفتين فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله(ص) على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم أجهش بالبكاء، فنهره ابن زياد وقال له: لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك. فخرج زيد بن أرقم وهو يقول للناس: أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة([8]).

وكانت زينب(عليها السلام)  متنكّرة تحيط بها إماؤها، فقال ابن زياد: من هذه الجالسة؟ فلم تكلّمه(عليها السلام) ، ثم كرر ذلك ثلاثاً، وهي لا تكلمه، فقال بعض إمائها: هذه زينب ابنة فاطمة.

فقال لها ابن زياد: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.

فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد(ص) وطهرنا تطهيرا، وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا يا عدوّ الله.

فقال ابن زياد: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟

فقالت (عليها السلام): ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم عنده، فانظر يومئذ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة.

وكان هذا مما جعله يستشيط غضباً، وبعد ذلك التفت إلى الإمام السجاد(ع)  وقال له: ما اسمك؟

قال (ع) : أنا علي بن الحسين.

قال ابن زياد: أولم يقتل الله علي بن الحسين؟ فسكت الإمام (ع)  فقال له ابن زياد: ما لك لا تتكلم؟ فقال الإمام (ع) : كان لي أخ يقال له أيضاً علي قتله الناس، فقال ابن زياد: بل قتله الله.

فسكت الإمام (ع)  فقال ابن زياد: ما لك لا تتكلم؟

قال(ع): (اللهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا)([9])، (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاّ بِإِذْنِ الله)([10]).

قال ابن زياد: أنت والله منهم، ثم قال لمري بن معاذ الأحمري: ويحك اقتله.

فتعلّقت به عمته زينب وأصرّت إن كان ينوي قتله أن يقتلها معه فتركه ابن زياد ([11]).

 ثم نودي الصلاة جامعة بأمر ابن زياد. واجتمع الناس، وصعد ابن زياد المنبر، فقال: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين وشيعته.

ولم يتم ابن زياد كلامه بأكثر من هذا حتى وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي الغامدي قائلاً: «إنّ الكذاب ابن الكذاب هو أنت وأبوك ومن استعملك وأبوه، يا ابن مرجانة أتقتلون أبناء الأنبياء وتتكلمون على منابر المسلمين بكلام الصدّيقين؟ فطلبه ابن زياد فوثب إليه الجلاوزة وأمسكوا به، إلا أنه استنهض الأزد بشعارهم «يا مبرور»، فوثب إليه شبان من الأزد وخلصوه من يد الجلاوزة وأوصلوه إلى بيته، فأمر ابن زياد أن يأتوه به فقتله وصلبه في السبخة»([12]).

 

([1]) وقعة الطف: تحقيق اليوسفي الغروي 259.

([2]) مقتل الحسين للسيد المقرّم: 310.

([3]) سورة فصلت: الآية 16.

([4]) مقتل الحسين للمقرّم: 311- 312.

([5]) المصدر السابق: 314- 315.

([6]) المصدر السابق: 316.

([7]) وتمام الخطبة تجدها في اللهوف للسيد ابن طاووس، وتجدها أيضاً في مثير الأحزان لابن نما، ووقعة الطف لأبي مخنف: 260 تحقيق اليوسفي الغروي.

([8]) وقعة الطف لأبي مخنف: 260 تحقيق اليوسفي الغروي.

([9]) سورة الزمر: الآية 2.

([10]) سورة آل عمران: الآية 145.

([11]) وقعة الطف: تحقيق اليوسفي 266.

([12]) وقعة الطف لأبي مخنف تحقيق اليوسفي: 265- 266.

الأحد, 09 كانون1/ديسمبر 2018 11:03

ليلة عاشوراء ويومها (10/ محرم / السنة 61 هـ)

كانت ليلة عصيبة، جمع الحسين(ع)  أصحابه عند حلول المساء.

قال الإمام زين العابدين(ع): فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذْ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه:

«أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة فاجعلنا من الشاكرين، أما بعد:

فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيراً، ألا وإني لأظن لنا يوماً دنا من هؤلاء الأعداء، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني ولو قد أصابوني للهُوا عن طلب غيري».

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر: ولِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً.

بدأهم بهذا القول العباس بن علي(ع)  واتبعته الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه.

فقال الحسين(ع) : «يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم».

قالوا: سبحان الله فما يقول الناس لنا! يقولون إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ذلك ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك([1]).

أحداث يوم عاشوراء:

بدأ الإمام الحسين(ع)  يوم عاشوراء مع أصحابه بصفهم للقتال، قائلاً: إن الله قد أذن بقتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال.

فاستشهد في الحملة الأولى 50 رجلاً من أصحابه.

وبعد ذلك بدأ أصحاب الإمام الحسين(ع)  يبرزون الواحد تلو الآخر، حتى استشهدوا جميعاً، بعد الأصحاب برز آل بيته(ع) ابتداءً بعلي الأكبر، وانتهاءً بالعباس(ع) .

وأخيراً لم يبق إلا رضيع للحسين(ع)  اسمه عبد الله، حيث كان يعاني الضمأ، فجاء به الحسين(ع)  إلى القوم، وقال (ع) : «إن كان للكبار ذنب فما ذنب هذا الطفل، اسقوه ماءً».

فكان جواب القوم أن ذبحه حرملة بين يدي أبيه.

ثم استشهد الحسين(ع) ، وقطعت الرؤوس وتقاسمتها العشائر.

وأخيراً سبيت العيال إلى الكوفة.

صوم عاشوراء:

عاشوراء اسم إسلامي عُرف بعد استشهاد الإمام الحسين(ع) ، ولم يكن معروفاً من قبل.

يقول أبو ريحان البيروني عندما ذكر الحسين(ع)  واستشهاده في يوم عاشوراء:

«فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجدّد وتزينوا واكتحلوا، وعيّدوا وأقاموا الولائم والضيافات، وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم، وبقي فيهم بعد زواله عنهم، وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفاً لقتل سيد الشهداء فيه..»([2]).

ويقول المقريزي في حديثه عن العلويين المصريين وما يقومون به في يوم عاشوراء، إذ تعطّل الأسواق والدكاكين لأنه يوم حزن…

«... فلما زالت الدولة، اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور، يوسعون فيه على عيالهم، وينبسطون في المطاعم ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون، ويدخلون الحمام جرياً على عادة أهل الشام، التي سنّها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان، ليرغموا به آناف شيعة علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي لأنه قتل فيه»([3]).

هكذا اتخذ الأمويون يوم عاشوراء يوم فرح وسرور ووضَعوا الأحاديث المكذوبة على الرسول وأئمة الهدى ونسبوا إلى الرسول أنه صام عاشوراء إقتداءً باليهود لأنهم - على زعمهم - كانوا يصومونه، فقد جاء على لسان بعض الرواة من أنصار الأمويين أن الرسول(ص) حينما قدم المدينة وجد يهود المدينة يصومون يوم عاشوراء، وهو العاشر من محرم، فسألهم عن ذلك، فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه([4]).

وقد جاء في (صحيح البخاري) و(صحيح مسلم) عن عائشة، وعن آخرين: «كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله(ص) يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: Sمن شاء صامه ومن شاء تركه»([5]).

وبما أننا آلينا على أنفسنا أن يكون هذا البحث لشهر محرم بحثاً موجزاً بما يتناسب مع هذه المناسبة لذا اختصرنا الحديث فيه وتركنا مناقشة هذه المواضيع لمناسبة أخرى..

غير أننا نؤكد أن هذه الروايات قد نسجتها قرائح الأمويين طعناً منهم في أهل البيت وشماتة بعيال الحسين(ع).

وعليه فإنّ ما ورد في الصحيحين وبقية المصادر من أنّ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور، وأن النبي(ص) صامه، وأنّ في هذا اليوم نجى موسى(ع)  من الغرق، وفيه هلاك فرعون و…و… كل تلك الروايات مختلقة مكذوبة، فهي من نسج الخيال ورواتها معروفون كأبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير، ومعاوية، وعائشة، حيث أنّ بعضهم أسلم بعد الفتح، والبعض الآخر لما هاجر النبي(ص) كان طفلاً صغيراً كابن الزبير.

فهذه الروايات المتقدمة مخدوشة سنداً ومتناً.

وقد ذكر بعض مؤرخي السنة في كتاباتهم وجوه الاختلاف في تلك الروايات والباحث المتحرّي للحقيقة سيجد العديد منها.

 

([1]) الإرشاد للمفيد: 214، عن الكلبي عن أبي مخنف الكوفي المتوفى في 157هـ بسنده عن الإمام السجادA.

([2]) راجع نظم درر السمطين 230، والكنى والألقاب 1: 431، والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1: 137، عن الآثار الباقية وعجائب المخلوقات المطبوع بهامش حياة الحيوان 1: 115.

([3]) خطط المقريزي 1: 490.

([4]) أسد الغابة 1: 507.

([5]) انظر صحيح البخاري 1: 44، وصحيح مسلم 3: 150.

ذكرنا فيما سبق المراسلات بين عمر بن سعد وعبيد الله، وكان ابن زياد على اطلاع كامل فيما يجري على ساحة كربلاء حيث العيون والجواسيس الذين نشرهم عبيد الله فلا يخفى عليه تحرّك الجند ورأي قيادته، ثم الأوامر القاسية التي كان يصدّرها ابن زياد تجاه قائده عمر بن سعد؛ جعلت من الكتب والرسائل التي كان يبعثها ابن سعد من ساحة الحرب إلى الكوفة تُعدّ وثائق عسكرية وأسراراً حربية تصل تباعاً إلى والي الكوفة.

وقد كتب عمر بن سعد في كتابه الثاني لابن زياد:

“أما بعد، فإنّ الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمّة، هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أن نسيّره إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه. وفي هذا لكم رضاً وللأمّة صلاح”.

فلما قرأ عبيد الله الكتاب، قال: هذا كتاب رجل ناصح.. إلى آخر ما تقدم ذكره.

فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك، والله لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوة ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة فإنها من الوهن، ولكن ينزل على حكمك هو وأصحابه فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة وإن عفوت كان ذلك لك.

فقال له ابن زياد: نعم ما رأيت، الرأي رأيك، أخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد.

وكتب إلى عمر بن سعد:

“إني لم أبعثك إلى الحسين(ع)  لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، ولا لتقعد له عندي شافعاً… أنظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا، فابعث بهم إليّ سلماً، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون فإن قتل حسين فأوطىء الخيل صدره وظهره! فإنه عاقّ شاق، قاطع ظلوم! وليس دهري في هذا أن يضرّ بعد الموت شيئاً، ولكن عليّ قول: لو قد قتلته فعلت هذا به! إن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فأعتزل عملنا وجندنا، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بأمرنا، والسلام”.

ثم إنّ عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: أخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد، فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً، وإن هم أبوا فليقاتلهم فإن فعل فاسمع له وأطع وإن أبى فاضرب عنقه وأنت أميرهم([1]).

أخذ شمر الكتاب وأقبل مسرعاً يجدّ في السير حتى وصل كربلاء في اليوم الثامن أو صباح التاسع وسلّم كتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد، فلما قرأه قال له عمر: ويلك ما لك! لا قرب الله دارك، وقبّح الله ما قدمت به عليّ! والله لأظنّك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبتُ به إليه أفسدت علينا أمراً كنّا رجونا أن يصلح، لا يستسلم والله حسين، إن نفساً أبيّة لبين جنبيه.

فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع! أتمضي لأمر أميرك وتقتل عدوّه؟ وإلاّ فخلِّ بيني وبين الجند والعسكر.

قال: لا، ولا كرامة لك، وأنا أتولّى ذلك، فدونك وكن أنت على الرجّالة.

ونهض عمر بن سعد إلى الحسين(ع)  عشية الخميس لتسع مضين من محرم. وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين(ع)  فقال: أين بنو أختنا؟

فخرج إليه العباس وجعفر وعبد الله وعثمان بنو علي بن أبي طالب(ع)  فقالوا: ما تريد؟. فقال: أنتم يا بني أختي آمنون.

فقالت له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له.

وفي رواية: فناداه العباس(ع) : تبت يداك وبئس ما جئتنا به من أمانك يا عدو الله أتأمرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة  وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء.

فرجع شمر لعنه الله إلى عسكره مغضباً، ثم نادى عمر بن سعد: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري. فركب الناس ثم زحف نحوهم بعد العصر([2]).

روي عن الإمام الصادق(ع)  فقال: “تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين(ع)  وأصحابه، وأيقنوا أنه لا يأتي الحسين ناصر ولا يمدّه أهل العراق، بأبي المستضعف الغريب”([3]).

فلمّا نادى عمر بن سعد أصحابه بالركوب ركب أصحابه واقتربوا نحو خيم الحسين(ع)  والحسين جالس أمام بيته محتبياً بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبتيه وسمعت أخته زينب الضجة، فدنت من أخيها فقالت: يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت!.

فرفع الحسين(ع)  رأسه فقال: “إني رأيت رسول الله الساعة في المنام فقال لي: إنك تروح إلينا”.

فلطمت أخته ونادت بالويل، فقال لها الحسين(ع) : “ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله”([4]).

ولما توجّه الجند نحو الحسين(ع)  قال له العباس بن علي(ع) : يا أخي قد أتاك القوم، قال فنهض ثم قال: “يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم وتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم وتسألهم عما جاءهم”.

فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارساً فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس: ما بدا لكم وما تريدون؟.

قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم.

قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم.

فوقفوا وقالوا: إلقه فاعلمه ثم إلقِنا بما يقول لك.

فانصرف العباس راجعاً يركض إلى الحسين(ع)  يخبره الخبر ووقف أصحابه يخاطبون القوم.

ولمّا وصل العباس إلى أخيه الحسين(ع)  أخبره بما قال القوم، فقال: “إرجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عنا العشيّة لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار”.

فمضى العباس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر بن سعد فقام حيث يسمع الصوت، فقال: إنا قد أجلناكم إلى غد فإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم! ثم انصرف([5]).

 

([1]) الإرشاد للمفيد: 212.

([2]) تاريخ الطبري 7: 317.

([3]) الكافي 4: 147.

([4]) الإرشاد للمفيد: 213، وتاريخ الطبري 7: 318، عن الكلبي عن أبي مخنف الكوفي المتوفى في 157هـ عن الإمام السجاد.

([5]) المصدر السابق.

كربلاء:

إنّ كربلاء اسم قديم في التاريخ، يرجع على عهد البابليين، وقد استطاع المؤرخون والباحثون التوصل إلى لفظة (كربلاء) من نحت الكلمة وتحليلها اللغوي، فقيل أنها منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية، وهي عبارة عن مجموعة قرى بابلية قديمة، منها (نينوى) شرق كربلاء، و(الغاضرية)، ثم (كربلاء) أو (عقربابل) ثم (النواويس).

وقد ذكرها الحسين في خطبته المشهورة: “وكأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء”.

ويطلق عليها اسم الطف أيضاً.

نزول الحسين(ع)  إلى كربلاء:

أجمعت المصادر التأريخية أن الحرّ بن يزيد الرياحي التقى بالحسين(ع)  في طريقه المؤدي إلى الكوفة، وكاد الحر يقتنع بالخيارات التي عرضها الحسين(ع)  على الحر، غير أن ابن زياد أرسل عيناً وكتاباً إلى الحر جاء فيه: “أما بعد فجعجع بالحسين حين يأتيك كتابي ويقدم عليك رسولي، ولا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتى يأتيني بانفاذك أمري، والسلام”.

فلمّا قرأ الكتاب، قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه وهذا رسوله قد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم.

فقال له الحسين(ع) : “دعنا ويحك ننزل في هذه القرية (يعني نينوى أو الغاضرية) أو هذه (يعني شفية)”.

قال: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث عيناً عليّ.

فقال له زهير بن القين: إني والله ما أراه يكون بعد الذي ترون إلا أشدّ مما ترون يا ابن رسول الله، إنّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قبل([1]) لنا به. فقال له الحسين(ع): ما كنت لأبدأهم بالقتال.

ثم نزل وذلك يوم الخميس، وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين.

لما نزل الحسين(ع)  بأرض كربلاء، قال: ما هي؟ قالوا: العقر، فقال الحسين(ع) : اللهم إني أعوذ بك من العقر.

ثم قال (ع) : ما يقال لهذه الأرض؟ فقالوا: كربلاء، ويقال لها أرض نينوى قرية بها، فبكى (ع)  وقال: كرب وبلاء، أخبـرتني أم سلمة قالت: كان جبـرئيل عند رسول الله(ص) وأنت معي فبكيت، فقال رسول الله(ص): دعي ابني.

فتركتك فأخذك ووضعك في حجره، فقال جبـرئيل: أتحبّه؟

قال: نعم.

قال: فإن أمتك ستقتله.

قال جبـرئيل: وإن شئت أن أريك تربة أرضه التي يقتل فيها.

قال (ص): نعم.

قالت أم سلمة: فبسط جبـرئيل جناحه على أرض كربلاء فقبض منها قبضة فأراه إياها.

فلما قيل للحسين(ع) : هذه أرض كربلاء شمّها، وقال: “هذه والله هي الأرض التي أخبـر بها جبـرئيل رسول الله(ص) وأنني أقتل فيها”([2]).

وفي (الملهوف)، و(كشف الغمّة): لما وصل الحسين(ع)  المكان الذي جعجع به، قال: ما اسم هذه الأرض؟

فقيل: كربلاء.

فقال (ع): اللهم إني أعوذ بك من الكرب والبلاء.

ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء فانزلوا، ها هنا محطّ رحالنا ومسفك دمائنا، وهنا محل قبورنا، بهذا حدّثني جدي رسول الله(ص).

فنزلوا جميعاً ونزل الحر بنفسه وجيشه قبالة الحسين(ع) ، ثم كتب إلى عبيد الله بن زياد وأعلمه بنزول الحسين(ع)  بأرض كربلاء([3]).

ثم دعا الحسين(ع)  بدواة وقرطاس، وكتب إلى أشراف الكوفة ممن كان يظن أنه على رأيه:

“بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد، المسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد، وعبد الله بن وال، وجماعة المؤمنين، أما بعد:

فقد علمتم أن رسول الله(ص) قد قال في حياته: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان،

ثم لم يغيّر بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وإني أحقُّ بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله(ص)

وقد أتتني كتبكم، وقد قدِمَتْ عليّ رسلكم ببيعتكم أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد أصبتم حظّكم ورشدكم، ونفسي مع أنفسكم وأهلي وولدي مع أهاليكم وأولادكم، فلكم بي أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهودكم، وخلفتم بيعتكم، فلعمري ما هي منكم بنكرٍ لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي، والمغرور مَنِ اغتّر بكم، فحظّكم أخطأتُم ونصيبكم ضيّعتُم، ومن نَكثَ فإنمّا ينكث على نفسِهِ، وسيُغني الله عنكم والسلام”([4]).

ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي.

ولما علم ابن زياد بنزول الحسين(ع)  بكربلاء كتب إليه يقول:

أما بعد يا حسين فقد بلغني نزولك بكربلاء، وقد كتب إليّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ولا أشبع من الخمير أو ألحقك باللطيف الخبير أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية، والسلام.

فلمّا ورد كتابه على الحسين(ع)  وقرأه رماه من يده ثم قال: لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق.

فقال الرسول: جواب الكتاب أبا عبد الله؟

فقال (ع) : ما له عندي جواب لأنه قد حقّت عليه كلمة العذاب.

فرجع الرسول إليه فأخبره بذلك، فغضب عدو الله من ذلك أشد الغضب، والتفت إلى عمر بن سعد وأمره بقتال الحسين(ع) ، وقد كان ولاه الريّ قبل ذلك فاستعفى عمر من ذلك، فقال ابن زياد: فأردد إلينا عهدنا. فاستمهله ثم قبل بعد يوم خوفاً من أن يعزل عن ولاية الري.

والظاهر أنّ مفاتحة ابن زياد لعمر بن سعد في أمر قتال الحسين(ع)  كان قبل هذا الوقت، وربما كان في حين ورود الحسين(ع)  أرض العراق وبعد استشهاد مسلم بن عقيل، لأنّ المؤرّخين اتفقوا على أنّ عمر بن سعد نزل بكربلاء بعد نزول الحسين(ع)  بها بيوم وهو اليوم الثالث من محرم.

قال ابن الأثير: وسبب مسير عمر بن سعد إلى الحسين(ع)  أن عبيد الله ابن زياد كان قد بعثه على أربعة آلاف إلى دستبى([5])، وكانت الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها وكتب له عهده على الري، فعسكر بالناس في حمّام أعين([6])، فلما كان من أمر الحسين(ع)  ما كان؛ دعا ابن زياد عمر بن سعد وقال له: سر إلى الحسين فإذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلى عملك، فاستعفاه.

فقال: نعم على أن ترد عهدنا.

فلما قال له ذلك قال: أمهلني اليوم حتى أنظر، فاستشار نصحاءه فكلّهم نهاه، وأتاه حمزة بن المغيرة بن شعبة([7]) و هو ابن أخته فقال: أنشدك الله يا خالي أن لا تسير إلى الحسين(ع)  فتأثم وتقطع رحمك، فو الله لئن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض وكل ما كان لك خير من أن تلقى الله بدم الحسين. فقال: أفعل، وبات ليلته مفكّراً في أمره، فسمع وهو يقول:

أأترك ملك الريّ والريّ منيتي
وفي قتله النار التي ليس دونها

 

أم أرجع مأثوماً بقتل حسينِ
حجاب وملك الريّ قرّة عينِ

ثم أتى ابن زياد وقال له: إنك وليتني هذا العمل وسمع الناس به فإن رأيت أن تنفّذ لي ذلك فافعل وابعث إلى الحسين(ع)  من أشراف الكوفة من لستُ بأغنى ولا أجزأ في الحرب منه فسمّى له أناساً.

فقال له ابن زياد: لا تعلمني بأشراف أهل الكوفة، ولست استأمرك فيمن أريد أن أبعث فإن سرت بجندنا وإلا فابعث إلينا بعهدنا.

قال: فإني سائر. فاقبل في ذلك الجيش حتى نزل بالحسين(ع) .

فلما بلغ عمر بن سعد كربلاء نزل نينوى وبعث إلى الحسين(ع)  عروة بن قيس الأحمسي فقال: ائته فاسأله ما الذي جاء بك وماذا تريد؟ وكان عروة ممن كتب إلى الحسين(ع)  فاستحيى منه أن يأتيه، فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلهم أبى ذلك وكرهه، فقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي وكان فارساً شجاعاً لا يرد وجهه شيء فقال له: أنا أذهب إليه والله لئن شئت لأفتكنّ به. فقال له عمر: ما أريد أن تفتك به ولكن ائته فاسأله ما الذي جاء به؟ فأقبل كثير إليه، فلما رآه أبو ثُمامة الصائدي قال للحسين(ع): أصلحك الله يا أبا عبد الله قد جاءك شر أهل الأرض وأجرأه على دم وأفتكه.

وقام إليه فقال له: ضع سيفك.

قال: لا ولا كرامة، إنما أنا رسول فإن سمعتم مني بلغتكم ما أرسلت به إليكم وإن أبيتم انصرفت عنكم.

قال: فإني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك.

قال: لا والله لا تمسّه.

فقال له: فاخبرني بما جئت به وأنا أبلّغه عنك ولا أدعك تدنو منه فإنك فاجر. فاستبّا وانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.

فدعا عمر بن سعد قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرّة إلق حسيناً فاسأله ما جاء به؟ وماذا يريد؟

فأتاه قرّة، فلما رآه الحسين(ع)  مقبلاً قال: أتعرفون هذا؟

فقال له حبيب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة تميم وهو ابن أختنا وقد كنت أعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد.

فجاء حتى سلم على الحسين(ع)  وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه، فقال له الحسين(ع): كتب إليّ أهل مصركم هذا أن أقدم فأما إذ كرهتموني فأنا أنصرف عنكم. ثم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرّة أين ترجع إلى القوم الظالمين أنصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة.

فقال له قرة: أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي.

قال: فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.

فقال عمر: أرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله([8]).

 

([1]) ما لا قبل لنا به: ما لا طاقة لنا به.

([2]) تذكرة الخواص: 142، طبعة قديمة.

([3]) اللهوف على قتلى الطفوف: 70، وكشف الغمة 2: 225.

([4]) انظر مقتل الخوارزمي 1: 334، والفتوح 5: 91.

([5]) دستبى: كورة كبيرة بين همدان والري ثم أُضيفت إلى قزوين، وهي معربة من دشتبه يعني: الواحة الحسناء.

([6]) حمّام أعين: كورة تابعة للكوفة فيها حمّام لعمر بن سعد بيد مولاه أعين سمّي باسمه.

([7]) استعمله الحجاج بن يوسف الثقفي على همدان إحدى مدن إيران سنة 77هـ.

([8]) مقتل المقرم.

الأحد, 09 كانون1/ديسمبر 2018 10:14

رأس السنة الهجرية (1/ محرم / من كل سنة)

مناسبات شهر محرم الحرام

عندما يحلّ شهر محرم الحرام، يستذكر محبي أهل البيت(عليهم السلام) ملحمة كربلاء الخالدة، عندما استشهد الإمام أبو عبد الله الحسين(ع) مع ثلة من أهل بيته الأطهار وأنصاره الأخيار، في سبيل الدفاع عن مبادئ الإسلام الحقة ورسالته السماوية المقدسة.

وتعبيراً عن الحزن على تلك الفاجعة الأليمة، وتأسياً بالمعصومين(ع) في تعاملهم معها، ينبغي أن يستشعر التفجع في قلبه ويظهر الأسى في وجهه، ولذا فقد ورد في الحديث عن الإمام الرضا(ع):

“كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لم يُرَ ضاحكاً وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وجزعه وبكائه، ويقول هو اليوم الذي قتل فيه الحسين”([1]).

وبناءً على ما سبق لا ينبغي لهذا البعد العاطفي الجيّاش، على أهميته، أن يطغى على غيره من الأبعاد، بل يجب أن يكون دافعاً، وهو كذلك، لتفعيل الجوانب والأبعاد الأخرى في شخصيته وحياته نحو الأفضل اقتداءً بأبي عبد الله الحسين(ع) ، ولاسيما الجوانب العبادية والروحية التي تشدّه إلى الله (عز وجل)، من خلال أداء بعض العبادات والأعمال المخصوصة لهذا الشهر الفضيل، ومنها:

1- الصلاة: حيث يستحب في الليلة الأولى أداء صلاة ركعتين، يقرأ في الأولى الحمد والأنعام ويقرأ في الثانية الحمد و يس.

وكذلك صلاة ركعتين، يقرأ في كل منهما الحمد، والإخلاص (إحدى عشرة مرة).

2- الصيام: إذ ورد في رواية الريان بن شبيب عن الإمام الرضا(ع) ، أنه قال: “من صام هذا اليوم ودعا الله، استجاب الله دعاءه كما استجاب لزكريا(ع) ([2]).

فيستحب صيام تسعة أيام من الأيام الأولى من هذا الشهر، والإمساك في اليوم العاشر منه عن الطعام والشراب إلى وقت العصر.

3- زيارة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع)  من قريب أو بعيد، والسعي لإحياء ليلة عاشوراء بجوار ضريحه الطاهر، إن أمكن، بالدعاء والمناجاة والذكر، وزيارته في يوم عاشوراء، والعمل لخدمة زوار مرقده الشريف.

4- إقامة مجالس العزاء، والسعي لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة من خلالها ولاسيما في أوساط الشباب، والتعريف بحقيقة ثورة الحسين(ع)  وأهدافها السامية.

بالإضافة إلى غيرها من الأعمال التي ذكرت في كتب الدعاء والزيارة.

أما فيما يتعلق بأهم الأحداث التي وقعت في هذا الشهر، فسنستعرضها فيما يلي:

 (1)

رأس السنة الهجرية

(1/ محرم / من كل سنة)

يصادف هذا اليوم رأس السنة الهجرية القمرية.

وقد اتفق المسلمون بمختلف مذاهبهم على جعل حدث هجرة الرسول (ص) مبدءاً لتأريخهم حيث جعله النبي(ص) مبدأ لتأريخ الحوادث والمناسبات([3])، وروى ابن عساكر في (تاريخ دمشق) عن أنس، قال: كان التأريخ من مقدم رسول الله(ص) المدينة([4]).

وذكر المؤرخون وبعض الرواة على أن وقوع الهجرة كان بتاريخ أول ربيع الأول أو يوم الثاني عشر من ربيع الأول بحسب الاختلاف في النقل، وذلك عندما خرج (ص) من مكة متوجهاً إلى المدينة، وقصة الهجرة بإختصار فيما يلي:

لما علم مشركوا قريش بأمر بيعة العقبة الثانية بين النبي(ص) وأهل المدينة الذين عاهدوه على أن يحفظوه ويحرسوه كما يحفظون أنفسهم ويدافعوا عنه وعن أهل بيته، أثار ذلك حقد المشركين وغيظهم، فدعوا إلى اجتماع في دار الندوة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع هذا الخطر، وقد حضره أربعون من كبارهم وقادتهم، فاتفقوا على أن يختاروا من كل قبيلة رجلاً ويسلّحوه حساماً قاطعاً، فيهجموا عليه بغتة ويقتلوه، فيذهب دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم وبنو عبد المطلب مناهضتها كلّها، مما يضطرهم لقبول الدية، وبدؤوا تنفيذ خطتهم في أول ليلة من شهر ربيع الأول([5]) حيث اجتمعوا حول دار النبي(ص) ليهجموا عليه ويقتلوه في فراشه، فهبط عليه جبرائيل وأخبره بمكرهم.

فأبقى (ص) علياً (ع)  نائماً مكانه في الفراش، ليغطي خروجه إلى المدينة، فقال (ص) لعلي (ع) : إنّ الروح هبط عليّ يخبرني أن قريشاً اجتمعت على قتلي، وأمرني ربّي أن أهجر دار قومي، وأن أنطلق إلى غار ثور، وإنه أمرني أن آمرك بالمبيت على مضجعي، تخفي بمبيتك عليه أثري. فما أنت قائل وصانع؟

فقال علي (ع) : أو تسلمنّ بمبيتي هناك يا نبي الله؟

قال: نعم، فتبّسم علي (ع)  ضاحكاً وأهوى إلى الأرض ساجداً شكراً. فكان أوّل من سجد لله شكراً. فلما رفع رأسه قال: امض لما أمرت، فداك نفسي، ومرني بما شئت أكن فيه بمشيّتك وما توفيقي إلاّ بالله، ثم ضمّه النبي(ص) إلى صدره وبكيا معاً.

فأخذ جبرائيل يد النبي (ص) وأخرجه من الدار وقرأ النبي(ص): (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ)([6]).

ونثر التراب على وجوههم وقال: شاهت الوجوه.

وتوجه إلى غار ثور.

أما أمير المؤمنين(ع) ، فإنه بات تلك الليلة على فراش النبي(ص) وتغشّى ببرده الأخضر الحضرمي، وقد أحاط المشركون بالدار منتظرين حلول الصباح، فلما أصبحوا دخلوا الدار فوثب علي(ع)  في وجوههم، فقالوا له: أين محمد؟، قال: أجعلتموني عليه رقيباً، ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم، فنزلت هذه الآية في حق علي(ع)  بعد ذلك في المدينة: (وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ(([7]).

ومكث رسول الله(ص) ثلاثة أيّام في الغار، ثم اتجه في اليوم الرابع إلى المدينة، فنزل قرية (قُبا) قبل المدينة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول للسنة الثالثة عشر من البعثة، فصارت هذه الهجرة مبدأ تاريخ المسلمين([8]).

من خلال هذه القصة، يتضح بشكل جلي أن الهجرة حدثت في الأول من شهر ربيع الأول، وتوجد شواهد في كتب التاريخ والسيرة، على أنّ رسول الله(ص) والصحابة استمروا بتأريخ الحوادث من ربيع الأول.

 

([1]) وسائل الشيعة 14: 505.

([2]) وسائل الشيعة 10: 469.

([3]) راجع: تاريخ الطبري، ومناقب آل أبي طالب، والتنبيه والأشراف، والبحار، والكامل لابن الأثير و...

([4]) تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر الدمشقي.

([5]) ذلك لأن شهر صفر من تلك السنة كان شهراً حراماً بالنسئ المعمول لديهم، كما صرّح بذلك القرآن الكريم.

([6]) سورة يس: الآية 8.

([7]) سورة البقرة: الآية 217.

([8]) لمزيد من التفاصيل راجع كلاً من: بحار الأنوار 58: 366، وتاريخ الخميس 1: 337. وغيرها من الكتب التاريخية.

الأحد, 09 كانون1/ديسمبر 2018 10:05

فوائد العدس الاصفر على صحتك وبشرتك

من اكثر الاكلات الشعبية التى يفضلها الكثيرون، حيث انه يحتوى على نسبة كبيرة من الفيتامينات والعناصر الغذائية المختلفة، فضلا عن ذلك له دور فعال في تعزيز صحة الجسم وحمايته من الامراض والفيروسات.

وحسب ما ذكره موقع mindbodygreen فأن للعدس الأصفر فوائد عديدة على صحة الجسم وهي:

فوائد العدس الاصفر

1:يحتوى العدس الاصفر على بعض الفيتامينات التى تعمل على انخفاض مستوى الكولسترول فى الدم ، كما انه يعمل على خفض نسبة الاصابة بالسكتة الدماغية عن طريق تنظيف الشرايين وحمايته من الامراض.

2: اثبتت بعض الدراسات والأبحاث أن تناول الاطعمة الغنية بالألياف مثل العدس يقلل من خطر الاصابة بأمراض القلب لأنها تحتوى على نسبة كبيرة من حمض الفوليك والمغنسيوم، ويعمل على تحسين تدفق الدم والأكسجين.

3:نظرا لاحتوائه على كمية كبيرة من الالياف الغذائية الهامة لصحة الجسم ، فأنه يعمل على تعزيز صحة الجهاز الهضمى وعلاج الاضطرابات الهضمية، مثل الامساك والمغص والقولون العصبى.

4:يعمل على ضبط مستوى السكر فى الدم لذلك ينصح دائما مرضى السكر بتناول العدس الاصفر باستمرار.

5: يمد الجسم بالطاقة والحيوية، وذلك بسبب احتوائه على الالياف والكربوهيدرات والفيتامينات الاخرى.

6: يحافظ على نمو الجسم بشكل صحى كما انه يعزز صحة العضلات والعظام ويقى من التهاب المفاصل وهشاشة العظام.

7:يعمل على تقوية الجهاز العصبى وحمايته من الجلطات والمشاكل الصحية التى يتعرض لها.

8:يعمل على تسكين ألم الرأس، والتخلص من الصداع والأرق.

9:يحتوى العدس الاصفر على نسبة عالية من فيتامين أ الذى يعمل على تعزيز صحة العيون وحمايتها من المشاكل والمحافظة على الصحة.

10:المحافظة على صحة الاسنان ووقايتها من التسوس والتهابات اللثة.

11:أثبتت الابحاث والدراسات ان الاكثار من تناول العدس يعمل على علاج فقر الدم والتخلص من الانيميا.

12:يعمل العدس على الشعور بالشبع ، لذلك فهو مفيد لمرضى السمنة ويساعد على انقاص الوزن والتخلص من الدهون الزائدة.

13:يحد من خطر الاصابة بالأمراض السرطانية المختلفة مثل سرطان القولون والبروستاتا والثدى وغيرها.

14:نظرا لاحتوائه على كمية كبيرة من الفيتامينات فأنه يعمل على تعزيز صحة البشرة ووقايتها من الجفاف والبقع الداكنة ، كما انه يحد من ظهور علامات الشيخوخة المبكرة مثل التجاعيد.

اكد البيان الختامي للمؤتمر الثاني لرؤساء برلمانات ايران وتركيا وافغانستان وباكستان وروسيا والصين الذي عقد بطهران اليوم السبت على تظافر الجهود اللازمة لمكافحة الارهاب وتعزيز التعاون الاقليمي.

واكد البيان الختامي على الدور المحوري للامم المتحدة في تسهيل التعاون الدولي من اجل مواجهة الارهاب والتطرف، وكذلك الحاجة الى اتخاذ جميع الاجراءات المتطابقة مع القوانين الدولية وميثاق الامم المتحدة.

وندد البیان الختامي بالاعمال الارهابیة التي تستهدف الدول الاعضاء بما في ذلك الحادث الارهابي الاخیر فی جابهار جنوب شرق ايران، واكدوا عزمهم على اجتثاث جذور الارهاب والتندید بدعم هذه الظاهرة.

واكد رؤساء برلمانات الدول الست، على دور السلام والتنمیة المستدامة بوصفها الشرط الاساسي لتنمية العلاقات وتعزيز التلاحم وتظافر الجهود بین الدول، وتعزيز الحوار بین البرلمانات والشعوب.

ولفت البيان الختامي الى الحاجة للمتابعة الامنية المشتركة والشاملة والتعاون المستدام  وتعزيز التعاون على اساس الربح لجميع الاطراف، والتخلي عن المعايير المزدوجة والمصالح الانانية، واستخدام الجغرافية السياسية ضد الارهاب، وتعزيز الحوار والتعاون بين الحضارات والاديان المختلفة، وتحسين الآليات الثنائية والمتعددة الجوانب ضد الارهاب، وتعزيز التعاون على الصعيد الاقليمي لمكافحة الارهاب.

واشار البيان الختامي الى اللقاءات التي جرت بين رؤساء برلمات الدول الست على هامش مؤتمر طهران، موضحا ان المحادثات تناولت اهم القضایا الاقلیمیة والدولیة بما فیها الارهاب وتداعيات هذه الظاهرة على السلام والامن فی المنطقة والعالم، اضافة الى النتائج السلبیة الناجمة عن السیاسات الاحادیة في المنطقة وخارجها.

واكد البیان ایضا على دعم الدول الست لجميع الاجراءات الهادفة لتحقیق التنمیة الاقتصادیة المستدامة فی الصعیدین الوطني والاقلیمي، وایضا تحسین العلاقات وتكريس التواصل بین الدول والشعوب.

كما نوه البیان الى ان الاتفاق النووي بین ایران ومجموعة 5+1 الى جانب الاتحاد الاوروبي والذي أيده مجلس الامن الدولي عبر القرار رقم 2231، شكل انجازا هاما على صعید الدبلوماسیة التعددیة وبما يتطلب اتخاذ اجراءات عاجلة حول تنفیذ كامل التعهدات المدرجة فی هذا القرار.

واشار البيان الختامي الى توافق رؤساء برلمانات الدول الذكورة على ان مكافحة الارهاب يجب ان لايقتصر في القضاء على الارهابيين والمنظمات والجماعات الارهابية، وانما يجب الاهتمام بشكل كامل بجذور وظروف نشأة وانتشار الارهاب من اجل التصدي لهذه الظاهرة المقيتة.

واشار البيان الى ان الدورة الثالثة لمؤتمر تحديات الارهاب وتعزيز التعاون الاقليمي سيعقد في مدينة اسطنبول التركية العام المقبل 2019.

قال عضو وفد صنعاء في المشاورات اليمنية في السويد إبراهيم حجري إن المكتب الفني الخاص بالمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يحاول صياغة مبادرة مشتركة للطرفين يمكن أن تكون انطلاقة للمفاوضات اللاحقة، مشيراً إلى أن هناك فرقاً بين المشاورات والمفاوضات.

وأضاف حجري أن لقاءات جنيف1 وجنيف2 فشلت لأنه تمّ القفز إلى المفاوضات مباشرة.

وتابع "لو علمت أن هناك فشلاً للمشاورات ما كنت سأشارك فأنا لا أحب أن أفشل أبداً، وأعتقد أن الحد الأدنى لبناء الثقة هي فتح المطارات ومعالجة الملف الاقتصادي، وموضوع المساجين والمعتقلين، وهذه أمور متفق عليها".

وحول إمكانية المشاورات المباشرة بين الوفدين قال حجري "سمعت ممثل المبعوث الأممي يقول إنه لا يحبذ الاستمرار في أن يكون دور الأمم المتحدة مجرد مراسل أي (ساعي بريد)".

حجري أوضح أن "الوفدين يلتقون يومياً في المطعم ولا توجد مشكلة وبينهم عيش وملح، واليمنيين إذا ما تمّ منحهم الفرصة فسوف يتفقون".

هذا واصطدمت محادثات ستوكهولم بشروط حكومة عبد ربه منصور هادي بشأن إعادة فتح مطار صنعاء ومصير الحديدة، بحسب ما أفاد به مراسلون

وقال محمد عبد السلام، كبير مفاوضي وفد صنعاء إلى محادثات ستوكهولم لوكالة "رويترز"، أنّ "الحل السياسي يجب أن يشمل فترة انتقالية لها إطار زمني محدد"، مؤكداً أنّه "ينبغي أن تكون مدينة الحديدة منطقة محايدة".

وأشار عبد السلام إلى أنّ "الإفراج عن الأسرى لا يزال قيد النقاش في المحادثات".

بالتزامن، أعلن المؤتمر الشعبي العام أن مشاورات السويد تمثّل فرصة سانحة للقوى المتحاورة للقيام بتحقيق تقدم مهم في مسار المباحثات بما يخفف من معاناة الشعب اليمني جراء الحرب والحصار.

وفي بيانٍ له أعرب عن ثقته بأن "وفد صنعاء سيتعامل بدرجة عالية من الشعور بالمسؤولية الوطنية مع مختلف القضايا واضعا معاناة الشعب ومظلوميته بعين الاعتبار، متوقعا إنجاز نتائج إيجابية تؤسس لحوار وطني مسؤول يقف أمام مجمل القضايا العالقة بروح وطنية".

من جهته، قال عضو وفد صنعاء إلى محادثات السويد سليم مغلس إن وفد حكومة هادي يبحث عن أي قضية فنية ولوجستية تافهة لإثارتها.

مغلس قال إنه بعد تجاوز وفد صنعاء والمبعوث الأممي المسائل الفنية والشكلية عمل وفد الرياض على رفض  أجندة المحادثات مطالبا بإلغاء الإطار العام.

وفي سياق متصل، أكد عضو وفد حكومة صنعاء عبد القادر المرتضى، مناقشة نقاط تتعلق بتنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى مع وفد المبعوث الأممي مارتن غريفيث.

وأضاف المرتضى: "بحثنا مع فريق المبعوث والصليب الأحمر تشكيل فريق ميداني من الطرفين لانتشال الجثامين في كل الجبهات".

إنسانياً، قال المتحدث باسم منظمة الغذاء العالمي هارفي فيرهوسل إن المنظمة قررت رفع مستوى مساعداتها الغذائية لليمنيين لتشمل 12 مليون شخص، محذّراً من أن الوضع أصبح كارثياً.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أعلن الخميس الماضي توقيع اتفاق لتبادل الأسرى والسجناء والأفراد تحت الإقامة الجبرية ومع انطلاق محادثات استوكهولم اليمنية،  متحدثأً عن مقترحات لديه بشأن إعادة فتح مطار صنعاء.

وأوضح غريفيث أنّ في الأيام المقبلة فرصةً جوهريةً للبدء بعملية سلام وفق المبادرة الخليجية والحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن.

بدأ أعمال المؤتمر الثاني لرؤساء برلمانات الدول الست، إيران وباكستان وتركيا والصين وروسيا وأفغانستان، صباح اليوم السبت في فندق 'آزادي' بطهران تحت عنوان 'مواجهة الإرهاب وتقوية العلاقات الإقليمية'.

وسيلقي رئيس الجمهورية حسن روحاني كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بعد كلمة رئيس مجلس الشوري الاسلامي علي لاريجاني، كما سيلقي رؤساء برلمانات باكستان والصين وتركيا وروسيا وافغانستان كلماتهم في المؤتمر.

ومن اهم القضايا التي يتناولها المؤتمر، مكافحة الارهاب، الخبرات الماضية، الاستراتيجيات الراهنة واتخاذ نهج اقليمي جديد ومؤثر، تطوير الصلات وتقوية التعاون الاقليمي، تحقيق السلام والتنمية الشاملة والمستديمة.

ومن الضيوف الحاضرين في المؤتمر، وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير الأمن محمود علوي.

وعقدت جلسة الخبراء ولجنة صياغة الوثائق ولجنة اعداد البيان يوم أمس في طهران.

رئيس البرلمان الباكستاني، الذي تولي رئاسة الدورة الأولي للمؤتمر، يسلم الرئاسة اليوم إلي رئيس مجلس الشوري الإسلامي علي لاريجاني.

وسيعقد لاريجاني عصر اليوم، مؤتمرا صحفيا للاجابة علي اسئلة الصحفيين بعد اختتام أعمال المؤتمر.

و اجتمع رؤساء برلمانات الدول الست العام الماضي في إسلام أباد، حيث قرروا زيادة التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب.